
حل العودتين بدلا من حل الدولتين
منذ أكثر من قرن، وضع الغربُ فلسطينَ في قلب صراع دموي سببه المشروع الصهيوني الاستيطاني، الذي قام على تهجير شعب كامل من أرضه لإحلال مستوطنين قدموا من شتى بقاع الأرض. ومع مرور الزمن، طُرحت حلول متعددة لإنهاء الصراع، وكان ولا يزال أبرزها هو ما يُعرف حتى اليوم بـ »حل الدولتين ». حل ينص على إقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل. لكن هذا الحل، الذي بدا لكثيرين وكأنه التسوية المنطقية، حُكم عليه بالإعدام على يد الصهاينة أنفسهم، بالنظر لما يرون فيه من تهديد حقيقي لزوال دولتهم على المدى المتوسط أو البعيد. فلم يتوقفوا يومًا عن توسيع مستوطناتها والاستيلاء على المزيد من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية مع نية تهجير أهلها قسرا، بل تطمع حتى في الاستيطان بغزة الذي تتبناه فكرة تهجير أهلها، مما يجعل حل إقامة دولة فلسطينية مستقلة أمرًا مستحيلًا.
في المقابل، بينما يحلم البعض بحل تهجير الفلسطينيين، هناك حل أكثر عدالة وواقعية ومنطقية، وهو « حل العودتين ». حل يبدو مع الأسف الشديد مستبعدا ومستحيلا فيظهر وكأنه لم يخطر على بال أحد اللهم المقاومة المشروعة التي كالعادة توصف بالإرهاب من طرف أي احتلال ومن طرف مؤيديه المنحازين له. هذا الحل العادل والمشروع يقوم على مبدأ بسيط، وهو أن يعود أخيرا كل طرف من طرفي النزاع إلى موطنه الأصلي. فيعود اليهود إلى أوطانهم التي هاجروا منها إلى فلسطين طيلة القرن الماضي وحتى الآن، في مقابل عودة كل الفلسطينيين من مخيمات اللجوء إلى أراضيهم وديارهم التي أُجبر أجدادهم وآباؤهم على مغادرتها بالقوة تحت ضربات العصابات الإرهابية الصهيونية التي شكّلت جذور جيش إسرائيل الحالي. فـفي « حل العودتين » بدلًا من « حل الدولتين » استعادة للحقوق المشروعة لكلا الطرفين. وهو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم في فلسطين وفي المنطقة، وأخيرًا بين الغرب اليهودي-المسيحي والمشرق العربي-المسلم.
فمنذ نكبة عام 1948، تعرض الفلسطينيون لعملية اقتلاع جماعي، حيث دمِّرت العصابات الصهيونية مئات القرى وقتلت سكانها وطردت من تبقى منهم قسرًا، تحت حماية الانتداب البريطاني الذي يسر بذلك قيام الكيان الإسرائيلي على أنقاض وطنهم بموجب وعد بلفور. كيان يهودي تشكل من المستوطنين الصهاينة الذين جاؤوا من أوروبا وروسيا وأمريكا ودول أخرى. وبما أن الدول الغربية وفي مقدمتها بريطانيا هي التي رعت المشروع الصهيوني منذ بدايته، فمن العدل والمنطق أن تتحمل مسؤولية إقناع المستوطنين بالعودة إلى بلدانهم الأصلية بل حتى بالضغط عليهم بشتى الوسائل ومنها رفع كل أشكال الدعم عنهم، وتعويض الفلسطينيين التعويض الكافي والوافي عن عقود من المعاناة التي تسببوا لهم فيها.
أما من يبررون وجود إسرائيل بالحاجة إلى وطن قومي لليهود، فعليهم أن يتساءلوا: لماذا يجب أن يكون هذا الوطن في فلسطين تحديدًا؟ شعوب العالم والقانون الدولي ليسوا مجبرين على تبني عقيدة دينية خاصة بأي قوم، ومنها عقيدة اليهود بما فيها خرافة « الأرض الموعودة » وأسطورة « شعب الله المختار ». والمفارقة أن الدول الغربية، التي تتبنى الطرح الصهيوني بكل قوة، هي نفسها التي باسم العلمانية تعتبر العقائد الدينية من خصوصيات الأفراد والجماعات وغير ملزمة للوطن والمجتمع.
