
أطوار المليشيا... كيف تحوّل الدعم السريع إلى قوة احتلال أجنبية؟
-
بيسر تعرفت الأربعينية السودانية إنعام كمال الدين على وشم يميّز شعب قبيلة النوير (إحدى مكونات جنوب السودان) في وجه جندي استوقف أسرتها للتفتيش خلال رحلة فرارهم من "ود مدني" عاصمة
ولاية الجزيرة التي سقطت في قبضة "الدعم السريع"
في ديسمبر/كانون الأول 2023، بينما كانوا في طريقهم إلى بلدة الشبارقة البعيدة بنحو 30 كيلومتراً.
اجتازت إنعام خلال رحلتها
عشرات الحواجز الأمنية التي يديرها جنود ملامحهم
ولهجتهم ليست سودانية عجزوا عن قراءة
مستندات العائلة المكتوبة بالعربية
، فاستعانوا برفقائهم العرب لترجمتها، تقول لـ"العربي الجديد": "شعرت أنّني لستُ في بلدي".
جيش احتلال
تتباين أعداد قوات الدعم السريع في ظل حالة السيولة التي يمر بها السودان منذ اندلاع الحرب بين الجيش والمليشيا في أبريل/نيسان 2023، وبينما تقدرها دراسة نشرت في أغسطس/آب 2024 بعنوان "السودان: إعادة النظر في الصراع بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع" أعدها فريدريك أبياه أفيري الباحث في مركز أبحاث التحليل والدراسات الأمنية (RECASS - بحثية خاصة مقرها غانا) بعدد يتراوح بين 70 إلى 150 ألف مقاتل. إلا أن الباشا طبيق مستشار قائد المليشيا محمد حمدان دقلو، يقول أن الأعداد نمت من مئة ألف في 2021 لتصل إلى 650 ألف مقاتل نهاية يونيو/حزيران 2025، مرجعاً ذلك لـ"انضمام عشرات آلاف السودانيين منذ اندلاع الحرب وحتى الآن".
لكنّ "العربي الجديد" حصل على معطيات تدحض تفسيره، وتدعم شهادة إنعام عن تعاظم دور المرتزقة الذين يقدر العميد نبيل عبدالله الناطق باسم القوات المسلّحة السودانية نسبتهم الحالية بنحو 65%، ويقسمهم إلى مستجلبين من الخارج تسند إليهم المهام النوعية كتشغيل المسيّرات والمدافع المضادة للطيران، وأجانب مستنفرين من الداخل السوداني ينخرطون في الاشتباكات الميدانية والاستخبارات وفرض السيطرة الأمنية.
تقديرات ببلوغ نسبة المقاتلين الأجانب في الدعم السريع 65%
تحقق "العربي الجديد" مما سبق عبر وثائق لاعترافات قضائية جرت أمام الإدارة العامة للقضاء العسكري التابعة للقوات المسلحة السودانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، وأدلى بها سبعة مرتزقة جنّدوا من مناطق سيطرة الدعم السريع بالخرطوم ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وولاية غرب كردفان خلال الفترة بين يوليو/تموز 2023 ومايو/أيار 2024، وأدوا مهامّ تنوعت بين قتالية وأمنية، وحتى استخبارية كالتي أسندت للجنوب سوداني لينو سارفرينو (46 عاماً) الذي جنده أحد عناصر الدعم السريع ويدعى أحمد يوسف بمنطقة الشهداء وسط أم درمان، ولمعرفته الجيدة بالمنطقة عمل جاسوساً ودليلاً يخبرهم بمقارّ البنوك ومنازل القادة العسكريين، لقاء راتب شهري 250 ألف جنيه سوداني (416 دولاراً) ومواد تموينية ووقود.
