
تراكم النتائج العكسية للعدوان على اليمن.. القاذفات الشبحية تنضمُّ إلى فضيحة انهيار الردع الأمريكي
لا تزال أصداءُ الفشل الأمريكي في مواجهة جبهة الإسناد اليمنية لغزة، تتسعُ بعد مرور شهر كامل على بدء العدوان الذي شنته إدارة ترامب في منتصف مارس الماضي، توازيًا مع استئناف الإبادة الجماعية في غزة، حَيثُ أكّـدت تقارير أمريكية جديدة أن واشنطن لم تفشل فحسب في تحقيق أهدافها العملياتية التي تحولت إلى آمال تستنزف الموارد العسكرية بلا طائل، بل فشلت حتى في تحقيق الأهداف الاستعراضية من خلال حشد أساطيلها وقاذفاتها الشبحية؛ الأمر الذي يجعل الإخفاقَ أشدَّ تأثيرًا.
الفشل العملياتي يغذي مخاوف استنزاف الموارد:
نشرت مجلة 'أمريكان كونسيرفاتيف' الأمريكية، اليوم الأربعاء، تقريرًا جديدًا سلطت فيه الضوء على المخاوف المُستمرّة من استنزاف موارد الجيش الأمريكي في العدوان على اليمن، بدون تحقيق أية نتائج، وخُصُوصًا الصواريخ والذخائر التي يصعُبُ تجديدُ مخزوناتها بسرعة؟؛ الأمر الذي يشير إلى أن استمرار العدوان بات يشكّل ضغطًا متزايدًا على واشنطن نفسها.
ووَفقًا للمجلة فقد 'بات واضحًا أن الولايات المتحدة تستخدم صواريخها وتنفقها بوتيرة أسرع من قدرتها على إنتاجها' وعن المحلل الدفاعي مايكل فريدنبرغ، قوله: إنه بسَببِ ذلك فَــإنَّ 'الولايات المتحدة بعيدة كُـلّ البُعد عن الاستعداد للانخراط بثقة في صراع مباشر مستدام مع منافس مثل الصين'.
وذكّرت المجلة بأن إدارة بايدن خلال محاولتها إيقافَ الحصار البحري على الملاحة الصهيونية 'أنفقت من الصواريخ والذخيرة أكثر مما تم استخدامه في أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية'، بما في ذلك أكثر من 3 % من ترسانة صواريخ (توماهوك) الأمريكية، وَفقًا للباحث جيم فين من مؤسّسة هيريتيج البحثية.
وقال فين: 'في أية حرب ضد الصين، تُعد هذه الذخائر بالغة الأهميّة' مُشيرًا إلى أن اليمنيين 'أثبتوا أنهم يُشكلون مشكلة مُلحة للولايات المتحدة وحلفائها، وَإذَا تطلب الأمر مئات الصواريخ لصد هجماتهم – بنجاح محدود – فسيتطلب الأمر المزيد لمواجهة التهديد الصيني' مُشيرًا إلى أن 'المشكلة ستكون أخف لو كانت الولايات المتحدة تقوم بتجديد مخزوناتها من الذخائر المكلفة في الوقت المناسب، لكنها لا تفعل ذلك' حسب قوله.
ونقلت المجلة عن دان جرازيير، مدير برنامج إصلاح الأمن القومي في مركز 'ستيمسون' الأمريكي للأبحاث، قوله: إن محاربة اليمن بترسانة تبلغ قيمتها تريليون دولار يشكِّلُ 'حماقةً استراتيجيةً وهدرًا للموارد' معتبرًا أن هذه المشكلة أكبر في نظره من مشكلة الاستعداد للصراع مع الصين.
