اهراءات المرفأ تنتظر "القرار الصعب"...
لم يصب انفجار مرفأ بيروت صيف 2020 العاصمة وأهلها فحسب بالدمار والموت، وفقدان الثقة بالدولة والأمن والعدالة، بل أصاب أيضا الأمن الغذائي للبنان، واحتياط القمح الإستراتيجي لصناعة الرغيف ومشتقاته.
وفيما لا يزال الحل الموقت الذي اعتمدته الحكومة حينذاك بتخزين القمح المستورد في مخازن مطاحن القطاع الخاص مستمرا ولا بديل منه، يسجل في المقابل بطء الدولة في معالجة هذه الفجوة في الأمن الغذائي، وتلكؤها في طرح مشروع جدي لبناء أهراءات وصوامع تخزين جديدة قادرة على حماية مخزون القمح الإستراتيجي.
بالرغم من مقترحات ومشاريع تمويل دولية عدة وأبرزها للكويت، سعت جميعها وقدمت حلولا لبناء أهراءات بديلة تكفي حاجة البلاد ومخزونها، لم تتحرك الحكومات السابقة، وبقي الملف طي المماطلة وعدم المتابعة.
يعي وزير الاقتصاد الحالي عامر البساط حجم المشكلة، ويسجل له اندفاعه لوضع حل جذري يضمن معالجة معضلتين، الأولى: التخلص من بقايا القمح المتخمر في الأهراءات، ووضع حد لتلوث الهواء والبيئة المحيطة بالمرفأ. والثانية، تأمين بديل وطني لعملية تخزين القمح، والذهاب نحو حل استراتيجي يعاد من خلاله بناء أهراءات جديدة بمواصفات عالمية حديثة وعلمية، في مكان أو أمكنة متعددة، وتأمين التمويل والتشريعات اللازمة، من دون الدخول في البازارات المناطقية والطائفية المعتادة.
وفي السياق، لا بد من السؤال عن الدور المستقبلي للدولة في إدارة هذا القطاع الوطني الحساس، ومدى استعداد الحكومة الحالية لبلورة مشروع تعاون مشترك مع القطاع الخاص من خلال الـBOT، يخرج الدولة من الإدارة المباشرة وبيروقراطيتها، ويمنح القطاع الخاص تحت مراقبتها فرصة المشاركة في بناء الصوامع والأهراءات واستثمارها.
البساط تفقد مرفأ بيروت وعاين مع وزيرة البيئة تمارا الزين الأهراءات، وخلص إلى "ضرورة معالجة 3 مشكلات تدريجا وتبعا للأولوية، أبرزها الجانب البيئي والحبوب المتبقية داخل الأهراءات والتي تقدر بنحو 4 آلاف طن من القمح. هذه البقايا تتخمر وتلوث الهواء، وتزيد خطر الحرائق التي تهدد أيضا سلامة ما تبقى من هيكل الأهراءات". وأكد أنه على تواصل مع المجلس الوطني للبحوث العلمية CNRS الذي بدأ بدراسات جيولوجية لهياكل الأهراءات وتقييم المخاطر، "كما نتواصل مع شركات كيميائية بغية رش المبيدات في انتظار معالجة الموضوع من كل جوانبه".
أما الخطر الذي يشكله الهيكل المتبقي، فيبدو واضحا أنه يعوق حركة العمل في المرفأ. لذا يؤكد البساط العمل مع مستشارين للبحث في الخيارات المتوافرة، وأحدها إمكان هدم الأهراءات "علما أن قرارا كهذا لن يتم بمعزل عن أهالي ضحايا انفجار المرفأ حيث يتولى المباحثات معهم وزير الثقافة، مع إمكان بناء نصب تذكاري للشهداء في المكان".
وفي ما يتعلق بإعادة بناء الأهراءات، لا ينكر البساط أنها تتطلب وقتا طويلا وكلفة كبيرة. أما أين سيتم بناء الأهراءات الجديدة؟ فيؤكد أن "الافكار حتى الآن غير نهائية، مع الأخذ في الاعتبار أن الخيارات لن تقتصر على مرفأ بيروت".
والحديث عن الكلفة وإعادة الإعمار يقودنا إلى السؤال عن مصير الوعد الكويتي بتمويل إعمار الأهراءات، ويؤكد البساط أنه لمس خلال زيارته الأخيرة ووزير المال ياسين جابر للكويت من المسؤولين "تجاوبا واستعدادا لإعادة إعمار الأهراءات، ولكن المهم أن نتوصل إلى معالجة المشكلات من الجوانب كافة ".