وجند الدعم السريع بعض فلول جيش التحرير الشعبي السوداني (حركة عسكرية نجحت في فصل جنوب السودان عن شماله) حسب اعتراف الجنوب سوداني دينق أوباك (28 عاماً)، الذي حمل رتبة عريف إداري متخصص في استخدام "الدوشكا" (مدفع روسي مضاد للطائرات) في قوات الحركة خلال الفترة بين 2012 و2015، وأتى إلى الخرطوم في 2020 ليعمل بمغسلة ملابس في "ود البشير" ثم جند في صفوف المليشيا في شهر يناير/كانون الثاني 2024 وأسندت له مهام تحديد المواقع المستهدفة بالمدفعية المتمركزة بمنطقة الريف الشمالي لأم درمان والمتاخمة لمنطقة كرري العسكرية، ودرب مرتزقة آخرين على الأسلحة الثقيلة، وشارك في 4 معارك ضدّ الجيش بأم درمان وخصّص له راتب شهري 500 ألف جنيه (832 دولاراً)، بالإضافة للسماح له بنهب المنازل والمحال التجارية في مناطق سيطرة الدعم السريع.
وتورط الدعم السريع في تجنيد قصّر لا يملكون خبرات عسكرية وإسناد مهام قتالية لهم، كالجنوب سوداني "لوال دينق" (15 عامًا) الذي كان يعمل مزارعًا في منطقة محلية الدبب جنوبي ولاية غرب كردفان الحدودية مع جنوب السودان التي سيطر عليها الدعم السريع في أكتوبر 2023، والذي اعترف بتجنيده ضمن صفوف الدعم السريع على يد شخص يدعى عبد الله أكوت في مقابل وعد بالحصول على مليوني و200 ألف جنيه سوداني (ألفا دولار وقتها) تصرف لهم عقب التدريب في الخرطوم لمدة شهر، وهو ما لم يحدث، إذ تلقى فقط 80 ألف جنيه (133 دولارًا)، ثم انضم إلى كتيبة قوامها من 150 جنديًا (80 سودانيًا و70 جنوب سودانيين) تحركوا على متن شاحنات لمدة شهرين حتى وصلوا إلى الخرطوم وعسكروا بضاحية "الجريف غرب" شرقي المدينة تحت قيادة اللواء عبد الله حسين، القائد السابق لقوات الدعم السريع بولاية الجزيرة، الذي قتل في غارة جوية للجيش في فبراير/ شباط الماضي، تدربوا وقتها على استخدام المدافع الرشاشة وبنادق الكلاشنكوف، بعدها شارك لوال في عدة عمليات عسكرية ضد الجيش في منطقتي المقرن والسوق العربي القريبتين من القصر الرئاسي ومقارّ الوزارات بالخرطوم تحت قيادة ملازم جنوب سوداني يسمى "وليم" ضمن سرية تضم عربتين عسكريتين وثلاث مدرعات و40 فردا.
ولم ينكر عضو لجنة العلاقات الخارجية في برلمان جنوب السودان ستيفن لوال نقور مشاركة مقاتلين من بلاده في صفوف الدعم السريع، لكنه يؤكد أنهم "لا يمثلون الجيش الشعبي الحكومي بل هم مسلحون متمردون لن يفلتوا من المحاسبة".
تحقيق
عالقون بين الجنرالين... تجار الحرب يستغلون مأساة السودانيين
تورّط مسؤولين في دول الجوار
يوثق تحديث استخباري سري صادر في 25 مارس/آذار 2025 اطلع عليه "العربي الجديد" بعنوان "تجنيد الدعم السريع للمقاتلين الإقليميين"، تدفق آلاف المقاتلين الأجانب جلّهم من تشاد وأفريقيا الوسطى والنيجر للسودان للقتال بجانبها، وتركز وجودهم في ولاية شمال دارفور وفي الخرطوم التي سيطر عليها الدعم السريع منذ إبريل 2023 حتى أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان تحريرها مارس 2025.
ويؤكد التحديث الذي تناقلته دائرة محدودة من الحكومة السودانية ودبلوماسيون غربيون تورط مسؤولين كبار وقادة حركات متمردة في تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا والنيجر في تجنيد المرتزقة، موثقا عدة حالات من أبرزها نائب المدير العام للشرطة التشادية عبد القادر بابا لادي الذي استغل علاقاته الواسعة داخل مجتمعات قبائل الفولان والعرب ليجند قرابة 800 تشادي معظمهم دون العشرين بين نوفمبر/تشرين الثاني 2024 وفبراير 2025، وعرضت عليهم مبالغ تتراوح بين مليون ومليوني فرنك أفريقي (من 1,650 إلى 3,300 دولار أمريكي) مقابل ستة أشهر من الخدمة، ويشرف لادي مباشرة على تدريبهم بإسناد من ضباط جيش وشرطة محليين.