وقال جرازيير: 'ننفق ثروةً على بناء قوةٍ لأسوأ الاحتمالات، فنحصل على جيشٍ ضخمٍ مُنتفخٍ بكل هذه الأسلحة المتطورة التي تكلف ثروةً طائلة ولا تعمل بالكفاءة التي توقعها أحد، ولكن ينتهي بنا الأمر إلى خوض سيناريو أقل شدةً بكثير مما خططنا له.. فهناك تفاوتٌ ماليٌّ كبير، حَيثُ نرسل صاروخًا بقيمة مليونَي دولار لهزيمة طائرةٍ مُسيّرةٍ بقيمة ألف دولار، وهذا أمرٌ مُثيرٌ للسخرية'.
وخَلُصَت المجلة إلى أنه، في ظل هذه المخاوف فَــإنَّ 'ما يفعلُه الجيشُ الأمريكي في البحر الأحمر الآن ليس ذكيًّا على الإطلاق'.
وكما يتضحُ من خلال تقرير المجلة الأمريكية فَــإنَّ المخاوف بشأن استنزاف موارد الجيش الأمريكي لا تتمحور فقط حول ارتفاعِ التكاليف وعدمِ القدرة على تجديد المخزونات، بل يعتبر العامل الأَسَاسي في هذه المخاوف هو عدم تحقيق أية إنجازات عملياتية؛ لأَنَّ ذلك يعني استمرارَ العدوان لفترة أطولَ، وبالتالي استهلاك المزيد من الذخائر بلا طائل.
ومن خلال استمرار التعبير بصراحة عن المخاوف، يتضح أن دعايات إدارة ترامب حول تحقيق إنجازات مزيَّفة في اليمن، لا تحظَى بأي تصديق داخلَ الولايات المتحدة، وهو ما يعني أن استمرارَ العدوان سيشكِّلُ ضغطًا متزايدًا على واشنطن نفسها، بدلًا عن الضغطِ على صنعاء والقوات المسلحة اليمنية؛ لأَنَّ تزايُدَ الانتقادات وانكشاف التكاليف الهائلة (التي بلغت أكثرَ من مليار دولار في أَقَلَّ من ثلاثة أسابيعَ) سيُجبِرُ الإدارَةَ الأمريكية على تقديم إجابات، ولن تكون إجاباتٍ مقنعةً؛ لأَنَّها لا تنطوي على تحقيق الأهداف المعلَنة.
وقد عبرت تقارير أمريكية نشرتها مجلتا 'ناشيونال إنترست' و'اتلانتك' الأمريكيتان مؤخّرًا عن مخاوفَ صريحة من تحول العدوان الأمريكي على اليمن إلى 'فضيحة' وإلى 'نكسة جديدة' تشبه ما حصل في أفغانستان؛ بسَببِ غياب الإنجازات مع تراكم التكاليف والخسائر وإنهاك القوات الأمريكية.
القاذفات الشبحية تنضمُّ إلى حاملات الطائرات في فضيحة سقوط الردع الأمريكي:
والحقيقةُ أن ملامحَ هذه 'الفضيحة' وَ'النكسة' قد برزت فِعْلًا، من خلال هزيمة البحرية الأمريكية في الجولة السابقة أمام اليمن، لكنها تزايدت الآن مع محاولة إدارة ترامب ترميمَ تلك الهزيمة، حَيثُ انضمَّت قاذفاتُ الشبح (بي-2) إلى حاملات الطائرات والسفن الحربية في قصة سقوط الردع الأمريكي أمام اليمن، وفتح الفشل الجديد البابَ أمام مناقشات غير مسبوقة بشأن فعالية القاذفات الشبحية، مثلما فتح الفشلُ السابقُ بابَ الحديث عن انتهاء عصر حاملات الطائرات.
وقالت مجلة 'ناشيونال إنترست' الأمريكية، أمس الثلاثاء: إن 'إرسالَ سِتِّ قاذفات (بي -2) إلى قاعدة 'دييغو غارسيا' في المحيط الهندي واستخدامها في العدوان على اليمن، كاستعراض للقوة، فشل في إيصال رسائل 'الردع' التي أرادت إدارةُ ترامب توجيهَها لصنعاء'، مشيرة إلى أن 'الحقيقَة الثابتة هي أنه بعد أكثرَ من عام ونصف عام من التدخل البحري الأمريكي، لا يزال اليمنيون أقوياء' الأمر الذي يجعلُ وجودَ القاذفات الشبحية 'مُجَـرّدَ فرصة باهظة الثمن لالتقاط الصور' حسب تعبير المجلة التي أضافت أَيْـضًا أن 'الأمرَ أشبهُ بوجود هذه القاذفات في متحف؛ لأن الرسالة لم تصل'.
