
الحكومة الأميركية اعتمدت على أداة ذكاء اصطناعي قديمة.. والنتائج كارثية
تستعد حكومة ترامب في الأيام القادمة لإلغاء مجموعة من العقود المتعلقة بوزارة شؤون المحاربين القدامى خلال هذا العام، وذلك ضمن أنشطة إدارة الكفاءة الحكومية التي يرأسها إيلون ماسك ويعمل بها مجموعة من المهندسين التابعين له، وبحسب التقرير الذي قدمه موقع "بروبوبليكا" (ProPublica)، فإن إدارة الكفاءة الحكومية اعتمدت على نموذج ذكاء اصطناعي عتيق وأقل تطورًا، فكانت النتيجة تضخم مبالغ قيمة عقود، وتقدير خاطئ للحالة الصحية للمحاربين القدامى.
وعلى سبيل المثال، أخطأ النموذج في أكثر من مرة بقراءة قيمة عقود الرعاية الصحية لبعض المحاربين القدامى، وجعل قيمة العقد تصل إلى 34 مليون دولار بدلًا من 34 ألف دولار، وبحسب تقرير "بروبوبليكا" فإن إدارة الكفاءة قدمت تقريرًا يضم أكثر من 2000 عقد.
من غير المعروف، إن كانت هذه العقود جميعًا معرضة للإنهاء أم لا تزال قيد المناقشة، إذ قامت وزارة المحاربين القدامى بإنهاء 600 عقد، منها 20 عقدا كانت في تقرير إدارة الكفاءة، وقد رفضت وزارة المحاربين القدامى توضيح أي تفاصيل لأعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين حاولوا الوصول إلى حقيقة الأمر.
ومن خلال مصادره، استطاع موقع "بروبوبليكا" المهتم بحالات إساءة استخدام السلطة التعرف إلى مجموعة من العقود التي تم إنهائها، منها عقدٌ لصيانة جهاز تسلسل الجينات المُستخدم لتطوير علاجات أفضل للسرطان. وعقدٌ آخر لتحليل عيّنات الدم دعمًا لمشروع بحثي لوزارة شؤون المحاربين القدامى، فضلًا عن مشروع آخر لقياس كفاءة فرق التمريض في التعامل مع المحاربين القدامى.
كما استطاع الموقع الوصول إلى الكود المستخدم من نموذج الذكاء الاصطناعي، الذي يتعرف إلى العقود، ثم شاركه مجموعة من خبراء الذكاء الاصطناعي والعقود عموما، حيث انتقد كثير منهم استخدام الذكاء الاصطناعي في هذا الجانب مع وصف هذا الاستخدام بأنه مشكلة عميقة.
وفي مقابلة أجراها الموقع مع ساهيل لافينجيا، الذي كان أحد المبرمجين العاملين في إدارة الكفاءة الحكومية بإمرة إيلون ماسك، وفي هذه المقابلة، اعترف لافينجيا، أن الإدارة قامت ببعض الأخطاء، وذلك خلال فترة عمله التي لم تتجاوز شهرين.
