
فرنسا لا تزال الأولى أوروبيا.. لكن جاذبيتها الاستثمارية تتآكل أمام أمريكا
رغم حفاظ فرنسا على صدارتها كأول وجهة للاستثمارات الأجنبية في أوروبا خلال عام 2024، إلا أن عدد المشاريع الاستثمارية فيها بلغ أدنى مستوياته منذ 8 سنوات، وفقًا لمؤشر EY السنوي للدراسات الأوروبية.
فالأرقام الصادرة عن مؤشر EY السنوي تكشف عن تراجع حاد في المشاريع الجديدة وعدد الوظائف المرتبطة بها، في وقتٍ تشهد فيه الولايات المتحدة قفزة نوعية في جذب رؤوس الأموال. فهل ما زالت فرنسا قادرة على الإقناع وسط منافسة عالمية تشتدّ؟ وهل أوروبا مستعدة لتحديات الهيكلة والابتكار؟
من جانبه، علق مستشار التجارة الخارجية للرئاسة الفرنسية، ورئيس منظمة أرباب العمل الفرانكفونية جون لو بلانشييه لـ"العين الإخبارية" على التقرير قائلا:ً "صحيح أن فرنسا ما زالت تحتفظ ببريقها لدى المستثمرين، لكن هذا البريق بدأ يخفت أمام السطوع الأمريكي المدعوم بإجراءات تحفيزية كبرى.
وأوضح بلانشيه أنه "ما لم تعالج فرنسا وأوروبا عوائق الابتكار وكلفة الإنتاج، فإننا سنشهد تراجعًا تدريجيًا في تدفقات رؤوس الأموال، وهو ما قد ينعكس على النمو والتوظيف في السنوات المقبلة".
ومن المقرر أن يستضيف الرئيس إيمانويل ماكرون، يوم الإثنين المقبل، القمة السنوية Choose France، التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث يُنتظر الإعلان عن مشاريع كبرى تروّج لجاذبية الاقتصاد الفرنسي. إلا أن هذا الحدث، رغم زخمه، لا يُخفي تراجع أداء فرنسا في هذا المجال، والذي استمر في التدهور منذ ذروته عام 2021، بحسب محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية.
فبحسب المؤشر السنوي لمكتب الدراسات EY، الذي نُشر يوم الخميس، بلغ عدد المشاريع الاستثمارية الأجنبية في فرنسا خلال عام 2024 ما مجموعه 1025 مشروعًا، وهو أدنى مستوى يُسجل منذ عام 2017 (باستثناء عام الجائحة 2020)، بتراجع نسبته 14% مقارنةً بعام 2023، وقرابة 20% مقارنةً بعامي 2022 و2021.
ومؤشرEY Attractiveness Survey أو "باروميتر EY" هو دراسة سنوية تُجريها شركة Ernst & Young ، وهي واحدة من أكبر شركات الخدمات المهنية في العالم. ويهدف هذا المؤشر إلى قياس جاذبية البلدان الأوروبية (وبعض المناطق الأخرى) للاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وما يزيد الوضع سوءًا، أن هذه الاستثمارات لم تُنتج سوى 29 ألف وظيفة جديدة في 2024، بانخفاض بلغ 27% على أساس سنوي، و35% مقارنةً بعام 2021. وعلى الرغم من أن سنة 2021 كانت استثنائية – كما عام 2018 الذي شهد انتخاب ماكرون لأول مرة وأثار حماسة المستثمرين الدوليين – فإن هذا الانخفاض يعكس تحولًا واضحًا.
أداء أوروبي باهت.. وفرنسا تتصدر رغم التراجع
تشترك فرنسا في هذا التراجع مع قوتين اقتصاديتين أوروبيتين: ألمانيا والمملكة المتحدة. فبينما تعاني ألمانيا من ركود اقتصادي منذ نحو ثلاث سنوات، لا تزال بريطانيا تحاول التعافي من صدمة البريكست.
ورغم التراجع، تظل فرنسا في المرتبة الأولى أوروبيًا من حيث عدد الاستثمارات الأجنبية، متقدمة على المملكة المتحدة (853 مشروعًا، بتراجع 13%) وألمانيا (608 مشاريع، بتراجع 17%). ووصفت الرئاسة الفرنسية هذا التقدم بأنه "خبر سار"، مشيرة إلى أن "تربّع فرنسا على عرش الجاذبية في أوروبا لم يكن أمرًا بديهيًا قبل سنوات".
