logo
هل تنجح الحكومة السورية في طيّ صفحة المقاتلين الأجانب؟

هل تنجح الحكومة السورية في طيّ صفحة المقاتلين الأجانب؟

الجزيرةمنذ 7 ساعات

دمشق- تزامن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على سوريا ، مع كشف البيت الأبيض عن 5 شروط تشكل الأساس السياسي للمرحلة المقبلة في العلاقة مع دمشق، من بينها بند يُعد الأكثر تعقيدا وهو مغادرة جميع المقاتلين الأجانب الأراضي السورية.
ويأتي هذا المطلب في لحظة دقيقة من الانتقال السياسي في البلاد، حيث تواجه الإدارة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع تحديا حقيقيا في كيفية التعامل مع هذه المسألة بالنظر إلى الوجود الواسع لمقاتلين أجانب قاتلوا لسنوات إلى جانب فصائل معارضة، وعلى رأسها " هيئة تحرير الشام" سابقا.
وترتبط هذه القضية بحسابات تتجاوز البُعد الأمني، إذ يرى مراقبون أن إخراج هؤلاء المقاتلين لن يكون مسألة فنية فقط، بل يتطلب تفاهمات مع قوى كانت تمثل ثقلا عسكريا واجتماعيا في سنوات الحرب، حيث لعبت دورا محوريا في إسقاط نظام الأسد، وراكمت نفوذا ميدانيا وسياسيا لا يمكن تجاوزه.
توضيح رسمي
ويُطرح السؤال عما إذا كانت الحكومة الجديدة ستتمكن من إقناع هذه القوى أو الضغط عليها لإتمام الانسحاب دون الدخول في صدام جديد، بالتزامن مع أنباء متداولة عن بدء الحكومة حملة أمنية ضد المقاتلين الأجانب.
لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية السورية نور الدين البابا نفى وجود أي حملات أمنية تقوم بها الوزارة في سوريا، "لاستهداف جماعة من الناس لجنسيتهم أو مذهبهم أو عرقهم". وقال للجزيرة نت إنها -وعلى العكس تماما- تقوم بحماية الجميع دون تفريق، وتنظر إلى الأشخاص في البلاد من زاوية احترامهم للقانون أو مخالفته فقط.
وبشأن أي خطط حكومية قادمة بخصوص هذا الملف، أكد البابا أن الداخلية جهة تنفيذية أمنية تلتزم بالقرارات والمراسيم والتوجيهات من الجهة الأعلى منها وهي الرئاسة السورية حسب ما تقتضيه الأنظمة والقوانين، وعملها يقوم على حفظ أمن البلاد، وحماية السوريين من التهديدات الأمنية.
ووفق البابا، فإن المواقف السياسية للدولة تعبر عنها إما الرئاسة أو وزارة الخارجية، ولا دخل للداخلية بهذا الأمر.
يرى مراقبون أن المطالب الأميركية فيما يتعلق بملف المقاتلين الأجانب جرى تضخيمها، وأنه يمكن للحكومة السورية حسم المسألة دون أي صدامات عسكرية أو أيديولوجية مع أي فصيل.
في السياق، يعتبر الباحث في شؤون الجماعات المتطرفة حسام جزماتي أن الفهم السائد لمطلب واشنطن مبالغ فيه، موضحا أن الأمر لا يتعلق بطرد شامل أو ترحيل قسري، بل بوضع ضوابط واضحة لأدوارهم ضمن الدولة السورية القادمة.
وأكد جزماتي -في حديث للجزيرة نت- أن الشروط الغربية تركز على منع هؤلاء المقاتلين من تقلد مناصب قيادية في الجيش أو الأجهزة الأمنية أو الحكومة، بالإضافة إلى منع استخدام الأراضي السورية كنقطة انطلاق لأي عمليات عسكرية خارجية.
ويرى أن هذه السياسة تتيح مساحة للتفاهم والحلول الوسط، تجمع بين متطلبات المجتمع الدولي وتعقيدات الواقع الميداني، لكنها تفرض على الإدارة السورية الجديدة مسؤولية صارمة في مراقبة وضبط الوضع، لمنع أي خروج عن السيطرة قد يؤثر سلبا على جهود إعادة الانخراط الدولي.
وبحسب الباحث جزماتي، يمكن الاستفادة من تجارب مماثلة أقربها حالة البوسنة التي لم تتخل عن المتطوعين الإسلاميين الذين أسهموا في معركتها، لكنها أطّرت وجودهم بسياقات قانونية تضمن لهم الحماية، وتضمن للبلاد أن يقودها أبناؤها، وألا يتعرض سلمها الداخلي للتهديد، وألا تقع في إحراج خارجي بوصفها منصة محتملة للجهاديين.
ويذهب البعض إلى الاعتقاد بأن حضور المقاتلين الأجانب في سوريا تراجع إلى حدّ كبير، وانحصر ضمن مجموعات محلية لا تملك تأثيرا فعّالا، وأن كثيرا منهم جزء من النسيج الاجتماعي في مناطق إقامتهم، بعدما اندمجوا في الحياة اليومية من خلال العمل أو الروابط الأسرية.
وأكد الباحث السياسي عرابي عبد الحي عرابي تقلص عدد المقاتلين الأجانب في سوريا بشكل كبير، مشيرا إلى أن وجودهم اليوم بات محصورا ضمن تشكيلات محلية محدودة وغير فاعلة سياسيا أو عسكريا.
وقال عرابي -في حديث للجزيرة نت- إن معظم هؤلاء الأفراد اندمجوا اجتماعيا في المجتمعات السورية التي استقروا فيها منذ سنوات، سواء عبر الزواج أو العمل أو الانخراط في الحياة المدنية ضمن المناطق الخارجة عن النزاع.
ووفقا له، لا توجد مؤشرات على انتساب المقاتلين لتنظيم الدولة الإسلامية أو أي كيان مصنف إرهابيا من قبل الحكومة السورية أو المجتمع الدولي، كما أن تحركاتهم لا تتسم بالطابع العابر للحدود، بل تتماهى مع خصوصية البيئة المحلية التي يعيشون فيها.
ويعتقد الباحث عرابي أن هذا الملف لا يشكّل محور توتر داخلي أو تهديدا للأمن، بل تحوّل إلى قضية إنسانية وإدارية تتطلب معالجة هادئة تتجنب التصعيد، مع احترام الخصوصيات الثقافية والاعتبارات الاجتماعية للأهالي والمجتمعات المضيفة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما خطة إسرائيل لتوزيع المساعدات بغزة؟ ولماذا ترفضها الأمم المتحدة؟
ما خطة إسرائيل لتوزيع المساعدات بغزة؟ ولماذا ترفضها الأمم المتحدة؟