وكانت الكويت أعلنت استعدادها لإنشاء أهراءات جديدة بأحدث المواصفات الهندسية والتقنية، بعدما خصص 22 ألف متر مربع في موقع قريب من الأهراءات المدمرة، بتمويل ما بين 30 و40 مليون دولار.
المخزون والانتاج المحلي
يبلغ حجم المخزون من القمح أكثر من 50 ألف طن، فيما المطاحن تستورد دائما، وثمة مخزون احتياطي يكفي لفترة تصل إلى شهرين. في المقابل، يراوح الإنتاج المحلي من القمح عموما (خبز عربي وحلويات) بين 30 ألف طن و50 ألفا حدا أقصى تبعا للمواسم، فيما يستورد لبنان نحو 350 ألف طن سنويا للخبز العربي تخزن في أهراء المطاحن الخاصة التي لا يمكنها تخزين القمح لأكثر من شهرين ونصف شهر. ويستورد لبنان نحو 95% من حاجاته الاستهلاكية اليومية من القمح للخبز عربي، أي ما بين 30 و35 ألف طن شهريا.
إلى ذلك، يقدّر حجم الإنتاج اللبناني (البقاع) من القمح حدا أقصى بـ50 ألف طن من القمح القاسي يستعمل لإنتاج البرغل والمعكرونة وغيرهما، أما الإنتاج الذي يمكن استخدامه في الخبز العربي فلا تتعدى نسبته الـ 10% حدا أقصى.
سلوى بعلبكي - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النشرة
منذ 26 دقائق
- النشرة
جابر: المفاوضات مع صندوق النقد تتقدم ومسألة الودائع من الأولويات ولا ضرائب جديدة لزيادة الدخل
أشار وزير المالية ياسين جابر ، بعد انتهاء أول جلسة عمل تفاوض مع بعثة التفاوض التابعة ل صندوق النقد الدولي ، إلى أنّه "كما تعلمون هناك زيارة لبعثة الصندوق النقد الدولي لاستكمال التفاوض، وهذه الزيارة تأتي بعد الاجتماعات التي عقدناها في واشنطن ولمتابعة ما بدأناه هناك". ولفت إلى أنّ "صندوق النقد لا يكتفي بالاجتماع على مستويات عالية من وزراء وحاكم مصرف لبنان ، فهو يجتمع أيضاً مع وفود تقنية في كل الوزارات وفي مصرف لبنان ومع القطاع الخاص والمصارف حتى يتمكن من تكوين صورة كاملة عن الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي في لبنان". وقال جابر "هناك تقدم، وبالطبع الحكومة اللبنانية تقوم بالعديد من الخطوات الاصلاحية في كل القطاعات خصوصاً في قطاع الكهرباء والمصارف. وهناك تقدم في هذا المجال خصوصاً وأن الحكومة كانت أرسلت قانون رفع السرية المصرفية وتم إقراره في المجلس النيابي، واليوم نناقش قانون تنظيم عمل المصارف في لبنان في اللجان النيابية ونتقدم خطوات على هذا المستوى، وهي من المواضيع المهمة جداً". وأوضح أنّ "حل موضوع المصارف ومسألة الودائع هي من الأولويات لدى صندوق النقد الدولي، كما ان الاصلاحات في الموضوع المالي ومداخيل الدولة من الضرائب ومن الجمارك وغيرها هي مواضيع مدرجة في خانة الأولوية، ونقوم تحديداً في موضوع الجمارك بالتحضير المسبق للبضائع التي تشحن الى لبنان حيث نفاوض اليوم لتركيب آلات أشعة جديدة سكانرز للتأكد من نوعية البضائع التي تشحن وتخرج من المرفأ، إضافة الى خطوات اخرى نقوم بها وسيبدأ الرأي العام اللبناني خلال الأسابيع المقبلة بلمس التغييرات التي نقوم بها". وذكر أنّ "اجتماع اليوم كان بداية على مستوى عالٍ والوفد الدولي يستكمل اجتماعاته وسيكون لنا يوم الاثنين اجتماع ثانٍ على مستوى اجتماع اليوم لاستعراض الأرقام التي سيحملونها وهناك اجتماع ختامي في الخامس من شهر حزيران المقبل". وأضاف جابر "المهم أن المفاوضات تسير بشكل جيد وتتقدم