ويشكِّلُ هذا التناولُ نتيجةً عكسيةً مهمةً للعدوان الأمريكي الجديد الذي كان من أهدافه إعادةُ ترميم سُمعة البحرية الأمريكية وحاملات الطائرات التي انهارت سُمعتها خلال العام الماضي، وهو ما يعني أن إدارةَ ترامب لم تستطع فعلًا الخروجَ من المأزِق الذي عاشته سابقتها بل إنها تساهمُ في توسيعِ ذلك المأزِق وتداعياته بشكل أكبر، حَيثُ يشكّل سقوطُ هيبة القاذفات الشبحية ضربةً مهمةً لن يمر وقتٌ طويلٌ قبل أن يبدأ المحللون الأمريكيون بالحديث بصراحة عن خطر استفادة خصومِ الولايات المتحدة منها؛ الأمر الذي يؤكّـد أن العدوانَ على اليمن يتحول بالفعل إلى 'فضيحة' و'نكسة' تأريخيةٍ لأمريكا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليوم السابع
منذ 24 دقائق
- اليوم السابع
القاهرة الإخبارية: تحديات أمام مشروع قانون الإنفاق الأمريكى بالكونجرس قد تؤخره
قال رامى جبر، مراسل قناة القاهرة الإخبارية، إن مشروع قانون الإنفاق الفيدرالى والضرائب الذى صوت عليه مجلس النواب بأغلبية ضئيلة، قد يواجه صعوبات أكبر فى مجلس الشيوخ الأمريكي ، خاصة مع وجود بعض الجمهوريين الذين أعلنوا رفضهم القانون أو طلبوا تعديلات جوهرية. وأوضح جبر أن الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ يسعون أيضًا إلى إدخال تعديلات عدة على القانون، خاصة المتعلقة بالتخفيضات الضريبية التى يرونها غير عادلة وزيادة الإنفاق على الدفاع والهجرة. وأضاف جبر، خلال رسالة له على الهواء، أن مجلس الشيوخ قد يرسل القانون بعد إدخال تعديلات إلى مجلس النواب مرة أخرى للتصويت على التعديلات، مما قد يطيل عملية إقرار القانون ويجعلها أكثر تعقيدًا. وأشار إلى أن هذا التأخير قد يؤثر على الجدول الزمنى لتطبيق القانون، خصوصًا مع اقتراب الانتخابات والضغوط السياسية المتزايدة على الكونغرس لإيجاد حلول وسط. وفى ختام حديثه، أكد جبر أن مشروع القانون، رغم وصف ترامب له بأنه "كبير وجميل"، ما زال يواجه مسيرة صعبة داخل البرلمان الأمريكى، حيث تتصارع المصالح الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهو ما يجعل مصير القانون معلقًا حتى يتمكن الطرفان من التوصل إلى توافق شامل يرضى جميع الأطراف.


المشهد العربي
منذ 36 دقائق
- المشهد العربي
ترامب يوصي بفرض تعريفات 50% على أوروبا بعد تعثر المفاوضات
أوصى الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، اعتبارًا من الأول من يونيو 2025. وبرر ترامب قراره بأن المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي لا تحقق أي تقدم، مؤكدًا في الوقت ذاته عدم فرض التعريفة إذا تم تصنيع المنتج في الولايات المتحدة. وأوضح ترامب في منشور له على منصته "تروث سوشيال" أن الاتحاد الأوروبي، الذي وصفه بأنه "أساسًا لاستغلال الولايات المتحدة تجاريًا"، كان "صعبًا للغاية في التعامل". وذكر أن ذلك يعود إلى "حواجزه التجارية، وضرائب القيمة المضافة وعقوباته الباهظة على الشركات وحواجزه التجارية غير النقدية وتلاعباته النقدية، ودعاواه القضائية غير العادلة وغير المبررة ضد الشركات الأمريكية". وأضاف أن هذه العوامل، وغيرها، أدت إلى عجز تجاري مع الولايات المتحدة "يتجاوز 250 مليون دولار سنويًا وهو رقم غير مقبول نهائيًا". ويُعتقد أن ترامب قد أخطأ في كتابة الرقم، حيث إن العجز التجاري تجاوز 235 مليار دولار في عام 2024.


