logo
ترمب عاد بقصرٍ طائِر محملاً بالذهب والشيكات!.. ماذا بعد؟

ترمب عاد بقصرٍ طائِر محملاً بالذهب والشيكات!.. ماذا بعد؟

تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية//
بعد أن حصل على عقود ووعود جاوزت الـ٣ تريليون دولار بثلاثة أيام، ناهيك عن الأفراح والليالي الملاح، عاد بقصر طائر يفرك يديه مختالاً. فما حصده بيسر وبساطه كبائع كلام ووعود وعنتريات حصاد وافر، يعطيه المزيد من الإحساس بالتفوق والنصر، ليستثمر ما جناه في حروبه التي لا ولن تنتهي في امريكا ومحيطها والعالم، وكل قصده المزيد من الأموال والرغبة بالكثير من الأراضي والجغرافية، والسيطرة بالابتزاز والاستقواء على الضعفاء والمرتهبين من شعوبهم والمستقبل.
عقود وصفقات وهدايا بأرقام فلكية لم يحصل عليها غيره من قبل وبدون حروب. فالتهويل بالقوة لم يعد مُجدٍ، ولا تخيف عاقل بعد تجربة أفغانستان والهروب المُذل، واليمن والهزيمة المدوية، وباكستان وسقوط سمعة السلاح الغربي، وغزة التي مازالت تقاتل بعد ١٩ شهراً إسرائيل وعالمها الانجلو ساكسوني.
ما حصده ليس بسبب قوته ولا حنكته، ولا لتمكن أمريكا وأدواتها العتيقة وأذرعها 'الفيشينك'، إنما بإرادة ورغبة المانحين، حباً وولاءً لشخصه، وسعياً لاستعطافه بوهم أنه حامي النُّظم والأسر الحاكمة، برغم أنها ليست مهددة من أحد، فشعوبها نائمة والقوى الصاعدة اقليمياً ودولياً لا تقوى ولا ترغب بهم عبيداً كما عاملهم هو.
أرقام وإنجازات ووعود فلكية واحتفالات أسطورية!
فهل تصير الأرقام حقيقة واقعية وتُدفع؟
سؤال الواقع؛ هل ستتحقق الأرقام والوعود؟ هل تحققت سابقاتها ومعه شخصياً، ومع ذات المانحين والمتبرعين؟
في الكثير من الدراسات الواقعية والتي رصدت ما تحقق من السوابق تبدو الأرقام فلكية لا أصل لها، فالـ٦٠٠ مليار التي وعد بها بن سلمان ترمب عام ٢٠١٧ لم تترجم، وما تحقق منها دون الـ١٠٠ مليار. والأهم أنَّ السعودية وأخواتها تقع تحت أعباء عجز موازناتها بأكثر من ٣٠ بالمائة، لا تستطيع ترميمها إلا برفع أسعار النفط إلى ١٠٠$ للبرميل! الأمر الذي يسقط ترمب في أمريكا. أو أنها ستلوذ بالسندات، وشفط ودائع شعوبها، وكلها تبحث عن استثمارات خارجية لتطوير مداخيلها، والمحقق أنَّ بن سلمان قلَّص أحلامه بنيوم وخطة ٢٠٣٠، وألغى أكثر من ٣٠% من مشاريعها لنقص التمويل وتأمين المستلزمات.
هل ما شاهدناه فلم 'هوليودي' ومزيد من الأكاذيب؟ لما لا؟!. فقد سيطرت أمريكا، وحكمت العالم بالكذبة والتهويل. كذبة الدولار وطبعه، والديون وعبئها، فنهبت العالم لصناعة نموذجها وحلمها ومستوى عيشها.
على افتراض أنَّ المانحين والواعدين قادرون، وسيفون بوعودهم أو بعضها فلا بأس، ففي كل شر خير.
الشر؛ أنَّ ترمب والحكام ينهبون الشعوب والثروات ويتقاسمون المغانم.
الخير؛ قد تتعزز قدرات الترمبية لتصفية العولمة وأدواتها وأذرعها، ويتحول بأمريكا من دولة الإبادة والحروب إلى دولة الاقتصاد والانتاج والمنافسة وتبادل المنافع. وهذه تفيد الجميع، وتتساوق مع حاجات الأزمنة والحياة الإنسانية. والخير؛ أنَّ شفط أموالهم بدل أن يوظفوها لتمويل الحروب والإرهاب الأسود، والتآمر وتدمير الشعوب والدول كما فعلوا منذ عقود.
