
تقارب عسكري جديد بين سوريا وتركيا وتحذير من مخطط إسرائيلي لإضعاف دمشق
وتشمل الاتفاقية التبادل المنتظم للأفراد العسكريين بهدف رفع الجاهزية العملياتية وتعزيز القدرة على العمل المشترك.
وتتضمن التفاقية أيضًا إرسال خبراء مختصين لدعم عملية تحديث الأنظمة العسكرية.
وأوضح وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني أن سوريا تواجه تحديات خطيرة، وفي مقدمتها الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة والتي تمثل انتهاكا واضحا للسيادة السورية.
وبدوره اتهم وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، إسرائيل بالعمل على إثارة الفوضى في سوريا وإضعافها، داعياً دول المنطقة إلى دعم الدولة السورية في جهودها لبناء سوريا جديدة.
وقال فيدان"هناك أطراف لا تريد استقرار سوريا كما هناك من هو منزعج ويريد واقعا سلبيا لها"، وأردف "أولوية إسرائيل إحداث فوضى في سوريا وثمة مساع إسرائيلية من أجل إضعافها وخلق أجواء من الفوضى فيها وهذا مرفوض وسيكون له تأثير على دول المنطقة بأكملها".
يذكر أنه عقب سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر 2024، شنت إسرائيل مئات الضربات الجوية على أهداف عسكرية في سوريا، وتوغلت في أراضٍ داخل المنطقة العازلة المنزوعة السلاح في الجولان، والواقعة على أطراف الجزء الذي تحتله إسرائيل.
كما تتقدم قواتها بين الحين والآخر إلى مناطق في عمق الجنوب السوري. وقالت إن الغرض من هذه العمليات العسكرية "هو الحؤول دون استحواذ السلطات الجديدة على الأسلحة التي كانت في حوزة النظام السابق"، وفق وكالة فرانس برس.
كذلك تشدد إسرائيل منذ سقوط الأسد على أنها لن تتساهل مع أي "تهديد" في جنوب سوريا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 15 دقائق
- الشرق الأوسط
«سوريا الديمقراطية» تحض بارزاني على دور أكبر في تفاوضها مع دمشق
كشفت الزيارة التي قام بها الرئيس المشترك لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، محمود المسلط، إلى إقليم كردستان العراق، مساعي لحض الرئيس مسعود بارزاني على لعب دور مؤثر في المفاوضات مع دمشق عبر علاقاته الإقليمية والدولية. وعلمت «الشرق الأوسط»، من مصادر كردية مطلعة، أن الاجتماع التشاوري الذي يجري التحضير لعقده في الرقة شمال شرقي سوريا في 20 من الشهر الجاري، جرى تأجيله دون توضيح الأسباب، لكنها أكدت العزم على عقده في وقت لاحق. وكانت تقارير إعلامية قد أفادت بعزم «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد)، على عقد مؤتمر تشاوري في مدينة الرقة يضم المكونات السورية وأحزاباً وتيارات سياسية ومرجعيات روحية وشخصيات فكرية، من داخل وخارج مناطق سيطرة الإدارة الذاتية شمال شرقي سوريا، ويهدف المؤتمر إلى وضع ورقة مشتركة تتضمن مبادئ دستورية لم ترد في الإعلان الدستوري الذي وضعته دمشق، على أن يطرح وفد الورقة المتوافق عليها للنقاش مع دمشق. الشيخ حكمت الهجري خلال مشاركته عبر الشاشة في مؤتمر الحسكة (متداولة) وواجه الإعلان الدستوري منذ صدوره في 13 مارس (آذار)، اعتراضات من الأكراد والدروز، حيث اعتبر «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) أن الدستور الانتقالي لا يتماشى مع الاتفاق الذي تم