logo
هل تتحدى الإرادة الدولية جرائم إسرائيل في غزة؟

هل تتحدى الإرادة الدولية جرائم إسرائيل في غزة؟

جريدة الاياممنذ 4 أيام
تتفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، وتزهق المجاعة أرواح مزيدٍ من الأطفال والمدنيين، إلى جانب الذين يفقدون حياتهم يومياً بفعل آلة القتل والتدمير الإسرائيلية الوحشية، ناهيك عن الخسائر الإضافية في الأرواح في ظل تعطيل المنظومة الصحية في القطاع. فقد جاءت تحذيرات من قبل أكثر من ١٠٩ منظمات للمساعدات الدولية بأن الوضع في غزة وصل إلى 'الجوع الجماعي' خلال الأسابيع الأخيرة. وحسب بيانات فلسطينية رسمية، فقد أكثر من ٦٠ ألف فلسطيني حياته، وأصيب ضعف هذا العدد، نتيجة القتل المباشر من قبل قوات الاحتلال، ناهيك عن آلاف المفقودين. يأتي ذلك بالإضافة إلى خسارة مئات الأطفال حياتهم نتيجة تفاقم مستوى المجاعة في غزة، ومقتل مئات آخرين، في مصائد الموت، التي نصبها الاحتلال والشركات الأميركية المتعاونة معه، بحجة توزيع الاحتياجات الإنسانية الأساسية لسكان القطاع، بدلاً من المؤسسات الدولية.
يأتي ذلك في ظل استمرار مماطلة إسرائيل بوقف الحرب، ومواصلة خداعها للعالم، وذلك بتظاهرها المشاركة في مفاوضات فضفاضة لوقف إطلاق النار، بينما تشدد حصارها على المدنيين العزل لقتل أكبر عدد منهم، وتزيد توسعها في غزة وسيطرتها على مساحات إضافية، وتزيد من أوامر إخلاء المدنيين، وتحصرهم في أماكن ضيقة محددة، وتمسح أي أثر لوجودهم، بتدمير كامل لبيوتهم في مناطق عديدة في القطاع.
طالبت ٢٥ دولة في بيان، يوم الاثنين الماضي، ومعظمها دول أوروبية، من بينها إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا، إسرائيل بوقف الحرب على غزة فوراً، ورفع القيود المفروضة على دخول المواد الغذائية الأساسية إلى القطاع. وشددت تلك الدول على رفضها التهجير القسري وأي إجراء يحدث تغييرا ديمغرافيا في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وعبّرت الدول الموقّعة على البيان، والتي انضمّ إليها بعد ذلك ثلاث دول أوروبية أخرى، عن استعدادها «لاتخاذ إجراءات إضافية لدعم وقف فوري لإطلاق النار في غزة». حمل البيان توقيع ٢٤ دولة أوروبية معظمها من بين دول الاتحاد الأوروبي الـ٢٧، بالإضافة إلى كندا وأستراليا ونيوزيلندا واليابان، وامتنعت دول مثل ألمانيا والمجر عن التوقيع على البيان. كما صدر بيان للاشتراكية الدولية في ذات اليوم حول الأزمة الإنسانية في غزة والضفة الغربية، وهي منظمة دولية، تأسست في العام ١٩٥٠، وتضم في عضويتها حالياً أكثر من ١٦٠ حزباً ومنظمة من جميع أنحاء العالم. واعتبر هذا البيان أن استخدام الجوع كسلاح في الحرب هو أمر غير مقبول، ودعا لاتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الكارثة الإنسانية في غزة.
