
لبنان: توفير الرعاية والدعم للاجئين وسط الاحتياجات المتزايدة
يستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين نسبةً إلى عدد سكانه في العالم، ويعاني في الوقت نفسه من النزوح الداخلي إضافةً إلى الاحتياجات الصحية الآخذة بالتزايد. وفي ظل التوترات المستمرة في سورية المجاورة والأزمة الاقتصادية والقرارات المرتبطة بالسياسات – بما في ذلك قرار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتعليق تغطية الاستشفاء والرعاية الصحية الأساسية للاجئين السوريين بسبب الخفض الحادّة في التمويل – إضافة إلى تصاعد الاحتياجات نتيجة القصف المتواصل والوجود العسكري الإسرائيلي في البلد، اكتسبت الأزمة الإنسانية أبعادًا جديدة لا مؤشرات على انحسارها حتى الآن.
يستضيف لبنان اليوم قرابة 1.5 مليون لاجئ سوري، ونحو 250 ألف لاجئ فلسطيني، بالإضافة إلى قرابة 176 ألف عامل مهاجر، غالبيتهم من النساء. ويُضاف إلى ذلك قرابة 83 ألف نازح داخلي بسبب القصف الإسرائيلي الذي استهدف جنوب لبنان ومناطق أخرى.
لأطباء بلا حدود تاريخٌ طويلٌ في توفير الرعاية الصحية المجانية وعالية الجودة للأشخاص الذين يحتاجون اليها، من دون أي تمييز وبصرف النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني. في لبنان، تقدّم فرقنا الرعاية الصحية الأساسية والخدمات في مجال الصحة الجنسية والإنجابية ورعاية الأمراض غير السارية والتطعيم الروتيني والطارئ، إلى جانب خدمات العناية بالجروح والدعم النفسي، وذلك لدعم اللاجئين واللبنانيين الأكثر حاجة والعمال المهاجرين والمجموعات المهمّشة.
لذلك، فإننا نشغّل أربع عيادات ثابتة في لبنان. في بيروت، ندير عيادتين:
• في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت، والذي يقطنه آلاف اللاجئين الفلسطينيين ومئات العائلات السورية. تقدّم أطباء بلا حدود الرعاية الصحية الضرورية وخدمات إدارة الأعراض المزمنة وسط حواجز ممنهجة تعيق وصول السكان إلى الرعاية الصحية العامة. أما في برج حمود، وهو حيّ مكتظ يقطنه الكثير من العمال المهاجرين من أفريقيا وآسيا الذين يعيشون بمعظمهم وسط الاكتظاظ وعدم الاستقرار، فتقدّم المنظمة رعاية طبية مجانية وذات جودة لفئة تُستثنى غالبًا الخدمات الصحية بأسعار ميسّرة.
• في محافظة بعلبك الهرمل، حيث لجأت أعداد كبيرة من العائلات السورية منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، ولاحقًا بعد سقوط حكومة الأسد في أواخر عام 2024، تدير منظمة أطباء بلا حدود عيادات في الهرمل وعرسال، حيث تقدّم خدمات شاملة من الرعاية الصحية الأساسية.
تشمل أنشطة العيادات المتنقلة:
• في محافظة بعلبك الهرمل، نشغّل شبكة من الفرق الطبية المتنقّلة للوصول إلى السكان المعزولين أو النازحين حديثًا، لا سيما من يعيشون في مجمعات غير نظامية أو خيم، بالإضافة إلى المناطق التي تضررت من الحرب الإسرائيلية على لبنان والمناطق النائية التي تفتقر إلى البنى التحتية.
• في عكار وشمال لبنان، حيث تستمر موجات النزوح في إعادة صياغة الاحتياجات الإنسانية في المنطقة، تقدّم فرق الصحة النفسية المتنقلة الإسعافات النفسية الأولية والاستشارات النفسية والأنشطة الترفيهية للأطفال. ويُعدّ هذا الدعم بالغ الأهمية، خاصةً للاجئين السوريين الذين عايشوا الصدمات والفقدان، والتي غالبًا ما يرافقها انعدام الأمان الاقتصادي وتزعزع وضعهم القانوني والغموض الذي يشوب مستقبلهم.
