logo
"أميركا أولاً" لا تعني ترك إسرائيل

"أميركا أولاً" لا تعني ترك إسرائيل

العربي الجديدمنذ 2 أيام

رفع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، منذ بدء ولايته الثانية شعاراً واضحاً؛ "أميركا أولاً"، يلخص جوهر سياساته داخليا وعالميا. يعني، دولياً، أن أي مصلحة لدولة أخرى، حتى لو كانت حليفا، لن تعلو على مصالح أميركا، وهذا ما فرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أي أن أميركا لن تتبنّى كل خطوة أو هدف تريده إسرائيل إذا اعترض ذلك هدف تحقيق هيمنة أميركية اقتصادية وسياسية وأمنية وعسكرية وتثبيتها، برؤيةٍ عنصريةٍ متطرّفةٍ لا تقبل التحدّي أو الشكوى.
ما تقدّم أعلاه كان واضحاً، وإنْ بدرجات أقل منذ فترة ولاية ترامب الأولى، لكن ذلك لا يعني الانجرار إلى وهم استعداد ترامب لوقف حرب الإبادة غير المشروطة بسيطرة إسرائيلية أميركية على قطاع غزّة أو وقف الزحف الاستيطاني وتدمير مخيمات ومدن في الضفة الغربية تمهيداً لضمّها وتهجير أهلها، بشرط أن لا تعرقل عمليات التطهير العرقي المعلنة أهداف ترامب في المنطقة، وهذا ما يحدث.
نعم، لم يستجب ترامب لدعوات إسرائيل لضرب إيران، بل تفيد التقارير بأنه يحاول منعها ليتمكّن من التوصل إلى اتفاق، ولو مرحليا، مع طهران حيال البرنامج النووي الإيراني، فهو لا يريد جر الجيش الأميركي إلى حرب إقليمية، وهذا كان خطه في ولايته الأولى بين عامي 2017 و2021، لكن ما اختلف نجاح إسرائيل في ضرب حزب الله، وإضعاف حركة حماس وإن استمرت الأخيرة بالمقاومة. أي أن ترامب ليس مستعدّا لأن يغامر بأهداف أميركا لمنع الصين من تهديد مكانتها بوصفها القوة العظمى إرضاءً لمزاج نتنياهو، الذي يسعى إلى تركيز أنظار العالم على التهديد "الوجودي" لإيران على إسرائيل وعلى ضرورة تدمير البرنامج النووي الإيراني، إذ لا يحق لأحد امتلاك برنامج نووي في المنطقة إلا إسرائيل. كما أن ترامب لم يتشاور مع نتنياهو، بل وتجاهله عشية جولته الخليجية وفي أثنائها، إذ اعتبر أن ما يريده نتنياهو ليس بالضرورة ما تريده واشنطن من تمتين علاقات واشنطن الاقتصادية الاستراتيجية بدول الخليج، فترامب، كما أعلن أكثر من مرّة، يريد الحصول على تمويل دول الخليج العربية بحجّة دفع ثمن الحماية الأميركية، فلا شيء وفقاً لترامب "يعطى مجّاناً"، ولضخ المال في السوق الأميركية والصناعات العسكرية وشركات تصنيع الطائرات المدنية، عليه؛ بدت طلبات نتنياهو واعتراضاته ليست أكثر من ضوضاء مزعجة لم يسمح لها بتعكير أجندة جولته الخليجية.
لم تُخفِ المراكز الصهيونية دهشتها بمدى تجاهل ترامب إسرائيل التي لم يشملها برحلته. ولكن يجب الحذر في تقييم ما حدث ويحدُث، فلم يحاول ترامب، ورغم حاجته إلى الصفقات مع دول الخليج، فرض وقف إطلاق نار على إسرائيل التي استمرت بارتكاب أبشع جرائم حرق العائلات والأطفال في غزّة شن حرب فرض المجاعة على أهلها. وبعد عودته أعلن عن بدء تنفيذ عملية توزيع طعام تحت إشراف شركة أمنية أميركية وإسرائيل، في أبشع صورة تستغل الجوع لإهانة الإنسان الفلسطيني، وهو يتباهى بإطعام الجياع والأطفال الفلسطينيين.
إن سماح ترامب بالاتصالات الأميركية المباشرة مع حركة حماس كان لأن لديها شيئا يريده، أي المحتجزين
