logo
إلى أين وصلت حرائق تركيا؟ وماذا بعد موجة الإجلاء؟

إلى أين وصلت حرائق تركيا؟ وماذا بعد موجة الإجلاء؟

الجزيرةمنذ 3 أيام
أنقرة- تشهد تركيا منذ أواخر يونيو/حزيران الماضي سلسلة حرائق غابات واسعة النطاق اجتاحت عدة ولايات في غرب البلاد وجنوبها، في واحدة من أسوأ موجات الحرائق التي عرفتها البلاد خلال السنوات الأخيرة.
وتركزت النيران في ولايات إزمير ومانيسا وبيلجيك وسكاريا وهاتاي، مدفوعة بموجة حر استثنائية ورياح عاتية ساهمت في تسريع امتدادها إلى مناطق سكنية وزراعية، وأجبرت السلطات على تنفيذ عمليات إجلاء جماعية وُصفت بأنها "الأضخم منذ سنوات".
وبحسب بيان لوكالة إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد"، فقد تم إجلاء أكثر من 50 ألف شخص من 41 بلدة وقضاء نُقلوا إلى مناطق آمنة، بينهم نحو 42 ألفا من قضاء سفري حصار في إزمير وحده، إلى جانب قرابة 3 آلاف من منطقة أكحصار في مانيسا، و1500 من 5 أحياء في هاتاي، إضافة إلى مئات آخرين من ولايات بيلجيك وسكاريا ومناطق متفرقة في شمال غرب البلاد.
جهود الإطفاء
وفي تصريحات رسمية، أكد وزير الداخلية علي يرلي كايا أن عملية الإجلاء شملت أكثر من 50 ألف مواطن، في حين أطلقت السلطات المحلية برامج إيواء عاجلة للمتضررين. كما كشفت وزارة الصحة أن 46 شخصا يتلقون العلاج في المستشفيات بسبب استنشاق الدخان أو إصابات متفرقة، من بينهم حالة واحدة حرجة، في حين أُصيب 21 آخرون بإصابات طفيفة تم علاجها ميدانيا.
ورغم حجم الكارثة، لم تسجل حتى الآن أي وفيات، سواء بين المدنيين أو فرق الإطفاء، بحسب بيانات رسمية صادرة عن الحكومة. وأعلنت وزارة الزراعة والغابات، أمس الأربعاء، عن تحقيق "تقدم كبير" في عمليات الإخماد، إذ تمت السيطرة الكاملة على الحرائق في عدد من المناطق، منها مندريس وسفري حصار في إزمير، ومعظم مناطق مانيسا وبيلجيك، في حين تستمر الجهود لإخماد الجيوب المتبقية في ولاية هاتاي، التي وصفت بأنها "الأكثر تعقيدا".
كما أفادت الوزارة أن أكثر من ألف عنصر من فرق الإطفاء والغابات والدفاع المدني والمتطوعين، يشاركون في جهود الإخماد، مدعومين بـ4 طائرات، و10 مروحيات، و106 آليات برية متخصصة.
ووفق تصريحات رسمية، استجابت فرق الإطفاء خلال الأيام الثلاثة الماضية لـ263 حريقا في مناطق مختلفة، نجحت في السيطرة على 259 منها حتى مساء الاثنين الماضي.
ومن أبرز هذه الحرائق ما وقع قرب بلدة تاراكلي في ولاية سكاريا، حيث امتدت النيران إلى أراض مجاورة في ولاية بيلجيك، ما استدعى تدخل أكثر من 950 عنصر إطفاء و174 مركبة، إلى جانب 6 طائرات ومروحية واحدة. وقد أسفر الحريق عن تدمير نحو 35 كيلومترا مربعا من الغابات، ودفع السلطات إلى إجلاء 13 قرية احترازيا، بينها 11 في بيلجيك واثنتان في سكاريا.
في السياق ذاته، تمكنت فرق الإطفاء من السيطرة على عدة حرائق في ولايات أخرى، بينها حريق في منطقة بودروم السياحية التابعة لولاية موغلا، التهم أكثر من 4 هكتارات من الغابات قبل أن يتم احتواؤه، إضافة إلى حريق آخر في منطقة بوزياز بإقليم مرسين جنوبي البلاد.
أما في ولاية إزمير، فقد كشفت التقييمات الأولية عن تضرر عشرات المباني، إذ دمرت النيران 132 منزلا ومحلا تجاريا في قضاء سفري حصار، بينما سُجل تدمير 64 منزلا و3 محال تجارية و20 حظيرة في ولاية بيلجيك.
ويرى الخبير في إدارة الأزمات خورشيد يورولماز أن سرعة الرياح وتعدد بؤر النيران في وقت متزامن شكلا أبرز التحديات التي واجهت فرق الإطفاء والإجلاء خلال موجة الحرائق الأخيرة، وهذا زاد من صعوبة السيطرة الميدانية وشتت الجهود البشرية والجوية على مساحات جغرافية واسعة.