والمستغرب أكثر هو مقف فرنسا الداعم للدولة اليهودية، في حين تتبنى حكوماتها علمانية متطرفة مقارنة بعلمانية باقي الدول الغربية. فملك بريطانيا مثلا، هو رئيس الكنيسة الإنڴليكانية، ورؤساء أمريكا يؤدون اليمين الدستورية اليد موضوعة على الكتاب المقدس وأمام قسيس. أمور مستحيلة ولا في الخيال مع العلمانية الفرنسية المتشددة.
ومع ذلك توجد فرنسا في مقدمة المدافعين عن المشروع الصهيوني القائم على « اليهودية السياسية » التي اتضح بالملموس أنه باسمها يرزح الفلسطينيون منذ سبع عقود تحت نيْر الفصل العنصري الصارخ بأرضهم المحتلة. في الوقت الذي تعارض فيه نفس فرنسا وبكل قوة مجرد رائحة ما تسميه ب »الإسلام السياسي ». ازدواجية في المعايير فاضحة لا تفهم سوى بالتحيز الأعمى للصهيونية العنصرية باسم « الدين السياسي » الذي تزعم أنها تعارضه مبدئيا. وذلك على حساب الحقوق الفلسطينية المشروعة.
على كل حال، إذا كان لا بد من منح اليهود دولة آمنة، فلماذا لا تكون في الغرب الذي لا يزال يتبنى مشروعهم بكل قوة؟ فلما ليس في أراضي الولايات المتحدة الشاسعة، حيث يوجد دعم المسيحيين الإنجيليين المطلق لليهود، وحيث يمكنهم العيش وسط بيئة ديمقراطية ومتحضرة المتماهية مع ثقافتهم الغربية، وبعيدًا كل البعد عن العيش وسط « الهمجية والوحشية العربية »، كما يحلو لهم وصف ثقافة المشارقة الذين لم يستضيفهم يوما للعيش بينهم؟
فيمكن، على سبيل المثال، تخصيص ولاية خاصة بالطائفة اليهودية في أمريكا، كما هو الحال مع ولاية يوطا التي تعد مركزًا لطائفة المورمون. هكذا سيحصل اليهود على دولة يعيشون فيها من دون دوام لعنة الخوف على زوالها، ولا لعنة حالة الحرب الدائمة مع محيطها الأجنبية عنها، ومن دون الحاجة إلى جيش ضخم وأجهزة استخبارات مكلفة لحمايتها. فكرة « حل العودتين » ليست فقط الأكثر عدلًا، بل هي أيضًا الأكثر واقعية وسلمية ومطمئنة للجميع مقارنة بجميع الحلول الوهمية المطروحة حتى يومنا هذا.
ففكرة تهجير الفلسطينيين مستحيلة ولو حتى في الأحلام. وخير دليل على ذلك يكمن في نتيجة الحرب الأخيرة لصالح المقاومة الشبه بدائية ضد وحشية جيش الاحتلال المدعوم بكل قوى العالم الغربي. كما يكمن وبقوة في مشاهد عودة الغزيين مبتهجين فور إعلان الهدنة إلى لقراهم وديارهم المدمرة. بينما استمرار الاحتلال الإسرائيلي يعني دوام الحروب والصراعات والاضطرابات والتوترات والعداوات ليس فقط في فلسطين وفي كل المنطقة، بل أيضًا بين الأنظمة الغربية وشعوب العالم الإسلامي ومجمل حكومات المشرق وباقي العالم التي لا تقبل الظلم.
أما العودة إلى الأصول بمعنى إلى حال فلسطين قبل الاحتلال، حيث يعود اليهود إلى بلدانهم الأصلية، ويستعيد الفلسطينيون أراضيهم وديارهم وحريتهم واستقلالهم، فهي الحل الذي يحقق العدالة والطمأنينة للجميع والتعايش السلمي والتقليدي والمعهود بالعالم المسلم بين كل المسلمين وكل اليهود، وينهي قرنًا من الحروب والاضطرابات ليس فقط بالمنطقة بل بالعالم كله.