ومن النتائج الإيجابية التي قد يُبنى عليها، أنَّ ترمب أسقط من شروطه إلزام تلك الأسر والحكام بتأمين إسرائيل والتطبيع معها، وتخديم طموحات نتنياهو، وبشفطه الأموال حرم إسرائيل منها، وهذه ستنعكس إيجابا بتوفير شروط وأسباب انهيارها وزوالها، وحين تتحقق ستدخل المنطقة والإقليم حقبة مختلفة نوعياً عما سبق منذ قرن ونيف.
عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم.
بين زيارته السابقة والحالية ملاحظات ونتائج لافتة، ففي الأولى تولى بن سلمان استضافته بقمة الحكام العرب، وكان لمصر والسيسي مكانة وحضور، أما في هذه الزيارة لا ذكر ولا حضور ولا اعتبار لمصر والسيسي، بل شبه تنكيل به بلقاء ترمب بالجولاني، وبإشادته بابن سلمان وإردوغان، وكأنها تفويض للسعودية وتركيا والنُصرة بإدارة المنطقة وشؤونها وأزماتها كوكلاء للترمبية.
تجاهُل مصر قد يكون لسبب رفض السيسي زيارته في المكتب البيضاوي تحسباً لمؤتمر صحفي شبيه بما جرى مع زيلنسكي ونتنياهو والملك عبد الله. وقد يكون عقاباً لرفض مصر خطة غزة 'ريفيرا الشرق'، وغالباً لأنَّ مصر همشَت نفسها، وتصرفت كنعامة لا قوة ولا حول لها وغزة تُدَّمر وتُبَاد، واتفاقات كامب ديفيد انتُهِكت، وسقطت ومصر أم الدنيا، وقوة العرب والمسلمين لم تحرك ساكناً. فالقاعدة أنَّ من صَغرَّ نفسه ونام، اتركه لا تيقظه، ولا تعمل له شأن.
هل ستبقى نائمة وتتصرف كالنعامة ؟! وإذا استمرت هل تنجو من التفكيك، وترحيل غزة، وتفجير استقرارها؟
إصرار ترمب على استحضار إردوغان، وحماسة بن سلمان له وللجولاني، هل تدلل بأنَّ ترمب غفر لهما دورهما؟؟ وبأنهما وداعش والنصرة والإرهاب صناعة لوبي العولمة والحزب الديمقراطي عدوه اللدود؟؟
أم هي أفعاله وطريقته في علف العجل، وتكبير خصمه ونفخه، ليحقق نصراً باهراً عند ذبحه؟!
فعلها مع زيلنسكي ومع نتنياهو، فهل يفعلها معهم؟
ترمب لا يأبه من شيء، ولا يحمي أحداً، يشفط الأموال، ويَعِد ثمَّ لا يفعل إلا ما يحقق غايته. تذكروا عندما ضرب الحوثيين أرامكو، لم يحرك ساكناً، ولا أَمنَّ حمايتها وحماية السعودية، فسارع بن سلمان لهدنة مع الحوثيين وصالح إيران والأسد.
في منطق الأشياء والتطورات لكل عملة وجهان.
في الجاري نفخ، وبهورة، وترويج أوهام.
في الواقع ومجرياته ومستقبل التطورات متضررون كُثر، وفاعلون متضررون من نتائج الزيارة، وخاصة تفويض إردوغان والجولاني بالعرب وشرقهم، بتمويل سعودي- قطري- إماراتي.
هل تتعايش روسيا والصين مع ذلك ؟
هل فقدت مصر أية روح وحول وقوة؟
هل استسلمت إيران؟
وماذا عن الشعوب التي قاتلت لقرن، ولم ترفع رايةً بيضاء، ومازالت غزة تقاتل ولا تستسلم، واليمن يدلي بدلوه ويفيض؟؟
للزمن والجغرافية وتحولات الظرف الموضوعي حاجاته ومساراته، وقوة تسحق من يعارضها، وتدوس على من لا يفهمها ويستثمر بها.
ربما الجاري حفلة جنون وعبث وكثير من الكذب واللهو.
فغداً لناظره قريب، وحقائق الأزمنة ورمية الله هي الأصدق.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحوثيون يستبدلون التقنية الإيرانية.. تفادياً لمصير "حزب الله"
الحوثيون يستبدلون التقنية الإيرانية.. تفادياً لمصير "حزب الله"