يجري تدريب المرتزقة داخل معسكرات حكومية في تشاد
ولنفوذهم الحكومي يدرب السماسرة المرتزقة في مراكز حكومية، ويسمي التحديث الاستخباري تحديداً، مركز الدرك الوطني (حكومي) في أبشي (780 كيلومتراً شمال شرق إنجامينا) ومركز التدريب العسكري في موسورو (300 كيلومتر شمال شرق إنجامينا)، مركزين أساسيين لتدريب يستغرق 45 يوماً، بعدها يرسل المرتزقة للسودان عبر معبر أدري الذي يسيطر عليه الدعم السريع، ويجمعون بمدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور ثم يوزعون على مواقع القتال، ويفوّج المرتزقة في دفعات لا تزيد عن مئة لتجنّب جذب الانتباه، لكن ومع تزايد الإقبال ارتفع العدد لـ300، وأشار التقرير الاستخباري إلى تدريب مرتزقة أجانب لهم على استخدام المسيّرات وصواريخ أرض-جو لنشرهم في محيط الخرطوم، وهو ما يتفق مع تأكيد العميد نبيل عبدالله رصد الجيش مجموعات مرتزقة متخصّصة في تشغيل المسيّرات واستخدام الأسلحة النوعية كالمضادة للطيران والدروع.
وبينما يرفض رئيس هيئة الدعم المدني للدعم السريع بأوغندا سمير إسماعيل المعلومات السابقة، متذرعاً بعدم حاجتهم لاستجلاب مرتزقة لتوفر القوة البشرية، يشير التحديث الاستخباري إلى تمدّد التجنيد في أفريقيا الوسطى التي يتوسّط فيها بابا لادي بين الدعم السريع وقادة متمردين من بينهم علي داراسا، قائد حركة الاتحاد من أجل السلام في أفريقيا الوسطى (UPC) وهي جزء من تحالف "سيليكا" (ائتلاف جماعات مسلّحة تأسس في 2012 أسقط الرئيس السابق فرانسوا بوزيزي عام 2013)، ونور الدين آدم زعيم "الجبهة الشعبية لنهضة أفريقيا الوسطى"، ولهذه المليشيات علاقات وثيقة بالدعم السريع، وسمى التقرير الاستخباري ضابطين تشاديين بالدعم السريع هما يحيى إسحاق وحبيب حريكا، يديران شبكة جنّدت 1300 مقاتل في يناير 2025، مع تقديرات بوصول ألفي مقاتل إضافي من شمال البلاد في رمضان الماضي ليبلغ إجمالي عدد المقاتلين من أفريقيا الوسطى 3300 مرتزق بدأ نشرهم بالفعل في الجنينة ونيالا.
ويكشف التحديث الاستخباري عن تجنيد 900 مرتزق تشادي متخصّصون في الأسلحة الثقيلة، سبق وأن قاتلوا ضمن قوات الليبي خليفة حفتر، خلال الفترة بين ديسمبر 2024 وفبراير 2025، مؤكداً التحاق بين 600 و700 منهم بالدعم السريع بحلول مارس 2025، فيما جندت قوات حفتر مقاتلين من "جبهة التغيير والوفاق في تشاد" (منظمة سياسية عسكرية معارضة) و"مجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية" (جماعة مسلّحة معارضة)، وأغرتهم بالمال والحماية مقابل ستة أشهر من الخدمة في دارفور.
وجنّد الدعم السريع مقاتلين من سكان منطقتي مارادي وزندر، جنوب النيجر، وبحسب التحديث الاستخباري، يتلقى المرتزقة المستجلبين تدريباً في مركز موسورو بتشاد، يستمر من شهرين إلى ثلاثة، لأن معظمهم لا يملكون خبرات عسكرية، ويقوم على التدريب مدربون تشاديون وضباط نيجريون تربطهم علاقات وثيقة بالمسؤولين التشاديين، ولم يُرسل هؤلاء المجندون إلى جبهات القتال، بل كُلّفوا مهمات الشرطة والأمن في المناطق الخاضعة لسيطرة الدعم السريع.