الجزيرة

timeمنذ 26 دقائق

  • الجزيرة

ما خطة إسرائيل لتوزيع المساعدات بغزة؟ ولماذا ترفضها الأمم المتحدة؟

تهدف "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة إلى بدء العمل في قطاع غزة بحلول نهاية مايو/أيار الجاري للإشراف على خطة إسرائيلية جديدة لتوزيع المساعدات الإنسانية في القطاع الفلسطيني، لكن الأمم المتحدة تقول إن الخطة تفتقر للنزاهة والحياد ولن تشارك فيها. ولا يُعرف الكثير عن "مؤسسة غزة الإنسانية" المسجل مقرها الرئيسي منذ فبراير/شباط في جنيف، لكن الولايات المتحدة أيدت الأسبوع الماضي هذه المؤسسة من دون أن تكشف عما إذا كانت تساهم فيها بشكل مباشر. أما المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة فهو جيك وود الذي عمل كقناص سابق في قوات المارينز وخدم في العراق وأفغانستان، وله عدة تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد فيها تعاطفه مع إسرائيل. وفي أوائل أبريل/نيسان، اقترحت إسرائيل "آلية منظمة للمراقبة ودخول المساعدات" إلى غزة. لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش سرعان ما رفضها وقال إنها تهدد "بمزيد من القيود على المساعدات والسيطرة على كل سعرة حرارية وحبة دقيق". ووفقا للخططة الإسرائيلية ستتولى الشركة الأميركية مسؤولية المساعدات الإنسانية في غزة، وإدارة ما أصبحت تُعرف بـ"الفقاعات الإنسانية" التي ستخصص لمن تبقى من الفلسطينيين في "أحياء محمية بأسوار ومحاطة بحواجز"، وتديرها فرق أمنية خاصة، ولن يسمح بدخولها إلا لمن يتخطى تحقق "الهوية البيومترية". أُنشئت "مؤسسة غزة الإنسانية" المدعومة من الولايات المتحدة في فبراير/شباط الماضي بسويسرا، بهدف العمل على توصيل المساعدات في غزة، وتعتزم العمل مع شركتين أميركيتين خاصتين للأمن واللوجستيات، وهما "يو جي سوليوشنز" و"سيف ريتش سوليوشنز". وقال مصدر أميركي مطلع على الخطة أن مؤسسة إغاثة غزة تلقت بالفعل تعهدات بأكثر من 100 مليون دولار. ولم يتضح بعد مصدر هذه الأموال. وقالت دوروثي شيا القائمة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن في وقت سابق هذا الشهر إن مسؤولين أميركيين كبارا يعملون مع إسرائيل لتمكين المؤسسة من بدء العمل، وحثت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة على التعاون. أظهرت وثيقة لمؤسسة إغاثة غزة تداولتها منظمات الإغاثة في وقت سابق هذا الشهر أن المؤسسة ستنفذ عملياتها في البداية من 4 "مواقع توزيع آمنة" جنوب قطاع غزة يمكن لكل منها تزويد 300 ألف شخص بالغذاء والماء وحقائب أدوات النظافة. وقال المصدر الأول إن الشركتين الأميركيتين الخاصتين ستدخلان المساعدات إلى غزة لنقلها إلى المواقع حيث ستتولى منظمات إغاثة بعد ذلك توزيعها، وليس الشركتين. وقال داني دانون سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة إن بعض جماعات الإغاثة وافقت على العمل مع مؤسسة إغاثة غزة. ولم تُعرف أسماء تلك الجماعات بعد. وقالت المؤسسة إن إسرائيل وافقت على زيادة عدد مواقع التوزيع وإيجاد سبل لتوصيل المساعدات إلى المدنيين غير القادرين على الوصول إلى مواقع التوزيع. وطلبت المؤسسة من الجيش الإسرائيلي تحديد "مواقع في شمال غزة قادرة على استضافة مواقع توزيع آمنة تديرها المؤسسة ويمكن تشغيلها في غضون 30 يوما"، وأضافت المؤسسة أنها لن تشارك أي معلومات شخصية