
خدعة الأمان.. سدود درنة الليبية ضاعفت دمار الفيضان عشرين مرة
كشفت دراسة علمية حديثة أن الفيضانات الكارثية التي اجتاحت مدينة درنة الليبية عام 2023 لم تكن نتيجة الأمطار الغزيرة وحدها، بل تفاقمت بشكل مدمر بسبب انهيار سدين رئيسيين بسبب تصميمهما غير الملائم.
وباستخدام مزيج متقدم من النمذجة الهيدرولوجية وتحليل بيانات الأقمار الصناعية، وجد الباحثون أن العاصفة "دانيال" جلبت أمطاراً غزيرة، لكنها لم تكن حدثاً غير مسبوق في المنطقة.
في الواقع، تشير النماذج إلى أن مثل هذه العواصف تحدث مرة كل عدة عقود، ما يعني أن الكارثة كانت متوقعة وقابلة للتحجيم، ومع ذلك، ساهمت سوء إدارة المخاطر وانهيار السدود في تضخيم الأضرار نحو عشرين ضعفا، بحسب ما أكدته الدراسة المنشورة في دورية "ساينس أدفانسيس".
وأشارت الدراسة إلى أن وجود السدود أعطى شعورا زائفا بالأمان، مما شجع على البناء والتمركز في مناطق معرضة للفيضانات، وعندما انهارت السدود، اجتاحت موجات ضخمة من المياه المدينة، مدمرة أحياء بأكملها وحاصدة آلاف الأرواح.
ويقول الباحثون: "هذه الكارثة لم تكن حتمية، فسوء التخطيط واعتماد المجتمع على البنية التحتية الخادعة دون تقييم حقيقي للمخاطر، كانا عوامل حاسمة في المأساة".
إشادة وتحفظات
وفي تعليقه على الدراسة، قال د. كارم عبدالمحسن، الباحث في العلوم الجيولوجية والبيئية بجامعة غرب ميشيغان الأمريكية لـ"العين الإخبارية"، إن أبرز ما يميز هذا البحث هو الجمع بين النمذجة الهيدرولوجية وتحليل الأقمار الصناعية لإعادة بناء سيناريو فيضان درنة، مما كشف أن الكارثة تضاعفت عشرين مرة بسبب وجود السدود.
وأضاف عبدالمحسن: "خلصت الدراسة إلى نتيجة لافتة، وهي أن الوضع كان سيكون أقل سوءا لو لم تكن هناك سدود تخزن المياه فوق المدينة، وهذه المقارنات نادرة في دراسة آثار الكوارث".
ورغم إشادته بمنهجية الدراسة، أبدى بعض التحفظات، أبرزها اعتماد الباحثين فقط على بيانات الأقمار الاصطناعية دون الاستعانة ببيانات ميدانية، مثل حالة السدود قبل الفيضان، سعتها، معدل تدفق المياه، وشدة الانهيار.
وأشار أيضا إلى أن الدراسة أغفلت البُعد الاجتماعي، مثل تقييم استجابة السكان للطوارئ، وهو جانب بالغ الأهمية لفهم مدى تفاقم الأضرار أو التخفيف منها.
رسائل وتحذيرات للمستقبل
ورغم التحفظات، فإنها لا تقلل من قيمة الرسالة التي تود تلك الدراسة توصيلها، إذ تؤكد نتائجها على الحاجة الملحة لوضع استراتيجيات متطورة لإدارة الفيضانات، خصوصا في المناطق الجافة التي تشهد طقسا متقلبا وأحداثا جوية متطرفة بين الحين والآخر.
وحذر الباحثون من الاعتماد المفرط على البنية التحتية دون تعزيز نظم التحذير المبكر والاعتماد على حلول طبيعية لإدارة مخاطر الفيضانات.
