
الكراهية التي قتلت المسلمين في فرنسا
إيطاليا تلغراف
حسن أوريد
كاتب وأكاديمي من المغرب
أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط
تُعدّ الجريمة الشنيعة التي ارتكبها متطرف في 25 أبريل/ نيسان، وذهب ضحيتها الفتى 'أبوبكر سيسي'، من أصول مالية، داخل مسجد في قرية جنوبي فرنسا، من أبشع فصول الإسلاموفوبيا، إذ تكشف الحقيقة المقيتة لهذه الظاهرة.
تُذكّر الجريمة بسابقة مجرم دخل على المسلم من أصول مغربية، محمد المعقولي، في شقته بالقوة، عقب جريمة شارلي إيبدو، في يناير/ كانون الثاني 2015، وطعنه على مرأى من زوجته وأبنائه الصغار، وبتر سبابته لما رآه يقوم بالشهادة وهو يحتضر.
وتُذكر كذلك بجريمة ليتل كريستشرتش (Little Christchurch) في أبريل/ نيسان 2019 في نيوزيلندا، عندما أقدم مجرم على اقتحام مسجد وأطلق النار على مرتاديه يوم جمعة.
وجه المقارنة ليس فقط في بشاعة الأفعال، ولكن في دواعي الجريمة، لأنها تستند إلى مرجعية. لم تكن الحالات الثلاث مجرد جرائم فظة، بل رسائل سياسية، تكشف طبيعة الإسلاموفوبيا. ولذلك لا ينبغي التعامل مع جريمة الفتى 'أبوبكر سيسي' كأي جريمة من الجرائم، أو كحالة منفصلة، أو رقمٍ يُضاف إلى أعمال العنف ضد المسلمين.
إلى ذلك، تُنَبّئ الجريمة عن تحوُّل في سياق ملتهب جراء تداعيات الحرب على غزة، وتوتر العلاقات بين الجماعات من خلفيات ثقافية مختلفة، في فرنسا، وفي أوروبا عمومًا.
أدان الخطاب الرسمي في فرنسا الجريمة، على اعتبار أنه لا مكان للعنصرية والكراهية في فرنسا، ولكن هل الإسلاموفوبيا مجرد تعبير عن العنصرية والكراهية؟
المسألة أعمق وأخطر من أن تُرَد إلى العنصرية والكراهية. فالعنصرية شعور يوجد لدى شرائح مجتمعية، وحالات شخصية، قد يكون دافعها الجهل والأحكام المسبقة، والكراهية زيغ نفسي، ويمكن التعايش معها ما دام أصحابها يتسترون عليها. أما الإسلاموفوبيا، وبما أظهرته في حالة 'أبوبكر سيسي' وحالات أخرى، فهي تُفضي إلى القتل، وهي لذلك جريمة، أو يتوجب تجريمها.
كان عميد مسجد باريس، حفيظ شمس الدين، محقًا في دعوته إلى حوار فرنسي- فرنسي؛ لأن الجريمة المقترفة في حق الضحية 'أبوبكر سيسي' تمثل تحولًا في مسار الإسلاموفوبيا، وقدحت شعور الخوف لدى مسلمي فرنسا من الأسوأ، وقد تحمل نذر التوتر بين الجاليات. وكان العميد محقًا كذلك بشجبه لما أسماه بالكيل بمكيالين، أو اختلاف التعامل كلما تعلق الأمر بأعمال معادية للسامية، وأعمال معادية للمسلمين.
الإسلاموفوبيا ليست مجرد شعور عداء للمسلمين، والتوجس منهم، ولكنها عنف تختلف أشكاله، من احتقار وازدراء وميز وتحرش، وتضييق إلى عنف مادي صرف. وهي تتأرجح ما بين شعور وسلوك وفعل.
والإسلاموفوبيا ليست مجرد عنصرية، لأنها تستند إلى مرجعية أيديولوجية وعمل مؤثرين، كما أبان الباحثان الفرنسيان من أصول مغربية عبدالعالي حجات ومروان محمد في كتابهما الصادر بالفرنسية: 'كيف تصنع النخب الفرنسية (المشكل الإسلامي)'.