تحقيق
جثث في العراء...قتلى حرب السودان يرقدون وسط الأحياء
تكتيكات هجومية وأدوار أمنية واستخبارية
تتنوع المهام المسندة إلى المرتزقة بين قتالية وأمنية واستخبارية، وتؤكد مصادر التحقيق والمعلومات الواردة في الوثائق، أن الدعم السريع يعتمد عليهم لتنفيذ تكتيكات هجومية وصفها قائد معهد ضباط الصف الأسبق اللواء ركن متقاعد سليمان مختار حاج مكي بـ"الصدمة والرعب" ضدّ المواقع الدفاعية، ويقول لـ"العربي الجديد" إن نجاحه يعتمد على حشد أكبر قدر من المقاتلين الأجانب في المقدمة، مزودين بعربات دفع رباعيّ مجهزة بمدافع مختلفة كالرباعي، والثنائي، والدوشكا عيار 12.7 مليمتراً، وهي أسلحة مضادة للطيران لكنّ المرتزقة يجيدون استخدامها في الاشتباكات الأرضية، وهو ما توثقه اعترافات المرتزقة السبعة، الذين أكّدوا جميعهم مشاركتهم في معارك عديدة ضد الجيش السوداني، ويعزي العقيد السابق دفاع جوي في الجيش السوداني حمدي المنصوري هذا لتفادي الدعم السريع المغامرة بالسودانيين.
الصورة
تعتمد "الدعم السريع" على مرتزقة ذوي خبرات في استخدام الأسلحة الهجومية (Getty)
ووفق المنصوري يتولى قطاع من المرتزقة مهامّ نوعية لخبرتهم في أنظمة التشويش ومنصات الصواريخ وصيانة الأسلحة الثقيلة، مؤكداً أنّ أنظمة التشويش والمضادات الأرضية التي يشرف على تشغيلها أجانب ساهمت في إسقاط طائرتَين للجيش السوداني من طراز أنتوف في إبريل الماضي.
وغير المهام القتالية، يشير المنصوري إلى الأدوار الأمنية المسندة للمرتزقة كحراسة المناطق الحساسة، وتسيير الدوريات الأمنية بمناطق سيطرة الدعم السريع، وينقل عن قادة ميدانيين بالجيش السوداني تأكيدهم تولي مرتزقة لدى الدعم السريع مناصب قيادية ومسؤوليتهم عن تأمين طرق الإمداد من تشاد وأفريقيا الوسطى وحماية القادة.
تحقيق متعدّد الوسائط
النحاس الدموي... غنائم "الدعم السريع" للبيع في "سوق النعام"
مصير المرتزقة الأسرى؟
في 10 مارس الماضي أعلن النائب العام الفاتح طيفور أسر 122 مرتزقاً بواقع 58 تشادياً و51 جنوب سوداني وعشرة إثيوبيين وسوري ونيجيري ومرتزق من أفريقيا الوسطى، مؤكداً توثيق أوراقهم الثبوتية الشخصية التي تثبت حملهم جنسيات هذه الدول وخضوعهم للتحقيق، وبموجب مواد القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 من 50 وحتّى المادة 61 المجرِّمة للأفعال التي "تقوّض النظام الدستوري وتحارب الدولة" تنتظرهم عقوبةُ الإعدام ومصادرة الأموال.
