logo
تقرير: تعاون استخباراتي غربي مكّن إسرائيل من اغتيال المشتبه بتنفيذهم «عملية ميونيخ»

تقرير: تعاون استخباراتي غربي مكّن إسرائيل من اغتيال المشتبه بتنفيذهم «عملية ميونيخ»

الشرق الأوسط١٤-٠٥-٢٠٢٥

كشفت وثائق، رُفعت عنها السرية حديثاً، أن تحالفاً سرياً من وكالات الاستخبارات الغربية زوَّد إسرائيل بمعلومات بالغة الأهمية سمحت لـ«الموساد» بتعقُّب وقتل فلسطينيين يُشتبه بتورطهم في تنفيذ هجمات بأوروبا الغربية، في أوائل سبعينات القرن الماضي. وقُدّم هذا الدعم دون أي رقابة من البرلمانات أو السياسيين المنتخَبين، ولو لم يكن غير قانوني في الواقع، لَتسبَّب في فضيحة عامة، وفق ما أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية.
وجاءت حملة الاغتيالات الإسرائيلية، التي نفذها «الموساد»؛ جهاز الاستخبارات الخارجية الرئيسي في إسرائيل، في أعقاب الهجوم الذي شنّه مسلَّحون فلسطينيون خلال دورة الألعاب الأولمبية بميونيخ في سبتمبر (أيلول) عام 1972، والذي أدى إلى مقتل 11 رياضياً إسرائيلياً. وقُتل ما لا يقل عن أربعة فلسطينيين تربطهم إسرائيل بالهجوم في باريس وروما وأثينا ونيقوسيا، وستة آخرون في أماكن أخرى خلال بقية العقد.
وأفادت الصحيفة البريطانية بأنه جرى اكتشاف أدلة على دعم أجهزة الاستخبارات الغربية للمهمة الإسرائيلية في ملفات مشفرة عُثر عليها في الأرشيف السويسري من قِبل الدكتورة أفيفا غوتمان، مؤرخة الاستراتيجية والاستخبارات بجامعة أبيريستويث.
وأفاد التقرير بأنه جرى تداول آلاف من هذه البرقيات عبر نظام سري غير معروف حتى الآن يُسمى «كيلوواط»، والذي أُنشئ عام 1971 للسماح لـ18 جهاز استخبارات غربياً، بما في ذلك إسرائيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا وإيطاليا وألمانيا الغربية، بتبادل المعلومات.
وتداولت البرقيات معلومات استخباراتية تتضمن تفاصيل عن المخابئ والمركبات، وتحركات أفراد رئيسيين يُعدّون خطِرين، وأخباراً عن التكتيكات التي تستخدمها الجماعات الفلسطينية المسلَّحة، وتحليلات.
وقالت غوتمان، أول باحثة اطلعت على مواد «كيلوواط»: «كان كثير من المعلومات دقيقة جداً، تربط أفراداً بهجمات محددة وتُقدم تفاصيل من شأنها أن تكون ذات فائدة كبيرة. ربما في البداية، لم يكن [المسؤولون الغربيون] على علم [بعمليات القتل]، لكن بعد ذلك، كان هناك كثير من التقارير الصحافية وأدلة أخرى تشير بقوة إلى ما كان يفعله الإسرائيليون، حتى إنهم كانوا يشاركون نتائج تحقيقاتهم الخاصة في الاغتيالات مع الجهاز - الموساد - الذي يُرجَّح أنه هو مَن قام بها».
ووفقاً للتقرير، فقد طالبت جولدا مائير، رئيسة وزراء إسرائيل، جهاز الموساد بتقديم أدلة موثوق بها تُثبت أن الأهداف المستهدفة لها صلة بعملية ميونيخ، أو كان لها دور في موجة الهجمات الأوسع التي نفّذتها مجموعات فلسطينية مسلّحة ضد طائرات وسفارات ومكاتب خطوط الطيران الإسرائيلية في غرب أوروبا ومنطقة البحر المتوسط، في ذلك الوقت. وجاءت معظم تلك الأدلة من أجهزة استخبارات غربية، ووصلت إلى إسرائيل عبر شبكة «كيلوواط».
وأفادت الوثائق بأن أول عملية اغتيال نفّذها «الموساد» بحق مفكر فلسطيني كان يعمل في السفارة الليبية بروما، إذ قُتل وائل زعيتر رمياً بالرصاص في ردهة شقته بالعاصمة الإيطالية، بعد أسابيع قليلة من هجوم ميونيخ. ولطالما ادّعى المدافعون عن زعيتر أنه حُدد خطأً على أنه مسلَّح، وأنه لا صلة له بالإرهاب. وتُظهر برقيات «كيلوواط» أن إسرائيل أُبلغت، عدة مرات، من قِبل أجهزة الأمن الغربية بأن المترجم، البالغ من العمر 38 عاماً، كان يُقدم أسلحة ودعماً لوجستياً لمنظمة «أيلول الأسود»، التي كانت وراء هجوم ميونيخ وغيره.
وقُتل ضحيةٌ آخر هو محمود الهمشري، الممثل الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية بفرنسا، في باريس، في ديسمبر (كانون الأول) 1972. كما ورد اسم الهمشري في برقيات «كيلوواط»، التي وصفت أنشطته الدبلوماسية وجمع التبرعات، وزعمت أيضاً أنه جنّد خلايا إرهابية.
