
انكفاء المحور أمام سياسة الحرب الإسرائيلية
انتهت حرب الأيام الـ12 وهي في مدتها ضعف حرب الأيام الستة إلى قبول إيران بوقف لإطلاق النار مع إسرائيل والولايات المتحدة، نتيجة قرار اتخذه وأعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب. القبول كان أشبه باستسلام، فالحرب كشفت هزال القوة العسكرية الإيرانية إزاء تضخّم الخطاب الإيراني المقاوم، إذ تمكنت إسرائيل خلال ساعات من القضاء على قسم كبير من أركان القيادة الإيرانية وشلّت حركة جيوشها ومنظماتها الرديفة، وسيطرت على الأجواء الإيرانية في تكرار لتجربة الطيران الحربي الإسرائيلي في أجواء لبنان وسوريا.
وبعد شهر من توقف معركة طهران لم تستفق إيران من هول الكارثة التي ألمّت بها مباشرة، وهي التي اعتادت تلقي الضربات عبر الأذرع والأطراف، بات عليها أن تجيب عن الأسئلة الكبرى التي طرحتها ولقنتها لأتباعها على امتداد المشرق: كيف تُزال إسرائيل ومتى وكيف؟ وكيف تُطرَد أميركا من "غرب آسيا"؟ لكنها لم تقدم جواباً، بل هزيمة لم تخرج منها، انعكست تراجعاً حاداً في خطاب "الاقتدار" التاريخي، وعودة إلى توسل علاقات أفضل مع الجوار والعالم.
الأسئلة الأساسية التي طرحتها الحرب على إيران بقيت من دون جواب يشفي غليل الأتباع والأنصار، وذهب النقاش الداخلي الإيراني كالعادة إلى صراع بين متطرفين وأكثر تطرفاً بهدف حفظ النظام لا الاستجابة إلى حاجات بلد كبير وإلى طموحات شعبه في الانفتاح والازدهار. تبارى أركان السلطة في إيران بين من قدم الخدمات للقائد ومن قصّر في تقديمها، وبين من اتهم الرئيس مسعود بزشكيان بالخيانة ودعا إلى محاكمته ومن اكتشف فيه قائداً فذّاً عرف كيف يدمج "الدبلوماسية بالميدان"، في استعادة مقصودة على لسان وزير الخارجية عباس عراقجي، لنظرية قائد فيلق القدس قاسم سليماني الذي قتلته الولايات المتحدة قبل خمسة أعوام.
وفي الأثناء انتهت أو تراجعت حملات "الوعود الصادقة" بإزالة "الكيان الصهيوني" من الوجود. عراقجي في تصريحاته المُحدثة نفى أن تكون قيادته صرحت بذلك طوال أعوام وجودها، أما شعار "الموت لأميركا" فاعتبره مجرد هتاف احتجاجي على بعض "السياسات الأميركية الاستعمارية".
هذا الانكفاء الإيراني تترجمه تصريحات المرشد الأخيرة، الخالية من أي هجوم على أميركا وإسرائيل، وحتى من دون الإشارة إلى مأساة غزة التي تتولى الحكومة الإيرانية حالياً لفت الأنظار إلى بعدها الإنساني.
في كلمة وجهها قبل أيام في ذكرى "استشهاد القادة والعلماء" اكتفى الإمام الخامنئي بالتشديد على "الحفاظ على الوحدة الوطنية" و"تعزيز قدرات البلاد عبر صون الأمن". الخامنئي لاحظ في المناسبة أن "العدو قصير النظر لم يحقق هدفه"، لكن متتبعي الحالة الإيرانية بعد حرب الأيام الـ12 والحروب الرديفة ضد الفرق الرديفة، رأوا في كلام خامنئي المختصر والعام تجنباً مقصوداً للخطاب الانتصاري السابق، وتعبيراً عن أزمات عميقة تفعل في المشهد الإيراني على مختلف المستويات، ومنها ما جعل بزشكيان يحذّر في التوقيت نفسه من ضرورة نقل العاصمة طهران وإخلائها بسبب عدم توفر المياه فيها.