يضيف المحلّل القانوني شوقي يعقوب الباحث بالمركز الأفريقي للعدالة ودراسات السّلام (خاص مقره أوغندا)، أن المحاكم المحلية لا الدولية معنية بهذه الحالة، قائلا :"سبق أن قرر القضاء السوداني إعدام العسكريين التشاديين والليبيين الذين شاركوا في محاولة انقلاب العميد بالجيش السوداني محمد نور سعد على الرئيس الأسبق جعفر نميري عام 1976، وهو ما ينتظر من تثبت عليه التهمة هذه المرة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
وسائل التواصل الاجتماعي تنتفض: الجوع يفتك بقطاع غزة
انتفضت وسائل التواصل الاجتماعي للتنديد بتزايد وتيرة الجوع في غزة مع استمرار سياسة الاحتلال الإسرائيلية القائمة على تنفيذ "هندسة التجويع" ضد أكثر من مليوني فلسطيني في ضوء استمرار حرب الإبادة للشهر الـ21 على التوالي. ويفتقر السكان في غزة إلى المواد الغذائية الأساسية في ظل تحكم الاحتلال بالمشهد الميداني وحالة الحصار المطبق المفروضة على القطاع، فضلاً عن تحول نقاط توزيع المساعدات إلى مراكز للموت اليومي. وبشكل يومي يستشهد ويصاب عشرات الفلسطينيين بفعل وجودهم في مراكز توزيع المساعدات التي أُنشئت في مناطق وسط القطاع وجنوبه قبل شهور، وبات الفلسطينيون وحتى المؤسسات الدولية يطلقون عليها مسمى "نقاط الموت". وبحسب إحصائيات المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فقد سجل سقوط 805 شهداء وإصابة 5252 فلسطينياً آخرين برصاص الاحتلال، فضلاً عن 42 مفقوداً منذ بداية العمل في مراكز التوزيع التي فرضها الاحتلال بديلاً لآليات الأمم المتحدة. ووثّق سكان غزة شهاداتهم حول واقع التجويع من خلال حساباتهم في مختلف منصات التواصل الاجتماعي ، حيث ارتفعت أسعار الطحين الذي يعتبر المادة الأساسية في صناعة الخبز بشكل كبير خلال الأسبوع الماضي. ويتحكم لصوص المساعدات وبعض التجار في أسعار هذه السلعة وغيرها من خلال رفع أسعارها وخفضها حيث تتأثر أسعار المواد الغذائية بطبيعة الأحداث الميدانية، حيث ترتفع في حال بث أخبار عن فشل مفاوضات وقف إطلاق النار وتنخفض فور الحديث عن توقعات بقرب الوصول إلى صفقة تبادل. إعلام وحريات التحديثات الحية الإعلام الغربي.. اعتراف بطيء بحقيقة الإبادة الجماعية في غزة وعجزت الجهات الحكومية والأمنية عن ضبط السوق خلال الفترة الحالية في ظل الاستهدافات الإسرائيلية المركزة للمنظومة الحكومية في القطاع وعمليات القصف التي تطاول كل العناصر الشرطية والأمنية. وسجلت أسعار الطحين مبالغ قياسية، حيث وصل ثمن الكيلوغرام الواحد إلى مبلغ راوح بين 80 و90 شيكلاً إسرائيلياً، ما يعادل 25 إلى 30 دولاراً أميركياً، وهو أمر يفوق مقدرة الفلسطينيين في غزة، في ظل عدم وجود أي مصادر دخل وتعطل غالبيتهم منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. أما ميدانياً، فتحولت أجساد الكثير من السكان إلى ما يشبه الهياكل العظمية نظراً لعدم تناولهم للطعام، حيث تحدث البعض عن عدم تناولهم الطعام ما بين يوم إلى يومين، فيما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطعاً لسيدة لم تتناول الطعام لمدة خمسة أيام. في السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم عبر صفحته على "فيسبوك" إن "سعر كيلو الطحين وصل إلى 100 شيكل، وبات الناس يعيشون يوماً بيوم، يؤجلون شراء الطحين إلى الغد، على أمل أن ينخفض سعره". أضاف إبراهيم: "لكن المفاجأة تأتي كل يوم: السعر أعلى من اليوم السابق، واقع من العجز والانتظار، حيث تحوّلت الاحتياجات الأساسية إلى أحلام مؤجلة، في ظل معيشة تزداد قسوة وضيقاً يوماً بعد يوم". أما الفلسطيني أبو محمد الهندي، فكتب على "فيسبوك"، قائلاً: "إما أن يُوحَّد سعر الطحين في السوق بسعر يتناسب مع حالة الناس، وإما أن يُمنَع بيعه على الإطلاق، بيوت البعض يملأها الطحين من طريق السرقة والبلطجة والمعارف والغالبية، العظمى ينهشها الجوع والتعب والقهر". وتابع: "بائعو الطحين أقذر من بائعات الهوى (..) لماذا تجوع العائلات ويشبع المقززون التافهون؟ صاحب الوجه القذر يبيع كيلو الطحين بـ100 شيكل". أما الصحافي ومراسل التلفزيون العربي في غزة، إسلام بدر، فكتب عبر حسابه في موقع التواصل الاجتماعي إكس ("تويتر" سابقاً): "في شوارع غزة لا تحتاج أن تسأل عن حال الناس، الوجوه تروي كل شيء"، مضيفاً: "الجوع والفقر غيّرا ملامح الناس والعيون الحزينة المخذولة غارقة في القهر والوجع". في شوارع غزة.. لا تحتاج أن تسأل عن حال الناس… الوجوه تروي كل شيء… الجوع والفقر غيّرا ملامح الناس والعيون الحزينة المخذولة غارقة في القهر والوجع.. — Islam bader (@islambader_1988) July 17, 2025 وتحدث معين الكحلوت عن حالة الجوع والمجاعة التي وصل إليها القطاع، وقال: "الجوع ليس كافراً فحسب، بل يُفتّت القيم، ويمحق المبادئ، ويسحق الأخلاق، في حضرة الجوع، يتنازل الإنسان عن أعزّ ما يملك، فقط ليُسكت بكاء طفل، أو يمدّ لقمة إلى فمٍ صغير لا يفقه من الدنيا سوى الجوع، الناس هنا دون مبالغة جوعى، والله جوعى، أقسم بالله جوعى". الجوع ليس كافرًا فحسب، بل يُفتّت القيم، ويمحق المبادئ، ويسحق الأخلاق. في حضرة الجوع، يتنازل الإنسان عن أعزّ ما يملك، فقط ليُسكت بكاء طفل، أو يمدّ لقمة إلى فمٍ صغير لا يفقه من الدنيا سوى الجوع. الناس هنا بدون مبالغة جوعى، والله جوعى، أقسم بالله جوعى. — معين الكحلوت 🇵🇸 , من غزة 💔 (@Moin_Awad) July 17, 2025 بدوره، تحدث الطبيب الفلسطيني عز الدين شاهين عبر "إكس" قائلاً: "هناك مسؤولية أخلاقية على عاتق كل من يناصر غزة وينتمي إلى قضيتها، ألا يتوقف عن الحديث عن المجاعة، لا يوجد ما هو أهم من ذلك الآن، لا توجد أولوية أكبر من تخفيف مجاعة الناس". هناك مسؤولية أخلاقية على عاتق كل من يناصر غزة وينتمي لقضيتها، ألا يتوقف عن الحديث عن المجاعة، لا يوجد ما هو أهم من ذلك الآن. لا يوجد أولوية أكبر من تخفيف مجاعة الناس. — izzeddin (@izzeddinshaheen) July 17, 2025 من جهته، تحدث الناشط محمد عوض عبر تغريدة سيطرت عليها اللهجة الفلسطينية المحلية، ذكر فيها ما حل بالأطفال، قائلاً: "طيب والله احنا مش قادرين نكذب أكثر من هيك على الأولاد الصغار الجوعانة في غزة، إخواني الكبار نفد صبرهم على الجوع، طيب الأطفال الصغار عنا بتوقع وبتدوخ وبتبكي من الجوع والله، طيب لو مش عشان الكبار ارحمونا عشان الأطفال والرضع والحوامل الجوعى". طيب والله احنا مش قادرين نكذب أكثر من هيك على الأولاد الصغار الجوعانة في غزة ، اخواني الكبار نفذ صبرهم على الجوع ، طيب الأطفال الصغار عنا بتوقع وبتدوخ وبتبكي من الجوع والله ، طيب لو مش عشان الكبار ارحمونا عشان الأطفال والرضع والحوامل الجوعى . — Mohammed _awed (@Mohammed_awed12) July 17, 2025


العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
اتفاق تاريخي "شامل" بين بغداد وأربيل ينهي أزمة النفط والرواتب
صادق مجلس وزراء العراق، في جلسة استثنائية، اليوم الخميس، برئاسة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، على اتفاق شامل مع حكومة إقليم كردستان بشأن إدارة ملف النفط والإيرادات غير النفطية وتوطين رواتب الموظفين، في خطوة تاريخية وصفت بأنها "الأكثر شمولاً" منذ سنوات، وتهدف إلى إنهاء حالة الجمود التي تسببت بتوقف صادرات نفط الإقليم لأكثر من عامين، وتأخير رواتب موظفيه لشهور متتالية. وبحسب البيان الرسمي الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، فقد تقرر أن تبدأ حكومة الإقليم فوراً بتسليم كامل النفط المنتج إلى شركة "سومو" لغرض التصدير، على ألا تقل الكمية المستلمة حالياً