logo
عندما ذاب "التحالف الرباعي" ضد داعش بعد سقوط الأسد (2)

عندما ذاب "التحالف الرباعي" ضد داعش بعد سقوط الأسد (2)

العربي الجديد٠٥-٠٦-٢٠٢٥
تتفق المواقف في كل من دمشق وبغداد على انتهاء "التحالف الرباعي" ضد داعش فعلياً،
بسقوط نظام بشّار الأسد
، حيث لم يعد للتحالف أي وجود فعلي على الأراضي السورية، فضلاً عن انقطاع حلقات هذا التشكيل بين دمشق من جهة وطهران وموسكو من جهة أخرى.
ولادة "التحالف الرباعي" ضد داعش
أعلنت موسكو عن "التحالف الرباعي" للمرة الأولى في نهاية سبتمبر/أيلول 2015 بين كل من روسيا والعراق وإيران، إلى جانب نظام بشّار الأسد في دمشق، لمواجهة تنظيم داعش، بعد فترة وجيزة من إعلان واشنطن عن التحالف الدولي لمواجهة التنظيم، والذي استثنى بطبيعة الحال روسيا وإيران ونظام الأسد. هذا الأمر دفع إلى اعتبار "التحالف الرباعي" موجّهاً، بالدرجة الأولى، إلى التكتل العسكري الأول الذي تزعمته الولايات المتحدة، وانخرطت فيه دول غربية وعربية عديدة، أبرزها بريطانيا وفرنسا وكندا وأستراليا وألمانيا وهولندا والسويد والأردن والسعودية وقطر، لمواجهة "داعش". وقد أسّس "التحالف الرباعي" مقرّات له في العواصم الأربع، على أن تكون بغداد المقرّ الرئيسي، بممثلين مُنتدبين، وهم ضباط من إيران وروسيا وجيش النظام السوري آنذاك، وضباط عراقيون، على أن تتولى دولة من الدول الأربع كل ثلاثة أشهر رئاسة هذا التحالف الذي دأب منذ العام 2015 على إصدار بياناتٍ عقب كل اجتماع لهم في بغداد أو خارجها، وتبنى عملياً عملياتٍ عدة قال إنه نفذها، لكنها انحصرت في المجمل داخل الجغرافيا السورية من دون العراقية.
وأشهر "التحالف الرباعي" ضد داعش عن نفسه بأنه قائم على مواجهة التنظيم، وتبادل المعلومات الأمنية والاستخبارية، وتنفيذ (وتنسيق) الهجمات على معاقل التنظيم في العراق وسورية، وملف الحدود الدولية بين العراق وسورية البالغة أكثر من 600 كيلومتر، وانتداب مستشارين من روسيا وإيران إلى العراق وسورية، ومنحهم صفة رسمية بعنوان مستشارين عسكريين.
مسؤول عسكري عراقي: لم يعلن رسمياً عن انتهاء التحالف، كونه يعني فشلاً روسياً إيرانياً، يثبت التفوّق الأميركي الغربي
ومنذ سقوط نظام بشار الأسد، في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، تلاشت الأخبار عن هذا التحالف، وتُظهر معلومات خاصة حصلت عليها "العربي الجديد" أن مقر التحالف في بناية مديرية الاستخبارات العسكرية وسط بغداد، لم يشهد أي نشاط، كما لم يصل أي مندوب روسي أو إيراني إلى مبنى المديرية. وفي السياق، أكد مسؤول عسكري عراقي في بغداد توقف أنشطة التحالف بالكامل، لكنه لا يتوقّع إعلاناً رسمياً بانتهاء التحالف الرباعي، كونه قد يعني فشلاً روسياً إيرانياً، يكون في المحصلة إثبات التفوّق الأميركي الغربي، المتمثل بالتحالف الدولي ضد "داعش" الذي تأسس بالتزامن معه التحالف الرباعي. وقال المصدر لـ"العربي الجديد"، إنه لا يعتقد بوجود رغبة روسية في إعادة تفعيل أي تعاون استخباري مع العراق ضد "داعش" حالياً، ليس بسبب تراجع قوة التنظيم وتلاشي سيطرته، إنما بسبب التغييرات الجيوسياسية في المنطقة.
أخبار
التحديثات الحية
التحالف الدولي: هدف إعادة التموضع في سورية تقويض "داعش"
