
ممر زنغزور... استراتيجية القطع والوصل
فعلياً، نجحت الإدارة الأميركية في إعادة رسم الخريطة الجيو - استراتيجية الموسعة لما تطلق عليه روسيا «مناطق ما وراء القوقاز»، وهي التي كانت حديقتها الخلفية على مدى قرون. وقد حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إحياء هذا الممر بعد الحرب بين أذربيجان وأرمينيا الأخيرة، لكن لم ينجح نتيجة صعوبة واجهها صناع القرار الروسي حينها، بعدم قدرتهم على الدفاع عن حليفتهم التقليدية أرمينيا في وجه الهجوم الأذري الذي استعاد السيطرة على كامل منطقة ناغورنو كاراباخ، وسيطر على الطريق الذي يصل أذربيجان بإقليم «نخجوان» الأذري المحاذي لتركيا وإيران.
أثناء الحرب، وقفت موسكو وطهران موقف المتفرج؛ فروسيا كانت منشغلة بالحرب الأوكرانية من جهة، وبالحفاظ على صفقات التسليح التي عقدتها مع باكو من جهة أخرى. كما أن صناع القرار السياسي في الكرملين فشلوا في التعامل مع الحركة الاحتجاجية التي نجحت في إيصال طبقة سياسية قريبة من الغرب إلى السلطة في يريفان. أما طهران، فكانت أكثر حذراً من موسكو؛ نظراً لما تشكّله الحرب من مخاطر على سلامتها الوطنية، حتى لا تثير غضب القومية الأذرية - الإيرانية التي تُعدّ عماد الدولة منذ قرون، وبحيث لا تقدّم أي دعم لأرمينيا ضد من يعدّهم أذريو إيران «إخوتهم الأذريين».
المشهد الرمزي للمصافحة الأذرية – الأرمينية في البيت الأبيض تعاملت معه طهران ككابوس جيو - استراتيجي يهدّد مصالح أمنها القومي؛ ما دفع جميع مسؤوليها وقياداتها الكبرى إلى التعبير عن رفضهم لما أُطلق عليه «ممر ترمب للسلام والازدهار». عملياً، هذا الممر بطول أربعين كيلومتراً، الذي يربط إقليم نخجهان ببلده الأم أذربيجان عبر أرمينيا، يقطع الطريق بين إيران وأرمينيا وصولاً إلى روسيا، وهو طريقها الوحيد إلى أوروبا. كما يضع جزءاً من ثروتها من الغاز والنفط، تحت رحمة ممرات يسيطر عليها خصمها التاريخي تركيا، برعاية وشراكة أميركية، وصمت روسي. وفعلياً، هذا الممر الضيّق طولاً وعرضاً سيغيّر جزءاً أساسياً من سياسات الطاقة العالمية، ويجعل من الولايات المتحدة شريكاً مؤثراً في منطقة تخضع تاريخياً لنفوذ خصومها، ويكشف مجدداً عجز هؤلاء الخصوم عن التأثير في مناطق نفوذهم التقليدية والتاريخية.
أمام هذا التحوّل، تقف طهران مكتوفة الأيدي، وهي باتت محاصرة بجغرافيا سياسية جديدة تتطلّب منها التكيّف مع المتغيرات، نتيجة قدرتها المحدودة – أو شبه المعدومة – على تغيير الواقع الجديد ولو نسبياً، وبات عليها التعايش الكامل معه. ومن أجل الحفاظ على موقعها الجيو – اقتصادي بعدما خسرت موقعها الجيو – استراتيجي، أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان – الذي تتناقض تصريحاته مع جميع تصريحات قادة النظام – في حديثه مراعاة جميع مطالب إيران بشأن الممر.
وعليه، بين القطع والوصل الجيو - استراتيجي بشقّيه السياسي والاقتصادي، تُعاد صياغة العلاقات الدولية، حيث تصبح أهمية دول الممرات توازي أهمية دول الإنتاج، وهذا ما يجب أن يستوعبه العراق لكونه يحمل الامتيازين، وكذلك سوريا ولبنان كونهما حلقة الوصل بين ثروات المنطقة وأوروبا وصولاً إلى آسيا الوسطى، وممرّاً مكمّلاً للعبور التركي ذهاباً وإياباً.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
قمة ألاسكا بين ترمب وبوتين.. محادثات "مثمرة" لكن دون اتفاق
قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إنه لن يضطر إلى التفكير في فرض رسوم جمركية مضادة على الدول التي تشتري النفط الروسي في الوقت الحالي، لكنه قد يضطر إلى ذلك "في غضون أسبوعين أو ثلاثة أسابيع". وأضاف ترمب لشون هانيتي من قناة "فوكس نيوز" بعد اجتماعه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا "حسناً، بسبب ما حدث اليوم، أعتقد أنني لست مضطراً للتفكير في ذلك". وتابع: "الآن، قد أضطر للتفكير في ذلك بعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع أو ما شابه، ولكن ليس علينا التفكير في ذلك الآن. أعتقد، كما تعلمون، أن الاجتماع سار على نحو جيد للغاية".