وبحسب مؤشر EY، بلغ عدد المشاريع الاستثمارية الأجنبية في فرنسا 1025 مشروعًا، ما يجعلها الدولة الأوروبية الأولى في هذا المجال، رغم التراجع المسجل مقارنةً بعام 2023.
وقد علّقت وزارة الاقتصاد الفرنسية على هذا التقرير بالقول إن "هذا دليل على صمود جاذبية فرنسا الاستثمارية، رغم الظروف الدولية الصعبة".
شوائب فرنسية: تراجع التوظيف وارتفاع التكاليف
لكن هذا الأداء يخفي بعض المؤشرات السلبية. ففرنسا تحتل المرتبة الثالثة فقط من حيث عدد الوظائف المولدة لكل مشروع: بمعدل 30 وظيفة في فرنسا، مقابل 48 في ألمانيا و125 في إسبانيا.
ويُظهر المؤشر أن انخفاض الوظائف بنسبة 27% بين عامي 2023 و2024 يعكس الحذر المتزايد لدى المستثمرين، إلى جانب ارتفاع التكاليف وطول إجراءات التأسيس.
ويظل العبء الكبير لتكلفة اليد العاملة في فرنسا أحد العوامل التي تعرقل خلق فرص العمل، حيث تبقى تكلفة ساعة العمل من بين الأعلى في أوروبا.
كما أن نمط الاستثمار في فرنسا يتميز بتفضيل التوسعة لمواقع قائمة (63%) بدلًا من إنشاء مشاريع جديدة من الصفر، وهي نسبة أعلى بكثير من المعدل الأوروبي (36%).
أوروبا كلها تتراجع.. وأمريكا تتقدم
ورغم محافظة فرنسا على الصدارة، إلا أن القارة الأوروبية ككل تعاني من تراجع في الاستثمارات الأجنبية للعام الثاني على التوالي، لتسجل أدنى مستوياتها منذ تسع سنوات (-5%).
في المقابل، حققت الولايات المتحدة زيادة بحوالي 20% في الاستثمارات خلال الفترة نفسها، بفضل برامج مثل IRA والسياسات المؤيدة للأعمال التي يروج لها دونالد ترامب، حسب التقرير.
وقد انخفضت الاستثمارات الأمريكية في أوروبا بنسبة 11% مقارنة بعام 2023، و24% مقارنة بعام 2022.
وجاء في تقرير EY: "أوروبا لم تعد تطمئن المستثمرين بشأن قدرتها على تجاوز الأزمات وتقديم حلول جديدة"، مشيرًا إلى أن القادة الأوروبيين يواجهون تحديات هيكلية مثل ضعف القدرة التنافسية، وانخفاض معدلات الابتكار مقارنةً بالولايات المتحدة والصين، ونقص العمالة المؤهلة والمدربة.
كما انخفض عدد الوظائف الناتجة عن الاستثمارات الأجنبية في أوروبا بنسبة 15% بين عامي 2023 و2024.
الصناعة الفرنسية في مأزق
ورغم الأداء النسبي الجيد، تعاني فرنسا بشدة في قطاعي الصناعة والخدمات ذات القيمة المضافة. ويُشير التقرير إلى أن المستثمرين يعتبرون الجاذبية الصناعية الفرنسية متأثرة بعوامل عدة، منها؛ ارتفاع تكلفة الأجور، ونقص الأراضي الصناعية الجاهزة، وضعف تنافسية الطاقة، وبطء التحول التكنولوجي (كالروبوتات والابتكار).
كما أن قطاعات صناعية تقليدية مثل الكيمياء والسيارات تشهد حاليًا إغلاق مصانع أكثر من افتتاحها، للمرة الأولى منذ جائحة كورونا.
ويُظهر استطلاع EY أن الرؤساء التنفيذيين لا يزالون يعترفون بمقومات فرنسا مثل حجم السوق، والابتكار، والبنية التحتية، لكنهم يصطدمون بمشاكل على المدى القصير مثل: الربحية، واستقرار السوق، وتكاليف الطاقة، ومحدودية الوسائل المخصصة للانتقال البيئي.