كان ضرورياً أن تساق هنا بشاعة الصورة حتى لا نتوه تماماً في المبالغة في الخلاف بين ترامب وإسرائيل، فترامب لم يدَّع يوماً أنه صهيوني، ولم يكذب مثل مسؤولين ورؤساء أميركيين سابقين بأنه يشارك إسرائيل الحلم الصهيوني، ولا يهمّه المشروع الصهيوني لا من قريب و لا من بعيد. تهمّه مصالحه أولا، ويرى التحالف مع تل أبيب وفق منظور المصالح لا غير، لكن ذلك لا يعني أن حقوق الشعب الفلسطيني تعنيه، فإذا كان هناك من تناقضٍ مع إسرائيل، فلا يمكن المبالغة بتصوّر قدرتنا على استغلاله بتغيير المسار الرأسمالي الاستعماري لترامب، بمحاول استخدام حاجته إلى الدول العربية لوقف الحرب، ووقف التمدّد الاستيطاني في الضفة الغربية.
في السابق، وعلى الرغم من كل المآخذ التي كانت ولا تزال على النظام الرسمي العربي، كان هناك على الأقل، رسمياً وعلنا، ادّعاء بالالتزام بمركزية القضية الفلسطينية، ولا يقلّصها إلى مسألة تعاطف انساني غير موجود أصلا عن مشارك في الجريمة من خلال مد إسرائيل بالأسلحة المتقدّمة، فترامب لا يحترم الضعف. وأغامر هنا بالقول إن سماح ترامب بالاتصالات الأميركية المباشرة مع حركة حماس كان لأن لديها شيئا يريده، أي المحتجزين، وضرورة قبولها شروط الهدنة لأن لديها السلاح والإرادة لاستمرار القتال، بالرغم من الضربات الإسرائيلية القوية، لكن ذلك لا يعني أنه مهتمٌّ بدورها السياسي أو التمثيلي، فنحن نتحدّث عن شخص براغماتي إلى أقصى حد، فكلها صفقاتٌ بالنسبة إليه. عدا عن أن ترامب لم يأت من رحم المؤسّسة الرسمية الأميركية، ولا يلتزم بـ"المحرّمات"، مثل عدم التعامل مع منظّمات محظورة، مثل "حماس" و"أنصار الله" (الحوثيين)، فما يهمّه هو الوصول إلى ما يريد. ولا شك أن في ذلك تقويضاً مهمّاً لسياسةٍ حاول اللوبي الصهيوني الحفاظ عليها في أبجديات السياسة الخارجية الأميركية. ولكن تمرّد ترامب على "الخطوط الحمر" لم يؤثر على الهدف الإسرائيلي الأميركي من تمكين إسرائيل من السيطرة على قطاع غزة منزوعا من السلاح ومن أسس إعادة بناء مجتمع فلسطيني.
نقطة الضعف الأكبر في المشهد هي الانقسام الفلسطيني وغياب قيادة فلسطينية ذات رؤية تحررية
ومن المستبعد أن يقوم ترامب بعمل بحجم خطوة جيمس بيكر وزير الخارجية الأميركي السابق في عهد الرئيس الأميركي جورج بوش الأب عام 1991، الذي ربط السماح بضمانات قروض أميركية لإسرائيل بتجميد قرار لها ببناء مستوطنات جديدة، إسرائيل اضطرّت للامتثال، حتى يقبل العرب بالمشاركة في مؤتمر مدريد للسلام. ولكن حتى هذ الخطوة التي ما زال يجري تمجيدها يجب فهمها في سياقها، فقد لجأ بيكر إلى ذلك لأن بوش كان يعتقد أن مؤتمر سلام عربي- إسرائيلي كان ضروريا لتهدئة الشارع العربي بوعد زائف عن السلام في فلسطين، بعد بدء عملية تدمير العراق وإخراجه من دائرة المواجهة مع إسرائيل حتى بما هي قوة رادعة، لكن "التجميد" كان مؤقتاً، وتبعه بعد فترة تسريع وتوسيع في بناء المستوطنات.
ما تقدم لا يلغي فرصة، ولو ضيقة، للاستثمار في التباين الأميركي- الإسرائيلي، لكن الشرط الأول لذلك عدم تخلّي العرب عن الالتزام علناً وأمام أميركا وأوروبا بمركزية القضية الفلسطينية التي يحاول ترامب تصفيتها عن طريق توسيع الاتفاقيات الإبراهيمية التي ما تزال أولوية أميركية كما أكّد وزير الخارجية الأميركي أنطونيو روبيو، وبكل وضوح وعنجهية.
نقطة الضعف الأكبر في المشهد هي الانقسام الفلسطيني وغياب قيادة فلسطينية ذات رؤية تحررية. لكن ذلك لا يعفي الدول العربية من مسؤولياتها في الدفاع عن فلسطين لأنه دفاع عن الأمن القومي العربي، المتآكل، لكن الثورة العالمية المستمرّة بتأييد الحق الفلسطيني التي انطلقت من قوة الفلسطينيين وشجاعتهم وصمودهم تنير ضوءاً لن يستطيع ترامب أو أي تواطؤ وقمع للشعوب العربية إخمادها.

