
ما تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على عشرات الدول؟
في هذا الصدد نحاول التوصل إلى إجابات على الكثير من الأسئلة التي يطرحها الموقف الراهن لسياسات ترامب التجارية وما قد تخلفه من آثار على الاقتصاد الأمريكي والعالمي واقتصادات المنطقة العربية.
وأعلن ترامب في الثاني من إبريل/نيسان الماضي ما يُعرف "بالتعريفة الجمركية المتبادلة" التي تطال عدداً كبيراً من دول العالم برسوم غير مسبوقة تُفرض على صادرات هذه الدول إلى الولايات المتحدة.
لكن الرئيس ترامب عاد في الثامن من نفس الشهر وأمر بتعليق العمل بهذه التعريفة لمدة تسعين يوماً تنتهي في التاسع من يوليو/تموز الماضي، وهو الموعد الذي تم تمديده إلى الأول من أغسطس/آب الجاري.
واعتبر كثيرون الموعد النهائي مهلة للشركاء التجاريين للولايات المتحدة للتقدم بعروض لاتفاقات تجارية والعمل على التفاوض بشأنها وإلا تعرضوا للعودة إلى تفعيل التعريفة الجمركية.
وجاء قرار التمديد ليلقي الضوء على احتمالات أن تكون الإدارة الأمريكية تستخدم التفاوض في الاتفاقات التجارية كورقة ضغط من أجل تحقيق مكاسب تجارية.
لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟
هل يمكن أن يتماسك الجنيه المصري في الأيام المقبلة؟
ما هي الدول التي توصلت إلى اتفاقات؟
توصلت الإدارة الأمريكية إلى اتفاقات تجارية مع عدد من شركائها التجاريين، أهمهم المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، واليابان، وفيتنام وغيرها من دول الاقتصادات الرئيسية والناشئة على مستوى العالم.
على الجانب الآخر، هناك دول هامة على الصعيد التجاري لم تتمكن من التوصل إلى اتفاقات تجارية مع واشنطن، أبرزها كندا، والمكسيك، وتايوان، والهند، وهو ما أدى إلى فرض تعريفة جمركية مرتفعة على صادراتها إلى الولايات المتحدة.
وتوصل الجانبان الأمريكي والصيني لما وُصف بالهدنة التجارية التي تتضمن تعليق العمل ببعض التعريفات الجمركية في بعض القطاعات، علاوة على تأجيل تفعيل بعض الرسوم مع سريان بعضها، والذي كان مفروضًا من قبل.
"مصالح واشنطن أولاً"
قال مدحت نافع، أستاذ الاقتصاد والتمويل، لبي بي سي: "بعد انتهاء المهلة التي حددها ترامب لعقد اتفاقات تجارية جديدة مع الشركاء التجاريين لبلاده، يبدو المشهد العالمي مهيئاً لتغييرات عميقة في قواعد اللعبة التجارية، تتجاوز ما اعتدناه منذ تأسيس النظام التجاري متعدد الأطراف بعد الحرب العالمية الثانية".
وأضاف: "الوضع الحالي يعكس تصعيداً مُمنهجاً للضغوط الأمريكية على الشركاء التجاريين، من أجل إعادة صياغة الاتفاقات بما يحقق مصالح واشنطن أولاً".
وأشار إلى أن الرئيس ترامب استطاع بالفعل في فترة ولايته الأولى أن يفرض إيقاعاً تفاوضياً جديداً، تُرجم إلى اتفاقيات محدثة مثل اتفاق الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA) بدلاً من نافتا.
لكن نافع أكد أن هذه النجاحات جاءت بثمنٍ باهظ يتمثل في توتر الأسواق، وازدياد انعدام اليقين، وتقويض الثقة في منظمة التجارة العالمية، وهو ما جعل مناخ الاستثمار العالمي أكثر هشاشة.
وأعلن ترامب وضع تعريفة جمركية مرتفعة، كانت معلقة لأكثر من 90 يوماً، حيز التنفيذ على 69 شريكاً تجارياً للولايات المتحدة تتراوح بين 10 في المئة و41 في المئة. ويبدأ تطبيق هذه النسب على أرض الواقع خلال سبعة أيام من هذا الإعلان.
وقال الرئيس الأمريكي إنه سوف يتخذ القرار في وقتٍ لاحقٍ بشأن تمديد الهدنة التجارية مع الصين من عدمه، وما إذا كانت الهدنة سوف تستمر من أجل المزيد من التفاوض أو البدء في العمل بالتعريفة الجمركية الأمريكية الهائلة المفروضة على الصين بمجرد انتهاء الهدنة في 12 أغسطس/آب الجاري.