واستعملت موسكو فعلياً غطاء "التحالف الرباعي" ضد داعش لرفع الحرج عن حكومة رئيس الوزراء العراقي آنذاك حيدر العبادي، في منح الطيران العسكري الروسي الإذن بالعبور من الأجواء العراقية تجاه سورية، خصوصاً بعد التوتر الروسي التركي، إثر إسقاط المقاتلات التركية مقاتلة عسكرية روسية من طراز سوخوي 24، قالت إنها دخلت أجواءها الوطنية نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2015. واعتمدت موسكو الأجواء الإيرانية ثم العراقية جسراً جوياً عسكرياً إلى دمشق، قبل أن تستخدمه إيران في قصف الأراضي السورية بالصواريخ عبر العراق أيضاً.
وباستثناء بياناته الاجتماعات الدورية، أصدر "التحالف الرباعي" ضد داعش مواقف عن تنفيذ عمليات عسكرية في حمص وتدمر وحلب ودير الزور ومناطق سورية أخرى، جميعها عبر قصف جوي، تحت طابع واحد، ضرب أهداف لـ"داعش"، غير أن البيانات هذه فضلاً عن افتقارها إلى الدقة في توصيف الأهداف التي سقط جرّاءها مدنيون سوريون، فإنها تميل إلى المبالغة أيضاً. وأعلنت غرفة التحالف الرباعي عام 2018 أنها قتلت خلال أربع سنوات "23 ألف إرهابي من داعش" بينهم 430 قيادياً" في كل من سورية والعراق، وهو ما لاقى حينها ردود فعل كثيرة مُشكّكة بتلك الأرقام.
ورداً على سؤال "العربي الجديد" بشأن مصير "التحالف الرباعي"، أجاب مسؤول سوري في وزارة الدفاع السورية في دمشق، باقتضاب، بأنه لا يعرف شيئاً عنه، و"غير مذكور أساساً في النقاشات اليومية السورية، الرسمية الأمنية والسياسية، أو اليومية عند السوريين المهتمين بالأوضاع". وأضاف طالباً عدم ذكر هويته، كونه غير مخوّل التحدث باسم الوزارة: "النظام انتهى وانتهى معه كل ما كان يرتبط بتقويته وبقائه".
استخدمت موسكو غطاء التحالف، لرفع الحرج عن بغداد، في منح طيرانها العسكري إذن العبور من العراق تجاه سورية
بالتتبع أكثر، ظهر أن مقر "التحالف الرباعي" ضد داعش في سورية، كان داخل قاعدة حميميم الروسية، شمال غربي سورية (في محافظة اللاذقية)، ما يعني أن أي أولويات أو معلومات لا تتوفر للحكومة السورية الجديدة بشأنها. وفي هذا الإطار، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي ياسر وتوت، لـ"العربي الجديد"، إن "التحالف الرباعي بين العراق وسورية وإيران وروسيا انتهى بعد سقوط نظام الأسد، ولهذا أصبح لدى العراق تنسيق ثنائي مع تلك الدول، ومنها سورية، فهناك تنسيقٌ أمني متواصل ما بين بغداد ودمشق، وحتى الزيارات الأمنية متواصلة ولن تنقطع لوجود مشتركات أمنية ما بين البلدين". وبيّن وتوت أن هدف التحالف الرباعي كان التنسيق وتبادل المعلومات بالدرجة الأولى، ولهذا أصبح من الماضي، خصوصاً وأن هناك قطيعة ما بين طهران ودمشق حالياً، والعلاقات غير جيدة بالكامل بين دمشق وموسكو، و"لهذا انتهى دور التحالف وعمله بشكل كامل، والعراق يعمل على التنسيق مع دول هذا التحالف بشكل ثنائي كحال باقي دول المنطقة والعالم".
وكان المتحدث باسم قيادة العمليات العراقية المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي،
قد صرح في يوليو/تموز 2023،
