
الصراع على العناصر النادرة
مع تنامي الاتجاهات العالمية للاستثمار بشكل مكثف في التكنولوجيا المتقدمة، بدت الحاجة ملحّة، لدى الدول الصناعية، لامتلاك الأدوات التي تمكّنها من السير قدماً في سباق التصنيع المحتدم بين الدول الصناعية الكبرى.
لم يعد سباق التصنيع قاصراً على امتلاك العقول المبدعة، ولا الأيادي الماهرة، بل أصبحت الحاجة ملحة لامتلاك المواد الخام وعلى رأسها المعادن النادرة التي يقوم عليها التصنيع مثل: الألومنيوم والسيليكون والفوسفور والكبريت والسكانديوم والكروم والمنغنيز والكوبالت والنحاس والزنك والزرنيخ والجرمانيوم والغاليوم والتيتانيوم والنيكل والبروم والكريبتون وغيرها من المعادن التي تشكل عصب التصنيع.
وتدرك الولايات المتحدة قيمة هذه المعادن وفد نجحت في إبرام اتفاق تاريخيّ، مع أوكرانيا بشأن استغلال الموارد الطبيعية وينص الاتفاق على استخراج وتعدين معدن الليثيوم وهو معدن حيوي وذو قيمة عالية في التكنولوجيا الخضراء وبعد إقرار هذه الصفقة، أعلنت الصين إيقاف تصدير ستة عناصر أرضية نادرة تكرّر بالكامل في الصين وهذه العناصر ضرورية لتقنيات المستقبل وصناعة الدفاع، مثل: التيربيوم والديزبروسيوم واللاتيتيوم، كما أعلنت إيقاف تصدير بعض مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة القوية المتخصصة والتي تُصنع حالياً بشكل شبه حصري في الصين.
وتعد الصين اليوم أكبر منتج للمعادن النادرة وهي تمثل 90% من الإنتاج العالمي. وهذه المواد الخام والمغناطيسات المتخصصة أساسية لقطاعات التكنولوجيا الفائقة، مثل: صناعة السيارات والروبوتات والمعدات العسكرية كالطائرات المسيرة والصواريخ وقد ألزمت الحكومة الصينية الشركات بتقديم طلبات للحصول على تراخيص للحصول على مواد خام مُحددة وهي خطوة تهدف بشكل أساسي إلى التحكم بحركة تلك المواد ومنع التصرف بها إلا وفق ما تريده الدولة وجاءت تلك القرارات في أعقاب الحرب التجارية التي شنها ترامب على الصين.
ومن دون شك فإن النقص المفاجئ لتلك المعادن النادرة سوف يُعيق استمرار الإنتاج في العديد من القطاعات الحيوية القائمة على الرقائق الإلكترونية والمكونات الدقيقة، ولا سيما في الولايات المتحدة، كما سيؤدي نقص تلك المعادن في السوق الدولية إلى ارتفاع أسعار المنتجات الإلكترونية مثل: الهواتف الذكية والحواسيب، بل وحتى مختلف المواد التي تدخل في صناعتها عناصر أرضية نادرة.
ومع الحظر الذي فرضته الصين على المعادن والمغناطيسيات التي تقوم باستخراجها وتصنيعها، فقد برزت كندا بوصفها البديل القادر على تلبية السوق العالمية من المواد النادرة، إذ تمتلك احتياطات هائلة من تلك المعادن، كما تمتلك حوالي 200 منجم لاستخراج أنواع مختلفة من تلك المعادن وقد استطاعت شركات صينية تملكها الدولة أن تستثمر في اثنتين من أكبر شركات التعدين في كندا فقد استحوذت شركة Shenghe الصينية على أسهم في منجم المعادن الأرضية النادرة الوحيد في كندا كما تدير شركة Sinomine الصينية أيضاً منجماً لليثيوم في مقاطعة مانيتوبا الوسطى ويتم تصدير الليثيوم المُستخرج هناك إلى الصين لمزيد من المعالجة، كما تدير هذه الشركة منجم سيزيوم في كندا وهو الوحيد من نوعه في أمريكا الشمالية وأوروبا.