وكشفت البرقيات أن اغتيال مسؤول لوجستي رئيسي في مؤامرات إرهابية نفّذتها منظمة «أيلول الأسود» والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي فصيل مسلَّح متمركز آنذاك في لبنان، في باريس، في يونيو (حزيران) 1973، حظي بدعم كبير من السلطات السويسرية. كان محمد بودية، وهو من قدامى المحاربين في حرب الاستقلال الجزائرية ضد فرنسا، والذي وضع خبرته في العمليات السرية تحت تصرف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومنظمة «أيلول الأسود»، على رأس قائمة أهداف «الموساد». ونظّم بودية سلسلة من الهجمات، بما في ذلك محاولة فاشلة لتفجير فنادق في إسرائيل، وتدمير جزء من محطة نفط إيطالية.
وأفادت الوثائق بأن «الموساد» تعقّب بودية، وهو أيضاً كاتب ومُخرج مسرحي، بعد أن نقل مسؤولو المخابرات السويسرية تفاصيل سيارته التي عُثر عليها أثناء مداهمة منزل آمن في جنيف. وتعقبت فرقة اغتيال إسرائيلية السيارة، وقتلت بودية بلغم أرضي في أحد شوارع باريس. وقالت غوتمان، التي ستنشر بحثها في كتاب، في وقت لاحق من هذا العام: «لستُ متأكدة من أن حملة الاغتيال الإسرائيلية كانت لتنجح لولا المعلومات التكتيكية من أجهزة المخابرات الأوروبية. لا شك أنها كانت ذات فائدة كبيرة، لكن كان من المهم جداً أيضاً أن يعلم (الموساد) أنهم حصلوا على هذا الدعم».
وفي مثال آخر كشفته البرقيات، زوّد جهاز المخابرات الداخلية البريطاني «إم أي 5»، «الموساد» بالصورة الوحيدة التي بحوزته لعلي حسن سلامة، أحد القادة الرئيسيين في منظمة «أيلول الأسود»، والذي اتُّهم بتدبير هجوم ميونيخ.
وفي يوليو (تموز) 1973، اعتقد «الموساد» أنه تعقّب سلامة إلى ليلهامر، وهو منتجع تزلج نرويجي صغير، واستخدم الصورة التي زوّده بها «إم أي 5» لتحديد هوية هدفه. وتبيّن أن الرجل، الذي قُتل بالرصاص، لم يكن قائد منظمة «أيلول الأسود»، بل نادل مغربي. واعتقلت السلطات النرويجية عدداً من عملاء «الموساد». وحتى بعد ذلك، استمرت أجهزة الاستخبارات الأوروبية الغربية في تزويد إسرائيل بمعلومات استخباراتية مفصلة عن الأهداف المحتملة، وفقاً لغوتمان.
وصرّح عضو سابق في فِرق الاغتيال الإسرائيلية، لصحيفة الغارديان، الشهر الماضي، بأنه وأعضاء آخرين لم يكونوا على علم آنذاك بمصدر المعلومات التي حددت أهدافهم، لكنه أصر على ثقته المطلقة بموثوقيتها. كما صرح مسلّحون فلسطينيون سابقون، لصحيفة الغارديان، العام الماضي، بأنهم «قدّموا كل ما في وسعهم» فيما عُرف بـ«حرب الجواسيس» بين «الموساد» والشبكات السرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و«منظمة الجهاد الإسلامي»، والتي شُنت عبر البحر الأبيض المتوسط ​​وغرب أوروبا، في أوائل سبعينات القرن الماضي. وقُتل عميل إسرائيلي في مدريد، وأُصيب آخر بجروح بالغة في بروكسل على يد فصائل فلسطينية مسلَّحة.
وقالت غوتمان إن ما كُشف عنه في برقيات «كيلوواط» أثار تساؤلات مهمة حول حرب غزة الحالية، التي بدأت بعد هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز 251 رهينة. وقُتل أكثر من 50 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، في الحرب الإسرائيلية بعدها. وقالت غوتمان: «عندما يتعلق الأمر بتبادل المعلومات الاستخباراتية بين أجهزة الاستخبارات في مختلف الدول، فإن الرقابة صعبة للغاية. العلاقات الدولية للدولة السرية بعيدة كل البعد عن أعين السياسيين والبرلمانات والرأي العام. حتى اليوم، يُتبادل كثير من المعلومات التي لا نعرف عنها شيئاً على الإطلاق».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نتنياهو يعلن اختيار جنرال في الجيش لمنصب رئيس جهاز «الشاباك»
نتنياهو يعلن اختيار جنرال في الجيش لمنصب رئيس جهاز «الشاباك»