عن متلقي المساعدات مع إسرائيل. تقول الأمم المتحدة إن خطة التوزيع المدعومة من الولايات المتحدة لا تفي بمبادئ المنظمة الراسخة المتمثلة في النزاهة والحياد والاستقلالية. وقال توم فليتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إنه لا ينبغي إضاعة الوقت على الاقتراح البديل. وفي إفادة قدمها فليتشر إلى مجلس الأمن ، أوضح أن المشكلات في الخطة التي طرحتها إسرائيل هي أنها "تفرض مزيدا من النزوح. وتعرض آلاف الأشخاص للأذى، وتقصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية، كما تجعل التجويع ورقة مساومة". منعت إسرائيل دخول جميع المساعدات إلى غزة منذ الثاني من مارس/آذار متهمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بسرقتها، وهو ما تنفيه الحركة، وطالبت بإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين المتبقين في القطاع. ومنذ ذلك الحين، تزايد الضغط على إسرائيل للسماح باستئناف دخول المساعدات. وحذر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع مدعوم من الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي من أن نصف مليون شخص يواجهون خطر المجاعة ، وهو ما يعادل ربع سكان القطاع. فيما أقر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن "الكثير من الناس يتضورون جوعا في غزة". ووسط جمود بشأن المقترح الإسرائيلي، دعمت واشنطن مؤسسة إغاثة غزة المنشأة حديثا للإشراف على توزيع المساعدات. وذكرت المؤسسة قبل أيام أنها تسعى إلى بدء العمل في غزة بحلول نهاية مايو/أيار. في غضون ذلك، سمحت إسرائيل باستئناف دخول مساعدات محدودة بموجب الآليات القائمة حاليا إذ دخلت خمس شاحنات إلى غزة أمس الاثنين، وهو ما وصفه فليتشر بأنه "قطرة في بحر". وقالت الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء إنها حصلت على موافقة إسرائيل على دخول حوالي 100 شاحنة مساعدات إضافية إلى القطاع. تقول الأمم المتحدة منذ اندلاع الصراع إن عمليتها الإنسانية في غزة تواجه مشاكل بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية والقيود التي تفرضها إسرائيل على الدخول إلى غزة والعمل في جميع أنحاء القطاع وعمليات نهب من قبل عصابات مسلحة. لكن الأمم المتحدة أكدت أن نظامها لتوزيع المساعدات فعال وأن الأمر ثَبُت بصورة خاصة خلال وقف إطلاق النار الذي استمر شهرين قبل أن تستأنف إسرائيل العملية العسكرية في منتصف مارس آذار. وكانت إسرائيل تفحص المساعدات وتوافق عليها أولا ثم تُنقل إلى داخل حدود غزة حيث تستلمها الأمم المتحدة وتوزعها. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أمس الاثنين "يمكننا العودة إلى ذلك النظام. لدينا آلية تعمل. لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع العجلة". وأضاف "لسنا بحاجة إلى شريك جديد في عمليات الإغاثة ليملي علينا كيفية أداء عملنا في غزة". وأوضح فليتشر أمس الاثنين ما تحتاجه الأمم المتحدة من إسرائيل لزيادة حجم المساعدات، وهو فتح معبرين على الأقل إلى غزة، أحدهما في الشمال والثاني في الجنوب، وتبسيط الإجراءات وتسريعها وعدم تحديد حصص وعدم فرض عوائق أمام الوصول إلى غزة وعدم تعرض المساعدات للهجوم في أثناء توصيلها والسماح بتلبية مجموعة من الاحتياجات منها الغذاء والماء وأدوات النظافة والمأوى والرعاية الصحية والوقود والغاز.

