
تعز مدينة تحت الحصار الداخلي... فساد وانهيار خدمات في ظل سلطة غائبة
وبرغم الهدوء النسبي في جبهات المدينة مؤخراً إلا أن الأزمة الحقيقية التي تقض مضاجع الأهالي لم تأت من ساحة الحرب بل من داخل مؤسساتهم المحلية، حيث يتحدث المواطنون عن غياب تام لأي جهود حقيقية من قبل الجهات المعنية لتحسين مستوى الخدمات، متهمين قيادات محلية محسوبة على حزب الإصلاح، الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، بالسيطرة على مفاصل القرار ونهب الإيرادات العامة والعبث بموارد المحافظة، وفي ظل هذا الواقع تحولت السلطة إلى أداة سياسية لخدمة مصالح محددة، في حين تُرك المواطن يواجه الجوع والعطش والغلاء بمفرده.
وعن المعاناة اليومية يُجبر سكان المدينة على شراء المياه من الصهاريج الخاصة بأسعار باهظة، إذ يتجاوز سعر الخزان الواحد أكثر من 80 ألف ريال يمني، في وقت لا تتجاوز فيه مرتبات كثير من الموظفين 30 ألفاً شهرياً، ولا تُصرف بانتظام، ولا توجد أيضاً شبكة مياه عامة فاعلة، ولا رقابة على أسعار الموردين، ولا أي تحرك جاد من الجهات المختصة لمعالجة الأزمة أو حتى الاعتراف بفشل إدارتها.
كما تشهد الأسواق ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية من كهرباء واتصالات باتت رفاهية لا تصل إلا لفئة محدودة، ومع تفشي البطالة ونزوح عشرات الآلاف داخل المدينة، أصبح الوضع أقرب إلى انفجار اجتماعي مكبوت، فيما يتحدث السكان عن طفح في الغضب الشعبي قابل للانفجار في أية لحظة، في ظل استمرار تدهور الأوضاع وتجاهل السلطات لمطالب الناس.
وعوضاً عن مواجهة هذه الكارثة الخدمية والمعيشية، يخرج المسؤولون المحليون بتصريحات مثيرة للجدل تحاول صرف النظر عن الواقع المتردي، إذ غالباً ما يتم تحميل ميليشيا الحوثي مسؤولية أي احتجاج شعبي أو تحرك مجتمعي غاضب، وهذا لا يعني بأن ميليشيا الحوثي لا تسعى لتفجير الوضع في تعز، ولا يعني بأن ما يحدث في تعز من غليان شعبي ليس بسبب الفشل السياسي وانتهازية السلطة في تعز، بل يراه كثير من الناشطين محاولة مكشوفة لتضليل الرأي العام المحلي والدولي، ووسيلة للتهرب من المحاسبة، وأحد أبرز هذه التصريحات التي أثارت الجدل كان لنائب مدير الأمن في تعز نبيل الكدهي، الذي تحدث عن خلايا حوثية تقف وراء احتجاجات شعبية أشعل فيها المتظاهرون الإطارات في بعض شوارع المدينة، في حين تؤكد مصادر ميدانية أن المظاهرات نابعة من معاناة حقيقية وليست مدفوعة من أطراف خارجية.
مراقبون يرون أن تعز تحولت إلى محافظة مستنزفة على جميع المستويات، حيث لا توجد خطط واضحة لإعادة الإعمار أو تحسين البنية التحتية، ولا جهود حقيقية لاستغلال مواردها وإيراداتها في مصلحة السكان، لكن في المقابل هناك شبه إجماع شعبي على أن السلطة المحلية باتت تمثل عبئاً ثقيلاً على المدينة، لا سيما مع استمرار تحكم قيادات محسوبة على قوى سياسية بعينها، معظمها من تيار الإخوان وقادة ما يُعرف بشباب فبراير في مفاصل السلطة المحلية بعيداً عن الكفاءة أو المساءلة.
وفي ظل هذا الانهيار الصامت، لا يجد أهالي تعز من يرفع عنهم المعاناة، حيث إن المنظمات الدولية خففت تدخلاتها، والحكومة المركزية غائبة، والسلطة المحلية منشغلة بتقاسم النفوذ، فيما يموت الناس ببطء من العطش ومن الجوع والفقر، والإهمال.
