
كيف نوقف تجويع غزة؟
لم يكن التجويع الذي يعاني منه الغزيون في هذه اللحظة من عمر الإبادة الجماعية المفروضة عليهم عرضيًّا، بل هو جزء من سياسة الإبادة؛ الهادفة إلى الإخضاع وتمهيد الطريق نحو تهجير الغزيين من أرضهم.
ففي اجتماعات الكابينت السياسي والأمني الإسرائيلي، وفي أثناء مناقشة الخطط الإسرائيلية لتطوير حرب الإبادة نحو الحسم، وتحقيق أهدافها الإستراتيجية، وبينما كانت أفكار من قبيل الاحتلال الكامل، أو ما يسمونه ممرات العبور الإنساني؛ محلّ خلاف بين المستوى السياسي والمستوى العسكري، اقترح نتنياهو تشديد الحصار على قطاع غزّة؛ مراهنًا بتاريخه المهني والسياسي، أنّ هذا وحده هو ما سوف يخضع حركة حماس.
ويبدو حديث نتنياهو في سياق مناقشة داخلية عن تشديد الحصار مثيرًا للاستغراب، فالحصار أصلًا مطبق على قطاع غزّة، مما يعني أنّ الذي كان يقصده هو المنع المطلق لوصول الطعام المحدود والمقنن أصلًا طوال شهور الحرب إلى الغزيين.
وإذن يمكن القول الآن، إن التجويع المتخذ أصلًا سلاحًا في حرب الإبادة منذ يومها الأول، يتطوّر بهذا النحو المطبق والكامل – بحيث لم يعد الغزيون يجدون حتى علف الحيوانات لطحنه وخبزه كما فعلوا في شهور سابقة من سياسة التجويع – لأجل الدفع بالإبادة نحو الحسم، على طريق استكمال أهدافها.
وعلاوة على سياسات التشريد والقتل والقصف المستمرّة، فإنّ الإبادة المسلحة في الوقت نفسه تزحف نحو التوغل في المناطق الوسطى، وتجترح ممرًا عازلًا جديدًا يعزل دير البلح عن منطقة المواصي، وذلك في الوقت الذي يناور فيه المفاوض الإسرائيلي بخرائط الانسحاب، بحيث يبقي المجال في الأحوال كلها متاحًا للتأسيس لما يسمونه مناطق العبور الإنساني، والتي هي معسكرات اعتقال نازي تمثل مفتاحًا للتهجير القسري (الذي يسمونه طوعيًّا)، وتعمل على عزل الفلسطينيين عن بعضهم على أساس الانتماء السياسي؛ لأجل الاستفراد بالعناصر التي تنتمي أو تؤيد فصائل المقاومة وعوائلهم وأسرهم، حتى ولو لم يكن لهم نشاط في الجناح العسكري لهذه الفصائل.
وفي الأثناء تستمرّ مراكز توزيع المساعدات، في إطار ما يُسمى مؤسسة غزّة الإنسانية، في تنفيذ سياسة العزل الاجتماعي للغزيين، وتغميس الطعام بالدم بتحويل الغزيين طالبي المساعدة إلى فرائس للقتل، بهدف خلق المزيد من الرعب والفزع وتعزيز دوافع الخروج من غزة في اللحظة المناسبة، وزيادة النقمة الاجتماعية على المقاومة.
ولا يقلّ عن ذلك أهمية في الأهداف من هذه المؤسسة توفير الغطاء الدعائي والقانوني لاستمرار الحرب والتجويع بادعاء السماح للمساعدات بالوصول من خلال هذه المؤسسة، ولا ينفصل عن هذه السياسة تسليح مليشيات محلية مرتبطة بأجندة الاحتلال، يوفر لها جيش الاحتلال الملاذات الآمنة، ويسعى بواسطتها إلى الإمعان في تفتيت المجتمع الغزي، وحصار المقاومة، وتنويع خيارات الإستراتيجية الاستعمارية الإسرائيلية إزاء قطاع غزّة.