لم يأت هذا التطور في المواقف الرسمية للدول الغربية الرافض لاستمرار الحرب الإسرائيلية في غزة جديداً، فقد عكس التصويت في الجمعية العامة ومجلس الأمن منذ بداية الحرب، إجماع الموقف الرسمي الدولي على رفض مواصلة إسرائيل حربها المدمرة على القطاع. فقد صدر عن الجمعية العامة في الأمم المتحدة عدد من القرارات طالبت جميعها بوقف الحرب. صدرت تلك القرارات بالأغلبية، لكن الملفت هو تطور تلك الأغلبية، والإجماع الدولي لصالح وقف الحرب. في ٢٧ تشرين الأول في العام ٢٠٢٣، أي بعد شن إسرائيل حربها على غزة بأيام، دعمت ١٢١ دولة القرار رقم ES 10/21 بينما امتنعت ٤٤ دولة عن التصويت، وعارضته ١٤ دولة أخرى. بعد ذلك وبأقل من شهرين صدر قرار آخر عن الجمعية رقم ES 10/22 بموافقة ١٥٣ دولة، وامتناع ٢٣ دولة عن التصويت، ورفضته ١٠ دول أخرى. وبعد عام صدر قرار آخر، رقمه A/ES 10/26 دعمته ١٥٨ دولة، وامتناع ١٣ دولة فقط، بينما عارضته ٩ دول. وصدر في شهر حزيران الماضي قرار آخر عن الجمعية يحمل نفس المطالب القرارات السابقة، بموافقة ١٤٩ دولة، وامتناع ١٩ دولة، ومعارضة ١٢ دولة أخرى. وبغض النظر عن الضغط الذي مارسته إدارة الرئيس دونالد ترامب على دول العالم، وذلك بعد وصوله للحكم، فإن الأغلبية المطلقة لهذه الدول طالبت بوقف حرب الإبادة والقتل والتجويع والتهجير في غزة، استجابة لمواقف شعوبها.
كان هناك عدة محاولات أيضاً لاستصدار قرار من مجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية في غزة، ما يعكس أيضاً إجماع دول مجلس الأمن جميعها، باستثناء الولايات المتحدة، إلا أنها أحبطت بسبب الدعم المطلق الأميركي لإسرائيل باستخدام الفيتو ٦ مرات، منذ بداية الحرب الإسرائيلية. وفي ١٨ تشرين الأول ٢٠٢٣، دعا مشروع مُقدّم من البرازيل لوقف إطلاق نار فوري وفتح الممرات الإنسانية، ولكن المشروع سقط بعد استخدام الولايات المتحدة الفيتو، رغم تأييد ١٢ دولة له، من مجموع ١٥ دولة، وامتناع دولتين عن التصويت. وفي ٨ كانون الأول في العام ٢٠٢٣، جاء مشروع قرار آخر مقدم من الدول العشر غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن، يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وافقت عليه ١٤ دولة، أحبط بالفيتو الأميركي. وفي ٢٠ شباط من العام ٢٠٢٤، رفعت الجزائر مشروعاً جديداً في المجلس يدعو إلى وقف إطلاق نار إنساني، أيدته ١٣ دولة، بينما امتنعت بريطانيا عن التصويت، وأسقطته الولايات المتحدة مرة أخرى. وفي ٢٠ تشرين الثاني في العام ٢٠٢٤ طرحت الدول العشر غير الدائمة في المجلس مشروع قرار جديداً يدعو إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وإدخال الاحتياجات الإنسانية، تم تأييده من قبل ١٤ دولة، وأسقطه الفيتو الأميركي. وفي ٤ حزيران ٢٠٢٥ طرحت الدول الأعضاء غير الدائمة في المجلس مشروعاً دولياً جديداً يدعو لوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط ودائم، وإتاحة وصول المساعدات دون عوائق إلى جميع أنحاء القطاع، إلا أنه أحبط كالمشاريع السابقة، رغم تأييده من قبل ١٤ دولة أيضاً.
وتقف الولايات المتحدة سواء في مجلس الأمن أو الجمعية العامة متحدية الإرادة الدولية، الداعية لوقف القتل والإبادة والتجويع والتشريد في غزة، متبنية في ذلك موقف إسرائيل. ورغم ذلك طرحت الولايات المتحدة مشروعَي قرارين في ذات الشأن، أُسقطا بفعل الفيتو الروسي والصيني. فقد جاء مشروع قرار أميركي في ٢٥ تشرين الأول ٢٠٢٣ يدعو إلى وقف إطلاق نار إنساني مؤقت ووصول مساعدات وإطلاق محتجزين في غزة، إلا أنه سقط، بسبب الفيتو الروسي والصيني. وفي ٢٢ آذار ٢٠٢٤ طرحت الولايات المتحدة مشروع قرار آخر لوقف إنساني لإطلاق