عن 230 ألف برميل يومياً، إضافة إلى أي زيادات مستقبلية. ويخصص من هذه الكمية 50 ألف برميل يومياً للاستهلاك المحلي داخل الإقليم، على أن تتحمل حكومة كردستان كلف الإنتاج والنقل، والمقدرة بـ16 دولاراً للبرميل الواحد. كما نص الاتفاق على أن تؤول إيرادات بيع المشتقات النفطية إلى الخزانة العامة الاتحادية، بعد اقتطاع كلف الإنتاج والتصفية، في حين تقوم وزارة النفط الاتحادية بتجهيز الإقليم بالمنتوجات اللازمة وفق طاقة لا تتجاوز ناتج تصفية 15 ألف برميل يومياً، مع تقييم الحاجة الفعلية من خلال لجنة مشتركة تقدم تقريرها خلال أسبوعين إلى مجلس الوزراء. وفي ملف الإيرادات غير النفطية، ألزم الاتفاق حكومة الإقليم بتسليم مبلغ 120 مليار دينار شهرياً إلى وزارة المالية الاتحادية، بوصفه مبلغاً تخمينياً عن حصة الخزانة من إيرادات شهر مايو/أيار، على أن تتم التسوية لاحقاً بعد التدقيق، عبر فريق مشترك من وزارتي المالية وديوان الرقابة في بغداد وأربيل، يقدم تقريره خلال أسبوعين. تعرف على ابرز مقررات الجلسة الطارئة لمجلس الوزراء والتي تضمنت مناقشة ملف الإيرادات النفطية وغير النفطية والاتفاق مع حكومة إقليم كردستان العراق بشأنها. #الحكومة_العراقية — Government of Iraq - الحكومة العراقية (@IraqiGovt) July 17, 2025 وفي ما يتعلق بتوطين الرواتب، تقرر تشكيل لجنة اتحادية - إقليمية مشتركة لاستكمال إجراءات التوطين استناداً إلى قرار المحكمة الاتحادية، على أن تنجز مهامها خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر، ويكون التمويل بنهاية هذه الفترة مخصصاً لرواتب الموظفين الموطنة فقط، بحسب ما جاء في نص القرار. وبدءاً من هذا الأسبوع، ستباشر وزارة المالية الاتحادية بصرف رواتب شهر مايو/أيار لموظفي الإقليم، بعد تأكيد وزارة النفط الاتحادية - عبر شركة سومو - تسلّم الكمية المقررة من الخام عبر ميناء جيهان. كما شمل القرار تشكيل فريق إضافي من الجهات المالية والرقابية في الحكومتين، لحصر أي تجاوز في الإنفاق الفعلي لحكومة الإقليم خلال الأعوام 2023 - 2025، وتحديد آلية المعالجة، على أن يقدم تقريراً مفصلاً خلال أسبوعين إلى الحكومة الاتحادية. طاقة التحديثات الحية شركات كردستان العراق تعلن استعدادها لاستئناف تصدير النفط وحدد الاتفاق أن تحتسب كل المدد الزمنية المذكورة ابتداء من تاريخ صدور قرار مجلس الوزراء، ما يعني بدء العد التنازلي لتنفيذ البنود كافة، بما في ذلك توطين الرواتب وتسليم الإيرادات وتدقيق الملفات العالقة. ويأتي هذا الاتفاق بعد أشهر من التعثر، وسلسلة من المشاورات الفنية والسياسية، شارك فيها ممثلون رفيعو المستوى من الطرفين، وسط إشادة خاصة بدور رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني في تذليل العقبات، بحسب البيان الرسمي الصادر عقب الجلسة. ويتوقع أن يسهم الاتفاق في تعزيز الاستقرار المالي للإقليم، وتخفيف الضغط على الموازنة العامة في بغداد، خصوصا مع إعادة تدفق صادرات النفط، التي تقدر قيمتها بأكثر من 8 مليارات دولار سنوياً في حال التصدير المنتظم. وبموجب قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات 2023 - 2025، خُصصت لإقليم كردستان نسبة 12.67% من إجمالي الإنفاق العام، مقابل التزامه بتسليم 400 ألف برميل نفط يوميًّا إلى شركة التسويق الوطنية "سومو"، بالإضافة إلى تحويل الإيرادات غير النفطية، التي تشمل الضرائب، والجباية، والرسوم الجمركية المحلية. وفي وقت سابق، قالت وزارة المالية الاتحادية إن الإقليم لم يلتزم بهذه الالتزامات، مشيرة إلى أن الإيرادات الكلية التي حققها الإقليم منذ بداية عام 2023 حتى إبريل/نيسان 2025 بلغت نحو 19.9 تريليون دينار، في حين لم يجر تسليم سوى 598.5 مليار دينار منها إلى الخزانة الاتحادية.