بأن "التحالف الرباعي بين روسيا وإيران والعراق وسورية، ومقرّه في وزارة الدفاع، يعمل وفق الأسس التي تشكّل لأجلها، ومواجهة التحديات الأمنية والإرهابية التي لا تزال تمثل خطراً على العراق وسورية"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "التحديات الأمنية، قلّت أو تراجعت، إلا أن ملفات مهمة لا تزال حاضرة. التنسيق والتعاون كبيران ما بين الدول الأربع المشتركة في التحالف، ونجد أن وجوده ما يزال مهماً، لضرب ما تبقى من عناصر تنظيم داعش، وتقديم الاستشارات والمعلومات لتنفيذ المهام الأمنية الدقيقة، لا سيما وأن بعض العمليات تحتاج إلى جهود مكثفة".
مهند سلوم: التحالف ظلّ غرفة ارتباط مؤقتة أملتها اللحظة العسكرية الأولى للتدخل الروسي في سورية
غرفة ارتباط
في هذا السياق، رأى أستاذ الدراسات الأمنية في معهد الدوحة للدراسات العليا، مهند سلوم، أن "ما يسمى التحالف الرباعي الذي أُعلنَ عن تأسيسه في بغداد بتاريخ 27 سبتمبر/أيلول 2015 ضد تنظيم داعش، لم يتحوَّل قطّ إلى تحالفٍ استخباري مؤسَّس، بل ظلّ غرفة ارتباط مؤقتة أملتها اللحظة العسكرية الأولى للحملة الروسية وتدخلها في سورية". وأضاف أن التحالف الرباعي دخل أساساً في فترة سبات قبل سقوط النظام بفترة كبيرة، مع تراجع التهديد الجهادي. وبعد انحسار "داعش"، اتجه كلُّ طرفٍ إلى ترتيباته الثنائية، وعادت بغداد إلى التنسيق مع التحالف الدولي، بينما كرّست موسكو وطهران تنسيقاً منفصلاً ظهر جليّاً في حملتهما المشتركة لإخراج القوات الأميركية من شرق سورية خلال عام 2023". وأوضح أنه "مع انصراف الأولويات الروسية إلى حرب أوكرانيا وبدء تقليص روسيا وجودها العسكري في سورية وسقوط الأسد وانحسار محور مليشيات إيران في المنطقة، عُدَّ التحالف الرباعي منتهياً بحلول ديسمبر 2024".
من جهته، اعتبر الخبير المختص في الشأن العسكري والاستراتيجي العراقي، أحمد الشريفي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التحالف الرباعي" ضد داعش تراجع حتى قبل سقوط نظام الأسد"، لافتاً إلى أن "العراق كان قد انضم إلى هذا التحالف في
نوع من المجاملة
مع هذه الدول التي كانت جزءاً مما يعرف بـ"المحور"، وبعد سقوط الأسد انتهى التحالف بشكل كامل ولا وجود له حالياً". وبيّن الشريفي أن "العراق خلال السنوات الماضية لم يستفد أمنياً أو عسكرياً من التحالف الرباعي، فهذا التحالف لم يكن يقدّم أي شيء ملموس للعراق على مستوى تبادل المعلومات، فرغم وجوده، كانت عمليات التسلل من الأراضي السورية نحو العراق مستمرّة من إرهابيين أو مهرّبين أو غيرهم، فالتحالف كان شكلياً وإعلامياً أكثر مما هو حقيقي وواقعي".
وأضاف الخبير المختص في الشأن العسكري والاستراتيجي، أن "العراق يحتاج حالياً إلى تحالف إقليمي يضم دول جواره، وخصوصاً سورية وتركيا، من أجل مواجهة أي تحدّيات أمنية، وهناك نية لهذه الدول، ومنها الأردن، لتفعيل دور تحالفٍ إقليمي كهذا في ظلّ التطورات الأمنية والعسكرية أخيراً في المنطقة من تحركات الكيان الصهيوني، وكذلك زيادة أنشطة تنظيم داعش في بعض المناطق السورية".
تقارير عربية
التحديثات الحية
"العربي الجديد" يجول على أطلال المليشيات العراقية في سورية (1)
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عملية أمنية لـ"قسد" و"التحالف" في دير الزور وضبط مستودع أسلحة بطرطوس
عملية أمنية لـ"قسد" و"التحالف" في دير الزور وضبط مستودع أسلحة بطرطوس

