
لبنان... تغيير المسار وكبح الانهيار
عشية الزيارة الثانية للموفد الأميركي برز الوجه الحقيقي لـ«حزب الله» برفضه الورقة الأميركية؛ لأن «ما تحمله مطالب إسرائيلية لم يستطع العدو أن يأخذها في الحرب» (...) ولأن «هناك اتفاقاً قائماً فلبنان ليس بحاجة إلى اتفاق جديد»، وتوج هذا الموقف بتحويل «مسيرة عاشورائية» إلى مظاهرة مسلحة جابت بعض أحياء العاصمة.
لقد شكَّل السلاح الذي رفع على مقربة من السراي الحكومي إهانة للسلطة وللعاصمة بأهلها وسكانها، وتحدياً غير مسبوق للسلطات الأمنية والقضائية. لقد ذكرت هذه المظاهرة بأحداث مايو (أيار) 2008 عندما احتلت بيروت، وتم اقتحام منازل الآمنين وقتل العشرات غدراً في يوم وصفه في حينه حسن نصرالله بـ«المجيد»، وقال إنها «معركة السلاح دفاعاً عن السلاح!».
وعاد نعيم قاسم ليكرر «التمسك بالمقاومة خياراً وحيداً أثبت فاعليته»، لكنه لم يخبر اللبنانيين متى حدث ذلك، فقد كان منهمكاً في ترويج سردية مباهاة وادعاء فقال: «منذ متى كان الدفاع عن الوطن يحتاج إلى إذن. لا أحد يطالبنا بوقف المقاومة، اذهبوا وطالبوا العدو بالرحيل».
العدو يجب أن يرحل، وهذا مطلب عليه إجماع لبناني، وبضوء اتفاق وقف إطلاق النار الذي فاوض بشأنه «الحزب» وبري، لم يعد بيد السلطة سوى المقاومة الدبلوماسية لتحرير الأرض مستندة إلى بسط سيادتها دون شريك. لكن وفق هذا التطور يكون «حزب الله» قد قفز فوق تداعيات الحرب التي زج بها لبنان عنوة ودمرته. لقد تجاوز الدولة ومؤسساتها، وعاد يمسك قرار الحرب والسلم. وبعبارة أوضح فإن «الحزب» الممتنع عن تسليم السلاح والمتمسك بشعار «المقاومة» هو في حقيقة الأمر متمسك بالاحتلال لكي يبرر هذا التسلط المانع لاستعادة الدولة، والمانع لاستعادة السيادة، ضارباً عرض الحائط بمصالح عشرات ألوف الأسر المهجرة ومصالح كل اللبنانيين ببدء تعافي البلد.
معروف أن كل المسار اللبناني معلق على جمع السلاح وبسط السيادة دون شريك بما في ذلك السيادة المالية والاقتصادية.
بروز هذا التطور شديد السلبية كشف مجدداً عن حجم الخلل السياسي على مستوى السلطة التنفيذية، التي يبدو أنها تخلت عن دورها وعن صلاحيات أناطها بها الدستور حصراً. فتم وضع الأمر بين يدي «الترويكا الرئاسية» وبات اتفاقها: عون، بري وسلام، يختصر المؤسسات الدستورية. وتبعاً لذلك وضعت «الترويكا» الأمر بين أيدي مستشارين لوضع صيغة الرد اللبناني على أن تحظى الصيغة مسبقاً بموافقة «حزب الله» (...)!
إن قضية بهذه الخطورة هي من مهام مجلس الوزراء حصراً، والمفترض أن يقود العملية ويتحمل المسؤولية؛ لأن الأمر أكثر من رد. إنه الصياغة التنفيذية لاتفاق كبير بين لبنان وإسرائيل، يضع على بيروت تحدياً من نوع مختلف يفترض العودة لاتفاق الهدنة، ويتضمن أيضاً الرؤية اللبنانية للعلاقات اللبنانية-السورية التي تفترض تطبيعاً سريعاً يفتح باب التعاون لمعالجة قضية النزوح السوري إلى لبنان وضبط الحدود وترسيمها براً وبحراً. والمفترض أن الرد سيتضمن تفاصيل المسائل الإصلاحية والمدى الزمني لإنجازها، ومعالجة اقتصاد «الكاش» وإقفال «القرض الحسن»، وهنا لُبَّ الموضوع المرتبط بالنهوض وتعافي البلد.