فإن الصورة اليوم في تعز تبدو أكثر قتامة مما تبدو عليه في نشرات الأخبار، مدينة منهكة فقدت الثقة في كل من وعدها بالدولة والخدمات والكرامة، ولا يبدو في الأفق ما يشير إلى انفراجة قريبة، ما لم يتم كسر الحلقة المفرغة من الفساد، وإعادة بناء سلطة محلية نزيهة وفعالة، تعيد للمواطن في تعز حقه في الحياة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبر للأنباء
منذ يوم واحد
- خبر للأنباء
الحوثيون يفرضون قيوداً جديدة على أعراس النساء بالمحويت
وأظهرت وثيقة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، التي حملت توقيع عدد من مشايخ وأعيان مدينة المحويت، أن الاجتماع الذي عقد في 1 أغسطس 2025 أقرّ منع إدخال فنانات أو فرق موسيقية إلى حفلات الأعراس النسائية سواءً في القاعات أو المنازل، والسماح فقط باستخدام ذاكرة صوتية عبر جهاز MP3، شريطة الالتزام بالمحتوى الشرعي والاجتماعي. كما نصّت الضوابط على منع استمرار الحفلات بعد أذان المغرب، إضافة إلى فرض غرامة مالية قدرها 200 ألف ريال يمني على المخالفين مع الحبس لمدة أسبوعين. وحمّل الاتفاق مشايخ القبائل المسؤولية المباشرة عن تطبيق القرار، مع منح اللجنة الأمنية الحق في ضبط المخالفين واتخاذ ما يلزم بحقهم. ويرى مراقبون أن هذا الإجراء يعكس مساعي الحوثيين لتقييد الحريات الشخصية وفرض قيود اجتماعية متشددة، تحت ذريعة الحفاظ على القيم الدينية، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة معيشية خانقة وتدهوراً في مختلف القطاعات.


خبر للأنباء
منذ 6 أيام
- خبر للأنباء
وكالات الحج والعمرة في اليمن ترفض قرار التوريد المسبق: تهديد لموسم الحج وفتح لأبواب الفساد
أعلنت لجنة ممثلي وكالات الحج والعمرة المعتمدة في الجمهورية اليمنية، رفضها الكامل للتعميم الصادر عن قطاع الحج والعمرة برقم (101) بتاريخ 27 يوليو 2025، والذي يُلزم الوكالات بتوريد مبلغ أربعة آلاف ريال سعودي عن كل حاج بشكل مقدم، ما يفرض على الوكالات سداد نحو 100 مليون ريال سعودي خلال 20 يومًا فقط. وفي بيان صادر عنها، اعتبرت اللجنة أن القرار يمثل إجراءً تعسفيًا وانفراديًا لا يستند إلى أي مرجعية قانونية أو تنظيمية، محذّرة من أن تطبيقه سيؤدي إلى شلل تام في قطاع الحج والعمرة، ويهدد بتعطيل موسم الحج للعام 1447هـ. وانتقد البيان إصدار التعميم دون تقييم لموسم الحج السابق، أو إعلان أسماء الوكالات المعتمدة لهذا العام وتحديد حصصها، مشيرًا إلى عدم وجود أي اتفاق رسمي مع الجانب السعودي بهذا الشأن، وعدم صدور تعميم مماثل من وزارة الحج السعودية، بالإضافة إلى تأخر فتح المسار الإلكتروني وغياب التسعيرة الرسمية للباقات حتى الآن. كما اعتبرت اللجنة أن ربط اعتماد الوكالات بسداد مبالغ ضخمة مقدمًا، يفتح المجال أمام الفساد، ويهدد بإغلاق عشرات الوكالات غير القادرة على الالتزام بهذا الشرط خلال المهلة المحددة، إلى جانب التأثير السلبي المحتمل على استقرار سعر صرف العملة جراء سحب 100 مليون ريال سعودي من السوق دفعة واحدة. وأكدت اللجنة أن التعميم لم يُعرض على اللجنة العليا للحج، ولم يُناقش مع ممثلي الوكالات، لافتة إلى أن توقيته غير مناسب وقد يؤدي إلى إرباك التحضيرات الجارية لموسم الحج، وعرقلة تسجيل الحجاج. وفي ختام بيانها، طالبت اللجنة القيادة السياسية ورئيس الوزراء بسرعة التدخل لإلغاء هذا التعميم، مؤكدة أنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية لوقفه، وداعية جميع الوكالات إلى تعليق أي توريدات مالية حتى التوصل إلى حلول عادلة ومنصفة تحفظ حقوق الوكالات والحجاج على حد سواء.


