
حكاية 'الحزب' مع ورقة باراك وخلفيات اختلافه مع السلطة
حتى ليل أمس، استمرت اجتماعات اللجنة الثلاثية لإعداد الرد اللبناني على ورقة المقترحات الأميركية، التي من المنتظر أن يتسلّمها الموفد الأميركي توم باراك خلال زيارته الحالية إلى لبنان. ويمكن اختصار فحوى الرد بأنه يتمحور حول استعداد لبنان لتنفيذ القرارات الدولية، ولا سيما تلك التي تنص على حصرية السلاح بيد الدولة، والتي ستكون الجهة الوحيدة المخوّلة اتخاذ قرار السلم والحرب. إلا أن الأهم يبقى في مطالبة لبنان بضمانات مقابل أي صيغة توافق جديدة، على أن تكون الخطوة الأولى من الجانب الإسرائيلي، من خلال إعلان وقف عدوانه على لبنان. وهذه الصيغة، سبق أن تحدث عنها باراك، عندما اقترح وقف الاعتداءات لفترة وجيزة كاختبار للجانب اللبناني، أو إعلان هدنة لمدة أسبوعين.
وفي وقت تضع اللجنة المكلّفة اللمسات الأخيرة على صياغة الورقة اللبنانية، والتي لن تقتصر على كونها مجرّد رد على المقترحات، يعكف حزب الله على دراسة خياراته. فرفضه لورقة باراك لا يعني القطيعة مع الدولة بشأن الخطوات المستقبلية المتصلة بملف السلاح.
ومن خلال تصريحات أمينه العام، الشيخ نعيم قاسم، تُسجَّل ملاحظات من الحزب تتجاوز مضمون الورقة الأميركية، لتطال أداء السلطة في التعاطي معها. وهنا تحديدًا، يُسجّل اختلاف في القراءة بين طرفَي الثنائي، حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، من دون أن يُعدّ ذلك خلافًا بالمعنى السلبي للكلمة.
ورقة بشروط تعجيزية
فحزب الله، الذي اعترض على مجرد قبول ورقة تتضمن شروطًا أميركية اعتبرها تعجيزية، يرى أن واشنطن لن تكتفي بما طُرح، بل ستواصل التصعيد ورفع سقف مطالبها، معتبرًا أن لبنان تسلّم، فعليًا، ورقة استسلام وليس مجرد اقتراحات. أما بري، وبوصفه رئيسًا لمجلس النواب وممثلًا للسلطة الثانية، فقد تسلّم الورقة الأميركية، ووافق على المشاركة إلى جانب الرئاستين الأولى والثالثة في مناقشتها. وعلى الرغم من تفهّمه لملاحظات حزب الله وتحفّظاته، فإن هواجسه من اندلاع عدوان إسرائيلي محتمل، دفعته إلى التعاطي مع الورقة في إطار النقاش الرسمي اللبناني.
وفي ظل هذا التباين، تم التوافق على صياغة مقترحات لبنانية تُعرض على حزب الله للتشاور بشأنها، مع التزام الجميع بها متى أُقرّت. ومن هنا بدأت المشاورات على أكثر من خط: بين حارة حريك، عين التينة، وبعبدا.
كان المطلوب من حزب الله إبداء مرونة تجاه أي مقترح لبناني يتعلق بحصرية السلاح بيد الدولة أو بقرار السلم والحرب، استنادًا إلى القرارات الدولية التي سبق أن التزم بها لبنان. واعتُبرت هذه الصيغة مخرجًا لموقف الحزب الرافض لمناقشة الورقة الأميركية، إذ يرى أن مسألة السلاح شأن داخلي يُناقش حصريًا مع رئيس الجمهورية، من دون أي تدخل خارجي.
جرّ لبنان إلى طاولة أميركا
لم يُعر حزب الله اهتمامًا لما قاله باراك بشأن كونه حزبًا سياسيًا، وأن المطلوب فقط هو تسليم السلاح الثقيل لحماية إسرائيل. فقد رأى في ذلك غزلاً لا يعكسه مضمون الورقة، ولا المهلة الزمنية المفروضة على لبنان لسحب السلاح، ولا الاتهامات الموجّهة للجيش بالتقصير، والتي بدت وكأن الهدف منها هو الدفع نحو صدام بين الجيش والحزب لانتزاع السلاح بالقوة.
