أحدث الأخبار مع #بيسر


وكالة الصحافة اليمنية
١٧-٠٥-٢٠٢٥
- سياسة
- وكالة الصحافة اليمنية
ترمب عاد بقصرٍ طائِر محملاً بالذهب والشيكات!.. ماذا بعد؟
تحليل/د.ميخائيل عوض/وكالة الصحافة اليمنية// بعد أن حصل على عقود ووعود جاوزت الـ٣ تريليون دولار بثلاثة أيام، ناهيك عن الأفراح والليالي الملاح، عاد بقصر طائر يفرك يديه مختالاً. فما حصده بيسر وبساطه كبائع كلام ووعود وعنتريات حصاد وافر، يعطيه المزيد من الإحساس بالتفوق والنصر، ليستثمر ما جناه في حروبه التي لا ولن تنتهي في امريكا ومحيطها والعالم، وكل قصده المزيد من الأموال والرغبة بالكثير من الأراضي والجغرافية، والسيطرة بالابتزاز والاستقواء على الضعفاء والمرتهبين من شعوبهم والمستقبل. عقود وصفقات وهدايا بأرقام فلكية لم يحصل عليها غيره من قبل وبدون حروب. فالتهويل بالقوة لم يعد مُجدٍ، ولا تخيف عاقل بعد تجربة أفغانستان والهروب المُذل، واليمن والهزيمة المدوية، وباكستان وسقوط سمعة السلاح الغربي، وغزة التي مازالت تقاتل بعد ١٩ شهراً إسرائيل وعالمها الانجلو ساكسوني. ما حصده ليس بسبب قوته ولا حنكته، ولا لتمكن أمريكا وأدواتها العتيقة وأذرعها 'الفيشينك'، إنما بإرادة ورغبة المانحين، حباً وولاءً لشخصه، وسعياً لاستعطافه بوهم أنه حامي النُّظم والأسر الحاكمة، برغم أنها ليست مهددة من أحد، فشعوبها نائمة والقوى الصاعدة اقليمياً ودولياً لا تقوى ولا ترغب بهم عبيداً كما عاملهم هو. أرقام وإنجازات ووعود فلكية واحتفالات أسطورية! فهل تصير الأرقام حقيقة واقعية وتُدفع؟ سؤال الواقع؛ هل ستتحقق الأرقام والوعود؟ هل تحققت سابقاتها ومعه شخصياً، ومع ذات المانحين والمتبرعين؟ في الكثير من الدراسات الواقعية والتي رصدت ما تحقق من السوابق تبدو الأرقام فلكية لا أصل لها، فالـ٦٠٠ مليار التي وعد بها بن سلمان ترمب عام ٢٠١٧ لم تترجم، وما تحقق منها دون الـ١٠٠ مليار. والأهم أنَّ السعودية وأخواتها تقع تحت أعباء عجز موازناتها بأكثر من ٣٠ بالمائة، لا تستطيع ترميمها إلا برفع أسعار النفط إلى ١٠٠$ للبرميل! الأمر الذي يسقط ترمب في أمريكا. أو أنها ستلوذ بالسندات، وشفط ودائع شعوبها، وكلها تبحث عن استثمارات خارجية لتطوير مداخيلها، والمحقق أنَّ بن سلمان قلَّص أحلامه بنيوم وخطة ٢٠٣٠، وألغى أكثر من ٣٠% من مشاريعها لنقص التمويل وتأمين المستلزمات. هل ما شاهدناه فلم 'هوليودي' ومزيد من الأكاذيب؟ لما لا؟!. فقد سيطرت أمريكا، وحكمت العالم بالكذبة والتهويل. كذبة الدولار وطبعه، والديون وعبئها، فنهبت العالم لصناعة نموذجها وحلمها ومستوى عيشها. على افتراض أنَّ المانحين والواعدين قادرون، وسيفون بوعودهم أو بعضها فلا بأس، ففي كل شر خير. الشر؛ أنَّ ترمب والحكام ينهبون الشعوب والثروات ويتقاسمون المغانم. الخير؛ قد تتعزز قدرات الترمبية لتصفية العولمة وأدواتها وأذرعها، ويتحول بأمريكا من دولة الإبادة والحروب إلى دولة الاقتصاد والانتاج والمنافسة وتبادل المنافع. وهذه تفيد الجميع، وتتساوق مع حاجات الأزمنة والحياة الإنسانية. والخير؛ أنَّ شفط أموالهم بدل أن يوظفوها لتمويل الحروب والإرهاب الأسود، والتآمر وتدمير الشعوب والدول كما فعلوا منذ عقود. ومن النتائج الإيجابية التي قد يُبنى عليها، أنَّ ترمب أسقط من شروطه إلزام تلك الأسر والحكام بتأمين إسرائيل والتطبيع معها، وتخديم طموحات نتنياهو، وبشفطه الأموال حرم إسرائيل منها، وهذه ستنعكس إيجابا بتوفير شروط وأسباب انهيارها وزوالها، وحين تتحقق ستدخل المنطقة والإقليم حقبة مختلفة نوعياً عما سبق منذ قرن ونيف. عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم. بين زيارته السابقة والحالية ملاحظات ونتائج لافتة، ففي الأولى تولى بن سلمان استضافته بقمة الحكام العرب، وكان لمصر والسيسي مكانة وحضور، أما في هذه الزيارة لا ذكر ولا حضور ولا اعتبار لمصر والسيسي، بل شبه تنكيل به بلقاء ترمب بالجولاني، وبإشادته بابن سلمان وإردوغان، وكأنها تفويض للسعودية وتركيا والنُصرة بإدارة المنطقة وشؤونها وأزماتها كوكلاء للترمبية. تجاهُل مصر قد يكون لسبب رفض السيسي زيارته في المكتب البيضاوي تحسباً لمؤتمر صحفي شبيه بما جرى مع زيلنسكي ونتنياهو والملك عبد الله. وقد يكون عقاباً لرفض مصر خطة غزة 'ريفيرا الشرق'، وغالباً لأنَّ مصر همشَت نفسها، وتصرفت كنعامة لا قوة ولا حول لها وغزة تُدَّمر وتُبَاد، واتفاقات كامب ديفيد انتُهِكت، وسقطت ومصر أم الدنيا، وقوة العرب والمسلمين لم تحرك ساكناً. فالقاعدة أنَّ من صَغرَّ نفسه ونام، اتركه لا تيقظه، ولا تعمل له شأن. هل ستبقى نائمة وتتصرف كالنعامة ؟! وإذا استمرت هل تنجو من التفكيك، وترحيل غزة، وتفجير استقرارها؟ إصرار ترمب على استحضار إردوغان، وحماسة بن سلمان له وللجولاني، هل تدلل بأنَّ ترمب غفر لهما دورهما؟؟ وبأنهما وداعش والنصرة والإرهاب صناعة لوبي العولمة والحزب الديمقراطي عدوه اللدود؟؟ أم هي أفعاله وطريقته في علف العجل، وتكبير خصمه ونفخه، ليحقق نصراً باهراً عند ذبحه؟! فعلها مع زيلنسكي ومع نتنياهو، فهل يفعلها معهم؟ ترمب لا يأبه من شيء، ولا يحمي أحداً، يشفط الأموال، ويَعِد ثمَّ لا يفعل إلا ما يحقق غايته. تذكروا عندما ضرب الحوثيين أرامكو، لم يحرك ساكناً، ولا أَمنَّ حمايتها وحماية السعودية، فسارع بن سلمان لهدنة مع الحوثيين وصالح إيران والأسد. في منطق الأشياء والتطورات لكل عملة وجهان. في الجاري نفخ، وبهورة، وترويج أوهام. في الواقع ومجرياته ومستقبل التطورات متضررون كُثر، وفاعلون متضررون من نتائج الزيارة، وخاصة تفويض إردوغان والجولاني بالعرب وشرقهم، بتمويل سعودي- قطري- إماراتي. هل تتعايش روسيا والصين مع ذلك ؟ هل فقدت مصر أية روح وحول وقوة؟ هل استسلمت إيران؟ وماذا عن الشعوب التي قاتلت لقرن، ولم ترفع رايةً بيضاء، ومازالت غزة تقاتل ولا تستسلم، واليمن يدلي بدلوه ويفيض؟؟ للزمن والجغرافية وتحولات الظرف الموضوعي حاجاته ومساراته، وقوة تسحق من يعارضها، وتدوس على من لا يفهمها ويستثمر بها. ربما الجاري حفلة جنون وعبث وكثير من الكذب واللهو. فغداً لناظره قريب، وحقائق الأزمنة ورمية الله هي الأصدق.