تعمل سياسة التجويع في شرط موضوعي يتيح لها التحقق والاستمرار والتمدد والاستطالة؛ وذلك أولًا لاشتراك الولايات المتحدة في هذه السياسة بنحو معلن، من خلال مؤسسة غزة الإنسانية، والتي بدأت بإعلان من الولايات المتحدة الأميركية عن إعداد نظام جديد لتقديم المساعدات للفلسطينيين في غزة عبر شركات خاصة، وذلك في بداية مايو/ أيار من هذا العام، ليقود هذه المؤسسة لاحقًا جوني مور، وهو قس أميركي من المسيحيين الإنجيليين، وقد عمل سابقًا مستشارًا إنجيليًّا في البيت الأبيض أثناء الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب.
تساهم الولايات المتحدة بذلك، وبنحو مباشر في سياسة التجويع، وهو ما يستدعي تجاوز دعايات التباين والاختلاف بين البيت الأبيض وحكومة بنيامين نتنياهو تجاه سياسات الإبادة في قطاع غزّة.
لا يبتعد الأوروبيون عن توفير الغطاء لسياسات التجويع، سواء بسبب الخطوات المتلكئة تجاه معاقبة إسرائيل، أو من خلال الدعايات التي تعطي فرصة زمانية لسياسة التجويع للمضي إلى الأمام.
فقد أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس في 10 يوليو/ تموز، عن توصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق مع إسرائيل "لتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، بما يشمل زيادة عدد شاحنات المساعدات وفتح المعابر وإعادة فتح طرق المساعدات"؛ إلا أنّ الذي حصل بعد ذلك هو الضدّ تمامًا، بتعزيز سياسات التجويع، مما أفضى إلى مجاعة غير مسبوقة تؤدّي إلى الموت المباشر.
وذلك بينما لم يكن للبيانات الغربية أيّ مفعول في تغيير السياسات الإسرائيلية، بما في ذلك البيان الأخير، الصادر 21 يوليو/ تموز؛ لـ 25 دولة من بينها بريطانيا، وأستراليا، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، وكندا وعدد من الدول الأوروبية، الذي طالب بإنهاء الحرب على غزة.
وقال إنّ "نموذج الحكومة الإسرائيلية في إيصال المساعدات خطير، ويغذي عدم الاستقرار، ويحرم سكان غزة من الكرامة الإنسانية" وإنّ "رفض الحكومة الإسرائيلية تقديم المساعدات الإنسانية الأساسية للسكان المدنيين أمر غير مقبول".
وقد استمرت بيانات عدد من الدول الأوروبية بهذا المنحى طوال شهور الحرب، ولا يختلف من حيث المفعول إعلان بريطانيا إلى جانب كندا، وأستراليا، ونيوزيلندا والنرويج 10 يونيو/ حزيران الماضي، فرْضَ عقوبات على وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش؛ بسبب تصريحات "متطرفة وغير إنسانية" بشأن الوضع في قطاع غزة، بحسب ما جاء في بيان مشترك لوزراء خارجية هذه الدول؛ وذلك لأنّ سياسة التجويع قرار من حكومة بنيامين نتنياهو، ويشرف على تنفيذها جيش الاحتلال الإسرائيلي، مما يجعل بيانات وقرارات من هذا النوع، أقرب إلى تسجيل موقف أخلاقيّ لأغراض دعائية وسياسية تفضي في النتيجة إلى استمرار سياسة التجويع في إطار الإبادة الشاملة.
وفي السياق نفسه، ينبغي الإشارة إلى كون القضية المرفوعة إلى محكمة العدل الدولية، بخصوص اتهام إسرائيل باقتراف الإبادة، والقرارات التي صدرت عن هذه المحكمة، لم تجد أيّ صدى في الممارسة الإبادية الإسرائيلية، وهي الممارسة التي ظلت بدورها آمنة من العقوبة، مما يعني قصور النظام الدولي برمّته، بما في ذلك الجانب العدلي والقانوني منه، وهو ما يدفع اليوم ثمنه على هذا النحو الرهيب الغزيون، كما دفعه الفلسطينيون دائمًا.
أمّا الشرط الموضوعي الأهم، لنزوع الإبادة نحو انتهاج التجويع المباشر والصريح، فهو انعدام الإرادة الإقليمية، وفي المجالَين العربي والإسلامي، لمواجهة الهيمنة الإسرائيلية المطلقة، والتي تتجاوز حيّز قطاع غزّة، إلى عدوان مباشر على لبنان، وسوريا، وذلك علاوة على تعزيز سياسات تحويل الضفة الغربية إلى بيئة طاردة لسكانها.
