logo
الوقفة الشجاعة لحزب النهضة في تونس

الوقفة الشجاعة لحزب النهضة في تونس

الجزيرةمنذ 4 أيام
تعيش حركة النهضة التونسية لحظة مفصلية تتقاطع فيها أزمتها الداخلية مع أزمة البلاد بعد انقلاب 25 يوليو/ تموز، مما يجعل من تجديدها الذاتي ضرورة حزبية ووطنية في آن واحد.
فالرهان لم يعد فقط على تغيير الأشخاص، بل على مراجعة شاملة للفكرة، والهوية، والأداء السياسي، من خلال دمج الطاقات الشبابية والنسائية، وتحديث القيادة، والانتقال من الخطاب إلى البرامج.
ويمكن للنهضة، إن اختارت هذا المسار بجدية، أن تتحول من حزب مأزوم إلى قوة وسطية ديمقراطية محافظة تساهم في ملء الفراغ السياسي، وتدعم إعادة تأسيس الحياة السياسية، وتكون جزءا من الحل لا من الأزمة. إنها لحظة مراجعة مسؤولة، وفرصة لإعادة صياغة المشروع على أسس واقعية ومنفتحة، تواكب تطلعات المجتمع وتحترم مكتسبات الديمقراطية.
منذ نشأتها في سبعينيات القرن الماضي، شكلت حركة النهضة تجربة فريدة ضمن مشهد الحركات الإسلامية في العالم العربي. فقد حاولت الربط بين الإسلام والديمقراطية، وبين القيم الدينية والعمل السياسي، في بلد يشهد تحولات اجتماعية وثقافية عميقة. ورغم سنوات القمع في عهدي بورقيبة وبن علي، فقد تمكنت الحركة من الصمود والعودة بقوة بعد الثورة، لتصبح واحدة من أهم الفاعلين في الساحة السياسية الجديدة.
لكن الواقع السياسي بعد أكثر من عقد على الثورة أظهر أن رصيد النهضة النضالي لم يكن كافيا لمواصلة التأثير والقيادة. فقد أصاب مشروعها الكثير من الجمود، وغابت عنه القدرة على تجديد أدواته وخطابه، ما جعله يبدو، في نظر الكثيرين، وكأنه فقد صلته بالمجتمع وبالواقع الجديد.
من الأزمة التنظيمية إلى الأزمة الوجودية
من السهل إرجاع تراجع النهضة إلى عوامل خارجية مثل انقلاب 25 يوليو/ تموز 2021، الحملة على الإسلاميين، التضييقات الإعلامية والقضائية. نعم، كلها وقائع لا يمكن إنكارها، لكن الحقيقة الأكثر إيلاما أن جزءا كبيرا من الأزمة هو داخلي: أزمة قيادة، أزمة خيال سياسي، وأزمة جرأة على المراجعة.
لقد طغى على الحركة في السنوات الأخيرة منطق الإدارة البيروقراطية على حساب الحيوية الفكرية والتنظيمية. كما تحول المؤتمر الحادي عشر، الذي كان يُفترض أن يكون محطة للتجديد، إلى أداة تأجيل وتدوير للمشكل، لا لحله. وبات من الواضح أن النهضة اليوم ليست فقط مطالبة بتغيير الأشخاص أو توزيع المهام، بل بمساءلة مشروعها نفسه: لماذا تستمر؟ وبأي مضمون؟ ولمن؟
بين الفكرة والتنظيم: هل من أفق جديد؟
عانى مشروع النهضة من أزمة تعريف: هل هو حزب مدني بمرجعية إسلامية؟ حركة قيمية؟ أم إطار سياسي بهوية ثقافية؟ غموض هذه الهوية أثر في الخطاب وأربك الجمهور. فبين محاولة كسب ثقة الداخل وطمأنة الخارج، ضاعت البوصلة.