خبر للأنباء
٢٧-٠٧-٢٠٢٥
- خبر للأنباء
بعد بني حشيش.. وصاب تلتحق بفرض قيود استخدام الهواتف والسفر دون محرم على النساء والأطفال
وقّعت وجاهات منطقة العسادي في مديرية وصاب العالي بمحافظة ذمار (وسط اليمن)، وثيقة قبلية تفرض قيودًا مشددة على النساء، من بينها الامتناع عن استخدام الهواتف الذكية، وحظر سفرهن إلى خارج المنطقة دون محرم شرعي. وبحسب الوثيقة، التي تداولها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد نصّت على منع النساء من حمل واستخدام الهواتف الذكية "ذات الشاشات اللمسية"، وفرضت غرامة مالية تصل إلى مليون ريال يمني على من تخالف. وألزمت الوثيقة السكان بعدم استخدام شبكات الواي فاي في القرية ومحيطها، ومنحت العُقّال والمشايخ والأمناء المحليين حق مصادرة ممتلكات أي شخص يخالف هذا البند. كما شملت القيود الأطفال دون سن الخامسة عشرة، إذ يُمنع عليهم استخدام الهواتف الذكية، مع فرض غرامة تصل إلى 200 ألف ريال يمني ومصادرة الجهاز. وفيما يتعلق بتنقّل النساء، شددت الوثيقة على منع سفر أي امرأة من القرية إلى المدينة أو إلى مناطق بعيدة من دون محرم شرعي، واعتبرت ذلك مخالفة تُغَرَّم فيها ولي أمرها بمليون ريال، ويُلزم بمغادرة المنطقة مع مصادرة ممتلكاته. كما تُفرض غرامة قدرها 500 ألف ريال على أي سائق ينقل امرأة دون محرم. وتضمنت الوثيقة كذلك حظر استخدام الهواتف من قبل النساء خلال حفلات الزفاف، إضافة إلى منع تشغيل مكبرات الصوت بالأغاني، بحجة "أذية الناس" والحفاظ على "العادات والتقاليد". وفي وقت سابق، وقّع مشايخ وأعيان منطقة بيت غُظران بمديرية بني حشيش بمحافظة صنعاء، وثيقة قبلية مشابهة فرضت قيودًا صارمة على النساء، شملت حظر امتلاك الهواتف الذكية، ومنع العمل في المنظمات الإغاثية، إلى جانب فرض غرامات مالية وعقوبات اجتماعية على المخالفين. وبموجب الوثيقة، يُمنع منعًا باتًا منح النساء هواتف مزودة بشاشات لمس، ويُلزم أي ولي أمر تُضبط بحوزة زوجته أو ابنته مثل هذه الأجهزة بدفع غرامة مالية قدرها 200 ألف ريال يمني. كما شددت الوثيقة على عدم السماح للنساء بإيقاف سيارات الأجرة دون وجود محرم شرعي، ورفضت بشكل قاطع انخراط النساء في العمل مع المنظمات الإغاثية، مهددة المخالفين بفرض غرامات مالية بالإضافة إلى النفي من القبيلة. ويرى مراقبون أنّ قيادات حوثية تقف وراء توقيع هذه الوثائق، بزعم أنّ الهواتف تسبب علاقات غير أخلاقية، في محاولة لفرض قيود اجتماعية متشددة بذريعة الحفاظ على العادات والهوية الإيمانية والدفع بوجاهات المناطق إلى تبني هذه الإجراءات.