والإسلاموفوبيا ليست مجرد أعمال عنف اعتباطي، لأنها تستند على ما يسمى صناعة الإسلاموفوبيا، أي قولبة الرأي العام وتوجيهه. وهي ليست قارّة، بل متطورة، حسب السياقات الزمنية، إذ هناك ما أسماه الباحث الفرنسي فانسان جيسر بـ'الإسلاموفوبيا الجديدة'، عقب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، التي تستند إلى مرجعية أكاديمية، وتتجاوز التصرفات العنصرية.
ما فتئت الإسلاموفوبيا تأخذ أشكالًا جديدة، وصورًا محتدمة، تنتهز وقوع أحداث مروعة، كما في جريمة شارلي إيبدو، أو مقتل الأستاذ صامويل باتي(2020).
بيد أن الإسلاموفوبيا تلتقي في عنصر ثابت، وهو ما أسماه الباحثان المشار إليهما بـ'المشكل الإسلامي'، وهو من صنع نخب إعلامية وأكاديمية، ومداره الحكم بعدم قابلية المسلمين للاندماج، أو أن المسلمين يطرحون مشكلًا ويتعارضون مع قيم الجمهورية.
والحال أن المسلمين الفرنسيين أظهروا أنهم مواطنون فرنسيون، يَدينون بالولاء لبلدهم، وقيمه ومؤسساته، وشجبت الهيئات التمثيلية كل سعي لإدراجهم في مرجعية طائفية، وكانت حاضرة في كل اللحظات الحاسمة والمؤلمة منها، بإدانتها كل أعمال العنف التي تعرضت لها فرنسا.
هل تتعامل السلطات الفرنسية مع حالات الزيغ التي يتعرض لها المسلمون كما تتعامل مع الأعمال المعادية للسامية؟ وهل يمكن للهيئات التي ترصد زيغ الإسلاموفوبيا، أن تشتغل في نفس الظروف التي تشتغل فيها الهيئات التي ترصد زيغ الأعمال المعادية للسامية؟
المسألة ليست في توازي التعامل مع طوائف مختلفة، بل في إشعار المواطنين المسلمين بأنهم مواطنون كاملو المواطنة، وليسوا مواطنين من الدرجة الثانية، أو مواطنين تَرين عليهم الشبهة إلى أن يثبت العكس.
تعيش فرنسا، وأوروبا عمومًا، سياقًا جديدًا أفرزته تداعيات الحرب على غزة، واحتدام التوتر بين الجاليات، وهو ما يستلزم مقاربة جديدة لإطفاء الفتيل، أو وضع حد لما يسميه البعض بـ'الحرب الأهلية الباردة' التي تتغذى من مرجعيات، منها الاستبدال الكبير، والأكزنوفوبيا، والإسلاموفوبيا، وأحداث مؤلمة، وتوظيفها.
يتوجب حوار بين المؤسسات التمثيلية للمسلمين في فرنسا، والفعاليات الدينية والفكرية، مع مؤسسات الجمهورية، من أجل طمأنة مسلميها أولًا، وثانيًا إفراز آليات قانونية لحمايتهم من الإسلاموفوبيا، وذلك من خلال تجريمها وتجريم ما يرافقها، سواء أكان عنفًا رمزيًا، أو ماديًا.
وينبغي أن يسود الاتزان في الإعلام، وبخاصة الإعلام المرئي، إذ تنفث بعض أدواته الكراهية وتشيع الخوف لدى الساكنة الأصلية، الأمر الذي يتولد عنه الحذر من الغرباء أو الأكزنوفوبيا.
وينبغي أن تتوقف الممارسات التفتيشية، التي تلظّى منها كثير من مسلمي فرنسا، أيًا كانت مواقعهم، في الأحياء، من خلال التعامل الفظ للأمن، أو الميز في بلوغ المرافق العمومية، أو في الحصول على الشغل أو السكن، مما يدفع كثيرًا من الأطر إلى الاغتراب.