الجزيرة الإخبارية تحصد 22 من جوائز "تيللي" وغزة تتصدر المنافسة
الجزيرة الإخبارية تحصد 22 من جوائز "تيللي" وغزة تتصدر المنافسة

الجزيرة

timeمنذ 26 دقائق

  • الجزيرة

الجزيرة الإخبارية تحصد 22 من جوائز "تيللي" وغزة تتصدر المنافسة

حصدت قناة الجزيرة الإخبارية 22 جائزة في مهرجان تيللي (Telly) الأميركي في نسخته الـ 46 ب نيويورك ، منها 3 ذهبيات على تغطيتها الإخبارية والبرامجية الاستثنائية عن الحرب الإسرائيلية على غزة ، 3 فضيات عن تغطية التطورات الأخيرة في سوريا. وتوزعت الذهبيات الثلاث على تقرير مراسل الجزيرة في غزة هشام زقوت عن تداعيات الحرب الإسرائيلية على القطاع، وتقرير الصحفي محمود الكن عن دبابة الميركافا وحلقة لبرنامج للقصة بقية عن الصحافة تتحدى الرصاص الذي تقدمه فيروز زياني. كما حصلت القناة على 12 جائزة فضية، توزعت معظمها بين تغطية الحرب على غزة وسوريا الجديدة بعد سقوط النظام، إلى جانب تغطية الانتخابات الأميركية الرئاسية والحرب في السودان وأوكرانيا. وحصلت أفلام الجزيرة الاستقصائية على 3 جوائز برونزية لأفلام (غزة بنك الأهداف، وصيدنايا وما أدراك ما صيدنايا، وصناعة رئيس) إلى جانب البرونزية ل لقاء حصري لفيروز زياني مع فريد المذهان والذي عرف لاحقا بقيصر ونجح في تهريب آلاف صور التعذيب والقتل إبان حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد. وكان من اللافت حصول تغطية الجزيرة للحرب الإسرائيلية على غزة على 10 جوائز، ما يعدّ تقديراً من المهرجانات الأميركية لهذا الإنجاز، إذ فاز تقرير لمراسل الجزيرة في غزة أنس الشريف ببرونزية وكان قد نجح في وقت سابق في الوصول لنهائيات مهرجان نيويورك الدولي. إعلان كما فازت قناة الجزيرة الإنجليزية ب7 ذهبيات لبرامجها talk to Al Jazeera وFault line عن المجاعة في غزة، في حين فازت منصة الجزيرة 360 بـ3 ذهبيات لفيلمين من الحرب على غزة، وكذلك القطاع الرقمي الذي فاز بـ 3 ذهبيات. وعلى صعيد القنوات الأجنبية فقد فازت فوكس نيوز ب 5 جوائز فضية وبرونزي في تغطية الشأن الأميركي، كما فازت أي بي سي نيوز بـ6 جوائز مناصفة بين الذهبي والفضي لتغطيات من داخل سوريا بعد سقوط الأسد، كما فازت بي بي سي بـ3 جوائز في فئة الحملات.

