
منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تاريخ طويل من البحث والتطوير النووي
منظمة الطاقة الذرية الإيرانية هيئة حكومية مسؤولة عن تطوير واستخدام التكنولوجيا النووية في إيران. تأسست رسميا عام 1974، بهدف تعزيز القدرات النووية السلمية في مجالات الكهرباء والطب والصناعة.
وتشرف المنظمة على منشآت ومفاعلات نووية ومراكز أبحاث متعددة، ولها دور محوري في المفاوضات الدولية المتعلقة با لبرنامج النووي الإيراني.
التأسيس
بدأ الاهتمام بتطوير التكنولوجيا النووية في إيران في ستينيات القرن الـ20، بهدف امتلاك المعرفة النووية والتقنية العالية التي امتلكتها الدول الصناعية الكبرى آنذاك. وكانت طهران ترى أن دخولها في هذا المجال سيعزز من صورتها بوصفها دولة تسير نحو الحداثة والتصنيع.
وفي مطلع الستينيات من القرن الـ20، قدمت جامعة طهران أول طلب لشراء معدات لازمة للأنشطة التعليمية والبحثية النووية من خارج البلاد، ثم أسست المركز الذري. وعند بدء تشغيل "مفاعل طهران البحثي" بقدرة 5 ميغاواط عام 1967، وُضع حجر الأساس لعلوم وتكنولوجيا الطاقة النووية في إيران.
وبعد سن قانون منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في يوليو/تموز 1974، انتقل المركز الذري لجامعة طهران إليها، وأوكلت لها مهمة تطوير التكنولوجيا النووية، وخاصة توليد الكهرباء عبر المحطات.
وقبل 4 سنوات من انتصار الثورة الإسلامية في إيران والإطاحة بنظام الشاه عام 1979، توسعت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية في أنشطتها، ووضعت خطة بناء محطات نووية بقدرة إنتاجية تصل إلى 23 ألف ميغاواط، ووقّعت العديد من العقود لإنشاء هذه المحطات وتأمين الوقود النووي اللازم لها.
لكن بعد انتصار الثورة وما تبعها من توترات في البلاد وحملات ضد البرنامج النووي الإيراني، توقف أي تحرك فعلي لمتابعة المشاريع النووية حتى مطلع عام 1982. وكانت المنظمة تتبع مباشرة رئاسة الوزراء، لكنها ألحِقت بوزارة الطاقة.
وفي مارس/آذار 1982، قرر مجلس الوزراء منح المنظمة الاستقلالية لتولي مهامها القانونية، ثم قررت السلطات في إيران اتخاذ خطوات جادة نحو امتلاك التكنولوجيا النووية.
شهدت المنظمة بعد ذلك مراحل مختلفة من الهيكلة ومتابعة الأهداف الإستراتيجية، وركز عملها على تطوير التطبيقات السلمية للطاقة النووية وتوسيع الأبحاث.
أنشأت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية العديد من الهياكل والوحدات التنظيمية في مختلف أنحاء البلاد، بهدف تحقيق تطوير داخلي مستدام في مجال العلوم والتقنيات النووية. وأدت هذه الجهود إلى تأسيس شركات هندسية ومعاهد أبحاث نووية.
الأهداف والمهام
وفقا لقانون منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، تهدف الهيئة إلى استخدام الأشعة والطاقة الذرية في الصناعات والزراعة والخدمات وإنشاء محطات الطاقة الذرية ومصانع تحلية مياه البحر، وإنتاج المواد اللازمة للصناعات الذرية، إضافة إلى إنشاء البنية التحتية العلمية والفنية لتنفيذ هذه الأهداف.
وتتلخص مهام المنظمة فيما يلي:
تطوير وتوسيع العلوم والتقنيات الذرية في البلاد، وإنشاء البنية التحتية اللازمة لاستخدام هذه العلوم في برامج التنمية الوطنية.
إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة بمجالات العلوم والتقنيات الذرية.
توفير الخدمات الفنية التي تحتاجها البلاد في مجال العلوم والتقنية الذرية.
إجراء الدراسات والعمليات الاستكشافية لتحديد مصادر المواد الأولية الخاصة بالصناعات الذرية، مثل الوقود النووي والمواد النووية واستخدامها في الصناعات ومحطات الطاقة والمرافق الذرية المختلفة في البلاد.