نقاط القوة.. رغم هشاشة الوضع
رغم هشاشة النمو وتدهور المالية العامة، تُسجل الدراسة بعض النقاط الإيجابية، فإن فرنسا استطاعت اغتنام الفرص في قطاعات مستقبلية مثل: الذكاء الاصطناعي، الطاقة النظيفة، البرمجيات، والدفاع.
وتمتلك شركات فرنسية رائدة عالميًا في مجالات استراتيجية مثل الطاقة، الطيران، الصناعات الغذائية والدفاع.
على الصعيد الأوروبي، فإن غياب تام للصناعة في بعض المجالات (مثل أشباه الموصلات والمنصات الرقمية) يطرح تساؤلات حول السيادة الصناعية للقارة.
aXA6IDgyLjI1LjI1MC4yNTIg
جزيرة ام اند امز
FR
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
٢٠-٠٥-٢٠٢٥
- العين الإخبارية
فرنسا تعزز جاذبيتها الاقتصادية.. استثمارات أجنبية جديدة بـ20 مليار يورو
اعتبر خبراء اقتصاد فرنسيون أن مبادرة "اختر فرنسا"، التي تنظمها الحكومة الفرنسية في قصر فرساي، يعكس حجم تحديات الاقتصاد الفرنسي في زمن الأرقام القياسية. وقال الخبراء، إن باريس تسعى لتعزيز جاذبيتها الاقتصادية في مواجهة الرياح المعاكسة العالمية، مشيرين إلى أن إعلان عشرات المليارات من الاستثمارات الأجنبية لا يلغي حقيقة وجود تحديات بنيوية تهدد قدرة الاقتصاد الفرنسي على المنافسة المستدامة. وتم الإعلان، عن استثمارات أجنبية جديدة بقيمة تقارب 20 مليار يورو، خلال النسخة الثامنة من قمة "Choose France"، وفقًا لما أكدته الرئاسة الفرنسية، التي كشفت أيضًا أن 17 مليار يورو إضافية تأتي في إطار التزامات سابقة تتعلق بمشاريع الذكاء الاصطناعي. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد كشف عن هذه الأرقام بنفسه يوم الجمعة، خلال مقابلة مع الصحافة الإقليمية، في محاولة للتأكيد على ما يعتبره "نجاحًا اقتصاديًا فرنسيًا غير مسبوق". ووفقًا لقصر الإليزيه، فإن إجمالي الاستثمارات المعلنة في السنوات الأخيرة ارتفع بشكل كبير: 15 مليار يورو في 2024، مقارنة بـ13 مليارًا في 2023 و6.8 مليار فقط في 2022. ويشارك في القمة هذا العام أكثر من 200 من كبار رجال الأعمال من مختلف دول العالم، من بينهم رؤساء شركات كبرى مثل "BYD" الصينية، و"IKEA" السويدية، و"BASF" الألمانية، و"Blackstone" و"Goldman Sachs" الأميركيتين. وتشير البيانات الرسمية إلى أن 40% من الضيوف يمثلون دولًا أوروبية، فيما يشكل الأمريكيون النسبة الأكبر (19%)، رغم التوترات التجارية القائمة مع واشنطن، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية. لكن خلف هذه الأرقام المبهرة، يرى اقتصاديون أن الواقع أكثر تعقيدًا مما يُعرض على منصات القمة. من حهته، اعتبر البروفيسور جان كريستوف ميلون، الباحث الاقتصادي في مركز الدراسات المستقبلية بباريس، لـ"العين الإخبارية": "أن الزخم الإعلامي حول الاستثمارات الضخمة قد يعطي انطباعًا خاطئًا بأن فرنسا في وضع تنافسي ممتاز، لكن الحقيقة أن البلاد تواجه تحديات عميقة في بنية سوق العمل، وارتفاع كلفة الإنتاج، والمنافسة الضريبية الأوروبية". وأضاف: "ماكرون نجح في جعل فرنسا وجهة مرغوبة لبعض القطاعات، خاصة التكنولوجيا والطاقة، لكن ذلك لا يعني أن الاقتصاد محصّن من التباطؤ أو من فقدان الثقة على المدى الطويل". أما كلارا بيلان، الخبيرة الاقتصادية في معهد "مونتين" للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، فقالت لـ"العين الإخبارية" :"إن قمة شوز