سعورس
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- سعورس
الأمانة قصة الإنسان
فالإنسان أصالة المتضمن للخصيصة الإنسانية الواجبة، المرقية لدرجة الإنسان بالقيم، والعمل لخلافة الأرض،وتحمل تبعات تكاليف حمل الأمانة. وإن شاع في الخطاب الفكري والتراث أن الإنسان حيوان ناطق، فإن بنت الشاطئ ترد لفظ «الناطق» اعتداداً بالاستعمال القرآني، وأنه لا يميز الإنسان، فالنطق مشترك لفظي مع الحيوان «منطق الطير»، في حين المميز الإنساني في القرآن هو «البيان»، فالإنسان حيوان مبيّن، إذ لم يستعمل لفظ البيان إلا في حق الإنسان، وحق الكتاب الذي أنزل على الإنسان، من معلّمه البيان سبحانه. وبعد التمهيد اللفظي تأتي قصة الإنسان من المُبتدأ إلى المنتهى، وفيها تحرير لمجال الأمانة، فقد نظرت بنت الشاطئ في الألفاظ الدالة، وربطت قصة الإنسان بالأمانة التي حملها، ناظرة إلى اللفظ المصاحب، ربطا بين الأمانة و»الحمل»؛ حمل فيه ثقل وعبء، أشفقت المخلوقات العظيمة منها، وحملها الإنسان. ولعلّ من اللطائف ما نستنتجه: بالعلم ظهر تكريم الإنسان على الملائكة، وبالأمانة ظهر امتيازه على الكائنات الأخرى، فلا أمانة بلا علم. ثم قرنت ربط التحمّل بالأمانة، وأن تفسيرات الأمانة الشائعة لا تتسق مع لفظ «تحمّل» في القرآن الكريم، بدلالتيه الحسية «حمل الطفل» و»حمل السفينة»، ودلالته المعنوية «ليحملوا أوزارهم»، قائلة: «لا يمكن أن يؤُول الحملُ في أي موضع منها، بالنكوص عن العبء أو خيانة المحمول والتخلي عنه!». أما وقد حمل الإنسانية فلا ينكص عنها، ولا ينكثها، ولكن يتحمّل تبعات هذا التحمّل، في حين أن الجبال مثلا والأرض إن أحدثت الكوارث بأمر ربها لا تتحمل تبعات ذلك من ضحايا، أمّا الإنسان فيتحمّل تبعات كلّ أفعاله وأقواله، ومن ذلك «الإيمان» فهو أيضاً أمانة. ويمكن توجيه قولها بيسر: إن الإنسان حمل الأمانة، وهو حمل مسؤوليته عن نفسه، وما ترتب على أثره، ولا يسلب منه الحمل، ولكنه عاجز عن حملها بحقها إلا بعون الله، وأساس الإنسانية الإيمان، والكفر والفساد طارئان، ومن ثمّ فالإصلاح والهداية أمانة متعدية، تأتي بعد الأمانة الأصلية «مسؤولية الذات»، فهناك نوعان من الأمانة: أمانة أصلية: أمانة الإنسان على ذاته، وما ترتب عليها من تصرفات. أمانة تابعة: أمانته على إصلاح غيره وما أفسد. فمن لم يتحمل أمانة ذاته لم يقم بحق الأمانة، ثم بعد ذلك يأتي تحمّل أمانة غيره. والتمييز بين هذه الدلالات ليس المقصد منه التعرّف، بل التمثّل بالامتثال لها، فيبدأ الإنسان برؤية نفسه مع «الأمانة»، حتى أمانته في محافظته على نفسه، وتزويدها بكل ما يصلحها ديناً ودنيا.