ونأمل أن يخطو لبنان خطوات مهمة في الموضوع الاصلاحي والعودة للانتماء الى الأسرة الدولية مع قطاع مصرفي ناشط وسليم وصحيح ومع إصلاحات مكتملة في مختلف القطاعات". وعن أموال المودعين ووجود خشية من فرض ضرائب جديدة، أكّد جابر أنّه "لا ضرائب جديدة لزيادة الدخل لكن هناك تحصيل للضرائب المالية ما يعني حسن تحصيل وجباية وهذه هي ال سياسة التي تتبعها". وردا على سؤال حول ما إذا كان قد حدد حاكم مصرف لبنان كريم سعيّد مهلة لاستلام تصور حول الفجوة المالية، أجاب "يوجد عمل جدي وفريق عمل في مصرف لبنان يعمل على هذا الموضوع، لكن علينا نحن أيضاً من الآن والى وقت قريب أن يكتمل فريق العمل باتخاذ قرار نهائي بشأن نواب الحاكم، فهل ستمدد ولاية الأعضاء الأربعة الحاليون أم سيعيّن أعضاء جدد، أعتقد أنه خلال الأسبوع المقبل يحسم هذا الموضوع وكذلك تعيين لجنة جديدة للرقابة على المصارف وأعتقد أن الأمر قد يحسم قبل التاسع من حزيران المقبل". وتابع: "اليوم لجنة الرقابة على المصارف لديها عمل كبير تقوم به لناحية تقييم عمل المصارف وتتعاون مع صندوق النقد الدولي على تكوين التصوّر لموضوع الودائع". وشدد على أنّ "صندوق النقد ليس فقط مصدر أموال يمكن أن نعتبره مستشاراً يعطي استشارات حول كيفية تحسين الأمور والناتج المحلي ومعالجة موضوع الجمارك ويوم الثلاثاء سأحضر في القاهرة مؤتمراً يُعني بالشأن التقني Metac التابع لصندوق النقد الدولي، هناك الكثير من الأمور المتفرعة لكن بالعموم الأمور تسير بشكل جيد، ومن الآن وحتى الخريف ستظهر الأمور أكثر فأكثر".


IM Lebanon
منذ 37 دقائق
- IM Lebanon
الحاج عن أسعار المحروقات: عدنا إلى سياسة الترقيع
اعتبر عضو تكتل 'الجمهورية القوية' النائب رازي الحاج، أنه 'للأسف، عدنا إلى سياسة الترقيع في الثوب البالي في إدارة الملفات، وخصوصا المالية منها'. وتابع في بيان، 'بالأمس، وفي مجلس الوزراء، وبسبب أحقية العسكريين في الخدمة والمتقاعدين منهم بتحسين رواتبهم، كما هو حق جميع العاملين في القطاع العام والخاص، تم إعطاء منحة مالية شهرية بقيمة 14 مليون ليرة لبنانية لمن هم في الخدمة الفعلية و12 مليون ليرة للمتقاعدين منهم. وفي المقابل، تم استغلال غياب وزير الطاقة والمياه جو الصدي بسبب السفر لتمرير زيادة على أسعار البنزين بقيمة 95 ألف ليرة على التنكة و174 ألف ليرة على تنكة الديزل، أي على سبيل المثال ارتفع سعر طن المازوت 97 دولارا من 640 إلى 737 دولارا، وهكذا تستمر الدولة بتمويل 'الترقيع' من دون دراسة جدوى ولا أثر اقتصادي ولا أثر مالي، من دون اعادة هيكلة القطاع العام وإلغاء ودمج بعض المجالس والصناديق والمؤسسات العامة، من دون إصلاح واقع الجمارك والتهرب والتهريب. هكذا، نؤمن حوالى 400 مليون دولار من جيوب الناس والفقراء من الضرائب والرسوم غير المباشرة لتمويل مساعدة اجتماعية لا تكفي للعسكر اكثر من بضعة أيام'. أضاف: 'يا سادة نحن في بداية جديدة، أوقفوا الارتجال وأعيدوا تنظيم الدولة وزيادة إراداتها من خلال حسن إدارة أصولها. لا للترقيع، لا للارتجال، لا لحل أزمة على حساب خلق أزمة أخرى'. وتابع: 'أيها العسكريون، التضخم سيزيد، فهم لم يقدموا إليكم شيئا في الأمس، هكذا فعلوا في سلسلة الرتب والرواتب، وهكذا يستمرون في ارتكاب الأخطاء نفسها، بل الخطايا'.