وأضاف لافينجيا "لن أنصح أحدًا بتشغيل الكود الخاص بي واتباع التعليمات البرمجية الواردة فيه". الأمر أشبه بحلقة من مسلسل "أوفيس" (Office)، حيث يقود ستيف كاريل سيارته إلى البحيرة لأن خرائط غوغل تطلب القيادة إلى البحيرة، مشيرًا إلى أنه أنهى الأداة الخاصة به لفحص العقود خلال 24 ساعة من عمله في إدارة الكفاءة الحكومية، وذلك بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي لكتابة الكود الذي يفحص أكثر من 90 ألف عقد في وزارة المحاربين القدامى.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
كاتب أميركي: إسرائيل فتحت بابا للحرب من الصعب إغلاقه
قال الكاتب الأميركي ديفيد إغناتيوس إن بدء صراع مع إيران يبدو سهلا، لكن إنهاءه لا شك أنه مهمة معقدة، مبرزا أن هذا درس قديم تعلمته الولايات المتحدة وإسرائيل منذ عقود من الصراعات المتكررة مع طهران. وأضاف إغناتيوس -في مقال بصحيفة واشنطن بوست الأميركية اليوم السبت- أن إسرائيل تبدو في إطلاق هجماتها الأخيرة على إيران وكأنها دخلت المعركة بلا تصور واضح لـ "اليوم التالي". وزاد بأن الضربات الجوية الإسرائيلية استهدفت قيادات عسكرية وعلماء نوويين إيرانيين، فيما بدا أنها حملة تهدف إلى شل القدرات الإيرانية، لكن السؤال الأهم: هل هذه الضربة بداية النهاية أم مجرد فصل جديد في صراع طويل؟ إسقاط النظام؟ وقال الكاتب أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب للعدالة الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية – خاطب الشعب الإيراني مباشرة، قائلا "هذه فرصتكم للنهوض وجعل أصواتكم مسموعة" في إشارة إلى أن الهدف قد لا يقتصر على تحجيم التهديد النووي الإيراني بل ربما يشمل السعي لتغيير النظام. غير أن التحذيرات تتوالى -يتابع إغناتيوس- من أن هذه الضربات، وإن كانت ناجحة تكتيكيا، إلا أنها قد تؤدي إلى تفاقم الصراع بالمنطقة، وقد يضطر نتنياهو في النهاية إلى الاكتفاء بضربة تؤخر الخطر النووي الإيراني عدة سنوات فقط، مع احتمال إشعال صراع جديد في المستقبل. ومن جانبه، لا يبدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب (حليف إسرائيل) بعيدا عن المشهد، كما يوضح الكاتب مضيفا أن عدم وضوح "اليوم التالي للحرب" ينطبق أيضا على دبلوماسية ترامب. وتساءل "هل ينوي ترامب إنهاء الحرب الباردة مع إيران التي بدأت منذ ثورة 1979 وشعار (الموت لأميركا)؟ أم أن تعهده بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي سيغرق أميركا أكثر في دوامة من الهجمات والردود؟". إخماد الحرب صعب وتابع إغناتيوس "لقد علمت العقود الماضية الولايات المتحدة وإسرائيل معا أن الحروب مع إيران من السهل إشعالها، ولكن من الصعب إخمادها". وزاد أن ترامب، الذي سبق أن فتح باب التفاوض مع طهران، حذّر في منشور له الجمعة من أن "ما هو قادم من إسرائيل سيكون أكبر" داعيا إيران إلى "عقد صفقة قبل فوات الأوان". وقال الكاتب الأميركي إن هذا التصعيد يأتي في وقت حساس، بعد أشهر من التوتر المتزايد منذ هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ، والذي أطلق شرارة "حرب إقليمية غير معلنة". وتابع أن إسرائيل، التي شعرت أن إيران أصبحت في أضعف حالاتها بعد انهيار حلفاء لها بالمنطقة، اختارت هذه اللحظة لتوجيه ضربة وُصفت بالأكثر دقة منذ سنوات، فاستهدفت بعضا من كبار القادة العسكريين والعلماء النوويين. غير أن الكاتب أوضح أنه رغم النجاح العسكري الإسرائيلي الظاهر، بدأت إيران