اليمن الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • اليمن الآن

الحوثيون يستبدلون التقنية الإيرانية.. تفادياً لمصير "حزب الله"

كشفت وثائق مسربة ومصادر عن مساعٍ حثيثة لجماعة الحوثيين لتطوير بنية الاتصالات التابعة لها من خلال استيراد معدات متقدمة من الصين وروسيا وبلدان أخرى، بدلاً عن المعدات المطورة إيرانياً والتي كانت تستخدمها منذ سنوات. فوفقاً لتقرير نشرته منصة "ديفانس لاين" المتخصصة بالشؤون الأمنية والعسكرية، استناداً إلى مصادر ووثائق، فإن هذه الخطوة تأتي في إطار سعي جماعة الحوثيين إلى تقليل اعتمادها على المنظومة الإيرانية وتفادي الاختراقات الأمنية التي طالت حلفاءها في "محور المقاومة"، ولا سيما "حزب الله" اللبناني، وذلك بالتوازي مع توسّع الجماعة، المصنفة منظمة إرهابية، في عملياتها العسكرية ضد الملاحة الدولية في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، وتورطها في إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة باتجاه إسرائيل. وبحسب مضمون وثيقة نشرتها المنصة، فإن الجماعة طلبت استيراد أجهزة "تفريغ بيانات" من الصين بقيمة تتجاوز 60 ألف دولار، لصالح جهاز "الأمن الوقائي الجهادي"، الذراع السرية للأمن والاستخبارات، بإشراف القيادي أحسن عبدالله الحمران، المقرب من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي. وتؤكد تقارير محلية ودولية عدة أن جماعة الحوثيين تتلقى معدات وأجهزة متطورة عبر شحنات تصل إلى مطار صنعاء ومواني الحديدة، بالإضافة إلى مسارات تهريب بحرية وبرية معقدة تمر عبر الحدود مع سلطنة عمان، وتتلقى دعماً تقنياً ومعلوماتياً من الصين وروسيا، بالتزامن مع انسحاب سفن إيرانية كانت تشكل مراكز قيادة وتحكم في البحر الأحمر. وتفيد التقارير أن عمليات التهريب وتنفيذ الصفقات يتولاها ماجد أحمد سلمان مرعي، الذراع المالية للحمران. وتعد منظومة الاتصالات إحدى أهم ركائز سيطرة الجماعة على مفاصل الدولة، كما تشكّل سلاحاً رئيسياً في فرض قبضتها الأمنية. وكانت الجماعة عملت خلال العامين الماضيين على تحديث شبكتها الاتصالاتية العسكرية والأمنية، عبر ما يعرف بـ"الاتصالات الجهادية"، وهي منظومة قيادة وتحكم داخلية للقوى القتالية والاستخباراتية، وأسند الملف إلى محمد حسين بدر الدين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، الذي يشغل مناصب متعددة بينها رئاسة "دائرة الاتصالات الجهادية" و"الاتصالات العسكرية" في وزارة الدفاع التابعة للجماعة، وفقا لتقرير نشره المصدر أونلاين، في وقت سابق. وإلى جانب محمد حسين الحوثي، يبرز اسم القيادي عبد الخالق أحمد محمد حطبة، الذي يقول الموقع إنه خضع لتدريب في إيران، ويتولى منصب نائب أول لمدير الاتصالات العسكرية برتبة عميد اعتمدتها له الجماعة، وهو ابن خال زعيمها. كما يحضر اسم القيادي أحمد الشامي، وهو من صعدة، كعنصر فاعل في قطاع الاتصالات والتقنية، وتم تعيينه نائبا لمدير الاتصالات العسكرية، وفقا للموقع نفسه. وتعرضت بنية الجماعة الاتصالاتية لضربات موجعة خلال الهجمات الأميركية الأخيرة التي استمرت من منتصف مارس وحتى مطلع مايو، حيث دمرت شبكات بث وتشويش ورادارات، ما انعكس على قدرة الجماعة على التنسيق والقيادة الميدانية. ونقلت المنصة عن خبراء أن اتصالات الحوثيين أصبحت مكشوفة أمام الأقمار الاصطناعية وطائرات الاستطلاع الحديثة، وسط عمليات مراقبة مكثفة تشارك فيها أجهزة استخباراتية أميركية وإسرائيلية وبريطانية، وتزداد التقديرات حول اختراق الجماعة من الداخل وتجنيد جواسيس ومخبرين في هياكلها. ورجحت المنصة أن تندلع عمليات تصفية داخلية في صفوف الجماعة، في ظل ارتفاع المخاوف من تغلغل استخباراتي واسع يهدد بفضح وتفكيك بنيتها التنظيمية والعسكرية.

