
تصاعد التداعيات الاقتصادية للحرب وخطّ إجلاء بحري من جونية لإنقاذ الموسم السياحي
فيما المنطقة كلها مشغولة في رصد ارتدادات الضربة الأميركية على منشآت ايران النووية، انشغل لبنان في البحث عمّا يحميه من تداعيات أي تصعيد. وإذ يحاذر المسؤولون في الغالب إبراز المعطيات والمعلومات المتصلة بتراجع الرهانات
اللبنانية على صيف واعد وموسم سياحي، كانت التوقعات حياله قد بلغت الحديث عن مئات ألوف الوافدين والسياح والمغتربين تجنباً لتعميم مناخ تشاؤمي، فإن الوقائع الضاغطة باتت تكشف التراجع المتدحرج في الحجوزات المتصلة بحركة السياح، كما في انعكاس حركة المطار في اتجاه المغادرة بعدما شهدت المنطقة أجواء حربية أدت إلى شلّ معظم الحركة الجوية المدنية. وتشير الأوساط المعنية في هذا الصدد ل'النهار'إلى أن تراجع الرهانات على الموسم السياحي الصيفي بالإضافة إلى ترقّب انحسار الحرب للعودة إلى ملفات إعادة الإعمار ودعم لبنان والمشاريع العالقة في كل هذا المجال، صارت تشكّل الأولويات الضاغطة الأساسية على الحكومة والدولة كلاً، بما يفسر جانباً من جوانب اندفاع أهل الحكم إلى التشديد المتكرر على تجنيب لبنان أي انزلاق نحو التورّط في الحرب.
وكتبت' الاخبار':يُلاحظ أن الطائرات التي تحطّ في مطار رفيق الحريري الدولي قادمة من الخليج ومصر وتركيا وأفريقيا، خاصة مع ازدياد وتيرة الرحلات منذ اندلاع الحرب على إيران، تنقل في غالبيتها لبنانيين مغتربين عادوا لقضاء عطلتهم الصيفية في وطنهم. لكن، هل يمكن التعويل على هؤلاء في تحريك الدورة الاقتصادية السياحية؟ الإجابة تعتمد على عدد الوافدين وحجم إنفاقهم على الأنشطة والخدمات السياحية.
ومع ذلك، يبقى القلق قائماً حتى لدى أكثرهم تصميماً على المجيء، إذ يخشى الكثيرون أن تتسارع التطورات الأمنية ويُقفل المطار، ما قد يهدّد استقرارهم المهني أو الدراسي في بلدان إقامتهم.
فهل يعني كل ما سبق أن لا خيار أمام لبنان سوى نعي الموسم السياحي الصيفي؟ يجيب الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي: «كلا»، مقترحاً حلاً قد يُعيد بعض الأمل إلى هذا القطاع المُنهك، ويقوم على «توفير منفذ آمن لمغادرة السياح في حال اندلاع الحرب فجأة، بهدف طمأنتهم وتشجيعهم على المجيء، حتى في ظل التوتر القائم».
ومع استبعاد إمكانية الاعتماد على الخطوط الجوية، وخسارة الخط البري عبر سوريا – الذي شكّل منفذاً حيوياً خلال حرب تموز 2006 – يتحوّل التركيز على خيار النقل البحري. ويشدّد بيروتي على أهمية «تأمين باخرة في مياه جونية تكون جاهزة لنقل الراغبين في مغادرة لبنان إلى قبرص، في رحلة لا تتجاوز ثلاث ساعات، وبتكلفة مقبولة لا تزيد عن 100 دولار».
ويشير إلى وجود وعود من النائب نعمة أفرام بإطلاق رحلات بحرية من جونية بدءاً من 10 تموز المقبل، مؤكداً أن العقبات التقنية والقانونية تمّت تسويتها، ولم يبقَ سوى تأمين الباخرة لوضع الخطة قيد التنفيذ.
اضافت' الاخبار': أدّى الوضع الأمني المستجد إلى إلغاء نحو 75% من حجوزات السفر إلى لبنان، فيما لا تتجاوز نسبة إشغال الفنادق حالياً 30%، بحسب الأمين العام لاتحاد النقابات السياحية جان بيروتي، الذي يحذّر من أن استمرار هذا الوضع لعشرة أيام إضافية يعني «خسارة الموسم الصيفي بالكامل».