العربي الجديد

timeمنذ 4 ساعات

  • العربي الجديد

عملية أمنية لـ"قسد" و"التحالف" في دير الزور وضبط مستودع أسلحة بطرطوس

نفّذت قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، بدعم من التحالف الدولي، عملية اعتقال طاولت شخصًا يقيم في ريف محافظة دير الزور شرق سورية فجر اليوم الأحد، في حين ضبطت قوى الأمن الداخلي مستودعًا للسلاح داخل منزل لأحد المطلوبين في قرية بسورم بريف طرطوس، خلال عملية أمنية. وأوضح الناشط الإعلامي، المنحدر من ريف دير الزور، سراج الشامي، لـ"العربي الجديد"، أن العملية التي نفذتها "قوات سوريا الديمقراطية" استهدفت منزل حسين المحيسن العليوي الملقب بـ"أبو أنس" في قرية أبو النيتل شمال محافظة دير الزور، مشيرًا إلى عدم وجود تأكيدات محلية على انتمائه إلى تنظيم "داعش". وبحسب قوله، فإن مروحيات ومدرعات تابعة للتحالف الدولي شاركت في عملية المداهمة والاعتقال، وصاحب العملية تحذيرات صوتية لتسليم المطلوب نفسه من دون مقاومة. كما أوضحت شبكة فرات بوست المحلية أن الشخص المستهدف اعتقل سابقًا لدى "قسد" قبل نحو ثلاث سنوات، مشيرة إلى أنه كان عنصرًا في تنظيم "داعش" خلال فترة انتشار التنظيم في شمال دير الزور. وفي سياق متصل، أكد الشامي وصول تعزيزات عسكرية إلى مدينة دير الزور تابعة لوزارة الدفاع السورية، مشيرًا إلى حدوث اشتباكات أمس بين الأمن العام وعناصر "قسد" عند معبر مدينة العشارة في ريف دير الزور الشرقي. أخبار التحديثات الحية إصابات في صفوف "قسد" واشتباكات مع قوات الجيش شرقي سورية وأشار الشامي إلى وجود حالة توتر في مناطق دير الزور الخاضعة لسيطرة "قسد"، مشيراً إلى أن الأهالي يتطلعون إلى بسط الحكومة السورية السيطرة على مناطقهم، مؤكدًا وجود "حالة استياء شعبي" من بقاء مناطق عديدة في دير الزور تحت سيطرة "قسد". وكانت قوى الأمن العام قد أغلقت أمس معظم المعابر النهرية التي تؤدي إلى مناطق سيطرة "قسد" في محافظة دير الزور، وفق ما أشار الشامي. وفي محافظة طرطوس شمال سورية ضبطت قوى الأمن الداخلي مستودعًا للسلاح داخل منزل لأحد المطلوبين في قرية بسورم بريف المحافظة، خلال عملية أمنية استهدفت الشخص الملاحق، وفق ما أعلنت محافظة طرطوس عبر فيسبوك. وقالت وزارة الداخلية في بيان: "تمكنت قيادة الأمن الداخلي في محافظة طرطوس من ضبط مستودع يحتوي على كمية من الأسلحة والذخائر داخل منزل أحد المطلوبين في قرية بسورم بريف المحافظة، وذلك خلال عملية مداهمة نفذتها وحدة أمنية استهدفت مجرمًا ملاحقًا بقضايا أمنية". وأضافت أن العملية أسفرت "عن مصادرة الأسلحة والذخائر المضبوطة، فيما تواصل القوات الأمنية عملياتها المكثفة لإلقاء القبض على المطلوب الذي لا يزال متواريًا عن الأنظار". ضبط عبوات ناسفة في حمص إلى ذلك، نفّذ جهاز الاستخبارات العامة في سورية، بالتعاون مع قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص، عملية اعتقال طاولت المدعو محمود فاضل، وفق ما أعلنت وزارة الداخلية اليوم الأحد. وقالت الوزارة، في بيان، إن فاضل ضبط بحوزته عدد من العبوات الناسفة المعدة للاستخدام "كان يعتزم تفجيرها في المنطقة". وكشفت التحقيقات الأولية ارتباطه بخلية تابعة لحزب الله اللبناني، بحسب البيان. وأشارت الوزارة إلى أن فاضل تسلم العبوات عبر معابر التهريب غير الشرعية، وقد جرت مصادرتها، وأُحيل الموقوف إلى القضاء المختص لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه. نفّذ جهاز الاستخبارات العامة، بالتعاون مع قيادة الأمن الداخلي في محافظة حمص، عملية أمنية نوعية استباقية، أسفرت عن إلقاء القبض على المدعو محمود فاضل، وذلك بعد تعقب ومتابعة، حيث ضُبط بحوزته عدد من العبوات الناسفة الجاهزة للاستخدام، كان يعتزم تنفيذ عمليات إرهابية بها في المنطقة، — وزارة الداخلية السورية (@syrianmoi) July 13, 2025