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أنالينا بيربوك رئيسةً للجمعية العامة للأمم المتحدة
أنالينا بيربوك رئيسةً للجمعية العامة للأمم المتحدة

العربي الجديد

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربي الجديد

أنالينا بيربوك رئيسةً للجمعية العامة للأمم المتحدة

انتَخبت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الاثنين، وزيرة الخارجية الألمانية السابقة، أنالينا بيربوك، رئيسة لدورتها القادمة، الدورة الـ80، وصوتت 167 دولة عضو في الجمعية العامة لصالح انتخاب الوزيرة الألمانية السابقة، فيما حصلت منافستها الدبلوماسية الألمانية السابقة، هيلغا شميت، على سبعة أصوات، في حين امتنعت أربع عشرة دولة عن التصويت. وبانتخاب بيربوك فإنها تصبح خامس امرأة تتولى هذا المنصب الذي يستمر العمل به لمدة سنة، وستبدأ مهامّها مع بداية الدورة الجديدة في سبتمبر/أيلول القادم. وأعربت بيربوك عن امتنانها للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بعد انتخابها رئيسةً للجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الحالية، خلفاً للسياسي ورئيس الوزراء الكاميروني السابق، فيليمون يانغ، ووصفت بيربوك قيادته "بالحكيمة والملهمة والمُوحدة"، وشدّدت على أن رئاستها للجمعية العامة ستأخذ من شعار "معاً أفضل" عنواناً لرئاستها كذلك، وأكدت أنّ بابها سيبقى مفتوحاً أمام الجميع، وتحدثت عن "أوقات عصيبة نعيشها"، كما "أوقات مليئة بعدم اليقين"، في إشارة إلى الأزمات العالمية المستمرة، إذ يشهد العالم أكثر من 120 صراعاً مسلحاً، وشددت على أن العالم مر بأوقات عصيبة من قبل ومن الضرورة مواجهة التحديات وسط الحفاظ على ميثاق الأمم المتحدة، وأكدت أنها ستعمل على ما يوحّد الدول بدلاً مما يفرقها. أخبار التحديثات الحية استطلاع: غالبية الألمان ترفض ترشيح بيربوك لمنصب في الأمم المتحدة ولفتت الدبلوماسية الألمانية كذلك الانتباه إلى مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، المتعلقة بخفض التكاليف داخل الأمم المتحدة ومؤسّساتها والمعروفة تحت اسم "الأمم المتحدة 80"، وأكدت الدورَ الحيوي الذي تلعبه الأمم المتحدة حول العالم، ونبهت إلى ضرورة أن تكون المؤسّسة الدولية "منظمةً قويةً... وقادرة على تحقيق أهدافها الأساسية بما فيها العمل على تحقيق السلام والتنمية والعدالة"، ولفتت الانتباه إلى خطة التنمية المستدامة 2030، وضرورة التركيز عليها وقالت إنها على سلم أولويات الدورة القادمة، أي الدورة الـ 80 للجمعية العامة. ويشار إلى أن آخر امرأة تولت منصب رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت وزيرة الدفاع والخارجية السابقة للأكوادور، ماريا فيرناندا اسبنوزا. وعرفت اسبنوزا خلال رئاستها للجمعية العام 2018 بحيويتها ونشاطها. وقبلها تولت الحقوقية والدبلوماسية البحرينية الشيخة هيا راشد آل خليفة رئاسة الجمعية العامة عام 2006، أما الدبلوماسية والقاضية الليبيرية أنجي بروكس فكانت ثاني امرأة تتولى منصب رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1969، وهي المرأة الأفريقية الوحيدة منذ تأسيس الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تتولى رئاسة الجمعية العامة، أمّا أول امرأة تولّت رئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة فكانت الدبلوماسية والسياسية الهندية فيجايا لاكشمي نانديت عام 1953. وعلى الرغم من أهمية المنصب الدولي لكنّه يبقى إلى حدٍ ما منصباً رمزياً إذ تبقى صلاحيات رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة محدودة نسبياً. وفي 16 أكتوبر/تشرين الأول 2024، دعت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية إلى فتح تحقيق ضد بيربوك من قبل المحكمة الجنائية الدولية، على خلفية تبريرها جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين الفلسطينيين، واصفة تصريحاتها بـ"الخطيرة". وكانت وزيرة الخارجية الألمانية قد قالت في كلمة في جلسة عقدت في الجمعية الاتحادية الألمانية، في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بمناسبة الذكرى الأولى لهجوم السابع من أكتوبر، إن "الدفاع عن النفس يعني بالطبع تدمير الإرهابيين، وليس مهاجمتهم فقط"، زاعمة أن "حماس" تختبئ في التجمعات المدنية والمدارس. وأضافت: "لهذا السبب أوضحت للأمم المتحدة أن المناطق المدنية قد تفقد أيضاً وضعها المحمي بسبب إساءة استخدامها من قبل الإرهابيين". وكشف استطلاع للرأي، في مارس/آذار الماضي، أن ترشيح بيربوك لمنصب رفيع في الأمم المتحدة لم يحظَ بقبول جيد لدى معظم المواطنين في ألمانيا. وفي الاستطلاع الذي أجراه معهد "يوجوف" لقياس مؤشرات الرأي بتكليف من وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ)، رأى 42% من الألمان أن ترشيح بيربوك لرئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة أمر سلبي، وذكر 15% أنه سلبي إلى حد ما، بينما رأى 12% أنه إيجابي، ووجد 16% أنه إيجابي إلى حد ما.