توقيعه مع الحكومة السورية وخطوة تمهد الطريق للإقصاء بدلاً من التشارك. ورأى الباحث والسياسي بسام السليمان، أن طرح صيغة إعلان دستوري جديدة يصب في محاولات «قسد» تسويق نفسها على أنها «قادرة على إدارة التنوع»، في الوقت الذي يقوم فيه الإعلام الرديف بترويج فكرة عدم مقدرة الحكومة السورية على هذه المهمة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الطرح اليوم هدفه «إحراج الحكومة وإقامة الحجة عليها». وبحسب السليمان فإن «(قسد) تقرأ الظروف الإقليمية والدولية بشكل خاطئ، وتظن أن هناك تراجعاً في الإقبال الدولي على الحكومة السورية وترى في ذلك فرصة لتسويق نفسها». إلا أن ممثل «مجلس سوريا الديمقراطية» (مسد) في دمشق، عبد الوهاب خليل، قال لـ«الشرق الأوسط» إن ملتقى الرقة المزمع عقده يأتي ضمن العمل على تهيئة الأرضية المناسبة لحوار وطني شامل بدمشق؛ لأن «الوجهة الوحيدة لـ(قوات سوريا الديمقراطية) و(مجلس سوريا الديمقراطية) والإدارة الذاتية، هي دمشق». ونفى أن يكون هذا الملتقى أو المؤتمر الذي سبق أن عقد في الحسكة «موجهاً ضد دمشق، أو محاولة لاستغلال الظروف التي تمر بها الحكومة»؛ لأن الأمر «ليس صراع حلبة» وإنما «رسالة سلام وانتقال إلى حوار وطني»، بهدف «بلورة رؤية سورية للطريق المناسب لتسلكه العملية الانتقالية». اجتماع أخير مع اللجان التشاورية في الرقة (مسد) وحول ما قيل عن وضع مبادئ دستورية لم ترد في الإعلان الدستوري، أوضح خليل أن ملتقى الرقة التشاوري يهدف إلى «دراسة المبادئ الدستورية وليس وضع مبادئ دستورية»، مرجحاً عقد لقاءات تشاورية أخرى حولها، بمعنى التشاور حول «كيفية تثبيت الحقوق التي وردت في بنود اتفاقية 10 مارس. مشيراً إلى تشكيل لجان ومنصات استشارية في الرقة والحسكة ودير الزور، تعمل على عقد لقاءات ونقاشات تستمزج آراء المواطنين وتنقلها إلى لجنة التفاوض حول تنفيذ الاتفاقية. عن زيارة الرئيس المشترك لـ«مجلس سوريا الديمقراطية» إلى كردستان العراق ولقائه مسعود بارزاني، قال خليل إنهم يتطلعون إلى اضطلاع كردستان العراق بدور بارز في الحفاظ على وحدة الأراضي السورية ودعم حقوق الأكراد في مناطق شمال سوريا وشرقها، ضمن إطار دولة سورية واحدة موحدة وتثبيت حقوقهم بحسب اتفاقية 10 مارس، لافتاً إلى أهمية علاقات بارزاني الدولية والإقليمية، لا سيما مع تركيا. ولفت خليل إلى ارتياح الأوساط الكردية لتصريحات الرئيس أحمد الشرع الأخيرة بخصوص المفاوضات مع «قسد»، وقال إن الطرفين متفقان على تجنب الصراع العسكري، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية والبدء بعملية التفاوض. لافتاً إلى أن ما يقال عن التحشيد والتوترات موجود فقط على ساحات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام. من مواجهات «قسد» والفصائل في دير حافر بريف حلب الشرقي (أرشيفية - متداولة) يذكر أنه عقب زيارته لإقليم كردستان العراق، قبل يومين، قال الرئيس المشترك لـ«مجلس سوريا الديمقراطية»، محمود المسلط، بأن هناك اتفاقاً مع قيادة إقليم كردستان بأن «سوريا يجب أن تتجه إلى الحوار، ولا خيار آخر غير الحوار»، مشيراً إلى دعم بارزاني «لكل الحوارات بين السوريين، وأن التحالف الدولي والدول العربية أيضاً داعمون». كما أشار المسلط إلى أن الحل المستدام يكون من خلال اتفاق 10 مارس الذي ارتضاه الجميع، «لكن هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى اجتماعات أكثر». وأضاف في تصريحات لتلفزيون «رووداو»، مساء الأحد، أن المفاوضات بين الحكومة السورية والإدارة الذاتية «مستمرة» بهدف إنجاح السلطة في العاصمة السورية.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
