
أخبار العالم : الرضيعة سوار: رحلة معاناة توثّق الجوع والحصار في غزة
الاثنين 26 مايو 2025 02:00 مساءً
نافذة على العالم - التعليق على الصورة،
الرضيعة سوار عاشور
Article information
في قطاع غزة، يصطف السكان في طوابير للحصول على حصص غذائية شحيحة أو لا شيء على الإطلاق.
هم اعتادوا على زميلي وكاميراته، وهو يُصوّر لبي بي سي. يوثّق جوعهم، وموتهم، ولفّ أجسادهم - أو أجزاء منها - بلطف بأكفان بيضاء كُتبت عليها أسماؤهم، إن وُجدت.
على مدار 19 شهراً من الحرب، والآن في ظل هجوم إسرائيلي متجدد، استمع هذا المصور الصحفي في غزة - الذي لن أذكر اسمه حفاظاً على سلامته - إلى صرخات الناجين المُفجعة في ساحات المستشفيات. الغزيون يبقون في ذهنه ليلاً ونهاراً. هو واحد منهم، عالق في نفس جحيم الاختناق.
هذا الصباح، انطلق للبحث عن سوار عاشور، طفلة عمرها خمسة أشهر، أثّر فيه جسدها الهزيل وبكاؤها المنهك في مستشفى ناصر بخان يونس، بشدة، عندما كان يصوّر هناك في وقت سابق من هذا الشهر، لدرجة أنه كتب لي ليخبرني أن شيئاً ما قد انكسر بداخله.
كان وزنها يفوق الكيلوغرامين بقليل، في حين يُفترض أن يكون وزن طفلة عمرها خمسة أشهر حوالي 6 كيلوغرامات أو أكثر.
التعليق على الصورة،
تحتاج الطفلة سوار إلى حليب خاص بسبب حساسية تعانيها من الحليب العادي.
سمع زميلي أن سوار قد غادرت المستشفى منذ ذلك الحين وهي الآن في منزلها.
يجري بحثه في ظروف صعبة. قبل بضعة أيام، راسلتُه لأسأله عن أحواله، فأجاب "لست بخير".
قبل قليل، أعلن الجيش الإسرائيلي إخلاء معظم مناطق خان يونس... لا نعرف ماذا نفعل - لا يوجد مكان آمن نذهب إليه.
وأضاف: "منطقة المواصي مكتظة للغاية بالنازحين. نحن تائهون، ولا ندري ما هو القرار الصحيح في هذه اللحظة".
وجد خيمة بغرفة نوم واحدة، مدخلها ستارة رمادية وسوداء بنقوش زهرية.
في الداخل، ثلاث مراتب، وجزء من خزانة أدراج، ومرآة تعكس ضوء الشمس على الأرض أمام سوار ووالدتها نجوى وجدتها ريم.
التعليق على الصورة،
تعاني والدة سوار، نجوى، وجدتها ريم، من قلة الإمدادات.
سوار هادئة، يحميها وجود أمها بجوارها.
لا تستطيع الطفلة امتصاص حليب الأطفال العادي بسبب رد فعل تحسسي شديد. في ظل ظروف الحرب والحصار الإسرائيلي على وصول المساعدات، هناك نقص حاد في حليب الأطفال الذي تحتاجه.
تشرح نجوى، البالغة من العمر 23 عاماً، أن حالتها استقرت عندما كانت في مستشفى ناصر، لذلك سمح لها الأطباء بتسليمها علبة حليب أطفال قبل عدة أيام.
الآن في المنزل، تقول إن وزن الطفلة بدأ بالنقصان. "أخبرني الأطباء أن سوار تحسنت وأصبحت أفضل من ذي قبل، لكنني أعتقد أنها لا تزال نحيلة ولم تتحسن كثيراً. وجدوا لها علبة حليب واحدة فقط، وبدأت تنفد".
تقول نجوى، بينما يتراقص الذباب أمام وجه سوار، "الوضع حرِجٌ للغاية، الحشرات تهاجمها، عليّ أن أغطيها بوشاح حتى لا يمسها شيء".
تعيش سوار مع أصوات الحرب منذ ولادتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. المدفعية، الصواريخ، القنابل المتساقطة - البعيدة والقريبة. إطلاق النار، وضجيج طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي تحلّق في السماء. توضّح نجوى أن سوار تفهم ما يحدث حولها: فصوت الدبابات والطائرات الحربية والصواريخ عالٍ جداً، وهي قريبة منها. عندما تسمع سوار هذه الأصوات، تفزع وتبكي. وإذا كانت نائمة، تستيقظ مذعورة.
يقول الأطباء في غزة إن العديد من الأمهات الشابات يُبَلّغنَ عن عدم قدرتهن على إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية، بسبب نقص التغذية.
المشكلة المُلِحّة تكمُن في الغذاء والمياه النظيفة الصالحة للشرب.
عانت نجوى أيضاً من سوء التغذية عند ولادة سوار. ولا تزال هي ووالدتها ريم تجدان صعوبة في الحصول على طعام. وتقول: "لا يمكننا توفير الحليب أو الحفاضات بسبب الأسعار وإغلاق الحدود".
في 22 مايو/أيار، أكدت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق - وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة - عدم وجود نقص في الغذاء في غزة.
وأضافت أن "كميات كبيرة من أغذية الأطفال والدقيق للمخابز" أُدخلت إلى القطاع في الأيام الأخيرة.
التعليق على الصورة،
تحدثت وكالات الإغاثة عن نقص الغذاء في غزة.