560 مليون دولار سنويًا من إيرادات الاتصالات تُمَوِّل آلة الحوثي العسكرية (تفاصيل)
560 مليون دولار سنويًا من إيرادات الاتصالات تُمَوِّل آلة الحوثي العسكرية (تفاصيل)

اليمن الآن

timeمنذ 2 ساعات

  • اليمن الآن

560 مليون دولار سنويًا من إيرادات الاتصالات تُمَوِّل آلة الحوثي العسكرية (تفاصيل)

560 مليون دولار سنويًا من إيرادات الاتصالات تُمَوِّل آلة الحوثي العسكرية (تفاصيل) المجهر - متابعة خاصة الثلاثاء 20/مايو/2025 - الساعة: 11:42 ص تثير سيطرة جماعة الحوثي الإرهابية على قطاع الاتصالات في اليمن استياء واسعا حول استمرار بقاءها تحت سيطرتها، كونها تمثل مصدرًا رئيسيًا لتمويل أنشطة الجماعة العسكرية والطائفية. وتستفيد الجماعة من هذه الإيرادات عبر شركات الاتصالات الخاضعة لها، مثل "يمن موبايل" و"يمن نت" و"تيليمن" و "يو" و"سبأفون". وتُقدّر الإيرادات السنوية التي تجنيها من هذا القطاع بنحو 300 مليار ريال يمني، أي ما يعادل حوالي 560 مليون دولار أمريكي وفقًا لسعر الصرف في مناطق سيطرتها. وتشمل هذه الإيرادات الضرائب، والرسوم، وأرباح الشركات، بالإضافة إلى الاستحواذ على أصول شركات الاتصالات الخاصة مثل سبأفون ويو. كما تُظهر تقارير رسمية أن شركة "يمن موبايل" وحدها حققت إيرادات تقارب 250 مليار ريال يمني خلال العام الماضي 2024م، مع صافي أرباح بلغ 32 مليار ريال، تم توزيع 17 مليار ريال منها كأرباح للمساهمين، وتسيطر الجماعة على 80 % من هذه الأسهم. ويعرب المواطنون عن قلقهم من استخدام هذه العائدات في تمويل العمليات العسكرية للجماعة، بما في ذلك تصنيع الألغام والطائرات المسيرة، إضافة إلى تمويل أنشطتها الأمنية والاستخباراتية. ويتساءل كثيرون حول دور الحكومة الشرعية، التي لم تتمكن حتى الآن من استعادة السيطرة على قطاع الاتصالات أو إنشاء بدائل فعّالة في المناطق المحررة، مما يُبقي هذا القطاع الحيوي تحت قبضة الحوثيين ويُسهم في تعزيز قوتهم الاقتصادية والعسكرية. تابع المجهر نت على X #إيرادات الاتصالات #جماعة الحوثي #مصدر تمويل #دور الحكومة الشرعية #استياء شعبي

ثالثة الأثافي: "حظر بحري على ميناء حيفا".. تحدٍّ استراتيجي يهزّ أمن الكيان الاقتصادي والأمني
ثالثة الأثافي: "حظر بحري على ميناء حيفا".. تحدٍّ استراتيجي يهزّ أمن الكيان الاقتصادي والأمني

المشهد اليمني الأول

timeمنذ 3 ساعات

  • المشهد اليمني الأول

ثالثة الأثافي: "حظر بحري على ميناء حيفا".. تحدٍّ استراتيجي يهزّ أمن الكيان الاقتصادي والأمني