تعيين رئيس وزراء مدني.. هل يمهّد لعودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي؟
تعيين رئيس وزراء مدني.. هل يمهّد لعودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي؟

الجزيرة

timeمنذ 38 دقائق

  • الجزيرة

تعيين رئيس وزراء مدني.. هل يمهّد لعودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي؟

في أول تعليق رسمي له على تعيين كمال إدريس رئيسًا للوزراء في السودان، رحب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي محمود علي يوسف بهذه الخطوة، واصفًا إياها بأنها تمثل تطورًا مهما على طريق تحقيق الحكم الشامل واستعادة النظام الدستوري في البلاد. واعتبر المسؤول الأفريقي أن تعيين إدريس يشكّل مؤشرًا إيجابيا يمكن أن يسهم بصورة ملموسة في الجهود الجارية لإعادة بناء الحكم الديمقراطي في السودان، داعيًا جميع الأطراف السودانية إلى مضاعفة جهودها من أجل إنجاح عملية الانتقال السياسي، بما يضمن أن تكون بقيادة مدنية. ويُعيد هذا الموقف الأمل مجددًا بإمكانية رفع تعليق عضوية السودان في المنظمة، وهي العضوية التي جمدها الاتحاد بعد أن اعتبر الإجراءات التي قام بها قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 انقلابا عسكريا أطاح بالحكومة الانتقالية المدنية التي كان يرأسها عبد الله حمدوك. رفض إعادة العضوية مجلس السلم والأمن الأفريقي، في بيانه الصادر غداة ما حدث في أكتوبر/تشرين الأول 2021، أكد أن عضوية السودان ستظل معلقة حتى تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية واستعادة النظام الدستوري، ومنذ ذلك الحين رفض الاتحاد كافة المطالب السودانية بالعودة، لا سيما أن هذا التعليق يعد الثاني من نوعه، بعد قرار مماثل في عام 2019 عقب الإطاحة بعمر البشير. وفي مسعى لإيجاد حل سياسي وعودة السودان إلى الاتحاد الأفريقي، كثّف الاتحاد جهوده عبر خطوات متعددة، شملت التواصل مع الأطراف السودانية على مستويات مختلفة، ووضع خارطة طريق وتشكيل لجنة خاصة لدعم جهود حل الأزمة. ومع ذلك، أبقى الاتحاد الأفريقي على قرار تعليق عضوية السودان، باعتباره أداة ضغط لحثّ الأطراف المعنية على التوصل إلى تسوية سياسية شاملة. ومن أبرز خطوات الاتحاد الأفريقي في هذا المسار، إعلانه في يناير/كانون الثاني 2024 تشكيل لجنة رفيعة المستوى معنية بالشأن السوداني، تضم 3 دبلوماسيين أفارقة بارزين برئاسة محمد بن شمباس، وقد جاءت هذه اللجنة بتفويض من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد، بهدف العمل مع الأطراف السودانية كافة لتيسير عملية سياسية شاملة تقود إلى ترتيبات انتقالية جديدة تحظى بقبول الاتحاد الأفريقي. وفي أبريل/نيسان 2024، اعتمد مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي خارطة الطريق التي أعدّها لحل النزاع في السودان. وتضمنت هذه الخطة 6 محاور رئيسية شملت خطوات لوقف إطلاق النار، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وإطلاق مفاوضات شاملة، وصولًا إلى انتقال نهائي نحو حكم دستوري مستقر. وفي يونيو/حزيران 2024، رفع الاتحاد الأفريقي مستوى التعامل مع الأزمة السودانية إلى أعلى درجات الاهتمام السياسي، حيث عقد مجلس السلم والأمن اجتماعًا استثنائيا على مستوى رؤساء الدول والحكومات خُصص بالكامل لمناقشة الوضع في السودان، وشدد مسؤولو الاتحاد الأفريقي حينئذ على أن رفع التعليق لن يتم إلا بعد تشكيل