ولا يُعد هذا التقييم مبالغاً فيه، إذ تأثّرت حركة الطيران بشكل كبير، خاصة بعد تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل. وفيما شكّل السياح العراقيون في السنوات الماضية ركيزة أساسية للقطاع السياحي في لبنان، مع تسجيل أربع رحلات يومية من بغداد إلى
بيروت عبر شركة «طيران الشرق الأوسط» وحدها، إضافة إلى رحلات منتظمة من النجف وأربيل والسليمانية والبصرة، اقتصرت حركة الطيران في ظل التصعيد الحالي، على رحلات إجلاء محدودة من مطار البصرة لإعادة العالقين في البلدين.
أما المصريون والأردنيون، الذين ساهموا بشكل لافت في إنعاش السياحة اللبنانية منذ عام 2019، فلم يعودوا بمنأى عن تداعيات التوتر الإقليمي، إذ يتابعون تطورات الحرب عن كثب، ويشاركون الآخرين القلق من احتمال توسّعها، ما يدفعهم إلى تفضيل وجهات سياحية أخرى.
ويشير بيروتي إلى أن السياحة السورية التي انتعشت قبل عيد الأضحى، خصوصاً من مدينة حلب، ستتأثر هي الأخرى، بعد حادثة التفجير في كنيسة مار إلياس في ضواحي دمشق، الأحد الماضي، والتي تركت أثراً نفسياً عميقاً لدى السوريين، وأضعفت رغبتهم في السفر والاستجمام.
في المقابل، لم تتأثّر السياحة الداخلية بشكل مباشر بالتطورات الأمنية الإقليمية، خصوصاً مع تجنّب اللبنانيين السفر إلى الخارج، وتحديداً إلى وجهات تقليدية مثل تركيا واليونان.
وقد انعكس ذلك إيجاباً على قطاعات المطاعم والملاهي والمسابح. غير أن هذه الحركة، رغم حيويتها، لا تُعادل من حيث الإنفاق والتأثير الاقتصادي حجم السائح العربي أو الأجنبي، الذي يشكّل المصدر الأهم للعملات الصعبة والإنفاق الفعلي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ 42 دقائق
- صدى البلد
رجال الأعمال المصريين تشارك البنك الافريقي للتنمية ورشة عمل حول القطاع الخاص
شاركت جمعية رجال الأعمال المصريين، في ورشة العمل الأولى ضمن سلسلة مشاركة القطاع الخاص للبنك الافريقي للتنمية، تحت عنوان: "طريقك إلي الريادة الإقليمية: استراتيجيات التمويل والنمو الاستراتيجي عبر البنك الافريقي للتنمية"، وذلك بتنظيم مشترك بين الجمعية والبنك الافريقي للتنمية بالتعاون مع شركة سينيرجيز. وتأتي تنظيم هذه السلسلة من الورش لعدد من القطاعات الاقتصادية، تأكيداً على التزام الطرفين بالتعاون في دعم ريادة الأعمال المصرية على المستوي القاري . وشارك في ورشة العمل من جمعية رجال الأعمال المصريين، النائب الدكتور شريف الجبلي عضو مجلس الإدارة ورئيس لجنة افريقيا، والمهندس أحمد عز الدين نائب رئيس لجنة الصناعة والبحث العلمي والدكتور محمد يوسف المدير التنفيذي للجمعية وعدداً من السادة الأعضاء. وفي هذا السياق، قال الدكتور شريف الجبلي، رئيس لجنة إفريقيا بجمعية رجال الأعمال المصريين، إن تنظيم ورشة العمل يأتي في إطار اتفاقية التعاون الموقعة بين الجمعية والبنك الإفريقي للتنمية، والتي تتضمن تنفيذ سلسلة من ورش العمل لرفع وعي القطاع الخاص المصري بكيفية التعامل مع البنك وآليات الحصول على التمويل. وأوضح "الجبلي" أن البنك الأفريقي للتنمية يخصص نحو 500 مليون دولار سنويًا لمصر، نصفها موجه لدعم القطاع الخاص اي نحو 250 مليون دولار، إلا أن الاستفادة الفعلية للشركات المصرية من هذه التمويلات ما تزال محدودة، نتيجة عدم الإلمام الكامل بمتطلبات وشروط هذا النوع من التمويل التنموي. وأضاف أن ورشة العمل الأولى تستهدف توعية الشركات المصرية بالآليات والمنهجية الصحيحة للتأهل والحصول على تمويلات البنك، خاصة في ظل اشتراطات محددة تختلف عن البنوك التجارية، وهو ما