سريعا في الرد حيث أطلقت بعد ساعات بعد الهجوم الإسرائيلي أكثر من 100 طائرة مسيّرة، تبعها وابل من الصواريخ الباليستية، مستهدفة العمق الإسرائيلي. وذكر أن إسرائيل يبدو أنها نجحت -حتى اللحظة- في تحييد جزء كبير من التهديدات التقليدية، بما في ذلك ترسانة حزب الله الصاروخية في لبنان، والتي كانت تمثل الردع الرئيسي الإيراني. وختم المقال بالقول إنه في ظل غياب رؤية إستراتيجية لما بعد الضربة، تبقى المخاوف قائمة من أن تتحول هذه العملية إلى شرارة لصراع طويل الأمد بالمنطقة، قائلا إن إسرائيل فتحت بابا واسعا للحرب لكن إغلاقه قد يكون أصعب بكثير من فتحه.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
كيف طور ترامب رؤيته لإيران طوال عقد من الزمان؟
واشنطن- تبنَّت واشنطن منذ نجاح الثورة الإيرانية عام 1979 إستراتيجية عدائية عسكرية واضحة للتعامل مع النظام الإيراني تعتمد على احترام طهران 3 خطوط حمراء، وتدرك الأخيرة أن تخطي أي منها سيؤدي بواشنطن لمهاجمتها عسكريا. منع إيران أو عرقلتها شحن النفط عبر مضيق هرمز اقتراب طهران من الحصول على سلاح نووي وجود تهديد عسكري حقيقي من إيران لأحد حلفاء واشنطن الخليجيين. ومنذ ظهوره مرشحا رئاسيا عام 2025، لم يخرج الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن نص واشنطن تجاه إيران، إلا أنه كرر في كل مناسبة أن الرئيس الديمقراطي باراك أوباما وقَّع على أسوأ صفقة في التاريخ، قاصدا الاتفاق النووي لعام 2015، وتعهد بالانسحاب من الاتفاق، والضغط على إيران لتوقيع اتفاق جديد حال وصوله للبيت الأبيض. محاولات للضغط وفعلا، انسحب ترامب عام 2018 من الاتفاق النووي، وجاء الانسحاب مخالفا وعلى النقيض من نصائح وتصورات أجهزة الاستخبارات الأميركية التي أكدت مرارا أن الاتفاق كان أفضل السبل لاحتواء الخطر الإيراني. وسعت واشنطن لعقد صفقة جديدة، ولجأت لاتباع سياسة الضغط القصوى، ولم تلب طهران نداء التفاوض من جديد. وتوترت علاقات واشنطن وطهران خلال فترة حكم ترامب الأولى، حيث هاجمت ناقلات نفط في الخليج وخليج عُمان، وأخرى إماراتية ونرويجية قرب مضيق هرمز، ثم أسقطت إيران مُسيَّرة أميركية متطورة فوق مياه الخليج، واستهدفت هجمات صاروخية وبالمُسيَّرات منشآت لشركة أرامكو المؤسسة الحكومية التي تدير الثروة النفطية في السعودية. وواجه ترامب معضلة تمثَّل أحد أبعادها في رغبته الظهور كرئيس قوي قادر على اتخاذ قرارات مهمة عند الضرورة، لكنه أيضا ظل محافظا على تعهداته بعدم توريط واشنطن بأي حروب شرق أوسطية جديدة، خاصة مع مطالبته الدائمة بعودة القوات الأميركية لأرض الوطن، كما لم ترد واشنطن على هجمات طهران على منشآت أرامكو. كما تبنى نهجا متوازنا وسطيا ولجأ للبديل الوسط، بمعنى عدم بدء حرب تقليدية والاكتفاء بالقيام بهجمات إلكترونية أو فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية طالما لم يقع ضحايا أميركيون نتيجة هجمات إيران. وذكر ترامب لاحقا أنه أمر بوقف الطائرات المتجهة لقصف أهداف داخل إيران عقب إسقاط طهران المُسيَّرة في الخليج العربي، وذلك خوفا من وقوع أعداد كبيرة من الضحايا الإيرانيين. وأصبحت واشنطن -خلال حكم ترامب الأول، وحكم جو بايدن بعده- تتحدث بصوت واحد تجاه هذه القضية، واختصارها أن "نضمن ألا يكون لدى إيران مسار يؤدي لامتلاكها السلاح النووي ، لا الآن، ولا في أي وقت على الإطلاق". تصعيد وتهدئة ووصل التصعيد بين طهران وواشنطن أقصى مراحله بداية 2020 