من وجهة نظر الحزب، نجح الأميركيون في جرّ لبنان إلى طاولة التفاوض وفق شروطهم، بينما كان بإمكان لبنان رفض الدخول في أي نقاش جديد، والتمسّك بالاتفاقات القائمة، ومطالبة إسرائيل بتطبيقها. ولهذا، رفض الحزب الورقة الأميركية منذ البداية، واستغرب الرد الأميركي على ورقة لبنان متجاهلاً الهواجس اللبنانية.
وأمام الشروط الأميركية التي تحدد مهلًا وخطوات يفترض بلبنان تنفيذها، برز التوجّه إلى الاستناد إلى القرارات الدولية كمخرج مناسب لصياغة الرد اللبناني، بشكل لا يستفز واشنطن، وفي الوقت ذاته يُرضي حزب الله. وقد استُند في هذا السياق إلى بنود اتفاقية الهدنة، والقرار 1701، واتفاق الطائف، لتأكيد أن لبنان ينفذ التزاماته الموثقة، من دون تقديم تعهدات جديدة. وعلى هذا الأساس، جرى النقاش مع الحزب.
ومن بين الأفكار التي طُرحت على حزب الله: التأكيد على التزام لبنان باتفاقية الهدنة وسائر القرارات الدولية التي تؤكد حصرية قرار السلم والحرب بيد الدولة، مع التشديد على أن النقاش مع الحزب سيكون حول الصيغة اللبنانية، لا الشروط الأميركية.
باب الحوار
انحصرت اللقاءات التشاورية في تبادل الأفكار واستشراف إمكانات تتيح للبنان تقديم اقتراحات جديدة هدفها منع التصعيد الإسرائيلي وتقليل الضغط الأميركي.
منذ البداية، رفض حزب الله مناقشة مضمون الورقة الأميركية، معتبرًا أن لبنان كان يجب أن يجرّ الأميركي إلى ملعبه، لا العكس، من خلال التمسك باتفاق وقف إطلاق النار ورفض مناقشة أي صيغة بديلة قبل تنفيذه. ولهذا، تعمّد الحزب عدم منح شرعية للمقترحات الأميركية، لكنه، في الوقت نفسه، لم يغلق باب الحوار مع السلطة، وأبلغها استعداده لمناقشة الملفات معها حصريًا.
ويمكن إدراج رفع سقف التصعيد في المواقف، الذي ورد في خطاب أمينه عام حزب الله حزب الله، ضمن نظرية باراك نفسه: 'التفاوض يتطلب أحيانًا رفع السقوف من الطرفين لبلوغ نقطة التقاء في المنتصف'. فهل كان هدف الحزب دعم موقف الدولة التفاوضي؟
يستغرب حزب الله كيف أن ورقة الموفد الأميركي لم تتطرق إلى أي ضمانات مفترضة، ولم تُجب على الهواجس اللبنانية، ولم تأتِ على ذكر الانسحاب الإسرائيلي. وما تطلبه السلطة من الأميركيين هو خطوة تُعزز موقعها التفاوضي تجاه الحزب.
وبحسب المعلومات، فإن من بين المطالب اللبنانية التي طُرحت على باراك: وقف العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، والانسحاب من النقاط التي لا تزال محتلة، تمهيدًا للانتقال إلى نقاش جدي حول مسألة السلاح، وفق منطق 'خطوة مقابل خطوة'، شرط أن تكون الخطوة الأولى من جانب إسرائيل.
وفي اللقاء مع باراك، طرح الرئيس بري سؤالًا صريحًا: 'كيف يمكن بدء النقاش بينما يتواصل العدوان الإسرائيلي؟' أما قصر بعبدا، فكان أكثر تشددًا، معتبرًا أن وقف العدوان شرط إلزامي لأي مسار تفاوضي.