وقبل الدخول في مفاوضات تجارية مع الصين، كان الرئيس الأمريكي قد فرض تعريفة جمركية على واردات بلاده من الصين بقيمة 145 في المئة.
وقال محمد حسن زيدان، كبير المحللين الاستراتيجيين لأسواق المال لدى شركة كافيو للوساطة المالية لبي بي سي: "أرى أن الوضع الحالي لسياسات الرئيس ترامب التجارية يعكس نهجاً متشدداً يهدف إلى إعادة تشكيل العلاقات التجارية العالمية تحت شعار 'أمريكا أولاً'".
وأضاف: "نجح ترامب إلى حدٍ ما في فرض هيمنة تجارية عبر اتفاقات ثنائية مع كيانات مثل الاتحاد الأوروبي (تعريفة جمركية بقيمة 15 في المئة)، وبريطانيا، واليابان، لكنه لم يحقق هدفه الطموح بـ '90 صفقة في 90 يوماً'".
"أداة تفاوض وعقاب"
وقال نافع: "أما التأثيرات الاقتصادية المترتبة على النسب الجديدة للتعريفات والاتفاقات، فهي لا تقتصر على الجوانب التجارية المباشرة، بل تمتد إلى آليات التسعير والتضخم".
وأضاف: "رفع التعريفات يُترجم إلى زيادة في تكلفة الاستيراد، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والوسيطة، وبالتالي الضغط على المستهلك الأمريكي نفسه".
وأكد أن هذا المسار "يُربك البنوك المركزية ويقيد قدرتها على التوفيق بين استهداف التضخم ودعم النمو، وهو ما قد يدفع ببعض الاقتصادات المتقدمة إلى حافة الركود التقني".
كيف يتأثر الاقتصاد العالمي؟
قال زيدان: "التعريفات الجديدة، التي تتراوح بين 10 في المئة و145 في المئة (كما على الصين)، قد تؤجج التضخم عالمياً بسبب ارتفاع تكاليف الواردات، مع تباطؤ محتمل في النمو الاقتصادي نتيجة اضطراب سلاسل التوريد".
وأشار أيضاً إلى إمكانية تفاقم التوترات التجارية بين الولايات المتحدة وشركاء تجاريين مهمين، وهو ما يتضح في حالة الاتحاد الأوروبي الذي لا يزال المشهد على صعيد اتفاقه التجاري مع واشنطن مغلفاً بالكثير من انعدام اليقين.
فشروط الاتفاق بين الجانبين الأمريكي والأوروبي لا تزال قيد التفاوض. كما لا نعرف ما الذي يمكن أن تنتهي إليه الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين.
وحذر نافع من آثار أخرى للتعريفة الجمركية على الاقتصاد العالمي؛ وهي محدودية الخيارات أمام الدول التي لم توقع اتفاقات تجارية مع واشنطن، إذ أن هذه الدول: "إما أن تخضع للشروط الأمريكية والدخول في اتفاقات غير متكافئة، أو الدخول في مواجهات تجارية قد تُفضي إلى اضطراب أكبر في سلاسل التوريد العالمية".
ترامب وميلوني يبحثان فرص التوصل إلى اتفاق تجاري بين الولايات المتحدة وأوروبا
ترامب يستثني الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر من الرسوم الجمركية الجديدة
المنطقة العربية
المنطقة العربية، ومصر على وجه الخصوص، ليست في منأى عن تلك التبعات، حتى وإن لم تكن طرفاً مباشراً في هذه الاتفاقات أو الخلافات، وفقًا لنافع.
وقال، في تصريحات لبي بي سي: "فمع تعطل سلاسل التوريد وارتفاع تكلفة النقل، تتأثر اقتصادات المنطقة من خلال قنوات عدة: أبرزها تقلب أسعار السلع الأساسية، وتراجع الطلب العالمي على صادراتها، فضلاً عن احتمالات انكماش تحويلات العاملين بالخارج إذا تباطأ النشاط الاقتصادي في الدول المضيفة، وعلى رأسها الولايات المتحدة ودول الخليج".
كما حذر من أن إعادة رسم خريطة الاستثمارات العالمية قد تؤدي إلى تقليص تدفقات رؤوس الأموال نحو الأسواق الناشئة، بما في ذلك مصر، التي تعتمد على استثمارات قصيرة ومتوسطة الأجل لتعزيز احتياطي النقد الأجنبي وتمويل العجز المالي.