وتصر الهيئة مراراً وتكراراً على أن حماس "تسرق المساعدات"، بينما تقول الحكومة الإسرائيلية إن الحرب ستستمر حتى تدمير حماس وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
ووفقاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يُعتقد أن 20 رهينة احتجزتهم حماس في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ما زالوا على قيد الحياة، وأن ما يصل إلى 30 آخرين قد قُتلوا.
لكن وكالات الإغاثة والأمم المتحدة والعديد من الحكومات الأجنبية، بما في ذلك بريطانيا، رفضت تصريح مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، بأنه لا يوجد نقص في الغذاء.
كما أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تحدث عن وجود "جِياع" في غزة.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كمية المساعدات التي سمحت إسرائيل بدخولها إلى غزة بأنها "قليلة جداً".
وقال غوتيريش إن الفلسطينيين "يتحملون ما قد يكون أقسى مرحلة في هذا الصراع الوحشي" مع نقص إمدادات الوقود والمأوى والغاز والمياه النقية.
ووفقاً للأمم المتحدة، فإن 80 في المئة من غزة الآن إما منطقة عسكرية إسرائيلية أو منطقة مهددة بالقصف.
إن الإنكار والتعبير عن القلق والإدانات واللحظات التي بدت وكأنها نقاط تحوُّل، كلها مرّت واختفت طوال هذه الحرب. الثابت الوحيد، هو معاناة سكان غزة - البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، مثل نجوى وابنتها سوار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 3 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : إنقاص الوزن السريع: ما الذي لا يخبرنا به "فم أوزمبك"؟
الأربعاء 28 مايو 2025 05:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images Article information Author, سمية نصر Role, بي بي سي عربي قبل 6 ساعة كثيرون هم من يحلمون بإنقاص أوزانهم والحصول على قوام ممشوق. لكن هذا الحلم يبدو في كثير من الأحيان صعب المنال لما يتطلبه من مثابرة وانضباط. وفي عصر تتسم وتيرته بالتسارع، وتنتشر فيه الحلول الفورية والسهلة، ربما تبدو الحميات التقليدية والرياضة طرقاً شاقة، ولا سيما مع إغراءات الوجبات السريعات وقضاء ساعات طويلة أمام شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية. ومع التطورات العلمية والتقنية تبرز طرق جديدة تعِد بتقديم حل سحري: أدوية تعِد بنتائج سريعة، وأنظمة غذائية صارمة تختزل المسافة. وفي خضم هذا الهوس بالنحافة، تظهر مصطلحات "ترند" تطالعنا بها وسائل الإعلام ومنصات التواصل الإعلامي مثل "فم أوزمبك" (Ozempic Mouth) لتكشف لنا جانباً آخر من القصة، هو الآثار الجانبية للنتائج السريعة. فما هو "فم أوزمبك"؟ وهل تقتصر الآثار الجانبية لفقدان الوزن السريع على المظهر، أم تشمل أيضاً مخاطر صحية محتملة. "فم أوزمبك" و"وجه أوزمبك" أوزمبك هو الاسم التجاري لعقار يحتوي على مادة فعالة تسمى سيماغلوتايد (semaglutide)، وهو عبارة عن حقن أو أقراص توصف بالأساس لمرضى النوع الثاني من مرض السكري وفي بعض الأحيان لمن يعانون من السمنة. وينتمي العقار إلى فئة من الأدوية تعرف باسم أدوية جي. إل.بي-1(GLP-1) التي تعمل من خلال محاكاة تأثير هرمون جي.إل.بي-1 الذي ينظم السكر في الدم ويتحكم في الشهية ويبطئ من عملية الهضم. وقد حظيت تلك الأدوية بشعبية كبيرة في الأعوام الأخيرة، ولا سيما بعد أن تحدث مشاهير عن اللجوء إليها لإنقاص أوزانهم - حتى ولو كان بعضهم لا يعاني من السمنة. و"فم أوزمبك"، أو "وجه أوزمبك" كما كان يشار إليه سابقاً، هو مصطلح تستخدمه وسائل الإعلام بالأساس للإشارة إلى التغيرات التي تطرأ على الوجه، وخصوصاً حول الفم، والتي تصاحب فقدان الوزن السريع الذي تتسبب فيه أدوية جي.إل.بي-1 مثل أوزمبك أو ومنجارو أو ويغوفي. هذه التغييرات تشمل ظهور التجاعيد والخطوط وترهل الجلد وإعطاء مظهر غائر أجوف للخدين أو العينين. يقول الدكتور أندرو كرنوهان استشاري الغدد الصماء ومدير عيادة The Weight Loss Medics لبي بي سي عربي إن ذلك "يشكل مصدراً حقيقياً للقلق لبعض الأشخاص. ويحدث ذلك بسبب فقدان الدهون تحت الجلد في منطقة الوجه". ما المعدل الآمن والمستدام لنقصان الوزن؟ يقول الدكتور كرنوهان إن فقدان "نصف كيلو غرام إلى كيلوغرام واحد في الأسبوع يعد معدلاً آمناً ومستداماً. ولكن بالنسبة للأشخاص الذين بدأوا لتوهم في فقدان الوزن، فإن معدلاً أسرع قليلاً في الأسابيع القليلة الأولى يعدّ مقبولاً". ويضيف أن تخطي المعدل المشار إليه بعد الشهرين الأولين يعد بشكل عام أسرع مما ينبغي، ويشير إلى أن "اتباع نهج فردي يأخذ بعين الاعتبار الإنفاق الطاقي الكلي والعجز في السعرات الحرارية وتركيبات العناصر المغذية الصغرى والكبرى من الممكن أن يسهم بشكل أفضل في توجيه القرارات العلاجية ومنع فقدان الوزن السريع وما يرتبط به من مخاطر". صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، كانت أدوية جي.إل.بي-1 تعطى بالأساس لمرضى النوع الثاني من مرض السكري لتنظيم مستويات الغلوكوز في الدم. مخاطر صحية بالتأكيد فقدان الوزن بسرعة سيشكل مصدر سعادة لمن يتناولون تلك العقارات أو يتبعون حمية صارمة لا تسمح لهم سوى بعدد صغير جداً من السعرات الحرارية. لكن المشكلة أن الخسارة السريعة للوزن تصاحبها آثار سلبية أخرى محتملة لا تقتصر فقط على التغيرات الشكلية التي يشير إليها مصطلح "وجه أوزمبك". تشمل تلك الآثار، وفق الدكتور كرنوهان: زيادة خطر الإصابة بحصوات المرارة ومشكلات صحية في الكبد أو القنوات الصفراوية. وقد يسبب ذلك مشكلة للأشخاص الذين يتناولون عقارات جي إل بي-1، إذ تتضاعف خطورة الإصابة بتلك الأمراض. زيادة خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس. هناك دليل على تسارع فقدان كثافة العظام. زيادة خطر تساقط الشعر. الجفاف مشكلة رئيسية تواجه الأشخاص الذين يفقدون الوزن بسرعة كبيرة. فمعظم السوائل التي نتناولها مرتبطة بالأكل، وعندما تنخفض السعرات الحرارية بشكل كبير من الممكن أن يحدث الجفاف أو يحدث انخفاض حاد في وظائف الكلى. الإرهاق والضعف ربما يكونان إشارة على فقدان الوزن بسرعة غير آمنة. نقص المغذيات الدقيقة. وفي حين يقول الدكتور كرنوهان إنه شهد هذه الآثار الجانبية لدى أشخاص يتعاطون عقاقير جي إل بي-1، فإنه يشدد على أنه "من الصعب للغاية تحديد إلى أي مدى كان السبب في هذه المشكلات فقدان الوزن السريع في حد ذاته أم تلك العقاقير". ولكن تنبغي الإشارة إلى أن ثمة أعراضاً جانبية مرتبطة بتعاطي حقن إنقاص الوزن على وجه الخصوص، أكثرها شيوعاً الدوار والقيء والانتفاخ والإمساك والإسهال. بالنسبة لكثيرين، تتوقف هذه الأعراض مع مرور الوقت، لكن بعضهم يقولون إنهم كفوا عن تعاطيها بسبب تلك الأعراض. ويحذر الخبراء من أن التعقيدات الناتجة عن تعاطي تلك الحقن قد تكون أسوأ في حال سوء استخدامها، على سبيل المثال عندما تؤخذ بدون استشارة الطبيب أوتُشترى عبر الإنترنت من مواقع غير مرخصة ولا تخضع للرقابة. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، تداولت وسائل إعلام غربية صوراً للمذيعة البريطانية شارون أوزبورن كمثال على أعراض "وجه أوزمبك" بعد تعاطي حقن إنقاص الوزن. فقدان الدهون مقابل فقدان العضلات الوزن الذي نفقده، سواء باتباع حمية غذائية أو عن طريق الأدوية، عادة ما يكون بالأساس مزيجاً من الدهون وكتلة العضلات والماء، فضلاً عن بعض المكونات الأخرى. يقول الدكتور كرنوهان إنه "وفق غالبية الدراسات، يشكل فقدان العضلات حوالي 25 في المئة من الوزن المفقود، سواء عن طريق الحمية أو أدوية جي. إل. بي-1. في الأسابيع الأولى من فقدان الوزن، يشكل الماء نسبة أعلى من الوزن المفقود. سبب ذلك على الأرجح هو استنفاد مخزون الغلايكوجين". والغلايكوجين هو نوع من الكربوهيدرات يوصف بـ "النشا الحيواني"، ويتكون من جزيئات عديدة من الغلوكوز. يوجد الغلايكوجين بالأساس في الكبد والعضلات، وينتقل إلى الدم عندما يكون الجسم بحاجة إلى الطاقة بشكل سريع - على سبيل المثال أثناء ممارسة التمرينات الرياضية أو بين الوجبات. وفقدان كتلة العضلات قد يشكل خطراً على الصحة العامة، إذ يؤدي إلى إضعاف القوة البدنية والقدرة على أداء المهام والوظائف ويبطئ معدل الأيض ويزيد من مخاطر التعرض للسقوط والإصابات والكسور. يقول كرنوهان إنه "من خلال التركيز على كميات كافية من الماء والأطعمة الغنية بالبروتين والكثير من الخضراوات والفواكه الطازجة، فضلاً عن ممارسة التمرينات الرياضية، من