وهو ما يعني أنّ السماح لإسرائيل بإطالة إبادتها للفلسطينيين في غزّة طوال هذا الوقت، قد جعلها تُحوِّل قطاع غزّة إلى مرتكز لإعلان نفسها عمليًّا قوّة شبه إمبراطورية في الإقليم، بيد أنّه لا الإبادة المستمرة منذ أكثر من 21 شهرًا قد دفع القوى الإقليمية، وتحديدًا الدول العربية المحيطة بفلسطين ودول الخليج وتركيا، لفعل شيء، ولا الانتقال المريع إلى التجويع الرهيب قد أظهرها في حال المسارع لفعل شيء، ولا التغول الإسرائيلي المتجاوز حدود فلسطين المحتلة نحو لبنان، وسوريا قد دفعها للتحرك على قاعدة سياسة شاملة تنظر للخطر الإسرائيلي بما يتجاوز الرؤى الضيقة والقاصرة للدول والأنظمة الإقليمية.
كيف يمكن وقف التجويع؟
حين الحديث عن الدول العربية والإسلامية، فإنّه يجب التذكير بقرارات القمة العربية/ الإسلامية المشتركة في الرياض والتي دعا بيانها الختامي، 11 نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، إلى "إدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكافٍ"، ثمّ القمة التي تلتها بعام في الرياض كذلك، والتي أكدت على قرارات سابقتها، وهو ما يستدعي مساءلة الدول العربية والإسلامية جميعها عن السبب الذي حال دون إنفاذها قراراتها التي أعلنت عنها بنحو مشترك في قمم جامعة لها.
هل كانت الدول العربية والإسلامية تعلن عن قرارات عاجزة عن تنفيذها؟! أم كانت بدورها تذرّ الرماد في العيون لتسجيل مواقف خطابية لا مفاعيل لها في الواقع؟!
لقد بات من نافلة القول إنّ أكثر ما يمدّ سياسة الإبادة والتجويع بأسباب الاستمرارية هو الموقف العربي السلبيّ، وهذا بقطع النظر عن أسباب سلبيته، وبقطع النظر عن كلّ ما يمكن قوله من عدم تأثر العلاقات التطبيعية واتفاقات السلام بالإبادة القائمة، وعن تشغيل الدعاية المناوئة للمقاومة الفلسطينية، وعن إغلاق المجال العامّ أمام الجماهير والشعوب العربية لفعل أيّ شيء ضاغط، أو على الأقل يؤكّد الانحياز المعنويّ للفلسطينيين الواقعة عليهم الإبادة.
يبقى والحالة هذه القول إنّ القضية ليست في توفير المساعدات، فلو فتح المجال العربي والإسلامي للتبرعات؛ لقطعت أفقر الشعوب العربية القوت عن أفواه أطفالها وأرسلته للغزيين، ولكنّ المشكلة أولًا في إدخال هذه المساعدات، وثانيًّا في العمل على وقف الإبادة، وثالثًا في توفير الظهير للمقاوم الفلسطيني الذي يعاني الحصار والخذلان والتشويه وكشف الظهر، فمهما كان الموقف من هذا المقاوم بسبب أداته النضالية أو مرجعيته الفكرية ومشروعه السياسي، فإنّ إتاحة المجال لإبادة الغزيين، تحوّلت إلى إبادة اعتبارية وسياسية للمجال العربيّ كلّه بغلوّ إسرائيل في بسط هيمنتها على هذا المجال.
إنّ الحلّ، والحالة هذه، هو حلّ عربيّ، لا سيما مع تكدس المساعدات على الجهة المصرية من الحدود مع قطاع غزّة، وذلك بفرض حلول عربية لإنفاذ القرارات المتخذة عربيَّا وإسلاميًّا، وقطعًا، فإنّ إسرائيل لن تغامر بعلاقاتها مع عدد من الدول العربية، ولن تعلن الحرب على تحالف عربيّ وإسلاميّ يعلن عن نفسه بغرض إدخال المساعدات عنوة.
