
الإبادة الأرمنية... لكي نتعلم من الماضي يجب أن نعترف به أولا
خلال العام الماضي انضممت إلى وفد من السياسيين البريطانيين في زيارة إلى كييف للتعبير عن تضامني مع الشعب الأوكراني الشجاع، والاطلاع بنفسي على حجم الهجوم الروسي. التقيت خلال الرحلة مفوضة حقوق الطفل، التي أطلعتنا على حقيقة اختطاف 20 ألف طفل أوكراني من قبل الروس منذ بداية النزاع الأخير عام 2022. وهذا العدد يمثل فقط الأطفال المعروفين.
لقد فصل آلاف الأطفال عن عائلاتهم الأوكرانية أو من يرعاهم واقتيدوا إلى الأراضي الروسية، وفي كثير من الحالات جرى تبنيهم وتغيير أسمائهم وهويتهم الثقافية بالكامل. وفي خضم كل الفظائع التي يرتكبها الروس تعد هذه واحدة من أقلها شهرة، ولكنها بالتأكيد الأكثر شناعة. وبموجب أحكام المادة الثانية من اتفاق الإبادة الجماعية، فإن ذلك يرقى أيضاً إلى الإبادة الجماعية على أساس "نقل أطفال قسراً من مجموعة إلى أخرى".
ومع ذلك، هذا مجرد مثال واحد فقط على حالات الإبادة الجماعية التي تحدث داخل العالم الذي نعيش ضمنه الآن، في بلد يتصدر عناوين الأخبار باستمرار، وليس في زاوية بعيدة وغير معروفة من العالم خلال قرن مضى. لقد جرى تداول تهمة الإبادة الجماعية، أو في الأقل جرائم الحرب، في كثير من الأحيان ضمن سياق غزة وإسرائيل. وفي أقصى الشرق داخل الصين، لا يزال مئات الآلاف من الإيغور المسلمين يعانون داخل ما يمكن اعتباره معسكرات اعتقال، إذ يعاملون كعمال سخرة فيما تعقم النساء قسراً. وخلال عام 2021، أثبتت محاكم الإيغور الخاصة رفيعة المستوى في لندن وقوع حالات إبادة جماعية في مقاطعة شينجيانغ، على يد الحكومة الصينية.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وهناك أيضاً الأساليب التي استخدمتها أذربيجان بوحشية لتهجير السكان الأرمن المسيحيين في ناغورني كاراباخ، ومحو كل أثر لهم، بمساعدة وتحريض من تركيا وروسيا، مع إفلات واضح من العقاب من المجتمع الدولي، وكانت هذه العمليات في أقل تقدير تطهيراً عرقياً، وهو ما تفاخر به الرئيس علييف علناً. وهناك عدد من الأمثلة الأخرى.
كانت الإبادة الجماعية الأرمنية أول إبادة جماعية كبرى خلال القرن الـ20، ويمكن القول إنها الأساس الأصلي للمصطلح الذي لم يصغ في الواقع لحين وقوع الهولوكوست. لا أحد لديه عذر لعدم الاعتراف بالهولوكوست، فنحن ندرسها في المدارس. ونحن نحيي الآن على نحو متزايد عبر المجتمعات الدينية ذكرى الإبادة الجماعية للمسلمين في سريبرينيتسا خلال حروب البلقان عام 1995 ونتذكرها. نحن نصنع أفلاماً عن الإبادة الجماعية في رواندا، وتظهر في الاعتبارات المتعلقة بسياسة الهجرة المعاصرة في المملكة المتحدة.
ومع ذلك، قليلون في المملكة المتحدة يدركون ضخامة الإبادة الجماعية للأرمن أو حتى يعرفون أنها حدثت، ناهيك بمكان حدوثها. وعلى رغم وقوعها في زاوية نائية من أوروبا قبل أكثر من قرن من الزمان من اليوم فإنها كانت واحدة من أكبر الفظائع التي شهدتها فترة تفكك الإمبراطورية العثمانية. القتل الجماعي المنهجي لما يراوح بين مليون ومليون ونصف مليون أرمني، وإرسال عدد منهم في مسيرات الموت إلى الصحراء السورية، وإجبار عدد من النساء والأطفال الناجين على اعتناق الإسلام والاندماج في الأسر المسلمة.