هناك حاجة ماسّة اليوم إلى إعادة تعريف مشروع النهضة على أسس جديدة، تتجاوز ازدواجية الحركة والحزب، وتتبنى بوضوح تموضعا كـ"حزب محافظ وسطي" يعبر عن شريحة اجتماعية واسعة، تؤمن بالقيم وتطمح إلى التقدم، وتحترم مؤسسات الدولة دون قطيعة مع الموروث.
تجديد يتجاوز الأشخاص إلى الفكرة
التجديد ليس مجرد شعار أو تبادل مواقع، بل هو مراجعة شاملة للفكرة والأسلوب، وهو كذلك فعل جماعي لا نخبوي، تشارك فيه مختلف مكونات الحزب: الشباب، النساء، الكفاءات المهمشة، والجهات التي طال تهميشها لصالح المركز.
لقد أثبتت تجارب سابقة داخل النهضة نفسها أن الدفع بوجوه جديدة إلى الصفوف الأولى لا يقتصر على إرضاء التوازنات الداخلية، بل هو شرط ضروري لتحديث المشروع وتجاوز الإرث التنظيمي الثقيل.
والتجديد أيضا لا يمكن أن ينتظر مؤتمرات مؤجلة، بل يبدأ من القواعد، من العمل المحلي، من لجان التفكير، ومن منصات التواصل الجديدة التي باتت فضاءات إنتاج سياسي موازية لا تقل أهمية عن الهياكل الرسمية.
معادلة الرمزية التاريخية وضرورة التجديد القيادي
لا يمكن الحديث عن تجديد النهضة دون التوقف عند المسألة القيادية التي أصبحت اليوم أكثر إلحاحا من أي وقت مضى. تمتلك النهضة زخما رمزيا كبيرا يتجلى أساسا في شخصية زعيمها راشد الغنوشي، أحد مهندسي المشروع وواجهاته الفكرية والسياسية منذ التأسيس. لعب الغنوشي دورا محوريا في ترسيخ التوجه الديمقراطي داخل الحركة وفي حماية مسار الانتقال بعد الثورة.
لكن الزمن السياسي يفرض اليوم معادلة جديدة تقوم على الموازنة بين الحفاظ على هذا الرصيد الرمزي الذي لا يمكن إنكاره أو الزهد فيه، وضرورة فتح المجال أمام قيادات شبابية تعبر عن المتغيرات داخل الحركة والمجتمع، وتعكس تطلعات الأجيال القادمة.
لم يعد الانتقال القيادي والجيلي مطلبا تنظيميا فقط، بل أصبح شرطا لبقاء المشروع نفسه. والبحث عن صيغة ذكية ومرنة تمكن النهضة من الاستفادة من تجربة قيادتها التاريخية، دون أن تبقى أسيرة لها، هو مفتاح من مفاتيح الإنقاذ والتجديد. فالحركات التي تتجدد دون أن تتنكر لذاكرتها، هي وحدها القادرة على الجمع بين الوفاء للماضي والانفتاح على المستقبل.
الشباب والمرأة والكفاءات: قوى التغيير الحقيقي
لا يمكن لأي تجديد حقيقي داخل النهضة أن يتم دون تمكين فعلي ودائم للشباب والنساء والكفاءات، ليس بوصفهم "زينة تنظيمية"، بل باعتبارهم قوى تغيير حقيقية طال تهميشها. فالحركة لطالما عُرفت تاريخيا بديناميكيتها الشبابية، خصوصا من خلال فصيلها الطلابي الذي لعب دورا محوريا في تطوير خطابها وتجديد أدواتها، لا سيما في فترات الحصار والمراجعة. كما كانت مشاركة المرأة في النهضة، على امتداد عقود، جزءا من تميزها داخل الحركات الإسلامية.