• في محافظة النبطية جنوب لبنان، وهي المنطقة الأكثر تأثرًا بالقصف الإسرائيلي والأضرار التي لحقت بالبُنى التحتية خلال تصعيد عام 2024، لا يزال أكثر من 28 ألف شخص في حالة نزوح. وقد نشرت أطباء بلا حدود فرقًا طبية متنقلة لتقديم الرعاية الصحية للأشخاص المقيمين في مساكن مؤقتة أو لدى مجتمعات مضيفة، موفّرة خدمات صحية حيوية في مناطق أصبح فيها النظام الصحي المحلي مثقلًا أو خرج عن الخدمة تمامًا.
وفي هذا السياق، تشهد جميع هذه المناطق تزايدًا في الاحتياجات النفسية، وتسجّل المجتمعات النازحة واللاجئة مستويات حادة من الاحتياجات النفسية على وجه خاص. فقد واجه الكثيرون دورات متكررة من الحرب والنزوح القسري وفقدان المقرّبين وانعدام الاستقرار المزمن — وكلها عوامل تُخلّف أثرًا نفسيًا عميقًا. ولذلك، تقدّم فرق أطباء بلا حدود، في جميع مشاريعنا وعياداتنا، الإسعافات النفسية الأولية والاستشارات النفسية و/أو الدعم النفسي الاجتماعي، استجابةً لحالات القلق والاكتئاب والصدمة النفسية والشعور المستمر بانعدام الأفق التي تُثقل كاهل الأطفال والبالغين ممّن عايشوا الحرب والنزوح والفقدان.
ولكن وفي ظل النزاع والانهيار الاقتصادي، بات إمكان الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية مقيّدًا أكثر فأكثر. ونتيجة لذلك، تُترك عشرات الآلاف من العائلات الأكثر حاجة من دون القدرة على تحمّل التكاليف الطبية. هذا وبات كثيرون اليوم يتجنبون المراكز الصحية، إما بسبب الكلفة أو خشية التعرّض لملاحقة قانونية، بينما يُضطر آخرون إلى توقيف علاجهم أو عدم استكماله، ما يعرّض صحتهم لخطر جسيم. ويُشار إلى أنّ هذه التحوّلات تأتي في وقت يعاني فيه النظام الصحي والمنظمات الإنسانية في مختلف أنحاء البلاد من ضغط شديد ونقص في الموارد.
وفي ظل تزايد حالة انعدام اليقين والنقص في التمويل الإنساني عالميًا، تظل منظمة أطباء بلا حدود ملتزمة بتقديم الرعاية الطبية لمن هم في أمسّ الحاجة إليها. كما نواصل الدفاع عن حق الجميع في الوصول العادل إلى الخدمات الصحية، وندعو جميع الأطراف إلى التحرك تضامنًا مع الأشخاص النازحين والفئات الأكثر حاجة في لبنان، ليس فقط في اليوم العالمي للاجئين، بل في كل يوم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
"الصحة العالمية": مصممون على البقاء بغزة وندعو لحماية أطقمنا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، أن أكثر من 90% من سكان قطاع غزة يواجهون صعوبات كبيرة في الحصول على مياه الشرب، في ظل تدهور حاد في الأوضاع الإنسانية بفعل استمرار العدوان والحصار المفروض على القطاع. وفي بيان له، أكد تيدروس أن المنظمة "مصمّمة على البقاء في غزة رغم الظروف القاسية"، داعياً إلى "توفير الحماية الفورية للأطقم الطبية التابعة لمنظمة الصحة العالمية والوكالات الأممية العاملة في الميدان". وأشار إلى وجود "ارتفاع قاتل في معدلات سوء التغذية، لا سيما في صفوف الأطفال والمرضى"، مشدداً على أن الوضع الصحي "ينذر بكارثة وشيكة قد تكون تداعياتها طويلة الأمد". وحذّر المدير العام من أن "نقاط توزيع المساعدات الإنسانية التي أُقيمت مؤخراً تحوّلت إلى مراكز عنف"، مشيراً إلى أن "أكثر من ألف شخص قُتلوا خلال محاولتهم الوصول إلى الغذاء في غزة"، وهو ما يعكس فشل المجتمع الدولي في تأمين الحد الأدنى من الحماية للمدنيين. وتأتي هذه التصريحات في وقت تتواصل فيه عمليات القصف والحصار على القطاع، مع انهيار منظومة الرعاية الصحية وعجز المؤسسات الإنسانية عن تلبية الحد الأدنى من الحاجات الأساسية لأكثر من مليوني فلسطيني محاصرين.