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

نتنياهو يعلن اختيار جنرال في الجيش لمنصب رئيس جهاز «الشاباك»

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء الخميس، اختياره الجنرال ديفيد زيني رئيساً جديداً لجهاز الأمن الداخلي (الشين بيت)، متحدياً قرار المدعية العامة للدولة، الأربعاء، بمنعه من ذلك. وجاء في بيان صادر عن مكتب نتنياهو: «أعلن رئيس الوزراء نتنياهو هذا المساء قراره تعيين اللواء ديفيد زيني رئيساً جديداً للشين بيت»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». عدّت المحكمة العليا في إسرائيل، الأربعاء، إقالة حكومة بنيامين نتنياهو لرئيس جهاز الأمن الداخلي رونين بار قراراً «مخالفاً للقانون»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وأوردت المحكمة في قرارها بشأن طعون قُدمت إليها في هذه القضية، أن «قرار الحكومة وضع حد لولاية رئيس الشين بيت (المعروف أيضاً بالشاباك) اتخذ بناء على إجراء غير ملائم ومخالف للقانون».

ترمب ونتنياهو يناقشان اتفاقاً محتملاً مع إيران
ترمب ونتنياهو يناقشان اتفاقاً محتملاً مع إيران

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

ترمب ونتنياهو يناقشان اتفاقاً محتملاً مع إيران

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث تناقشا حول الاتفاق المحتمل مع إيران، والوضع في غزة، إضافة إلى تقديم التعازي في مقتل اثنين من الموظفين في السفارة الإسرائيلية أمام المتحف اليهودي في العاصمة واشنطن، مساء الأربعاء. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن ترمب أوضح في اتصال، اليوم (الخميس)، أنه يريد التوصل إلى اتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي. وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي إن ترمب «وافق على ضرورة ضمان عدم حصول إيران على أسلحة نووية». وأوضحت ليفيت أن ترمب أشار إلى أن الأمور تمضي في المسار الصحيح، فيما يتعلق بالمحادثات مع إيران، حيث تجري الجولة الخامسة من المحادثات بين الجانبين الأميركي والإيراني في العاصمة الإيطالية روما، الجمعة، بواسطة سلطنة عمان. وأعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي، أمس، أن الجولة الخامسة من المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة بشأن برنامج طهران النووي ستُعقد في روما، الجمعة. ترمب برفقة نتنياهو في البيت الأبيض خلال أبريل الماضي (رويترز) وذكر تقرير لشبكة «سي إن إن»، الثلاثاء، نقلاً عن مسؤولين أميركيين لم تُسمّهم، أن إسرائيل تستعد لاستهداف مواقع نووية إيرانية، رغم استمرار المحادثات الدبلوماسية. وفي أعقاب هذا التقرير حذّرت إيران من أنها ستحمّل الولايات المتحدة مسؤولية أي هجوم إسرائيلي على منشآتها النووية. وعبّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم (الخميس)، عن