تركيا: جلسات استماع برلمانية تحضيراً لنزع أسلحة «الكردستاني»
تبدأ لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان التركي الثلاثاء عقد جلسات استماع تسبق الشروع في وضع الأساس القانوني لما بعد نزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني». ويأتي ذلك في ظل استطلاعات للرأي تؤكد معارضة غالبية الشعب التركي للعملية الجارية مع حزب «العمال الكردستاني» وعدم ثقتهم بأنه سيلقي أسلحته. وستستمع اللجنة، في اجتماعها برئاسة رئيس البرلمان نعمان كورتولموش إلى وزيرة الأسرة والخدمات الاجتماعية، ماهينور أوزدمير غوكتاش، وعدد من عائلات الجنود الذين فقدوا أرواحهم في الصراع مع حزب «العمال الكردستاني»، وممثلي جمعيات قدامى المحاربين، وأرامل الشهداء والأيتام، والتضامن مع المحاربين الأتراك القدامى. وسيعقد جزء ثانٍ للجلسة يتم الاستماع فيه إلى ممثلين عن جمعيات ومنظمات إنسانية وحقوق الإنسان. وفي الوقت ذاته، أعلن رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم»، علي باباجان، دعمه للعملية التي انطلقت لإنهاء الإرهاب، وحل المشكلة الكردية في تركيا. باباجان خلال فعالية لحزب «الديمقراطية والتقدم» في ماردين جنوب تركيا (حساب الحزب في إكس) وأكد باباجان، خلال كلمة في ماردين جنوب شرقي تركيا الاثنين، أن عملية «تركيا خالية من الإرهاب» تُعد من أهم بنود جدول الأعمال في البلاد، وتنفذ بشكل منظم من خلال لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية» بالبرلمان، والتي تمثل جميع الأحزاب، وأكثر من 90 في المائة من الشعب، مما يجعلها تتمتع بقوة تمثيلية قوية. وعن طلبات الاستماع إلى زعيم المنظمة عبد الله أوجلان أمام اللجنة البرلمانية، قال باباجان إن «الدعوات التي وجهها أوجلان في بداية هذه العملية، بدءاً من دعوته لحل حزب (العمال الكردستاني) وإلقاء أسلحته في 27 فبراير (شباط)، والدعوات اللاحقة، تجعل من الضروري أن يعرب أوجلان عن آرائه حول ما ينبغي أن تفعله (المنظمة الإرهابية) (العمال الكردستاني) في مرحلتها الحالية، ومستقبلها». في الوقت ذاته، كشف استطلاع للرأي عن رفض غالبية الأتراك للعملية الجارية، وعدم ثقتهم في الوقت نفسه بأن «العمال الكردستاني» سيتخلى عن أسلحته. وعبر 59.7 في المائة من المشاركين في الاستطلاع الذي أجرته شركة «متروبول» عن معارضتهم للمبادرة الجديدة المتعلقة بالسلام الداخلي عبر حل حزب «العمال الكردستاني»، بينما أيدها 34.9 في المائة. وعبر 68.2 في المائة من المشاركين في الاستطلاع عن اعتقادهم بأن حزب «العمال الكردستاني» لن يُلقي أسلحته، بينما رأى 25.6 في المائة أنه سيفعل ذلك. غالبية الأتراك يرفضون الإفراج عن أوجلان (إعلام تركي) وعارض 79.1 في المائة إطلاق سراح عبد الله أوجلان، مقابل تأييد 14.6 في المائة، بينما أيد 47.9 في المائة إطلاق