
أصداء قمة الصين وآسيا الوسطى
عُقدت هذا الشهر القمة الثانية بين الصين وآسيا الوسطى في أستانا، عاصمة كازخستان، بمشاركة الرئيس الصيني «شي جين بينج» ورؤساء الدول الخمس في آسيا الوسطى: كازاخستان، قيرغيزستان، تركمانستان، طاجيكستان وأوزبكستان.
وخلال ترحيبه بالرئيس «شي»، أكد الرئيس الكازاخي «قاسم توكاييف» أهمية العلاقات مع الصين، مشدداً على أن العلاقات بين البلدين ممتازة، وأن الصين لم تفرض أبداً أي شروط سياسية في تعاونها مع كازاخستان. أبرزت القمة تنامي الروابط الصينية مع دول المنطقة في مجالات تمتد من الأمن إلى الثقافة.تمثل آسيا الوسطى أهمية كبيرة للصين لعدة أسباب.
أولاً، تشترك الصين بحدود برية مع ثلاث دول في المنطقة: كازاخستان، قيرغيزستان وطاجيكستان. كما أن آسياً الوسطى غنية بالنفط والغاز واليورانيوم والمعادن النادرة، التي تحتاجها الصين لدعم اقتصادها. في المقابل، توفر الصين لدول المنطقة استثمارات وتكنولوجيا وخبرة واسعة في تطوير البنية التحتية الحديثة. كل هذا يجعل تعميق الروابط بين الجانبين وضعا مُربحا للجانبين يصب في مصلحة تعميق التعاون. وخلال القمة، وقّعت الصين مع الدول الخمس معاهدة «الجوار الأبدي، والصداقة، والتعاون»، التي أكدت على مبادئ المساواة السيادية وعدم انتهاك الحدود. كما عبّرت الدول عن التزامها المشترك بمواجهة تهديدات مثل الإرهاب العابر للحدود، وتهريب المخدرات، والجريمة المنظمة العابرة للحدود، والجرائم الإلكترونية.
وفي اجتماعاته الثنائية مع قادة دول المنطقة، دعا الرئيس «شي» إلى توسيع التعاون في مجالات الغاز الطبيعي والمعادن والسكك الحديدية الدولية وتطبيق القانون. كما تعهد بتقديم 208.86 مليون دولار كمساعدات مالية لدول آسيا الوسطى لدعم سبل العيش والمشاريع التنموية. ودعا إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة، والتعدين، والزراعة، وناقش مع رئيسي أوزبكستان وقيرغيزستان التقدم في مشروع سكة الحديد بين الصين وقيرغيزستان وأوزبكستان. وأسفرت القمة عن إطلاق ثلاث مراكز تعاون جديدة تركز على الحد من الفقر، وتبادل التعليم، ومكافحة التصحر ويؤكد هذا التعاون أيضا على رؤية الصين لما تريده الدول منها.
وفي كلمته أمام القمة، أعلن الرئيس «شي» استعداد بلاده لمشاركة خبراتها التنموية، خاصة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، وربط البنى التحتية الرقمية، والذكاء الاصطناعي، وتعزيز القوى الإنتاجية الجديدة عالية الجودة مع دول آسيا الوسطى. كما أعربت الصين عن رغبتها في تحسين ربط الطرق والسكك الحديدية، علاوة على تعزيز الرحلات الجوية المباشرة. كما عُقدت محادثات ثنائية حول التنمية عالية الجودة لمبادرة «الحزام والطريق» بين الدول خلال القمة. وأعلن وزير الخارجية الصيني «وانج يي» أن الدول الست اتفقت على وصف عامي 2025 و2026 بـ«سنوات التنمية عالية الجودة للتعاون بين الصين وآسيا الوسطى».
ومن المقرر أن تستضيف الصين القمة الثالثة في عام 2027، بعد أن كانت قد استضافت القمة الأولى في مقاطعة شنشي في مايو 2023، حيث طرح الرئيس «شي» للمرة الأولى أهمية أربع مبادئ: المساعدة المتبادلة، والتنمية المشتركة، والأمن الشامل، والصداقة الدائمة.
وتشكل آسيا الوسطى المحور البري الأساسي في مبادرة الحزام والطريق الصينية. والجدير بالذكر أن الرئيس «شي» أعلن عن «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير» لأول مرة من العاصمة الكازاخية أستانا في عام 2013، وهو ما يُشكّل مع «طريق الحرير البحري للقرن 21» المبادرة الشاملة للحزام والطريق. وتشمل الاستثمارات الكبرى في إطار هذه المبادرة خطوط الشحن من الصين إلى أوروبا عبر كازاخستان، والطرق السريعة، وخطوط الأنابيب، والموانئ، ومشاريع الطاقة. ومن المشاريع البارزة مشروع سكة الحديد بين الصين وأوزبكستان وقيرغيزستان، الذي تبلغ قيمته 8 مليارات دولار، والذي من المتوقع أن يعزز وصول الصين إلى منطقة آسيا الوسطى. ووفقا لهيئة الجمارك العامة في الصين، بلغ حجم التجارة بين الصين ودول آسيا الوسطى 94.8 مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 5.4 مليارات دولار عن العام السابق. وتزود دول آسيا الوسطى الصين بالطاقة والمعادن والمنتجات الزراعية، بينما تصدر الصين إليها الآلات، والإلكترونيات، والمركبات، والسلع الاستهلاكية.