وأضاف يورولماز للجزيرة نت أن الفرق الميدانية واجهت أيضا صعوبات لوجيستية في بعض المناطق الريفية، بسبب وعورة التضاريس وضعف البنية التحتية لشبكات الاتصالات، ما أثر على سرعة التنسيق والاستجابة.
ورغم التعبئة الكبيرة التي نفذتها الدولة، ذكر الخبير أن نظام الإنذار المبكر وتوزيع الموارد الجوية والبرية لم يكن دائما مواكبا لسرعة تطور الحرائق، لا سيما في ولايات مثل بيلجيك التي لم تُصنف تقليديا ضمن المناطق عالية الخطورة.
ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرائق، أعلنت السلطات التركية حالة الطوارئ في المناطق المتضررة، ووصفت الوضع بـ"الخطير"، في ظل اتساع رقعة النيران وتهديدها للمناطق السكنية. وفي بيان عقب اجتماع لمجلس الوزراء الثلاثاء الماضي، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن الدولة حشدت كل إمكاناتها لمواجهة الأزمة.
وفي إطار الإجراءات العاجلة، أعلنت الرئاسة التركية تخصيص 60 مليون ليرة كمساعدات فورية، وزعت بالتساوي بين ولايتي إزمير وبيلجيك، في حين فُعّل قرار "التأثير على الحياة العامة" في الولايتين لتسريع تقديم التعويضات وتسهيل التدخلات الرسمية.
استجابة الدولة
من جانبه، أشار وزير الزراعة والغابات إبراهيم يوماكلي إلى أن أردوغان يتابع تطورات الميدان لحظة بلحظة، وأجرى عدة اتصالات للاطلاع على جهود الإخماد، مشددا على ضرورة تقديم كافة أشكال الدعم للمناطق المتضررة.
أما وزير الصحة كمال مميش أوغلو، فدعا المواطنين إلى تجنب مناطق الدخان الكثيف، والالتزام بتعليمات الطوارئ، مثنيا على أداء الكوادر الطبية التي تواصل رعاية المصابين. وأكد أن الإصابات المسجلة حتى الآن "طفيفة ولا تدعو للقلق".
كما شملت استجابة الدولة فتح تحقيقات جنائية واسعة للوقوف على الأسباب المحتملة لاندلاع الحرائق. وأعلن وزير العدل، يلماز تونج، أن المؤشرات الأولية تظهر وجود شبهات قوية بأن بعضها قد أُشعل عمدا، مؤكدا توقيف 31 شخصا للاشتباه في ضلوعهم، أحيل 10 منهم إلى الحبس الاحتياطي بانتظار استكمال التحقيقات.
من جهته، شدد أردوغان على أن الأجهزة الأمنية والقضائية ستتعامل بحزم مع كل من يثبت تورطه في إشعال الحرائق أو الإهمال الذي أدى إلى اندلاعها، مشيرا إلى أن التحقيقات ستطال كل السلوكيات المشبوهة، وأن الدولة ستتشدد في تطبيق العقوبات الرادعة لردع أي محاولة تكرار.
في السياق، قال الباحث البيئي في جامعة يلدريم عثمان كورتولوش إن موجة الحرائق الأخيرة في تركيا ترتبط بوضوح ب تغير المناخ ، موضحا أن ارتفاع درجات الحرارة وتراجع الرطوبة باتا يشكلان بيئة مثالية لاشتعال النيران واتساع رقعتها، خاصة في أشهر مثل يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول.
وأضاف للجزيرة نت أن الجفاف المتزايد وسرعة الرياح خلقا ما يعرف بـ"ظروف الحريق الشديدة"، وهو ما يفسر سرعة انتشار النيران في ولايات مثل إزمير وبيلجيك هذا العام.
وحسب كورتولوش، فإن استمرار هذا النمط المناخي قد يجعل مواسم الحرائق أكثر تكرارا وحدّة في المستقبل، ما لم تتخذ إجراءات جدية، أبرزها تعزيز أنظمة الإنذار المبكر والتأهب المجتمعي، إلى جانب تقليل العوامل المسببة ل لاحتباس الحراري.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بالصور.. حرائق وفيضانات في العالم تخلف عشرات القتلى
بالصور.. حرائق وفيضانات في العالم تخلف عشرات القتلى