وكان معهد (SRC)، للأبحاث وهو مؤسسة بحث وتطوير علمية ممولة حكومياً، قد أنشأ مصنعاً لمعالجة معادن الأتربة النادرة بتكلفة 74 مليون دولار، في مقاطعة ساسكاتشوان الكندية وأصبح بذلك أول منشأة لمعالجة معادن الأتربة النادرة في أمريكا الشمالية وتنتج المنشأة 10 أطنان من معادن النيوديميوم-براسيوديميوم، شهرياً. ويستخدم هذا الإنتاج في صناعة مغناطيسات عالية الطاقة تتميز بالقوة والمتانة وقد ضاعفت هذه المنشأة إنتاجها إلى 40 طناً في نهاية العام الماضي ويكفي إنتاجها السنوي البالغ 400 طن من معادن النيوديميوم-براسيوديميوم لتشغيل 500 ألف سيارة كهربائية ووفقاً للرئيس التنفيذي للمنشأة، يمكن تكرار تصميم المنشأة وترخيصه في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، ما يهيئ الظروف لزيادة إنتاج المعادن الأرضية النادرة، التي من المتوقع أن يزداد الطلب عليها بمقدار يتراوح بين ثلاثة وسبعة أضعاف ما هو عليه اليوم.
وقد قدمت الإدارة الأمريكية السابقة تمويلاً لهذا المشروع ولغيره من المشاريع المماثلة في الولايات المتحدة وكندا ضمن المبادرة التي طرحتها تلك الإدارة وهي «من المنجم إلى المغناطيس» ويشمل هذا التمويل 45 مليون دولار أمريكي لشركةMP Materials في ماونتن باس في ولاية كاليفورنيا وأكثر من 288 مليون دولار أمريكي لشركة Lynas USA في ولاية تكساس لمعالجة المعادن النادرة، بالإضافة إلى مشاريع إضافية في سلسلة التوريد مدعومة بأموال قانون خفض التضخم وتمتلك أستراليا حوالي 5.7 طن متري من احتياطيات المعادن النادرة، بينما تمتلك كندا ما يقدر بنحو 15.2 مليون طن من احتياطيات المعادن النادرة وهذه الاحتياطيات الكبيرة من تلك المعادن قد جعلت المسؤولين الأمريكيين واثقين من تحقيق هدف سلسلة توريد مستدامة «من المناجم إلى المغناطيس» قادرة على تلبية متطلبات الدفاع الأمريكية بحلول عام 2027 ومع ذلك، سيكون من الضروري زيادة إنتاج المعادن النادرة بشكل كبير لإمكانية إنتاج 20 مليون سيارة كهربائية سنوياً بحلول عام 2030 دون الاعتماد على الصين.