فإذا أراد العالم أخيرا سلامًا حقيقيًا وعادلا ودائمًا، فعليه أن يتشجع ويتخلى عن الحلول الوهمية التي لم تؤدِّ إلا إلى مزيد من الحروب والتوتر وذبح الأبرياء وسجنهم صغارا وكبارا، نساء وزجالا ودمار أراضيهم وديارهم وحرمانهم من الحق في حريتهم. « حل العودتين » هو البديل العادل والمنطقي، الذي يعيد الحقوق إلى أصحابها، ويضمن سلامًا حقيقيًا، ليس فقط لفلسطين، بل للمنطقة والعالم بأسره.
حل العودتين الذي من المؤمل أخيرا أن تتبناه الأجيال اليهودية الصاعدة لما تستخلص الدروس من الموروث الصهيوني الظالم الذي دام أكثر من سبعة عقود، والذي لم يجلب لليهود بفلسطين سوى لعنة البؤس الدائم ولعنة التعاسة ولعنة الخوف على الحاضر وعلى لمستقبل، من دون باقي شعوب العالم التي تعيش في أراضيها بسلام آمنة ومطمئنة بداخلها ومع كل جيرانها في محيطها وفي منطقتها.
فكل من المصري مثلا، والأردني واللبناني والسوري، مثل باقي أفراد شعوب العالم، يعيش مطمئنا في أرضه لا ينازعه فيها أحد. فقط اليهودي الصهيوني في فلسطين ومن دون غيره يشعر بدوام لعنة الغربة عن الأرض التي يحتلها ومرفوض ومنبوذ ومكروه من طرف كل من أهلها وأهالي محيطها. أليست هذه لعنة؟ نعم، ويا لها من لعنة جزاء وفاقا! فمن أجل ماذا، سوى السراب طيلة حياة لا يعيشها الإنسان إلا مرة واحدة؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وجدة سيتي
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- وجدة سيتي
ستكون مساءلة ومحاسبة أمة الإسلام بين يدي الله عز وجل يوم الحساب على قدر المسؤوليات والإمكانيات ولن يبرأ إلا من أبرأ ذمته أو استضعف ولم يستطع حيلة ولم يهتد سبيلا
ستكون مساءلة ومحاسبة أمة الإسلام بين يدي الله عز وجل يوم الحساب على قدر المسؤوليات والإمكانيات ولن يبرأ إلا من أبرأ ذمته أو استضعف ولم يستطع حيلة ولم يهتد سبيلا يقول الله سبحانه وتعالى في سورة النساء من الآية 95 إلى الآية 99 ((لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفور رحيما إن الذين توفّاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا )) . يتضمن هذا النص القرآني العهد الذي أخذه الله عز وجل على أمة الإسلام التي فرض عليها الجهاد من أجل أن يعبد وحده في الأرض ، ويقام فيها شرعه ، وقد تضمن تمييزا ومفاضلة بين القائمين بهذه الفريضة على وجهها ، وبين المقصرين فيها ، وبشّر من بشر من هم ، وأنذر من أنذر ، وأعذر من رأى له عذرا . و حري بأمة الإسلام اليوم أن تستحضر هذا العهد المأخوذ عليها من خالقها وقد وجب عليها نصرة عباد له استضعفوا في أرض الإسراء والمعراج ، فحوصروا وجوعوا ، ودمرت مساكنهم ، وقتّلوا تقتيلا فاق حدود الإبادة الجماعية بأشواط بعيدة، لا لشيء إلا لأنهم أولا أرادوا تطهير مسجده الأقصى الذي باركه ، وبارك ما حوله من دنس اليهود الصهاينة ، ثم استرجاع حريتهم، ووطنهم الذي سلب منه بالقوة بمساعدة ودعم الاحتلال البريطاني ثم بعده دول أوروبية والولايات المتحدة الأمريكية . إن النص المتضمن للعهد الإلهي أعلاه، لم يرد في محكم التنزيل ليرتل ثم تطوى صحفه كأنه قصص أو أحداث تاريخية ، بل هو تشريع ملزم لأمة الإسلام حتى تقوم الساعة ويقف الناس بين يدي خالقهم للمساءلة والمحاسبة