اقتحام واسع للأقصى.. ومستوطنون يحاولون وضع قرابين على سطح قبة الصخرة
اقتحام واسع للأقصى.. ومستوطنون يحاولون وضع قرابين على سطح قبة الصخرة

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

اقتحام واسع للأقصى.. ومستوطنون يحاولون وضع قرابين على سطح قبة الصخرة

في تطور خطير وغير مسبوق، حاول مستوطنون، صباح اليوم الاثنين، وضع قطع من لحوم قرابين ملوثة بالدماء على سطح قبة الصخرة المشرفة داخل المسجد الأقصى المبارك، وذلك في إطار ما يسمّى باحتفالات "عيد الأسابيع/شفوعوت" اليهودي. وقال الناشط من البلدة القديمة بالقدس، أسامة برهم لـ"العربي الجديد"، إن عشرات المستوطنين اقتحموا المسجد الأقصى ، وركض بعضهم حاملين قطع اللحم في محاولة رمزية ودينية تهدف إلى تقديم "القرابين" داخل المسجد، لكن حراس الأقصى تصدوا لهم وأغلقوا أبواب مسجد قبة الصخرة لمنعهم من الوصول إليه، الأمر الذي حال دون تنفيذ مخططهم. واتجه مسار المستوطنين اليوم نحو المصلى القبلي داخل الأقصى بعد اقتحامهم إياه من باب المغاربة (جنوب غرب الأقصى) ثم ركضوا باتجاه قبة الصخرة، محاولين وضع القرابين عليها، في مشهد يحمل دلالة عقائدية لديهم ترتبط بطقوس "التطهير الديني" من الذنوب، وتقربهم ـ بحسب معتقداتهم ـ من لحظة هدم الأقصى وبناء الهيكل، وفق برهم. قضايا وناس التحديثات الحية منع الدعاء لغزة بالمسجد الأقصى... مقدمة للتقسيم الزماني والمكاني ويقول برهم: "تكمن خطورة ما فعله المستوطنون، بأنه فعل لم يكن يحدث سابقًا بهذه السهولة، كون القرابين مرتبطة بعقيدة هدم الأقصى وبناء الهيكل، كما ويأتي هذا التصعيد بعد أسبوع فقط من أحداث ذكرى احتلال القدس وما رافقها من احتفالات تهويدية قادها الوزير المتطرف إيتمار بن غفير ، والتي مرّت دون ردات فعل تُذكر، رغم الاعتداءات والانتهاكات". ويلفت الناشط المقدسي إلى أنه في الثاني عشر من الشهر الماضي، حاول مستوطنون إدخال قرابين إلى داخل المسجد الأقصى، إلا أن أحد المواطنين المقدسيين تصدى لهم، وتم لاحقًا استدعاؤه وملاحقته، كما تم اعتقال حارس المسجد الأقصى رائد الزغير الذي تدخل لمنع المحاولة، في الوقت الذي تُرك فيه المستوطنون دون محاسبة. ويوضح برهم "بعد حادثة اليوم، يُتوقع أن يُلاحق ويُعتقل ويُبعد حراس الأقصى الذين تصدوا للمستوطنين والقرابين، ما يثير مخاوف من أن تنجح المحاولة القادمة في ذبح القرابين أو وضعها فعليًا على سطح قبة الصخرة في ظل التواطؤ الكامل من الشرطة الإسرائيلية". ويشير برهم إلى أن قائد شرطة الاحتلال في القدس يصرّح باستمرار بأن "الستاتيكو، أي الوضع القائم في الأقصى لن يُمس أو يتغير"، بينما تواصل الشرطة دعم المستوطنين المقتحمين وتوفّر الحماية لهم، بل وتلاحق موظفي الأوقاف الذين يتصدون لهم، في انتهاك صارخ لصلاحيات الوصاية الأردنية على المسجد الأقصى، والتي باتت على وشك التلاشي. ويعتبر برهم أن اقتحام المستوطنين للأقصى من أبواب متعددة، أبرزها باب المغاربة وباب الرحمة، وخروجهم من أي باب يشاؤون، خلافًا للوضع السابق الذي كان الاقتحام فيه عبر باب المغاربة فقط والخروج من باب السلسلة، لتوجيه رسالة واضحة مفادها فرض السيادة الإسرائيلية داخل الأقصى، وتكريس التهويد والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد، وذلك ينفي ادعاء قائد شرطة