لكن رغم ذلك فسوف يبقى للصين قصب السبق في السوق الإلكترونية الدولية، بسبب انخفاض تكاليف إنتاج المعادن النادرة فيها وأيضاً بسبب انخفاض أجور المهندسين والعمال، حيث سيكون بمقدورها مزاحمة الدول الأخرى من دون أي عناء.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
لكسر الجمود.. كشف تفاصيل "مقترح ويتكوف" لإيران
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن مبعوث البيت الأبيض، ستيف ويتكوف ، أرسل، السبت، إلى إيران "عرضًا تفصيليًا ومقبولًا" لاتفاق نووي. ويحاول العرض الأميركي المكتوب تجاوز الجمود بشأن نقطة الخلاف الرئيسية ، وفقًا لمسؤولين أميركيين. ورد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي قائلا إن إيران سترد على العرض "وفقًا لمبادئ ومصالح وحقوق الشعب الإيراني". تفاصيل مقترح ويتكوف وذكرت أكسيوس نقلا عن مصادر مطلعة أن أحد المقترحات التي تروج لها الولايات المتحدة هو إنشاء كونسورتيوم إقليمي لتخصيب اليورانيوم لبرامج نووية مدنية، تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية والولايات المتحدة. وأضافت أن "فكرة أخرى هي أن تعترف الولايات المتحدة بحق إيران في تخصيب اليورانيوم، بينما تعلق إيران تخصيب اليورانيوم لديها بالكامل". وذكرت أكسيوس أن "العرض المحدث والمكتوب هو نتيجة الجولة الأخيرة من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة التي عقدت في روما قبل أسبوع". وأوضحت: "طلب الإيرانيون الحصول على موقف الولايات المتحدة كتابيًا بعد أن قدم ويتكوف عرضًا شفويًا خلال الجولة الرابعة من المحادثات قبل 3 أسابيع، وقدم تفاصيل حوله خلال الجولة الخامسة". كما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين مطلعين أن الوثيقة الأميركية المقدمة لإيران كانت عبارة عن سلسلة نقاط مختصرة وليست مسودة اتفاق كامل. وبحسب المسؤولين فإن الوثيقة تدعو إيران إلى وقف جميع أنشطة تخصيب اليورانيوم، كما تقترح إنشاء تحالف إقليمي لإنتاج الطاقة النووية. تأتي هذه التطورات بالتزامن مع تصاعد الخلاف بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية على خلفية إصدارها تقريرا سريا جاء فيه أن تعاون إيران غير كاف بشأن آثار يورانيوم في عدة مواقع غير معلنة من طرفها كمواقع نووية. وكشف التقرير الذي أعدته الوكالة بطلب من مجلس محافظيها في نوفمبر الماضي، أن إيران قامت سابقا بأنشطة نووية غير معلنة استخدمت فيها مواد نووية في 3 مواقع لا تزال قيد التحقيق، إلى جانب مواقع أخرى محتملة، في إطار ما وصفه التقرير بأنه "برنامج نووي منظم غير معلن" استمر حتى أوائل العقد الأول من القرن الـ21. وأوضح التقرير أن إيران زادت وتيرة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة، مشيرا إلى أن مخزونها من هذا النوع بلغ نحو 409 كيلوغرامات -بزيادة بنسبة تقارب 49 بالمئة منذ تقرير فبراير الماضي- وهي كمية كافية لتصنيع سلاح نووي إذا تم تخصيبها إلى مستوى 90 بالمئة. أما إجمالي مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بجميع درجاته، فقدر التقرير أنه بلغ 9247.6 كيلوغراما، وهو ما يتجاوز بنحو 45 مرة الحد المسموح به وفق الاتفاق النووي لعام 2015، والذي حدد السقف عند 202.8 كيلوغرام بنسبة تخصيب 3.67 بالمئة.


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
كايا كالاس: "الحب القاسي" لترامب في مجال الدفاع أفضل من اللاحب