لا توحي الإشارات الإيرانية بعزم على مواصلة المواجهة الحربية المباشرة مع الشيطانين الأكبر والأصغر، وإن كان بعض التحليلات يتحدث عن محاولة طهران كسب الوقت في اتصالات دبلوماسية تحت عنوان تجديد الاتفاق النووي. في الوقت نفسه تواصل القيادة الإيرانية بذل ما يمكنها لتنشيط أنصارها في المشرق، ودفعهم إلى مواصلة أدوار تسيء إلى بلدانهم وتبقي لإيران خيوطاً وأوراقاً تفاوضية تستعملها في وقت ما. لكن هؤلاء، مثل الرأس الذي يديرهم، يعانون نهجاً إسرائيلياً تدميرياً لا يلبس كفوفاً. فإذا كانت التقية ميزة السلوك الإيراني عموماً، وفي هذه المرحلة خصوصاً، فإن نهجاً إسرائيلياً صريحاً، برزت ملامحه، خصوصاً بعد "طوفان الأقصى"، يقوم على فرض تغيير الواقع السابق بالقوة المجردة، ثم يسعى بدعم أميركي ودولي صريح إلى تثمير "الإنجازات" العسكرية في وقائع سياسية ثابتة .
لم تنتهِ المواجهة بالنسبة إلى إسرائيل، لا في سوريا ولبنان ولا في غزة واليمن، وبالتأكيد ليس في إيران. وعلى العكس من محاولة "الانكفاء" الإيرانية عن "موجبات المعركة" الخاصة، أو دفاعاً عن أطراف "وحدة الساحات"، والذهاب إلى مناورات دبلوماسية أو محاولات كسب للوقت، فإن القيادة الإسرائيلية تخطط وتطرح صراحة رؤاها للمرحلة المقبلة. فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لا يزال يعلن عزمه مواصلة حروبه حتى الانتصار النهائي، إنه مستعد لضربات أخرى في إيران واليمن، ومتمسك بمنطقة منزوعة السلاح في جنوب سوريا وبنزع سلاح "حزب الله" في لبنان، وفي ختام جولة جديدة من التفاوض مع "حماس" خلص إلى تكرار عناوينه السابقة عن إنهاء الحركة واستعادة المخطوفين.
لا تخفي إسرائيل ما تريده على عكس خصومها الذين أربكتهم ضرباتها. لم تقل إيران سوى أنها سترد إذا "تجرأت" الدولة العبرية عليها مرة أخرى، وفي لبنان لم يرد "حزب الله" مرة واحدة على استمرار العمليات الإسرائيلية ضده التي طاولت مواقع وقتلت نحو 200 من عناصره منذ اتفاق وقف إطلاق النار قبل ثمانية أشهر. لكن الحزب الذي يُطلب منه الانضواء ضمن الدولة والعمل بموجب حصرية السلاح تحت لوائها، لا يزال يهدد الدولة إياها في معرض تمسكه بسلاحه وتكراره الكلام عن قطع اليد التي تمتد إليه، وهي في الحال اللبنانية اليد الإسرائيلية التي لم يمسها سوء، لكنها مُعفاة عملياً من الاستهداف، مقابل مواصلة استهدافه جمهور اللبنانيين الذين يطالبون بدولة الدستور والقانون، بالتحريض والتخوين.
على أن ذلك لا يغيّر في الوقائع شيئاً، والوقائع تقول إن موازين قوى جديدة نشأت في منطقة "محور الممانعة" ليست لمصلحة هذا المحور. في جنوب سوريا احتاجت التهدئة إلى اتفاق سوري - إسرائيلي رعته الولايات المتحدة بعد التدخل الإسرائيلي العسكري ضد مواقع الحكومة السورية و"العشائر" المساندة لها، وفي لبنان لم يكن لمسار استعادة الدولة حقوقها الأولية في احتكار السلاح وحصره تحت سلطتها أن ينطلق من دون ميزان القوى الجديد، الذي فرضت وقائعه على إيران وحزبها نتائج الحرب الأميركية الإسرائيلية ضد المحور الممانع رأساً وأطرافاً.
