
من أقرب المستشارين إلى أشد المعارضين.. كيف تغيرت العلاقة بين إيلون ماسك و'ترامب'؟
خلال الأسبوع الماضي، نشبت عداوة علنية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره السابق الملياردير إيلون ماسك. حيث انتقض ماسك علنيا مشروع قانون ترامب الضريبي الضخم والسياسة الداخلية. ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن هنا تصاعدت التوترات بين الطرفين بسبب ما أسماه ترامب 'مشروع قانونه الكبير والجميل'. في حين وصفه 'ماسك' بأنه 'رجس مقرف'. ما أثار غضب القادة الجمهوريين.
ولم يكتف 'ماسك' بانتقاد سياسة ترامب الحالية بحسب؛ بل شارك الجمهور تعليقات سلبية لدونالد ترامب ونواب جمهوريين آخرين منذ سنوات تثير المخاوف بشأن الإنفاق الحكومي الأمريكي والعجز.
من جانبه، قام دونالد ترامب بالإتفاق مع شخصيات بارزة وقادة الحزب الجمهوري بإنها العقود التي أبرمتها الحكومة مع جميع شركات إيلون ماسك.
وجاء هذا الخلاف عقب استقالة ماسك من منصبه كمستشار خاص للرئيس الأمريكي المنتخب في 29 مايو 2025. حيث أعلن ماسك عن استقالته عبر منشور رسمي على منصة إكس. رافضا مشروع قانون الضرائب الذي فرضه ترامب الذي يعتبر مكلفا للغاية. ما عرضه لصدامات مع بيتر نافارو مستشار ترامب التجاري ومارك روبيو وزير الخارجية.
أيضًا يعكس هذا الخلاف مدى هشاشة العلاقة بين 'ترامب' وأغنى رجل في العالم بسبب الخلاف حول مشروع القانون. حيث كان 'ماسك'، حتى وقت قريب، مؤيدًا قويًا للرئيس وشخصية شبه دائمة في البيت الأبيض.
وفي فاعلية أقيمت على شرف خروجه رسميًا من العمل الحكومي الأسبوع الماضي، قال 'ماسك' إنه سيبقى 'صديقًا ومستشارًا' لإدارة 'ترامب'.
رد فعل 'ترامب' على هجوم إيلون ماسك
هدد الرئيس الأمريكي بسحب العقود الفيدرالية مع شركة 'ماسك' Space X. ما يعرض برنامج الفضاء الأمريكي للخطر.
وتعتمد 'ناسا' على أسطول صواريخ فالكون 9 التابع للشركة لإعادة تزويد محطة الفضاء الدولية بالطاقم والإمدادات. وتتوقع وكالة الفضاء أيضًا استخدام صاروخها 'ستارشيب' لإرسال رواد الفضاء إلى القمر وفي نهاية المطاف إلى المريخ بمجرد تطويره.
وقال الدكتور سيميون باربر، عالم الفضاء في الجامعة المفتوحة، إن حالة عدم اليقين هذه كان لها 'تأثير مخيف' على برنامج الفضاء البشري.
وأضاف: 'تعتمد علوم الفضاء واستكشافه على التخطيط طويل الأمد والتعاون بين الحكومة والشركات والمؤسسات الأكاديمية'. حيث إن التبادلات المذهلة والقرارات المفاجئة والانعطافات التي شهدناها في الأسبوع الماضي تقوض الأسس التي نبني عليها طموحاتنا.
وقد خصصت جميع القطاعات للتوفير، باستثناء الجهود الرامية إلى إرسال رواد فضاء إلى المريخ، والتي تلقت دفعة بقيمة 100 مليون دولار.
ووفقًا لكيسي دريير؛ رئيس سياسة الفضاء في جمعية بلانيتيري سوسايتي التي تتخذ من باسادينا مقراً لها. والتي تروج لاستكشاف الفضاء. فإن التخفيضات المحتملة تمثل 'أكبر أزمة تواجه برنامج الفضاء الأمريكي على الإطلاق'.
أيضًا نشرت وكالة 'ناسا' تفاصيل عن الكيفية التي تخطط بها لإجراء التخفيضات التي طلبها البيت الأبيض في طلب الميزانية الذي قدمته للكونغرس. مقترحةً تخفيضًا بمقدار الربع تقريبًا. وتقول الوكالة إن الخطة: 'توائم محافظها العلمية والتكنولوجية مع المهام الضرورية لاستكشاف القمر والمريخ'.