أعلنت القوات المسلحة اليمنية، أمس الإثنين 19 مايو 2025، فرض حظر بحري على ميناء حيفا شمال فلسطين المحتلة على البحر الأبيض المتوسط، كرد على تصعيد كيان العدو الإسرائيلي عدوانه الوحشي على قطاع غزة وإعلانه عملية عربات جدعون على القطاع مرتكباً عشرات المجازر التي راح ضحيتها مئات الشهداء والجرحى خلال أقل من أسبوع. منذ نوفمبر 2023، تواصل القوات المسلحة اليمنية عمليات الإسناد لطوفان الأقصى ضمن معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، عندما بدأت بمنع الملاحة الإسرائيلية من الإبحار في منطقة عمليات القوات اليمنية، ومع مواصلة الكيان عدوانه وحصاره على القطاع وسع اليمن عملياته البحرية لتشمل استهداف كافة السفن والشركات المتجهة إلى موانئ العدو من أي دولة كانت، هذه العمليات كانت فتاكة إلى درجة إدخال ميناء إيلات 'أم الرشراش' جنوبي فلسطين المحتلة في حالة موت سريري، وأجبر إدارة الميناء على طلب مساعدة حكومية بعد انخفاض النشاط إلى الصفر بحلول منتصف 2024، حينها قدرت الخسائر المباشرة للميناء بنحو 3 مليارات دولار. ليأتي إعلان القوات المسلحة اليمنية الأخير بتوسيع عملياته البحرية بفرض حظر على ميناء حيفا كالملح على جرح إيلات الغائر في الغدة السرطانية، فتداعيات العمليات البحرية اليمنية ألقت بظلالها على زيادة أسعار البضائع وتكاليف الشحن التي اتخذت مسارها أبعد باتجاه رأس الرجاء الصالح، إضافة لتأخير واردات استراتيجية وحيوية، فضلاً عن ارتفاع تكاليف تأمين الشحن البحري إلى أضعاف عند ارتباط الأمر بـ'إسرائيل' الكيان، لأن اليمن سيظفر بإحدى سفنه في أي وقت إن مر في منطقة عملياته. تعد حيفا مركز نقل ومواصلات وصناعات تكنولوجية وطاقة وسلاح، مما يجعلها مدينة إستراتيجية تؤثر على الكيان بأكمله، ويُعد ميناؤها أحد رموزها وباجتماعه مع ميناء إيلات 'أم الرشراش' في الحظر اليمني، سيفقد الكيان ما نسبته 65% من إجمالي الواردات للأراضي المحتلة، وباعتبار حيفا منطقة صناعية واقتصادية كبرى، فإن تعطيل الميناء فيها كلياً أو جزئياً وتعليق شركات الشحن البحري التعامل معه سيتسبب بصدمة اقتصادية غير مسبوقة تطال معظم القطاعات الحيوية للكيان. سينعكس انقطاع الواردات –وخاصة السلع الاستهلاكية والصناعية– على زيادات حادة في التكاليف وتضخم الأسعار، فضلاً عن بطء في حركة الصادرات الزراعية والصناعية، وسيوجب تأمين بدائل عبر موانئ عسقلان وأسدود استثمارات إضافية وتنسيق لوجستي مع الأردن ومصر وآخرين للتخفيف من الضغط الاقتصادي، ولنا عبرة في الجسر البري لحبل الأعراب الممدود للكيان بسبب انقطاع 15% من وارداته عبر إيلات 'أم الرشراش'، أما اليوم نتحدث عن إضافة 50% من إجمالي الواردات للكيان. في الثاني والعشرين من مارس الماضي وسعت القوات المسلحة اليمنية عملياتها لتعلن مطار اللد 'بن غوريون' غير آمن لحركة الملاحة الجوية، وفي الرابع من مايو الحالي نجح صاروخ فرط صوتي باختراق عدة طبقات دفاعية وسقط داخل حرم المطار، ما أدى إلى تعليق الرحلات من قبل عشرات الشركات العالمية وخسائر فورية تقدر بملايين الدولارات يومياً، لتعلن يومها القوات اليمنية فرض حصار جوي شامل على كل مطارات الكيان، ما مثل تحدياً جريئاً