والدرس الأهم الذي تقدمه مأساة درنة هو أن الحماية الحقيقية تبدأ من التخطيط السليم، وإشراك المجتمع في فهم المخاطر، وليس فقط الاعتماد على السدود أو المنشآت الهندسية، التي قد تتحول، في لحظة انهيار، إلى مصدر الدمار الأكبر.
aXA6IDQ1LjM4LjEwNi40MCA=
جزيرة ام اند امز
GB

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 2 ساعات
- العين الإخبارية
الخرسانة التي بنت إمبراطورية.. سر «خلطة رومانية» لم يستطع الزمن تدميرها
بعد ما يقرب من ألفي عام على ذروة الإمبراطورية الرومانية، لا تزال العديد من مبانيها قائمة، صامدة في وجه الزمن والعوامل الطبيعية. من البانثيون الشهير في قلب روما، إلى قنوات المياه في سيغوفيا الإسبانية، وصولا إلى الحمامات الرومانية في إنجلترا، تشهد هذه المعالم على قوة بناء استثنائية قل نظيرها. ولكن، ما الذي يجعل هذه الهياكل الحجرية القديمة أكثر تحملا من كثير من المباني الحديثة؟ الجواب يكمن في مادة البناء المعجزة: الخرسانة الرومانية. سر الخلطة الرومانية لطالما حير تركيب الخرسانة الرومانية العلماء، لكن أبحاثا حديثة بدأت تكشف الستار عن بعض من أسرارها. فوفقًا لدراسة نُشرت عام 2023 في مجلة "ساينس أدفانسيس"، توصل فريق من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إلى أن ما يجعل الخرسانة الرومانية استثنائية هو قدرتها على "التصلح الذاتي" بفضل مكون فريد داخلها يُعرف بـ شظايا الجير الحي "، فعندما تتسلل المياه إلى الشقوق الصغيرة في الهياكل القديمة، تتفاعل هذه الشظايا مع الماء لتكوّن بلورات من الكالسيت، تملأ الفجوات وتعيد ترميم المادة تلقائيا. الرماد البركاني.. سلاح سري من نابولي عنصر آخر بالغ الأهمية هو مادة "البوزولان"، وهي رماد بركاني غني بالسيليكا والألومينا، كان الرومان يستخرجونه من مدينة بوزولي قرب نابولي. كان هذا الرماد يشحن إلى أنحاء الإمبراطورية لاستخدامه في خلطة خرسانية تتفاعل مع الماء والجير في درجات حرارة منخفضة، لتنتج صلابة مذهلة تدوم لقرون. ويعتقد الباحثون أن الرومان استخدموا تقنية تُعرف بـ"الخلط الساخن"، حيث تُخلط المكونات "الجير والرماد والماء " وتسخن معا، وهو ما يعزز تشكل الشظايا الجيرية التي تمنح الخرسانة خاصية الترميم الذاتي. خرسانة تتفوق على الحديثة في المقابل، تعتمد الخرسانة الحديثة، وبخاصة الإسمنت البورتلاندي ، على إنتاج "الكلنكر" عبر تسخين الحجر الجيري والمواد الطينية إلى درجات حرارة تصل إلى 1480 درجة مئوية، ثم طحنه إلى مسحوق ناعم، و هذه العملية، رغم فعاليتها، تُتلف أي شظايا جيرية يمكن أن تؤدي وظيفة الترميم الذاتي. ويقول كيفن ديكوس، أستاذ الكلاسيكيات بجامعة أوريغون: "هذه الجدران عمرها 2000 عام، ولا تزال صلبة كما كانت يوم صُبّت لأول مرة، هذا ليس مجرد حظ، يبدو أن الرومان كانوا يعرفون تمامًا ما يفعلونه". هل حان وقت العودة إلى الماضي؟ ومع تزايد الحاجة لبناء مستدام يدوم لقرون بدلا من عقود، يأمل العلماء أن تؤدي دراسة الخرسانة الرومانية إلى تطوير مواد بناء مستقبلية أكثر متانة، وربما يوما ما، نرى مباني حديثة تصمد كما صمدت الجدران الرومانية. aXA6IDgyLjI2LjIyMy43NSA= جزيرة ام اند امز CR


العين الإخبارية
منذ 2 أيام
- العين الإخبارية
السلاح الخفي للسماء.. «فيوري» تكشف وجه الحروب القادمة