كنا على علم بهذه الفظائع خلال ذلك الوقت، ولعب البرلمان البريطاني دوراً رئيساً في الكشف عنها وإظهارها للعالم. فقد كلفت الحكومة البريطانية بإعداد "الكتاب الأزرق البرلماني" لتوثيق أحداث الإبادة الجماعية للأرمن، وأعده السياسي والفقيه القانوني فيسكونت برايس والمؤرخ البارز أرنولد جي توينبي. ونوقشت أهوالها في البرلمان بما في ذلك مساهمة صادمة خصوصاً من رئيس أساقفة كانتربري آنذاك راندال ديفيدسون، الذي وصف التالي:
"قصص مروعة عن مذابح بالجملة، وطرد أعداد كبيرة من السكان من ديارهم في ظل ظروف لا يمكن وصفها إلا بأنها في معظم الحالات مذبحة جرت على مهل... على نطاق واسع جداً يصعب تصديقه في عصرنا الحالي، أو خلال أي وقت آخر".
سيمضي أكثر من 30 عاماً قبل أن يسن المجتمع الدولي "اتفاق منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية" [1951]، التي تضم الآن 153 دولة طرفاً وصادقت عليها المملكة المتحدة عام 1970. وبصورة منفصلة، اعترفت الآن ما لا يقل عن 31 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة وفرنسا إلى جانب الفاتيكان والبرلمان الأوروبي رسمياً بالإبادة الجماعية للأرمن. وعلى رغم سمعتها التي تفتخر بها ومشاركتها الطويلة في فضح الفظائع الدولية وملاحقة مرتكبيها قضائياً ومناصرتها لسيادة القانون الدولي، فإن المملكة المتحدة لا تزال بصورة لا تصدق ليست ضمن تلك الدول الـ31، ولا تظهر أية بشائر على أنها ستصبح واحدة منها خلال أي وقت قريب.
وبسبب هذا الإغفال، قدمت عام 2021 مشروع قانون "الاعتراف بالإبادة الجماعية للأرمن" عندما كنت لا أزال نائباً ورئيساً للمجموعة البرلمانية الشاملة المعنية بأرمينيا. وللأسف لم يتقدم مشروع القانون إلى الأمام أبداً وجعلني غير محبوب من قبل السفير التركي. ومع ذلك، لا يزال التشريع موجوداً، "جاهزاً للتطبيق" كما يصفه بوريس، ويمكن لأية حكومة بريطانية حالية أو مستقبلية أن تتبناه في أي وقت.
كانت الحجة التي طرحتها عام 2021 هي أنه لا يمكننا أن نطالب تلك القوى التي ترتكب عمليات إبادة جماعية خلال القرن الـ21 ونقف بصورة شرعية في وجهها، بينما نهمش ونتجاهل بعض أسوأ الأمثلة في القرن الـ20، التي كانت الإبادة الجماعية الأرمنية واحدة من أفظعها بلا منازع. إن الفشل في الاعتراف بإبادة الأرمن يحمل خطر إيصال رسالة خطرة مفادها الإفلات من العقاب، وأن الجريمة التي لا يعترض عليها هي جريمة يشجع عليها ضمناً أو يقلل من شأنها. قد لا يكون الأمر مقبولاً في البداية لدى الحكومة التركية ولكن الاعتراف بحدوث هذه الفظائع، وصورة من صور "الحقيقة والمصالحة" لتسوية مظالم الماضي من شأنه، في نهاية المطاف، أن يعزز مكانة الحكومات التركية وصدقيتها في المستقبل.
كان مشروع القانون الذي تقدمت به سيلزم المملكة المتحدة بالاعتراف رسمياً بالإبادة الجماعية للأرمن والانسجام مع حلفائنا الـ31 الذين فعلوا ذلك، وإقامة احتفال سنوي لإحياء ذكرى الضحايا، والاعتراف بوقائع الحدث وأهميته في مناهجنا التعليمية كما نفعل مع الإبادات الجماعية التاريخية الأخرى.