اليوم، تعج النهضة بطاقات شبابية ومهنية ناضجة، قادرة على تقديم رؤى جديدة، وتحويل مسار الحزب من حالة الاستنزاف إلى حالة إبداع سياسي. المطلوب هو انتقال قيادي وجيلي سلس، يعطي لهذه القوى موقع القرار، ويكسر الحلقات المغلقة التي عطلت التجديد لعقود. فبدون هذه الطاقات، لن تتجدد الفكرة، ولن تتغير الأداة، ولن تستأنف النهضة مسارها كقوة سياسية حية ومواكبة لعصرها.
تجديد الأداء القيادي والبرامج القابلة للتنفيذ
لعله من أبرز ملامح الجمود داخل النهضة في السنوات الأخيرة، غياب التطوير في الأداء القيادي من حيث الفهم العميق للتحولات، والقدرة على التحليل والاستشراف، ثم ترجمة ذلك إلى تخطيط عملي وتنفيذ ناجع. فقد بقيت الكثير من الخطابات أسيرة العناوين الكبرى والمبادئ العامة، دون أن تتحول إلى سياسات ملموسة أو برامج تنموية قابلة للقياس والتطبيق.
لا يقتصر التحدي اليوم على طرح أفكار جديدة، بل على الارتقاء بالأداء السياسي إلى مستوى يواكب تعقيد الواقع التونسي، من خلال توظيف أدوات التفكير الإستراتيجي، والعمل البرنامجي، وبناء فرق عمل متخصصة تتقاطع فيها السياسة مع الاقتصاد، والتنمية، والتعليم، والبيئة.
هذا الانتقال من "الخطاب" إلى "البرنامج"، ومن "التصريحات" إلى "الحلول"، هو ما سيعيد للنهضة موقعها كقوة فاعلة قادرة على التأثير في الواقع، لا مجرد التفاعل معه.
المشهد التونسي بحاجة إلى قوى وسطية ديمقراطية متزنة
تعيش تونس اليوم فراغا سياسيا حقيقيا. يكشف السياق الوطني الأوسع عن فراغ سياسي مقلق. فقد تآكلت الثقة في الطبقة السياسية وفي النخب عامة، وبات المشهد العام أسيرا لاستقطاب ثنائي بين شعبوية سلطوية من جهة، وخطاب نخبوي منفصل عن الواقع من جهة أخرى.
في هذا السياق، تبدو تونس في حاجة ملحة إلى توسيع قاعدة الوسط السياسي الديمقراطي، وهو الوسط الذي يمكن أن يعبر عن الأغلبية الصامتة من التونسيين: محافظين اجتماعيا، منفتحين سياسيا، رافضين للتطرف، وقلقين من الاستبعاد والاستقطاب.
توسيع هذا الوسط ليس خيارا نخبويا، بل ضرورة وطنية لحماية المسار الديمقراطي وضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي. يمكن لحركة النهضة، إن اختارت فعليا طريق التجديد الجاد، أن تساهم في ملء هذا الفراغ وبناء هذه الحالة الوطنية، لا بوصفها الحزب "الإسلامي" الوحيد، بل عبر تقديم نفسها قوة وطنية محافظة وواقعية، وحزبا وطنيا محافظا، يحمل مشروعا اجتماعيا واقتصاديا واقعيا، ويعيد للعمل السياسي معناه الأخلاقي والمؤسساتي، يلتزم بالديمقراطية ويدافع عن الحريات ويعمل من داخل الدولة، لا على هامشها. بهذا المعنى، يمكن أن تكون النهضة جزءا من حل الأزمة السياسية في تونس، لا امتدادا لمشكلاتها.
تجديد النهضة كجزء من استعادة الديمقراطية