تم تحديثه الإثنين 2025/5/19 03:44 م بتوقيت أبوظبي هي ليست مجرد طائرة مُسيرة، إنها مقاتلة ذكية قد تسبق الطيار البشري في الهجوم وتحدد شكل الحروب القادمة. إنها طائرة "فيوري" المشروع الجديد للجيش الأمريكي، والتي من المنتظر أن تكون بمثابة ثورة في عالم القوات الجوية، فهي تفكر وتناور وتقاتل بجانب الطائرات المأهولة بتناغم كبير. ووفقا لما طالعته "العين الإخبارية" في موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي، فإن المقاتلة الجوية تعمل بالذكاء الاصطناعي، وقيد التصنيع في الوقت الحالي. في حلقة من برنامج "60 دقيقة" على قناة "سي بي إس" الأمريكية، أزاحت شركة "أندوريل" الستار عن مشاهد من خلف الكواليس لعملية تجميع الطائرة الجديدة داخل منشآتها، ما منح الجمهور لمحة أولى عن مشروع بات مرشحا لإعادة تشكيل التكتيكات الجوية للجيش الأمريكي. ويهدف برنامج "الطائرات القتالية التعاونية" التابع لسلاح الجو الأمريكي، إلى تصميم طائرات ذكية تعمل بتنسيق مع المقاتلات البشرية، وتتحرك أمامها في ميدان المعركة لاكتشاف التهديدات، ومهاجمتها قبل أن تقترب حتى الطائرة المأهولة. وهذه ليست المرة الأولى التي تُعرض فيها الطائرة للجمهور، فقد كشفت القوات الجوية الأمريكية عن نموذج تجريبي لها في الأول من مايو/أيار الجاري، لكن الحلقة التلفزيونية قدمت بعض التفاصيل الإضافية حول صنع الطائرة. وفي أحد المقاطع، يظهر مهندسان وهما يعملان على إصلاح جناح في طائرة "فيوري"، وهي الطائرة التي تُقدمها الشركة الناشئة في مجال الدفاع لبرنامج الطائرات القتالية التعاوني للقوات الجوية الأمريكية. مواصفات وسيناريوهات وبحسب "أندوريل"، فإن الطائرة مصممة بنظام معياري يتيح استبدال أجزائها وتحديثها بسهولة، ما يسهل تصنيعها بكميات كبيرة وفي مواقع متعددة داخل الولايات المتحدة، دون الحاجة إلى مصانع متخصصة عالية التكلفة. وفي أحد المشاهد داخل التقرير الذي بثته قناة "سي بي إس"، تظهر، ثلاث طائرات "فيوري" تحلق كفريق هجومي متكامل إلى جانب طائرة مأهولة، وتنفذ عملية مشتركة لإسقاط هدف جوي معاد. مشهدٌ يجسد طبيعة التكامل القتالي الذي تراهن عليه الشركة والجيش الأمريكي في المستقبل القريب. وفي تصريحات لـ"سي بي إس"، قال برايان شيمبف، الرئيس التنفيذي لشركة أندوريل، "تحلق هذه الطائرات أمام المقاتلات المأهولة، وتستطيع تحديد موقع العدو أولا، والاشتباك معه قبل أن تظهر المقاتلة المأهولة أو تكون في مداها بوقت طويل". وتُعدّ هذه المهمة جزءًا من رؤية القوات الجوية لطائراتها المقاتلة المتطورة للقتال إلى جانب الطائرات المسيرة أو لاستخدام المسيرات في مهام مستقلة. وأكدت قيادة القوات الجوية أن أولويتها هي جعل الطائرات المسيرة بأسعار معقولة وسهلة التصنيع، حيث تأمل في زيادة عدد طائراتها في السماء نظرا لتقلص أسطولها لصالح طائرات أكثر تطورا. وتتنافس شركة أندوريل بطائرتها "فيوري" مع شركة "جنرال أتوميكس"، التي تقدم أيضًا طائرة مسيرة بتصميم معياري. ومن المتوقع أن تختار وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بينهما خلال السنة المالية 2026، التي تبدأ في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. aXA6IDMxLjU4LjI3LjYg جزيرة ام اند امز GB


العين الإخبارية
منذ 2 أيام
- العين الإخبارية
توقف مفاجئ لمهمة فضائية هندية.. خلل تقني أم مشكلة أعمق؟