كما أنّه يمكن للحكومات العربية أن تناور بشعوبها وأن تفتح مجالها العام لهذه الشعوب للتعبير عن غضبها إزاء سياسة الإبادة والتجويع، وتعاطفها مع الفلسطينيين، وهو أمر قد يفيد هذه الحكومات في توسيع هوامش حركتها وإقناع الولايات المتحدة بضرورة إنهاء حالة التجويع القائمة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 17 دقائق
- الجزيرة
تلغراف: جنود وجنرالات يتمردون على نتنياهو بسبب حرب غزة
كشفت صحيفة تلغراف البريطانية أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تشهد انقساما غير مسبوق مع تزايد أعداد الجنود -ولا سيما من الاحتياط- والجنرالات الحاليين والمتقاعدين الذين يرفضون المشاركة أو تأييد استمرار الحرب في قطاع غزة. وأوضحت الصحيفة أن هذا الرفض يأتي احتجاجا على ما يعتبرونها حربا عبثية تدار بدوافع سياسية تخدم بقاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الحكم أكثر مما تهدف إلى تحقيق أهداف عسكرية واقعية. من الميدان إلى السجن.. قصة الضابط رون فاينر ومن بين هؤلاء رون فاينر (26 عاما) النقيب في لواء ناحال 933 في جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي نجا بأعجوبة من الموت خلال معركة دامية مع حزب الله في جنوب لبنان. وبعد نجاته وسحب رفاقه الجرحى من أرض المعركة كان من المفترض -بحسب الصحيفة- أن يمثل النموذج المثالي للجندي الإسرائيلي المخلص، لكنه اتخذ قرارا "صادما" برفض أداء الخدمة العسكرية ضمن قوات الاحتياط، واحتمال إيفاده للقتال في غزة. وقال "عندما بدأ القصف على غزة من جديد أدركت أن حكومتنا لا تريد إنهاء هذه الحرب، بل تسعى إلى إطالتها قدر الإمكان، عندها، أيقنت أنني لا أستطيع العودة للمشاركة في هذه الحرب". عوقب فاينر بالسجن 25 يوما، ولم يقضِ سوى ليلة واحدة منها بسبب حالة الطوارئ التي أعقبت الهجمات الإيرانية، لكن قصته لم تكن استثناء، بل كانت جزءا من موجة متزايدة من الرفض وسط جنود الاحتياط الإسرائيليين الشباب الذين يشعرون أنهم لم يعودوا قادرين على المشاركة في الحرب على غزة. الرفض الرمادي ووفقا للصحيفة البريطانية، تُظهر تقارير من داخل الجيش الإسرائيلي أن نسبة الاستجابة لدعوات الاحتياط قد انخفضت إلى ما يقارب 60%. إعلان ويتعمد الكثير من الجنود ببساطة عدم التحقق من بريدهم الإلكتروني أو يدّعون أعذارا طبية وعائلية. وأفادت بأن هذا النوع من التهرب يطلق عليه مصطلح "الرفض الرمادي"، لكنه بدأ يتحول تدريجيا إلى رفض علني، مع رسائل جماعية موقعة من جنود ومقالات رأي تفضح ما يجري. وأضافت أن ضباط الاحتياط "المنهكين" من الحرب باتوا يتلقون رسائل استغاثة من قادتهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يطلبون منهم العون، بسبب نقص كبير في عدد القوات. لكن التململ لم يقتصر على الجنود الشباب، بل شمل أيضا جنرالات حاليين ومتقاعدين بارزين، فقد نقلت "تلغراف" عن رئيس قسم التخطيط الإستراتيجي السابق في الجيش اللواء أساف أوريون قوله إن حرب غزة تجاوزت نقطة الذروة العسكرية، معتبرا أن استمرارها يخضع لمصالح سياسية لا إستراتيجية. أما إيرن إتسيون نائب رئيس مجلس الأمن القومي السابق فكان أكثر صراحة، إذ قال إن "الكل يعلم أن الحرب مستمرة لأن نتنياهو يحتاجها سياسيا، لا لأجل مواجهة حركة حماس". ويحذر الجنرال أوريون من أن الحرب دخلت مرحلة "العائد المتناقص"، حيث تتجاوز التكاليف العسكرية والسياسية والعالمية أي مكاسب محتملة. ورغم أن الجيش يقول إنه سيطر على 75% من غزة فإن