لكن، وبموازاة النقاش حول الورقة الأميركية، جاءت التطورات الخطيرة في سوريا لتعيد ملف السلاح إلى واجهة الأولويات. إذ يخشى حزب الله من اندلاع حرب إسرائيلية مزدوجة على جبهتَي الجنوب والبقاع، معتبرًا أن سلاحه بات اليوم مطلبًا شعبيًا. فمن يضمن ألا يواجه العلويون المصير ذاته الذي واجهه الدروز؟ ومن يضمن عدم امتداد التهديد إلى لبنان، وخصوصًا إلى حزب الله نفسه؟
هكذا تتشابك التعقيدات، سواء في الورقة الأميركية التي يعتبرها الحزب 'مستحيلة'، أو في ما تفرضه تطورات سوريا من حسابات دقيقة وارتدادات خطيرة سيعكسها باراك في لقاءاته اليوم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سيدر نيوز
منذ 2 ساعات
- سيدر نيوز
حزن يخيم على وسائل التواصل الاجتماعي في الجزائر إثر وفاة 4 أشخاص في تحطم طائرة استطلاع خلال مهمة تدريبية
أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بوفاة أربعة أشخاص، يوم الثلاثاء، إثر تحطم طائرة استطلاع تابعة للحماية المدنية بمطار فرحات عباس في ولاية جيجل. ونقلت الوكالة عن مصالح الحماية المدنية الجزائرية أن الطائرة، وهي من نوع 'زيلين'، سقطت الأربعاء، بمطار فرحات عباس بولاية جيجل، أثناء مهمة تدريبية، ما أسفر عن وفاة أربعة أشخاص كانوا يؤدون واجبهم المهني. ومن بين الضحايا 'المقدم برجي رضوان، قائد المجموعة الجوية للحماية المدنية، والنقيب غلاي صهيب، طيار متربص، إلى جانب ممرن من مدرسة الطيران أبداطا، ومسير بشركة الطيران تراكتور من جنسية شيلية'. جزائريون على مواقع التواصل بين 'مانيش راضي' و 'راني راضي' 'ضحايا الواجب المهني' نشرت الحماية المدنية الجزائرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، بيان تعزية ومواساة إلى عائلات الضحايا، مؤكدة أن المتوفين كانوا يؤدّون واجبهم المهني. وقدم المدير العام للحماية المدنية، بوعلام بوغلاف، تعازيه الخالصة لعائلات 'ضحايا الواجب المهني'، داعياً الله أن يرحمهم ويصبر ذويهم. وتوالت رسائل التعازي، إذ عبر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن حزنه العميق لوفاة أفراد طاقم طائرة الحماية المدنية التي تحطمت أثناء مهمة تدريبية بمطار جيجل، وفقاً لوكالة الأنباء الجزائرية. وقال تبون في نص التعزية: 'أتوجه إلى كافة إطارات وأعوان الحماية المدنية وعائلات الضحايا بأخلص التعازي وأصدق مشاعر المواساة، داعياً الله عز وجل أن يتغمد شهداء هذه المهنة الإنسانية النبيلة برحمته الواسعة، وأن يلهم الجميع جميل الصبر والسلوان.' وودّعت وسائل الإعلام الجزائرية ضحايا حادث تحطم الطائرة بكلمات مؤثرة، مشيدة بشجاعتهم وتضحياتهم في أداء الواجب. نشر موقع 'الجزائر 24' عبر منصة إكس: 'فاجعة أليمة خيّمت على المؤسسة وقلوب الجزائريين، الذين ودّعوا رجُلين قدّما حياتهما فداءً للواجب؛ النقيب صهيب، الشاب الطموح الذي لم تمهله الأيام لإكمال مشواره، والمقدم رضوان، القائد الهادئ الصلب الذي عاش بطلاً وغادر بكرامة الأبطال'. فيما خيم الحزن على رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، إذ نشر حساب 'لامين فيلالي' عبر منصة إكس رسالة تعزية لعائلات طاقم الطائرة التابعة للحماية المدنية التي تحطمت في ولاية جيجل، جاء فيها: 'تعازينا لعائلات طاقم الطائرة التي سقطت في ولاية جيجل، نسأل الله أن يحتسبهم شهداء، وأن يتغمدهم برحمته الواسعة، ويرزق ذويهم الصبر.' وفي سياق التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي، نشر حساب على منصة إكس باسم 'عبد الرحيم فريق' تغريدة قال فيها إن 'الطائرة تعرضت للقصف وتم قتل كل من كان فيها'، مضيفاً أن 'النظام أصبح قاب قوسين أو أدنى من النهاية'،على حد تعبيره. وتساءل حساب يحمل اسم 'ليلى' عبر موقع فيسبوك عن خلفيات حادثة تحطم الطائرة، طارحاً عدداً من التساؤلات، من بينها: 'هل ما حدث حادث عرضي أم تصفية؟'