الممكن تخفيف مخاطر فقدان العضلات. ينبطق ذلك على أي استراتيجية ناجحة لإنقاص الوزن، لكن المخاطر قد ترتفع مع تعاطي أدوية جي إل بي-1 ببساطة لأنها أكثر فاعلية في كبح الشهية". وفيما يتعلق بفقدان الدهون أسفل الجلد، تقول أخصائية التغذية بريدجيت بنيلام إنه "قد لا يكون من الممكن تفادي بعض المشكلات مثل التجاعيد أو ترهل الجلد عند فقدان كمية كبيرة من الوزن، لا سيما عندما يتم ذلك بسرعة". بعض الأشخاص يتناولون مكملات الكولاجين لتحسين مظهر البشرة وتقليل التجاعيد، ورغم أن هناك بعض الدراسات التي تشير إلى أن تلك المكملات قد تكون مفيدة لصحة الجلد والبشرة، إلا أن الكثير من الخبراء والهيئات الصحية، ومن بينها هيئة سلامة الغذاء الأوروبية، يرون أن ثمة حاجة إلى المزيد من البحث في هذا المجال وأنه لا يوجد حتى الآن أدلة علمية كافية على تلك الفوائد. صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، ممارسة الرياضة وتناول أطعمة غنية بالعناصر الغذائية اللازمة وكميات كافية من الماء في غاية الأهمية لضمان إنقاص الوزن بطريقة آمنة. كيف نحمي صحتنا خلال إنقاص الوزن؟ يشدد الدكتور كرنوهان على أهمية فقدان الوزن الآمن والمستدام وتفادي فقدان الوزن السريع. بالنسبة للأشخاص الذين يتناولون عقاقير جي.إل.بي-1، يقول كرنوهان إنه يوصيهم بإجراء "تغييرات مستدامة في النظام الغذائي والتمرينات الرياضية، مع التأكيد على أهداف يتم الاتفاق عليها مع المرضى، وتوضيح المخاطر المرتبطة بفقدان الوزن بمعدل سريع للغاية. إذا ما حدث فقدان الوزن بسرعة مفرطة، فإنني غالباً ما أنصح بتقليل جرعة أدوية التخسيس مع تقديم نصائح تتعلق بالنظام الغذائي ونمط الحياة". اتباع أنظمة غذائية تشمل تخفيض السعرات الحرارية بشكل كبير ينبغي أن يكون "تحت إشراف أخصائيي تغذية مؤهلين لضمان تلبية احتياجات الجسم من العناصر الغذائية"، وفق بنيلام، التي تضيف أن ذلك قد يشمل "إعطاء إرشادات لاختيار أطعمة غنية بالعناصر الغذائية، بالإضافة إلى نصائح حول تناول المكملات الغذائية أو الأطعمة المدَعّمة للوفاء بالاحتياجات الغذائية". في سباق إنقاص الوزن، أحياناً يكون من السهل التركيز على ما تعكسه المرايا - لا سيما مع تركيز وسائل الإعلام ووسائل التواصل على مصطلحات تلفت الانتباه من قبيل "فم أوزمبك" أو "وجه أوزمبك". لكن مظاهر الصحة الجيدة ليست دائماً مرئية. ففقدان الوزن السريع قد يكون له ثمن صحي يدفعه الجسم على المدى الطويل.


نافذة على العالم
منذ يوم واحد
- نافذة على العالم
أخبار العالم : عندما يرى العقل ما لا يراه الآخرون: هل الفُصام هو تعدّد في الشخصيات؟
الثلاثاء 27 مايو 2025 05:00 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، غالباً ما تفشل الأعمال الدرامية والسينمائية في تقديم صورة دقيقة للاضطرابات النفسية كالفصام واضطراب الهوية التفارقي، مما يُسهم في تشويه فهم الجمهور لهذه الحالات Article information Author, ظافر عبد الحق Role, بي بي سي نيوز عربي قبل 3 ساعة ماذا لو شعرت أن ذاتك تُفلت من سيطرتك لساعات دون وعي؟ أو استيقظت ذات صباح لتجد منزلك مطلياً بلونٍ جديد لم تختره؟ ماذا لو وجدت نفسك تخوض جدالاً مع أصوات لا يسمعها سواك، أو تتلقى أوامر من شخصٍ أو كائن لا يراه أحد غيرك؟ هذه ليست مشاهد من رواية تشويق أو فيلم إثارة، بل تجارب واقعية يمر بها الملايين حول العالم، ممن يعانون من حالتين نفسيتين يُساء فهمهما باستمرار في مجتمعاتنا: "الفصام" و"اضطراب تعدد الشخصيات" الذي بات يُعرف اليوم بـ"اضطراب الهوية التفارقي". بين الحكاية والعلم صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، كان إسحاق يسرق دجاجة كل يوم، مبرراً ذلك بجنية من نار تُدعى "الساكونة" تهدده بإحراق القرية إن لم يفعل ذلك. من بين حكايات أمي التي كانت ترويها لي قبل النوم، بقيت حكاية إسحاق محفورة في ذاكرتي. كانت أمي تؤكّد أنها حقيقية، ودارت أحداثها في قريتها ديراستيا - قرب نابلس، منتصف القرن العشرين. كان إسحاق يسرق دجاجة كل يوم، مبرراً ذلك بجنية من نار تُدعى "الساكونة" تهدده بإحراق القرية إن لم يفعل ذلك. وكان يأخذ أهل القرية إلى مقام وليّ يُدعى "الشيخ خاطر" ليُريهم الدجاج مذبوحاً. تقول أمي: "قرأ عليه شيخ الحارة رُقية بعدما أجمع أهل القرية أن الجنّ قد تلبّسه، لكن ذلك لم يُجْدِ نفعاً، وبقي يسرق ويذبح الدجاج حتى توفاه الله". في طفولتي، كنت أرتجف من وصف تلك الجنية. أما اليوم، فأرى القصة بعينٍ مختلفة. أدركت أن إسحاق ربّما كان صادقاً، ورأى ما أملاه عليه عقله. وعلى الرغم من تقدم الطب كثيراً مقارنة بما كان عليه قبل سبعين عاماً — حين دارت حكاية إسحاق — لا تزال مفاهيم كثيرة متعلقة بالصحة النفسية يكتنفها الغموض، ويحيط بها قدر كبير من الخلط والتبسيط الخاطئ. من أبرز هذه المفاهيم المغلوطة، الخلط بين "الفصام" و"اضطراب تعدد الشخصيات" الذي بات يُعرف اليوم بـ"اضطراب الهوية التفارقي". توضح الدكتورة مايا بزري، أخصّائية الطب النفسي في كليفلاند كلينك، لبي بي سي أن "الفُصام اضطراب ذُهاني، يتّسم بفقدان القدرة على التمييز بين الواقع والخيال، ويظهر في شكل هلوسات وأوهام، واضطراب في التفكير، إضافة إلى أعراض سلبية مثل الانسحاب الاجتماعي وفقدان الدافعية". والهلوسات هي رؤية أو سماع أشياء لا وجود لها (كجنيّة إسحاق)، أمّا الأوهام فهي معتقدات راسخة لا يزعزعها أي دليل يثبت خطأها. أما اضطراب الهوية التفارقي، فهو "ليس ذهانياً، بل اضطراب يأتي استجابة نفسية لصدمة ما، يتجلى في حضور أكثر من هوية مستقلة داخل المريض"، إلّا أن هذه الهويّات لا تفقد صلتها بالواقع — كما في الفُصام، لكنها تتبدل. هذا التمييز ليس تفصيلاً طبياً فقط، بل مدخل أساسي لفهم الفروقات بين حالتين متمايزتين كثيراً ما يخلط الناس بينهما. الفُصام - حين ينفصل العقل عن الواقع صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، يؤثر الفصام على ما يقرب من 24 مليون شخص أو 1 من كل 300 شخص (0.32 في المئة) في جميع أنحاء العالم. 1 من كل 222 شخص (0.45 في المئة) بين البالغين. (منظمة الصحة العالمية) مصطلح "فُصام" أو شيزوفرينيا جاء من كلمتين يونانيتين: "شيزو" وتعني انقسام، و"فرين" وتعني عقل. وقد يكون هذا الأصل اللغوي مسؤولاً جزئياً عن المفهوم الخاطئ المنتشر بأن الفُصام يعني "انقسام الشخصية" — بينما هو في الحقيقة أمرٌ مختلف. وبحسب منظمة الصحة العالمية، يؤثر الفصام على ما يقرب من 24 مليون شخص أو 1 من كل 300 شخص في جميع أنحاء العالم، ما يشكّل واحداً من كل 222 شخصاً بين البالغين. تروي الدكتورة بزري مثالاً من واقع عملها: "أحد مرضاي من الرجال، في العشرينات من عمره، دخل المستشفى للتو، يعتقد أن جيرانه يتحكّمون بأفكاره عبر الأقمار الصناعية، ويراقبونه بالكاميرات". وتضيف: "هذه الأوهام مثيرة للقلق له ولعائلته، وقد تؤدي إلى سلوك خطير إذا كانت الأصوات تأمره بإيذاء نفسه أو الآخرين". بالإضافة إلى الهلاوس والأوهام، يعاني مريض الفُصام من "الأعراض السلبية" التي قد تكون أقل وضوحاً من الأعراض الذهانية، لكن أثرها يبقى حاضراً في حياته. تشمل هذه الأعراض الانسحاب الاجتماعي، وفقدان الحافز، والتبلد العاطفي، وعدم العناية بالنفس، بحسب بزري — وهي الأعراض التي ربما تفسّر مظهر إسحاق المهلهل في حكاية أمي. عندما تستحوذ الهلاوس والأوهام على المريض، فإنها تطغى على وعيه وتشوه إدراكه للواقع، ليصبح عالمه الداخلي منفصلاً عن العالم المشترك الذي يراه الآخرون، وليس "منقسماً بين شخصيات مختلفة" كما يُشاع. الفُصام ليس تحولاً درامياً نحو الجنون كما تصوره بعض الأعمال الفنية أو الروايات الشعبية، بل هو تشوش في العلاقة مع الواقع، تتداخل فيه الأصوات مع الأفكار، وتتشكل فيه أوهامٌ وهلاوس لها حضور طاغٍ في وعي المريض. لعل إسحاق لم يكن مُخادعاً كما ظنه أهل قريته، ولا مُتلبّساً كما أجمعوا، بل ربما كان شاهداً مبكراً على الإدراك المضطرب للواقع الذي يرافق الفُصام. لم يكن يرى جنية حقيقية (على الأرجح)، بل كان يرى ما أملاه عليه دماغه المضّطرب. اضطراب الهوية التفارقي - عندما تصبح الهوية ملاذاً آمناً صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، تشير التقديرات، بحسب دراسة منشورة على موقع المكتبة الوطنية للطب، إلى أن اضطراب الهوية التفارقي يصيب حوالي 1.5٪ من سكان العالم. ومع ذلك، من المهم ملاحظة أن معدلات الانتشار يمكن أن تختلف عبر الدراسات المختلفة. أُدخلت ليندا (اسم مستعار) وهي