سراح الرئيس المشارك السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية»، المؤيد للأكراد صلاح الدين دميرطاش، مقابل رفض 44.9 في المائة. وفي سؤال حول الهوية، أكد 53.9 في المائة أنهم جزء من الأمة التركية، بينما قال 28.8 في المائة إنهم جزء من الأمة الإسلامية، ورأى 5.9 في المائة أنهم لا ينتمون إلى هذه أو تلك، وقال 11.8 في المائة إنه «لا رأي لهم». وأشار الاستطلاع أيضاً إلى تراجع شعبية حزب «الحركة القومية» الذي أطلق مبادرة «تركيا خالية من الإرهاب» والحوار مع أوجلان، في مقابل ارتفاع نسب تأييد الأحزاب القومية الرافضة للعملية. وحل حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة، في المرتبة الأولى، بنسبة 32.2 في المائة، وجاء حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في المرتبة الثانية بنسبة 31.3 في المائة. وبحسب الاستطلاع تغيرت خريطة أصوات الناخبين القوميين، حيث تراجعت أصوات حزب «الحركة القومية» برئاسة دولت بهشلي، من 7 إلى 5.1 في المائة، بينما ارتفعت أصوات حزبي «الجيد» و«النصر» إلى 6.7 في المائة لكل منهما، وحزب «المفتاح» إلى 2.9 في المائة. وحافظ حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد الذي قاد الاتصالات بين الدولة والأحزاب والبرلمان وعبد الله أوجلان في محبسه بسجن إيمرالي غرب البلاد، على نسبة تأييده عند 7.6 في المائة. وفي شأن آخر، رأى 55.4 في المائة أن اتهامات الفساد الموجهة إلى المرشح الرئاسي لحزب «الشعب الجمهوري» رئيس بلدية إسطنبول المحتجز، أكرم إمام أوغلو، غير مقنعة، مقابل 37 في المائة اعتبروها «موثوقة». وعبر 59.1 في المائة عن اعتقادهم بأن تحقيقات الفساد والرشوة التي تستهدف بلدية إسطنبول وبلدات حزب «الشعب الجمهوري»، هي: «عملية سياسية»، في حين أكد 29.1 في المائة أن هناك «عمليات فساد»، ولم يعرب 11.8 في المائة عن رأيهم. غالبية الأتراك لا يرون الاتهامات بالفساد لإمام أوغلو مبررة ويؤكدون أن التحقيقات مسيسة حزب («الشعب الجمهوري» - إكس) ورأى 47.7 في المائة أن اتهامات الفساد الموجهة إلى بلديات حزب «الشعب الجمهوري» موثوقة، مقابل 33.3 في المائة اعتبروها «غير موثوقة»، و12.1 في المائة عدوها «موثوقة إلى حد ما». في الأثناء، أُحيل 45 شخصاً، بينهم رئيس بلدية باي أوغلو، إنان غوناي، إلى المحكمة، الاثنين، بعد احتجازهم منذ يوم الجمعة الماضي، في إطار التحقيقات في شبهات الفساد في بلدية إسطنبول، مع طلب توقيفهم. ونفذت الشرطة التركية موجة اعتقالات جديدة في إطار التحقيقات بشبهات فساد في بلدية إسطنبول التي انطلقت في 19 مارس (آذار) الماضي باعتقال رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو. وفي الموجة الجديدة وهي التاسعة منذ بدء التحقيقات بمعرفة المدعي العام لمدينة إسطنبول، أكين غورليك، ألقت قوات الشرطة في إسطنبول القبض على 45 شخصاً، من بينهم رئيس بلدية باي أوغلو، التابعة لحزب «الشعب الجمهوري». ومِن بين مَن صدرت بحقهم أوامر اعتقال، يغيت أوغوز دومان، الذي شغل منصب مستشار رئيس بلدية إسطنبول منذ عام 2019، وسائقه الخاص، والسكرتير الخاص لرئيس بلدية باي أوغلو، وحارسه الشخصي، وموظفون في شركتي «الإعلام» و«الثقافة» التابعتين لبلدية إسطنبول.