وقال الدكتور آدم بيكر؛ محلل الفضاء في جامعة كرانفيلد لبي بي سي نيوز: إنه إذا وافق الكونغرس على هذه المقترحات؛ فإن ذلك سيؤدي إلى تغيير جذري في تركيز الوكالة.
'إن الرئيس ترامب يعيد توجيه ناسا لأمرين: إنزال رواد الفضاء على القمر قبل الصينيين. وجعل رواد الفضاء يضعون علم الولايات المتحدة على المريخ. أما كل شيء آخر فهو ثانوي'.
مراحل تطور العلاقة بين إيلون ماسك و'ترامب'
فيما يلي ملخص العلاقة بين قطبي القوة الأمريكية:
13 يوليو 2024
في أعقاب محاولة اغتيال ترامب في بتلر بولاية بنسلفانيا، نشر 'ماسك' مقطع فيديو لـ'ترامب' وهو مضرج بالدماء وهو يرفع قبضته في الهواء على 'X' وقال: 'أؤيد الرئيس ترامب بالكامل وأتمنى له الشفاء العاجل'.
12 أغسطس 2024
يستضيف 'ماسك' مقابلة مع ترامب على 'X'. ويعاني الحدث من صعوبات تقنية، ولكن بلغ عدد المشاهدين 1.3 مليون شخص.
من ناحية أخرى، يشيد 'ماسك' بـ'ترامب' لكيفية تعامله مع محاولة الاغتيال. كما يهاجم خصم ترامب. نائب الرئيس آنذاك؛ كامالا هاريس. لكنه يرد على بعض مزاعم 'ترامب' حول التغير المناخي.
5 أكتوبر 2024
يظهر 'ماسك' مع 'ترامب' في تجمع ثانٍ في بتلر، موقع محاولة الاغتيال السابقة.
أيضًا يحث 'ماسك' الناس على التسجيل للتصويت ويطلق تحذيرات مشؤومة حول عواقب الانتخابات القادمة.
'إذا لم يفعلوا ذلك، ستكون هذه الانتخابات الأخيرة. هذا هو تنبؤي'. أيضًا يقول 'ماسك'، مرددًا مشاعر مماثلة لمشاعر 'ترامب'.
وبالإضافة إلى ذلك، اظهرت إيداعات لجنة الانتخابات الفيدرالية أن 'ماسك' أنفق أكثر من 270 مليون دولار من أمواله الخاصة من خلال اثنين من لجان العمل السياسي الفائقة التي روجت لترشيح 'ترامب' والجمهوريين الآخرين في انتخابات 2024.
5 نوفمبر 2024
ماسك يقضي ليلة الانتخابات في نادي مار-أ-لاغو الخاص بترامب في فلوريدا – ويبقى هناك لعدة أيام تالية، حيث يشارك في اتخاذ قرارات التوظيف الرئيسية.
يحضر ماسك أيضًا مكالمتين هاتفيتين على الأقل أجراهما ترامب بصفته رئيسًا منتخبًا، بما في ذلك مكالمة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
12 نوفمبر 2024
بعد أسبوع من الانتخابات، أعلن ترامب أن ماسك – والمرشح الرئاسي السابق من الحزب الجمهوري فيفيك راماسوامي – سيقودان 'إدارة الكفاءة الحكومية' التي تم إنشاؤها حديثًا.
وقال ترامب في بيان له: 'معًا، سيمهد هذان الأمريكيان الرائعان الطريق أمام إدارتي لتفكيك البيروقراطية الحكومية، وخفض اللوائح التنظيمية الزائدة، وخفض النفقات المهدرة، وإعادة هيكلة الوكالات الفيدرالية'.
وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، انضم ترامب إلى ماسك في تكساس لإطلاق صاروخ سبيس إكس الفضائي.
20 يناير 2025
ظهر 'ماسك' بصحبة الرؤساء التنفيذيين في مجال التكنولوجيا، وهم يجلسون في مقاعد المتفرجين في حفل تنصيب ترامب.
11 فبراير 2025
يدافع 'ماسك' عن جهوده الحثيثة لخفض التكاليف في جميع أنحاء الحكومة الفيدرالية. والتي أدت في تلك المرحلة إلى رفع عدد كبير من الدعاوى القضائية الفيدرالية.