في الأيام الأخيرة، عندما كان خامنئي يسمي إسرائيل "العدو الأحمق القصير النظر"، كانت القيادة العسكرية الإسرائيلية تنهي مجموعة من اجتماعات التقييم لتخلص بنتيجتها إلى أنها "في أقرب نقطة لتحقيق أهداف الحرب". وتناولت هذه الاجتماعات "صورة الأوضاع الأمنية المحدقة في الشرق الأوسط" واحتمال تجدد المواجهة مع إيران، وخلصت بحسب وزير الدفاع يسرائيل كاتس إلى أنه "يجب الحسم الكامل في غزة واليمن" وتثبيت المناطق الأمنية في سوريا ولبنان كـ"ضرورة لحماية" التجمعات الإسرائيلية في جبهات أمامية.
إنها صورة الشرق الأوسط التي لم تكتمل بعد، هزائم يحاول المحور الإيراني عدم الاعتراف بها لئلا يضطر إلى قبول نتائجها السياسية، وانتصارات إسرائيلية عسكرية تعتقد إسرائيل أن ترجمتها في السياسة ستحتاج إلى مزيد من الحروب، وهذه المعادلة هي التي تتحكم بمستقبل المنطقة في الأسابيع والشهور المقبلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ 17 دقائق
- الشرق السعودية
"الاعتراف بفلسطين".. "كرة الثلج" الفرنسية تتدحرج عالمياً
فتح إعلان فرنسا الاعتراف بالدولة الفلسطينية الباب أمام تحول في السياسات الغربية، ودحرج "كرة الثلج " باتجاه موجة جديدة من الاعترافات المتوقعة، خاصة بعد اعتزام بريطانيا وكندا والبرتغال ومالطا بإعلان الاعتراف ذاته في سبتمبر المقبل، وسط تحركات متسارعة لإعادة إحياء مسار حل الدولتين. ويرى سياسيون ودبلوماسيون غربيون، في حديثهم لـ"الشرق"، أن الخطوة الفرنسية شكلت ضغطاً سياسياً وأخلاقياً متصاعداً على العواصم المترددة، في وقت بدأت فيه المبادرات الدولية، وعلى رأسها مؤتمر حل الدولتين الذي عقد في نيويورك برئاسة السعودية وفرنسا، تعيد رسم المشهد الدبلوماسي، ما أوجد فرصة لتحريك مسار التفاوض الفلسطيني-الإسرائيلي. في خطوة وُصفت بالتاريخية، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس الماضي، اعتزام بلاده الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين أمام الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، لتُصبح فرنسا أول دولة من مجموعة السبع وعضو دائم في مجلس الأمن (باستثناء الصين وروسيا) تتخذ هذه الخطوة، في تحرك دبلوماسي يُعيد تسليط الضوء على حل الدولتين. دول أوروبية على خطى فرنسا عضو مجلس الشيوخ الفرنسي، أوليفيه كاديك قال إن الاتحاد الأوروبي يلتزم بحل الدولتين، مشدداً على ضرورة إقامة دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل على أساس حدود عام 1967، مع إمكانية تبادل الأراضي بالاتفاق بين الطرفين. وأوضح كاديك (وهو أيضاً نائب رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي) أن هناك دولاً أوروبية ترغب بذاتها إعلان اعترافها بالدولة الفلسطينية، ولا يملك الاتحاد الأوروبي كهيئة مؤسسية سلطة التدخل في ذلك. فيما قال مستشار الرئيس الفرنسي للشؤون الفلسطينية – الإسرائيلية، عوفر برونشتين، في تصريحات لـ"الشرق"، إن عدداً من الدول الأوروبية تعتزم إعلان الاعتراف بفلسطين بحلول سبتمبر، موضحاً أنهم أبلغوا فرنسا بنيتهم السير على خطاها، لكن تلك الدول، وفق برونشتين، تفضل التريث بانتظار تبلور الظروف السياسية الخاصة بهم للإعلان الرسمي. وأكد برونشتاين أن الاعتراف الفرنسي يفتح ديناميكية جديدة ستلحق بها دولاً كثيرة بحلول سبتمبر، موضحاً أن فرنسا ستتبع مسار تفاوضي جديد يُبنى بعد الاعتراف وليس قبل الاعتراف كما في السابق، لافتاً إلى "أهمية وجود اعتراف عربي وإسلامي بإسرائيل أيضاً لإنجاح عملية السلام وتحقيق التفاهم المرجو". وفي وثيقة صادرة عن الخارجية الفرنسية ضمن إعلان نيويورك، أطلقت فرنسا و14 دولة أخرى نداءً