مع تصفية الجنرال قاسم سليماني ، قائد قوات الحرس الثوري الإيراني ، خارج مطار بغداد في 3 يناير/كانون الثاني 2020. حيث استغل ترامب تصفية سليماني ليظهر كقائد قوي، وبرمزية كبيرة دخل الغرفة الشرقية في البيت الأبيض لإلقاء كلمة انتظرها بشغف الشعبان الأميركي والإيراني، وتابعتها باهتمام وترقب العواصم العالمية، عقب مهاجمة إيران قواعد عسكرية عراقية تشمل آلاف الجنود الأميركيين. وأكد الرئيس الأميركي عدم وقوع خسائر بصفوف جنوده والقواعد العسكرية العراقية التي تعرضت لضربة صاروخية إيرانية ردا على مقتل سليماني. ومن جانبها، حققت طهران ما تريده من القصف، إذ أخبرت العراق بداية بأنها ستوجه ضربة صاروخية، وأوصلت رسالة بهذا المعنى لواشنطن. ولهذا لم يقع ضحايا أميركيون أو عراقيون، وهو ما لم ترده إيران أيضا لعدم توفير مبرر لترامب لضربها، وكرسالة لتخفيض التصعيد. ناتو عربي ومن ناحية أخرى، لم يتردد ترامب خلال قمة الرياض في مايو/أيار 2017 بمطالبة الدول العربية والإسلامية بضرورة مواجهة التهديدات الإيرانية. وخلال كلمته أمام اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2019، كشف ترامب أن بلاده تعمل مع شركائها في المنطقة العربية لتكوين تحالف إستراتيجي إقليمي، وقال "أميركا تعمل مع دول مجلس التعاون الخليجي، و الأردن و مصر لتكوين تحالف إستراتيجي إقليمي حتى تستطيع دول الشرق الأوسط أن تدفع بالازدهار والاستقرار والأمن في جميع أرجاء منطقتها". ولم يتطرق إلى تفاصيل هذا التحالف أو آلياته أو طبيعته، لكنه أشار إلى إيران واصفا نظام حكمها بـ"الدكتاتورية الفاسدة". وأضاف "الزعماء الإيرانيون زرعوا بذور الفوضى والموت والدمار، إنهم لا يحترمون جيرانهم ولا حدودهم، ولا حقوق السيادة للدول". كما انتقد ترامب -خلال خطاب حالة الاتحاد 2019- سجل بلاده في قضايا الشرق الأوسط، منوها بأنها "باتت تقاتل في المنطقة منذ 19 عاما تقريبا، حيث قتل نحو 7 آلاف عسكري أميركي وقرابة 52 ألفا من الجرحى والمعاقين، وتكلفة تقدر بـ7 تريليونات دولار". وفي الوقت ذاته، تضمنت رؤية واشنطن لردع إيران وجود نحو 35 ألف جندي أميركي في دول الخليج بصورة شبه دائمة، ويتوزعون في عدة قواعد عسكرية، منها العديد الجوية في قطر ، والدعم البحري في البحرين ، والظفرة الجوية في الإمارات ، ومعسكر الرفجان في الكويت. ولم يغير ترامب من وضع هذه القوات، وذهبت فكرة الناتو العربي أدراج الرياح. رؤية جديدة ومع عودته للبيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي، كرر ترامب أن هجمات حركة حماس على إسرائيل لم تكن لتحدث لو كان رئيسا، حيث إنه نجح في إفلاس إيران ووقف دعمها المالي لحلفائها الإقليميين، بينهم حماس. وبين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان هذا العام، اتخذ الرئيس الأميركي سلسلة إجراءات لإجبار إيران على التفاوض على اتفاق نووي جديد، ملوحا بالتصعيد العسكري عند الضرورة. وفي فبراير/شباط الماضي، وقَّع ترامب مذكرة رئاسية للأمن القومي أعادت حملة "الضغط الأقصى" ضد إيران، وذلك بحرمانها من القدرات اللازمة لتطوير برنامج نووي أو صاروخي، إضافة لفرض عقوبات اقتصادية صارمة على طهران، بما في ذلك استهداف صادراتها النفطية. وعلى النقيض انخرط ترامب دبلوماسيا، وبعث في مارس/آذار 2025 رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ، يحث فيها على التفاوض بشأن اتفاق نووي جديد ليحل محل اتفاق عام 2015 الذي انسحب منه ترامب عام 