فرانس (اختر فرنسا) تعبّر عن ديناميكية واضحة، لكنها لا تخفي الحاجة إلى إصلاحات هيكلية عميقة". وأوضحت أن الجاذبية الاستثمارية لا تُقاس فقط بحجم الأموال المعلنة، بل بالقدرة على إبقائها واستثمارها في بيئة مستقرة وآمنة. وتابعت: "ما نحتاجه اليوم هو ضمانات على صعيد الاستقرار الضريبي، وضبط سوق الطاقة، والتوازن الاجتماعي، وكلها عوامل بدأت بعض الشركات الكبرى تبدي قلقًا بشأنها في جلسات غير علنية". رسائل خارجية من قلب فرساي إلى جانب الأرقام، تراهن الرئاسة الفرنسية على البُعد الرمزي للقمة التي تُعقد في قصر فرساي، حيث يُنظر إليها كرسالة قوة اقتصادية وجاذبية دبلوماسية، في وقت تسعى فيه باريس إلى تنويع علاقاتها الاقتصادية، بعيدًا عن الهيمنة الغربية التقليدية. غير أن التحدي الأبرز، بحسب مراقبين، يكمن في تحويل هذه الوعود الاستثمارية إلى مشاريع ملموسة تخلق الوظائف وتدفع عجلة الاقتصاد، في ظل مناخ دولي يتسم بالتقلب والقلق الجيوسياسي. aXA6IDQ2LjIwMy4xOTAuMTY5IA== جزيرة ام اند امز UA


العين الإخبارية
١٩-٠٥-٢٠٢٥
- العين الإخبارية
بريطانيا والاتحاد الأوروبي.. اتفاق غير مسبوق يدشن لـ«ما بعد بريكست»
تم تحديثه الإثنين 2025/5/19 06:18 م بتوقيت أبوظبي أبرمت بريطانيا والاتحاد الأوروبي اتفاقا دفاعيا وتجاريا دشن لمرحلة ما بعد خروج المملكة المتحدة من التكتل. ويحدد الاتفاق "غير المسبوق"، وفقا لـ"فرانس برس"، ملامح "علاقات أوثق" بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي في مجالي الدفاع والتجارة، ويفتح فصلا جديدا بعد خروج المملكة المتحدة المثير للجدل من التكتل قبل خمس سنوات. وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، اليوم الاثنين، إن الاتفاق "يمثل حقبة جديدة في العلاقات بين الجانبين" بعد البريكست. وأضاف في تصريحات للصحفيين "هذه أول قمة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. إنها تمثل حقبة جديدة في علاقتنا، وهذا الاتفاق يعود بالنفع على الطرفين". وأوضح أن الاتفاق الذي وصفه بأنه منصف "يمثل بداية عصر جديد في علاقتنا. نحن نتفق على شراكة استراتيجية جديدة تناسب متطلبات زمننا"، مشيرا إلى أن الاتفاق جيد للطرفين. وأكد أن المملكة المتحدة ستجني "فوائد حقيقية وملموسة" في مجالات مثل "الأمن والهجرة غير النظامية وأسعار الطاقة والمنتجات الزراعية والغذائية والتجارة"، بالإضافة إلى "خفض الفواتير وتوفير فرص العمل وحماية حدودنا". من ناحيتها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن الاتفاق يبعث برسالة مفادها أن الدول الأوروبية متحدة. وأضافت في تصريحاتها للصحفيين "الرسالة التي نوجهها للعالم اليوم هي أنه... في وقت يسود فيه عدم الاستقرار العالم وتواجه قارتنا أكبر تهديد لها منذ أجيال، فإننا في أوروبا متحدون". وأكد أن "هذا يوم مهم لأننا نطوي الصفحة ونفتح فصلا جديدا. هذا أمر بالغ الأهمية في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، لأننا نتشارك في الرؤية والقيم نفسها". ومن المفترض أن تؤدي شراكة الدفاع إلى إجراء محادثات أمنية بشكل أكثر انتظاما، مع احتمال مشاركة بريطانيا في بعثات عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي، فضلا عن إمكانية استفادة لندن الكاملة من صندوق دفاع بقيمة 150 مليار يورو (167 مليار دولار) اتفقت دول التكتل على