مصالح البلد وهموم اللبنانيين هما ما ينبغي أن يحدد أولوية الحكم والدور المطلوب عادةً من رجال الدولة، فهل يتم الإقدام لتغيير المسار وكبح الانهيار ومنع «حزب الله» من أخذ البلد إلى الحرب مجدداً؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
غزة: عشرات القتلى بقصف إسرائيلي... وأزمة وقود غير مسبوقة بالمستشفيات
أفادت وسائل إعلام فلسطينية بأن 50 فلسطينياً قُتلوا في غارات إسرائيلية على مناطق متفرقة من قطاع غزة منذ فجر اليوم (السبت). بدوره، أعلن الدفاع المدني مقتل 35 فلسطينياً، السبت، في غارات جوية شنها سلاح الجو الإسرائيلي في مناطق مختلفة في قطاع غزة حيث وسعت إسرائيل عملياتها بعد 21 شهراً من الحرب المدمرة. وقال الناطق باسم الدفاع المدني محمود بصل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنه «سجل 35 شهيداً على الأقل وعشرات المصابين من بينهم أطفال ونساء، جراء غارات شنها الاحتلال واستهدفت بشكل خاص منازل وخياماً للنازحين ومدرستين تؤويان نازحين». ومنذ بدء الحرب التي اندلعت إثر هجوم غير مسبوق شنته حركة «حماس» على إسرائيل في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ مئات آلاف إلى المدارس التي تحولت إلى مراكز إيواء، ومع ذلك فهي تشكل أهدافاً للقصف. ويقول الجيش، إنه يستهدف فيها مسلحين لـ«حماس». فلسطينيون يتفقدون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على مخيم البريج في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب) وفي وقت سابق أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة بأن «70 قتيلاً و332 مصاباً وصلوا لمستشفيات القطاع في آخر 24 ساعة جراء القصف الإسرائيلي، ليرتفع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 57 ألفاً و338 قتيلاً منذ أكتوبر 2023. ويأتي ذلك رغم جو إيجابي أشاعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس (الجمعة)، بقوله إن من «الجيد» أن حركة «حماس» ردت «بروح إيجابية» على المقترح المتعلق بوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مرجحاً أن يشهد هذا الأسبوع التوصل إلى اتفاق لإنهاء القتال. حذرت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم، من أن أزمة نقص الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات بلغت مؤشرات غير مسبوقة. وقالت الوزارة في بيان صحافي اليوم، إن الأزمة تفاقم من حالة الاستنزاف الشديدة للمنظومة الصحية وما تبقى من مستشفيات عاملة، مشيرة إلى أن «الضغط المزداد من الإصابات الحرجة يزيد معها الحاجة إلى ضمان استمرار عمل المولدات الكهربائية لتشغيل الأقسام الحيوية». ولفتت إلى أن «الاحتلال الإسرائيلي يتعمد سياسة التقطير في السماح بإدخال كميات الوقود التي لا تتيح وقتاً إضافياً لعمل المستشفيات»، موضحة أن «استمرار الحلول المؤقتة والطارئة يعني انتظار توقف عمل الأقسام المنقذة للحياة». وأكدت الوزارة أن الفرق الهندسية في المستشفيات مستنزفة في متابعة عمل المولدات وإجراءات الترشيد التي أصبحت دون جدوى، مجددة مناشدتها العاجلة للجهات المعنية بـ«التدخل والضغط على الاحتلال لإدخال إمدادات الوقود اللازم لعمل المولدات الكهربائية».


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
32 قتيلاً في غزة... وإسرائيل للسماح بتوزيع المساعدات شمال القطاع
أعلن إعلام فلسطيني، اليوم (الأحد)، ارتفاع عدد القتلى جراء القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ فجر اليوم، إلى 32 شخصاً. وقال «تلفزيون فلسطين»، في وقت سابق اليوم، إن قصفاً إسرائيلياً على منزلين غرب مدينة غزة أدى إلى مقتل 20 شخصاً. وأشار التلفزيون إلى أن 80 شخصاً قُتلوا جراء القصف الإسرائيلي خلال الساعات الـ24 الماضية. وفي إسرائيل، قرَّر مجلس الوزراء الأمني المصغر (الكابينت)، الليلة الماضية، السماح بتوزيع المساعدات في الجزء الشمالي من قطاع غزة، وفقاً لتقرير إخباري لـ«القناة 12». ولم يوضِّح التقرير ما إذا كانت عمليات الإغاثة ستنفذها «مؤسسة غزة الإنسانية»، المثيرة للجدل والمدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، والتي لديها مرافق في جنوب ووسط غزة، أم منظمات إغاثة مدعومة من الأمم المتحدة. وأشار التقرير إلى أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير صوَّتا ضد الإجراء، بحجة أنه سيعوق جهود نقل سكان غزة إلى جنوب القطاع. وتتهم إسرائيل حركة «حماس» بالاستيلاء على المساعدات. وتقول «مؤسسة غزة الإنسانية»، التي توظِّف، بالإضافة إلى عمال الإغاثة، متعاقدين عسكريين أميركيين من القطاع الخاص لحماية مواقع التوزيع، إنها منذ بدء عملياتها في مايو (أيار)، سلمت إمدادات للفلسطينيين، بينما «سُلبت جميع مساعدات المنظمات الإنسانية الأخرى تقريباً». وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، الجمعة، أن أكثر من 500 شخص قُتلوا في محيط مواقع «مؤسسة غزة الإنسانية» منذ أن رفعت إسرائيل حصاراً عن دخول المساعدات إلى غزة استمرَّ 11 أسبوعاً في مايو.


صحيفة سبق
منذ 2 ساعات
- صحيفة سبق
تدني الرؤية الأفقية إلى 3 كلم في نجران ومحافظاتها بسبب الأتربة المثارة
أخبار قد تعجبك No stories found. © ة لصحيفة سبق 2023 تشغيل بواسطة Quintype