الاحتلال، التي عملت منذ يومين على تنفيذ إجراءات إسرائيلية مشددة على مداخل المسجد الأقصى، تضمنت نشر مئات العناصر، وإقامة عشرات الحواجز والعوائق التي شلّت الحركة المقدسية. وتعود أسباب هذا التصعيد بحق الأقصى وفق برهم، إلى عدة عوامل، من أبرزها تكثيف إجراءات التهويد عبر الصلوات التلمودية والسجود الملحمي ورفع الأعلام وزيادة أعداد المقتحمين، وتنفيذ سياسات الاعتقال والإبعاد بحق المقدسيين بشكل مكثف وبحق موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية، ما خلق حالة من الردع، وأسفر عن تراجع كبير في مستوى الحضور المقدسي داخل المسجد الأقصى، وسط غياب غير مبرر من مؤسسات أهلية ورسمية. أخبار التحديثات الحية حماس: اقتحامات المسجد الأقصى حرب دينية تستهدف القدس وبحسب مصادر محلية، فإن اقتحامات المستوطنين تخللتها جولات استفزازية في باحات الأقصى، وأدوا طقوساً تلمودية، بحماية شرطة الاحتلال، وسط تضييقات على المصلين على بوابات المسجد، وحواجز شرطة للاحتلال في محيط البلدة القديمة. وكانت جماعات يمينية متطرفة قد دعت خلال الأيام الماضية إلى تنفيذ اقتحامات واسعة للمسجد الأقصى في عيد الأسابيع الموافق اليوم الاثنين. وعادة يقتحم المستوطنون المسجد الأقصى في جميع أيام الأسبوع باستثناء الجمعة والسبت، وتكون ذروة الاقتحامات في أيام الأعياد اليهودية. ومنذ عام 2003 تسمح الشرطة الإسرائيلية أحادياً للمستوطنين باقتحام المسجد من خلال باب المغاربة في الجدار الغربي من المسجد، حيث تتكثف الاقتحامات بشكل ملحوظ في أيام الأعياد والمناسبات اليهودية. الأردن يدين اقتحام المستوطنين المسجد الأقصى في السياق، دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنيين، بأشدّ العبارات، اقتحام المستوطنين المتطرفين للمسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف، وما رافقه من ممارسات استفزازية مرفوضة تستهدف تدنيسه؛ ما يعد خرقاً فاضحاً للقانون الدولي والوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها، والتزامات إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، ‏وأكّد الناطق الرسمي باسم الوزارة، السفير سفيان القضاة، في بيان اليوم الاثنين، رفض الأردن المطلق وإدانتها الشديدة لمواصلة المستوطنين المتطرّفين الاقتحامات المتكرّرة للمسجد الأقصى/ الحرم القدسي الشريف، باعتباره عملاً استفزازيّاً تحريضيّاً مرفوضاً يستهدف فرض وقائع جديدة في المسجد، من خلال محاولة تقسيمه زمانيًاً ومكانيًاً، مُشدّداً على أن لا سيادة لإسرائيل على الضفة الغربية المحتلّة ومقدساتها في القدس المحتلة. ‏وحذّر القضاة من مغبة وعواقب استمرار هذه الانتهاكات وتكرار محاولات تدنيس المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، التي ما كانت لتحدث دون تسهيل وحماية شرطة الاحتلال الإسرائيلي للاقتحامات اليومية للمتطرفين، مُطالِباً إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، بوقف جميع ممارستها غير المسؤولة ووضع حدٍ لها فورياً. ‏وجدّد القضاة التأكيد أنّ المسجد الأقصى المبارك بكامل مساحته البالغة 144 دونماً هو مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى المبارك التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة شؤونه، وتنظيم الدخول إليه.