إنشاء محطات الطاقة الذرية وتشغيلها للإسهام في تلبية حاجة البلاد من الطاقة الكهربائية.
إنتاج وتوزيع العناصر المشعة وغيرها من المواد والمعدات اللازمة لتطبيق العلوم والتقنيات الذرية في البلاد.
التنسيق والإشراف على المؤسسات النووية الأخرى، ووضع الأنظمة والمعايير واللوائح ذات الصلة، واقتراحها على الجهات القانونية المختصة للمصادقة عليها.
بناء علاقات مع الهيئات الدولية أو الدول الأجنبية في مجال العلوم والصناعات الذرية باسم حكومة إيران، وتمثيلها لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
الآليات والصلاحيات
من أجل تنفيذ مهمتها، تتمتع منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بالصلاحيات التالية:
إعلان
إنشاء مؤسسات تابعة لها، والاستثمار في الشركات الحكومية والخاصة، وكذلك قبول مشاركة واستثمار الأشخاص في الجهات التابعة لها.
إشراك الحكومات أو المؤسسات الحكومية أو الخاصة في الاستثمارات العلمية والفنية والصناعية والتعدينية والتجارية.
الاستثمار أو المشاركة في مشاريع ذرية خارج البلاد، وإنشاء فروع ومكاتب تمثيل لها في الخارج.
إبرام عقود التعاون مع الأفراد والمؤسسات داخل البلاد وخارجها، وتوظيف الأجانب الذين يتمتعون بالمهارة المطلوبة في مؤسساتها.
الحصول على القروض أو الاعتمادات الداخلية أو الخارجية من أجل شراء الآلات والخدمات، وذلك في حدود الاعتمادات المصادق عليها ضمن البرامج النووية الوطنية.
تقديم المساعدات النقدية أو العينية للمؤسسات العلمية المرتبطة بمجال الطاقة الذرية في البلاد.
احتكار استخدام مصادر الوقود النووي والمواد المشعة، وكذلك إنتاجها في جميع أنحاء البلاد، إضافة إلى استيرادها من الخارج، وتوزيع هذه المواد داخل البلاد للاستخدامات المختلفة.
رؤساء المنظمة
منذ تأسيس المنظمة عام 1974، شغل 8 أشخاص منصب رئيس منظمة الطاقة الذرية بعد تعيينهم بموجب مرسوم رئاسي، وهم:
أكبر اعتماد (1974 – 1979).
فريدون سحابي (1979 – 1980).
رضا أمر الله (1981 – 1997).
غلام رضا آقازاده (1997 – 2009).
علي أكبر صالحي (2009 – 2010)، (2013-2021).
محمد أحمديان (2010).
فريدون عباسي دوائي (2010 – 2013).
محمد إسلامي (2021 – 2025).
أبرز المحطات
في عام 2002 أبرمت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية عقدا مع شركة خاصة لتطوير جهاز الطرد المركزي من طراز بي2، وأجرت بعض الاختبارات دون استخدام مواد نووية. وبعد عامين أعلن رئيس المنظمة تعليق بناء أجهزة الطرد المركزي.
وفي يونيو/حزيران 2005، أدرجت وزارة الخزانة الأميركية المنظمة ضمن قائمة الجهات الناشرة لأسلحة الدمار الشامل، لكنها أزيلت منها في يناير/كانون الثاني 2016 ضمن ترتيبات الاتفاق النووي الذي عرف بـ خطة العمل الشاملة المشتركة.
كما أدرجت وزارة التجارة الأميركية منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ضمن قائمة الكيانات المعاقبة عام 2007، بسبب تورطها في أنشطة تثير القلق للأمن القومي الأميركي.
وفي العام نفسه، صنفها الاتحاد الأوروبي جهة مرتبطة بأنشطة إيران النووية الحساسة، لتطويرها أنظمة إيصال الأسلحة النووية، وأزيلت من القائمة عام 2016.
أدرجتها الحكومة البريطانية عام 2015 في قائمتها جهة مثيرة للقلق بسبب عمليات شراء مواد مرتبطة بأسلحة الدمار الشامل، لكنها أزالتها من القائمة عام 2017.