ينبغي توقف الحالة التي عبّر عنها لفيف من الباحثين، في كتاب 'تحب فرنسا، وتغادرها مع ذلك'، لأنها لا تفتح صدرها لبعض بنيها، مما يضطرهم لمغادرتها، لأنهم يكتشفون أنهم فرنسيون في الوثائق فقط.
ليس هناك تبرير للإرهاب، ولا تغاضٍ عنه، ولا عن مرجعياته، وآمريه ومقترفيه، ولكن لا يسوغ أن يُستغل الإرهاب ذريعة للإسلاموفوبيا، أو كوَقود لها.
ولا شيء من شأنه أن يبرر المعاداة للسامية، رأيًا وسلوكًا وفعلًا. ينبغي التصدي لما من شأنه أن يهدّد سكينة المجتمع، ولكل أعمال العنف، أيًا كان مصدرها ومرجعيتها، ومنها العنف اللفظي، الذي يستهدف المواطنين، بغض النظر عن عقيدتهم، وأصولهم.
مسلمو فرنسا ليسوا فوق القانون، ولا يسوغ أن يكونوا أدنى من القانون، أو يُطبق عليهم بشكل اختزالي.
ليست من مصلحة مسلمي فرنسا أن يعيشوا حالة مستمرة من التوتر، وليس من مصلحة مؤسسات الجمهورية أن يستمر ما تنعته بالطائفية، أو النزوع الانفصالي. وليس من مصلحة فرنسا أن توصم بالعداء للمسلمين. وأي دور يمكن أن تضطلع به على مستوى العلاقات الدولية، وهي تجر معرّة الإسلاموفوبيا؟
مقتل الفتى 'أبوبكر سيسي'، لحظة مفصلية من أجل حوار هادئ، في فرنسا، وخارجها، للتصدي لآفة الإسلاموفوبيا. الإسلاموفوبيا ليست رأيًا أو وجهة نظر، أو زيغًا، وإنما جريمة تقتل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المساء
منذ 10 ساعات
- المساء
استحواذ روتايو على صلاحيات غيره يرهن المصالحة مع الجزائر
لم تخرج الإجراءات الأحادية للجانب الفرنسي بخصوص إلغاء اعفاء حاملي جوازات السفر الدبلوماسية من التأشيرة، عن الأساليب الملتوية التي يعتمدها اليمين المتطرّف بزعيمه "الجديد" برونو روتايو الذي يتجرأ في كل مرة على التدخّل في صلاحيات السياسة الخارجية لبلاده والتي يفترض أن تكون من صميم مهمة الرئيس ماكرون أو زير خارجيته، بل تعدى الأمر ذلك إلى حدّ الإضرار بعلاقات بلاده مع الجزائر، وبإقراره قوانين أدخلت فرنسا في نفق مسدود تسبّب في خروج الآلاف من المواطنين الفرنسيين في مظاهرات غاضبة. يكفي أن نستدل في هذا الصدد بتأكيد القائم بالأعمال بسفارة فرنسا بالجزائر الذي استدعي أربع مرات من قبل وزارة الشؤون الخارجية، والذي أوضح أنه لا يحوز أي تعليمات من وزارة خارجية بلاده وأنه لم يتمكن إلى غاية اليوم من تقديم أي ردّ على الطلبات الرسمية المتكرّرة لتوضيح الموقف الفرنسي بخصوص هذا الموضوع. ويتبيّن مما لا يدع مجالا للشك أن "الاليزيه" و"الكيدورسي" أصبحا رهينة المتطرّف روتايو، الذي استحوذ على صلاحيات ليست من اختصاصه، بل جعل من الجزائر شماعة لتبرير إخفاقاته على المستوى الاجتماعي، بسبب إصداره لجملة من القوانين المجحفة، فضلا عن تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا التي تهدّد النسيج الاجتماعي في فرنسا. ولا يقتصر خطاب الكراهية الذي يتبناه روتايو على الصعيد النظري، بل يعمل على قدم وساق من أجل تشويه صورة الجزائر، من خلال إعداده لمذكرة