الديار
منذ 5 ساعات
- الديار
طبيبة أميركية في غزة: مستوى الجوع مروع ومرضى يُعالجون على الأرض!
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أكّدت الطبيبة الأميركية نور شرف، العاملة حالياً في مجمّع الشفاء الطبي في قطاع غزة، أن الوضع الإنساني في القطاع "مروّع" إلى أقصى الحدود، لا سيما على مستوى الجوع ونقص الموارد الأساسية في المستشفيات. وفي مقابلة مع قناة "الجزيرة"، وصفت شرف الوضع في غزة بأنه "لا يشبه أي وضع شاهدته في حياتي"، مشيرة إلى أن قسم الطوارئ في مجمّع الشفاء لم يعد قادراً على استقبال المرضى، حيث يتم علاج المصابين وهم ممدّدون على الأرض بسبب الاكتظاظ الحاد ونفاد الأسرّة. وقالت: "الأطباء يعملون ساعات طويلة تتجاوز بكثير ما هو مفترض، وغالباً لا يحصلون على الطعام، لكنهم يستمرون في أداء مهامهم الإنسانية رغم كل شيء". وأضافت أن المجاعة تطال مختلف فئات السكان، حيث "نرى أناسا لم يتناولوا أي طعام منذ أيام عدة، ويتساقطون من شدّة الجوع"، محذّرة من أن "تداعيات سوء التغذية في غزة ستكون وخيمة على المدى البعيد، خاصة لدى الأطفال وكبار السن". ويُعدّ مجمّع الشفاء أحد أكبر المرافق الصحية التي لا تزال تقدّم الحدّ الأدنى من الخدمات في القطاع، رغم الحصار ونقص الإمدادات الطبية. وتأتي هذه التصريحات في وقت تحذّر فيه منظمات دولية من تفشّي المجاعة وتفاقم الكارثة الصحية في غزة بفعل استمرار العدوان والحصار.


الديار
منذ 6 ساعات
- الديار
وزارة الدفاع البريطانية تقرّ: أسلحتنا سبّبت تلفاً في الدماغ لآلاف الجنود!
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب كشف تحقيق أجرته قناة "ITV News" البريطانية أنّ آلاف الجنود العاملين قد "يعانون من تلف في الدماغ بعد تعرضهم لموجات انفجار ضارة من أسلحة الجيش البريطاني"، وهو ما أقرّت به وزارة الدفاع البريطانية. وفي حديث إلى مراسل "ITV News" المتخصص في العلوم مارتن ستيو، أقرّ المسؤول عن إصابات الدماغ الرضحية (TBI) في وزارة الدفاع جيمس ميتشل بأنّ التعرّض المتكرّر للانفجارات الناتجة عن بعض أسلحة الجيش يمكن أن يؤدي إلى إصابة الدماغ وإلى مشكلات صحية مدى الحياة. وأضاف ميتشل أنّ الاعتقاد السائد خلال العمليات العسكرية السابقة في العراق وأفغانستان كان أنّ الذخائر الكبيرة والانفجارات الناتجة عن الصدمات هي السبب الرئيس لإصابات الدماغ الرضحية والارتجاج بين الجنود البريطانيين. لكن هذا لم يعد الحال، إذ إنّ اللوم يُلقى الآن على تأثير أنظمة الأسلحة في الجيش البريطاني على الجنود في إصابات الدماغ الرضحية والارتجاج. وتابع ميتشل بأنّه "على مدار الأعوام الـ5 إلى الـ10 الماضية بشكل خاص، بدأنا نُدرك أهمية ما نُسميه الانفجارات منخفضة المستوى"، موضحاً أنّ هذه الانفجارات "تُعزى في الغالب إلى تعرّض أفراد خدمتنا لضغط انفجار زائد من أنظمة أسلحتهم". وفي حين أنّ الأرقام الدقيقة للجنود المتأثرين "غير معروفة"، تعرّض آلاف الأفراد العاملين لانفجارات ضارة، مع احتمال ارتفاع الأرقام بالنسبة للمحاربين القدامى المتضررين، وفقاً لميتشل. وأكثر الأشخاص عرضةً للخطر هم أولئك الذين تعرضوا بصورة متكررة للأسلحة الثقيلة، بما في ذلك قذائف "الهاون"، وبعض الأسلحة المضادة للدبابات التي تُطلق من الكتف، وبنادق من عيار 50 ملم، والرشاشات، أو العبوات الناسفة.