وفي أبريل/نيسان 2016، أعلنت وزارة الطاقة الأميركية شراء 32 طنا متريا من المياه الثقيلة (مادة تُستخدم في بيئات إشعاعية أو نووية) من إحدى الشركات التابعة لمنظمة الطاقة الذرية.
وردا على تمديد الولايات المتحدة الأميركية قانون العقوبات على إيران في ديسمبر/كانون الأول 2016، أمر الرئيس الإيراني آنذاك حسن روحاني المنظمة بالبدء في أبحاث وتطوير وقود نووي للسفن.
وفي أغسطس/آب 2020، سمحت إيران للوكالة الدولية للطاقة الذرية بأخذ عينات من موقعين مرتبطين بمواد نووية غير معلنة، بعد اجتماعات مع المنظمة في العاصمة طهران.
وقد وافق البرلمان الإيراني في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه على تشريع يُلزم المنظمة بزيادة إنتاج اليورانيوم المخصب شهريا بمقدار 500 كيلوغرام، وإنتاج وتخزين 120 كيلوغراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% سنويا، وتخزينه كله داخل إيران، إضافة إلى إعادة تشغيل مفاعل آراك للمياه الثقيلة.
كما ألزم التشريع المنظمة بنشر مئات أجهزة الطرد المركزي في فترة 3 أشهر، وإنشاء مصنع لليورانيوم المعدني في أصفهان في فترة 5 أشهر.
وفي عام 2021، صرحت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بأنها تنتج من 17 إلى 20 غراما من اليورانيوم المخصب بنسبة 20% في الساعة الواحدة.
وفي العام نفسه، بدأت محادثات فيينا بين الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي، لتسهيل عودة إيران والولايات المتحدة إلى الامتثال للاتفاق، في وقت بدأت فيه المنظمة اختبار أجهزة طرد مركزي من طراز "آي آر9".
وفي عام 2023، أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي ، أن منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تعهدت بالتعاون في التحقيقات الخاصة بالمواقع غير المعلنة.
وأكد رئيس المنظمة، محمد إسلامي، أن إيران قدمت "إجابات مفصلة" للوكالة بشأن موقعي تورقوز آباد وورامين، اللذين يتم التحقيق بشأنهما للاشتباه في ارتباطهما بجوانب عسكرية في البرنامج النووي الإيراني.
وفي مارس/آذار 2024، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على 3 شبكات توريد تدعم كيانات مرتبطة ببرنامج إيران النووي، بما في ذلك شركتان تابعتان لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية.
وأوضح إسلامي في تصريح له عام 2024 أن البرنامج النووي الإيراني يتسم بالشفافية ويخضع لإشراف الوكالة الدولية، مشيرا أن جميع أنشطته النووية تتم في إطار معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.
وقال رئيس المنظمة إن إيران تعمل على زيادة كفاءة إنتاجها النووي عبر استخدام أجهزة طرد مركزي أكثر تقدما، بما يتيح تحقيق أهداف البرنامج النووي بشكل أفضل.
وبعد انطلاق المحادثات الأميركية الإيرانية في أبريل/نيسان 2025 بوساطة عُمانية، أكد إسلامي أن الحديث عن "صفر تخصيب" هو مطلب إسرائيلي، وليس مطروحا في مفاوضات طهران مع واشنطن ، مضيفا أن إيران تسعى إلى تطوير قدرتها النووية السلمية، بما في ذلك انتاج الكهرباء والعلاج الطبي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 6 دقائق
- الجزيرة
"أصبح كومة أنقاض".. الصحة العالمية تنعى مركز غسيل الكلى بشمال غزة