سلطة انتقالية مدنية تُلبي متطلبات الحكم الديمقراطي. قنوات دبلوماسية مفتوحة ورغم تعليق العضوية، أبقى الاتحاد الأفريقي قنواته الدبلوماسية مفتوحة، إذ أجرى مجلس السلم والأمن زيارة ميدانية للسودان في أكتوبر/تشرين الأول 2024، والتقى أعضاؤه في بورتسودان بالقادة السياسيين وممثلي المجتمع المدني لتقييم الوضع عن قرب. وخلال اللقاء، شدد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مطالبته برفع تعليق عضوية السودان، مشيرًا إلى وجود خطة انتقالية بحاجة لدعم الاتحاد، إلا أن الاتحاد الأفريقي اكد أن استعادة العضوية مشروطة باستيفاء المتطلبات. وفي أواخر عام 2024، أعلن مجلس السلم والأمن الأفريقي عن تشكيل لجنة رئاسية خاصة بالشأن السوداني، تضم عددًا من رؤساء الدول، بهدف تكثيف الجهود الدبلوماسية وتعزيز الانخراط السياسي الرفيع المستوى مع السودان، وقد تقرر أن يترأس اللجنة الرئيس الأوغندي يوري موسيفيني، وتضم في عضويتها رؤساء 5 دول آخرين، غير أن اللجنة، على الرغم من أهمية تفويضها، لم تمارس أي دور ملموس حتى الآن. وفي 14 فبراير/شباط 2025، وعلى هامش القمة الأفريقية، عقد مجلس السلم والأمن الأفريقي اجتماعا على مستوى رؤساء الدول والحكومات، خُصص لمراجعة تطورات الوضع في السودان، في حين أكد البيان الختامي الالتزام بجميع القرارات السابقة للاتحاد الأفريقي بشأن السودان، بما في ذلك شروط استعادة العضوية ومقتضيات الانتقال المدني. وفي مارس/آذار 2025، شهدت علاقات الاتحاد الأفريقي بالسودان تطورًا لافتًا، حيث دُعي ممثل السودان للتواصل مع مجلس السلم والأمن الأفريقي، رغم استمرار تجميد العضوية، وقد سُمح للسفير الزين إبراهيم، المندوب الدائم للسودان لدى الاتحاد الأفريقي، بإلقاء كلمة خلال جلسة خُصصت لمناقشة أوضاع الدول المعلقة عضويتها، في سابقة هي الأولى منذ قرار تعليق عضوية السودان في أكتوبر/تشرين الأول 2021. ودعا السفير الزين إبراهيم أعضاء المجلس إلى إعادة النظر في سياسة التعليق الشامل، مشيرًا إلى ضرورة مراعاة خصوصية أوضاع كل دولة، محذرًا من أن العزلة العقابية قد تؤدي إلى تعقيد الأزمات بدلًا من حلها. ورغم عدم اتخاذ قرار بإعادة عضوية السودان، فإن السماح له بالمشاركة يُعد مؤشرًا على انفتاح نسبي للحوار من جانب الاتحاد الأفريقي. متطلبات عودة العضوية تعليقا على ترحيب رئيس المفوضية الأفريقية بتعيين رئيس وزراء مدني في السودان، اعتبر كيرام تادسي، الباحث المتخصص في الشأن الأفريقي، أن هذا يُعد إشارة إلى إحراز بعض التقدم نحو تلبية متطلبات القيادة المدنية في السودان. وأوضح تادسي في حديث للجزيرة أن التأسيس الفعلي لسلطة مدنية لا يقتصر على تعيين شخصيات مدنية، بل يتطلب سيطرة حقيقية على مؤسسات الدولة بعيدا عن العسكريين. وأشار تادسي إلى أن القيادة الجديدة للاتحاد الأفريقي أظهرت مرونة في التعامل مع الأزمات السياسية بالقارة، وهو ما تجلّى في قرار رفع تعليق عضوية الغابون مطلع مايو/أيار الجاري، رغم أنها لم تستوفِ جميع الشروط بشكل كامل. وبناء على ذلك، يرى أن هناك تفاؤلًا حذرًا بشأن إمكانية عودة السودان للاتحاد الأفريقي، لكن الخطوة ستظل مرهونة بإحراز تقدم فعلي نحو وقف الحرب وتحقيق السلام والتزام جاد من جميع الأطراف السودانية المنخرطة في الحوار وجهود التسوية، بهدف الوفاء الكامل بشروط الاتحاد الأفريقي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store