يتطلب إعدادًا فنيًا ومؤسسيًا دقيقًا من قبل الشركات الراغبة في الاستفادة من هذه القروض. وأكد "الجبلي" أهمية تعزيز أطر التعاون بين القطاع الخاص المصري ومؤسسات التمويل الإقليمية، مشيرًا إلى أن البنك الأفريقي للتنمية يُعد شريكًا استراتيجيًا في دعم توسع الشركات المصرية داخل الأسواق الأفريقية، من خلال تقديم حلول تمويلية مبتكرة وبرامج تنموية تتماشى مع الرؤى والطموحات المستقبلية. وأوضح "الجبلي"، أن مصر ثاني أكبر دولة ممول للبنك الافريقي للتنمية، بنسبة 6.3% من بين 81 دولة أعضاء، بينما القروض التي يمنحها البنك ما زالت غير مستغلة من جانب القطاع الخاص، حيث أن الشركات المصرية غير مؤهلة للتعامل مع مثل هذه التمويلات ولهذا يأتي أهمية هذا التعاون في نشر ثقافة التمويل الدولي والانمائي والذي يختلف عن البنوك التجارية ما يمنح القطاع الخاص المصري خبرات في التعامل مع مؤسسات التمويل الدولية والتسريع من عملية توافقها مع الاشتراطات والمستندات المطلوبة. ولفت إلى ان الجمعية تستهدف من خلال اتفاقية التعاون الموقعة بين لجنة افريقيا والبنك الافريقي للتنمية، اقبال القطاع الخاص علي القروض المخصصة للبنك بغرض التنمية والاستثمار وخلق الوظائف في أفريقيا وهي قروض مخصصة في 5 قطاعات أساسية تشمل الطاقة والصناعات الدوائية والصناعات الغذائية والصناعات الكيماوية والأسمدة واللوجستيات، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأشار "الجبلي" إلى أن الورش القادمة ستركز على تقديم شرح تفصيلي حول المستندات والضوابط المطلوبة، بهدف رفع جاهزية القطاع الخاص وتعزيز قدرته على النفاذ إلى الموارد التمويلية المتاحة، بما يدعم خطط التوسع والنمو داخل القارة الإفريقية. وتهدف هذه الورشة تهدف إلى تقديم دليل شامل للتمويل لمساعدة كبرى الشركات المصرية علي التوسع في الأسواق الافريقية، وشرح أطر الجدارة الائتمانية لرفع قدرة الشركات علي جذب الشراكات والاستثمارات. كما تهدف إلى تعزيز فرص وصول الشركات المصرية إلى الشراكات الاستراتيجية لدعم التوسع الإقليمي والنمو المستدام، واستكشاف كيفية الاستفادة من موارد البنك الافريقي للتنمية لتسريع التوسع في القارة وموائمة توسع الشركات مع أولويات التنمية في افريقيا لتحقيق تأثير اقتصادي وتنموي . من جانبه أشار عبد الرحمن دياو، مدير مكتب بنك التنمية الأفريقي في مصر، الي أهمية الشراكة مع جمعية رجال الأعمال المصريين في رفع الوعي لدى مجتمع الأعمال المصري في الاستفادة من القروض والتعامل مع البنوك التنموية. وأكد "دياو"، أن بنك التنمية الافريقي يعمل علي دعم مصر من خلال محورين الأول، تعزيز تنافسية القطاع الخاص لقيادة النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل بجانب تمويل المشروعات الاستراتيجية وخاصة التي تتعلق بالأمن القومي الغذائي والمائي وكفاءة استخدام الطاقة. من جانبه أعرب الدكتور محمد يوسف المدير التنفيذي للجمعية، عن سعادته بالتعاون المشترك بين الجمعية والبنك الافريقي للتنمية بما يسهم في تحقيق رؤية الجمعية لتحرك القطاع الخاص نحو الاستثمار والتجارة مع أفريقيا. واكد أن هذه التعاون يساند القطاع الخاص المصري في التوسع والنمو القاري من خلال توحيد الرؤي والفكر في كيفية دعم ومساندة تواجده في أسواق إفريقيا الواعدة بالشكل الذي يليق بقوة وتاريخ مصر ودورها في تنمية القارة الأفريقية. أشار أنه في إطار ايمان الجمعية بما تمثله افريقيا من بعد استراتيجي وقومي لمصر قامت بمساندة العديد من المبادرات، ومنها إنشاء خط ملاحي للربط بين دول الكوميسا