الديار
منذ 40 دقائق
- الديار
جابر: المفاوضات مع صندوق النقد تتقدم ومسألة الودائع من الأولويات
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اشار وزير المالية ياسين جابر، بعد انتهاء أول جلسة عمل تفاوض مع بعثة التفاوض التابعة لصندوق النقد الدولي، إلى أنّه "كما تعلمون هناك زيارة لبعثة الصندوق النقد الدولي لاستكمال التفاوض، وهذه الزيارة تأتي بعد الاجتماعات التي عقدناها في واشنطن ولمتابعة ما بدأناه هناك". ولفت إلى أنّ "صندوق النقد لا يكتفي بالاجتماع على مستويات عالية من وزراء وحاكم مصرف لبنان، فهو يجتمع أيضاً مع وفود تقنية في كل الوزارات وفي مصرف لبنان ومع القطاع الخاص والمصارف حتى يتمكن من تكوين صورة كاملة عن الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي في لبنان". وقال جابر "هناك تقدم، وبالطبع الحكومة اللبنانية تقوم بالعديد من الخطوات الاصلاحية في كل القطاعات خصوصاً في قطاع الكهرباء والمصارف. وهناك تقدم في هذا المجال خصوصاً وأن الحكومة كانت أرسلت قانون رفع السرية المصرفية وتم إقراره في المجلس النيابي، واليوم نناقش قانون تنظيم عمل المصارف في لبنان في اللجان النيابية ونتقدم خطوات على هذا المستوى، وهي من المواضيع المهمة جداً". وأوضح أنّ "حل موضوع المصارف ومسألة الودائع هي من الأولويات لدى صندوق النقد الدولي، كما ان الاصلاحات في الموضوع المالي ومداخيل الدولة من الضرائب ومن الجمارك وغيرها هي مواضيع مدرجة في خانة الأولوية، ونقوم تحديداً في موضوع الجمارك بالتحضير المسبق للبضائع التي تشحن الى لبنان حيث نفاوض اليوم لتركيب آلات أشعة جديدة سكانرز للتأكد من نوعية البضائع التي تشحن وتخرج من المرفأ، إضافة الى خطوات اخرى نقوم بها وسيبدأ الرأي العام اللبناني خلال الأسابيع المقبلة بلمس التغييرات التي نقوم بها". وذكر أنّ "اجتماع اليوم كان بداية على مستوى عالٍ والوفد الدولي يستكمل اجتماعاته وسيكون لنا يوم الاثنين اجتماع ثانٍ على مستوى اجتماع اليوم لاستعراض الأرقام التي سيحملونها وهناك اجتماع ختامي في الخامس من شهر حزيران المقبل". وأضاف جابر "المهم أن المفاوضات تسير بشكل جيد وتتقدم ونأمل أن يخطو لبنان خطوات مهمة في الموضوع الاصلاحي والعودة للانتماء الى الأسرة الدولية مع قطاع مصرفي ناشط وسليم وصحيح ومع إصلاحات مكتملة في مختلف القطاعات". وعن أموال المودعين ووجود خشية من فرض ضرائب جديدة، أكّد جابر أنّه "لا ضرائب جديدة لزيادة الدخل لكن هناك تحصيل للضرائب المالية ما يعني حسن تحصيل وجباية وهذه هي السياسة التي تتبعها". وردا على سؤال حول ما إذا كان قد حدد حاكم مصرف لبنان كريم سعيّد مهلة لاستلام تصور حول الفجوة المالية، أجاب "يوجد عمل جدي وفريق عمل في مصرف لبنان يعمل على هذا الموضوع، لكن علينا نحن أيضاً من الآن والى وقت قريب أن يكتمل فريق العمل باتخاذ قرار نهائي بشأن نواب الحاكم، فهل ستمدد ولاية الأعضاء الأربعة الحاليون أم سيعيّن أعضاء جدد، أعتقد أنه خلال الأسبوع المقبل يحسم هذا الموضوع وكذلك تعيين لجنة جديدة للرقابة على المصارف وأعتقد أن الأمر قد يحسم قبل التاسع من حزيران المقبل". وتابع: "اليوم لجنة الرقابة على المصارف لديها عمل كبير تقوم به لناحية تقييم عمل المصارف وتتعاون مع صندوق النقد الدولي على تكوين التصوّر لموضوع الودائع". وشدد على أنّ "صندوق النقد ليس فقط مصدر أموال يمكن أن نعتبره مستشاراً يعطي استشارات حول كيفية تحسين الأمور والناتج المحلي ومعالجة موضوع الجمارك ويوم الثلاثاء سأحضر في القاهرة مؤتمراً يُعني بالشأن التقني Metac التابع لصندوق النقد الدولي، هناك الكثير من الأمور المتفرعة لكن بالعموم الأمور تسير بشكل جيد، ومن الآن وحتى الخريف ستظهر الأمور أكثر فأكثر".