استنكر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الثلاثاء، القصف الإسرائيلي على مركز نورة لغسيل الكلى في شمال غزة. وقال غيبريسوس في منشور عبر منصة إكس إن مركز نورة لغسيل الكلى في شمال غزة أصبح الآن كومة من الأنقاض. وأشار إلى أن تدمير هذا المرفق الصحي يعرض حياة المرضى الذين يعانون من الفشل الكلوي للخطر المباشر. ولفت إلى أن المركز كان يقدم خدماته لـ40 مريضًا أسبوعيًا قبل الهجمات الإسرائيلية. وأوضح غيبريسوس أن منظمة الصحة العالمية قامت بنقل 20 جهاز غسيل كلوي من أصل 23 جهازًا كانت موجودة في المركز إلى مكان آمن. وجدد دعوته لوقف إطلاق النار، مطالبا بحماية جميع المرافق الصحية والعاملين فيها على وجه السرعة. كما نشر غيبريسوس في منشوره صورة مقارنة لمبنى المركز في حالته السليمة العام الماضي، وصورة جديدة تظهر تحوله إلى كومة من الأنقاض. ودمر الجيش الإسرائيلي، الأحد، مركز غسيل الكلى الوحيد الذي يقدم خدماته لمحافظتي غزة وشمال القطاع، بعدما أخرج الأسبوعين الماضيين 3 مستشفيات كانت تعمل بشكل جزئي بمحافظة الشمال، عن الخدمة. يأتي ذلك في إطار إمعان إسرائيل بتدمير النظام الصحي بشكل ممنهج منذ بدء حرب الإبادة الجماعية بحق فلسطينيي قطاع غزة قبل 20 شهرا. وقالت وزارة الصحة بغزة في بيان نشرته مساء الأحد، إن الجيش الإسرائيلي نسف مركز نورة الكعبي لغسيل الكلى في شمال قطاع غزة. وأضافت الوزارة أن تدمير المركز يضع الحالة الصحية لمرضى الكلى في شمال غزة أمام كارثة لا يمكن توقع نتائجها. وأوضحت أن 41 بالمئة من مرضى الفشل الكلوي توفوا خلال حرب الإبادة الجماعية جراء حرمانهم من الوصول إلى مراكز الغسيل وبعد تدمير المراكز والأقسام المخصصة لهم . وخلال الأسبوعين الماضيين، أفادت مصادر طبية للأناضول بأن الجيش الإسرائيلي أخرج قسرا مستشفيات العودة والإندونيسي وكمال عدوان عن الخدمة، نتيجة الاستهداف المباشر والحصار المتواصل. ونهاية مايو/ أيار الماضي، قالت وزارة الصحة بغزة إن 22 مستشفى من أصل 38 بالقطاع خرجت عن الخدمة بفعل الاستهدافات الإسرائيلية، وسط انهيار شبه كامل في النظام الصحي. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل جرائم إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.


الجزيرة
منذ 6 دقائق
- الجزيرة
ماذا وراء ظهور "كتائب محمد الضيف" في الجولان المحتل؟
أثار تبني مجموعة مسلحة تسمي نفسها "كتائب الشهيد محمد الضيف" قصف القوات الإسرائيلية بمرتفعات الجولان السوري المحتل كثيرا من التساؤلات بشأن دلالات ظهورها وتداعياته على المشهد الإقليمي. وقال الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إن التاريخ الإسرائيلي حافل بظهور مجموعات عسكرية بين فترة وأخرى تتحدى الهيمنة والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن هذه الكتائب "جديدة" بالنظر إلى استشهاد القائد العام للجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وأعرب مصطفى عن قناعته بأن هناك فقدانا للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، بعدما حققت تل أبيب إنجازات أمنية على جبهتي لبنان وسوريا، مشيرا إلى أن هذه الإنجازات لم يتبعها مقاربة سياسية. ووفق حديث مصطفى للجزيرة، فإن هناك خشية إسرائيلية من فقدان السيطرة الأمنية بغياب مقاربة سياسية، مما سيرتد على إسرائيل ليس أمنيا فحسب بل إستراتيجيا. وبناء على ذلك، فإن فكرة تغيير الشرق الأوسط لن تكون لصالح إسرائيل ، لافتا في هذا الصدد إلى اتفاق الولايات المتحدة مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) ومفاوضاتها الجارية مع