النار، إلا أنه أُفشل أيضاً بفعل فيتو من قبل روسيا والصين. واعتبر البلدان أن المشاريع الأميركية تنحاز لإسرائيل، ولم تتضمن إدانة واضحة للانتهاكات الإسرائيلية ضد المدنيين في غزة، ولم تطالب بوقف شامل ونهائي لإطلاق النار، ولم تدع لمحاسبة إسرائيل على استخدام القوة المفرطة والتجويع. اعتبر السفير الروسي في مجلس الأمن أن مشاريع القرارات الأميركية «تبيّض صفحة إسرائيل في العدوان المستمر على غزة'. ورغم ذلك سمحت الولايات المتحدة بخروج قرار واحد عن مجلس الأمن، جاء برقم 2728 في ٢٥ آذار ٢٠٢٤، ودعا إلى وقف فوري للقتال خلال شهر رمضان، بعد تصاعد الانتقاد الدولي للولايات المتحدة، وتوجه الحلفاء الغربيين لوقف إطلاق النار، وتحركات تشريعيين ديمقراطيين أميركيين واضطرابات في الشارع الأميركي دعماً لوقف الحرب في غزة، فسمحت الولايات المتحدة بإخراج قرار توافقي عن المجلس، لم يستخدم عبارة 'وقف إطلاق نار دائم'، ولم يتضمن أي إدانة مباشرة لإسرائيل.
تقع مسؤولية حماية الفلسطينيين من الجرائم المقترفة بحقهم من قبل دولة الاحتلال على المجتمع الدولي ومؤسساته. وتعد الأمم المتحدة المنظمة الدولية التي جاءت لصون الأمن والسلم الدوليين، اللذين انتُهكا بشكل فاضح خلال هذه الحرب، وهو ما أكدت عليه تحقيقات وتقارير لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة. ولأن مجلس الأمن هو الجهة المخولة بالتحرك العملي لمعاقبة المعتدي وتحقيق الأمن، ولأن الولايات المتحدة تعطل القرار بالتحرك لردع إسرائيل، فقد تقع المهمة الآن صراحة على عاتق الجمعية العامة، المكلفة أيضاً مع مجلس الأمن بتحقيق هذه المهمة. ففي ظل منظومة دولية لم تنجح دائماً في تحقيق العدالة والسلم والأمن الدوليين، أي في تحقيق المهمة الأصلية التي جاءت من أجلها، بسبب قواعد رسّخها الميثاق، ترجح الاعتبارات السياسية وتوازن المصالح بين الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، تنبهت الجمعية العامة لذلك في خمسينيات القرن الماضي، وأصدرت قراراً يعرف بـ «الاتحاد من أجل السلام». رغم أن هذا القرار جاء بمبادرة من الولايات المتحدة، للخروج من أزمة تعطيل عمل مجلس الأمن في تحقيق الأمن والسلم الدوليين خلال تلك الفترة، تجنباً لفيتو الاتحاد السوفيتي. ورغم أن هذا القرار استخدم خلال الحرب الباردة، فإنه يمكن أن يعكس اليوم قرار الإجماع الدولي بشكل ديمقراطي، بما تحيد الفيتو الأميركي في مجلس الأمن. تستطيع دول العالم بشكل فردي أو جماعي أو مؤسسي عبر الجمعية العامة التحرك الفوري لردع إسرائيل وفرض وقف الحرب والمجاعة والقتل بحق الفلسطينيين. يمكن لتلك الدول التلويح بعقوبات دبلوماسية واقتصادية وحتى عسكرية، من خلال قرار الاتحاد من اجل السلام، أو حتى بدونه، دون الحاجة للعودة لمجلس الأمن، والاكتفاء بتحقيق العدالة من خلال إجماع الإرادة الدولية الملتحمة من أجل تحقيق العدالة. إن العالم الحر اليوم أمام اختبار صعب، فإما أن ينجح في إرساء الأمن السلام في فلسطين، ومنح الثقة بمنظومة المؤسسات الدولية والقوانين والمعاهدات، وإما أن يثبت فشل تلك المنظومة وصوريّتها، بخدمتها فقط لمصالح الدول الكبرى، التي وضعت تلك المنظومة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