26 فبراير 2025
يحتل 'ماسك' مركز الصدارة في أول اجتماع لمجلس الوزراء في عهد ترامب في ولايته الثانية.
في ذلك الوقت، كانت إجراءات وزارة شؤون الموظفين الفدراليين مثار جدل. بدءًا من الجهود المبذولة لفصل الموظفين الفدراليين إلى رسالة بريد إلكتروني تطالب الموظفين الفدراليين بسرد إنجازاتهم الأسبوعية.
وعندما سأل أحد الصحفيين ماسك عما إذا كان أي من أعضاء مجلس الوزراء غير راضٍ عن الإنذار الذي أرسله البريد الإلكتروني، قاطعه ترامب.
قال ترامب للمجموعة التي بدأ الكثير منهم بالضحك.'هل هناك أحد غير راضٍ عن إيلون؟
وأضاف 'إذا كنتم كذلك، سنطرده من هنا. هل من أحد غير سعيد؟ إنهم يكنون الكثير من الاحترام لإيلون'. بينما بدأ أعضاء مجلس الوزراء بالتصفيق'
6 مارس 2025
في اجتماع آخر بعد بضعة أسابيع، أخبر 'ترامب' أعضاء مجلس الوزراء أنهم مسؤولون عن الوكالات والإدارات التي يشرفون عليها وليس 'ماسك'.
نشر 'ماسك' لاحقًا على موقع 'X' أن الاجتماع كان 'مثمرًا للغاية'.
وجاء الاجتماع في الوقت الذي أعرب فيه بعض أمناء مجلس الوزراء سراً عن إحباطهم من جهود 'ماسك' لتقليص حجم ونطاق عمل وكالاتهم.
كما أخبر 'ترامب' الصحفيين أنه حذر أعضاء مجلس الوزراء من أنهم إذا لم يجروا التخفيضات اللازمة للحد من 'التضخم' في الحكومة الفيدرالية، فإن 'ماسك' ووزارة التعليم العالي سيتولون الأمر.
في خضم تراجع أرباح شركة 'ماسك' لسيارات 'تيسلا' وسلسلة من أعمال التخريب والهجمات الأخرى على السيارات. كما يستضيف 'ترامب' عرضًا لسيارات تيسلا في حديقة البيت الأبيض.
وقال 'ترامب' للصحفيين أثناء التقاط صورة تذكارية مع 'ماسك' وسياراته: 'أريد فقط أن يعرف الناس أنه لا يمكن معاقبة الناس على كونهم وطنيين'. 'يجب أن يكون الناس متحمسين، وهم يحبون المنتج'.
وأخبر الرئيس الذي صعد إلى المقعد الأمامي لسيارة 'تسلا' لالتقاط الصور. الصحفيين أنه اشترى واحدة من هذه السيارات بنفسه.
ماذا لو عاد 'ماسك' معتذرًا ؟
لجأ إيلون ماسك إلى موقع إكس للتعبير عن ندمه على حربه الكلامية مع الرئيس دونالد ترامب. متراجعًا بعد أقل من أسبوع ومعترفًا بأن 'بعض' منشوراته التي هاجم فيها القائد الأعلى للقوات المسلحة كانت مبالغًا فيها.
'أنا نادم على بعض منشوراتي عن الرئيس دونالد ترامب الأسبوع الماضي. فقد تجاوزت الحدود'. كتب أغنى رجل في العالم على منصة التواصل الاجتماعي التي يمتلكها في الساعات الأولى من صباح الأربعاء.