داخلية مطلع مارس الماضي نشرتها صحيفة "لاتريبون دو ديمونش"، بغرض الضغط على الجزائر والإضرار بمصالحها المشتركة مع باريس بصيغة عنيفة أثارت جدلا مع الوزارة الأولى الفرنسية. فقد تضمّنت الوثيقة تعليمات صارمة ضد الجزائر، وعكست مدى تدهور العلاقات على المستويات الدبلوماسية والأمنية والهجرة بين البلدين، بدليل أن محتواها "صنّف سريا للغاية وشأن دفاعي"، تحت عنوان "الأزمة السياسية مع الجزائر: ضرورة الانخراط في علاقة قوة"، بمعنى زيادة الضغط عليها. كما ذهبت إلى حدّ التشكيك في الاتفاقيات الثنائية لسنة 1968، التي تسهل إقامة الجزائريين في فرنسا، مشيرة إلى أنها ليست الحلّ الوحيد الموصى به، ما يؤكد بأن ملف العلاقة بين الجزائر وفرنسا لم يعد شأنا يعالج على مستوى وزارة الخارجية وإنما في وزارة الداخلية، فضلا عن وجود تداخل صلاحيات مؤسّساتية على مستوى الحكومة الفرنسية. فعلى سبيل المثال نذكر محاولة دائرة روتايو تنفيذ المادة 47 من "قانون دارمانان"، الذي تمّ التصويت عليه نهاية 2023، بعد اجتماع اللجنة الوزارية للهجرة المنعقد في فيفري الماضي، حيث يسمح في مادته المسماة "التأشيرة والقبول"، للسلطات الفرنسية باعتماد تدابير تقييدية في إصدار التأشيرات، بخصوص الدول التي لا تستعيد مهاجريها غير الشرعيين، غير أن اختلاف الرأي بين وزارتي الداخلية والخارجية أدى إلى عدم تطبيق هذه المادة. ويظهر جليا أن استحواذ اليميني المتطرّف روتايو على الملف الخاص بعلاقة الجزائر وباريس، يندرج في إطار تصفية الحسابات التي ورثها عن مجرمي الاستعمار الذين يرفضون هضم فكرة فقدانهم للجزائر، حيث انعكس ذلك على تصريحاته التي يذكر فيها الجزائر في كل مناسبة وغير مناسبة . وعليه فإن طرد الجزائر لموظفين تابعين لوزارة روتايو أوفدتهم باريس للعمل في سفارة فرنسا بالجزائر، لا يندرج سوى في إطار ردّ الفعل إزاء هذا السلوك الاستفزازي الذي يخفي وراءه مآرب هدفها الإضرار بالأمن القومي الوطني، حيث يشكل ذلك رسالة لليميني المتطرّف بأن المصالح الأمنية الجزائرية على دراية بكل المخطّطات التي تحاك على أراضيها. والواقع أن برونو روتايو أضر بالعقيدة السياسية الفرنسية التي لم يسبق لها أن شهدت هذا التدهور في علاقاتها الدولية، ليس مع الجزائر فحسب، بل حتى في محيطها الإقليمي، في الوقت الذي تتمسّك فيه الجزائر بضرورة التعاطي مع ملف فرنسا وفق الندّية وأبجديات متعارف عليها في السياسة الخارجية والقنوات الدبلوماسية، مثلما سبق وأن صرح بذلك رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون الذي يعتبر إيمانويل ماكرون "المرجعية الوحيدة" لحلّ الخلافات بين الجزائر وفرنسا. ورغم تودّد ماكرون للرئيس تبون خلال المكالمة الهاتفية التي جرت بينهما بمناسبة عيد الفطر المبارك من أجل فتح صفحة جديدة بين البلدين، إلا أن سلوكات روتايو قد أثّرت بالسلب على المنحى الذي كانت ستشهده العلاقات الثنائية بسبب إصراره على "شيطنة " كل ما هو جزائري.