إنشائه. واتفق الجانبان على رفع القيود المفروضة على الصادرات البريطانية إلى دول الاتحاد الأوروبي الـ27، مقابل تمديد بريطانيا حقوق الصيد للاتحاد الأوروبي في مياهها الإقليمية لمدة 12 عاما إضافيا. وأشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن الاتفاق جاء بعد مفاوضات جرت خلال الليل وتم خلالها تجاوز الخلافات في قضايا رئيسية. وقالت المملكة المتحدة إن الاتفاق الاقتصادي الجديد مع الاتحاد الأوروبي يخفف من إجراءات التفتيش الجمركي على المنتجات الغذائية والنباتية بما يسمح "من جديد بحرية تدفق السلع". وأضافت رئاسة الحكومة البريطانية (داونينغ ستريت) في بيان أن هذا الاتفاق سيضيف "ما يقرب من 9 مليارات جنيه إسترليني" (12 مليار دولار) إلى الاقتصاد البريطاني بحلول عام 2040. ووقع الجانبان اتفاق "الشراكة الأمنية والدفاعية" في ختام اجتماع اليوم الإثنين ضم إلى جانب ستارمر وفون دير لاين، رئيس المجلس الأوروبي أنتونيو كوستا ومسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد كايا كالاس. وتم التوقيع كذلك على بيان مشترك بشأن التضامن الأوروبي ووثيقة تفاهم بشأن قضايا تتراوح من التجارة إلى الصيد وتنقل الشباب. وبموجب الاتفاق النهائي، تُبقي بريطانيا مياهها مفتوحة أمام الصيادين الأوروبيين لمدة 12 عامًا بعد انتهاء صلاحية الاتفاق الحالي في عام 2026، مقابل تخفيف دول الاتحاد السبع والعشرين القيود البيروقراطية على واردات السلع الغذائية من المملكة المتحدة إلى أجل غير مسمى. وفيما يتعلق بمسألة تنقل الشباب، اتفق المفاوضون على صياغة عامة تُؤجل المساومة إلى وقت لاحق. وتخشى لندن أن يُؤدي أي برنامج لتنقل الشباب إلى عودة حرية التنقل بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. ورفض ستارمر العودة إلى حرية الحركة الكاملة، لكنه منفتح على برنامج تنقل يتيح لبعض الشباب البريطانيين والأوروبيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عامًا الدراسة والعمل في المملكة المتحدة وبالعكس. وتأتي المحادثات في وقت يسعى الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لزيادة التسلح في مواجهة التهديد من روسيا والمخاوف من تراجع الولايات المتحدة عن المساهمة في حماية أوروبا في عهد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. لكن العديد من التفاصيل المتعلقة بالشراكة الدفاعية ستترك لتنجز لاحقا. وستتطلب إزالة القيود أمام المملكة المتحدة وصناعتها الدفاعية للاستفادة من برامج الاتحاد الأوروبي مثلا، اتفاقا إضافيا. وترتبط بريطانيا أصلًا بعلاقات دفاعية متشابكة مع 23 من دول الاتحاد الأوروبي من خلال حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لذلك تعد شراكة الدفاع الجزء الأسهل من الاتفاقات المطروحة. وقالت أوليفيا أوسوليفان، مديرة برنامج المملكة المتحدة في العالم بمركز تشاتام هاوس للأبحاث إن الاتفاق هو "الخطوة التالية نحو تعاون أوثق لكنه لا يمثل حلا للعديد من القضايا العالقة". aXA6IDkyLjExMy4xMzMuMjQxIA== جزيرة ام اند امز AU


العين الإخبارية
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- العين الإخبارية
فرنسا لا تزال الأولى أوروبيا.. لكن جاذبيتها الاستثمارية تتآكل أمام أمريكا