تفجير كنيسة في دمشق ونقصان الأمن
تفجير كنيسة في دمشق ونقصان الأمن

العربي الجديد

timeمنذ يوم واحد

  • العربي الجديد

تفجير كنيسة في دمشق ونقصان الأمن

تقع كنسية مار إلياس قبالة حيّ الدويلعة جنوبي دمشق، وفيه غالبية مسيحية وخليط متعدّد من الطوائف كافّة. الحيّ شعبي بامتياز، بيوته من طابقين أو ثلاثة في معظمها، وفيه كثافة سكّانية كبيرة، يعمل معظم قاطنيه في القطاع الحكومي، وقدم سكّانه المسيحيون من مدينتَي درعا والسويداء قبل عقود طويلة، وإلى جواره حيّ الطبالة، بمواصفات مشابهة. فجّر الإرهابي (تفيد تحقيقات أولية بأنه ينتمي إلى تنظيم داعش) نفسه داخل الكنسية، بعد نفاد طلقات بندقيته، فكانت الحصيلة كارثيةً؛ 22 شهيداً وأكثر من 60 جريحاً، وضرر كبير في البناء والأيقونات والأثاث. كانت العلاقات بين الطوائف في هذا الحي في أحسن أحوالها، تندُر فيه المشكلات الطائفية، وقد طرد شبابٌ من السُّنة قبل شهر سيّارةً كانت تدعو أهالي الحي إلى الإسلام، توقّفت أمام كنسية مار إلياس تحديداً، وهذا ينسجم مع تقاليد راسخة من التعايش القديم هنا، وكان ذلك رسالةً أهلية بالغة الأهمية، أن التغيّر في الحكم في سورية لا يغيّر من العلاقات بين الطوائف، وأن المسيحيين والسُّنة أبناء هذه البلاد، بغض النظر عن مفهومَي الأقلية والأكثرية، فيمكن للسُّنة أن يكونوا حماةً للمسيحيين وسواهم. المسيحيون الآن قلقون للغاية، والعلويون والدروز كذلك، وكثيرون من أبناء الطائفة السُّنية شعر السوريون المسيحيون، كما باقي الأقلّيات، بقلقٍ كثيرٍ على مستقبلهم، بعد أحداث الساحل والمجازر بحقّ السوريين العلويين، وكذلك المجازر بحقّ السوريين الدروز، لا سيّما في أشرفية صحنايا. سكّان صحنايا في الأصل مسيحيون، بينما سكن الدروز الأشرفية التي يسكنها اليوم خليط من الطوائف والقوميات السورية. ولم تشعر الأقليات فقط بالقلق والاستياء، بل كذلك السُّنة، فالأيديولوجيا السلفية للسلطة لا تتطابق مع الإسلام المعتدل، الذي يتبنّاه معظم السُّنة في سورية. الشعور بالقلق هو من طبيعة المراحل الانتقالية، فالنظام لم يستقرّ بعد. ولكن، حين ترتبط هذه المرحلة بالخوف من أيديولوجية الحكم ومن المستقبل، تصبح لدينا إشكالية عقائدية تتعلّق بالابتعاد عن الهُويَّة الوطنية، وبالتالي، على الحكم إعادة تعريف نفسه ممثلاً وطنياً. وتأتي هذه العملية الإجرامية تهديداً للسلم الأهلي. وبالتالي، رسالة إلى الداخل السوري بأكمله. من الصواب أن تعلن السلطة الحاكمة الحداد الوطني، لتكون رسالة إلى العالم، وإلى السوريين، وللتيّار السلفي الجهادي ذاته (ينتسب كثيرون من أتباعه إلى جهازَي الأمن والجيش، ويعملون في إدارات الدولة كافّة)، إن المسيحيين جزء من الشعب السوري، وإن التعايش السلمي الذي يتضمّن الاعتراف بهم مسألة غير قابلة للنقاش. كما هي رسالة إلى المسيحيين القلقين الخائفين أن ما حصل لا يمسّهم وحدهم، بل يهدّد السوريين كافّة. لا يشعر السوريون المسيحيون بأن السلطة تحميهم، وحالهم هذا يشبه حال كثيرين من الأقلّيات، بل هو شعور السُّنة أيضاً وإن بدرجة أقلّ. هناك أسباب كثيرة للشعور بالقلق وعدم الاستقرار: غياب فرص العمل وتراجع مستويات المعيشة، وتأخّر البدء بإعادة الإعمار وبطء تدفّق الأموال إلى داخل البلاد، وطرد أعداد هائلة من العمل، وحلّ الجيش وجهاز الشرطة. أمّا أيديولوجية السلطة وتوجّهاتها السلفية