وبالنظر إلى الأوقات المضطربة التي نعيش فيها، وأنه أصبح هناك إدراك أكبر لحالات الإبادة الجماعية، وللأسف أيضاً أوسع نطاقاً من ناحية الممارسة، يبدو من غير المنطقي ألا ترغب المملكة المتحدة في معالجة هذا الظلم التاريخي على وجه السرعة. ونظراً إلى الدور المهم الذي ما زلنا نلعبه في تعزيز أهمية سيادة القانون الدولي ومراعاته، في عالم تتقاعس فيه الأنظمة القوية بصورة متزايدة عن ذلك، فإن هذا الإجراء البسيط من جانب حكومة المملكة المتحدة من شأنه أن يبعث رسالة قوية نحن في حاجة إليها الآن أكثر من أي وقت مضى. لقد كان ذلك خطأً منذ أكثر من 100 عام، وهو خطأ الآن، ونحن جميعاً ملزمون بفضحه ومنعه، وتكون الإنسانية جمعاء أضعف إذا فشلت في القيام بذلك.
تيم لوتون عضو سابق في البرلمان عن دائرة إيست وورثينغ وشورهام 1997-2024

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 3 أيام
- سعورس
التاريخ كذريعة لصناعة الشرعية
في أربعينيات القرن الماضي تعرض اليهود في أوروبا لجريمة إبادة جماعية بشعة على يد النازيين، عُرفت ب«الهولوكوست». ومع أن هذه الفاجعة شكلت صدمة للضمير العالمي، فإن استخدامها لاحقًا كذريعة لاحتلال أرض فلسطين وتهجير شعبها كان وجهًا من أوجه الاستغلال السياسي للألم الإنساني. أصبحت الهولوكوست أداة دبلوماسية وإعلامية، واستُخدمت لكسب تعاطف العالم، وإقناع الغرب بضرورة إقامة دولة يهودية. منذ ذلك الوقت صارت إسرائيل تُقدَّم بوصفها «الدولة الضحية» المحصنة ضد النقد، بينما الفلسطينيون الذين دُفعوا ثمنًا لتلك الجريمة، ولم يكونوا طرفًا فيها أصلا، غُيِّبوا عن المشهد، واعتُبروا عائقًا أمام «الخلاص اليهودي». في 7 أكتوبر 2023 شنت المقاومة الفلسطينية عملية عسكرية ضد الاحتلال، كانت غير مسبوقة في حجمها ونتائجها. إسرائيل سرعان ما حولت هذا الحدث إلى سردية عالمية عنوانها أن ما جرى هو مجزرة بحق اليهود.. هولوكوست جديدة تستدعي تدمير غزة بالكامل تحت شعار الدفاع عن النفس. المفارقة أن الدولة التي نشأت من رحم مأساة تاريخية تمارس اليوم ممارسات أقبح ممّا عاناه اليهود في أوروبا، فتقصف المستشفيات وتهدم المنازل وتحاصر المدنيين، وتقطع عنهم أدنى سبل العيش، من كهرباء وماء وغذاء، تحت غطاء من الصمت الدولي. تتكرر القصة نفسها. يتم احتكار الألم وتقديم جهة واحدة بوصفها الضحية الوحيدة، بينما يُغيب الطرف الآخر من الرواية، وتُحرَّف الأحداث عن سياقها. الاعتراف بالهولوكوست لا يعني تبرير النكبة، والتعاطف مع ضحايا الماضي لا يبرر خلق ضحايا جدد في الحاضر. إذا كان العالم جادًا في إنسانيته فلابد أن يعترف بأن كل الشعوب تستحق العدالة والحماية، لا أن تُقاس أحقيتهم بالنجاة بناءً على ديانتهم أو تحالفاتهم السياسية. آن الأوان لأن تُفتح صفحات التاريخ المغلقة، وأن تُروى القصة من كل جوانبها، فالدولة التي بُنيت على مأساة حقيقية لا يحق لها أن تعيد إنتاج المأساة نفسها ضد شعب آخر.