امرأة في الأربعين من عمرها إلى المستشفى على خلفية مشاكل قانونية. فقد تبيّن أنها وقّعت عقد تأجير لأرض ورثتها ولا تتذكر عنها شيئاً. أصرّت عائلتها على أنها 'لم تكن في حالها الطبيعي' وقتها، وأن شيئاً غير معتاد كان يحدث لها. ومع مرور أيام المراقبة في المستشفى، بدأ يتضح ما قصدته عائلة ليندا. لم يكن الأمر مجرد نسيان عادي. لاحظ الفريق الطبي تبدلاً في شخصيتها. كانت أحياناً تظهر كامرأة ناضجة، مرتبة ومنظمة، تتحدث بوضوح وعقلانية. وفي أحيان أخرى، كانت تتحول إلى شخصية مختلفة تماماً؛ تتحدث بصوت طفولي، وتستخدم اسماً مختلفاً لنفسها، وتهدي الممرضين أساور صداقة، وتبحث عن الطمأنينة والدعم العاطفي. تقول الدكتورة بزري: "كانت هذه التحولات واقعية وعميقة، وليست مصطنعة أو متعمدة، والأهم أن ليندا البالغة لم تكن تتذكر شيئاً مما فعلته أو قالته ليندا الطفلة." لم تكن ليندا تعاني من فقدان صلتها بالواقع (كما يحدث في الفُصام)، بل كان عقلها قد لجأ إلى آلية دفاعية معقدة لحمايتها من الألم، كما توضّح بزري. شُخّصت ليندا باضطراب الهوية التفارقي (اضطراب تعدد الشخصية سابقاً). ينشأ هذا المرض غالباً في مرحلة الطفولة المبكرة، نتيجة صدمات شديدة مثل الإهمال أو العنف الأسري. ولأن الطفل لا يملك الأدوات النفسية الكافية لمواجهة هذا الألم، فإن عقله يلجأ إلى آلية دفاعية شديدة: تفتيت الهوية إلى ذوات متعددة، تحمل كل واحدة منها مشاعر وذكريات وتجارب مختلفة، كما تصف بزري، المختصة في الطب النفسي الجسدي والتكاملي. وقد يكون لكل من هذه الشخصيات البديلة خصائصها الفريدة: كأن تحمل كل شخصية اسماً مختلفاً، أو صوتاً مميزاً، وذاكرة منفصلة، وحتى طريقة كتابة أو خط يد خاص بها. وفي بعض الحالات، قد تختلف في السلوكيات أو حتى في الاحتياجات الجسدية، مثل حاجة إحدى الهويّات، دون غيرها، لنظارة طبية، بحسب مايو كلينيك. وإن جاز التعبير، فإن عقل المريض بهذا الاضطراب يختبئ في غرفة داخلية؛ يهرب فيها من الألم ويُغلق الباب. تشخيصان مختلفان... لكن الارتباك الثقافي مستمر صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، كثيراً ما تُقدَّم اضطرابات كالفُصام واضطراب الهوية التفارقي في الأعمال الدرامية بصورة غير دقيقة، مما يُكرّس مفاهيم مغلوطة ويُعمّق الوصمة الاجتماعية غالباً ما تفشل الأعمال الدرامية والسينمائية في تقديم صورة دقيقة للاضطرابات النفسية كالفصام واضطراب الهوية التفارقي، مما يُسهم في تشويه فهم الجمهور لهذه الحالات. يؤكّد ذلك مقال نشره موقع التحالف الوطني للأمراض العقلية، وهي منظمة أمريكية تُعنى بالمصابين بأمراض نفسية وعقلية. كثيراً ما تُقدَّم اضطرابات كالفُصام واضطراب الهوية التفارقي في الأعمال الدرامية، لا سيما في هوليوود، بصورة غير دقيقة، مما يُكرّس مفاهيم مغلوطة ويُعمّق الوصمة الاجتماعية. إذ يُختزل اضطراب الهوية التفارقي، في كثير من الأحيان، إلى تحوّلات مسرحية بين شخصيات متضادة، أو يُصوَّر كحالة مرتبطة بالعنف أو السلوك الإجرامي. أما الفُصام، فنادراً ما يظهر في الإعلام دون أن يُقرَن بالعنف أو السلوك غير المتوقع، وهي صورة تعتبرها منظمات الصحة النفسية "مجحفة وموصِمة". فمرضى الفصام عرضة أن يكونوا ضحايا للعنف لا مسببين له. ويُستخدم في هذا السياق مصطلحات مُسيئة وغير دقيقة، ما يُعزز الربط الخاطئ بين المرض العقلي والعنف، ويُفاقم عزلة المصابين ويجعلهم أكثر تردداً في طلب المساعدة نتيجة للوصمة. وقد يؤدي هذا الوصم أيضاً إلى فقدان البعض لوظائفهم أو تضرر علاقاتهم الاجتماعية، وفق ما يحذر منه المقال. ولا يقتصر أثر هذه الصور غير الدقيقة على المستوى الفني، بل يُشكّل حاجزاً حقيقياً أمام فهم مجتمعي منصف للاضطرابات النفسية، ويُضعف الجهود المبذولة لمكافحة الوصمة وتقديم الرعاية اللازمة لمن يحتاجونها. وتعلق برزي: "أحد مرضاي الذين عانوا من الفصام حصل على درجة الماجستير بامتياز، وأنشأ شركته الخاصة، وكل ذلك أثناء تلقيه العلاج. أذكره دائماً لأُبيّن أن الفُصام لا يعني نهاية الطموح." وهذا مثال حيّ على التصورات المغلوطة التي يبنيها الإعلام والمجتمع على حد سواء، عن المرضى النفسيين. مسارات نحو الشفاء: طرق مختلفة، ولكن إنسانية مشتركة صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، أكثر من ثلثي الأشخاص المصابين بالذهان في جميع أنحاء العالم لا يحصلون على رعاية نفسية متخصصة. (منظمة الصحة العالمية) في حين لا يوجد علاج شافٍ لمرض الفصام، يمكن السيطرة على أعراضه من خلال العلاج مدى الحياة، الذي يتضمن عادة الأدوية كعنصر رئيسي، بحسب مايو كلينك. يشكل العلاج الدوائي حجر الأساس، خاصةً الأدوية المضادة للذهان التي تُعيد التوازن في كيمياء الدماغ. تُستخدم هذه الأدوية لتخفيف الهلاوس والأوهام، وتساعد على استعادة قدر من الاستقرار الذهني والسلوكي. ويُضاف إليها العلاج النفسي (مثل العلاج السلوكي المعرفي)، والدعم الاجتماعي والتأهيلي، خصوصاً في الحالات المزمنة التي تتطلب دخول المستشفى أو إشرافاً طويل الأمد. التدخلات النفسية والاجتماعية ضرورية أيضاً، وتشمل العلاج الفردي لتحسين أنماط التفكير ومهارات التأقلم، والتدريب على المهارات الاجتماعية لتعزيز التواصل والأداء اليومي، والعلاج الأسري للدعم والتثقيف، والتأهيل المهني للمساعدة في التوظيف والحفاظ عليه، ولكنها تأتي ثانياً بعد الأدوية، بحسب مايو كلينيك. أما اضطراب الهوية التفارقي، فالمسار يكون مختلفاً. لا تُعالج الأعراض بالأدوية في المقام الأول، بل تُعالج الصدمة — الجذر النفسي العميق للحالة. وبحسب برزي فإن الأدوية قد تُستخدم لأعراض مصاحبة مثل الاكتئاب أو القلق، لكن الشفاء الحقيقي يحصل من خلال علاقة علاجية آمنة تعالج الصدمة. كلتا الحالتين إذاً تتطلبان خططاً علاجية مُركّبة، لكن المسار العلاجي لا يبدأ دائماً من المكان ذاته. ومع ذلك، يظل القاسم المشترك هو الإنسان: مريض يبحث عن الاستقرار، ويستحق الفهم لا الوصم. في قاعة المحكمة: متى يكون المريض مذنباً؟ ومتى يكون ضحية؟ صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، حوالي 4 في المئة من البالغين المسجونين في جميع أنحاء العالم لديهم طيف من اضطراب الفصام. (دراسة منشورة على موقع المكتبة الوطنية للطب) قد لا تكون الحقيقة وحدها كافية داخل قاعة المحكمة، خصوصاً عندما تُصبح "الهوية" نفسها موضع نزاع. اضطراب الهوية التفارقي، بتركيبته النفسية المعقدة، لا يثير الأسئلة الطبية فحسب، بل يُربك أحياناً معايير العدالة: من هو الجاني الفعلي؟ وهل يتحمّل المسؤولية مَن ارتكب الجريمة... إن لم يكن "هو" نفسه؟ بحسب مراجعة منشورة في دورية "فرونتيرز إن سايكولوجي" Frontiers in Psychology، ما يزال اضطراب الهوية التفارقي محل جدل واسع داخل النظام القضائي حول العالم. تختلف المحاكم في تحديد من تقع عليه المسؤولية الجنائية: فبعضها يُحاكم "الشخصية المتحكمة وقت الجريمة"، بينما تذهب أخرى لتقييم وعي "الشخصية الأصلية"، مما يفتح المجال لاجتهادات متناقضة في فهم العلاقة بين المرض والقانون. الدكتور إلياس غصوب، طبيب نفسي شرعي وأستاذ مساعد في الطب النفسي السريري في الجامعة الأمريكية في بيروت، وزميل في المجلس الأوروبي للطب النفسي، يتحدّث لبي بي سي عربي عن الفجوات في الأنظمة القضائية عالمياً وعربياً، ويؤكّد أن المرضى "عرضةٌ للعنف أكثر من كونهم ممارسين له". كما يوضّح غصوب أهمية العلاج وفعاليته، وكذلك أهمية توفير الرعاية الصحية لهم، مشيراً إلى أن "تلقي العلاج النفسي يقلل من احتمالية تكرار الجريمة". ويرى غصوب ضرورة دمج خدمات الصحة النفسية، بما في ذلك الطب النفسي والعلاج النفسي، في "المؤسسات الجنائية، لا بهدف العقوبة، بل لأغراض إعادة التأهيل"، الأمر الذي يستدعي بذل المتخصصين في الصحة النفسية جهوداً لزيادة الوعي والمعرفة بالصحة النفسية بين العاملين في الأنظمة القانونية والسياسية، بهدف حماية حقوق الأفراد الذين يعانون من أمراض نفسية. وهكذا يبقى سؤال المسؤولية النفسية في قاعات المحاكم مطروحاً — لا كمسألة جنائية فحسب، بل كسؤال إنساني يفرض نفسه، ويستدعي فهماً أعمق لحالات هؤلاء الأفراد وتقديم الدعم اللازم لهم. الفهم، لا الوصمة صدر الصورة، Getty Images مات إسحاق عند مقام "الشيخ خاطر"، حيث طالما قاد أهل قريته ليُريهم الدجاج المذبوح. في أيامه الأخيرة، لم يتراجع، بل ظلّ يناشد الناس أن يتخلّوا عن بُخلهم ويُرضوا الجنيّة. قال لهم: "حرام أن تأكل النار كل شجر الزيتون هذا، مقابل بضع دجاجات".