وإنشاء شركة تختص بالترويج للاستثمار في افريقيا في 2011. واضاف، كما اهتمام الجمعية بتعزيز التواصل مع البنك الافريقي للتنمية من خلال توقيع بروتوكول تعاون يمثل شراكة حقيقية لدعم مجتمع الأعمال للتوجه نحو الاستثمار والتواجد في أسواق أفريقيا. وأشار إلى أهمية عقد ورش عمل لعددا من القطاعات الاقتصادية والمناطق الجغرافية المختلفة لرفع الوعي بآليات التمويل وان يتوافق القطاع الخاص المصري مع مؤسسات التمويل الدولية. وأكد المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين، أن هذا اللقاء والتعاون المشترك يفتح آفاق جديدة للتوسع والنمو الاقتصادي لمصر داخل أفريقيا ونقطة انطلاقة قوية لمصلحة تنمية القارة الأفريقية وهو بعد استراتيجي لمصر. من جانبها أوضحت الدكتورة غادة أبو زيد، منسقة برامج التنمية الصناعية والتجارية، بالبنك الأفريقي للتنمية، إرشادات التمويل للقطاع الخاص ومعايير الجاهزية، مشيرة إلى أن الأهداف الاستراتيجية للبنك 2023-2032، هي تحقيق نمو شامل مستدام وأخضر من خلال مجموعة من الأولويات التشغيلية الحاسمة لتسريع التحول الاقتصادي في إفريقيا، فيما يُطلق عليها البنك اسم "الخمسة اولويات وهي إنارة إفريقيا وتوفير الطاقة، وإطعام افريقيا، والتصنيع، ودمج إفريقيا، وتحسين جودة الحياة. واكدت "ابو زيد"، انه من أجل تنفيذ هذه الأولويات، طور البنك مجموعة من المنتجات والخدمات المالية، استجابة للاحتياجات المتطورة للمقترضين والمجتمع الاستثماري، خصوصًا من القطاع الخاص. وتشمل أدوات الإقراض، والضمانات، وحقوق الملكية، والصكوك الشبيهة بالملكية، وتمويل التجارة، والمشتقات المالية لأغراض التحوط، بالإضافة إلى ذلك، يعمل البنك كوصي ومدير لموارد خارجية متنوعة، مما يمكنه من تقديم منح للمساعدة الفنية وغيرها من الموارد الميسّرة.


صوت لبنان
منذ 42 دقائق
- صوت لبنان
البستاني ينبُش "قبر الدعم": أين ذهب 11 مليار دولار من أموال المودعين؟
كتب عماد الشدياق في بلدٍ امتهن طمس الحقائق وتجاهل القوانين، عاد إلى الواجهة فجأة قانونٌ منسيّ منذ صيف العام 2021. القانون يحمل الرقم 240، وينصّ على إخضاع كل المستفيدين من الدعم الحكومي بالدولار الأميركي للتدقيق الجنائي الخارجي. هذا القانون الذي مضى على صدوره ما يقارب الأربع سنوات، لم يُنفّذ. ولم تُعدّ مراسيمه التطبيقية ضمن المهلة المحددة في مادته الرابعة، برغم أنّه نُشر في الجريدة الرسمية. اللافت أنّ إعادة تحريك الملف لم تأتِ من الحكومة، ولا من أجهزة الرقابة، بل من رئيس لجنة الاقتصاد والتجارة النيابية النائب فريد البستاني، الذي وجّه قبل أيام سؤالًا خطيًا إلى الحكومة عبر رئاسة مجلس النواب، مستفسرًا عن أسباب التأخير في تنفيذ القانون. البستاني أشار في سؤاله إلى أنّ وزارتي المال والعدل لم تقوما خلال مهلة الشهرين بإعداد الآليات المطلوبة، ما جعل القانون غير نافذ فعليًا. تحرُّك النائب البستاني لمكافحة الفساد أو "تقويم الانحراف" في أداء السلطة، ليس الأول من نوعه. فقد تقدم البستاني قبل أسابيع باقتراح قانون لحماية الودائع بالعملات الأجنبية، وذلك بعد محاولات سابقة خلال عهد حكومة تصريف الأعمال (حكومة الرئيس نجيب ميقاتي)، لكنّه لم يسلك طريقه. كما كان للبستاني الفضل في إعادة العمل بإدارة "النافعة" بالتعاون مع وزارة الداخلية التي اتخذت إجراءات عقابية بحق الفاسدين، ودفعت نحو يُسرّع وتيرة العمل في هذا المرفق الحيوي. وكذلك كشف الاختلاسات في وزارة الاقتصاد، التي أوصلت إلى توقيف الوزير أمين سلام وشقيقه بواسطة القضاء. قد لا يكون