لا يمكن فصل أزمة النهضة عن الأزمة الوطنية العامة التي تعيشها تونس منذ انقلاب 25 يوليو/ تموز 2021. لكن من الخطأ التعامل مع الانقلاب فقط كسبب خارجي يبرر الإخفاقات، إذ إن أحد دروس ما بعد الانقلاب هو أن استعادة الديمقراطية لا تمر فقط عبر مقاومة الاستبداد، بل أيضا من خلال تجديد عميق للمشهد الحزبي والسياسي، وتجاوز عجز النخب عن تجديد أدواتها وخطاباتها.
في هذا الإطار، يجب على النهضة أن تنظر إلى مسار التجديد ليس فقط كحاجة داخلية، بل كمساهمة ضرورية في إعادة تأسيس الحياة السياسية على أسس ديمقراطية وتعددية أكثر نضجا.
فالانقلاب، رغم كلفته السياسية والمؤسساتية، كشف حدود التجربة السابقة، وفتح- لمن أراد أن يقرأ- فرصة للتفكير في التغيير الجذري، لا في حدود النهضة فقط، بل على مستوى الخريطة السياسية برمتها. ومتى التقت مراجعة الذات الحزبية بإرادة وطنية جماعية للتصحيح، يمكن حينها الحديث عن بداية خروج حقيقي من الأزمة.
لحظة مفصلية في تاريخ الحزب وفي مستقبل البلاد
لا يحتمل الوضع الراهن مزيدا من الانتظار. فالتاريخ السياسي مليء بأحزاب سقطت لأنها لم تواكب التحولات، واختارت الدفاع عن الماضي بدل الاستثمار في المستقبل.
تقف النهضة اليوم أمام خيارين: إما أن تثور على ذاتها، أو تتحول إلى مجرد أثر سياسي في ذاكرة الانتقال الديمقراطي. المطلوب مراجعة شجاعة ومسؤولة تعيد المشروعَ إلى سكته الأصلية: مشروعًا سياسيًا وطنيًا، ينطلق من المجتمع، ويتفاعل مع العصر، ويخدم الدولة لا الجماعة.
رغم ما تمر به من أزمة، لا تزال لدى النهضة إمكاناتٌ هائلة كامنة: رصيد نضالي، تنظيم منضبط، حضور رمزي في وجدان شريحة واسعة من التونسيين. لكنها إمكانات قابلة للتآكل إذا لم تُرفد بفكر جديد وروح متجددة.
لا شك أن النهضة قادرة على التجدد، لكن ذلك يتطلب شجاعة الاعتراف بأخطاء الماضي، والجرأة على القطيعة مع ما لم يعد صالحا، والرغبة الحقيقية في الانفتاح على جيل جديد من الكفاءات والقيم والأولويات.
فتونس لا تحتاج إلى نسخة مكررة من الأحزاب التقليدية، بل إلى حزب يعبر عن روحها المحافظة المنفتحة، ويعيد إلى السياسة معناها الأخلاقي والبراغماتي في آن واحد.
وحركة النهضة، إن اختارت هذا المسار، قد تكون قادرة على لعب دور أساسي في ترميم الحياة السياسية، واستعادة التوازن، وتجديد الأمل في العمل الحزبي كأداة إصلاح، لا مجرد وسيلة للسلطة.
النهضة، مثل تونس، تقف على حافة مرحلة جديدة. فإما أن تكتب فصلها القادم بعقلانية وشجاعة، أو تُترك للتاريخ كفرصة ضاعت حين لم يُحسن أصحابها قراءتها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الليثيوم والذهب في مالي.. كيف أخضع غويتا شركات التعدين؟
الليثيوم والذهب في مالي.. كيف أخضع غويتا شركات التعدين؟

