
هل يُصلِح سالم بن بريك ما أفسدته الشرعية؟
في الوقت الذي يتأرجح فيه المواطن في عدن وباقي مدن الجنوب، بين أملٍ ضئيل يتشبث به في لحظات الصبر القصوى، وخيبةٍ تتكرّس يومًا بعد آخر في تفاصيل معيشته القاسية، يطل سالم بن بريك، رجل المال والإدارة، على رأس حكومة مأزومة ترزح تحت ركام الفشل المتراكم والانقسامات والتجاذبات، التي لم تترك مجالًا للإصلاح، إلا من باب الأماني، وبرغم أن تعيينه لاقى ترحيبًا أوليًا لدى شريحة واسعة من المراقبين والشارع على حد سواء، خصوصًا أولئك الذين يبحثون عن أي بصيص أمل يبعث على الطمأنينة في نفق مظلم طويل، إلا أن هذا الترحيب لم يكن بلا شروط، ففي تقديري، كان هذا الترحيب مشروطًا بالفعل لا بالقول، وبالإنجاز لا بالشعارات، وبالقدرة على إحداث فارق ملموس يتجاوز حدود النوايا الطيبة، وعلى ما يبدو ، أن سالم بن بريك لم يأتِ إلى منصبه الجديد وهو غافل عمّا ينتظره، فالرجل، بخلفيته المهنية الطويلة واحتكاكه المباشر بملفات الدولة المالية، يدرك أو هكذا يُفترض حجم التحديات التي تقف كجدار صد أمام أي محاولة إصلاحية؛ من الرواتب المتأخرة إلى العملة المتدهورة، ومن تردي الخدمات في العاصمة عدن إلى الشعور المتزايد في الشارع الجنوبي بأن الجنوب يُحمّل فوق طاقته، دون أن يكون له القرار أو النصيب،ومن خلال متابعتنا لما طرحه في أولى جلسات مجلس الوزراء، بدا واضحًا أن الرجل لا ينوي السير على خطى من سبقوه من رؤساء الحكومات الذين اكتفوا بالصمت أو التبرير، وعلى الرغم من أنه لم يطرح تساؤلات مباشرة حول مسألة توريد الإيرادات، إلا أنني أتساءل هنا، هل يدرك بن بريك وهو الخبير المالي ، أن عدن تورد كل إيراداتها إلى البنك المركزي، بينما محافظات مثل مأرب وتعز لا تزال تحتفظ بإيراداتها؟ وهل يعي أن هذه المفارقة تمثل جوهر الخلل في بنية العلاقة المالية والإدارية داخل الدولة؟ إن الاعتراف بهذه الإشكالية هو الخطوة الأولى لأي إصلاح حقيقي، وإذا ما تحوّلت من مجرد إدراك إلى موقف سياسي واقتصادي عملي، فإنها قد تشكل نقطة انطلاق محترمة نحو تغيير قواعد اللعبة المالية المقلوبة.
ومن وجهة نظري، فإن حديث بن بريك عن ضرورة البحث عن موارد بديلة والاعتماد على الذات مع الاستفادة من دعم الأشقاء، يعكس إدراكًا جزئيًا لحقيقة أن الاقتصاد لن يُبنى من الخارج فقط، بل يجب أن ينهض من الداخل من خلال إدارة رشيدة قادرة على الاستفادة من كل قرش يُجمع، مع شفافية ومحاسبة لا تعرف المجاملة.
وفي السياق ذاته، فإن المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يشارك اليوم بشكل مباشر في إدارة الملفات الحكومية لا يمكنه في رأيي أن يظل في موقع الناقد والمراقب؛ فهو معنيّ بأن يثبت لجماهيره أن المشروع السياسي الذي يحمله قادر على الترجمة الواقعية في حياة الناس، لا سيما على صعيد الخدمات والإدارة والأمن والتنمية، وإذا ما فشل بن بريك لا قدّر الله في إحداث فارق حقيقي، فإن ذلك لن يُقرأ فقط بوصفه فشلًا لرجل تكنوقراطي، بل سيُنظر إليه كفشل لمنظومة كاملة كانت تعِد الناس بأنها البديل الممكن، والمشروع القادم، والخلاص من عبث الشرعية وفسادها.
إنني أؤمن بأننا أمام لحظة مفصلية لا تحتمل التردد؛ لحظة إما أن نكسر فيها القيد الذي كبّل الجنوب لعقود من التهميش والفساد، أو نواصل السقوط في دوامة التكرار البليد لخيبات لا نهاية لها.
ولذا، فإننا نضع املنا في أن يدرك بن بريك، والمجلس الانتقالي الجنوبي من خلفه، أن لا مجال للترف السياسي الآن، ولا مساحة للمراوغة أو الخطابات العامة، فالشعب قد ملّ الانتظار، وبلغ به الإنهاك مبلغًا لم يعد فيه قادرًا على تحمل المزيد، فإن كنتم صادقين وأرجو أن تكونوا كذلك، فلتبدأوا من عدن، من شارعها، من سوقها، من منزل المواطن الذي لا يملك ثمن الدواء ولا يجد عملًا يقيه مذلّة السؤال، ابدؤوا من حيث يحترق الجسد الجنوبي كل يوم في صمت، وإن لم تفعلوا، فإن التاريخ لا يرحم الذين خذلوا شعوبهم مرتين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