رغم حفاظ فرنسا على صدارتها كأول وجهة للاستثمارات الأجنبية في أوروبا خلال عام 2024، إلا أن عدد المشاريع الاستثمارية فيها بلغ أدنى مستوياته منذ 8 سنوات، وفقًا لمؤشر EY السنوي للدراسات الأوروبية. فالأرقام الصادرة عن مؤشر EY السنوي تكشف عن تراجع حاد في المشاريع الجديدة وعدد الوظائف المرتبطة بها، في وقتٍ تشهد فيه الولايات المتحدة قفزة نوعية في جذب رؤوس الأموال. فهل ما زالت فرنسا قادرة على الإقناع وسط منافسة عالمية تشتدّ؟ وهل أوروبا مستعدة لتحديات الهيكلة والابتكار؟ من جانبه، علق مستشار التجارة الخارجية للرئاسة الفرنسية، ورئيس منظمة أرباب العمل الفرانكفونية جون لو بلانشييه لـ"العين الإخبارية" على التقرير قائلا:ً "صحيح أن فرنسا ما زالت تحتفظ ببريقها لدى المستثمرين، لكن هذا البريق بدأ يخفت أمام السطوع الأمريكي المدعوم بإجراءات تحفيزية كبرى. وأوضح بلانشيه أنه "ما لم تعالج فرنسا وأوروبا عوائق الابتكار وكلفة الإنتاج، فإننا سنشهد تراجعًا تدريجيًا في تدفقات رؤوس الأموال، وهو ما قد ينعكس على النمو والتوظيف في السنوات المقبلة". ومن المقرر أن يستضيف الرئيس إيمانويل ماكرون، يوم الإثنين المقبل، القمة السنوية Choose France، التي تهدف إلى جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث يُنتظر الإعلان عن مشاريع كبرى تروّج لجاذبية الاقتصاد الفرنسي. إلا أن هذا الحدث، رغم زخمه، لا يُخفي تراجع أداء فرنسا في هذا المجال، والذي استمر في التدهور منذ ذروته عام 2021، بحسب محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية. فبحسب المؤشر السنوي لمكتب الدراسات EY، الذي نُشر يوم الخميس، بلغ عدد المشاريع الاستثمارية الأجنبية في فرنسا خلال عام 2024 ما مجموعه 1025 مشروعًا، وهو أدنى مستوى يُسجل منذ عام 2017 (باستثناء عام الجائحة 2020)، بتراجع نسبته 14% مقارنةً بعام 2023، وقرابة 20% مقارنةً بعامي 2022 و2021. ومؤشرEY Attractiveness Survey أو "باروميتر EY" هو دراسة سنوية تُجريها شركة Ernst & Young ، وهي واحدة من أكبر شركات الخدمات المهنية في العالم. ويهدف هذا المؤشر إلى قياس جاذبية البلدان الأوروبية (وبعض المناطق الأخرى) للاستثمارات الأجنبية المباشرة. وما يزيد الوضع سوءًا، أن هذه الاستثمارات لم تُنتج سوى 29 ألف وظيفة جديدة في 2024، بانخفاض بلغ 27% على أساس سنوي، و35% مقارنةً بعام 2021. وعلى الرغم من أن سنة 2021 كانت استثنائية – كما عام 2018 الذي شهد انتخاب ماكرون لأول مرة وأثار حماسة المستثمرين الدوليين – فإن هذا الانخفاض يعكس تحولًا واضحًا. أداء أوروبي باهت.. وفرنسا تتصدر رغم التراجع تشترك فرنسا في هذا التراجع مع قوتين اقتصاديتين أوروبيتين: ألمانيا والمملكة المتحدة. فبينما تعاني ألمانيا من ركود اقتصادي منذ نحو ثلاث سنوات، لا تزال بريطانيا تحاول التعافي من صدمة البريكست. ورغم التراجع، تظل فرنسا في المرتبة الأولى أوروبيًا من حيث عدد الاستثمارات الأجنبية، متقدمة على المملكة المتحدة (853 مشروعًا، بتراجع 13%) وألمانيا (608 مشاريع، بتراجع 17%). ووصفت الرئاسة الفرنسية هذا التقدم بأنه "خبر سار"، مشيرة إلى أن "تربّع فرنسا على عرش الجاذبية في أوروبا لم يكن أمرًا بديهيًا قبل سنوات". وبحسب مؤشر EY، بلغ عدد المشاريع الاستثمارية الأجنبية في فرنسا 1025 مشروعًا، ما يجعلها الدولة الأوروبية الأولى في هذا المجال، رغم التراجع المسجل مقارنةً بعام 2023. وقد علّقت وزارة