الجزيرة

timeمنذ 34 دقائق

  • الجزيرة

الليثيوم والذهب في مالي.. كيف أخضع غويتا شركات التعدين؟

في الأشهر الأخيرة، أبرم المجلس العسكري بقيادة آسيمي غويتا اتفاقيات مع معظم شركات التعدين العاملة في مالي، حيث قبلت الغالبية الآن بشروط قانون التعدين الجديد في البلاد، الذي صدر عام 2023. والهدف الواضح للسلطات هو إخضاع جميع المناجم والمشاريع القائمة للإطار القانوني الجديد. من بين أحدث الشركات التي وقّعت اتفاقا مع السلطات المالية شركتا "فابولا غولد" -المشغّلة لمنجم الذهب في كودييران، على بعد 300 كيلومتر جنوب باماكو- و"باغاما ماينينغ"، التي تمتلك أنشطة صغيرة في كانغابا، غرب مالي. كما قبلت المجموعة البريطانية "إنديفور ماينينغ"، الرائدة في إنتاج الذهب في غرب أفريقيا، بالاتفاق. ومع ذلك، ترى الشركة أن مشروعها في كالانا، قرب الحدود الغينية، غير إستراتيجي، بالنظر إلى حجم أنشطتها الأخرى في المنطقة. في قطاع التعدين، يعني مبدأ "الاستقرار القانوني" عادة أن التغييرات في القانون لا تؤثر تلقائيا على الاتفاقيات القائمة بين الدولة والشركات. لكن غويتا أصرّ على تطبيق القانون الجديد على جميع العقود، القديمة منها والجديدة. وقد تميزت المفاوضات حول قانون التعدين لعام 2023 بضغط شديد من السلطات. وفي إحدى المراحل، أدى التوتر إلى سجن تيري هولوهان، الرئيس التنفيذي لشركة "ريزولوت ماينينغ" الأسترالية، التي تدير منجم الذهب في سياما قرب الحدود مع كوت ديفوار. معركة ذهب لوولو-غونكوتو بلغت التوترات ذروتها بين المجلس العسكري والمجموعة الكندية "باريك ماينينغ". فالشركة التي تدير أكبر منجم ذهب في مالي، ضمن مجمع لوولو-غونكوتو، لم توقّع اتفاقا بعد، رغم اعتقال 4 من مسؤوليها وإصدار مذكرة توقيف بحق مديرها التنفيذي مارك بريستو. إعلان كما قامت السلطات في باماكو بحظر جميع الصادرات من الموقع وصادرت الذهب المستخرج. وردا على ذلك، علّقت "باريك" عملياتها هناك في يناير/كانون الثاني. وبعد بضعة أشهر، وبناء على طلب الحكومة المالية، وضعت السلطات القضائية منجم لوولو-غونكوتو تحت إدارة مؤقتة. وقد ظل الموقع لعدة أشهر هدفا لشبكة فاغنر الروسية، التي استُبدلت رسميا في مالي بمجموعة تُدعى "الفيلق الأفريقي". قانون يعزز سيطرة الدولة "يجب أن يكون الذهب لصالح جميع الماليين"، هكذا تقول السلطات الانتقالية. ويصرّ المجلس العسكري على تطبيق القانون الجديد لأنه يمنح الدولة صفقة أفضل من النسخة السابقة. فقد ألغى القانون الجديد مجموعة من الإعفاءات الضريبية والجمركية، ورفع معدلات المساهمات. إلى جانب الزيادة المتوقعة في الإيرادات، يسمح القانون للدولة بامتلاك ما يصل إلى 30% من أي منجم يعمل في مالي. وقد أُنشئت عدة صناديق مخصصة، تُموّل من قبل شركات التعدين، لدعم مشاريع التنمية المحلية والبنية التحتية للطرق. كما ينص القانون على تخصيص حصة بنسبة 5% من كل مشروع تعدين للقطاع الخاص المالي. وفي عام 2023، صرّح وزير الاقتصاد المالي، ألو سيني سانو، أن الإصلاح من المتوقع أن يدرّ على ميزانية الدولة السنوية ما لا يقل عن 500 مليار فرنك أفريقي (879.6 مليون دولار). وقد جاء القانون الجديد عقب تدقيق أجرته شركتا "مازار" و"إيفنتوس ماينينغ"، قدّرتا فيه أن الثغرات التنظيمية وسوء إدارة الشركات كلّف الدولة المالية ما بين 300 و600 مليار فرنك أفريقي (حوالي 530 مليونا إلى مليار دولار). الإيرادات والشفافية بين عامي 2021 و2022، ارتفعت مساهمات الشركات متعددة الجنسيات في قطاع الذهب المالي من 980 مليارا إلى 1.08 تريليون فرنك أفريقي. وفي عام 2022 وحده، دفعت شركات الاستخراج 602 مليار فرنك أفريقي إلى الخزينة العامة، و39 مليارا إلى هيئة الضمان الاجتماعي الوطنية. وبالتالي، فإن المكاسب المحتملة من الإيرادات الضريبية قد تصل إلى المستويات التي تأملها السلطات المالية. وفي تقرير مبادرة الشفافية في الصناعات الاستخراجية لعام 2023، ورد أن 98% من إيرادات القطاع الاستخراجي التي تلقتها الخزينة العامة في ذلك العام خُصصت لميزانية الدولة. أما النسبة المتبقية، فقد تم توزيعها بين الميزانيات المحلية، وصندوق دعم التدريب المهني، وصندوق توظيف الشباب، وصندوق الإسكان الوطني، والاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. وتُظهر الإيرادات التي حققتها الشركات الكبرى قبل دخول القانون الجديد حيز التنفيذ أن آمال الدولة في تحقيق طفرة ضريبية قد تكون في محلها.