تحرّك البستاني منفرداً كافيًا لتغيير واقع راسخ من الإهمال السياسي والقضائي كلياً، لكنّه يفتح نافذة جديدة للضوء ويحض نظرائه في الندوة البرلمانية على التعاون معه للكشف اليوم عن واحد من أكثر الملفات التباسًا خلال الأزمة المالية: ملف "الدعم"، الذي كلّف مصرف لبنان نحو 11 مليار دولار، وشكّل مصدرًا ضخمًا للهدر والتهريب، لا يزال حتى اليوم من دون مساءلة، رغم كل ما كُتب وقيل عنه. بحسب معلومات خاصة بـ "نداء الوطن" فإنّ حاكم مصرف لبنان السابق وسيم منصوري قد سبق وأرسل في حينه كل ملفات الدعم إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء في حكومة نجيب ميقاتي على USB. هذه الملفات تتضمّن معلومات كاملة عن الشركات والأفراد الذين حصلوا على الدعم، وتصل إلى أكثر من 10500 ملف تعود لشركات عاملة في السوق اللبنانية. ومع ذلك، تؤكّد المعلومات أنّ وزيري المال والعدل، يوسف خليل وهنري خوري، لم يُقدما على أي إجراء بعد تسلّم الملفات. لم يُفتح تحقيق، ولم تُحال الملفات إلى الجهات القضائية، إلى أن انقضت المهل القانونية وسقطت بفعل مرور الزمن بعد الشهرين، لينتهي بذلك مفعول القانون رقم 240 كأداة محتملة للمحاسبة. المفارقة أنّ النظام السياسي نفسه، الذي وضع القانون شكليًا في 2021 لاحتواء النقمة الشعبية آنذاك، هو نفسه الذي تجنّب تنفيذه لاحقًا، ربما لأنّ نتائجه كانت ستكشف شبكات واسعة من المصالح المرتبطة بالسلطة والنفوذ والمال. فدعم السلع الذي بدأ كشعار لـ"حماية الناس"، تحوّل إلى مصدر فاضح للربح والتهريب، سواء عبر الحدود أو عبر الفوارق في سعر الصرف. أحد المصرفيين المقرّبين من هذا الملف صرّح صراحةً: "نحن مجرمون. كنا نبيع بالدولار على سعر 3000 و5000 ليرة، بينما كان سعر السوق قد تجاوز 100 ألف". من المستفيد؟ من الفاعل؟ من المتستّر؟ من عرقل القانون؟ كل هذه الأسئلة لا تزال بلا أجوبة. وقد يكون تحرّك البستاني مجرّد محاولة أخيرة لتسجيل موقف رقابي، أو لفتح نقاش نيابي حول الملف، لكنّه في كل الأحوال يعيد طرح السؤال الأساسي: هل هناك إرادة سياسية فعلية لمساءلة من استفاد من مليارات الدولارات المدعومة من أموال المودعين؟ لا يبدو ذلك حتى الآن. فالمؤشرات السياسية والقضائية لا توحي بوجود أي نيّة جدّية لاستعادة الأموال أو نشر أسماء المستفيدين أو حتى إصدار تقرير رسمي يشرح للرأي العام كيف صُرفت المليارات ومن هم أصحابها. بل إن التعامل مع الملف لا يزال يجري بمنطق الإنكار، كأنّ الدعم كان ضرورة وطنية انتهت، لا فضيحة مكتملة العناصر بحاجة إلى محاكمة. التحرّك النيابي الأخير، رغم تأخّره، يسلّط الضوء مجددًا على هذا الفراغ في المساءلة. والأهم من تحرّك نائب أو لجنة، هو ما إذا كان هذا التحرك سيفتح بابًا لمساءلة حكومية علنية، أم أنّه سيلقى المصير نفسه الذي لاقاه القانون: التجاهل، فالتأجيل، فالسقوط بفعل الزمن. الملف لم يُغلق أخلاقيًا، حتى لو أُغلق قانونيًا. وهناك أكثر من 11 مليار سبب يدعو اللبنانيين إلى عدم نسيانه... خوصاً أن تلك المليارات هي من أموال المودعين.


سيدر نيوز
منذ ساعة واحدة
- سيدر نيوز
جدل في نقابة المحامين ببيروت إثر طرح مشروع يفرض رسمًا إضافيًا على محامي المصارف
فوجئ عدد من أعضاء مجلس نقابة المحامين في بيروت بعرض النقيب مشروع تعديل على قانون تنظيم المهنة عبر تعديل للنظام الداخلي، يقضي بفرض رسم إضافي على المحامين العاملين لدى المصارف بقيمة تصل إلى 1500 دولار سنويًا مع ما يرافقه من قيود كحرمانهم من قبول الدعاوى والاستفادة من صندوق التقاعد، ما أثار جدلًا واسعًا.