صحيفة عاجل
منذ ساعة واحدة
- صحيفة عاجل
ضيوف «خادم الحرمين»: دعوة شرائح متنوعة من المجتمعات للحج يؤكد عناية المملكة بالإسلام والمسلمين
أوضح عدد من ضيوف برنامج خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة الذي تنفذه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، أن دعوة البرنامج لشرائح متنوعة من المجتمعات المسلمة لأداء الحج لعام 1446، يؤكد؛ اعتناء واهتمام المملكة بالإسلام والمسلمين، وامتداد الرعاية الكبيرة من قيادة المملكة لضيوف الرحمن، وتمكين أكبر عدد من المسلمين لأداء مناسك الحج في كل عام بيسر وطمأنينة. وعبر مشرف قسم اللغة العربية لإذاعة بنجلاديش، الدكتور محمد أنعام الحق، عن سعادته بهذه الاستضافة ضمن ضيوف البرنامج لأداء فريضة حج هذا العام، قائلًا: "هذا البرنامج الكبير والإنساني ليس مستغرب على المملكة التي تمد يدها لمساعدة الجميع في كافة أنحاء العالم". وأشاد «أنعام» خلال حديثه، بسرعة وتيرة مشاريع البنية التحتية في المدن، خاصة مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ لرفع قدرتها الاستيعابة في استقبال ضيوف الرحمن لأداء مناسك الحج. من جهة أخرى، أوضح الدكتور محمد سليم من سيرلانكا وهو أحد المستفيدين من برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين هذا العام، أن العطاء الذي تقوم به المملكة ممتد من عهود سابقة وحتى وقتنا الحاضر، ولازالت المملكة مستمره في بذلها وعطائها مع الجميع، مشيدًا بالخدمات المقدمة والتنظيم المميز وجودة البنية التحتية بمنى وعرفات ومزدلفة، سائلًا الله سبحانه وتعالى أن يجزي قيادة المملكة خير الجزاء على ما قدموه لخدمة الإسلام والمسلمين وقاصدي الحرمين الشريفين. يذكر أن وزارة الشؤون الإسلامية تنفذ وتشرف على برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة والزيارة لعام 1446, والبالغ عددهم (2443) حاجًا وحاجة من (100) دولة حول العالم.


المدينة
منذ ساعة واحدة
- المدينة
وزير الحج والعمرة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة عيد الأضحى
رفع معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- بمناسبة عيد الأضحى.وأعرب بهذه المناسبة عن بالغ شكره وتقديره للقيادة الحكيمة على ما توليه من عناية واهتمام متواصلين بضيوف بيت الله الحرام، وحرصها على تسخير كافة الإمكانات والجهود؛ لتمكينهم من أداء مناسكهم في أجواء يسودها الأمن والطمأنينة والراحة.وأكّد معالي الدكتور الربيعة، أن الدعم الاستثنائي وغير المحدود الذي تحظى به منظومة خدمة ضيوف الرحمن، في جميع قطاعاتها، من القيادة الرشيدة -أيدها الله-، وإيلاء هذا الشرف أولوية قصوى في برامج وخطط حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- أسهما بشكل محوري في تيسير رحلة ضيوف الرحمن خلال موسم حج هذا العام.وأوضح أن منظومة خدمة ضيوف الرحمن عملت بتناغم وتكامل وفق توجيهات القيادة الرشيدة، حيث قدّم الشركاء في المنظومة جهودًا تشاركية بروح الفريق الواحد؛ لإثراء تجربة الحاج، وجعلها رحلة ميسّرة وسهلة منذ قدومهم وحتى مغادرتهم إلى أوطانهم.وأضاف معاليه أن التزام حجاج بيت الله الحرام بالتعليمات والخطط الموضوعة، أسهم بشكل متميز في تنفيذ الخطط والجداول المعتمدة، معربًا عن شكره وتقديره لجميع الجهات العاملة في خدمة ضيوف الرحمن، سائلًا الله -عز وجل- أن يجزيهم خير الجزاء، وأن يتقبل من الحجاج حجهم وسعيهم، ويعيد هذه المناسبة على وطننا الغالي وقيادته وشعبه الكريم بالخير واليُمن والبركات.


المناطق السعودية
منذ ساعة واحدة
- المناطق السعودية
وزير الحج والعمرة يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة عيد الأضحى
المناطق_واس رفع معالي وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- بمناسبة عيد الأضحى. وأعرب بهذه المناسبة عن بالغ شكره وتقديره للقيادة الحكيمة على ما توليه من عناية واهتمام متواصلين بضيوف بيت الله الحرام، وحرصها على تسخير كافة الإمكانات والجهود؛ لتمكينهم من أداء مناسكهم في أجواء يسودها الأمن والطمأنينة والراحة. وأكّد معالي الدكتور الربيعة، أن الدعم الاستثنائي وغير المحدود الذي تحظى به منظومة خدمة ضيوف الرحمن، في جميع قطاعاتها، من القيادة الرشيدة -أيدها الله-، وإيلاء هذا الشرف أولوية قصوى في برامج وخطط حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- أسهما بشكل محوري في تيسير رحلة ضيوف الرحمن خلال موسم حج هذا العام. وأوضح أن منظومة خدمة ضيوف الرحمن عملت بتناغم وتكامل وفق توجيهات القيادة الرشيدة، حيث قدّم الشركاء في المنظومة جهودًا تشاركية بروح الفريق الواحد؛ لإثراء تجربة الحاج، وجعلها رحلة ميسّرة وسهلة منذ قدومهم وحتى مغادرتهم إلى أوطانهم. وأضاف معاليه أن التزام حجاج بيت الله الحرام بالتعليمات والخطط الموضوعة، أسهم بشكل متميز في تنفيذ الخطط والجداول المعتمدة، معربًا عن شكره وتقديره لجميع الجهات العاملة في خدمة ضيوف الرحمن، سائلًا الله -عز وجل- أن يجزيهم خير الجزاء، وأن يتقبل من الحجاج حجهم وسعيهم، ويعيد هذه المناسبة على وطننا الغالي وقيادته وشعبه الكريم بالخير واليُمن والبركات.