قلقه إزاء تقارير تفيد بأن إسرائيل تخطط لشنّ هجوم على منشآت نووية إيرانية، مطالباً مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية بإدانة تلك التقارير فوراً، وبشكل حازم. وقد تعهد الرئيس ترمب مراراً بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، وشدّد على ضرورة التوصل إلى اتفاق أقوى من الاتفاق الذي تم التوصل إليه في عهد أوباما عام 2015، الذي انسحب منه ترمب عام 2018 خلال ولايته الأولى. وألمح ترمب خلال زيارته الخليجية أنه يعتقد أن إيران قد قبلت بشروط رئيسية، وأن نهجه الدبلوماسي سيمنع الصراع العسكري، ويغادر الوفد الأميركي، الذي يضم ستيف ويتكوف المبعوث الرئاسي المقرب من الرئيس ترمب، ومسؤول السياسات في وزارة الخارجية مايكل أنطون، الذي يتولى الجوانب الفنية. ويواجه الجانبان معضلة التوصل إلى اتفاق حول تخصيب اليورانيوم الذي أصبح نقطة خلاف رئيسية. فبينما سمح اتفاق عام 2015 بالتخصيب منخفض المستوى للاستخدام المدني حتي درجة نقاء 3.67 في المائة، والحفاظ على مخزون يورانيوم يبلغ 300 كيلوغرام، تُخصّب إيران اليورانيوم الآن إلى 60 في المائة، ولكنه لا يزال أقل من نسبة 90 في المائة اللازمة لصنع الأسلحة. وقدّر آخر تقرير صادر عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن برنامج إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنحو 830 كيلوغراماً. وتقدر وكالات الاستخبارات الأميركية أن إيران لم تبدأ بعد برنامجاً للأسلحة النووية، لكنها «قامت بأنشطة تُمكّنها من إنتاج سلاح نووي، إذا اختارت ذلك». وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو متحدثاً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ اليوم (أ.ب) وقد صرّح ويتكوف، نهاية الأسبوع الماضي، أن الإدارة الأميركية تريد وقفاً كاملاً لتخصيب اليورانيوم، فيما أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في شهادته أمام الكونغرس الثلاثاء، تمسك إدارة ترمب بمطلبها وقف إيران تخصيب اليورانيوم تماماً. وقال روبيو: «لا يمكن لإيران امتلاك القدرة على التخصيب، لأن ذلك يجعلها في نهاية المطاف قوة نووية على عتبة النجاح». وعندما سأل أحد المشرعين روبيو، أشار إلى أن الولايات المتحدة ستبقي على العقوبات المفروضة على تطوير إيران للصواريخ الباليستية، وهو موضوع لم يتطرق إليه صراحةً اتفاق عام 2015. وقال روبيو: «هناك عقوبات تتعلق بالإرهاب، وعقوبات تتعلق ببرنامج الصواريخ الباليستية، هذه العقوبات، إذا لم تكن جزءاً من الاتفاق، فستبقى سارية». وقال روبيو، الذي كان يتحدث قبل ساعات من صدور تقرير شبكة «سي إن إن» حول استعداد إيران لضرب المواقع النووية الإسرائيلية، إنه «ليس سرّاً أن إسرائيل تدرس الخيارات العسكرية».

سجال إسرائيلي - أوروبي من بوابة هجوم واشنطن
سجال إسرائيلي - أوروبي من بوابة هجوم واشنطن