إيران بشأن برنامجها النووي. وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد ذكرت أن صاروخي غراد أطلقا -مساء الثلاثاء- من منطقة درعا جنوبي سوريا وسقطا في منطقة مفتوحة بمرتفعات الجولان المحتل. وتبنت مجموعة مسلحة تسمي نفسها "كتائب الشهيد محمد الضيف" قصف القوات الإسرائيلية بالجولان المحتل، وقال أحد قيادييها للجزيرة إن "عملياتنا ضد الاحتلال الإسرائيلي رد على المجازر في غزة، ولن تتوقف حتى يتوقف قصف المستضعفين" في القطاع. وأواخر يناير/كانون الثاني الماضي، أعلن أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة (حماس)- استشهاد قائد هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف و"ثلة من المجاهدين الكبار من أعضاء المجلس العسكري للقسام". استخدام "رخيص" بدوره، وصف عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال بإدلب كمال عبدو ما حدث بأنه "استخدام رخيص لاسم الشهيد محمد الضيف"، معربا عن قناعته بأن الأمر "لا علاقة له بالضيف وفصائل المقاومة الفلسطينية". ووفق عبدو، فإن الأمر مرتبط بأجهزة استخبارات إقليمية وعلى رأسها إيران، إذ تبدو منزعجة من الانفتاح السوري مع الولايات المتحدة. وتريد هذه الجهات الإقليمية جر سوريا إلى مستنقع جديد، مطالبا في الوقت نفسه بضرورة تدخل كل الأطراف لإعادة ترتيب الأوضاع في الجنوب السوري. وقال إن إسرائيل تتعامل بفوقية عالية مع الملف السوري، مشيرا إلى المفاوضات غير المباشرة التي جرت بينها وبين الحكومة السورية. ووفق عبدو، فإن إسرائيل تصر على تطبيق رؤيتها بمعزل عن الآخرين، وخلط الأوراق مجددا رغم التفاهمات التي جرت مع الحكومة السورية، واصفا الوضع بأنه "مربك للحكومة السورية، وخطر جدا حتى على إسرائيل". وتعليقا على الهجوم، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن الرئيس السوري أحمد الشرع"مسؤول مباشرة عن كل تهديد وإطلاق نار تجاه إسرائيل وسنرد عليه بكل حزم في أقرب وقت ممكن". بدورها، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي رد على مصادر إطلاق النيران من سوريا، وأن طائرات حربية إسرائيلية خرقت حاجز الصوت في الأجواء السورية. إعلان طلقات سياسية من جانبه، شدد الخبير العسكري العميد إلياس حنا على ضرورة التريث، إذ يعني تكرار هذا القصف "وجود إستراتيجية لمستفيد معين، المتضرر منها الحكومة السورية"، في ظل عودة سوريا إلى الحضن العربي ورفع العقوبات عنها. ووصف حنا ما حدث بأنه "طلقات سياسية أكثر منها عسكرية" لأنها "لن تدمر الوجود الإسرائيلي في منطقة الجولان المحتل". وحسب الخبير العسكري، فإن المتضرر الأكبر هو الحكومة السورية، إذ لم تترك القوات الإسرائيلية لنظيرتها السورية حرية التدخل في مناطق معينة في الجنوب السوري كمحافظة السويداء. وخلص إلى أن نظرة إسرائيل إلى سوريا أبعد من الحدود، إذ تراها بعين إقليمية تصل إلى تركيا، وتعتبرها على أنها "خطر مباشر على أمنها القومي". وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، بسطت فصائل المعارضة السورية المسلحة سيطرتها على البلاد منهية 61 عاما من نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد. ومنذ عام 1967 تحتل إسرائيل معظم مساحة الجولان، واستغلت الوضع الراهن بسوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد فاحتلت المنطقة السورية العازلة، وأعلنت انهيار اتفاقية فض الاشتباك بين الجانبين لعام 1974.