وجاء هذا الاعتذار بعد ستة أيام من تصريح 'ترامب' بأنه 'خاب أمله كثيرًا' في مستشاره الخاص السابق والمتبرع لحملته الانتخابية لانتقاده 'مشروع القانون الكبير والجميل' الذي يحاول دفعه عبر مجلس الشيوخ، ما دفع 'ماسك' إلى شن سلسلة من الهجمات الشخصية للغاية ضد الرئيس، الذي رد بالمثل على منصته الخاصة الحقيقة الاجتماعية
المقال الأصلي: من هنـا وهنـا
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
طهران: لا حوار مع واشنطن في ظل العدوان
ولم تشارك الولايات المتحدة في الهجمات، لكنها أوضحت أنها ستدافع عن إسرائيل في حال التصعيد الإيراني. ودعا الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، إيران إلى التفاوض، مؤكدًا أن استمرار الصراع «سيقضي على ما تبقى من النفوذ الإيراني في الإقليم»، ولكنه في الوقت نفسه شدد على أن واشنطن لن تدخل الحرب ما لم تُهاجم مباشرة. بلا جدوى قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، في بيان، إن طهران لا ترى جدوى من الحوار مع «الطرف الداعم الأول للعدوان»، في إشارة إلى واشنطن ، وذلك قبل ساعات من موعد الجولة الدبلوماسية المفترضة. وعلى الرغم من إعلان البيت الأبيض أنه لم يشارك في الضربات، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب سارع إلى استغلال الحدث للضغط على طهران. وفي تصريحات عبر منصته «تروث سوشيال»، قال ترمب إن أمام إيران «فرصة ثانية لتفادي الدمار الكامل»، محذرًا من أن «الأسوأ لم يأتِ بعد»، ومؤكدًا أن إسرائيل استخدمت أسلحة أمريكية متقدمة في الهجوم، وستحصل على المزيد منها «إذا لزم الأمر». لحظة حاسمة خلال اجتماعه مع فريق الأمن القومي، وصف ترمب الوضع بأنه «لحظة حاسمة» قد تدفع طهران إلى العودة للمفاوضات، مكرّرًا دعوته لها للجلوس على الطاولة، والتوصل إلى اتفاق «ينقذ ما تبقى من الجمهورية الإسلامية». لكن طهران تمسكت بموقفها الرافض، مؤكدة أن أي حوار لا يمكن أن يُعقد في ظل التصعيد العسكري، وأن على واشنطن تحمّل مسؤولية تمكين إسرائيل من تنفيذ الهجمات. وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال لقائه المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، أن بلاده ترى في التحركات الأمريكية ضوءًا أخضر للهجوم، وليست وسيطًا في خفض التصعيد. وعلى الرغم من ذلك، لا يزال المبعوث الأمريكي يخطط للتوجه إلى سلطنة عُمان، للمشاركة في الجولة الجديدة من المحادثات، ولكن مشاركة الجانب الإيراني باتت موضع شك، بحسب ما أفاد به مسؤولون أمريكيون تحدثوا لوسائل إعلام غربية.


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
هل كان الهجوم الإسرائيلي على إيران خطأ خطيرًا؟.. الإجابة في كهف "فوردو" النووي تحت الأرض
قال موقع وكالة "أكسيوس" الأمريكية، إن أحد العوامل التي قد تحدد ما إذا كان الهجوم الإسرائيلي على إيران يشكّل نجاحًا أم خطأ خطيرًا هو مصير موقع "فوردو" لتخصيب اليورانيوم. وذكر الموقع في تقرير أن "إسرائيل" ستحتاج إلى براعة تكتيكية غير متوقعة أو مساعدة أمريكية لتدمير منشأة فوردو، المبنية داخل جبل وفي أعماق الأرض. وأضاف أنه "إذا ظلّت المنشأة سليمة وسهلة الوصول، فقد يتسارع البرنامج النووي الذي تُصر إسرائيل على القضاء عليه". وقال السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة، يحيئيل ليتر، لشبكة "فوكس نيوز"، يوم الجمعة: "العملية برمتها يجب أن تكتمل حقًا بالقضاء على منشأة فوردو"، ولهذا السبب تأمل الحكومة الإسرائيلية أن تقرر إدارة ترامب في نهاية المطاف الانضمام إلى العملية الإسرائيلية. وأكد التقرير أن "إسرائيل" تفتقر إلى القنابل الضخمة الخارقة للتحصينات اللازمة لتدمير هذه المنشأة، والقاذفات الاستراتيجية اللازمة لحملها، أما الولايات المتحدة فهي قادرة على الوصول إلى إيران جوًا. وزعم مسؤول إسرائيلي لوكالة "أكسيوس" أن الولايات المتحدة لا تزال قادرة على الانضمام إلى العملية، وأن الرئيس ترامب اقترح في محادثة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الأيام التي سبقت الهجوم، أنه سيفعل ذلك إذا لزم الأمر، لكن مسؤولًا في البيت الأبيض نفى ذلك، وقال لموقع "أكسيوس" إن ترامب قال عكس ذلك تمامًا. وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة لا تنوي حاليًا التدخل بشكل مباشر. ويعتقد بعض الخبراء أن "إسرائيل" قد تحاول تكرار تأثير قنبلة خارقة للتحصينات من خلال قصف الموقع نفسه بشكل متكرر. وبيّن في السياق أن النهج الأكثر خطورة قد يكون إرسال قوات خاصة لمداهمة المنشأة، مشيرًا إلى أن قوات خاصة إسرائيلية نفذت غارة مماثلة في سبتمبر 2024 على نطاق أضيق، عندما دمّرت مصنعًا للصواريخ تحت الأرض في سوريا بزرع وتفجير عبوات ناسفة، واستغرقت العملية ساعتين.