حماس لا تزال تقاتل، والخسائر البشرية في صفوف الجيش ترتفع، في حين يعود الجنود في نعوش مغلقة. ويعتقد كثيرون أن نتنياهو يخشى انهيار حكومته إذا توقفت الحرب، إذ من المرجح أن تهجره الأحزاب اليمينية المتطرفة في ائتلافه. ورغم أن حركة حماس تقلصت -كما تدّعي الصحيفة- إلى وحدات صغيرة تعمل كخلايا مقاومة مستقلة وسط الركام فإنها لا تزال تقاتل، في حين تعود نعوش الجنود تباعا إلى إسرائيل. ويصر نتنياهو على أن حماس يجب ألا تُهزم فقط كقوة عسكرية وحاكمة، بل يجب "اجتثاثها" بالكامل، ويزعم في الوقت نفسه أن الطريقة الأفضل لإبرام صفقة تبادل أسرى هي "مواصلة القتال بقوة أكبر". وطبقا لتقرير "تلغراف"، تواجه إسرائيل الآن غضبا متصاعدا من حلفائها التقليديين، بما فيهم بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، وسط تقارير مروعة عن مجاعة واسعة النطاق في غزة. وتُتهم القوات الإسرائيلية من قبل الأمم المتحدة بقتل أكثر من ألف مدني بالقرب من مواقع توزيع المساعدات، حيث يفتح الجنود النار على المدنيين إذا اقتربوا من حواجز الأمن التي تؤمّنها إسرائيل لصالح المتعهدين الأميركيين. ويلخص رون فاينر الشعور الذي يتزايد بين صفوف الجنود قائلا "دائما هناك من يتردد، صورة واحدة في الأخبار قد تجعله يقول: لا، لا أستطيع المشاركة."


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
التحالف العالمي من أجل فلسطين.. جبهة دولية ضد الاحتلال والفصل العنصري
التحالف العالمي من أجل فلسطين تكتل شعبي دولي أعلن عن تأسيسه في 26 يوليو/تموز 2025 في العاصمة البريطانية لندن بمشاركة شخصيات برلمانية ونقابية وحقوقية بارزة. ويهدف التحالف إلى بناء جبهة دولية موحدة تدعم الحقوق الفلسطينية وتناهض الاحتلال الإسرائيلي وممارساته، ويسعى إلى تفعيل التضامن الشعبي والسياسي عالميا عبر حملات ضغط ولجان متخصصة وشبكات إعلام بديل. النشأة والتأسيس أُعلن عن تأسيس التحالف العالمي من أجل فلسطين يوم 26 يوليو/تموز 2025 في العاصمة البريطانية لندن، وشارك في التأسيس كوكبة واسعة من شخصيات برلمانية وحقوقية ونقابية وثقافية من مختلف أنحاء العالم. ويأتي التحالف في إطار حراك شعبي دولي رافض للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة -الذي بدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023- وما تبعه من حصار خانق ومجازر وعمليات تدمير ممنهج للبنية التحتية، ومصادر الغذاء والزراعة والصيد، مما تسبب ب تجويع آلاف الفلسطينيين في القطاع. كما أعلن المنظمون لمؤتمر التأسيس عزمهم عقد مؤتمر جديد عام 2026 لاستكمال بناء هذا التشكيل العالمي، مؤكدين أن الخطوات العملية تشمل تشكيل لجان عمل دولية متخصصة وتعزيز شبكات الإعلام البديل ودعم التعليم الشعبي إزاء القضية الفلسطينية، فضلا عن إطلاق حملات ضغط سياسي وتشريعي في العواصم المؤثرة عالميا. وشارك في المؤتمر التأسيسي أكثر من 70 منظمة تضامنية من 25 دولة حول العالم تمثل قطاعات المجتمع المدني والنقابات والحركات الطلابية والمبادرات الإعلامية والحقوقية، إلى جانب وفود من فلسطين والشتات. وكان من بين المشاركين في المؤتمر النائب البريطاني وزعيم حزب العمال السابق جيرمي كوربن والزعيم الأيرلندي جيري آدامز ورئيس حركة المبادرة الفلسطينية مصطفى البرغوثي ووزير المالية اليوناني الأسبق يانيس فاروفاكيس والمناضل الجنوب أفريقي روني كاسريلز والنائب الإيطالي أنجليو بونيلي. وافتُتحت أعمال المؤتمر بجلسة عنوانها "تأطير اللحظة" تناولت