برسوم 15%..ترامب يعلن التوصل إلى "أكبر اتفاق" مع الاتحاد الأوروبي
برسوم 15%..ترامب يعلن التوصل إلى "أكبر اتفاق" مع الاتحاد الأوروبي

معا الاخبارية

timeمنذ 3 ساعات

  • معا الاخبارية

برسوم 15%..ترامب يعلن التوصل إلى "أكبر اتفاق" مع الاتحاد الأوروبي

بيت لحم معا- أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم، عن التوصل إلى اتفاق جديد مع الاتحاد الأوروبي، واصفًا إياه بـ"الأكبر على الإطلاق"، مشيرًا إلى أن الاتفاق يتضمن شراء الأوروبيين لمعدات عسكرية أميركية، ويهدف إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي والأمني بين الجانبين. وبعد مفاوضات مطولة، توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تفاهم بشأن الرسوم الجمركية على السلع. ستخضع دول الاتحاد الأوروبي الراغبة في تصدير سلعها إلى الولايات المتحدة لرسوم جمركية بنسبة 15%، بينما لن تخضع واردات السلع الأمريكية إلى الاتحاد الأوروبي لها. وفي تصريحات له، أكد ترامب أن بلاده ستفرض رسومًا جمركية بنسبة 15% على واردات من الاتحاد الأوروبي، دون أن يحدد طبيعة السلع المشمولة. وأضاف أن الاتفاق الجديد سيُسهم في تحقيق توازن تجاري أكبر، ويعزز مكانة الصناعات الدفاعية الأميركية. سيستثمر الاتحاد الأوروبي 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، بما في ذلك في مجال الطاقة وشراء المعدات العسكرية الأمريكية". وأضافت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، أن "الاتفاق سيحقق الاستقرار". وأوضح ترامب أن الاتفاق سيساهم في "جلب الاستقرار" إلى الأسواق.

الأونروا تحذر: صفحات مزيفة تستغل اسم الوكالة للاحتيال على سكان غزة
الأونروا تحذر: صفحات مزيفة تستغل اسم الوكالة للاحتيال على سكان غزة

فلسطين أون لاين

timeمنذ 6 ساعات

  • فلسطين أون لاين

الأونروا تحذر: صفحات مزيفة تستغل اسم الوكالة للاحتيال على سكان غزة

متابعة/ فلسطين أون لاين تحث وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) سكان غزة على توخي الحذر الشديد من صفحات وهمية وغير رسمية تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي. تدعو هذه الصفحات العائلات للتسجيل للحصول على مساعدات إنسانية، مستخدمة شعار الأونروا بشكل غير قانوني، وذلك بهدف خداع الأفراد وسرقة معلوماتهم الشخصية والحساسة. احذروا الروابط المشبوهة وابتزاز البيانات تؤكد الأونروا أن هذه الصفحات تروج لروابط مشبوهة قد تستخدم لجمع بيانات شخصية لأغراض غير معروفة. تشدد الوكالة على عدم وجود أي علاقة لها بهذه الإعلانات المزيفة، وتحذر القائمين عليها من استخدام اسمها أو شعارها دون تصريح رسمي مسبق. كيف تحمي نفسك؟ اتبع المصادر الرسمية فقط تدعو الأونروا العائلات في غزة إلى عدم الإدلاء بأي معلومات شخصية لأي جهة غير رسمية. كما تحثهم على متابعة الأخبار والمعلومات من المصادر الرسمية للأونروا فقط لضمان دقة وصحة المعلومات. تذكر الأونروا أنها تمتلك صفحة رسمية واحدة فقط باللغة العربية على فيسبوك، وهي "أخبار الأونروا". لذا، يجب عدم التفاعل مع أي صفحات أخرى تدعي أنها تابعة للأونروا. الصفحة الرسمية للأونروا على فيسبوك، يرجى الضغط هنا المصدر / فلسطين أون لاين

داخل "قوَّة أوريا"... كيف يحول متطرِّفون إسرائيليُّون الدَّمار في غزَّة إلى تجارة؟
داخل "قوَّة أوريا"... كيف يحول متطرِّفون إسرائيليُّون الدَّمار في غزَّة إلى تجارة؟

فلسطين أون لاين

timeمنذ 7 ساعات

  • فلسطين أون لاين

داخل "قوَّة أوريا"... كيف يحول متطرِّفون إسرائيليُّون الدَّمار في غزَّة إلى تجارة؟