لمنظومة الأمن لدى كيان العدو، بل كان البداية لتوسعة الحظر البحري ليشمل ميناء بحجم ميناء حيفا. في هذا السياق يتخذ الإسناد اليمني سياق انتقائي لأهدافه في استراتيجية ردع اقتصادي وأمني ستؤدي في النهاية إلى تضييق خيارات الكيان أمام حربة الوحشية التي لا أفق فيها لترويج انتصارات وأهداف دعائية، ولا أفق فيها بشن هجمات على اليمن لردعه عن الإسناد المستمر رغم تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بقوة أنهتها باتفاق مع اليمن، على عكس عمليات اليمن المتخذة تصاعد مدروس وبقدر محسوب وانتقاء منظم للأهداف. اليوم تنتشر منظومات الدفاع الجوي على امتداد الطريق بين صواريخ ومسيرات اليمن والأراضي المحتلة، بما في ذلك السعودية والأردن ومصر، فضلاً عن البحر الأحمر بالقطع الحربية الأمريكية والفرنسية والبريطانية جواً وبحراً وبراً، وحتى لا ننسى تم تعزيز الدفاعات الجوية في الأراضي المحتلة بقطع إضافية لمنظومات ثاد وباتريوت الأمريكية، كل ذلك بات نداً يرى الصاروخ اليمني مصدر قلق غير مسبوق وغير عادي، فأجزاء من الثانية كافية لحسم المواجهة الجوية، ولا يتوقع إلا أن تكون معركة أدمغة هادئة بلا صليل يسمع. حقق اليمن نجاحات سابقة في ميناء إيلات 'أم الرشراش'، وهو على عتبة مفاجئة في تنفيذ الحظر الجوي على مطارات حيوية للكيان، وحينها سيكون ميناء حيفا ثالثة الأثافي للتدخل العسكري الأكثر إنسانية في التاريخ، فالنتيجة فوق طاقة تحمل كيان هش يصارع البقاء بأقنعة أكسجين تمدها حبال الناس من أمريكا والأعراب والناتو. بالتوظيف المثالي للقدرات والجغرافيا كسر الإسناد اليمني قيود الإمكانيات والمسافات، وبقدر نجاحه في تجريع كيان العدو من نفس كأس الحصار، سيكون إجباره للعالم المادي على الإنحناء لسماع الصوت الفلسطيني الذي ظل خافتاً على الأذن العالمية طوال أشهر من صرخات الأطفال والنساء في مذبحة غزة الكبرى، ومن أجاد استخدام مفردات كيف ومتى وأين وما بينهما يجيد أيضاً الاحتفاظ بمفاجئات خارج السياق والتوقعات. أما الإسرائيلي بات اليوم أمام ثلاثة سيناريوهات وكلها مقدمة للزوال المحتوم، فالسيناريو الأول إيقاف العدوان والحصار تحت ضغط دولي وإكراه عالمي وتدهور سمعة الاقتصاد والعسكر وترسيخ نفسه ككيان وحشي مدان وملاحق من المحاكم الدولية، وهنا سنكون على موعد مع انهيار دراماتيكي من الداخل الإسرائيلي المتصدع والهش. والثاني تصعيد عسكري بالاستعانة بحبل من الناس السعودي والأمريكي المحروق وماله من نتائج كارثية ليس على الكيان فقط بل على أصدقاءه في المنطقة، والسيناريو الثالث الدخول في معركة عض الأصابع طويلة ومعها يتوجب على الإسرائيلي التحمل والتظاهر بعدم التأثر فمن يصرخ أولاً هو الخاسر، وهذا السيناريو يميل للعربي المسلم صاحب الأرض والقضية وقبل ذلك الاستجابة لله تعالى مهما كانت التضحيات، أما المستوطن اليهودي فلا أرض اللبن والعسل ظلت لبن وعسل، ولا أسطورة التفوق الأمني جاءت، ولا منظومة الردع حضرت، بل تدهور أمني واقتصادي ينتهي بالهجرة والشتات. ـــــــــــــــــــــــــــــــ المحرر السياسي المشهد اليمني الأول 22 ذو القعدة 1446هـ 20 مايو 2025م

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store