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
هل تشهد أميركا في عهد ترمب انقلابا على مؤسساتها؟
عند تنفيذ انقلاب في دولة فقيرة وغير متطورة، تكون هناك خطوات أساسية لا بد من اتباعها، مثل: السيطرة على الرئاسة، وتحييد القضاء، والاستيلاء على المطار الدولي، وتقويض السلطة التشريعية، والتخلص من خصوم محتملين داخل الجيش، واقتحام محطة التلفزيون الرسمية، ثم إعلان انبثاق فجر جديد. أما في الدول الأكبر حجماً والأكثر تطوراً، فالأمر يتطلب أدوات أكثر تعقيداً، مثل القيام بتعبئة جماهيرية قائمة على كراهية الأجانب، وذلك عبر هجمات مدبرة تنسب زوراً إلى طرف آخر، أو عبر إثارة الذعر من تهديدات إرهابية. لكن، من موسكو إلى مونروفيا، يبقى النمط واحداً: مستبد يصعد إلى السلطة تحت شعار الخلاص الوطني. بعد عودة دونالد ترمب للسلطة قبل أكثر من أربعة أشهر بقليل، تثار تساؤلات جدية حول ما إذا كانت الولايات المتحدة، التي كثيراً ما وصفت بأنها أقوى ديمقراطية في العالم، تمر فعلاً بهذا المسار. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) عندما رفض الإقرار بهزيمته في انتخابات عام 2020، اقتحم أنصاره مبنى الكابيتول، وسجن عدد منهم في وقت لاحق، إلا أنه أصدر عفواً عنهم جميعاً. لكن اليوم، يعود الحديث مجدداً عن تهديد جديد يطاول الدستور الأميركي، في ما يصفه عدد من النقاد بأنه انقلاب داخلي. وما عزز هذه المخاوف ربما أن الرئيس الأميركي لم يخف رغبته في الترشح لولاية رئاسية ثالثة في عام 2028، في خطوة تعد مخالفة صريحة للدستور. وعلى رغم فوز ترمب بالانتخابات الرئاسية للمرة الثانية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفق الأطر القانونية، إلا أن جميع آليات الرقابة والتوازن التي يحددها الدستور للحد من صلاحيات الرئيس، إما جرى تجاوزها أو يجرى الطعن فيها تباعاً، وهو مسار ازداد حدة مع تكرار التصريحات الصادرة من داخل البيت الأبيض، التي تصف ما يحدث في لوس أنجليس بأنه "تمرد". ومع خروج المتظاهرين إلى الشوارع احتجاجاً على حملات الاعتقال الجماعي في حق مهاجرين يشتبه في أنهم غير شرعيين، لم يتوان ترمب عن إصدار أوامره بنشر 700 جندي من "مشاة البحرية الأميركية"، إلى جانب آلاف من قوات "الحرس الوطني" في شوارع لوس أنجليس. حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم دان هذه الخطوة ووصفها بأنها "مختلة"، محذراً من أنها لن تؤدي إلا إلى تصعيد التوترات على امتداد الساحل الغربي للبلاد. 8 أميركا ترمب أميركا ترمب 1/8 الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للصحافيين بعد نزوله من طائرة الرئاسة (أ ب) الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث للصحافيين بعد نزوله من طائرة الرئاسة (أ ب) 2/8 عناصر دورية الطرق السريعة في كاليفورنيا يشتبكون مع متظاهرين يوم الثلاثاء الماضي (أ ب) عناصر دورية الطرق السريعة في كاليفورنيا يشتبكون مع متظاهرين يوم الثلاثاء الماضي (أ ب) 3/8 متظاهرون يشاركون في مسيرة احتجاجية في شوارع مدينة لوس أنجليس (أ ب) متظاهرون يشاركون في مسيرة احتجاجية في شوارع مدينة لوس أنجليس (أ ب) 4/8 حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم وجه انتقادات حادة لدونالد ترمب (رويترز) حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم وجه انتقادات حادة لدونالد ترمب (رويترز) 5/8 مارة يعبرون بالقرب من رسومات غرافيتي مناهضة لعمليات الدهم الفيدرالية على خلفية الاحتجاجات في لوس أنجليس (أ ب) مارة يعبرون بالقرب من رسومات غرافيتي مناهضة لعمليات الدهم الفيدرالية على خلفية الاحتجاجات في لوس أنجليس (أ ب) 6/8 أفراد يتجولون في وسط لوس أنجليس بعد رفع حظر التجول الليلي (غيتي) أفراد يتجولون في وسط لوس أنجليس بعد رفع حظر التجول الليلي (غيتي) 7/8 مركبة مدرعة تمر أمام صف من قوات الشرطة خارج مركز الاحتجاز في الـ10 من يونيو (غيتي) مركبة مدرعة تمر أمام صف من قوات الشرطة خارج مركز الاحتجاز في الـ10 من يونيو (غيتي) 8/8 أفراد من "الحرس الوطني" الأميركي في ولاية كاليفورنيا يؤمنون حماية مبنى "إدوارد ر. رويبال" الفيدرالي (أ ف ب/غيتي) ورأى أن "الديمقراطية تتعرض لهجوم، وقد حلت اللحظة التي كنا نخشاها"، ودعا إلى التفكير ملياً في ما يحصل قائلاً: "خذوا وقتكم، فكروا في خطورة هذه اللحظة التي يواصل فيها رئيس لا يتقيد بقانون ولا بدستور، شن هجوم منسق على التقاليد الأميركية". تصريحات نيوسوم جاءت بعد ساعات قليلة فقط من تحذير شديد اللهجة أطلقه الرئيس دونالد ترمب، توعد فيه كل من يخطط للاحتجاج خلال العرض العسكري المقرر في الـ14 من يونيو (حزيران) بمواجهة "قوة مفرطة للغاية". ويبدو أن ترمب أنجز بالفعل معظم البنود في قائمته الرامية إلى مواجهة المؤسسة الحاكمة وتفكيكها، وقد بدأ أولاً باستهداف المؤسسة العسكرية وأجهزة الاستخبارات، التي حملها في ولايته الأولى المسؤولية عن عرقلة أجندته، واتهمها بعدم دعم "المتظاهرين" الذين اقتحموا مبنى الكابيتول في السادس من يناير (كانون الثاني) عام 2021. مارك ميلي الذي تولى منصب رئيس هيئة الأركان المشتركة خلال الولاية الأولى لدونالد ترمب، خسر كلاً من حراسته الأمنية والعفو الاستباقي الذي كان منحه إياه الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، وذلك بعدما هدده ترمب بملاحقته قضائياً. ثم أقال ترمب خليفة ميلي في المنصب الجنرال تشارلز براون من القوات الجوية، إلى جانب الأدميرال ليندا فاغان قائدة قوات خفر السواحل الأميركية. وعزت الإدارة الأميركية سبب إقالتهما إلى أن تعيينهما جاء أساساً في إطار سياسة "التنوع والإنصاف والاندماج" Diversity, Equity, Inclusion في التوظيف، علماً أن سجلهما المهني لا يتضمن ما يطعن بكفاءتهما أو أهليتهما لتولي المنصبين، لكن الرسالة التي أراد البيت الأبيض إيصالها كانت واضحة، وهي: في هذه الإدارة نريد المقربين منا فقط. ويبدو أن معيار الولاء بات يتقدم على أي اعتبار آخر، ففي شهر أبريل (نيسان) الماضي، أقيل أيضاً الجنرال تيموثي هو، رئيس وكالة الأمن القومي وقيادة الأمن السيبراني الأميركية، إلى جانب رئيسة العمليات البحرية، الأدميرال ليزا فرانشيتي، من دون تقديم أي تفسير رسمي للإقالة. وقال ترمب آنذاك، في حديثه مع الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية: "سنواصل دائماً الاستغناء عن الأشخاص - الذين لا نحبهم، أو الذين يستغلوننا، أو الذين يحتمل أن يكون ولاؤهم لغيرنا". ثم جاء دور "مكتب التحقيقات الفيدرالي"، الذي أقيل مديره كريستوفر راي واستبدل بكاش باتيل، وهو من أشد الموالين