والجزاء . والأصناف التي ورد ذكرها في هذا النص القرآني هم مجاهدون بأموالهم وبأنفسهم ، وقاعدون عن الجهاد ، ومستضعفون ، وهي أصناف تتكرر في كل زمان وفي كل مكان إلى نهاية العالم . والذي يعنينا من هذه الأصناف في هذا الظرف بالذات الذي يحتاج فيه المؤمنون المظلومون في أرض الإسراء والمعراج إلى مؤازرة واجبة شرعا هم القاعدون عن الجهاد الواجب والمستضعفون وفيما يلي تفصيل أحوالهم : أ ـ صنف القاعدين عن الجهاد : وتتدرج مسؤولياتهم من عليا إلى دنيا ، وسيسألون يوم العرض على خالقهم سبحانه وتعالى على قدر درجة مسؤوليتهم التي قلدهم إياها ، ولا ذريعة لهم يتذرعون بها يومئذ عن قعودهم أو تخلفهم عن نجدة من يستنجدون بهم من إخوانهم المؤمنين وهم تحت الحصار المحكم والتجويع المهلك ، والقصف المدمر . وإذا كان القاعدون المتخلفون عن فريضة الجهاد زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيسألون يوم العرض على ربهم عن قعودهم بعبارة » فيم كنتم ؟ وسيتذرعون بعبارة » كنا مستضعفين في الأرض « ، فترفض ذريعتهم وتدحض بعبارة » ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ » ، فإن أصحاب المسؤوليات اليوم حسب تدرجها سيواجهون يوم العرض على خالقهم نفس المساءلة بصيغ أخرى، وستدحض كل ذريعة سيتذرعون بها ، وسيدانون بما أدان الله تعالى من كان قبلهم بقوله : (( إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم )) ، وما ظلم أنفسهم سوى القعود والتخلف عن أداء فريضة أوواجب الجهاد بالمال والنفس .و سؤال هؤلاء فيم كانوا؟ سيشمل كل شاغل شغلهم عن أداء واجبهم الديني ، وصاحب كل مسؤولية منهم على اختلاف نوعها سيتذرع بذريعة تسد مسد ذريعة الاستضعاف في الأرض كما فعل من كان قبلهم ، وسيواجه دحضها بأدلة دامغة لا سبيل لإنكارها، لأن الله تعالى يعلم السر وأخفى. ومعلوم أن الجهاد المفروض على المؤمنين ـ وهو كره لهم ـ يتحقق بطرق شتى ، وهو أنواع ذكر منها الله عز وجل في النص القرآني أعلاه الأهم، وهو إنفاق المال ، والتضحية بالنفس ، ولكنه في نص آخر ذكر أنواعا أخرى في قوله عز من قائل في الآيتين العشرين والواحدة والعشرين بعد المائة من سورة التوبة : (( ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيض الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون )) . ففي هذا النص القرآني تفصيل للجهاد بالنفس والمال وغيرهما ، ذلك أن الذي يظمأ، وينصب، ويجوع، ويطأ الموطىء الغائض للعدو ،والنائل منه ، و الذي يقطع الوادي هو المجاهد بنفسه ،وبجهده العضلي ،وربما يكون مجاهدا بماله أيضا ، والذي ينفق النفقة الصغيرة والكبيرة هو المجاهد بماله . والجهاد بما يغيض العدو وبما ينال منه له أوجه عديدة منها الكلمة المسموعة والتي تحضر وتعاين أو المنقول بالصوت والصورة عن بعد، كجهاد العلماء، والمفكرين، والدعاة، والخطباء، والإعلاميبن … هو جهاد لا يقل شأنا عن جهاد المال والنفس ، ومنه أيضا جهاد المسيرات المليونية، والمظاهرات ،والوقفات والاعتصامات المؤيدة والداعمة للمستضعفين المظلومين كجهاد عموم الناس، ومنها جهاد مقاطعة ما يسوق في الأسواق من سلع تعود أرباحها بالنفع على العدو وتقويه ، وهو جهاد مفروض على الجميع ولا عذر لأحد في التقصير