الشرق السعودية
منذ 2 ساعات
- الشرق السعودية
ترمب وبوتين.. محادثات ألاسكا تنتهي بلا اتفاق حول أوكرانيا ودعوة لموسكو
انتهت قمة ألاسكا بين الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين، بالتأكيد على أن الاجتماع الذي استمر لأكثر من ساعتين ونصف في ألاسكا، أقرب نقطة تماس بين البلدين، كان "مثمراً"، وإن لم تحمل تصريحاتهما أي تأكيد على التوصل إلى اتفاق كامل بشأن الحرب في أوكرانيا. واستهل بوتين حديثه خلال المؤتمر الصحافي المشترك، الذي لم يتلقَ فيه الرئيسان أي أسئلة، قائلاً إن "المفاوضات بين الجانبين عُقدت في أجواء بنّاءة يسودها الاحترام المتبادل"، واصفاً المحادثات بأنها كانت "شاملة ومفيدة للغاية"، فيما، وصف ترمب المحادثات بأنها كانت "عميقة ومثمرة للغاية". إنهاء الصراع في أوكرانيا وشدد بوتين على أن "روسيا مهتمة بصدق بإنهاء الصراع الأوكراني"، وأنها "مهتمة بأن تكون التسوية في أوكرانيا طويلة الأمد". وقال إن "الوضع الحالي في أوكرانيا مأساة وألم كبير لروسيا، ولدى موسكو وواشنطن العديد من المجالات المثيرة للاهتمام للعمل المشترك، ونتوقع أن كييف لن تعيق التقدم المحرز في التسوية". وأوضح أن "أي تسوية دائمة للصراع الأوكراني تتطلب معالجة جذور الأزمة وأسبابها الرئيسية، وإعادة التوازن العادل للأمن في أوروبا والعالم، مع الأخذ في الاعتبار الهواجس الأمنية المشروعة لروسيا". ضمان أمن أوكرانيا وقال بوتين إنه يتفق مع الرئيس ترمب حول ضرورة ضمان أمن أوكرانيا أيضاً، مضيفاً أن روسيا "مستعدة للعمل على ذلك". وعبّر الرئيس الروسي عن أمله في أن تكون التفاهمات التي تم التوصل إليها اليوم "نقطة انطلاق ليس فقط لحل الأزمة الأوكرانية، بل أيضاً لإعادة العلاقات بين موسكو وواشنطن إلى مسارها العملي والبراجماتي". ودعا بوتين، كييف والعواصم الأوروبية إلى التعامل معه بشكل بنّاء وعدم اللجوء إلى "المناورات الخلفية أو الاستفزازات التي قد تنسف التقدم المحرز". وأضاف الرئيس الروسي: "أشكر الرئيس ترمب على نبرة الحوار الودية والصادقة، ومن المهم أن الطرفين يركزان على النتائج، وقد لاحظت أن الرئيس الأميركي لديه رؤية واضحة لما يريد تحقيقه، ويهتم بصدق بازدهار بلاده، لكنه يدرك أيضاً أن لروسيا مصالحها الوطنية". "نقطة اللا عودة" وتابع: "أود أن أذكّر أنه في عام 2022، خلال آخر اتصال مع الإدارة الأميركية السابقة، حاولت إقناع زملائي الأميركيين آنذاك (في إشارة إلى إدارة الرئيس السابق جو بايدن) بعدم دفع الأمور نحو نقطة اللا عودة، وقلت له صراحة إن ذلك سيكون خطأً جسمياً. واليوم، عندما يقول الرئيس ترمب إنه لو كان رئيساً آنذاك لما اندلعت الحرب، فأنا على يقين من أن الأمر كان سيكون كذلك بالفعل - وأؤكد ذلك". ومضى بوتين يقول: "أرى أننا، عموماً، بنينا مع الرئيس ترمب علاقة عمل جيدة وقائمة على الثقة، وأعتقد أن هذا المسار يمكن أن يقودنا، عاجلاً أم آجلاً، إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا". قضايا عالقة من جانبه، أشار ترمب إلى أنه تم التوافق على العديد من النقاط، فيما بقيت بعض القضايا العالقة، بينها واحدة "بالغة الأهمية"، لكنه أكد أن هناك "فرصة كبيرة" للتوصل إلى اتفاق نهائي. وأضاف ترمب: "ما من اتفاق حتى يكون هناك اتفاق. سأتصل بقادة (حلف شمال الأطلسي) الناتو وبمجموعة الأشخاص المعنيين، وبكل تأكيد سأتصل بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وأقدم لهم إحاطة عن اجتماع اليوم. في نهاية المطاف الأمر يعود إليهم للموافقة على ما عمل عليه ماركو (روبيو وزير الخارجية) وستيف ويتكوف (المبعوث الأميركي الخاص) وبعض الأشخاص الرائعين من إدارة ترمب الحاضرين هنا". وتابع: "سنعمل على وقف قتل آلاف الأشخاص أسبوعياً.. والرئيس بوتين يريد ذلك بقدر ما أريده أنا". علاقات متوترة وأكد بوتين أنه "من المهم لروسيا والولايات المتحدة العودة إلى التعاون"، لافتاً إلى أن "العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة انخفضت إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة، خلال الفترة التي لم تكن فيها اتصالات مباشرة بين الزعيمين". وتابع: "لم تُعقد أي قمم روسية أميركية منذ أكثر من 4 سنوات، وهي فترة طويلة. كانت الفترة الماضية صعبة للغاية على العلاقات الثنائية. ولنكون صرحاء، لقد انحدرت إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الباردة. وأرى أن ذلك لا يخدم بلدينا ولا العالم بأسره". عودة للحوار ونبَّه بوتين إلى أن "الحوار بين رئيسي الدولتين كان يجب أن يبدأ، وكان من الضروري الانتقال إلى الحوار لتجنب المواجهة". ولفت إلى أنهما (بوتين وترمب) تحدَّثا هاتفياً عدة مرات، كما زار المبعوث الخاص للرئيس الأميركي ستيف ويتكوف روسيا أكثر من مرة، وظلّ مستشارو البلدين ووزارتا الخارجية على تواصل مستمر. فيما قال ترمب: "لدينا هنا ممثلون بارزون لرجال الأعمال الروس. وأعتقد أن الجميع يرغب في التعامل معنا. لقد أصبحنا 'أكثر البلدان جاذبية' في العالم خلال فترة قصيرة جداً، ونتطلع إلى ذلك. سنحاول إنهاء هذا الأمر. حققنا تقدماً رائعاً اليوم". وبيَّن: "لطالما كانت لدي علاقة ممتازة مع الرئيس بوتين، عقدنا اجتماعات كثيرة-اجتماعات صعبة وجيدة. بسبب 'خدعة روسيا، روسيا، روسيا'، جعل ذلك التعامل أصعب قليلاً، لكنه كان يفهم الأمر. أظن أنه رأى أشياء مماثلة خلال مسيرته-لقد رأى كل شيء. كان علينا تحمّل تلك الخدعة. ما حدث جعل من الأصعب علينا، كبلد، أن نتعامل في مجال الأعمال وسائر الأمور التي أردنا التعامل معها. لكن ستكون أمامنا فرصة جيدة حين ننجز هذا الملف". وختم قائلاً: "لقد أجرينا على مر السنين اجتماعات جيدة ومثمرة، ونأمل أن يتواصل ذلك في المستقبل". لماذا ألاسكا؟ واستطرد بوتين قائلاً: "أود أن أتقدم بالشكر مجدداً لنظيري الأميركي على اقتراح القدوم إلى ألاسكا. من المنطقي تماماً أن نلتقي هنا، لأن بلدينا، رغم أن المحيط يفصل بينهما، هما في الواقع جارتان متقاربتان. هذه حقيقة"، مضيفاً: "لذلك، عندما نزلت من الطائرة قلت: طاب مساؤك أيها الجار العزيز. سرّني أن أراك بصحة جيدة وعلى قيد الحياة". وأردف: "جزء كبير من التاريخ المشترك بين روسيا والولايات المتحدة مرتبط بألاسكا، حتى يومنا هذا، لا تزال ألاسكا تحتفظ بكمية كبيرة من التراث الثقافي لـ'أميركا الروسية'، من ذلك كنائس أرثوذكسية وأكثر من 700 اسم جغرافي من أصل روسي". وقال: "سنظل دائماً نستذكر أمثلة تاريخية أخرى هزم فيها بلدانا أعداءً مشتركين معاً، في روح الزمالة القتالية والتحالف، إذ كانا يساندان بعضهما بعضاً ويعين أحدهما الآخر. وأنا على يقين من أن هذا الإرث سيساعدنا على إعادة بناء وتعزيز علاقات متكافئة ومفيدة للطرفين في هذه المرحلة الجديدة، حتى في أصعب الظروف". دعوة إلى موسكو وختم ترمب بالقول: "السيد الرئيس، أشكركم جزيل الشكر، وسنتحدث قريباً جداً، وربما نلتقي قريباً جداً"، ليعلّق بوتين قائلاً: "المرة المقبلة في موسكو". ورد الرئيس الأميركي: "هذا اقتراح مثير للاهتمام. سأتعرّض لبعض الانتقادات بسببه، لكنني أرى أن ذلك قد يحدث".


أرقام
منذ 2 ساعات
- أرقام
روسيا : سنجري قريبا محادثات جديدة مع أمريكا بشأن نقاط التوتر الثنائية
ذكرت وكالة الإعلام الروسية أن ألكسندر دارتشييف سفير روسيا لدى الولايات المتحدة قال اليوم السبت إن مشاورات جديدة تهدف إلى حل نقاط التوتر في العلاقات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة ستجري قريبا. ونقلت الوكالة عن دراتشييف قوله "من المتوقع أن تُعقد جولة أخرى من المشاورات حول التطبيع، التي نشير إليها على أنها معالجة لنقاط التوتر في العلاقات الثنائية، في المستقبل القريب".