· استوردت كازاخستان بضائع من الصين بقيمة 15 مليار دولار، بينما بلغت صادراتها إلى الصين 18 مليار دولار.
· أما طاجيكستان فاستوردت بما قيمته 510 ملايين دولار، وصدّرت بما يعادل 1.3 مليار دولار. · استوردت قيرغيزستان 5.4 مليار دولار، بينما لم تتجاوز صادراتها 123.6 مليون دولار.
· وبلغت واردات أوزبكستان من الصين 4.9 مليار دولار، مقابل صادرات بقيمة مليار دولار. · بينما سجّلت تركمانستان أعلى فائض تجاري مع الصين، إذ استوردت مليار دولار، وصدّرت بضائع بقيمة 9.6 مليار دولار.
تشترك الصين مع آسيا الوسطى بحدود تتجاوز 7000 كيلومتر، ما يجعل استقرار المنطقة أمرا حيوياً لأمن الحدود الصينية. كما أن المنطقة تمثل منفذا استراتيجيا للصين للحصول على الطاقة والمعادن ومسارات التجارة.
وتمتلك آسيا الوسطى احتياطات من اليورانيوم، والوقود الهيدروكربوني، والنفط، وهي موارد تلبي الطلب الصيني المتزايد على الطاقة.ويساهم هذا المنتدى في تعزيز النفوذ الإقليمي والقدرة الناعمة للصين.
أما بالنسبة لدول آسيا الوسطى، فتمثل القمة فرصة لتعزيز البنية التحتية، والتمويل، والتكنولوجيا، والتدريب بدعم صيني. كما توفّر منتديات كهذه منصة للدبلوماسية الموحدة في المنطقة.
ولا شك أن التعاون القائم يعكس تصاعد نفوذ الصين في آسيا الوسطى، وهي منطقة كانت تُعتبر تقليدياً مجالاً للنفوذ الروسي.
*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 18 دقائق
- البيان
ارتفاع الدولار أمام اليوان الصيني
ارتفع الدولار أمام اليوان الصيني خلال تعاملات اليوم الأربعاء بعد تراجعه بشدة أمس في السوق الصينية. وبلغ السعر الاسترشادي لبنك الشعب الصيني (البنك المركزي) اليوم 1546ر7 يوان لكل دولار بارتفاع قدره 12 بيب، عن مستواه أمس وكان 1534ر7 يوان لكل دولار بعد انخفاضه أمس 52 بيب. وتسمح القواعد الصينية لليوان بالارتفاع أو الانخفاض بنسبة 2% عن السعر الاسترشادي للبنك المركزي في كل يوم تداول بسوق الصرف الأجنبي الفورية، بحسب ما ذكرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا). يذكر أن السعر الاسترشادي لليوان أمام الدولار يتحدد على أساس أسعار الشراء التي تقدمها المؤسسات المالية الكبرى قبل بدء تعاملات سوق الإنتربنك يوميا.


الاتحاد
منذ 39 دقائق
- الاتحاد
الذهب يتراجع وسط ترقب بيانات أميركية
هبطت أسعار الذهب اليوم الأربعاء في ظل ترقب المستثمرين لبيانات الرواتب الأميركية وموقف جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة، في حين ساهم ضعف الدولار في الحد من الخسائر. ونزل الذهب في المعاملات الفورية 0.2 بالمئة مسجلا 3330.68 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 0217 بتوقيت جرينتش، وهبطت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.3 بالمئة إلى 3340.60 دولار. وتراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له في أكثر من ثلاث سنوات، مما يجعل المعدن الأصفر أكثر جاذبية لحائزي العملات الأخرى. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، نزلت الفضة في المعاملات الفورية 0.1 بالمئة إلى عند 36.01 دولار للأوقية، وهبط البلاتين 0.4 بالمئة إلى 1344.91 دولار، وارتفع البلاديوم 0.4 بالمئة إلى 1104.92دولار.

الشارقة 24
منذ 2 ساعات
- الشارقة 24
الذهب يتراجع وسط ترقب بيانات أميركية وموقف مجلس الاحتياطي
الشارقة 24 – رويترز: شهدت أسعار الذهب هبوطاً، الأربعاء، في ظل ترقب المستثمرين لبيانات الرواتب الأميركية وموقف جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي) الحذر بشأن خفض أسعار الفائدة، في حين ساهم ضعف الدولار في الحد من الخسائر. ونزل الذهب في المعاملات الفورية 0.2 % مسجلاً 3330.68 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 02:17 بتوقيت غرينتش، وهبطت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.3 % إلى 3340.60 دولار. وتراجع مؤشر الدولار إلى أدنى مستوى له في أكثر من 3 سنوات، مما يجعل المعدن الأصفر أكثر جاذبية لحائزي العملات الأخرى. وقال إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في تاست لايف "تشهد أسعار الذهب استقراراً بعد تسجيل أقوى مكاسب لها في أسبوعين. ويواصل الاتجاه العام دعم الاتجاه الصعودي في الوقت الحالي"، مضيفاً أن توقعات سياسة مجلس الاحتياطي الاتحادي تتصدر المشهد حالياً.