فيه ، و قد توجد طرق وأساليب أخرى تؤدي نفس الغرض لا تقل شأنا عن جهاد المال والنفس، وعلى كل أفراد الأمة المسلمة أن تنشدها للنجاة من التخلف عن فريضة الجهاد إذا وجبت كما هو الشأن اليوم في أرض الإسراء والمعراج . ومع كثرة وتنوع ما يسد مسد الجهاد بالمال والنفس، لا يبقى من عذر لأحد ، ولا تقبل منه ذريعة إذا عرض على خالقه يوم الحساب . ب ـ صنف المستضعفين : وهم الفئة التي استثنيت في النص القرآني الأول من الوعيد في قوله تعالى : (( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا )) . ومعلوم أن الاستضعاف هو اعتبار الشخص ضعيفا ، وركوب ضعفه من أجل الإساءة إليه كما جاء على لسان نبي الله هارون وهو يخاطب أخاه نبي الله موسى عليهما السلام في جزء من الآية الخمسين بعد المائة من سورة الأعراف : (( قال ابن أُمَّ إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني )). ولقد ذكر الله تعالى في هذا الاستثناء ثلاثة أنواع وهم : رجال ،ونساء ،وولدان قاسمهم المشترك هو الضعف . وإذا كان الأصل في الرجال أنهم أقوياء ومؤهلون للجهاد ، و لا يدخلون تحت صنف المستضعفين إلا لعلة تسلبهم قوتهم من عمى، أو مرض، وعرج، أو قُعاد ،أو خبل … أو غير ذلك من العلل المانعة من أداء الفريضة، فإن الأصل في النساء والولدان الضعف . ومعلوم أنه لا يجوز لغير هذه الأصناف التذرع بذرائع غير مقبولة كي يكونوا ضمن المقبولة أعذارهم لأن الله تعالى لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء . ولا عذر يقبل لتعطيل فريضة الجهاد إذا وجبت على أمة الإسلام ، وهي اليوم واجبة في أرض الإسراء والمعراج ، وقد تعددت ، وتنوعت طرق الجهاد وأساليبه كما مر بما خصوصا وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : » من مات ولم يَغْزُ، ولم يحدث نفسه به، مات على شعبة من نفاق « . وأخيرا نقول لينظر كل فرد من أمة الإسلام ،وهي اليوم تزيد عن المليار ونصف المليار نسمة إلى ما في وسعه من قدرة ، أوجهد مادي أو معنوي يبذله جهادا في سبيل الله من أجل إخوة له في الدين يعيشون محنة الحصار الخانق ، والتجويع ، والتعطيش ، والإبادة الجماعية ، وذلك تبرئة للنفس أمام الخالق سبحانه وتعالى ، و في نفس الوقت إراحة لضميره قبل أن يلقى ربه على شعبة من نفاق عياذا بالله منه . و لا تفوت الفرصة دون التذكير بأنه على الرغم من أهمية ما في التوجه الواجب إلى الله تعالى بخالص الضراعة كي يعجل بفرج لإخواننا في أرض الإسراء والمعراج ، فإنه لا يمكن أن يكون بديلا عن التفكير في بذل ما في الجهد ، والوسع، والطاقة مما يدعمهم ماديا أو معنويا ،علما بأن الدعاء يأتي بعد الاستعداد والإعداد كما ذكرني بذلك أخ فاضل مشكورا مأجورا إن شاء الله تعالى بقول المولى جلت قدرته في الآية الخمسين بعد المائتين من سورة البقرة على لسان المجاهدين من أصحاب طالوت : (( ولمّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين )) وقد جاء دعاؤهم بعد البروز لأعدائهم، وكان مسبوقا بالإعداد والاستعداد والتوكل على الخالق سبحانه وتعالى. ولا شك أن الدعاء مع إخواننا في أرض الإسراء والمعراج إذا جاء بعد عونهم ماديا ومعنويا مهما كان نوعه أو حجمه أو شكله، سيكون مستجابا إن شاء الله تعالى .