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

سجال إسرائيلي - أوروبي من بوابة هجوم واشنطن

جدّد الهجوم الذي أسفر عن مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، مساء الأربعاء، السجال الأوروبي - الإسرائيلي، الذي تصاعد بقوة خلال اليومين الماضيين، بعد انتقادات ومراجعات حادّة من عواصم أوروبية لاستمرار الحرب التي يشنّها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على غزة. وبينما حمّل وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، قادة أوروبيين جانباً من المسؤولية، وقال إنهم حرّضوا ضدّ تل أبيب، رفضت الخارجية الفرنسية التصريحات الإسرائيلية، وقالت إن تلك التهم «غير مبررة» ومشينة. وأطلق أميركي يُدعى إلياس رودريغيز، ويبلغ من العمر 31 عاماً، النار على موظفيَّ السفارة؛ يارون ليشينسكي، وخطيبته سارة ميلغريم، بالقرب من فعالية بالمتحف اليهودي في واشنطن العاصمة. خلال القبض على إلياس رودريغيز المشتبه به في إطلاق النار على موظفين بالسفارة الإسرائيلية في واشنطن (متداولة) وتوالت الإدانات الدولية والأوروبية للحادث، وتطابقت التعليقات الغربية بشأنه، من جهة اعتباره «معاداة للسامية». أمّا وزير الخارجية، جدعون ساعر، فقد حمَّل قادة أوروبيين جانباً من المسؤولية. وكانت عواصم أوروبية قد أظهرت، قبل أيام، حراكاً مناوئاً لتصعيد نتنياهو حربه ضد غزة. وأعلن الاتحاد الأوروبي أن اتفاقية شراكته مع إسرائيل ستخضع للمراجعة، في ظل الوضع «الكارثي» في قطاع غزة، كما قرّرت بريطانيا وقف مفاوضات للتجارة الحرة مع الجانب الإسرائيلي. ويوم الأربعاء، أطلق جنود إسرائيليون الرصاص على دبلوماسيين أوروبيين وعرب، في مدينة جنين بالضفة الغربية، ما أثار عاصفة تنديد، ومطالبات بالتحقيق، وقرّرت عواصم أوروبية استدعاء السفراء الإسرائيليين لديها للاحتجاج. لكن وزير خارجية إسرائيل سعى، بعد ساعات من الهجوم على موظفي سفارته في واشنطن، للربط بين المسارين، وقال في مؤتمر صحافي، بالقدس، يوم الخميس: «هناك صلة مباشرة بين التحريض المعادي للسامية والمعادي لإسرائيل، وبين هذه الجريمة (مقتل الموظفين)». واستطرد: «هذا التحريض يمارسه أيضاً قادة ومسؤولون من كثير من الدول والمنظمات الدولية، ولا سيما أوروبا»، دون أن يذكر أسماء دول أو منظمات بعينها. في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كريستوف ليموين، إن باريس ترفض التصريحات الإسرائيلية التي تتهم بعض المسؤولين الأوروبيين بالتحريض على معاداة السامية. وذكر أن تلك التصريحات «غير مبررة» ومشينة. وأضاف في مؤتمر صحافي: «فرنسا ندّدت، وتندد بجميع الأعمال المعادية للسامية، وستواصل فعل ذلك دون لبس». وقالت شرطة واشنطن إنه أميركي، يُدعى إلياس رودريغيز، ويبلغ من العمر 31 عاماً، وليست له «أي سوابق معروفة تجعله محل مراقبة من قبل أجهزة إنفاذ القانون». ولم يدخر المسؤولون الإسرائيليون وسعاً في إبراز الواقعة، والتنديد بكل من يقف وراء تنظيمات مثل «حماس». أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الحادثة، متعهداً بـ«محاربة معاداة السامية والتحريض ضد إسرائيل دون هوادة»، ومؤكداً أنه سيتم تعزيز الأمن في السفارات الإسرائيلية حول العالم. كما أدان الرئيس إسحاق هرتسوغ الهجوم، وقال في بيان: «هذا عمل دنيء ينم عن كراهية ومعاداة للسامية... الإرهاب والكراهية لن يكسرانا». وتحدث أيضاً وزير الأمن القومي اليميني المتشدد، إيتمار بن غفير، عن الهجوم، معبّراً عن تعاطفه مع أسرتي الموظفَين. ووجد بن غفير الفرصة سانحة للهجوم على منتقدي إسرائيل في الداخل، فقال: «للأسف، تستمد معاداة السامية في أنحاء العالم قوتها من السياسيين البغيضين في إسرائيل، الذين يتهمون جنود جيش الدفاع الإسرائيلي بقتل الأطفال كهواية. دماء القتلى تلطخ أيديهم». وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتشدد إيتمار بن غفير (رويترز) وكان يشير بوضوح إلى يائير غولان، السياسي اليساري والنائب السابق لقائد الجيش، الذي أثار موجة غضب في إسرائيل عندما قال يوم الاثنين: «إسرائيل في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة بين الأمم... إذا لم تعد إلى التصرف كدولة عاقلة». وأضاف غولان، في تصريحات لهيئة البثّ الإسرائيلية: «الدولة العاقلة لا تشنّ حرباً على المدنيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تهدف إلى تهجير السكان». وألقت أيضاً وزيرة المواصلات الإسرائيلية، ميري ريجيف، بقدر من المسؤولية عن هجوم واشنطن على تصريحات غولان التي أيّدها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت. ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عنها قولها: «هذا هو تأثير غولان وأولمرت... يرتبط تعريض حياتنا للخطر ارتباطاً مباشراً بالتصريحات الوهمية والكاذبة التي أطلقاها، هما وآخرون». ووصف داني دانون، مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة، إطلاق النار بأنه «عمل إرهابي معادٍ للسامية». وكتب على موقع «إكس»: «إيذاء الدبلوماسيين والجالية اليهودية يتجاوز الخط الأحمر. ونحن على ثقة بأن السلطات الأميركية ستتخذ إجراءات صارمة ضد المسؤولين عن هذا العمل الإجرامي». وتدفقت أيضاً أصوات الشجب الأميركية والأوروبية التي عدّت الحدث مدفوعاً «بمعاداة السامية». وكتب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، على منصة «تروث سوشيال»: «يجب أن تنتهي فوراً جرائم القتل المروعة في واشنطن، والمدفوعة بوضوح بمعاداة السامية». وأضاف: «لا مكان للكراهية والتطرف في الولايات المتحدة... تعازينا لأسرتي الضحيتين». الرئيس الأميركي دونالد ترمب (أ.ب) وكتب وزير خارجيته، ماركو روبيو، على منصة «إكس»: «كان هذا عملاً سافراً من العنف الجبان والمعادي للسامية». وفي أوروبا، استنكر وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الحادثة ووصفها بأنها «عمل شنيع ووحشي ومعادٍ للسامية»، مؤكداً أنه «لا شيء يبرر العنف». كما عبَّر وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، عن «الصدمة»، وقال إن هذا «عمل فظيع معادٍ للسامية». وعبّر كذلك وزير خارجية النرويج، إسبن بارث إيدي، عن «حزنه». أيضاً مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، عبَّرت عن «صدمتها»، وقالت: «لا ينبغي أن يكون هناك مكان للكراهية والتطرف ومعاداة السامية... في مجتمعاتنا». وندَّد وزير الخارجية الإيطالي، أنتونيو تاياني، «بمشاهد الرعب والعنف»، وكتب على منصة «إكس»: «معاداة السامية... ينبغي أن تتوقَّف. وينبغي ألا تعود فظائع الماضي»، مبدياً «تعاطفه» مع إسرائيل. وندّد المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، «بشدّة» بالواقعة. وجاء في منشور له على «إكس»: «أنا مصدوم بنبأ مقتل موظفَين في السفارة الإسرائيلية في واشنطن... إنه عمل معادٍ للسامية». ربما لعبت هوية القتيلين ونشاطهما دوراً - ولو يسيراً - في سيل الإدانات والشجب؛ فقد كانا يشاركان في نشاط كُرّس للبحث عن وسائل وأدوات يمكن أن تُحدث تغييراً في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والانعطاف به من المأساة إلى الأمل. وكان هناك تركيز في هذا النشاط على سبل مساندة المدنيين الفلسطينيين الذين يعانون الجوع والتشرد والدمار في قطاع غزة. وكان ليشينسكي يعمل في السفارة في وظيفة «مساعد في قسم الأبحاث»، وكانت خطيبته ميلغريم باحثة في قضايا السلام، وتعدّ في إسرائيل «ناشطة سلام». أما الأميركي مطلق النار عليهما، فهو أيضاً باحث، وينتمي إلى تنظيمات تناصر القضية الفلسطينية وتقيم مظاهرات سلمية احتجاجاً على سياسة الحكومة الإسرائيلية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store