الجزيرة

timeمنذ 9 ساعات

  • الجزيرة

بالصور.. حرائق وفيضانات في العالم تخلف عشرات القتلى

شهدت مناطق عديدة في العالم كوارث طبيعية، منها اندلاع حرائق في الغابات والأحراش في عدة دول بقارات مختلفة، كما شهدت بلدان أخرى فيضانات كان بعضها مدمرا، وأدى إلى مقتل عشرات الأشخاص. فقد اندلعت مئات الحرائق في سوريا وتركيا واليونان وفرنسا، وأتت على مساحات كبيرة من الغابات، ففي سوريا مثلا لا تزال الحرائق تشتعل لليوم الرابع في مناطق عدة بريف اللاذقية ، وسط مخاوف من تفاقم الكارثة البيئية والإنسانية، بعد احتراق أكثر من 5600 هكتار من الأراضي الزراعية والغابات، وفقا لوزير الطوارئ والكوارث في سوريا رائد الصالح. أما في أميركا فقد كان الوضع مختلفا، حيث اجتاحت فيضانات وسيول جارفة مناطق بولاية تكساس جنوبي البلاد أمس السبت، مما أدى إلى مصرع 50 شخصا، منهم 15 طفلا، وفق السلطات المحلية، ولا يزال رجال الإنقاذ يواصلون عمليات البحث عن مفقودين. هذه الصور تكشف جوانب من الفيضانات والحرائق التي لا يزال بعضها خارج السيطرة:

ارتفاع حصيلة ضحايا الحرائق في تركيا
ارتفاع حصيلة ضحايا الحرائق في تركيا

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

ارتفاع حصيلة ضحايا الحرائق في تركيا

توفي عامل غابات أصيب في حريق بمحافظة إزمير في غرب تركيا متأثرا بجروحه، ما يرفع حصيلة الوفيات إلى 3، في حين أكد وزير الزراعة السيطرة على الحرائق. ونجت تركيا من موجات الحر الأخيرة التي ضربت بقية جنوب أوروبا، لكن عناصر الإطفاء كافحوا أكثر من 600 حريق غذتها رياح عاتية خلال الأسبوع الماضي في الدولة التي تعاني جفافا. وأودى الحريق في منطقة أوديميس، على بعد حوالي 100 كيلومتر شرق مدينة إزمير السياحية الخميس، بحياة رجل طريح الفراش يبلغ 81 عاما وعامل غابات يبلغ 39 عاما. وقال وزير الزراعة والغابات إبراهيم يوماكلي على منصة "إكس" إن عاملا آخر "أصيب أثناء مكافحة الحريق في أوديميس وكان يتلقى العلاج في المستشفى، قد توفي". وأضاف أنه تمت السيطرة على حريق أوديميس بحلول مساء الجمعة إلى جانب 6 حرائق غابات أخرى، معظمها في غرب ووسط تركيا، رغم أن رجال الإطفاء ما زالوا يحاولون السيطرة على حريق في منطقة دورتيول الساحلية الجنوبية في محافظة هاتاي. وفي مقطع فيديو على منصة "إكس" قال رئيس بلدية أوديميس مصطفى توران إن الحريق دمر حوالى 5 آلاف هكتار من الأراضي. وتابع "وصل الحريق بعنف إلى هذه المنطقة، ولم يتبق شيء ليحترق. تحول حوالي 5 آلاف هكتار إلى رماد". والاثنين الماضي، أجلى رجال الإنقاذ أكثر من 50 ألف شخص جراء سلسلة حرائق. ووفقا للأرقام المنشورة على موقع النظام الأوروبي لمعلومات حرائق الغابات اندلع 96 حريق غابات في تركيا حتى الآن هذا العام، دمرت أكثر من 49 ألفا و652 هكتارا من الأراضي. ويقول الخبراء إن تغير المناخ الناجم عن الأنشطة البشرية يتسبب في حرائق غابات وكوارث طبيعية أخرى أكثر تواترا وكثافة، وحثوا تركيا على اتخاذ تدابير لمعالجة هذه المشكلة.