الاقتصاد الفرنسية على هذا التقرير بالقول إن "هذا دليل على صمود جاذبية فرنسا الاستثمارية، رغم الظروف الدولية الصعبة". شوائب فرنسية: تراجع التوظيف وارتفاع التكاليف لكن هذا الأداء يخفي بعض المؤشرات السلبية. ففرنسا تحتل المرتبة الثالثة فقط من حيث عدد الوظائف المولدة لكل مشروع: بمعدل 30 وظيفة في فرنسا، مقابل 48 في ألمانيا و125 في إسبانيا. ويُظهر المؤشر أن انخفاض الوظائف بنسبة 27% بين عامي 2023 و2024 يعكس الحذر المتزايد لدى المستثمرين، إلى جانب ارتفاع التكاليف وطول إجراءات التأسيس. ويظل العبء الكبير لتكلفة اليد العاملة في فرنسا أحد العوامل التي تعرقل خلق فرص العمل، حيث تبقى تكلفة ساعة العمل من بين الأعلى في أوروبا. كما أن نمط الاستثمار في فرنسا يتميز بتفضيل التوسعة لمواقع قائمة (63%) بدلًا من إنشاء مشاريع جديدة من الصفر، وهي نسبة أعلى بكثير من المعدل الأوروبي (36%). أوروبا كلها تتراجع.. وأمريكا تتقدم ورغم محافظة فرنسا على الصدارة، إلا أن القارة الأوروبية ككل تعاني من تراجع في الاستثمارات الأجنبية للعام الثاني على التوالي، لتسجل أدنى مستوياتها منذ تسع سنوات (-5%). في المقابل، حققت الولايات المتحدة زيادة بحوالي 20% في الاستثمارات خلال الفترة نفسها، بفضل برامج مثل IRA والسياسات المؤيدة للأعمال التي يروج لها دونالد ترامب، حسب التقرير. وقد انخفضت الاستثمارات الأمريكية في أوروبا بنسبة 11% مقارنة بعام 2023، و24% مقارنة بعام 2022. وجاء في تقرير EY: "أوروبا لم تعد تطمئن المستثمرين بشأن قدرتها على تجاوز الأزمات وتقديم حلول جديدة"، مشيرًا إلى أن القادة الأوروبيين يواجهون تحديات هيكلية مثل ضعف القدرة التنافسية، وانخفاض معدلات الابتكار مقارنةً بالولايات المتحدة والصين، ونقص العمالة المؤهلة والمدربة. كما انخفض عدد الوظائف الناتجة عن الاستثمارات الأجنبية في أوروبا بنسبة 15% بين عامي 2023 و2024. الصناعة الفرنسية في مأزق ورغم الأداء النسبي الجيد، تعاني فرنسا بشدة في قطاعي الصناعة والخدمات ذات القيمة المضافة. ويُشير التقرير إلى أن المستثمرين يعتبرون الجاذبية الصناعية الفرنسية متأثرة بعوامل عدة، منها؛ ارتفاع تكلفة الأجور، ونقص الأراضي الصناعية الجاهزة، وضعف تنافسية الطاقة، وبطء التحول التكنولوجي (كالروبوتات والابتكار). كما أن قطاعات صناعية تقليدية مثل الكيمياء والسيارات تشهد حاليًا إغلاق مصانع أكثر من افتتاحها، للمرة الأولى منذ جائحة كورونا. ويُظهر استطلاع EY أن الرؤساء التنفيذيين لا يزالون يعترفون بمقومات فرنسا مثل حجم السوق، والابتكار، والبنية التحتية، لكنهم يصطدمون بمشاكل على المدى القصير مثل: الربحية، واستقرار السوق، وتكاليف الطاقة، ومحدودية الوسائل المخصصة للانتقال البيئي. نقاط القوة.. رغم هشاشة الوضع رغم هشاشة النمو وتدهور المالية العامة، تُسجل الدراسة بعض النقاط الإيجابية، فإن فرنسا استطاعت اغتنام الفرص في قطاعات مستقبلية مثل: الذكاء الاصطناعي، الطاقة النظيفة، البرمجيات، والدفاع. وتمتلك شركات فرنسية رائدة عالميًا في مجالات استراتيجية مثل الطاقة، الطيران، الصناعات الغذائية والدفاع. على الصعيد الأوروبي، فإن غياب تام للصناعة في بعض المجالات (مثل أشباه الموصلات والمنصات الرقمية) يطرح تساؤلات حول السيادة الصناعية للقارة. aXA6IDgyLjI1LjI1MC4yNTIg جزيرة ام اند امز FR