الرباط
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- الرباط
المقاومة أفسدت كل المُخططات الصهيونيه
المقاومة أفسدت كل المُخططات الصهيونيه كتب /: مُحمد شفيق مرعي بدايةً أقول تحيةً وسلاماً وأماناً وأمناً وإستقراراً وجنة الخُلد تسكُنها أمي الحبيبة الغالية . التي كانت سبباً في وجودي . وكانت وستبقى علامةً فارقة في حياتي . فلم تكن مجرد أم أنجبت وأرضعت وربت وأطعمت وسقت وكبرت وعلمت وسهِرت على راحتي حتى بلغت عنان السماء . إن الفضل كله لله ثم إليك يا أمي . فقد كُنت الزهرة التي تنشر كل أنواع الرحيق في حياتي . كنتي الوردة التي يفوح منها كل أنواع العطر الخيالي . فإليك أبعث سلامي في مقالي هذا وبعد مرور ستة أشهر على رحيلك وإنتقالك من عالمنا المُزيف إلى جوار رب العالمين . رب الدنيا والناس أجمعين . رب العدل ورب القضاء ورب الخير . سلاماً عليكِ وعلى كل من رحل عزيزاً رحيماً كريماً أماً وأباً . وبعد تحية إجلال وتقدير لأرواح الشهداء الذين سقطوا نتيجة القصف المستمر العشوائي على كل أنحاء غزة ورفح . مر عامين على كشف الحقيقة وفضح الكيان الصهيوني والذي كان وسيظل يدعي أنه يسعى أو يريد السلام ولكن على أجساد ودماء الأبرياء من الأطفال والنساء من أبناء فلسطين . تحيةً لكل طفل فلسطيني وكل رجل وكل فتاة وكل أم جميعكم كان لسه بصمةً تاريخية وكانت سبباً في كشف ووضوح الرؤية التي أثبتت للعالم من هو صاحب القضية ومن له حق البقاء في تلك الأرض . الأرض المُقدسة العربية التي كانت عبر التاريخ مقصداً لكل أشباه الرجال وكل من ظن أنه سوف يمتلكها ويصبح حاكماً طاغيةً عليها . القدس الشريف عاصمة الدولة الفلسطينية والتي لا تقبل القسمة على إثنين لكونه ملاذاً للتواصل الروحي بين البشر والخالق الأعظم . فالقدس أرض الديانات ومهد الرسالات السماويه . وهى عنوان الإنسانية ومقصد عزيز على كل نفسٍ بشريه . لما تحمله من إرث خالد عبر التاريخ والزمان . ولما تتحلى به من عُمق التواصل والإطلاع على خير سيرة حسنه وهى أنبياء الله ورُسوله الصالحين . فلم يأتي دين على الإطلاق يُشرع إراقة الدم . بل إن جميع الرسالات السماويه كانت وما زالت تُحرم الدم . وتُحرم نشر الخوف والزعر والسطو والعدوان والإستيلاء على مقدرات الأوطان . كل الأديان تُنادي بالسلام والعيش في أمان جنباً إلى جنب . كل الأديان تبعث في روحنا ونفوسنا عظمة الإحترام والخشوع وخشية العباد في رب العباد . فليس لأحد حق الوصاية على غيره . وليس لأحد حق التدخل في شؤون غيره . وليس لأحد حق فرض القرار على غيره . فقد خلقنا الله أحراراً ويجب أن نعود إلى الله كما خلقنا أحراراً . إن السلام هو أبسط حقوق الإنسان في هذه الحياة إذا سُلب منه أبسط حقوقه فما الفائدة من الحياة . إن التعدي على إنسان المُسالم يُعد إختراقاً لكل معايير الإنسانية . يُعد تعديلاً على كل الإنسانية . والسطو والعدوان هما جريمتان يستوجبان عقاباً جنائياً . كونهما إعتداء بدون وجهه حق . إن ما يحدث في فلسطين من حرب إبادية وحشيه وهمجية الهدف منها تصفية شعبٍ وسرقة