بوابة الأهرام
منذ 41 دقائق
- بوابة الأهرام
ترامب يهدد الاتحاد الأوروبي بـ50% من الرسوم الجمركية اعتبارا من يونيو
أ ف ب هدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي الجمعة بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 % على المنتجات الأوروبية المستوردة إلى الولايات المتحدة اعتبارا من الأول من يونيو، قائلا إن المفاوضات الجارية "تراوح مكانها". موضوعات مقترحة وكتب ترامب في منشور على منصته الاجتماعية تروث سوشال "من الصعب جدا التعامل مع الاتحاد الأوروبي الذي أُنشئ في المقام الأول لاستغلال الولايات المتحدة تجاريا (...) مناقشاتنا تراوح مكانها. وفي ظل هذه الظروف، أوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 % على الاتحاد الأوروبي، اعتبارا من الأول من يونيو. وما من رسوم جمركية على المنتجات المصنّعة في الولايات المتحدة". ومن جملة الأمور التي ندّد بها الرئيس الأمريكي، "الحواجز الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والعقوبات السخيفة على الشركات والحواجز غير الجمركية والمضاربات المالية والملاحقات غير المبرّرة والمجحفة في حقّ الشركات الأميركية"، ما تسبّب في "عجز تجاري بأكثر من 250 مليون دولار في السنة، وهو أمر غير مقبول بتاتا". وأشار ترامب مرارا إلى العجز التجاري للولايات المتحدة في المبادلات الثنائية مع أوروبا والذي يراوح بين 300 و350 مليار دولار بحسب تقديره. وبناء على معطيات ممثّل البيت الأبيض لشؤون التجارة، يقدّر العجز التجاري للولايات المتحدة في هذا المجال بحوالى 235 مليار دولار لسنة 2024، لكن المفوضية الأوروبية تعترض على هذا المجموع وتفيد من جانبها بعجز يبلغ 150 مليار يورو (حوالى 160 مليار دولار) للسلع فحسب وينخفض إلى 50 مليار يورو بعد حساب الفائض التجاري الأميركي من حيث الخدمات. وفي المعدّل، تبلغ الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأوروبية حاليا 12,5 %، مع نسبة 2,5 % كانت معتمدة قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أضيفت إليها 10 % منذ مطلع نيسان/أبريل إثر إقرار رسوم جمركية "متبادلة". واراد البيت الأبيض في بادئ الأمر فرض رسوم بنسبة 20 % على المنتجات الأوروبية، قبل الإعلان عن فترة سماح لتسعين يوما للرسوم الجمركية التي تتخطّى نسبتها 10 % ريثما تمضي المفاوضات قدما. ومن حيث المبدأ، تنتهي هذه الفترة يوليو. وخلال الأسابيع الأخيرة، أجرى المفوّض الأوروبي لشؤون التجارة ماروس سيفكوفيتش عدّة محادثات مع وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك وممثّل التجارة جيميسون غرير، لكن من دون إحراز تقدّم يُذكر. وفور تهديد الرئيس الأمريكي بالرسوم الجديدة بنسبة 50 % على المنتجات الأوروبية، هبطت البورصات في أوروبا وتراجعت خصوصا أسهم شركات السلع الفاخرة والسيارات. كما تكبّدت بورصة وول ستريت خسائر. واعتبرت برلين أن تهديدات ترامب هذه "لا تخدم أحدا".