وفي السياق ذاته، قد لا تكون اتفاقية المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز) بمنأى عن هذه التداعيات، إذ من المحتمل أن تعيد الإدارة الأمريكية النظر في بعض بنودها، مثل نسبة المكوّن الإسرائيلي أو قواعد المنشأ، مما قد يضر بالصادرات المصرية، وفقاً لنافع.
وفرضت الإدارة الأمريكية رسوماً جمركية على 69 دولة من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة تتراوح بين 10 في المئة و41 في المئة بعد انتهاء المهلة التي أعطاها الرئيس الأمريكي لتلك الدول من أجل التقدم بعروض للدخول في اتفاقات تجارية مع واشنطن.
وفرض ترامب تعريفة جمركية على كندا بقيمة 35 في المئة، وتعريفة جمركية على واردات بلاده من سويسرا بقيمة 39 في المئة، مع فرض تعريفة على الواردات الأمريكية من الهند بقيمة 25 في المئة.
ورأى زيدان أن تأثير سياسات ترامب التجارية على الشرق الأوسط لن يكون بسبب التعريفات الجمركية في حد ذاتها، بل بسبب النتائج السلبية الناتجة عنها اذا خرجت الأمور عن السيطرة، فدخول الاقتصاد العالمي في أي مأزق من شانه أن يضر بمصر ودول الشرق الأوسط بشكل مباشر".
وأشار إلى أن الأمر يتطلب من الدول العربية "تنويع الأسواق ومصادر الاستثمارات، وتعزيز التكامل الإقليمي لتخفيف الصدمات في حال أرادت هذه الدول الخروج من المأزق المُحتمل".
وفرضت إدارة ترامب تعريفة جمركية على دول عربية تتضمن 15 في المئة على الأردن، و25 في المئة على تونس، و30 في المئة على الجزائر وليبيا، و35 في المئة على العراق، و41 في المئة على سوريا.
"أداة سياسية بامتياز"
وقالت رانيا وجدي، كبيرة استراتيجيي الأسواق في شركة "أو دبليو ماركتس"، لبي بي سي إن "ربط ترامب الملفات التجارية بقضايا سيادية، مثل الأمن الحدودي وتهريب المخدرات مع كندا، يمثل سابقة خطيرة في التجارة الدولية. هذا التوسع في نطاق النزاع التجاري إلى ساحات سياسية يعقد التوصل إلى حلول ويرفع احتمال استمرار التوتر لفترة أطول".
وأضافت أن "وجود تعريفات عالية على دول مثل كندا والهند، حتى مع استمرار المفاوضات، يؤكد أن إدارة ترامب تستخدم التعريفات كأداة ضغط مستمرة وليست مجرد تهديد مؤقت".
ويرى نافع أن "السياسة التجارية الأمريكية باتت أداة سياسية بامتياز، تتجاوز مقتضيات الاقتصاد الكلي إلى حسابات انتخابية وجيوسياسية".
وأضاف أنه "على الدول النامية، ومنها مصر، أن تُحسن قراءة هذا التحول، لا عبر التكيّف معه فقط، بل من خلال تنويع شراكاتها التجارية، وتعزيز إنتاجها المحلي، وبناء قدرة تفاوضية جماعية إقليمية تقيها التقلبات القادمة".
وأكدت وجدي أنه على الرغم من نجاح الإدارة الأمريكية في عقد اتفاقيات مع بعض الشركاء كالاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية، إلا أن هذه الاتفاقات جاءت مشروطة ومبنية على تنازلات قاسية من الطرف الآخر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ 8 ساعات
- BBC عربية
"اليد الميتة".. ما هو سلاح روسيا النووي الانتقامي الذي حرك لأجله ترامب غواصتين نوويتين؟
قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه أمر بنشر غواصتين نوويتين "في المناطق المناسبة" ردا على تعليقات "استفزازية للغاية" أدلى بها الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف. وفي منشور كتبه على تلغرام، حذر ميدفيديف من تهديد "اليد الميتة" والذي فهمه بعض المحللين العسكريين على أنه إشارة إلى الاسم الرمزي لنظام التحكم في الضربات النووية الانتقامية في روسيا. "اليد الميتة" هو نظامُ تحكم آلي بالأسلحة النووية طوّره الاتحاد السوفيتي إبان الحرب الباردة للتحكم بترسانته النووية، وهو نظام قيادة سري، مصمم لإطلاق صواريخ موسكو النووية في حال النيل من قيادتها في ضربة عسكرية ما من قبل العدو. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.


