logo
بالرقمنة والحوافز: انتقال اقتصاد الظل إلى النور

بالرقمنة والحوافز: انتقال اقتصاد الظل إلى النور

الغد٢٦-٠٣-٢٠٢٥

يشكّل اقتصاد الظل نسبة كبيرة من النشاط الاقتصادي في الدول النامية، حيث تعمل آلاف المشاريع خارج الإطار الرسمي دون تسجيل أو التزام ضريبي. ورغم مساهمته في توفير فرص عمل، إلا أنه يُشكّل تحديًا للحكومة في تحصيل الضرائب، وحماية حقوق العمال، وضمان الاستقرار الاقتصادي.
اضافة اعلان
في الأردن، تختلف تقديرات حجم هذا القطاع حسب منهجية القياس. فبحسب دراسة للبنك المركزي (2002–2020) فقد بلغ 23.8 % من الناتج المحلي وذلك باستخدام منهجية (CDA) وهي- الأشهر- والمفترضة أن الزيادة في الطلب على النقد تعكس اقتصاد الظل. بينما قدّر منتدى الإستراتيجيات الأردني النسبة بـ 15 %، وتراوحت تقديرات أخرى بين 26 % و30 %.
رغم تباين التقديرات، ثمة إجماع على ضخامته. ويمكن بالتعجيل الرقمي تحديد حجمه بدقة وإدراجه تدريجياً في الاقتصاد المنظم، مما يُحقق إيراداتٍ إضافيةً للخزينة مع حماية حقوق العاملين في هذا القطاع.
البداية تكون بمواجهة التحدياتٍ التي تبدأ بصعوبة الوصول إلى التمويل بسبب اشتراطات البنوك الصارمة، وتمتد إلى إجراءات التسجيل ومتطلبات الانضمام للضمان الاجتماعي التي تثني أصحاب المشاريع عن الإقدام. وتتفاقم هذه المعوقات بالأعباء الضريبية والرسوم الحكومية التي تلتهم هوامش الربح الهشة أساساً، فضلاً عن نقص الوعي بمتطلبات الانتقال وآلياته وضعف الثقافة المالية. ولا يُستهان بتحدي ضعف القدرة على اختراق الأسواق الجديدة، مما يُضعف الحافز للتسجيل الرسمي من الأساس.
يمتلك الأردن فرصة ذهبية للاستفادة من النماذج الدولية الرائدة في إدماج الاقتصاد غير الرسمي. ففي الهند، نجحت مبادرة 'أدهار' الرقمية في ربط الهويات الوطنية بالحسابات المصرفية مما سهل وجذب الملايين. ولا ننسى النموذج الكيني الملهم عبر تقنية 'M-Pesa' للدفع عبر الهاتف المحمول، وكان القدوة في تمكين البسطاء من الوصول إلى الخدمات المالية الرقمية. أما البرازيل، فقد اتبعت نهجاً شاملاً يجمع بين الحوافز والتسهيلات الرقمية، حيث قدّمت إعفاءات ضريبية مؤقتة وخدمات إلكترونية مجانية للمشاريع الصغيرة عند تسجيلها رسمياً.
الحلول أردنياً أولها: توظيف الأدوات التكنولوجية القائمة وتكييفها لخدمة إدماج اقتصاد الظل، كالمحافظ الإلكترونية والدفع الرقمي والتي لا تتطلب حسابًا بنكيًا مما يفضي الى تقليل الاعتماد على النقد ويرفع مستوى الشفافية. كما تساعد تقنيات الوصول إلى الإنترنت بأسعار معقولة خاصة في المناطق النائية، بجانب المنصات الرقمية مثل فيسبوك وإنستغرام الداعمة لتتبع الأنشطة غير الرسمية وفتح أسواق جديدة. أما الذكاء الاصطناعي فيحلل أنماط السلوك ويقدم حلولاً مالية مبتكرة، تشجع الانتقال للاقتصاد الرسمي عبر التسويق الرقمي.
ثانيها: حزمة توعوية مكثفة، تعزز الثقة في المؤسسات الرسمية، ترافقها خدمات مجانية ومنصّات حكومية مبسّطة لتسجيل المشاريع، ودعم فني للمنتقلين إلى القطاع الرسمي.
ثالثها: حزمة من السياسات الذكية مثل إقرار إعفاءات ضريبية مرحلية، أو تخفيضات جاذبة في رسوم التسجيل، كجسر ثقة أولي نحو الاندماج التدريجي في الاقتصاد المنظم، ولا ننسى إطلاق أدوات تمويل مرنة كالقروض الرقمية والتمويل المتناهي الصغر.
النجاح في كل ما سبق ليس صعباً في ظل منسوب الثقة العالي الذي تتمتع به الحكومة الحالية، لكن الرقمنة ليست وحدها الحل السحري، وربما تكون الخطوة الأولى إنجاز دائرة الإحصاءات العامة لمشروع قياس حجم الاقتصاد غير الرسمي - ليكون الأساس سليماً عند تصميم الحلول.
الأجدى بالسياسات القادمة أن تُنشئ بيئة جاذبة مفعمة بالحوافز، لا مثقلة بالقيود. فتخف أعباء الأسر الهشة وتُنار دروب رزقها.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