جماعياً يدعو إلى الاعتراف بدولة فلسطين، وحثت باريس الدول المترددة على الانضمام. وذكر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، على منصة "إكس" أن الدول الموقعة هي: (أندورا، أستراليا، كندا، إسبانيا، فنلندا، فرنسا، أيسلندا، أيرلندا، لوكسمبورج، مالطا، نيوزيلندا، النرويج، البرتغال، سان مارينو، وسلوفينيا). وبسؤاله عن عزم دول أوروبية وغربية أخرى خاصةً ألمانيا وبلجيكا وإيطاليا وأستراليا، الاعتراف بفلسطين، رجح بروشنتين أن بعضها سيتخذ هذه الخطوة، بينما ستتضح مواقف أخرى خلال الأيام المقبلة. من جانبه، اعتبر ماريان دوريس، مستشار السياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية في حديثه لـ"الشرق"، أن فرنسا تُعدّ الفاعل الأبرز في التحول الرمزي للسياسات الخارجية الأوروبية تجاه القضية الفلسطينية، وذلك في ضوء موجة الدعم المتصاعد خلال الأشهر الماضية، لا سيما من حكومات يسارية أو تقدمية. وأوضح دوريس أن الحراك بات مساراً سياسياً لا يمكن للمفوضية الأوروبية تجاهله، مشيراً إلى أن "كرة الثلج" بدأت بالتدحرج فعلياً. وتوقع أن تتبع حكومات ذات ميول يسارية أخرى مثل إيرلندا وإسبانيا هذا الاتجاه، رغم تحفظه على الكشف عن أي معلومات أخرى بحكم موقعه الاستشاري. بريطانيا وكندا والبرتغال ومالطا في غضون أسبوع، أعلنت بريطانيا ومالطا وكندا والبرتغال، عزمهم الاعتراف بدولة فلسطين خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر المقبل، ولكن لندن اشترطت أن تتخذ إسرائيل خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المروع في غزة، فيما اشترطت أوتاوا تنفيذ إصلاحات داخلية فلسطينية في 2026. فيما دعت ألمانيا إلى بدء مفاوضات فورية لتحقيق "حل الدولتين"، الخميس، معتبرة أنه السبيل الوحيد للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأكدت وزارة الخارجية أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية يجب أن يكون نتيجة لتلك المفاوضات، محذرة من خطوات أحادية إسرائيلية، وسط ضغوط داخلية على برلين لمراجعة دعمها تل أبيب. ودعا الدبلوماسي الألماني السابق أندرياس رينيك، برلين، إلى مواصلة التحرك في هذا الاتجاه خلال الأسابيع والأشهر المقبلة. وأوضح رينيك (وهو المبعوث الأوروبي السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط)، أنه من الضروري التمييز بين الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين، وبين مؤتمر حل الدولتين في الأمم المتحدة، مشيراً إلى أن الخطوة الفرنسية قد تشجّع بعض الدول الأوروبية على الحذو حذوها، لكنها لن تؤدي إلى موجة اعترافات واسعة، وفقاً لرأيه. ولفت إلى تمسك ألمانيا بموقف الاعتراف بالدولة الفلسطينية المشروط بالتفاوض، خاصة بعد توافق دول عربية وأوربية لأول مرة في مؤتمر حل الدولتين بنيويورك، مؤكداً أن هذا المؤتمر خلق دعماً وزخماً جديداً للقضية. وعن اعتراف كندا ، قال مايكل لينك، المقرر الأممي السابق لحقوق الإنسان في فلسطين، إن موقف بلاده من الاعتراف يشبه إلى حد كبير سياسة بريطانيا، موضحاً أن الاعتراف كان جزءاً من السياسة الكندية التقليدية، لكنه كان مشروطاً بالتوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، إلا أن هذا النهج تغيّر بسبب الواقع السياسي الحالي. أمن "الدولة الفلسطينية" على الأرض وفي حديثه عن الحلول المستقبلية لحفظ أمن الفلسطينيين، أعاد أوليفيه كاديك، التذكير بمبادرة جنيف (2003) التي اقترحت نشر قوة متعددة الجنسيات، إما تابعة للأمم المتحدة أو لتحالف دولي في المناطق الحدودية والمطارات ونقاط العبور، بهدف ضمان الأمن والاستقرار للفلسطينيين دون وجود