الجزيرة
منذ 17 دقائق
- الجزيرة
محللان: إقالات ترامب "قرصة أذن" لنتنياهو وخلافهما يبقى تكتيكيا
أخذ الخلاف بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو منحى جديدا بعد إقالة الإدارة الأميركية مسؤولين كبارا معروفين بتأييدهم لإسرائيل داخل البيت الأبيض. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصادر إسرائيلية وصفتها بالمطلعة أن نتنياهو يشعر بقلق إزاء هذه الإقالات، وهي خطوة تراها تلك المصادر أنها تعكس اتساع الهوة بين سياسات واشنطن وتل أبيب. وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت عبد الله الشايجي إن رسالة ترامب لنتنياهو مفادها "عليك إعادة الحسابات، وألا تقوم بأي محاولات تهدد أميركا وتزيد الخلافات مع حلفائنا بالشرق الأوسط". وأشار الشايجي -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"- إلى أن شخصية ترامب وجماعة " ماغا" المؤيدة له تمكنه من المناورة أكثر عبر إرسال رسائل بأنه "منزعج من سياسة نتنياهو وسلوكه، وليس حق إسرائيل بالوجود والدفاع عن نفسها". ونقلت الصحيفة عن مصادر أخرى أن سبب الإقالات لا يتعلق بموقف من إسرائيل وإنما بأجندة "أميركا أولا"، التي تعكس رغبة ترامب في تقليص التأثيرات الخارجية على إدارته. بدورها، قالت مراسلة الجزيرة في واشنطن وجد وقفي إن الإقالات كانت متوقعة، لكنها فاجأت الجميع من حيث سرعتها بعد بضعة أشهر على بدء ولاية ترامب الثانية. ولفتت وقفي إلى تصريحات ترامب الذي قال إن إقالة الموظفين تتم عادة بسبب عدم الكفاءة أو الولاء لجهات أخرى أو أفراد آخرين، مما أثار مزيدا من التكهنات بشأن الربط بين الإقالات ونتنياهو. وطالت الإقالات مورغان أورتاغوس نائبة ستيفن ويتكوف المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، إضافة إلى رئيسة قسم إيران وإسرائيل في مجلس الأمن القومي ميراف سيرن، والمدير الأول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا داخل المجلس إريك تريجر. وكانت إدارة ترامب قد أقالت مايكل والتز المعروف بولائه الشديد لإسرائيل من منصبه رئيسا لمجلس الأمن القومي في البيت الأبيض. من جانبه، قال رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الخليل بلال الشوبكي إن قلق إسرائيل ينبع من أنها "لم تعد جزءا من صناعة القرار في الإدارة الأميركية"، مؤكدا أن الخلاف بين نتنياهو وترامب لم ينحصر بالإقالات بل يعود إلى قبيل زيارة الرئيس الأميركي إلى الخليج. وتريد واشنطن إيصال رسالة مفادها بأن مصلحة إسرائيل "لم تعد تُقدر من حكومة نتنياهو، بل من الولايات المتحدة وفقا لمصالحها"، من خلال إيجاد نوع من المواءمة بين المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة، حسب الشوبكي. لكن الشايجي -وهو خبير بالشؤون الأميركية- شدد على أن الخلافات تبقى شكلية وتكتيكية حول طريقة التعامل مع قطاع غزة ومقترح وقف إطلاق النار. وكذلك، فإن نتنياهو يحرض على شن ضربة عسكرية ضد منشآت إيران النووية، في وقت يعطي فيه ترامب فرصة للمفاوضات للتوصل لاتفاق مع إيران. وأكد أن ترامب لا يمكنه قطع العلاقة مع إسرائيل والانقلاب عليها، رغم الخلافات مع نتنياهو بشأن قضايا المنطقة مثل حرب غزة و الملف النووي الإيراني. أما الشوبكي فقال إن هناك قلقا لدى نتنياهو وحكومته، لكن لم يصل إلى حد القول إن هناك انعطافة أميركية باتجاه إسرائيل. أوراق نتنياهو وفي ضوء هذا المشهد، وصف الشوبكي إقالات ترامب بأنها "قرصة أذن" لم تصل إلى حد الإطاحة بنتنياهو وإظهاره بمظهر العاجز في المجتمع الإسرائيلي. وأشار إلى أن نتنياهو قادر على تحمل هذا الوضع من خلال اللعب على "المساحة الرمادية" بعدم معارضة الإدارة الأميركية، وكذلك عدم التخلي عن أهدافه في غزة، مما يهدد استقرار ائتلافه اليميني الحاكم. وبشأن تداعيات هذا الخلاف، أعرب الشوبكي عن قناعته بأن الولايات المتحدة لا ترى بدائل متمكنة في إسرائيل لخلافة نتنياهو، إذ لم تظهر المعارضة القوة الكافية لكي تزيحه عن المشهد. أما الشايجي فأعرب عن قناعته بأنه في غياب إستراتيجية واضحة لدى ترامب وتباين آرائه بشأن حرب غزة ومفاوضات النووي الإيراني، فإن نتنياهو سيلعب على هذا الهامش. كذلك، يمكن للوسطاء العرب تشكيل قناة تواصل مع إدارة ترامب بلغة مغايرة -وفق الشوبكي- وفتح مسار جديد بشأن العلاقة مع واشنطن يكون مرتبطا بإنهاء الحرب على غزة.