إلى أين وصلت حرائق تركيا؟ وماذا بعد موجة الإجلاء؟
إلى أين وصلت حرائق تركيا؟ وماذا بعد موجة الإجلاء؟

الجزيرة

timeمنذ 3 أيام

  • الجزيرة

إلى أين وصلت حرائق تركيا؟ وماذا بعد موجة الإجلاء؟

أنقرة- تشهد تركيا منذ أواخر يونيو/حزيران الماضي سلسلة حرائق غابات واسعة النطاق اجتاحت عدة ولايات في غرب البلاد وجنوبها، في واحدة من أسوأ موجات الحرائق التي عرفتها البلاد خلال السنوات الأخيرة. وتركزت النيران في ولايات إزمير ومانيسا وبيلجيك وسكاريا وهاتاي، مدفوعة بموجة حر استثنائية ورياح عاتية ساهمت في تسريع امتدادها إلى مناطق سكنية وزراعية، وأجبرت السلطات على تنفيذ عمليات إجلاء جماعية وُصفت بأنها "الأضخم منذ سنوات". وبحسب بيان لوكالة إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد"، فقد تم إجلاء أكثر من 50 ألف شخص من 41 بلدة وقضاء نُقلوا إلى مناطق آمنة، بينهم نحو 42 ألفا من قضاء سفري حصار في إزمير وحده، إلى جانب قرابة 3 آلاف من منطقة أكحصار في مانيسا، و1500 من 5 أحياء في هاتاي، إضافة إلى مئات آخرين من ولايات بيلجيك وسكاريا ومناطق متفرقة في شمال غرب البلاد. جهود الإطفاء وفي تصريحات رسمية، أكد وزير الداخلية علي يرلي كايا أن عملية الإجلاء شملت أكثر من 50 ألف مواطن، في حين أطلقت السلطات المحلية برامج إيواء عاجلة للمتضررين. كما كشفت وزارة الصحة أن 46 شخصا يتلقون العلاج في المستشفيات بسبب استنشاق الدخان أو إصابات متفرقة، من بينهم حالة واحدة حرجة، في حين أُصيب 21 آخرون بإصابات طفيفة تم علاجها ميدانيا. ورغم حجم الكارثة، لم تسجل حتى الآن أي وفيات، سواء بين المدنيين أو فرق الإطفاء، بحسب بيانات رسمية صادرة عن الحكومة. وأعلنت وزارة الزراعة والغابات، أمس الأربعاء، عن تحقيق "تقدم كبير" في عمليات الإخماد، إذ تمت السيطرة الكاملة على الحرائق في عدد من المناطق، منها مندريس وسفري حصار في إزمير، ومعظم مناطق مانيسا وبيلجيك، في حين تستمر الجهود لإخماد الجيوب المتبقية في ولاية هاتاي، التي وصفت بأنها "الأكثر تعقيدا". كما أفادت الوزارة أن أكثر من ألف عنصر من فرق الإطفاء والغابات والدفاع المدني والمتطوعين، يشاركون في جهود الإخماد، مدعومين بـ4 طائرات، و10 مروحيات، و106 آليات برية متخصصة. ووفق تصريحات رسمية، استجابت فرق الإطفاء خلال الأيام الثلاثة الماضية لـ263 حريقا في مناطق مختلفة، نجحت في السيطرة على 259 منها حتى مساء الاثنين الماضي. ومن أبرز هذه الحرائق ما وقع قرب بلدة تاراكلي في ولاية سكاريا، حيث امتدت النيران إلى أراض مجاورة في ولاية بيلجيك، ما استدعى تدخل أكثر من 950 عنصر إطفاء و174 مركبة، إلى جانب 6 طائرات ومروحية واحدة. وقد أسفر الحريق عن تدمير نحو 35 كيلومترا مربعا من الغابات، ودفع السلطات إلى إجلاء 13 قرية احترازيا، بينها 11 في بيلجيك واثنتان في سكاريا. في السياق ذاته، تمكنت فرق الإطفاء من السيطرة على عدة حرائق في ولايات أخرى، بينها حريق في منطقة بودروم السياحية التابعة لولاية موغلا، التهم أكثر من 4 هكتارات من الغابات قبل أن يتم احتواؤه، إضافة إلى حريق آخر في منطقة بوزياز بإقليم مرسين جنوبي البلاد. أما في ولاية إزمير، فقد كشفت التقييمات الأولية عن تضرر عشرات المباني، إذ دمرت النيران 132 منزلا ومحلا تجاريا في قضاء سفري حصار، بينما سُجل تدمير 64 منزلا و3 محال تجارية و20 حظيرة في ولاية بيلجيك. ويرى الخبير في إدارة الأزمات خورشيد يورولماز أن سرعة الرياح