فهي سبب مركزي للقلق العام؛ وقد صرّح رجال دين مسيحيون بعد التفجير إن الدولة لا تحميهم. ومع هذه العملية الإجرامية، سيتضاعف القلق، وسيكون هناك توجّه نحو الهجرة، وزادت الطين بِلّةً تصريحات غير مسؤولة من إعلاميي السلطة، إن منفّذي العملية (ومن خلفها)، هم "داعش" وفلول النظام وإيران، بدلاً من الاكتفاء بـ"داعش"، كما ذكرت تحقيقات وزارة الداخلية، التي أعلنت البدء بتحقيقات واسعة ودقيقة للوصول إلى الأطراف التي أعدّت للعملية ونفّذتها. ينتقد أغلبية السوريين (ومنهم المسيحيون) السلطة لأنها لا تبدي حزماً جادّاً تجاه الفصائل والمجموعات المتطرّفة، وأن هناك عدة حوادث أمنية ضدّ الكنائس المسيحية في حمص وحماة وحلب ودمشق، وبلدة مشتى الحلو وسواها. ولم تعلن السلطة محاكمة أيّ فردٍ ارتكب انتهاكات، بل تُلاحَظ سرعة إطلاق سراح متهمين. مرّت ستّة أشهر، ولا يزال التهاون مستمرّاً. وتنبّه أوساط السلطة إلى أنها منعت عمليات انتحارية عديدة في الأشهر الماضية، وتؤكد تقارير أن تنظيم داعش أرسل أفراداً منه إلى داخل المدن السورية، والعملية في الدويلعة تأتي ضمن هذا المناخ. ضبط مسألة الأمن أحد المداخل للاستقرار، وكذلك تطبيق العدالة الانتقالية، وينبغي انتهاج سياسة إعلامية وطنية بعيداً من تسييس قضية الأقلّيات والأكثرية. السلطة معنية بشكل جادّ بالانتقال إلى سياسات وطنية، والكفّ عن تصوير نفسها ممثلةً للطائفة السُّنية، بينما يراها أغلبية السوريين ممثّلة لهيئة تحرير الشام وحلفائها، وتتحكّم بكل إدارات الدولة. لا بدّ من إطلاق الحريات العامة وحرية تشكيل الأحزاب والنقابات، والتخلّص من الأيديولوجية السلفية مرجعيةً للسلطة تخطئ السلطة كثيراً بتأخّرها في الانتقال إلى سياسات وطنية، وفي عدم تطبيق مبدأ فصل للسلطات والعمل المؤسّساتي، وفي عدم تفعيل القضاء والحفاظ على استقلاليته، وتُنتقد لغياب الشفافية في إدارة الدولة، وفي التوظيف، وفي الاتفاقات الاقتصادية مع الشركات الخارجية. تُخطئ كذلك في استمرار إقامة الدورات الشرعية داخل جهازّي الجيش والأمن، والتي تستبعد مباشرةً الأقلّيات أو غير المؤمنين من الجهازين، وتخطئ كذلك في الاعتماد على رجال الدين السلفيين المتشدّدين فيهما تاركة لهم القرار النهائي تجاه أيّ مشكلة تواجه المواطنين، بينما تقتضي المرحلة الانتقالية الاعتماد على شخصياتٍ وطنيةٍ وعلى تفعيل القضاء. يتأكّد المُراقب لنقد السوريين في الداخل والخارج للشأن العام من رغبتهم في المشاركة بإنهاض الدولة، والحفاظ على وحدتها، ورفض التدخّل الخارجي، بل دعم السلطة لتتبنّى سياسات وطنية وممثّلة للجميع. المسيحيون الآن قلقون للغاية، والعلويون والدروز كذلك، وكثيرون من أبناء الطائفة السُّنية. على السلطة أن تقرأ هذا القلق الذي يستتبعه النقد دعماً لها، لا عدائيةً تجاهها. ولا بدّ من ضبط الأمن والإسراع في تطبيق العدالة الانتقالية، ولا غنى للسلطة عن الثقة بالشعب وإشراكه في تمثيل نفسه في مؤسّسات الدولة، والتخلّي عن سياسات التعيين، آخرها تعيين شخصيات تشكّل مجلساً للشعب. ولا بدّ من إطلاق الحريات العامة وحرية تشكيل الأحزاب والنقابات، والتخلّص من الأيديولوجية السلفية مرجعيةً للسلطة. إن الأخذ بهذه القضايا وتناولها إعلامياً، والتوقف عن تحويل الأعلام منصّةً تعادي منتقدي السلطة وسياساتها، سيساعد في إعادة الثقة بالسلطة، ويضمن نجاح المرحلة الانتقالية.