أهمية التحرك في ظل تصاعد الزخم الجماهيري العالمي الداعم لفلسطين، وأكد المتحدثون أثناءها ضرورة توحيد الجهود وبناء مشروع تحالفي طويل الأمد. وقال النائب البريطاني كوربن أثناء كلمته "نحن لا نبني تحالفا عابرا، بل نؤسس لحركة عالمية ثابتة تتحدى الظلم وتعيد لفلسطين مكانتها في ضمير الإنسانية. هذه لحظة تاريخية ونقطة تحول في النضال من أجل العدالة". من جانبه، صرح القائم بأعمال رئيس "المنتدى الفلسطيني في بريطانيا" عدنان حميدان، أن فكرة التحالف جاءت "ردا على التآمر العالمي ضد القضية الفلسطينية"، وأضاف: "نشهد اصطفافا واضحا من القوى الغربية خلف الاحتلال في دعمها لمشروع الإبادة والتجويع والعدوان على أهلنا في غزة". الأهداف وبحسب ما أُعلن، يهدف التحالف العالمي من أجل فلسطين إلى تعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية في ظل الظروف المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة و الضفة الغربية. ويؤكد التحالف أنه ينطلق من مبدأ واضح مفاده أن "التضامن مع فلسطين يجب أن يكون منظما وموحدا ومؤثرا"، وأشار إلى أن هذه المبادرة تهدف إلى بناء جبهة دولية قادرة على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وتفنيد الروايات المضللة في وسائل الإعلام والدفاع عن الحق في التضامن. وأكد التحالف في بيانه الختامي الأول على ما يلي: دعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف. رفض نظام الفصل العنصري والاحتلال الإسرائيلي. بناء تحالف عالمي متعدد المستويات والمجالات. دعم الحق في التضامن والعمل المدني غير العنيف. كما شدد البيان على أهمية مواصلة الزخم الجماهيري العالمي الذي تصاعد بعد عام 2023 عبر تنسيق الجهود القانونية والإعلامية والسياسية بهدف بناء رأي عام ضاغط، خاصة في دول الشمال العالمي.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
لماذا تؤجل محكمة العدل الدولية إصدار حكمها بشأن الإبادة الجماعية بغزة؟
بينما يموت الفلسطينيون في غزة بأعداد متزايدة يوميا بسبب الجوع، ويتزايد عدد الباحثين القانونيين ومسؤولي الإغاثة والسياسيين الذين يصفون أفعال إسرائيل ب الإبادة الجماعية ، يبقى صدور حكم نهائي بشأن هذه المسألة من أعلى محكمة في العالم بطيئا للغاية. وقالت صحيفة غارديان إن خبراء في محكمة العدل الدولية يرون أنه من غير المرجح صدور حكم بشأن ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة قبل نهاية عام 2027 على أقرب تقدير، وذلك في وقت حذر فيه المجتمع الدولي من أن بطء إجراءات المحكمة لا ينبغي أن يستخدم كذريعة لتأجيل اتخاذ إجراءات لوقف القتل. وأشارت الصحيفة -في تقرير بقلم المراسل الدولي جوليان بورغر- إلى أنه كان من المقرر أصلا أن تقدم إسرائيل ردها على تهمة الإبادة الجماعية التي وجهتها جنوب أفريقيا يوم الاثنين، لكن المحكمة منحت محاميها تمديدا لمدة 6 أشهر، وذلك لأن هيئة المحكمة المكونة من 17 قاضيا قبلت حجة إسرائيل بأنها احتاجت إلى أكثر من 9 أشهر لإعداد قضيتها، مدعية أن "مسائل الأدلة" في عرض جنوب أفريقيا تعني أن "نطاق القضية لا يزال غير واضح". حذر بالغ وردّ الفريق القانوني الجنوب أفريقي بأن أيا من الحجج التي قدمها المحامون الإسرائيليون لم تكن سببا مشروعا للتأخير، وأن إطالة أمد القضية أمر غير مبرر في ضوء حالة الطوارئ الإنسانية في غزة، لكن المحكمة انحازت إلى إسرائيل، التي لديها الآن مهلة حتى يناير/كانون الثاني المقبل لعرض قضيتها. وقالت جولييت ماكنتاير، المحاضرة