وتعدد بؤر النيران في وقت متزامن شكلا أبرز التحديات التي واجهت فرق الإطفاء والإجلاء خلال موجة الحرائق الأخيرة، وهذا زاد من صعوبة السيطرة الميدانية وشتت الجهود البشرية والجوية على مساحات جغرافية واسعة. وأضاف يورولماز للجزيرة نت أن الفرق الميدانية واجهت أيضا صعوبات لوجيستية في بعض المناطق الريفية، بسبب وعورة التضاريس وضعف البنية التحتية لشبكات الاتصالات، ما أثر على سرعة التنسيق والاستجابة. ورغم التعبئة الكبيرة التي نفذتها الدولة، ذكر الخبير أن نظام الإنذار المبكر وتوزيع الموارد الجوية والبرية لم يكن دائما مواكبا لسرعة تطور الحرائق، لا سيما في ولايات مثل بيلجيك التي لم تُصنف تقليديا ضمن المناطق عالية الخطورة. ومنذ اللحظة الأولى لاندلاع الحرائق، أعلنت السلطات التركية حالة الطوارئ في المناطق المتضررة، ووصفت الوضع بـ"الخطير"، في ظل اتساع رقعة النيران وتهديدها للمناطق السكنية. وفي بيان عقب اجتماع لمجلس الوزراء الثلاثاء الماضي، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن الدولة حشدت كل إمكاناتها لمواجهة الأزمة. وفي إطار الإجراءات العاجلة، أعلنت الرئاسة التركية تخصيص 60 مليون ليرة كمساعدات فورية، وزعت بالتساوي بين ولايتي إزمير وبيلجيك، في حين فُعّل قرار "التأثير على الحياة العامة" في الولايتين لتسريع تقديم التعويضات وتسهيل التدخلات الرسمية. استجابة الدولة من جانبه، أشار وزير الزراعة والغابات إبراهيم يوماكلي إلى أن أردوغان يتابع تطورات الميدان لحظة بلحظة، وأجرى عدة اتصالات للاطلاع على جهود الإخماد، مشددا على ضرورة تقديم كافة أشكال الدعم للمناطق المتضررة. أما وزير الصحة كمال مميش أوغلو، فدعا المواطنين إلى تجنب مناطق الدخان الكثيف، والالتزام بتعليمات الطوارئ، مثنيا على أداء الكوادر الطبية التي تواصل رعاية المصابين. وأكد أن الإصابات المسجلة حتى الآن "طفيفة ولا تدعو للقلق". كما شملت استجابة الدولة فتح تحقيقات جنائية واسعة للوقوف على الأسباب المحتملة لاندلاع الحرائق. وأعلن وزير العدل، يلماز تونج، أن المؤشرات الأولية تظهر وجود شبهات قوية بأن بعضها قد أُشعل عمدا، مؤكدا توقيف 31 شخصا للاشتباه في ضلوعهم، أحيل 10 منهم إلى الحبس الاحتياطي بانتظار استكمال التحقيقات. من جهته، شدد أردوغان على أن الأجهزة الأمنية والقضائية ستتعامل بحزم مع كل من يثبت تورطه في إشعال الحرائق أو الإهمال الذي أدى إلى اندلاعها، مشيرا إلى أن التحقيقات ستطال كل السلوكيات المشبوهة، وأن الدولة ستتشدد في تطبيق العقوبات الرادعة لردع أي محاولة تكرار. في السياق، قال الباحث البيئي في جامعة يلدريم عثمان كورتولوش إن موجة الحرائق الأخيرة في تركيا ترتبط بوضوح ب تغير المناخ ، موضحا أن ارتفاع درجات الحرارة وتراجع الرطوبة باتا يشكلان بيئة مثالية لاشتعال النيران واتساع رقعتها، خاصة في أشهر مثل يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول. وأضاف للجزيرة نت أن الجفاف المتزايد وسرعة الرياح خلقا ما يعرف بـ"ظروف الحريق الشديدة"، وهو ما يفسر سرعة انتشار النيران في ولايات مثل إزمير وبيلجيك هذا العام. وحسب كورتولوش، فإن استمرار هذا النمط المناخي قد يجعل مواسم الحرائق أكثر تكرارا وحدّة في المستقبل، ما لم تتخذ إجراءات جدية، أبرزها تعزيز أنظمة الإنذار المبكر والتأهب المجتمعي، إلى جانب تقليل العوامل المسببة ل لاحتباس الحراري.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store