متابعة/ فلسطين أون لاين في عمق العمليات العسكرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة، تعمل قوة إسرائيلية صغيرة تُدعى "قوة أوريا"، تتكون من متطرفين إسرائيليين، هدفها الرئيسي هدم أكبر عدد ممكن من المنازل بهدف حرمان السكان من العودة، في سياسة وصفتها تقارير حقوقية بأنها "تدمير من أجل التهجير". تدخل هذه القوة إلى القطاع برفقة جرافات ضخمة وتحظى بحماية مباشرة من جيش الاحتلال، وتستعين أيضاً بمدنيين متعاقدين مقابل مبالغ مالية، يُجلبون من خلال إعلانات منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي. وتكشف التقارير أن عمليات الهدم تتم حتى في مناطق لا تشكل تهديداً عسكرياً، حيث تُسوّى مبانٍ متضررة جزئياً أو سليمة بالكامل بالأرض خلال دقائق. برزت "قوة أوريا" بشكل أكبر خلال يوليو 2025، بعد مقتل أحد عناصرها، الجندي أبراهام أزولاي، في هجوم نفذته كتائب القسام أثناء قيامه بهدم منازل في خان يونس. وقد صوّرت القسام العملية ونشرتها، فيما ردّت القوة بهدم 409 مبانٍ خلال أسبوع، كفعل انتقامي وصفه نشطاء بأنه انتقام جماعي يستهدف المدنيين. في مجموعات استيطانية على واتساب، رُبطت هذه العمليات مباشرة بـ"تمهيد الأرض للاستيطان اليهودي في غزة"، وقال منشور: "نُهدي 409 مبانٍ دمرناها في ذكرى أزولاي.. تمهيداً للاستيطان". من يقود "قوة أوريا"؟ تأسست القوة نهاية 2024 على يد الناشط اليميني المتطرف أوريا لوبيربوم، المقرب من وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، المعروف برفضه إدخال المساعدات إلى غزة. القوة تضم جنود احتياط ومدنيين من مستوطنات الضفة، وتعمل تحت قيادة فرقة غزة العسكرية. تشارك القوة في عمليات هدم لمبانٍ لا تمثل أي تهديد عسكري، ويظهر عناصرها في مقاطع فيديو على تيليغرام وهم يحتفلون بـ"مسح أحياء كاملة من الخارطة". وتستخدم القوة شعاراً يجسد طبيعتها: جرافتان تحيطان بمبانٍ وأمامهما جندي إسرائيلي. يعتمد الاحتلال على شركات مدنية لاستقدام مشغلي جرافات، حيث تُنشر إعلانات على "فيسبوك" و"تلغرام" توضح المهمة صراحة: "هدم منازل في غزة"، مع عرض أجور مغرية تصل إلى 400 شيكل في الساعة في حال استخدم العامل معداته الخاصة. وتشير تقارير إلى أن الجيش يدفع 1500 دولار لهدم مبنى من عدة طوابق، مما أغرى العديد من المتطرفين للانخراط في هذه العمليات التي يرون فيها فرصة استيطانية ومصدر دخل. حاخام في خط الهدم الأمامي إلى جانب "قوة أوريا"، يبرز الحاخام أبراهام زربيف، ضابط في لواء "جفعاتي"، الذي يوثق مشاركته في عمليات هدم المنازل وينشرها مرفقة بشعار "تدمير غزة"، ويضع ملصقات تحمل صورته إلى جانب جرافة على منازل مدمرة. هذه الملصقات انتشرت بشكل لافت داخل إسرائيل، حتى ظهرت في أيدي أطفال يحملونها كرمز للفخر، مما يشير إلى تطبيع فكرة التدمير لدى الأجيال الناشئة. قدّمت مؤسسة "هند رجب" في بروكسل شكوى رسمية إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد الحاخام زربيف، بسبب دوره في عمليات الهدم الممنهج، كجزء من حملة تقودها حركة "30 مارس" لملاحقة جنود الاحتلال المتورطين في جرائم ضد الفلسطينيين. تُقدّر الأمم المتحدة أن 92% من منازل غزة دُمّرت أو تضررت منذ بداية الحرب، أي ما يعادل 436,000 منزل، مع وجود 50 مليون طن من الأنقاض قد يستغرق رفعها 21 عاماً. يُضاف إلى ذلك تدهور كارثي في الأوضاع الإنسانية، إذ تُظهر المعطيات الرسمية أن 122 فلسطينياً، بينهم 83 طفلاً، توفوا جوعاً حتى نهاية يوليو 2025، في ظل منع الاحتلال إدخال الغذاء والدواء، وقصفه نقاط توزيع المساعدات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store