الاحتلال الإسرائيلي يفتعل حريقاً قرب الجولان.. وانفجار مخلفات حربية في حلب
الاحتلال الإسرائيلي يفتعل حريقاً قرب الجولان.. وانفجار مخلفات حربية في حلب

العربي الجديد

timeمنذ 2 أيام

  • العربي الجديد

الاحتلال الإسرائيلي يفتعل حريقاً قرب الجولان.. وانفجار مخلفات حربية في حلب

افتعلت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الجمعة حريقاً كبيراً في المنطقة الواقعة خارج السياج الفاصل مع الجولان المحتل، في الجهة الغربية من بلدة الرفيد بريف القنيطرة الجنوبي، جنوبي سورية، ما تسبب في انفجار لغم أرضي جعل النيران تنتشر بشكل أكبر. وقال الصحفي يوسف المصلح في "تجمع أحرار حوران" المحلي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "قوات الاحتلال الإسرائيلي أشعلت الحريق بهدف منع اقتراب الرعاة من هذه الأراضي والرعي فيها، وأيضاً لتوضيح الرؤية بالنسبة للقوات الإسرائيلية على الحدود". وأوضح المصلح أنه "نتيجة الحريق انفجر لغم أرضي كان مزروعاً في المنطقة، ما ساعد على انتشار الحريق بشكل أكبر، دون وقوع ضحايا جراء الانفجار"، مضيفاً أن قوات من الأمم المتحدة شاركت في عمليات الإطفاء. وأشار إلى أن محافظة القنيطرة تشهد توغلات عسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل يومي، إلى جانب استمرار التضييق على رعاة الأغنام ومنعهم من الاقتراب من الأراضي الزراعية القريبة من السياج الحدودي، ما يشكل ضغطاً كبيراً على الأهالي، خصوصاً أن معظمهم يعتمدون على الرعي والزراعة في تأمين الدخل. وأكد المصلح أن "التجمع وثق العديد من عمليات التفتيش للمنازل في قرى القنيطرة بحجة البحث عن أسلحة وذخائر". كما لفت إلى أن منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي تشهد توغلات إسرائيلية من حين إلى آخر، معظمها باتجاه ثكنات عسكرية كانت تتبع لنظام بشار الأسد قبيل سقوطه في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأوضح أنه "يوم أمس تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن إطلاق صاروخ من الجنوب السوري وسقوطه في الجولان، لكن لم يتم سماع أي إطلاق لصواريخ في محافظتي درعا والقنيطرة". ورأى المصلح أن "هذه الممارسات التي تقوم بها القوات الإسرائيلية تهدف إلى الضغط على الحكومة السورية في المفاوضات الحالية والقادمة، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب، وإظهار أن المنطقة الجنوبية غير منضبطة ويجب أن تبقى معزولة من السلاح".". من جهة أخرى، أُصيب عدد من الأشخاص، عصر اليوم الجمعة، إثر انفجار صواريخ من مخلفات الحرب، ضمن كتيبة الدفاع الجوي بالقرب من معسكر النيرب، الواقع في الطرف الشرقي من مدينة حلب، شمالي سورية. وتحتوي كتيبة الدفاع الجوي على صواريخ تعود إلى عهد النظام المخلوع، وكانت