العربية
منذ 4 ساعات
- العربية
وثائق تكشف أن نظام الأسد اعتقل وأخفى أكثر من 100 ألف إنسان، بينهم آلاف الأطفال، مستخدماً دور الأيتام كغطاء
جرائم نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد لم تقتصر على معارضيه، بل تحولت إلى سياسة قمع شاملة استهدفت كل شيء حي في سوريا، وفق ما جاء في تحقيق مطول أجرته صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. يقول التقرير: "لم يسلم المدنيون ولا الأطفال من صراعات الكبار. في أقبية المخابرات الجوية والسجون السرية، تعرض الصغار للتحقيق والتعذيب والاختفاء القسري. وعلى مدى 13 عاماً، سُجن الآباء، وخُطف الأبناء، وحُولت براءة الطفولة إلى أداة قمعية. وبعد سقوط الأسد، كشفت الحقائق أن حجم المأساة يفوق التصور، وأن عدد المعتقلين والمخفيين قسراً يتجاوز ما ارتكبه النازيون في الحرب العالمية الثانية". قصة ليلى غيبس يتحدث التقرير عن مأساة الطفلة السورية ليلى غيبس، البالغة من العمر ثماني سنوات، ويقول: "في إحدى ليالي آب 2015، جلست ليلى، على أريكة معدنية في غرفة استجواب باردة بمطار المزة العسكري بدمشق، تتدلى قدماها على الأرض، وبجوارها شقيقتها الصغرى ليان، في الرابعة من عمرها. طرح ضابط من المخابرات الجوية السورية أسئلة مربكة على ليلى عن زيارات عمها وصلاته العائلية، بدا وكأنه مصمم لدفعها نحو الاعتراف بما لم يحدث. لم يكن في ذهن الطفلة سوى العودة سريعاً إلى زنزانتها المظلمة حيث أمها. كانت تلك اللحظة بداية رحلة مأساة اختُزلت فيها معاناة آلاف الأطفال السوريين الذين وجدوا أنفسهم في قلب أقبية النظام، بين التعذيب النفسي والحرمان من الهوية، وصولاً إلى الإخفاء القسري داخل مؤسسات رعاية مرتبطة بالدولة". ويتابع التقرير: "تجسد قصة ليلى وعائلتها مأساة متشابكة بدأت باعتقال العائلة على حاجز قرب دمشق. سُحب الأب مصعب معصوب العينين إلى زنزانة انفرادية، ووضعت الأم أمامة مع طفلتيها في قبو رطب تفوح منه رائحة العفن والجثث المتحللة. هناك، حاولت أمامة إلهاء ابنتيها بقصص عن الجبال السحرية وألعاب بذور الزيتون، بينما كان صدى صرخات الرجال تحت التعذيب يتردد كل ليلة في الممرات. كتبت ليلى على باب الزنزانة كلمة 'بابا' بقلم تلوين أصفر، في محاولة طفولية للتشبث بصورة الأب الغائب. واجهت الحقيقة القاسية حين أخبرتها أمها أن الضباط سيأخذونها مع شقيقتها، وأنها ربما لن تراهما ثانية، موصية إياها بأن تكون أماً صغيرة لأختها، وألا تنسى اسمها وعائلتها مهما حدث. بعد يومين، نُقلت الطفلتان من السجن إلى دار أيتام تابعة لمنظمة قرى الأطفال الدولية (Children's Villages SOS)، حيث بدأت فصول أخرى من طمس الهوية والانفصال عن الجذور". تكشف وثائق حصلت عليها صحيفة "نيويورك تايمز" بعد سقوط النظام أن ما جرى مع ليلى وشقيقتها لم يكن حالة فردية، بل سياسة ممنهجة. منذ عام 2013، اتخذت المخابرات الجوية قرارات سرية بنقل أطفال المعتقلين السياسيين إلى دور أيتام، وكُلفت وزارة الشؤون الاجتماعية أو المحافظون بتنفيذ التعليمات. لم تكن هذه العملية عشوائية، بل حملت توقيعات وزراء ومسؤولين كبار، وتضمنت تعليمات صارمة بإخفاء هوية الأطفال، وعدم تمرير أي معلومات دون إذن مباشر من الأجهزة الأمنية. ويشير التقرير الى أن الأرقام التي ظهرت بعد سقوط نظام الأسد صادمة. فخلال ثلاثة عشر عاماً من الحرب، أخفت حكومة الأسد ووكلاؤها نحو مئة ألف شخص قسراً، بينهم آلاف الأطفال. هذا الرقم يفوق ما ارتكبه النظام النازي في الحرب العالمية الثانية، حيث اختطف النازيون عشرات الآلاف من الأطفال في أوروبا الشرقية. في حين تورط جيش