رئيس كولومبيا يعلق على أنباء مقتل مرتزقة من بلاده في السودان
رئيس كولومبيا يعلق على أنباء مقتل مرتزقة من بلاده في السودان

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

رئيس كولومبيا يعلق على أنباء مقتل مرتزقة من بلاده في السودان

قال الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو إنه طلب بشكل عاجل تقديم مشروع قانون يحظر تجنيد المرتزقة، وذلك بعد أنباء عن مشاركة مرتزقة من بلاده في الحرب والقتال في صفوف قوات الدعم السريع بالسودان. وفي تغريدة على منصة إكس ، اليوم الخميس، أضاف بيترو أن تجنيد المرتزقة شكلٌ من أشكال الاتجار بالبشر ويحول الأشخاص إلى أدوات للقتل. وقال الرئيس الكولومبي "أرادوا الحرب داخل كولومبيا بشدة لدرجة أنه مع ضعف الحرب في البلاد سعوا إليها خارجها حيث لم يُؤذِنا أحد". ووصف بيترو من يقومون بعمليات تجنيد المرتزقة وإرسالهم "بالقتلة" و"أشباح الموت". وأشار إلى أنه أمر سفيرة بلاده في مصر بالتحقق من عدد الكولومبيين الذين لقوا حتفهم، وأشار إلى أن هناك حديثا غير مؤكد عن 40 شخصا، وأضاف "سنرى إن كنا نستطيع استعادة جثثهم". اتهامات رسمية وكشفت الحكومة السودانية قبل أيام عن مشاركة مرتزقة من كولومبيا في الحرب والقتال في صفوف الدعم السريع، في ظاهرة قالت إنها تهدد السلم والأمن بالإقليم والقارة الأفريقية. وقال الجيش السوداني -للجزيرة نت- إنه منذ اندلاع الحرب ظلت مليشيا الدعم السريع تستعين في الحرب بالمرتزقة الذين يشاركون في الأعمال التخصصية كأطقم المدفعية والمسيّرات بمختلف أنواعها وكمقاتلين. ومن جهتها قالت الخارجية السودانية إن الحكومة تملك كل الوثائق والمستندات التي تثبت تورط مرتزقة من كولومبيا ومئات الآلاف من المرتزقة من دول الجوار برعاية وتمويل من جهات خارجية، وقد قدّمت بعثة السودان الدائمة بالأمم المتحدة هذه الوثائق إلى مجلس الأمن التابع للمنظمة. وكشف موقع "لا سيا باسيا" (La Silla Vacía) في تحقيق عن مشاركة أكثر من 300 عسكري كولومبي سابق جُندوا في عملية تُعرف باسم "ذئاب الصحراء" حيث يقود عقيد كولومبي متقاعد عملية المرتزقة الكولومبيين بالسودان، ويعمل بعضهم في معسكرات تدريب جنوب نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور تضم من 1000 إلى 3000 سوداني للتدريب، بعضهم أطفال بعمر 10 و11 و12 سنة. وشهدت منصات التواصل السودانية غضبا واسعا، عقب ما كشفته القوات المسلحة عن وجود مرتزقة أجانب يقاتلون إلى جانب الدعم السريع، من بينهم مقاتلون من كولومبيا، في المعارك الأخيرة بمدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور. ويخوض الجيش السوداني والدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدتها جامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

الصراع على أفريقيا.. واشنطن تسعى لتقليص الفجوة مع الصين
الصراع على أفريقيا.. واشنطن تسعى لتقليص الفجوة مع الصين

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الصراع على أفريقيا.. واشنطن تسعى لتقليص الفجوة مع الصين