لترمب، على رغم فشله حتى الآن في إعداد موازنة للوكالة لهذا العام، أما نائبه الجديد دان بونغينو - وهو مقدم بودكاست يميني – فسبق أن روج للادعاء الكاذب بأن ترمب هو الفائز الفعلي في انتخابات عام 2020. وجرى تعيين تولسي غابارد المعروفة بدفاعها المثير للجدل عن مواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوري السابق بشار الأسد، على رأس جهاز "الاستخبارات الوطنية" National Intelligence. أما وزارة الدفاع فأسندت إلى بيت هيغسيث، المعلق السابق في قناة "فوكس نيوز" الذي اشتهر بهجومه على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي و"حلف شمال الأطلسي" (الناتو)، وباستخدامه هاتفه الشخصي لإرسال معلومات سرية تخص الدولة. يشار إلى أن الكفاءة المتدنية التي تطغى على أداء أعضاء مجلس الوزراء وكبار المسؤولين، تعد جزءاً من نهج متعمد، فترمب يدرك تماماً أن ولاءهم الشخصي له هو ما يبقيهم في مناصبهم. وسارع كثيرون منهم إلى تطهير دوائرهم، واستبدال الكوادر المهنية المؤهلة بعناصر حزبية تدين بالولاء المطلق لسيد البيت الأبيض. أما الجهاز البيروقراطي الفيدرالي فتلقى ضربة قاصمة بعدما أعاد ترمب تصنيف أكثر من 50 ألف وظيفة مدنية على أنها "تعيينات سياسية"، وهو ما أتاح له إحكام قبضته على مفاصل السلطة التنفيذية من خلال تنصيب شخصيات موالية، جرى اختيارها سلفاً بعناية. وفي حين أن مقاومة أي انقلاب تأتي غالباً من المؤسستين القضائية والجامعية، فقد عمل ترمب على قمع الجهتين. وواجهت جامعات مرموقة، مثل "هارفارد" و"كولومبيا"، تهديدات بتجميد تمويلها الفيدرالي أو تقليصه بمليارات الدولارات، على خلفية اعتراضها على محاولات الإدارة الأميركية فرض هيمنة على الحياة الفكرية والأكاديمية. وفي الوقت نفسه، فرضت قيود مشددة على الطلاب الأجانب، شملت فرض حظر على دخولهم إلى الولايات المتحدة. في المقابل، جرى اتهام الطلاب والأكاديميين الداعمين لحقوق الفلسطينيين، بدعم جماعات إرهابية مثل حركة "حماس"، مما أدى إلى فصلهم من الجامعات أو طردهم، أو حتى ترحيلهم خارج البلاد. وعلى رغم أن التبريرات الرسمية تتركز حول إسرائيل وادعاءات متعلقة بمعاداة السامية، إلا أن الرسالة الحقيقية لا لبس فيها: حرية التعبير لم تعد مصانة. لا شك في أن أياً من ذلك ما كان ليحدث لولا الدعم الفعلي الذي يتلقاه ترمب من الكونغرس و"مجلس الشيوخ"، وهما المؤسستان المعنيتان أساساً بوضع حد لتجاوزات السلطة التنفيذية، لكن مع وجود غالبية "جمهورية" في كلا المجلسين، فقد أطلقت يدا ترمب في التصرف كما يشاء. تجدر الإشارة إلى أنه غالباً ما يلتزم "الجمهوريون" في الكونغرس، الذين لا يشاركون ترمب رؤيته، الصمت، إذ يعيش كثير منهم في ظل الخوف من عواقب انتقاده. ومن بين الأصوات القليلة التي تجرأت على الكلام السيناتورة البارزة من آلاسكا ليزا موركوفسكي، التي قالت خلال لقاء عام الشهر الماضي "نحن نمر بمرحلة لم أعهدها من قبل، وغالباً ما أشعر بالقلق من التعبير عن رأيي، لأن الانتقام واقع حقيقي". وأضافت "علي أن أجد طريقة لمساعدة أولئك الكثر، الذين ينتابهم قلق وذعر [داخل الكونغرس]". في غضون ذلك، يتساءل عدد من الأكاديميين - من أفريقيا على وجه الخصوص - الذين عايشوا حروباً أهلية على مدى العقود الثلاثة الماضية، عن المدة التي سيستغرقها