الوطن
منذ 3 أيام
- الوطن
التاريخ كذريعة لصناعة الشرعية
يُستخدم التاريخ دائمًا كأداة لفهم الماضي، بل كثيرًا ما يتم توظيفه لصناعة شرعية سياسية أو تبرير مشاريع توسعية. ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما قامت به الحركة الصهيونية منذ منتصف القرن العشرين حين جعلت من مأساة الهولوكوست مدخلًا لتبرير قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين. في أربعينيات القرن الماضي تعرض اليهود في أوروبا لجريمة إبادة جماعية بشعة على يد النازيين، عُرفت بـ«الهولوكوست». ومع أن هذه الفاجعة شكلت صدمة للضمير العالمي، فإن استخدامها لاحقًا كذريعة لاحتلال أرض فلسطين وتهجير شعبها كان وجهًا من أوجه الاستغلال السياسي للألم الإنساني. أصبحت الهولوكوست أداة دبلوماسية وإعلامية، واستُخدمت لكسب تعاطف العالم، وإقناع الغرب بضرورة إقامة دولة يهودية. منذ ذلك الوقت صارت إسرائيل تُقدَّم بوصفها «الدولة الضحية» المحصنة ضد النقد، بينما الفلسطينيون الذين دُفعوا ثمنًا لتلك الجريمة، ولم يكونوا طرفًا فيها أصلا، غُيِّبوا عن المشهد، واعتُبروا عائقًا أمام «الخلاص اليهودي». في 7 أكتوبر 2023 شنت المقاومة الفلسطينية عملية عسكرية ضد الاحتلال، كانت غير مسبوقة في حجمها ونتائجها. إسرائيل سرعان ما حولت هذا الحدث إلى سردية عالمية عنوانها أن ما جرى هو مجزرة بحق اليهود.. هولوكوست جديدة تستدعي تدمير غزة بالكامل تحت شعار الدفاع عن النفس. المفارقة أن الدولة التي نشأت من رحم مأساة تاريخية تمارس اليوم ممارسات أقبح ممّا عاناه اليهود في أوروبا، فتقصف المستشفيات وتهدم المنازل وتحاصر المدنيين، وتقطع عنهم أدنى سبل العيش، من كهرباء وماء وغذاء، تحت غطاء من الصمت الدولي. تتكرر القصة نفسها. يتم احتكار الألم وتقديم جهة واحدة بوصفها الضحية الوحيدة، بينما يُغيب الطرف الآخر من الرواية، وتُحرَّف الأحداث عن سياقها. الاعتراف بالهولوكوست لا يعني تبرير النكبة، والتعاطف مع ضحايا الماضي لا يبرر خلق ضحايا جدد في الحاضر. إذا كان العالم جادًا في إنسانيته فلابد أن يعترف بأن كل الشعوب تستحق العدالة والحماية، لا أن تُقاس أحقيتهم بالنجاة بناءً على ديانتهم أو تحالفاتهم السياسية. آن الأوان لأن تُفتح صفحات التاريخ المغلقة، وأن تُروى القصة من كل جوانبها، فالدولة التي بُنيت على مأساة حقيقية لا يحق لها أن تعيد إنتاج المأساة نفسها ضد شعب آخر.


Independent عربية
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- Independent عربية
"العفو الدولية: سياسات ترمب تهدد ضمانات ما بعد الحرب العالمية الثانية"
حذرت منظمة العفو الدولية في تقريرها السنوي الذي نشر اليوم الثلاثاء من أن قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان مهددة جراء "هجمات متعددة" تسارعت منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى السلطة. وأشارت منظمة العفو الدولية في معرض تقييمها لحالة حقوق الإنسان في 150 بلداً إلى أن ما يعرف بـ"تأثير ترمب" فاقم الأضرار التي ألحقها قادة آخرون حول العالم عام 2024. وقالت الأمينة العامة للمنظمة أغنيس كالامار في مقدمة التقرير، "كثيراً ما حذرت منظمة العفو الدولية من المعايير المزدوجة التي تقوض النظام القائم على القواعد"، لافتة إلى أن "ثمن الإخفاقات هائل، لا سيما فقدان الضمانات الأساسية التي وضعت لحماية الإنسانية بعد فظائع الهولوكوست والحرب العالمية الثانية". وأضافت، "بعدما زاد تضرر التعاون متعدد الأطراف عام 2024 يبدو أن إدارة ترمب اليوم عازمة على إزالة بقاياه من أجل إعادة تشكيل عالمنا وفق مبدأ مبني على الصفقات، غارق في الجشع، والمصلحة الذاتية الأنانية، وهيمنة القلة". الحاجة إلى "مقاومة منسقة" أشار التقرير إلى أن حياة ملايين الأشخاص "دمرت" عام 2024 جراء الصراعات والانتهاكات المرتكبة في الشرق الأوسط