تتخذها الميليشيات المدعومة من إيران مقراً عسكرياً لها، لا سيما أن طائرات إسرائيلية استهدفت الكتيبة عدة مرات قبيل سقوط نظام الأسد. كما استُهدفت مرة أخرى عقب سقوط النظام بأسابيع. بريطانيا تعلن اغتيال قيادي من "داعش" وأمس الخميس، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن سلاح الجو التابع لها نفذ ضربة جوية في شمال غرب سورية أسفرت عن مقتل عضو معروف في تنظيم "داعش" ، دون أن تحدد اسمه أو منصبه. وأضافت أن الضربة نفذتها طائرة بدون طيار تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني من طراز "Reaper"، واستخدمت فيها صواريخ هيلفاير. وأشارت الوزارة إلى أن الضربة نُفذت بعد تحديد هوية المستهدف أثناء قيادته لدراجة نارية في منطقة سرمدا، مضيفة أن الطاقم "تعقب الرجل على دراجته وتأكد من عدم وجود أي علامات على وجود مدنيين بالقرب منه بحيث يتعرضون للخطر، وبعد ذلك نفذت الطائرة عملية" وصفتها بالناجحة، حيث أُصيبت الدراجة النارية وقُضي على الشخص المستهدف، بحسب البيان الذي نُشر على موقعها الإلكتروني، الخميس. ويُعتقد أن الضربة الجوية جرت يوم الثلاثاء الفائت، حيث انفجرت سيارة قرب مفرق باتبو بالقرب من سرمدا بريف محافظة إدلب، دون معرفة السبب وطبيعة الاستهداف حينها، وأدت لمقتل شخص وإصابة آخر بجروح خطيرة نتيجة الانفجار. وقالت قناة الإخبارية السورية الرسمية حينها إن انفجار السيارة في قرية باتبو شمالي إدلب ناجم عن انفجار ذخيرة بداخلها ولا صحة لاستهداف خارجي. وهذه العملية الثالثة التي تعلن بريطانيا عن تنفيذها في سورية منذ بداية العام الحالي. وكان سلاح الجو البريطاني أعلن عن تنفيذ ضربتين مماثلتين، الأولى في شهر فبراير/شباط ضد عنصر آخر من التنظيم في محافظة حلب، والثانية نهاية يونيو/حزيران الماضي استهدفت عنصراً من "داعش" كان يركب دراجة نارية في مدينة سرمدا بريف إدلب. أخبار التحديثات الحية التحالف الدولي: هدف إعادة التموضع في سورية تقويض "داعش" وتشارك بريطانيا في القتال ضد تنظيم داعش في سورية والعراق منذ 2014 ضمن تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة. وكانت قيادة التحالف أعلنت في مايو/أيار الماضي عن عملية إعادة تموضع قواته في سورية، وقال وقتها إن ذلك يأتي ضمن "عملية مدروسة ومرتبطة بالظروف الميدانية"، في وقت تشهد فيه مناطق شمال شرقي سورية تحركات عسكرية جديدة تتزامن مع تقليص وجود التحالف في بعض قواعده. وأكد التحالف في بيان أن "إعادة التموضع تهدف إلى تقويض قدرات تنظيم داعش وتعزيز الاستقرار الإقليمي"، مشدداً على استمرار قوة المهام المشتركة في العمل مع الشركاء المحليين "للحفاظ على الضغط على داعش والتعامل مع التهديدات الإرهابية المحتملة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store