نافذة على العالم
منذ 2 أيام
- نافذة على العالم
أخبار العالم : الرضيعة سوار: رحلة معاناة توثّق الجوع والحصار في غزة
الاثنين 26 مايو 2025 02:00 مساءً نافذة على العالم - التعليق على الصورة، الرضيعة سوار عاشور Article information في قطاع غزة، يصطف السكان في طوابير للحصول على حصص غذائية شحيحة أو لا شيء على الإطلاق. هم اعتادوا على زميلي وكاميراته، وهو يُصوّر لبي بي سي. يوثّق جوعهم، وموتهم، ولفّ أجسادهم - أو أجزاء منها - بلطف بأكفان بيضاء كُتبت عليها أسماؤهم، إن وُجدت. على مدار 19 شهراً من الحرب، والآن في ظل هجوم إسرائيلي متجدد، استمع هذا المصور الصحفي في غزة - الذي لن أذكر اسمه حفاظاً على سلامته - إلى صرخات الناجين المُفجعة في ساحات المستشفيات. الغزيون يبقون في ذهنه ليلاً ونهاراً. هو واحد منهم، عالق في نفس جحيم الاختناق. هذا الصباح، انطلق للبحث عن سوار عاشور، طفلة عمرها خمسة أشهر، أثّر فيه جسدها الهزيل وبكاؤها المنهك في مستشفى ناصر بخان يونس، بشدة، عندما كان يصوّر هناك في وقت سابق من هذا الشهر، لدرجة أنه كتب لي ليخبرني أن شيئاً ما قد انكسر بداخله. كان وزنها يفوق الكيلوغرامين بقليل، في حين يُفترض أن يكون وزن طفلة عمرها خمسة أشهر حوالي 6 كيلوغرامات أو أكثر. التعليق على الصورة، تحتاج الطفلة سوار إلى حليب خاص بسبب حساسية تعانيها من الحليب العادي. سمع زميلي أن سوار قد غادرت المستشفى منذ ذلك الحين وهي الآن في منزلها. يجري بحثه في ظروف صعبة. قبل بضعة أيام، راسلتُه لأسأله عن أحواله، فأجاب "لست بخير". قبل قليل، أعلن الجيش الإسرائيلي إخلاء معظم مناطق خان يونس... لا نعرف ماذا نفعل - لا يوجد مكان آمن نذهب إليه. وأضاف: "منطقة المواصي مكتظة للغاية بالنازحين. نحن تائهون، ولا ندري ما هو القرار الصحيح في هذه اللحظة". وجد خيمة بغرفة نوم واحدة، مدخلها ستارة رمادية وسوداء بنقوش زهرية. في الداخل، ثلاث مراتب، وجزء من خزانة أدراج، ومرآة تعكس ضوء الشمس على الأرض أمام سوار ووالدتها نجوى وجدتها ريم. التعليق على الصورة، تعاني والدة سوار، نجوى، وجدتها ريم، من قلة الإمدادات. سوار هادئة، يحميها وجود أمها بجوارها. لا تستطيع الطفلة امتصاص حليب الأطفال العادي بسبب رد فعل تحسسي شديد. في ظل ظروف الحرب والحصار الإسرائيلي على وصول المساعدات، هناك نقص حاد في حليب الأطفال الذي تحتاجه. تشرح نجوى، البالغة من العمر 23 عاماً، أن حالتها استقرت عندما كانت في مستشفى ناصر، لذلك سمح لها الأطباء بتسليمها علبة حليب أطفال قبل عدة أيام. الآن في المنزل، تقول إن وزن الطفلة بدأ بالنقصان. "أخبرني الأطباء أن سوار تحسنت وأصبحت أفضل من ذي قبل، لكنني أعتقد أنها لا تزال نحيلة ولم تتحسن كثيراً. وجدوا لها علبة حليب واحدة فقط، وبدأت تنفد". تقول نجوى، بينما يتراقص الذباب أمام وجه سوار، "الوضع حرِجٌ للغاية، الحشرات تهاجمها، عليّ أن أغطيها بوشاح حتى لا يمسها شيء". تعيش سوار مع أصوات الحرب منذ ولادتها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. المدفعية، الصواريخ، القنابل المتساقطة - البعيدة والقريبة. إطلاق النار، وضجيج طائرات الاستطلاع الإسرائيلية التي تحلّق في السماء. توضّح نجوى أن سوار تفهم ما يحدث حولها: فصوت الدبابات والطائرات الحربية والصواريخ عالٍ جداً، وهي قريبة منها. عندما تسمع سوار هذه الأصوات، تفزع وتبكي. وإذا كانت نائمة، تستيقظ مذعورة. يقول الأطباء في غزة إن العديد من الأمهات الشابات يُبَلّغنَ عن عدم قدرتهن على إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية، بسبب نقص التغذية. المشكلة المُلِحّة تكمُن في الغذاء والمياه النظيفة الصالحة للشرب. عانت نجوى أيضاً من سوء التغذية عند ولادة سوار. ولا تزال هي ووالدتها ريم تجدان صعوبة في الحصول على طعام. وتقول: "لا يمكننا توفير الحليب أو الحفاضات بسبب الأسعار وإغلاق الحدود". في 22 مايو/أيار، أكدت هيئة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق - وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية في الأراضي الفلسطينية المحتلة - عدم وجود نقص في الغذاء في غزة. وأضافت أن "كميات كبيرة من أغذية الأطفال والدقيق للمخابز" أُدخلت إلى القطاع في الأيام الأخيرة. التعليق على الصورة، تحدثت وكالات الإغاثة عن نقص الغذاء في غزة. وتصر الهيئة مراراً وتكراراً على أن حماس "تسرق المساعدات"، بينما تقول الحكومة الإسرائيلية إن الحرب ستستمر حتى تدمير حماس وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة. ووفقاً لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يُعتقد أن 20 رهينة احتجزتهم حماس في هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ما زالوا على قيد الحياة، وأن ما يصل إلى 30 آخرين قد قُتلوا. لكن وكالات الإغاثة والأمم المتحدة والعديد من الحكومات الأجنبية، بما في ذلك بريطانيا، رفضت تصريح مكتب تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق، بأنه لا يوجد نقص في الغذاء. كما أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تحدث عن وجود "جِياع" في غزة. ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، كمية المساعدات التي سمحت إسرائيل بدخولها إلى غزة بأنها "قليلة جداً". وقال غوتيريش إن الفلسطينيين "يتحملون ما قد يكون أقسى مرحلة في هذا الصراع الوحشي" مع نقص إمدادات الوقود والمأوى والغاز والمياه النقية. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن 80 في المئة من غزة الآن إما منطقة عسكرية إسرائيلية أو منطقة مهددة بالقصف. إن الإنكار والتعبير عن القلق والإدانات واللحظات التي بدت وكأنها نقاط تحوُّل، كلها مرّت واختفت طوال هذه الحرب. الثابت الوحيد، هو معاناة سكان غزة - البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، مثل نجوى وابنتها سوار.