والسودان وأوكرانيا وأفغانستان، حيث لا تزال حرية المرأة مقيدة. واتهم التقرير خصوصاً بعض القوى الكبرى في العالم، مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، بـ"تقويض" مكتسبات القانون الدولي وعرقلة مكافحة الفقر والتمييز. وأكدت منظمة العفو الدولية أن هذه "الاعتداءات المتهورة والعقابية" جارية منذ سنوات عدة، إلا أن "حملة إدارة ترمب ضد الحقوق تسرع التوجهات الضارة القائمة أصلاً، وتقوض الحماية الدولية لحقوق الإنسان، وتعرض مليارات الأشخاص حول العالم للخطر". وعمدت الإدارة الأميركية الجديدة إلى تجميد المساعدات الدولية وخفض تمويل عدد من المنظمات التابعة للأمم المتحدة. وفي السياق أشارت كالامار إلى أن بداية ولاية ترمب الثانية ترافقت مع "هجمات متعددة على المساءلة في مجال حقوق الإنسان وعلى القانون الدولي والأمم المتحدة"، داعية إلى "مقاومة منسقة". "إبادة" في غزة قالت منظمة العفو الدولية، "في حين اتخذت آليات العدالة الدولية خطوات مهمة باتجاه المحاسبة في بعض الحالات، إلا أن حكومات قوية عطلت مراراً المحاولات الرامية إلى اتخاذ إجراءات ذات مغزى لإنهاء الفظائع". وأشارت في هذا المجال إلى الدول التي تحدت القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية في لاهاي ضد إسرائيل، في أعقاب شكوى قدمتها جنوب أفريقيا في شأن ارتكاب "إبادة" في حق الفلسطينيين في قطاع غزة. كذلك، انتقدت المنظمة دولاً أخرى مثل المجر، على خلفية رفضها تنفيذ أوامر الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد مسؤولين إسرائيليين، بينهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وأشار التقرير إلى أن هذه السنة ستذكر على أنها شهدت "كيف أصبح الاحتلال العسكري الإسرائيلي أكثر وقاحة وفتكاً"، و"كيف دعمت الولايات المتحدة وألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية إسرائيل". واتهمت منظمة العفو الدولية إسرائيل بـ"ارتكاب إبادة على الهواء مباشرة" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، عبر تهجير معظم السكان بالقوة وافتعال كارثة إنسانية. وقالت إن إسرائيل تصرفت بـ"قصد محدد وهو تدمير الفلسطينيين في غزة، مرتكبة بذلك إبادة". ونفت إسرائيل مراراً مثل هذه الاتهامات. بدأت الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في أعقاب هجوم غير مسبوق نفذته حركة "حماس" على جنوب إسرائيل وأسفر عن مقتل 1218 شخصاً وفق تعداد أجرته وكالة الصحافة الفرنسية بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية. وخطف خلال الهجوم 251 شخصاً، من بينهم 58 لا يزالون في غزة، وتقول إسرائيل إن 34 منهم توفوا أو قتلوا. ومنذ ذلك الحين أسفرت العمليات العسكرية الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 52 ألف شخص في غزة، معظمهم مدنيون، وفقاً لأرقام وزارة الصحة في القطاع، والتي تعدها الأمم المتحدة موثوقاً بها. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) حرب السودان من جهة أخرى سلطت منظمة العفو الدولية الضوء في تقريرها الأخير على المعاناة في السودان بسبب المجاعة والنزاع بين الجيش وقوات "الدعم السريع". وقالت المنظمة إن النزاع أدى إلى "أكبر أزمة نزوح في العالم" اليوم، حيث نزح نحو 12 مليون شخص، بينما قوبل هذا الصراع بـ"تجاهل عالمي شبه كامل". من جهة أخرى أشارت المنظمة الحقوقية إلى أن العنف والتمييز ضد النساء "تصاعد" عام 2024 في مناطق النزاعات مثل السودان، وأيضاً في أفغانستان، حيث تخضع النساء لتشريعات صارمة تقيد حريتهن في ظل حكم حركة "طالبان". وفي النهاية سلط التقرير الضوء على "الحاجة الملحة" لقيام الحكومات بمزيد من الجهود لتنظيم تقنيات الذكاء الاصطناعي لحماية حقوق الإنسان. وحذر من العدد المتزايد للحكومات التي تسيء استخدام برامج التجسس وغيرها من أدوات المراقبة ضد المعارضين.