عسكري إسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية، وهو ما يجعله أساساً قابلاً لإعادة النظر في ظل تعقيدات المرحلة الراهنة. وتابع: "يبدو لي أن هذا المشروع يقدم ضمانات أمنية حقيقية للفلسطينيين، مع مراعاة هواجس تل أبيب الأمنية". فيما أوضح لينك، وهو أيضاً أستاذ مشارك في القانون الدولي بجامعة ويسترن أونتاريو الكندية، أن بلاده لا تملك أدوات تأثير فعلي على الأرض في غزة أو الضفة أو القدس الشرقية، معتبراً أن الاعتراف يُعد رسالة غضب تجاه إسرائيل وتأكيداً على التمسك بالقانون الدولي والدبلوماسية المسؤولة، لكنه شدد على أن العقوبات الفعلية وحدها هي الكفيلة بإحداث تغيير حقيقي. خطوة رمزية تحتاج حلاً واقعياً ورغم ترحيبه بالخطوة، يرى مستشار السياسة الخارجية في المفوضية الأوروبية ماريان دوريس أن "الاعتراف" وحده، دون خطوات عملية، لا يغيّر الواقع الجيوسياسي، معتبراً أن بعض هذه التحركات تحمل طابعاً رمزياً وتستهدف استرضاء الجاليات المهاجرة أو الناخبين الناشطين. وأشار إلى أن السياسات الأوروبية لا تزال محكومة بمعايير مزدوجة، لافتاً إلى أن بعض الدول الأوروبية ستُبقي على موقف "الحياد الآمن"، مكتفية بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة دون التوجه للاعتراف الرسمي. ولفت دوريس إلى أن مواقف الدول تتأثر بعقلياتها السياسية وظروفها الداخلية، وقد ترتبط أحياناً بالاعتبارات الانتخابية، موضحاً أن المفوضية والاتحاد الأوروبي لا يملكان صلاحية الاعتراف بالدول نيابةً عن الدول الأعضاء، إذ تُعدّ هذه الصلاحية من الشؤون السيادية الخاصة بكل دولة على حدة. واعتبرت ناديا إيسيان عضوة البرلمان الفرنسي سابقاً، أن اعتراف بلادها بدولة فلسطين يُمثل "نقطة تحول رمزية بالتأكيد، لكنها تحمل أيضاً أبعاداً ملموسة نظراً لما تثيره من ردود فعل متباينة، سواء إيجابية أو سلبية على المستوى الأوروبي". وأضافت إيسيان أن "السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت فرنسا قادرة على تحويل هذا الزخم الرمزي إلى واقع سياسي دولي فعلي على الأرض". وقالت إيسيان إن الاعتراف جاء في لحظة حرجة يواجه فيها الفلسطينيون خطر الإبادة، معتبرة أنها تمثل التزاماً بالعدالة وأداة ضغط دبلوماسي لا رجعة فيها، وقد تعيد لفرنسا دوراً فاعلاً ومصداقية في الشرق الأوسط، إذا واصلت هذا النهج الشجاع. ورأت أن غياب سياسة أوروبية موحدة داعمة للفلسطينيين، إلى جانب موقف ألمانيا الرافض للاعتراف، يعكس عجز الاتحاد عن اتخاذ خطوات حازمة ضد إسرائيل التي تتجاهل المجتمع الدولي بدعم أميركي. واتفق معها رئيس معهد الدراسات الأوروبية للاستشراف والأمن بباريس، إيمانويل دوبوي، ولفت إلى أن قرار فرنسا "رمزي" من حيث التوقيت، لكنه يحمل دلالات سياسية مهمة، ويعيد وضع حل الدولتين على جدول الأعمال الدولي. وقال دوبوي إنه على الرغم من أن الخطوة الفرنسية جاءت دون استيفاء الشروط التي حددها ماكرون سابقاً (التوافق الأوروبي، ومشاركة ألمانيا، وخروج حماس من غزة، وإصلاح السلطة، ومشاركة عربية أوسع في اتفاقيات أبراهام)، إلّا أنها تحمل وزناً خاصاً لكون فرنسا دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وعضواً في مجموعة السبع إلى جانب بريطانيا وكندا، اللتين تتجهان نحو هذا الاعتراف أيضاً، ما يضفي على قرارها بُعداً استثنائياً مقارنة بسوابق الاعتراف. وتعترف نحو 144 دولة من أصل 193 في الأمم المتحدة بفلسطين كدولة. وكانت أيرلندا وإسبانيا والنرويج قد اعترفت بها في مايو 2024، تلتها سلوفينيا وأرمينيا في يونيو من العام نفسه. وتعتزم بريطانيا وكندا ومالطا والبرتغال، إضافة إلى فرنسا، الاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر 2025، ما لم يتم التوصل إلى شروط محددة. وفي عام 2012، حصلت فلسطين وقتها على صفة مراقب عام في الأمم المتحدة، مما عزز حضورها الدولي دون الاعتراف الكامل كدولة عضو وسط اعتراض أميركي دائم.