البارزة في القانون بجامعة جنوب أستراليا "أعتقد أن (محكمة العدل الدولية) حذرة للغاية بسبب المناخ السياسي"، وأضافت "لا يريدون أن يتهموا بتجاهل الحقوق الإجرائية لإسرائيل والتوصل إلى أنها ارتكبت إبادة جماعية دون منحهم فرصة كاملة للرد". ومنذ تأسيسها عام 1945، دأبت محكمة العدل الدولية على تفضيل الحذر على السرعة في دورها كحكم نهائي بين الدول، وقالت إيفا فوكوشيتش، الأستاذة المساعدة في التاريخ الدولي بجامعة أوتريخت إن "محكمة العدل الدولية تعرف ببطء مداولاتها". وذكر المراسل بأن المحكمة، بعد أن تقدم إسرائيل دفاعها في يناير/كانون الثاني المقبل، تمنح كل طرف عادة وقتا كافيا لإعداد جولة أخرى من الحجج لمواجهة نقاط الطرف الآخر والتطورات الجديدة، وقال الأستاذ مايكل بيكر، الذي عمل في السابق مسؤولا قانونيا في محكمة العدل الدولية، إن "الجولة الثانية تستغرق عادة حوالي 6 أشهر لكل طرف، أي عاما آخر، ثم نصل إلى يناير/كانون الثاني 2027". إذا سارت الأمور بسلاسة ولم تكن هناك أي أحداث أو انقطاعات أخرى في الإجراءات، ستكون جلسة استماع في وقت ما من عام 2027، وربما في وقت مبكر بما يكفي ليصدر حكم بحلول نهاية العام، مع أن هناك مجموعة من العوامل يمكن أن تؤخر القضية إلى عام 2028. ومع ذلك قضت المحكمة في يناير/كانون الثاني من العام الماضي بأن ادعاء الإبادة الجماعية "معقول" وأقرت بأن "الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة معرض لخطر شديد من التدهور قبل أن تصدر حكمها النهائي"، وأمرت إسرائيل "باتخاذ جميع التدابير في حدود سلطتها" لوقف أعمال الإبادة الجماعية والتحريض عليها، واتخاذ "تدابير فورية وفعالة" للسماح بدخول المساعدات إلى غزة. وفي مارس/آذار 2024، أضافت المزيد من التدابير التي تطالب بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية، وفي مايو/أيار، أمرت بوقف الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح الجنوبية وبإعادة فتح معبر رفح من مصر لتوصيل المساعدات. إلهاء خطير غير أن إسرائيل تجاهلت بشكل شبه كامل التدابير المؤقتة، ورفضت اتهام الإبادة الجماعية ووصفته بأنه "شائن وكاذب"، ولم تطلب جنوب أفريقيا أي تدابير أخرى، رغم فترات الحصار الشامل الذي فرضته إسرائيل على غزة هذا العام، وذلك ربما بسبب الضغط المكثف من واشنطن، حسب مصدر مقرب من فريق جنوب أفريقيا القانوني. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أصدر أمرا تنفيذيا بوقف المساعدات إلى جنوب أفريقيا، ينتقد موقفها أمام محكمة العدل الدولية، مدعيا دون دليل -حسب الصحيفة- أن البيض في جنوب أفريقيا كانوا "ضحايا تمييز عنصري ظالم". ونبه المراسل إلى أن معيار المحكمة للإثبات المطلوب للتوصل إلى حكم بشأن الإبادة الجماعية مرتفع للغاية، بسبب صعوبة إثبات نية العمد في التدمير الذي اشترطته اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948. وفي تفسيرها للاتفاقية، اشترطت محكمة العدل الدولية أدلة "قاطعة تماما" على أن الدولة المتهمة كانت لديها نية الإبادة الجماعية في ارتكاب عمليات قتل جماعي، ولم تكن هناك دوافع أخرى محتملة ومنافسة. ويعتقد عدد من علماء القانون أن إسرائيل بأفعالها في غزة تتجاوز حتى هذا الحد العالي، ومع ذلك يرى خبراء القانون الدولي الإنساني أن التركيز على حكم الإبادة الجماعية يمكن أن يكون إلهاء خطيرا، يؤخر اتخاذ المجتمع الدولي إجراء حاسما، ويسمح باستمرار الجرائم التي يمكن إثباتها ضد الإنسانية.