أرضه المقُدسه . إن أعظم ما يكون للمرء هو دفاعه عن دينه ووطنه وعرضه . ولكن إن الصهاينة يمنحون أنفسهم كل الحقوق في الدفاع عن أنفسهم بمعنى أن وجودهم متوقف على إغتيال أبناء الشعب الفلسطيني . والذي قد صنفهم الصهاينة على أنهم إرهابيين كما كان تصنيف العرب جميعاً بشكل عام والمسلمين بشكل خاص . إن أبشع الجرائم والتي تم إرتكابها عبر التاريخ والزمان صدرت من أشباه بشر غير مسلمين . فالإسلام هو دين السلام والرحمة والتسامح والعدل . الإسلام خير دين عرفته الإنسانية والبشرية . وهو الدين الذي حرم إراقة الدم بشكل صريح . وطالب المسلمين بإحترام حريات الأخرين في الإعتقاد والتعبُد . وطالبهم بالحرص على سلامة غير المسلمين وأوجب علينا حماية غير المسلمين . ولكن قد صور الغرب صورة الإسلام وأتباعه وصدرها للشعوب الأوروبية على أنه دين الإرهاب والسطو والعنف . إلا أنهم قد خدعوا شعوبهم على مدار أعوام طويله . حتى جاء يوم السابع من أكتوبر للعام ألفين وثلاثة وعشرين . وهو اليوم المعروف بطوفان الأقصى . والذي شهد ملحمةً بطولية جسدتها المقاومة الفلسطينية بكل شجاعة ونضال في سبيل القضية الفلسطينية والتحرير النفسي للشعب الذي ظل تحت الإحتلال والحصار المفروض لمدة سبعين عاماً . سبعين عاماً من الإحتلال الإسرائيلي والعدوان الهمجي . والإستيلاء على مُقدرات هذا الشعب . بل وتهجير أهله وسرقة منازلهم . وما شهده العالم من قصف همجي للمنازل وأصحابها بداخلها وإلى دور العبادة والمُتعبدين بداخلها وإلى الجامعات والطُلاب بداخلها وإلى المستشفيات والمرضى بداخلها وإلى الحضانات والأطفال بداخلها . كان الهدف منه هو إبادة جماعية وتطهير عرقي بحق الإنسانية . وهذا الأمر الذي يستوجب محاكمةً جنائية دولية على ما تم إقترافه بحق هذا الشعب المُناضل الصابر والذي تعرض لأبشع أنواع الإنتهاك والعدوان . تعرض لأبشع ظلم عرفه البشر من البشر . تعرض للخيانة من كل من هم حوله . أيها الناس لا تصدقوا أن شعب فلسطين قد باع أرضه . على العكس تماماً . إن المُغريات التي تُعرض عليهم لترك تلك الأرض كافية ببناء دولة في أي مكان حول العالم . ولا أريد الربط بين حركات المقاومة الفلسطينية وبين من أخذوا الدين الإسلامي ساتراً ولعبوا به من أجل تحقيق مصالح شخصية . المقاومة الفلسطينية ليس لها علاقة بالإخوان المتأسلمين حول العالم . المقاومة تُمثل الأمة العربية في الدفاع عن الوطن العربي . ولولا وجودها ما دام أمد القضية حتى يومنا هذا . المقاومة هى تاج الفخر والعز وهى عنوان الإنسانية حيث أنها تفدي بنفسها وتقدم أرواحها فداء لله والوطن وهذا هو أعظم جهاد . الموت في سبيل الله . فإما أن تحيا بسلام وأمان وإستقرار . وإما الموت في سبيل القضية التي تمس شرف الأمة العربية كلها . ليعلم الجميع أنه لا يوجد ما يُحلل أو يشرع أو يعطي حقاً للهجوم على وطن أمن وإختراق حدوده وسرقة النوم من عيون أبنائه وجعله أرضاً مُمزقة وتهميش شعبه وسرقة أحلامه من بين يديه . فلا خيار عن السلام . ولا خيار عن تحقيقه وجعله واقعاً مفروضاً مستمراً .