BBC عربية
منذ 10 ساعات
- BBC عربية
هل انتهت الحرب الباردة حقاً؟
التطورات الأخيرة على الساحة العالمية، سواء في التوترات في العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، أو تلك الحاصلة في مشهد التسابق التجاري بين واشنطن وبكين، لطالما تذكر بحقبة الحرب الباردة التي استمرت لنحو أربعين سنة، فماذا نعرف عن تلك الحقبة؟


BBC عربية
منذ 2 أيام
- BBC عربية
مسؤول روسي يُغضب ترامب ويلوح بـ"اليد الميتة"، فكيف تعمل؟
"على ترامب أن يتذكر مدى خطورة اليد الميتة الأسطورية". عبارة لوح بها الرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف للولايات المتحدة، أثارت غضب البيت الأبيض وذكرت بجدالات "الحرب الباردة". تصريح ميدفيديف وهو حالياً نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، جاء بعد مهلة تحدث عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لروسيا لإنهاء الحرب في أوكرانيا. تصريحات "استفزازية" و"حادة" وأعلن ترامب، الجمعة، أنه أمر بنشر غواصتين نوويّتين، رداً على تصريحات "استفزازية للغاية" أدلى بها مسؤول روسي. قالت مستشارة مركز الدراسات الدولية الروسي إيلينا سوبونينا لبي بي سي، إن تصريحات ميدفيديف كانت "حادة جداً"، مشيرة إلى أنه ألمح لإمكانيات روسيا وامتلاكها لأسلحة نووية. وبالرغم من أن تصريح ميدفيديف "خرج عن الحدود"، لكن وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف خفض من التوتر وأبدى انفتاح موسكو على الحوار مع واشنطن واستمرار المفاوضات مع أوكرانيا، وفق سوبونينا. ما هو نظام "اليد الميتة"؟ تقول فرانس برس إن "اليد الميتة" هو نظام تحكم آلي بالأسلحة النووية طوّره الاتحاد السوفياتي إبان الحرب الباردة للتحكم بترسانته النووية. أما رويترز، تشير إلى أنه نظام قيادة روسي شبه آلي سري مصمم لإطلاق صواريخ موسكو النووية في حال النيل من قيادتها في ضربة قاضية من "عدو". تصف وكالة (تاس) الروسية النظام بأنه "نظام ردع نووي" ويوفر ضربة نووية انتقامية واسعة النطاق عند التعرض لهجوم. سُمي النظام في الاتحاد السوفياتي بـ"المحيط"، أما الدول الغربية فسمته خلال الحرب الباردة في القرن الماضي بـ"اليد الميتة". ووصفه خبير عسكري أمريكي بـ"آلة يوم القيامة". تقرير "نيويورك تايمز" في 1993، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، مقابلة مع الخبير الأمريكي في الشؤون العسكرية الروسية روس بلير، قال فيها إن روسيا تمتلك نظاماً حاسوبياً قادراً على إطلاق ترسانتها النووية تلقائياً في زمن الحرب، إذا كان القادة العسكريون ليسوا على قيد الحياة أو غير قادرين على توجيه المعركة. ووصف براون الذي أجرى عشرات المقابلات المطولة مع ضباط ومسؤولين عن الترسانة الروسية ومعداتها الملحقة، النظام بـ"آلة يوم القيامة". وأثارت المقابلة جدلاً في حينه، حول مدى صحة وجود النظام. وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية أصدرت تقريراً في 2017، أشارت فيه إلى أن أنظمة القيادة والسيطرة الروسية صُممت لأسوأ السيناريوهات. وأوضح أن تلك الأنظمة موجودة لتمكين نشر أوامر الإطلاق أثناء التعرض لهجوم نووي من خلال أنظمة عدة، بما في ذلك نظام "المحيط". "تُحافظ موسكو على نظام (المحيط) المُصمم لضمان إمكانية إصدار أمر إطلاق انتقامي عند تعرض روسيا لهجوم نووي"، وفق التقرير. في 2011، أجرى قائد قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية سيرغي كاراكاييف مقابلة مع صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" المحلية. وقال