الشرق السعودية
منذ 17 دقائق
- الشرق السعودية
وزير الخارجية المصري يلتقي روبيو ويشدد على ضرورة حقن دماء الفلسطينيين
جدد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في واشنطن، تأكيده أهمية التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية، مشدداً على ضرورة حقن دماء الشعب الفلسطيني. وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان: "شدد عبد العاطي على ضرورة طرح أفق سياسي لتحقيق تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية، واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. وأعرب عبد العاطي خلال اللقاء عن تطلعه لمواصلة العمل الوثيق مع الإدارة الأميركية لإرساء أسس السلام العادل، والشامل في الشرق الأوسط، بما يحقق مصالح جميع شعوب المنطقة. من جانبه، قال وزير الخارجية ماركو روبيو، إنه ناقش مع وزير خارجية مصر الأهداف المشتركة في تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط، مثمناً الدور المصري في تأمين إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة "حماس"، وفقاً لبيان الخارجية الأميركية. كما بحث الوزيران سبل تطوير العلاقات الثنائية الوثيقة بين مصر والولايات المتحدة، وتبادلا الرؤى حول عدد مع القضايا الإقليمية والدولية، ذات الاهتمام المشترك، وفقاً لبيان الخارجية المصري. منتدى الأعمال المصري الأميركي وأعرب وزير الخارجية المصري عن تطلع بلاده لمواصلة التنسيق والتعاون الوثيق مع الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في سبيل تعميق أواصر هذه الشراكة في المجالات السياسية والأمنية، والعسكرية، والاقتصادية، بما يسهم في تعزيز الأمن والاستقرار والسلام في الإقليم، مشدداً على أن الشرق الأوسط يمر بمرحلة دقيقة. واستعرض الوزيران سبل تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، إذ أشاد وزير الخارجية المصري بنتائج منتدى الأعمال المصري الأميركي الذي انعقد في القاهرة مايو الماضي، بمشاركة أكثر من 50 شركة أميركية، من بينها 12 شركة تشارك لأول مرة في السوق المصري، بما يعكس التزام الدولة المصرية بجذب الاستثمارات وتعزيز شراكاتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة. وأكد الوزيران على أهمية استمرار التنسيق بشأن عقد جولة جديدة من اجتماعات المفوضية الاقتصادية المشتركة، وعقد نسخة جديدة من منتدى الأعمال المصري- الأميركي خلال الفترة المقبلة، بما يعزز آفاق الشراكة الاقتصادية بين البلدين. موقف مصر الداعم للسودان وذكر بيان الخارجية المصري أن الوزيرين تناولا الأوضاع في السودان، وأهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاد المساعدات، مشدداً في الوقت نفسه على موقف مصر الداعم لمؤسسات الدولة السودانية، وضرورة احترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السودانية. وتناول عبد العاطي ملف نهر النيل والأمن المائي المصري، كما أطلع نظيره الأميركي على موقف مصر المستند إلى ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي، فيما يتعلق بالموارد المائية المشتركة، مؤكداً ضرورة التعاون لتحقيق المنفعة المشتركة على أساس القانون الدولي. وشدد على رفض الإجراءات الأحادية الإثيوبية المخالفة للقانون الدولي، لافتاً إلى أن مصر ستتخذ كافة التدابير المكفولة بموجب القانون الدولي لحماية أمنها المائي.