تحذيرات من غلاء اللحوم والأحشاء بعد إلغاء شعيرة العيد بالمغرب
تحذيرات من غلاء اللحوم والأحشاء بعد إلغاء شعيرة العيد بالمغرب

العربي الجديد

timeمنذ 2 ساعات

  • العربي الجديد

تحذيرات من غلاء اللحوم والأحشاء بعد إلغاء شعيرة العيد بالمغرب

تشهد الأسواق المغربية إقبالاً من الأسر على شراء كميات كبيرة من اللحوم والأحشاء، بعد إلغاء شعيرة عيد الأضحى لهذا العام، في ظل مسعى المملكة لإعادة تشكيل قطيع الماشية الذي تراجع كثيراً جرّاء سنوات الجفاف. وكان العاهل المغربي محمد السادس قد دعا المغاربة، في رسالة تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية عبر القناة الأولى في فبراير/شباط الماضي، إلى عدم القيام بشعيرة العيد هذا العام، نظراً للتراجع الكبير في أعداد الماشية، قائلاً إنّ "القيام بشعيرة العيد في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضرراً محققاً بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لا سيّما ذوي الدخل المحدود". وتُعد هذه المرة الرابعة التي يعمد فيها المغرب إلى إلغاء شعيرة عيد الأضحى، بعد قرارات مماثلة في أعوام 1963 و1981 و1996، وكان الجفاف في مناسبتَين منها العامل الحاسم في دعوة المواطنين إلى عدم نحر الأضحية. وجاء إلغاء الشعيرة بعد أن أدى الجفاف خلال الأعوام السبعة الأخيرة إلى انخفاض قطيع الماشية بنسبة 38% مقارنة بما كان عليه عام 2016، في وقت تأمل فيه وزارة الفلاحة أن يعود القطيع إلى مستواه قبل عام 2020. وفي هذا السياق، أطلق المغرب خطة لإعادة تكوين القطيع، إذ أعلن قبل 10 أيام عن حزمة من التدابير لصالح مربي الماشية، شملت إعادة جدولة الديون، ودعم أسعار الأعلاف، وتقديم دعم مالي مباشر، بما يساعد في إعادة بناء القطيع الوطني المتضرّر بسبب تداعيات الجفاف. وكشفت نتائج الإحصاء الذي أجرته وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات عن انخفاض عدد إناث الأغنام المنتجة من 11 مليون رأس عام 2016 إلى 8.7 ملايين رأس عام 2024، ما أثار القلق من حدوث تراجع حاد في أعداد الأغنام. وفي إطار الجهود الرسمية، اتخذت وزارتا الزراعة والداخلية قراراً بمنع ذبح إناث الأغنام والماعز، باستثناء الإناث غير المنتجة أو تلك المستوردة لأغراض التسمين أو الذبح، وذلك من أجل المساهمة في إعادة تكوين القطيع، وجرى تفعيل نظام لمراقبة الذبح في المجازر لضمان تطبيق القرار. ورغم عدم صدور قرار رسمي بمنع بيع الماشية في الأسواق بمناسبة عيد الأضحى، إلّا أن بعض التدابير اتُخذت للحد من العرض في الأسواق الأسبوعية بالأرياف، كما استقبلت المجازر أعداداً من المواشي تتجاوز المعتاد بهدف بيعها من الجزارين في أسواق التجزئة. وفي سياقٍ متصل، يرى الكاتب العام للاتحاد العام للمقاولات والمهن محمد الذهبي