شهدت الهند صباح الأحد تعثرا تقنيا خلال إطلاق قمر صناعي جديد، وذلك بعد أن واجه صاروخ الإطلاق، خللا مفاجئا في المرحلة الثالثة. وعلى الرغم من إكمال الصاروخ "PSLV-C61" المرحلتين الأولى والثانية بنجاح، لم يتمكن القمر الصناعي المخصص لرصد الأرض "EOS-09" من بلوغ مداره المخطط له. وصرح الدكتور في. نارايانان، مدير وكالة الفضاء الهندية، بأن السبب المباشر وراء إخفاق المهمة كان هبوطا مفاجئا في ضغط غرفة الاحتراق لمحرك المرحلة الثالثة. وأضاف: "نقوم حاليا بتحليل البيانات لتحديد الأسباب الدقيقة، وسنعلن التفاصيل بعد استكمال التحقيق الفني". ما الذي حدث فنيا؟ ويتكون الصاروخ PSLV من أربع مراحل، حيث تعمل الأولى بالوقود الصلب وتوفر الدفع الأولي، مدعومة بمحركات تعزيز إضافية، بينما تعمل الثانية بالوقود السائل وتُستخدم لتسريع الحمولة إلى ارتفاع أعلى. وتعتمد المرحلة الثالثة على الوقود الصلب، وتُعد حاسمة للوصول إلى المدار الصحيح، أما المرحلة الرابعة، فهي محرك صغير مزدوج يعمل بالوقود السائل لتعديل المدار بدقة. وفي هذه المهمة، أتم الصاروخ المرحلتين الأوليين بنجاح، لكن المرحلة الثالثة شهدت انخفاضا في ضغط غرفة الاحتراق، وهو ما يشير عادة إلى احتراق غير مكتمل أو خلل في هيكل المحرك الصلب، كتشقق في الغلاف الداخلي أو تسرب غازات الدفع. ولأن هذه المرحلة مسؤولة عن تسريع المركبة إلى سرعة شبه مدارية، فإن أي خلل فيها يمنع القمر الصناعي من الوصول إلى المدار الصحيح، أو يجعله يدخل مدارا غير مستقر يؤدي إلى سقوطه لاحقا. ماذا كان القمر الصناعي EOS-09؟ والقمر الصناعي "EOS-09" الذي كان من المأمول إرساله، هو جزء من سلسلة أقمار مراقبة الأرض، ويهدف إلى مراقبة التغيرات البيئية والمناخية، دعم نظم الزراعة وإدارة المياه، ورصد الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والانهيارات الأرضية. وكان من المقرر أن يُطلق إلى مدار شمسي متزامن (SSO) بارتفاع يقارب 536 كيلومترا، حيث يتمتع بإضاءة شمسية مستمرة لالتقاط صور عالية الدقة. هل يعتبر هذا التعثر نادرا؟ ورغم الطابع غير المألوف للعطل، فإن الهند تمتلك سجلا ممتازا مع صواريخ (PSLV)، حيث نفذت أكثر من 50 مهمة ناجحة منذ أول إطلاق عام 1993، بمعدل نجاح تجاوز 94%. ووفقا لخبراء في مجال الملاحة الفضائية، فإن الأعطال التقنية خلال الإطلاقات الفضائية أمرا واردا حتى لدى الدول ذات الخبرة الكبيرة في هذا المجال، مثل الولايات المتحدة وروسيا. وبالنظر إلى سجل الهند في إطلاق أكثر من 50 مهمة ناجحة باستخدام صاروخ "PSLV"، فإن هذه الحادثة تبدو استثناءً ضمن مسيرة حافلة بالنجاحات. ويرى الخبراء أن مثل هذه الأحداث توفر فرصا لتعزيز كفاءة المنظومات وتحسين الأداء في المهمات المقبلة، خاصة مع تزايد طموحات الهند في مجال الفضاء التجاري والاستكشاف الكوكبي. ويأتي هذا الحدث بعد سلسلة من النجاحات اللافتة لوكالة الفضاء الهندية، أبرزها: - مهمة "مانجاليان" إلى المريخ (2014): أول دولة آسيوية تصل إلى مدار الكوكب الأحمر، وبميزانية منخفضة مقارنة بالبرامج الغربية. - هبوط "تشاندرايان-3" على القمر (2023): أول هبوط في العالم بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، ما فتح آفاقًا لاستكشاف المياه المتجمدة. - الاستعدادات الحالية لإرسال أول رائد فضاء هندي في مهمة مأهولة ضمن برنامج "ججان-يان". aXA6IDgyLjIyLjIzNi4xMzYg جزيرة ام اند امز PL