البنك المركزي يتمركز بثقة*سلامة الدرعاوي
البنك المركزي يتمركز بثقة*سلامة الدرعاوي

Amman Xchange

timeمنذ 3 ساعات

  • Amman Xchange

البنك المركزي يتمركز بثقة*سلامة الدرعاوي

الغد يواصل البنك المركزي الأردني تمركزه بثقة كمؤسسة محورية في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الوطني، إذ إن السياسة النقدية التي ينتهجها تتمتع بقدر عالٍ من التوازن والواقعية، فالبنك لا يسعى إلى تسجيل إنجازات شكلية، بل يتقدم بخطى محسوبة، مستنداً إلى مؤشرات اقتصادية واضحة، ومعززاً قدرته على إدارة التحديات المالية والنقدية ضمن سياق إقليمي ودولي معقد. أحدث التقارير الصادرة عن مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) تعكس هذا المسار، حيث تم الإقرار بتقدم الأردن في التزامه بالمعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث ارتفع عدد التوصيات التي أثبتت المملكة التزامها بها من 19 إلى 36 توصية دولية، ما يعكس جهوداً فعلية لتحسين الإطار التشريعي والرقابي، وهذا لا يمكن إنكاره، ويحسب للبنك المركزي واللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال متابعتهم الحثيثة لهذا الملف. لكن من المهم أيضاً ألا نغفل عن أن هذه النتائج لم تأتِ بمعزل عن التوجيهات السياسية الواضحة والإرادة الرسمية في تعزيز مكانة الأردن دولياً، فالجهود كانت جماعية، لكن البنك المركزي لعب دوراً أساسياً، خصوصاً في دعم الجهات الرقابية والإشرافية ورفع كفاءتها في القطاعات المالية وغير المالية. اقتصادياً، فإن السياسة النقدية التوسعية المدروسة نسبياً ساهمت في تعزيز مؤشرات الثقة، وقد سجل الاقتصاد الوطني نمواً حقيقياً بنسبة 2.4 % خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، ومن المتوقع أن يصل النمو إلى 2.7 % في عام 2025، ورغم أن هذه النسب ليست استثنائية، إلا أنها تعكس نوعاً من التماسك في ظل أزمات عالمية وتقلبات إقليمية متلاحقة. تحسن مؤشرات القطاع الخارجي وارتفاع الصادرات بنسبة 3.8 % لتصل إلى 8.6 مليار دينار في نهاية 2024، إضافة إلى صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى المملكة خلال عام 2024 بلغ نحو 1,637.0 مليون دولار، ليشكل ما نسبته 3.1 % من الناتج المحلي الإجمالي، كلها مؤشرات إيجابية. أما في ما يتعلق بالاستقرار النقدي، فإن انخفاض التضخم إلى 1.6 %، واستقرار معدل الدولرة، وبلوغ قيمة الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي الأردني، مستوى قياسيا جديدا عند 22.8 مليار دولار حتى نهاية شهر نيسان من العام الحالي، وقيمة احتياطيات البنك المركزي من الذهب سجلت "رقما قياسيا جديدا" لتصل إلى 5.5 مليار دينار حتى نهاية شهر نيسان من العام الحالي، كلها مؤشرات تبعث على الاطمئنان، فالبنك المركزي يوازن بين تشجيع النمو والحفاظ على استقرار الأسعار بسياسته النقدية الراهنة. بالمحصلة، البنك المركزي الأردني يتعامل مع الملفات المالية والنقدية بحصافة تحسب له، فلا يقدم وعوداً تفوق الواقع، لكنه أيضاً لا يغفل عن التفاصيل التي تضمن تماسك النظام المالي، فالإنجازات التي تحققت حتى الآن تعزز الثقة، حيث يعمل البنك وفق سياسة تقييم التحديات بموضوعية، ومواصلة العمل بعيداً عن المجاملة والرضا الذاتي.

«المركزي» يعتمد « العقبة الرقمية» لاستضافة أول منصة وطنية لخدمات الأمن السيبراني
«المركزي» يعتمد « العقبة الرقمية» لاستضافة أول منصة وطنية لخدمات الأمن السيبراني

الدستور

timeمنذ 11 ساعات

  • الدستور

«المركزي» يعتمد « العقبة الرقمية» لاستضافة أول منصة وطنية لخدمات الأمن السيبراني

عمان- هلا أبوحجلةأعلن البنك المركزي الأردني ومدينة العقبة الرقمية (Aqaba Digital Hub) عن توقيع اتفاقيات بين الجانبين في مقر مدينة العقبة الرقمية تم بموجبها الإطلاق الرسمي لأول منصة محلية لمنظومة خدمات الأمن السيبراني السحابية المتكاملة المستضافة داخل المملكة (SASE: Secure Access Service Edge)، بالإضافة إلى اعتماد موقع الشركة كمركز لاستضافة موقع التعافي من الكوارث الخاص بالبنك المركزي الأردني، حيث وقع عن البنك المركزي نائب المحافظ د. خلدون الوشاح وعن مدينة العقبة الرقمية المدير التنفيذي م. اياد أبو خرما. ويأتي إطلاق المنصة الوطنية لمنظومة خدمات الأمن السيبراني السحابية ضمن جهود فريق الاستجابة للحوادث السيبرانية للقطاع المالي والمصرفي (Jo-FinCERT) التابع للبنك المركزي الساعية لتعزيز مستويات الأمان وقدرة مؤسسات القطاع على الصمود أمام التهديدات السيبرانية المتزايدة وذلك من خلال توفير مظلة متكاملة من الخدمات والحلول الأمنية السيبرانية اللازمة لحماية مؤسسات القطاع وفقاً لاحتياجاتهم، والتي من شأنها دعم مبادرات التحول الرقمي وابتكارات التكنولوجيا المالية وحماية البنية التحتية الممكنة للقطاع، ويأتي اختيار مدينة العقبة الرقمية لاستضافة هذه المنصة لكونها توفر نقطة تبادل الإنترنت (Internet Exchange Point)؛ مما يعزز القدرة على استمرارية الخدمات داخلياً في جميع الظروف، ويوفر الحماية والسيادة على البيانات الوطنية.وعلى الجانب الآخر تم ايضاً اعتماد مركز البيانات التابع لمدينة العقبة الرقمية كمركز لاستضافة موقع التعافي من الكوارث (Disaster Recovery Site) الخاص بالبنك المركزي الأردني بما يتوافق مع المعايير العالمية والممارسات الفضلى في اختيار مواقع التعافي من الكوارث.وأكد الدكتور خلدون الوشاح: «أن إطلاق منصة الخدمات الأمنية (SASE)، واعتماد مركز البيانات لمدينة العقبة الرقمية كمركز لاستضافة موقع التعافي من الكوارث للبنك المركزي تدعم توجهات البنك المركزي الأردني في بناء بيئة رقمية آمنة ومتطورة تدعم استقرار القطاع المالي في المملكة، وتمكّن جميع المؤسسات والشركات من مواجهة التحديات السيبرانية بشكل فعّال، والتي تتماشى مع التوجيهات الملكية السامية التي تؤكد باستمرار على أهمية تبني أحدث الحلول التقنية العالمية، وتعزيز استقلالية البنية التحتية الرقمية الوطنية، وتوسيع نطاق الأمن السيبراني ليشمل كافة القطاعات الحيوية والحرجة.بدوره، قال المهندس إياد أبو خرما الرئيس التنفيذي لمدينة العقبة الرقمية: «نفخر اليوم بإطلاق أول منصة (SASE) وطنية، والتي تأتي في إطار سعينا المستمر لتوفير بنية تحتية رقمية آمنة ومستقلة، تدعم استمرارية الأعمال وتعزز من مكانة الأردن كمركز إقليمي للأمن السيبراني والخدمات الرقمية المتطورة»، مضيفاً: «إن ثقة البنك المركزي الأردني، الذي يمثل أحد أهم أعمدة الاقتصاد الوطني، تؤكد الأهمية الاستراتيجية لمدينة العقبة الرقمية، وتزيد من مسؤوليتنا نحو تقديم أفضل الحلول الرقمية للمملكة».