في حديث مع "العربي الجديد"، أن إقامة شعيرة العيد كانت سترفع أسعار الأضاحي إلى مستويات قياسية كما حدث العام الماضي، حين قفز متوسط السعر إلى أكثر من 500 دولار، رغم تكثيف الاستيراد ودعم المستوردين مالياً. أسواق التحديثات الحية المغرب... رهان على تدابير حكومية لحماية المستهلك وقد تجلى ارتفاع الطلب على اللحوم بعد إلغاء الشعيرة إلى زيادة أسعار اللحوم، التي بلغت حوالى 10 دولارات للكيلوغرام، في حين فوجئ مراقبون ومستهلكون بالقفزة الكبيرة في أسعار الأحشاء، التي ارتفعت من 20 دولاراً إلى 70 دولاراً. ويبدو أن تراجع العرض المحلي من الماشية دفع المغرب إلى التوجه نحو الاستيراد أكثر، إذ أوضح تقرير شهري صادر عن مكتب الصرف في نهاية مايو/أيار الماضي، أن مشتريات الحيوانات الحية بلغت أكثر من 49 ألف طن بنهاية إبريل/نيسان 2025، مقارنة بـ18 ألف طن في الفترة نفسها من العام الماضي، ما رفع فاتورة الواردات من 92 مليون دولار إلى 224 مليون دولار. ووفق التقرير ذاته، قفزت واردات اللحوم وأحشاء الماشية إلى 7 آلاف طن في نهاية إبريل/نيسان الماضي، بعدما كانت في حدود 3636 طناً في نفس الفترة من العام الماضي، لترتفع فاتورة هذه المشتريات من 11.3 مليون دولار إلى 27.4 مليون دولار. ويُذكر أن عيد الأضحى في المغرب يمثل حوالى 30% من الإنفاق السنوي للأسر على استهلاك اللحوم، وتصل هذه النسبة إلى 41% لدى 10% من الأسر الأقل دخلاً، و23% لدى 10% من الأسر الأكثر دخلاً. ويؤكد محمد الذهبي أن إقامة شعيرة العيد كانت ستربك المساعي الرامية إلى إعادة تكوين قطيع الماشية، علماً أن الأسر المغربية تشتري نحو 5.5 ملايين رأس من الأغنام والماعز بمناسبة العيد سنوياً. ويضيف أنه لو جرى عرض هذا العدد من الأغنام والماعز، لكانت أسعار اللحوم شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في الأشهر المقبلة، متوقعاً أن تتجاوز 15 دولاراً للكيلوغرام، بعدما ارتفعت من 7 دولارات إلى أكثر من 10 دولارات خلال الأشهر الماضية، ويلفت إلى أن أسعار الأضاحي شهدت انخفاضاً بعد الإعلان عن إلغاء شعيرة العيد، لكنّها عاودت الارتفاع مع تزايد الطلب، وهو طلب بدأ يتراجع مؤخراً. من جانبه، يقول رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، التي أطلقت حملة "عيد بدون أضحية" للتوعية بتداعيات نحر الأضاحي، بوعزة الخراطي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ المستهلك يسهم في زيادة أسعار الأضاحي واللحوم والأحشاء من خلال سعيه إلى تأمين كميات تفوق حاجياته الفعلية، ويؤكد أن ترشيد الاستهلاك خلال فترة العيد يمكن أن يُسهم في إعادة تشكيل قطيع الأغنام والماعز، خاصّة بعد الإجراءات الحكومية الداعمة لمربي الماشية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store