العربي الجديد
منذ 8 ساعات
- العربي الجديد
محكمة بلجيكية تقضي بمنع عبور مواد عسكرية إلى إسرائيل
قضت محكمة في العاصمة البلجيكية بروكسل، اليوم الخميس، بمغادرة حاوية تضم محامل أسطوانية مدببة لصالح شركة أمن إسرائيلية، والتي كان قد جرى اعتراضها في ميناء أنتويرب، الميناء، وفق ما ذكرته وكالة أنباء "بلجا". كما أمر قاضي المحكمة حكومة فلاندرز، وهو الإقليم البلجيكي الذي تقع فيه أنتويرب، بوقف نقل جميع المواد المخصصة للاستخدام العسكري، والمنتجات الدفاعية، ما لم تكن مخصصة للاستخدام المدني بصورة حصرية. كما فرض القاضي غرامة قدرها 50 ألف يورو (57927 دولاراً أميركياً) عن كل مخالفة. وبحسب منظمة "فريدساكتي"، وصلت المحامل الأسطوانية من فرنسا إلى أنتويرب، وكانت متجهة إلى شركة الأمن الإسرائيلية "أشوت عسقلان إنداستريز"، التي تقوم بإنتاج الدبابات والمركبات المدرعة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي في غزة. وتقول المنظمة إن هناك خمس سفن تبحر بين أنتويرب وإسرائيل شهرياً، وتشتبه في أن هذه السفن تحمل مواد عسكرية. أخبار التحديثات الحية مظاهرة في لندن تطالب بوقف تصدير السلاح لإسرائيل ومساءلة لثلاثة وزراء وكان أكثر من 24 خبيراً في مجال حقوق الإنسان بالأمم المتحدة قد حثّوا، في فبراير/شباط 2024، الدول على وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، محذرين من أنّ مثل هذا النقل للأسلحة والذخيرة يمكن أن ينتهك القانون الإنساني الدولي. وقال الخبراء إنّ الحاجة إلى حظر الأسلحة عن إسرائيل أمر أثارته محكمة العدل الدولية في قرارها الأولي في 26 يناير/كانون الثاني 2024، والذي يشير إلى وجود خطر معقول بوقوع إبادة جماعية في غزة، واستمرار الضرر الجسيم الذي يلحق بالمدنيين منذ ذلك الحين. وفي السياق، أعلنت ثماني منظمات، من بينها الفرع الفرنسي من منظمة العفو الدولية، في إبريل/نيسان 2024 عن إطلاق إجراءات قضائية عاجلة للمطالبة بتعليق تسليم الأسلحة من فرنسا إلى إسرائيل. وجاء في بيان أصدرته وقتها هذه المنظمات، من بينها "أتاك" و"سوليدير"، أنّ "خطر استخدام الأسلحة والتجهيزات العسكرية التي تصدّرها فرنسا إلى إسرائيل في ارتكاب جرائم خطيرة بحق سكان مدنيين في قطاع غزة المحتل، واضح".