أين يقف الاقتصاد الأردني في مايو 2025
أين يقف الاقتصاد الأردني في مايو 2025

السوسنة

timeمنذ 2 أيام

  • السوسنة

أين يقف الاقتصاد الأردني في مايو 2025

يواجه الاقتصاد الأردني تحديات متراكمة تُصعّب مهمة الاستقرار المالي وتحقيق النمو المستدام، فعلى الرغم من تحسن طفيف في معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي إلى 2.7%، إلا أن هذا النمو يظل دون المستوى الكافي لاستيعاب النمو السكاني أو لخلق فرص العمل الكافية. معدل البطالة المرتفع عند 21.4% يُعد من بين الأعلى في المنطقة، ويعكس عمق الفجوة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، إضافة إلى ضعف النمو في القطاعات الإنتاجية، كما أن تركز الاستثمارات في قطاعات غير مولّدة للوظائف مثل العقار والخدمات يزيد من تعقيد الأزمة. أما على صعيد المالية العامة، فيظهر العجز الحكومي واضحًا من خلال نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي التي بلغت 89.2% (من غير احتساب اموال صندوق الضمان)، وعجز في الموازنة بنسبة 5.3%-، وهي أرقام تُنذر بأن الاعتماد على الاقتراض بات استراتيجية مزمنة، بدلًا من أن يكون أداة مؤقتة لدعم النمو. في المقابل، يشير الاستقرار النسبي لمعدل التضخم (1.83%) إلى فعالية السياسات النقدية في كبح جماح الأسعار، وهو أمر إيجابي يُحسب للبنك المركزي. إلا أن رفع سعر الفائدة إلى 6.5% كسياسة لمواجهة التضخم العالمي يضغط في الوقت ذاته على الاستثمار المحلي والاقتراض الإنتاجي. ويعبر العجز التجاري الذي تجاوز 920 مليون دينار عن مشكلة هيكلية في الميزان التجاري، تتطلب إعادة النظر في سياسات الإنتاج والتصدير، وتحفيز القطاعات الصناعية والزراعية، وفي هذا الإطار يمكن الاستفادة من تجارب دول مشابهة مثل المغرب التي دعمت صناعاتها التحويلية ووسعت من شراكاتها الإفريقية لتقليل العجز. من جهة أخرى، تشكّل نسب الضرائب الحالية (30% على الدخل و20% على الشركات) عبئًا على الطبقة المتوسطة وقطاع الأعمال الصغيرة، مما قد يحد من توسع الاقتصاد الرسمي، وبالتالي لا بد من إصلاح ضريبي يعيد توزيع العبء ويحفز النمو دون أن يُفرغ الخزينة من مواردها. وبطبيعة الحال تنعكس هذه الأرقام بشكل مباشر على ثقة المواطن في الدولة وشعوره بالانتماء، إذ تُضعف البطالة والغلاء والبيروقراطية ثقة الشباب بمستقبلهم، مما يدفع بالكثيرين إلى الهجرة أو العزوف عن العمل السياسي والاجتماعي، إن التغوّل المؤسسي وعدم مساءلة النخب يفاقمان هذه الفجوة النفسية بين المواطن ومؤسسات الدولة. الحل لا يكمن فقط في ضبط الأرقام، بل في تبني نهج شفاف في إدارة المال العام، ومأسسة الرقابة والمساءلة على الأداء العام كما تفعل بعض الدول التي نجحت في تقليص الفساد وتحقيق الشفافية، ويجب أن تكون هناك إرادة سياسية جادة لإصلاح بيئة الأعمال، وتفعيل دور ديوان المحاسبة، ودعم التحول نحو اقتصاد إنتاجي حقيقي يعيد الثقة ويعزز صمود الدولة أمام الأزمات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store