Independent عربية
منذ 17 دقائق
- Independent عربية
ترمب: الضربات الروسية الأخيرة على أوكرانيا "مثيرة للاشمئزاز"
وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضربات التي شنّتها القوات الروسية ليل الأربعاء-الخميس على أوكرانيا وأوقعت ما لا يقلّ عن 16 قتيلا بأنّها "مثيرة للاشمئزاز، مؤكدا عزمه على فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب غزوها لجارتها. وقال ترمب للصحافيين إنّ "روسيا - أعتقد أنّ ما يفعلونه مثير للاشمئزاز. أعتقد أنّه مثير للاشمئزاز"، مضيفاً "سنفرض عقوبات. لا أعلم إن كانت العقوبات تزعجه" في إشارة إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وأعلن ترمب أمس الخميس أن المبعوث الخاص ستيف ويتكوف سيزور روسيا بعد زيارته الحالية لإسرائيل. وسبق أن أجرى ويتكوف محادثات مكثفة في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وأمهل الرئيس الأميركي نظيره الروسي حتى الثامن من أغسطس (آب) للتوصل إلى اتفاق لوقف القتال في أوكرانيا، وإلا فإنه سيفرض عقوبات اقتصادية. وأسفر هجوم روسي صاروخي وبالطيران المسيّر على كييف عن مقتل 16 شخصا على الأقل بينهم طفلان، فيما دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الخميس حلفاءه للضغط من أجل "تغيير النظام" في روسيا. ودمرت الضربات التي وقعت ليلا أجزاء من مبنى سكني من تسعة طوابق في الأحياء الغربية لكييف، وأدت إلى مقتل 16 شخصا بينهم طفلان وإصابة 155 شخصا بينهم 16 طفلا، بحسب آخر حصيلة لأجهزة الاسعاف. وأعلنت بلدية العاصمة الجمعة يوم حداد. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في الأثناء، أعلن الجيش الروسي الخميس سيطرته على مدينة تشاسيف يار وهي مركز مهم للجيش الأوكراني في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا، حيث يخوض الجانبان معارك عنيفة منذ أشهر. وكثّفت موسكو هجماتها الجوية الدامية على أوكرانيا في الأشهر القليلة الماضية، متجاهلة ضغوطا أميركية لإنهاء غزوها المستمر منذ ما يقرب من ثلاث سنوات ونصف سنة، في حين تواصل قواتها التقدم ميدانيا. وأطلقت روسيا أكثر من 300 مسيرة وثمانية صواريخ كروز على أوكرانيا، بين ليل الأربعاء والساعات الأولى من الخميس، وكان هدفها الرئيسي كييف حسبما أعلن سلاح الجو الأوكراني. واخترق أحد تلك الصواريخ مبنى سكنيا يضم تسعة طوابق بغرب كييف ما أدى إلى تدمير واجهته وفق السلطات. وأكد الجيش الروسي أنه استهدف قاعدة عسكرية جوية أوكرانية ومستودعا ومنشآت لإنتاج المسيّرات في ضربة ليلية استخدمت فيها أسلحة عالية الدقة ومسيّرات.