المساء
١١-٠٥-٢٠٢٥
- المساء
مسيرة حاشدة ضد الإسلامفوبيا وخطاب الكراهية لليمين المتطرّف
❊ "روتايو استقيل" أبرز مطالب المتظاهرين ❊ روتايو دنّس العقيدة السياسية الفرنسية بزرع الفتنة داخل المجتمع ❊ وزير منبوذ يحرّض على العنف والمساس بالإطار الاجتماعي لفرنسا أصبحت فرنسا على صفيح ساخن بسبب السياسة العدائية التي يروّجها اليميني المتطرّف وزير الداخلية برونو روتايو، وخطاب الكراهية الذي أدخل بلاده في نفق مسدود، حيث تفاقمت المشاكل الاجتماعية بسبب سلسلة قوانينه التعسّفية التي انعكست سلبا على المواطنين، ما أدى إلى تنظيم سلسلة من المظاهرات بمختلف المدن الفرنسية، منها المسيرة الحاشدة التي نظّمت، أمس، بباريس وأماكن أخرى في فرنسا للتنديد بظاهرة الإسلاموفوبيا وتكريم المهاجر المغتال أبو بكر سيسي، آخر ضحايا الخطاب العنصري. حمل آلاف المتظاهرين الذي شاركوا في المسيرة العارمة التي نظمت بمبادرة من منظمات وشخصيات بارزة للتنديد بـ"الإسلاموفوبيا"، دعوة عامة لمحاربة الأفكار العنصرية التي ينشرها اليمين المتطرّف، خاصة بعد الأحداث الأليمة التي شهدتها فرنسا، حيث دعا المنظمون من القوى السياسية والدينية والمجتمع المدني في البلاد إلى الاتحاد لمحاربة العنصرية ضد المسلمين. ووجّه المتظاهرون الغاضبون الذين جاؤوا من مختلف المدن الفرنسية رسائل قوية لروتاويو حاملين لافتات تطالبه بالاستقالة، في حين عبّرت أخرى عن رفضها القاطع للأفكار العنصرية التي يروّجها اليمين المتطرّف، كونها لن تزيد سوى في تفكيك النسيج الاجتماعي الفرنسي. ولم تتوقف حناجر المحتجين الذين تقدّمهم أعضاء حزب فرنسا الأبية، على غرار، لويس بوبوارد، جان لوك ميلونشون ودانييل اوبونو، من إطلاق هتافات تطالب وزير الداخلية الفرنسي للتنحي وهي "روتايو ديقاج"، و"روتايو ديميسون" و"لا للإسلاموفوبيا"، ما يعبّر درجة الحنق التي تعتري الشارع الفرنسي. كما جاء في لافتات المتظاهرين "العنصرية تبدأ بالكلمات وتنتهي مثل أبوبكر"، و"إنهم ليسوا معادين للإسلام، لكنهم فقط لا يحبّون المسلمين"، في حين هتف متظاهرون آخرون بالقول "مع وفاة أبوبكر سيسيه، تمّ تجاوز خط أحمر". وعبر النائب البرلماني عن حزب العمال الفرنسي إريك كوكريل في تصريح للاعلام عن أسفه لـ"الزيادة التي لا يمكن إنكارها في معاداة الإسلام، والتي أدت إلى وفاة أبو بكر سيسيه في أحد المساجد"، فيما أعرب ياسين بن يطو، الأمين الوطني لجمعية الشباب والمشارك في تنظيم المسيرة التي حملت أيضا الأعلام الفلسطينية، عن أسفه للخوف المستمر والمتزايد في أوساط المجتمع المسلم، معتقدا أن "الخطاب غير المقيد" لجزء من الطبقة السياسية يغذي مناخا معاديا للمسلمين و"يقوض أمن جزء من الشعب الفرنسي". ويأتي حراك الشعب الفرنسي ليدق ناقوس الخطر إزاء الممارسات غير الأخلاقية للوزير روتايو الذي دنّس العقيدة السياسية الفرنسية، من خلال زرع الفتنة داخل المجتمع والتحريض على ممارسة العنف ضد الأجانب، علاوة على المساس بالإطار الاجتماعي للمواطنين ما أثار الكثير من الغضب على المستويين السياسي والشعبي. والواقع أن هذه الاحتجاجات عكست حجم التوتر المتصاعد داخل فرنسا، بسبب الخطاب الإقصائي المستفز الذي تتبناه بعض الأطراف، وفي مقدمتها اليمين المتطرّف الذي زاد في تأجيج الغضب الشعبي وزيادة حالة الاحتقان، بسبب محاولة اختزال قضايا الأمن والتعايش في بعد هوياتي ضيق، لا يسهم سوى في تعميق الفجوة بين مكوّناته ما يهدّد السلم الاجتماعي.