المسؤول العسكري الروسي إن نظام "المحيط" كان موجوداً في الاتحاد السوفياتي، مشيراً إلى أن "النظام يعمل ولا يزال حياً". "وصف مثير" المحلل العسكري الروسي سيرغي شاشكوف قال لبي بي سي، إن هذا النظام يسمح بإطلاق الصواريخ الباليستية النووية الروسية على أهدافها حتى لو دمرت كل مراكز القيادة، وبشكل آلي. لكن شاشكوف أبدى شكوكه حول الروايات المتعلقة بالنظام، قائلاً "لا يوجد شيء موثوق". أما سوبونينا، رأت في حديث مع بي بي سي، أن تسمية ووصف النظام "مثير" ويُذكَر في الأفلام والآداب ولدى بعض الخبراء. وقالت سوبونينا إن نظام "اليد الميتة" يعد نظام مراقبة على الأسلحة النووية لضبط هذه الأسلحة، وضمان عدم حدوث إطلاقات بالصدفة أو عن طريق الخطأ. "المصطلح نفسه لا يعكس حقيقة الأمر"، وفق سوبونينا. تحدثت الموسوعة البريطانية (بريتانيكا) عن جدل بشأن وجود النظام، وقالت إن مسؤولين سوفييت سابقين أكدوا وجود نسخة شبه آلية من النظام تنقل سلطة إطلاق الصواريخ إلى مجموعة صغيرة من ضباط الخدمة في مخبأ تحت الأرض، في حالة وقوع أزمة. وأضافت الموسوعة، أن مسؤولين آخرين نفوا ذلك أو رفضوا التعليق. وأشارت الموسوعة إلى أن كتاب "اليد الميتة: القصة غير المروية لسباق التسلح في الحرب الباردة وإرثه الخطير" الصادر عام 2010، للصحفي الأمريكي ديفيد هوفمان الحائز على جائزة بوليتزر، تضمن أدلة بشأن النظام. كيف تعمل "اليد الميتة"؟ وقال تقرير منشور في صحيفة "روسيسكايا-غازيتا"، الروسية الحكومية إن وكالات الاستخبارات الأجنبية لم تتمكن على مدى عقود من الزمن، إلا من تحديد المبادئ العامة لتشغيل النظام. يقول الخبير الأمريكي بلير في 1993، إن النظام الروسي مصمم ليُشغل من قبل قادة عسكريين في حالة الأزمات، ومن الناحية النظرية لن يبادر النظام بالتحرك إلا إذا اكتشفت أجهزة الاستشعار الخاصة به هجوماً نووياً على موسكو. "النظام يعمل دون إشراف بشري يُذكر، ويمكنه إرسال رسائل مشفرة عبر آلاف الأميال إلى القوات العسكرية، وإطلاق صواريخ نووية بدون مساعدة بشرية"، وفق بلير الذي أضاف أن النظام "عرضة للخطأ". "يُقال إن قلب النظام موجود في مخابئ عميقة تحت الأرض جنوب موسكو وفي مواقع احتياطية"، وفق نيويورك تايمز. وتضيف الصحيفة: "في حالة الطوارئ، يُرسل المسؤولون العسكريون رسالة مشفرة إلى المخابئ، مُفعّلين بذلك اليد الميتة"، في حالات أزمات معينة، ثم "يُرسل النظام إشارات منخفضة التردد عبر هوائيات تحت الأرض إلى صواريخ خاصة". بعد ذلك "تحلّق هذه الصواريخ عالياً فوق صواريخ ومواقع عسكرية الأخرى، وتعطي أوامر الهجوم إلى الصواريخ والقاذفات، وكذلك عبر محطات الراديو، إلى الغواصات في البحر". وقال موقع "ميليتاري" الذي يغطي أخبار الجيش الأمريكي، إن النظام يُطلق صاروخاً موجهاً مزوداً برأس حربي لاسلكي ينقل أوامر الإطلاق إلى القواعد النووية الروسية، حتى مع وجود تشويش لاسلكي. أما كاراكاييف قال في 2011: "عندما تكون هناك حاجة لضربة انتقامية، ولا توجد طريقة لإرسال إشارة إلى جزء من منصات الإطلاق، يمكن أن يأتي هذا الأمر من النظام". تشير وكالة "سبوتنيك" الروسية التابعة للحكومة، إلى تحديثات طرأت على النظام تمكنه من اكتشاف إطلاق صواريخ باليستية باتجاه روسيا بواسطة الأقمار الاصطناعية، وتُسرع بإصدار التعليمات للأجهزة الأخرى المسؤولة عن صد الهجوم الصاروخي. وأكد كاراكاييف أن النظام يمكنه تدمير الولايات المتحدة خلال نصف ساعة، لكنه قال "أعتقد اليوم لن تقوم روسيا ولا الولايات المتحدة بتدمير بعضهما البعض".