الأميركيون ليدركوا أنهم ربما يعيشون صورة من صور الانقلاب داخل بلادهم. وفي هذا السياق، قال أستاذ في إحدى الجامعات البارزة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، يحمل بطاقة إقامة دائمة، ويعتبر من أبرز الخبراء في مجاله على المستوى العالمي: "أفضل ألا ينسب إلي شيء، لقد طلب منا [الأكاديميين غير المواطنين] ألا نغادر البلاد، خشية أن نمنع من العودة لها. وفي الوقت نفسه، تقوم الإدارة بمراقبة أنشطتنا على وسائل التواصل الاجتماعي". وأضاف طالباً عدم الكشف عن هويته خوفاً من التعرض للمساءلة أو الانتقام: "نحن الذين نشأنا في ظل أنظمة استبدادية، ندرك جيداً مؤشرات الحكم الاستبدادي والمتنامي، وما يحدث ليس صعب الفهم". وأشار الأكاديمي إلى وجود نمط متبع يتمثل في "السيطرة على الإعلام والقضاء، واستمالة ولاء قوى الشرطة والجيش، وصعود الميليشيات، والتلاعب بالانتخابات"، مضيفاً "لقد شوه ترمب سمعة وسائل الإعلام الرئيسة، وأغرق القضاء بأشخاص محسوبين عليه، وطالب 'مكتب التحقيقات الفيدرالي' بتقديم الولاء له". على رغم قسم الرئيس والجيش وأجهزة الاستخبارات اليمين على احترام الدستور، فإن القضاء الأميركي لم يحقق سوى نجاح محدود في إلزام الإدارة بذلك، وقد تجاهل البيت الأبيض في عهد دونالد ترمب أوامر قضائية صريحة بوقف عمليات ترحيل أفراد. وكان أكثر من 130 قاضياً سابقاً من محاكم الولايات والمحاكم الفيدرالية، طالبوا في مايو (أيار) الماضي الحكومة بإسقاط التهم الموجهة إلى قاضية "محكمة مقاطعة ميلووكي" هانا دوغان، واصفين اتهامها بمساعدة شخص في التهرب من سلطات الهجرة بأنه "تجاوز صارخ" من جانب السلطة التنفيذية. في الوقت نفسه، كثف مسؤولو "وكالة الهجرة والجمارك" عمليات الاعتقال في أنحاء متفرقة من البلاد، من دون إبراز هوياتهم رسمية، وغالباً من دون استصدار مذكرات قضائية، مستخدمين القوة لتنفيذ تعهدات ترمب بتنفيذ حملات ترحيل جماعية. وهذا الأسبوع، انشغل الرئيس الأميركي بما اعتبره "تمرداً" مفتعلاً في كاليفورنيا، في محاولة ينظر إليها على أنها تمهيد لاستغلال أي صدام محتمل بين المتظاهرين والقوات المسلحة في شوارع لوس أنجليس، كذريعة لإعلان حال الطوارئ الوطنية وتعليق العمل بالدستور. وفي تعليق على ذلك، قال المدعي العام لولاية كاليفورنيا روبرت بونتا، عقب إعلانه أن الولاية بقيادة الحاكم نيوسوم، تعتزم مقاضاة إدارة ترمب لانتهاكها الدستور الأميركي: "إن الرئيس يسعى إلى افتعال فوضى واختلاق أزمات على الأرض، خدمة لأهدافه السياسية الخاصة". وأضاف "إن تحويل 'الحرس الوطني' في كاليفورنيا إلى قوة فيدرالية يعد تجاوزاً خطراً لصلاحيات الرئيس بموجب القانون، وهو أمر لا يمكن التغاضي عنه، لقد تقدمنا إلى المحكمة بطلب لوقف هذا القرار غير القانوني وغير المسبوق". في عودة للأستاذ الجامعي على الساحل الشرقي، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فقد وجه تحذيراً لافتاً مستنداً إلى عقود من الخبرة في شؤون غرب أفريقيا، وأبحاث موسعة حول الحرب التي مزقت يوغوسلافيا السابقة، قائلاً: "أعتقد أن إحدى الولايات ستفكر في الانفصال في نهاية المطاف، ربما تكون كاليفورنيا، وعندها ستكون الحرب حتمية. إن يوغوسلافيا، تمثل في رأيي، نموذجاً محتملاً لما يمكن أن تشهده الولايات المتحدة".