المغربية المستقلة
١٩-٠٣-٢٠٢٥
- المغربية المستقلة
كيف تفاعل العالم مع خبر استشهاد أبي حمزة ، رد فعل المتصهينين العرب . وكيف سترد حماس على غدر الإحتلال ؟
المغربية المستقلة : بقلم الصحافي حسن الخباز 'نزفّ إلى شعبنا الفلسطيني العظيم وإلى شعوب أمتنا العربية والإسلامية، القيادي الشهيد ناجي أبو سيف (أبو حمزة)، الناطق باسم سرايا القدس، الذي اغتاله جيش الإجرام في استهداف غادر طال عائلته وعائلة أخيه'. بهذه الكلمات ، ، نعت حركة الجهاد الإسلامي، امس الثلاثاء، 'أبا حمزة' المتحدث باسم جناحها العسكري 'سرايا القدس'، في غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة. وأضافت: 'كان أبو حمزة أحد الأصوات البارزة للمقاومة الفلسطينية، حيث تميز بفصاحته وجرأته في التعبير عن مواقف ثابتة تدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني'. وقد شددت الحركة على أن 'هذه الجرائم لن تزيدنا إلا إصرارًا على مواصلة النضال والدفاع عن حقوق شعبنا، حتى إفشال أهداف العدوان بالكامل'. كالعادة ، شمت بعض المنصهينين العرب من استشهاد ابي حمزة ، وسخراوا إعلامهم الرخيص للتبخيس من قيمة هذا العملاق البطل الذي فقد العرب والمسلمون ، هذا الصنديد الذي كان صوته يزعزع الكيان ويزرع الرعب في اوصاله . ماذا ننتظر ممن سخر من خبر وفاة الشيخ ابو إسحاق الحويني الذي التحق بالرفبق الاعلى يوما واحدا فقط قبل أبي حمزة ، وشمت فيه الشامتون المشموتون ، إن قلوبهم كالحجارة او اشد قسوة ، إنهم مرضى نفسيون ، يعبدون المخلوق من دون الخالق ، لذلك فهذا حالهم . وفي المقابل صدمت الشعوب الحرة من خبر تصفية الشهيد 'ناجي ابو سيف' فخر العرب والمسلمين ، الذي غدره الصهاينة رفقة زوجته وافراد من اسرته عبر غارة جوية استهدفت مقر إقامته . ابو حمزة كان قائدا و محاهدا و ناطقا باسم كتائب سرايا القدس ، تحمل المسؤولية وهو صغير السن ، شباب في عمره في بلادنا العربية يتراقصون على تيك توك وباقي المنصات الاجتماعية . ابو حمزة كان سيفا من سيوف الإسلام ، مثل العروبة خير تمثيل ، كان مثالا للرجولة والمروءة والشهامة والعزة والكرامة وقوة الجاش ، كان لا يخشى إلا الله ، لذلك خوف الله منه كل الصهاينة وكل المتصهينين . خلاصة القول ان الشهيد لقي تعاطف الغالبية العظمى من سكان الكرة الارضية ، فقد كان له تاثير كبير ودور اكبر في بث الرعب في نفوس الصهاينة وكان مجرد ظهوره يسبب امراضا نفسية للمحتلين . جدير بالذكر ان نتانياهو وحكومته المتطرفة انقلبوا على اتفاق وقف إطلاق النار كعادتهم وغدروا اهل غزة بشن غارات جديدة على القطاع ، خلفت استشهاد عشرات الشهداء من المدنيين العزل فضلا عن مسؤولين كبار في غزة . أجل ، فقد شنت طائرات الاحتلال الاسرائيلي غارات جوية عنيفة على مناطق متفرقة من قطاع غزة ، اطلقت عليها اسم 'العزة والسيف' ، استهدفت منازل ماهولة بالسكان منهية بذلك اتفاق وقف إطلاق النار الذي انطلق في العشرين من يناير الماضي . هذا ، وقد نعت حركة حماس عددا من قادة العمل الحكومي في القطاع ، فقدتهم الحركة جراء العدوان الاخير ، كما فقدت العشرات من الابرياء ، فضلا عن الكثير من الجرحى … وكالعادة ، جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لا دور لها ولا صوت لها ولا حياة لها اصلا ، وإخواننا الفلسطينيون وحدهم يواجهون الصهاينة بصمود قل نظيره في ظل الحصار المضروب عليهم والتقتيل والتجويع المفروض عليهم . ومع كل هذا ، فحركة حماس تؤكد ان العدوان لن يزيدها إلا إصرار على مواصلة النضال ، والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني الابي ، للوصول إلى إفشال العدوان الغاشم الذي يقوده الكيان المحتل بدعم وتشجيع من الإدارة الامركية .