التلفزيون الجزائري
١١-٠٥-٢٠٢٥
- التلفزيون الجزائري
فرنسا: آلاف المتظاهرين بباريس ينددون بتصاعد العنصرية والإسلاموفوبيا – المؤسسة العمومية للتلفزيون الجزائري
شهدت العاصمة الفرنسية باريس, اليوم الأحد, مظاهرات حاشدة شارك فيها الآلاف, للتنديد بتصاعد العنصرية و'الإسلاموفوبيا' في فرنسا, عقب مقتل الشاب المسلم أبوبكر سيسي في مسجد بجنوب البلاد. المظاهرات التي جاءت تلبية لدعوة عدد من الشخصيات والمنظمات وبمشاركة عدد كبير من ممثلي الأحزاب السياسية الفرنسية, على غرار رئيس حزب 'فرنسا الأبية' جان لوك ميلونشون والنائبين من ذات التشكيلة السياسية, لويس بويارد وإيريك كوكريل, رفع خلالها المتظاهرون لافتات تحمل شعارات ضد وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو مثل 'حتى لو لم يرغب روتايو, فنحن هنا', كما تم ترديد شعارات ضد العنصرية و'الإسلاموفوبيا' على غرار 'العنصرية تبدأ بالكلمات وتنتهي مثل أبوبكر' و 'لا للإسلاموفوبيا'. و دعت منظمات مناهضة للعنصرية إلى تنظيم مسيرات في العاصمة وأماكن أخرى في فرنسا للتنديد بتصاعد ظاهرة 'الإسلاموفوبيا' وضد اليمين المتطرف وتخليدا لأبوبكر سيسي, فيما تجمع المئات أمام مبنى البلدية في أفينيون (جنوب شرق). وفي هذا الصدد, أعرب النائب الفرنسي إيريك كوكريل, عن أسفه 'للزيادة التي لا يمكن إنكارها في معاداة الإسلام بفرنسا والتي أدت إلى مقتل أبوبكر سيسي في أحد المساجد', مضيفا أن الوزير روتايو 'يدمج اليمين واليمين المتطرف'. وعن المظاهرات التي جاءت أيضا ردا على الإجراء الذي أطلقه وزير الداخلية الفرنسي لحل مجموعة 'لا جون غارد', قال النائب رافائيل أرنو: 'إنهم يريدون حل المجموعات التي تحارب العنصرية, لأن ذلك استمرار لأجندة وسياسة عنصرية', مضيفا أنه بعد مقتل أبوبكر سيسي, 'علينا أن نظهر أنه حتى لو أرادوا ذلك, فلن يتمكنوا من إسكاتنا'. ولا يزال وزير الداخلية الفرنسي يواجه انتقادات واسعة النطاق بسبب سلوكه 'المتغطرس' و'غير المسؤول' فيما يتعلق برد فعله على مقتل الشاب المسلم أبوبكر سيسي. وكان السيناتور الفرنسي, إيان بروسات, قد أكد أن 'وزير الداخلية الفرنسي ساهم في نشر الكراهية ضد المسلمين في فرنسا خلال الأشهر الأخيرة', منددا بهوس هذا الأخير بقضية الإسلام. وشهدت الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري زيادة بنسبة 72 بالمئة في الأعمال المعادية للمسلمين بفرنسا, مقارنة بذات الفترة من عام 2024, مع تسجيل 79 حالة اعتداء, وفقا لإحصائيات وزارة الداخلية الفرنسية.