السلفادور في ثمانينات القرن الماضي في خطف مئات الأطفال ووضعهم في دور أيتام تديرها منظمة قرى الأطفال الدولية، فإن الأسد ذهب أبعد بتحويل الإخفاء القسري للأطفال إلى جزء من بنيته الأمنية والسياسية، وجعل المؤسسات الإنسانية أدوات بيد الدولة، بحسب "نيويورك تايمز". ويوضح التقرير أن فرق التحقيق وجدت داخل مقار المخابرات الجوية، بعد انهيار النظام أدلة دامغة على وجود الأطفال: صنادل صغيرة ملقاة بين الأنقاض، سراويل طفولية، دمى مصنوعة من قصاصات قماش، وتقارير طبية توصي بإعطاء فاكهة لرضع يعانون من التهابات صدرية. كانت هذه الآثار شواهد على أن الأطفال عاشوا هناك فعلاً، قبل أن يُنقلوا إلى مصير مجهول. منظمة قرى الأطفال الدولية، وهي من أكبر المنظمات غير الحكومية في العالم وتعمل في 127 دولة، واجهت في سوريا أخطر الاتهامات في تاريخها. فبحسب الوثائق والشهادات، استلم موظفوها أطفالاً من ضباط المخابرات مباشرة، ورفضوا في بعض الحالات تسليمهم إلى ذويهم بعد الإفراج عنهم، بحجة الحاجة إلى إذن أمني. أكدت شهادات بعض الأمهات اللواتي خرجن من السجون أنهن وجدن أبناءهن في دور الأيتام التابعة للمنظمة، لكنّ موظفيها أنكروا وجودهم أو رفضوا الاعتراف بعلاقتهم بهم. اكتشف بعض الأطفال أن أسماءهم تغيرت ببطء داخل هذه الدور، وأنهم باتوا يحملون هوية مختلفة، في عملية منظمة لطمس الذاكرة. وبحسب التقرير، فهذه ليست المرة الأولى التي يُثار فيها اسم المنظمة في قضايا مشابهة. ففي السلفادور خلال ثمانينات القرن الماضي، استقبلت قرى الأطفال SOS أطفالاً خُطفوا من قراهم على يد الجيش، وعُرض بعضهم للتبني دولياً. "اليوم، تكرر المشهد في سوريا، ما يطرح أسئلة قاسية حول حدود المسؤولية الأخلاقية للمنظمات الإنسانية حين تعمل تحت قبضة أنظمة استبدادية". وبحسب "نيويورك تايمز" وفي دار الأيتام التي استُقبلت فيها ليلى وشقيقتها، وُضعت الطفلتان مع عشرات غيرهما من أبناء المعتقلين أو المفقودين. عرفت ليلى أن اسمها يُكتب بطريقة مختلفة، وأن شقيقتها تُنادى باسم آخر. تذكرت وصية أمها بالتمسك بهويتها، لكنها وجدت نفسها أمام بيئة تعمل على محو ماضيها وإعادة تشكيلها. طُلب من الأطفال رفع صور بشار الأسد وترديد النشيد الوطني، وصُوِّر بعضهم يهتفون بحياة النظام، بينما يعيشون حقيقة أنهم أبناء معتقلين ومفقودين. وبعد سقوط الأسد وفراره إلى روسيا، بدأت الحقائق تظهر تباعاً. خرجت العائلات تبحث في المقابر الجماعية، وعلّقت صور المفقودين على جدران دمشق، ووقفت في الساحات مطالبة بكشف مصير أبنائها. وأنشأت الحكومة الجديدة لجنة للتحقيق، جمعت أسماء ما لا يقل عن 314 طفلاً من أبناء المعتقلين الذين أُودعوا دور الأيتام، لكنها أقرت بأن الأعداد الحقيقية قد تكون أكبر بكثير. اختطفت بعض الميليشيات الموالية للنظام أطفالاً من الحواجز وأرسلتهم خارج البلاد. تبقى مئات العائلات في حالة انتظار، تبحث عن خيط يوصلها إلى أبنائها بحسب ما أورده التقرير. تشير "نيويورك تايمز" في تقريرها الى أن عائلة الغبيس أصبحت اليوم لاجئة في الولايات المتحدة، وتحاول لم شتات هويتها من جديد. "تقول ليلى، التي بلغت الثامنة عشرة، إنها كانت قاب قوسين من أن تُحوَّل إلى أداة بيد النظام، ولولا وصية والدتها لربما نسيت اسمها بالفعل. شقيقتها ليان أكثر صمتاً وانطواءً، تحمل آثار الخوف الذي زرعته سنوات الاعتقال والاغتراب. يعيش والداها محاولات يومية للتأقلم مع حياة جديدة، ويحملان جرحاً لا يندمل وهو حقيقة أن طفولتي ابنتيهما سُرقتا في أقبية المزة، وأن أسماء مئات الأطفال السوريين ما زالت ضائعة في متاهة السجون ودور الأيتام".