في ظل توجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو شعار "التجارة لا المساعدات" خلال ولايته الثانية، يبرز دور القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) كأداة مركزية لتعزيز الدبلوماسية الاقتصادية الأميركية في القارة، لا سيما في مواجهة النفوذ الصيني المتنامي. وخلال زيارة رسمية إلى أنغولا وناميبيا، عقد الفريق جون برينان نائب قائد "أفريكوم" سلسلة لقاءات مع مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية، تناولت سبل تعزيز التعاون الأمني. وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود واشنطن لتوسيع حضورها في جنوب القارة، حيث تسعى إلى تقليص الفجوة مع بكين التي تستثمر في نحو ثلث الموانئ التجارية الأفريقية، بما في ذلك ميناء لواندا وميناء وولفيس باي. الأمن بوابة الاستثمار في مؤتمر صحفي عقد يوم 28 يوليو/تموز، شدد برينان على أن "الأمن يخلق بيئة جاذبة للاستثمار" مشيرا إلى أن تقليل المخاطر الأمنية يشجع الشركات الأميركية على دخول السوق الأفريقية. ومن جانبه، أكد السفير روبرت سكوت، نائب قائد أفريكوم لشؤون التعاون المدني العسكري، أن القيادة العسكرية تلعب دورا محوريا في دعم الاستقرار لدى شركائها الأفارقة. وسلط الضوء على مشروع "ممر لوبيتو" الذي يربط ميناء أنغولا بمنطقة النحاس في الكونغو وزامبيا، إلى جانب خطط ناميبيا لتحويل ميناء وولفيس باي إلى مركز إقليمي لنقل البضائع، باعتبارهما نموذجين لمشاريع تتطلب دعما أمنيا أميركيا لضمان استدامتها. تهديدات غير مباشرة ورغم أن أنغولا وناميبيا لا تشهدان نشاطا مكثفا للجماعات المسلحة، فإن برينان حذر من وجود تهديدات في المناطق الحدودية، بما في ذلك فروع لتنظيم الدولة الإسلامية في كل من موزمبيق وجنوب أفريقيا ، إلى جانب شبكات تهريب المخدرات المرتبطة بعصابات مكسيكية منظمة. وأوضح نائب قائد "أفريكوم" أن الأخيرة تعمل على تعزيز قدرات الدولتين عبر برامج تدريب وتجهيز، بهدف الوقاية من التهديدات المحتملة، مشيرًا إلى تعاون طويل الأمد مع مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (سادك) حيث تلعب بوتسوانا دورا محوريا في التنسيق الأمني. منافسة صينية متصاعدة في ظل هذه التحركات الأميركية، تبرز المنافسة الجيوسياسية مع الصين التي تُعد من أبرز المستثمرين في البنية التحتية الأفريقية. وقد استثمرت بكين في تطوير ميناء وولفيس باي، بينما لا تزال الاستثمارات الأميركية في ناميبيا محدودة. وخلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، حذر السيناتور الجمهوري بيل هاغرتي من توسع النفوذ الصيني في ناميبيا والمنطقة، معتبرا أن هذه البلاد باتت "في قلب المنافسة الجيوسياسية المتصاعدة". كما أشار إلى أن الصين قد تستخدم الموانئ التجارية لأغراض عسكرية مزدوجة، مما يثير مخاوف بشأن إمكانية تقييد الوصول الأميركي إليها في حال نشوب نزاع. شراكات جديدة رغم تقليص المساعدات في ظل تقليص دور الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ، تراهن واشنطن على أدوات جديدة لتعزيز التعاون مع أفريقيا، من بينها برنامج الشراكة بين الولايات الأميركية والدول الأجنبية، حيث تم ربط أنغولا بولاية أوهايو لتعزيز العلاقات الأمنية والتعليمية. كما تسعى الإدارة الأميركية إلى توسيع صلاحيات مؤسسة التمويل الإنمائي الدولية، حيث اقترح ترامب رفع سقف استثماراتها من 60 إلى 250 مليار دولار، إلى جانب تخصيص 1.2 مليار دولار لمكتب رأس المال الإستراتيجي التابع لوزارة الدفاع، بهدف جذب الاستثمارات الخاصة في مشاريع الأمن القومي. وفي هذا السياق، قال الفريق داغفين أندرسون، المرشح لقيادة أفريكوم، إن "أفريقيا تمثل مسرحا اقتصاديا للقوة، وعلينا تعظيم الاستفادة من الموارد المحدودة" مشيرا إلى أهمية التعاون مع وزارة الخارجية والمنظمات غير الحكومية والقطاع الخاص.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store