أكدت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس السبت أن الدول الأوروبية تعزز إنفاقها الدفاعي بدفع من الرئيس دونالد ترامب، حيث حضت على تمتين العلاقات أكثر بين الحلفاء للتصدي للقوة الاقتصادية للصين. وجاء كلام كالاس خلال منتدى شانغريلا الدفاعي في سنغافورة وفي سياق ردها على خطاب وزير الدفاع الأمرdكي بيت هيغسيث الذي وصف إصرار ترامب على زيادة الإنفاق العسكري بأنه "حب قاس". وقالت كالاس ممازحة عندما سئلت في وقت لاحق عن خطاب هيغسيث "ومع ذلك، إنه حب، لذا فهو أفضل من اللاحب". وأكدت أن العلاقة بين بروكسل وواشنطن لم تنقطع يوما، قائلة إنها تحدثت إلى هيغسيث وتابعت "سمعتم خطابه. كان في الواقع إيجابيا جدا بشأن أوروبا، لذا يوجد هناك بالتأكيد بعض الحب". ويضغط ترامب باستمرار على دول حلف شمال الأطلسي لزيادة إنفاقها الدفاعي ليصل إلى نسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي، محذرا من أن واشنطن لن تتسامح بعد الآن مع الطفيليين. وقالت كالاس "هناك بلدان مختلفة في أوروبا، وبعضنا أدرك منذ وقت طويل أننا بحاجة إلى الاستثمار في الدفاع"، مشيرة إلى إعادة تصور النموذج الاوروبي باعتباره "مشروع سلام مدعوم بدفاع قوي". أضافت "ما أريد التأكيد عليه هو أن أمن أوروبا وأمن المحيط الهادئ مترابطان إلى حد كبير". وأعطت كالاس أوكرانيا كمثال حيث يقاتل ضدها جنود من كوريا الشمالية وتقوم الصين بتزويد عدوتها روسيا بالمعدات العسكرية. وقالت كالاس "كانت هناك بعض الرسائل القوية جدا في خطاب وزير الدفاع الأمريكي بشأن الصين"، مضيفة "أعتقد مرة أخرى أنه إذا كنت قلقا بشأن الصين، فيجب أن تقلق بشأن روسيا". وخالفت كالاس الرأي القائل بأن واشنطن تركز على منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بينما تُركز أوروبا على منطقتها الخاصة. وأضافت أنه لا يمكن مواجهة الهيمنة الاقتصادية للصين إلا بالتعاون مع "شركاء مُشابهين في التفكير مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا واليابان وكوريا الجنوبية... وسنغافورة".


البيان
منذ 2 ساعات
- البيان
صادرات كوريا الجنوبية تتراجع في مايو بسبب تأثير رسوم ترامب الجمركية
تراجعت صادرات كوريا الجنوبية بنسبة 3ر1% مقارنة بالعام الماضي في مايو، منهية بذلك سلسلة من ثلاثة أشهر من النمو، حيث انخفضت الشحنات المتجهة إلى الولايات المتحدة بشكل حاد وسط سياسات الرسوم الجمركية الشاملة لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حسبما أظهرت بيانات حكومية كورية جنوبية اليوم الأحد. وبلغت قيمة الصادرات 3ر57 مليار دولار أمريكي الشهر الماضي، وفقا للبيانات التي جمعتها وزارة التجارة والصناعة والطاقة، بحسب وكالة أنباء يونهاب الكورية الجنوبية. وانكمشت الواردات بنسبة 3ر5% على أساس سنوي لتصل إلى 3ر50 مليار دولار، مما أدى إلى فائض تجاري قدره 94ر6 مليار دولار. وانخفضت الصادرات إلى الولايات المتحدة في مايو بنسبة 1ر8% مقارنة بالعام الماضي لتصل إلى 10 مليارات دولار، ويرجع ذلك أساسا إلى ضعف صادرات قطاع السيارات، المتأثرة بالرسوم الجمركية البالغة 25% التي فرضتها إدارة ترامب. كما انخفضت الصادرات إلى الصين بنسبة 4ر8% على أساس سنوي لتصل إلى 4ر10 مليار دولار بسبب ضعف الطلب على أشباه الموصلات والمنتجات البتروكيماوية، بينما انخفضت الصادرات إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) بنسبة 3ر1% لتصل إلى 10 مليارات دولار. ومن ناحية أخرى، ارتفعت الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 4% لتصل إلى 6 مليارات دولار، مسجلة ارتفاعا للشهر الثالث على التوالي، بسبب قوة الطلب على السيارات وأشباه الموصلات. وقال وزير الصناعة آن دوك-جيون: "يبدو أن رسوم الولايات المتحدة تؤثر على الاقتصاد العالمي وصادرات كوريا الجنوبية، وهذا ما يؤكده تراجع صادرات كوريا الجنوبية إلى أكبر سوقين - الولايات المتحدة والصين". وأضاف:"على وجه الخصوص، أدى الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية إلى مستوى منخفض بلغ 60 دولارا في مايو إلى انخفاض يزيد عن 20% على أساس سنوي في صادرات المنتجات البترولية والبتروكيماوية، والذي كان عاملا رئيسيا آخر في الانخفاض الإجمالي للشحنات المصدرة".