. وأضاف الحساب أن 'الجزائر فقدت العديد من أسودها وشرفائها، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى الحفاظ على مثل هؤلاء لمواجهة تحديات داخلية وخارجية.' نشر حساب الفهيم رضوان تغريدة أفاد فيها بأن الطائرة تحطمت بعد دقيقة من إقلاعها من مطار فرحات عباس بولاية جيجل، مؤكداً أن 'التشفي حرام' على حد تعبيره. كما أعرب حساب أمين كرطالي عن بالغ أسفه وحزنه لتلقيه خبر تحطم طائرة تدريب تابعة للحماية المدنية، متضرعاً إلى الله أن يتغمد الضحايا بالرحمه، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان. أفاد موقع 'الأيام نيوز' الجزائري أن مصالح ولاية جيجل، أعلنت عن تأجيل جميع النشاطات الغنائية والترفيهية المبرمجة لهذا الأسبوع عبر إقليم الولاية، وذلك تضامناً مع عائلات ضحايا حادث تحطم طائرة الاستطلاع التابعة للحماية المدنية. ويأتي هذا القرار على خلفية الحادث الأليم الذي وقع مساء الثلاثاء بمطار فرحات عباس، وأسفر عن 'استشهاد عدد من أعوان وإطارات الحماية المدنية أثناء أداء مهمة تدريبية، على متن طائرة من نوع زيلين'، بحسب الموقع. وفقاً للموقع الرسمي للحماية المدنية في الجزائر، يعود تاريخ نشأة هذا الجهاز إلى عام 1931، حين أسس الطبيب الفرنسي جورج سان بول 'جمعية مشارف جنيف' التي اتخذت من باريس مقراً لها، والتي شكّلت لاحقاً الأساس الذي انبثقت منه المنظمة الدولية للحماية المدنية. كان الطبيب جورج سان بول، يهدف إلى إنشاء مناطق محايدة أو مدن مفتوحة وآمنة يمكن للمدنيين اللجوء إليها أثناء الحروب والنزاعات، وفقاً للموقع الرسمي. و الهدف الأساسي الذي تنشده المنظمة هو 'توعية الأفراد بمهام الأجهزة الوطنية للحماية المدنية على اختلاف تسمياتها ألا و هي حماية الأرواح و الممتلكات و البيئة'. ذكر الموقع الرسمي للحماية المدنية في الجزائر أن البلاد انضمت إلى المنظمة الدولية للحماية المدنية في عام 1976، ومنذ ذلك الحين تُعتبر الجزائر من بين الدول الأعضاء النشيطة في المنظمة، وتتولى حالياً نيابة رئاسة المجلس التنفيذي للمنظمة.


سيدر نيوز
منذ 2 ساعات
- سيدر نيوز
ملحم رياشي: تصريحات إيران بشأن سلاح الحزب تعد تدخلا في السيادة اللبنانية
النائب البرلماني اللبناني ملحم رياشي: تصريحات إيران بشأن سلاح حزب الله تعد تدخلا في السيادة اللبنانية وتريد استغلال لبنان كورقة تفاوضية مع واشنطن 🛈 تنويه: موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً أو مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.


MTV
منذ 2 ساعات
- MTV
الجيش الإسرائيلي: هاجمنا مستودعات أسلحة ومنصة صاروخية وبنى تحتية تابعة لحزب الله
كتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة "اكس": أغار جيش الدفاع قبل قليل على أهداف تابعة لحزب الله في جنوب لبنان ومن بينها مستودعات أسلحة ومنصة صاروخية وبنى تحتية تابعة لحزب الله والتي استخدمها لتخزين آليات هندسية مخصصة لاعادة اعمار بنى تحتية ارهابية في المنطقة. يواصل حزب الله محاولاته لترميم بنى تحتية ارهابية في أنحاء لبنان مخاطرًا بسكان لبنان ومستخدمًا أياهم دروعًا بشرية حيث يعتبر وجود مثل هذه الوسائل القتالية وقيام حزب الله بهذه الأنشطة الارهابية انتهاكًا للتفاهمات بين إسرائيل ولبنان. يواصل جيش الدفاع العمل لحماية دولة إسرائيل.