2018، وشدد على تفضيله للدبلوماسية، محذرا من عمل عسكري محتمل إذا فشلت المفاوضات. وبداية، رفضت إيران المبادرة، لكنها وافقت لاحقا على إجراء محادثات غير مباشرة بوساطة عُمان، وعقدت بالفعل 5 جولات، مثَّل أميركا فيها صديق ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف. وتزامنا مع مسار التفاوض، استخدم ترامب باستمرار التهديد بالقوة العسكرية للضغط على إيران، وحذَّرها من قصف "لم تشهد مثله من قبل" إذا لم تبرم صفقة. وبعد مهاجمة إسرائيل أهدافا إيرانية فجر 13 يونيو/حزيران الجاري، وتدمير أجزاء من المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، ومقتل كثير من المسؤولين العسكريين والعلماء النوويين، أشاد ترامب بالعملية الإسرائيلية ووصفها بـ"الممتازة" و"الناجحة للغاية" مؤكدا أن إسرائيل لديها "أفضل المعدات العسكرية وأكثرها فتكا في أي مكان في العالم". وكرر ترامب اعتقاده بأن إيران يجب أن "تبرم اتفاقا الآن" بشأن برنامجها النووي لتجنب تصعيد أكبر، وحذَّرها من عدم عقدها اتفاقا نوويا "قبل ألا يتبقى شيء" مشيرا إلى تصعيد العمل العسكري إذا لزم الأمر.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
خبيران للجزيرة نت: إسرائيل تجاوزت واشنطن وورطتها في التصعيد مع إيران
واشنطن- تواجه واشنطن موقفا معقدا بعد الضربات الجوية الإسرائيلية على منشآت في إيران ، والتي نُفّذت دون تأكيد رسمي بوجود تنسيق مسبق مع الولايات المتحدة، رغم تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي توحي بعلم مسبق أو موافقة ضمنية. وشنت إيران هجوما صاروخيا واسعا ردا على الضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت داخل أراضيها، وهددت باستهداف قواعد عسكرية أميركية في الخليج والعراق وسوريا. واكتفى ترامب في تصريحاته بالإشارة إلى أنه "أعطى مهلة 60 يوما لإيران" قبل تنفيذ الهجوم، دون أن يؤكد أو ينفي مشاركة بلاده. وهو ما يثير تساؤلات بشأن حقيقة دور الولايات المتحدة وحجم التنسيق، وحدود تأثير أميركا الفعلي في حليفتها الأبرز في المنطقة. كما يرى محللون أن هذه التصريحات المتحفظة والغامضة تعكس حالة ارتباك داخل الإدارة الأميركية، التي تجد نفسها الآن بين شُبهة التواطؤ من جهة، والعجز عن ضبط شركائها من جهة أخرى. علم دون تنسيق في قراءة تحليلية لتصريحات ترامب، ترى باربارا سليفان، الخبيرة في السياسات الأميركية تجاه إيران ومديرة "مبادرة مستقبل إيران" السابقة في المجلس الأطلسي، أن ترامب تقدّم فعلا لإيران بمقترح دبلوماسي خلال الأسابيع الماضية، "لكنه تضمّن شرطا طالما رفضته طهران، وهو التخلي الكامل عن تخصيب اليورانيوم على الأراضي الإيرانية، مما يجعله مقترحا غير مقبول". وتشير سليفان -في حديثها للجزيرة نت- إلى أن "ترامب ربما لم يمنح الضوء الأخضر رسميا، لكنه أيضا لم يمنع العملية، معتقدا أن الضربة ستدفع إيران للعودة إلى طاولات المفاوضات، لكن التطورات أظهرت العكس تماما". كما أكدت أن الولايات المتحدة كانت على علم بالعملية استنادا إلى قرار إجلاء الموظفين غير الأساسيين من بعض مواقعها في المنطقة قبل الضربة. وجاء الهجوم الإسرائيلي قبل أيام من موعد كان من المرتقب فيه انطلاق جولة جديدة من المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران في سلطنة عُمان. حيث كان يسعى الجانب الأميركي إلى التوصل إلى اتفاق تفاوضي مع طهران بشأن برنامجها النووي ، وهو ما تعارضه إسرائيل بشدة. ويستبعد حافظ الغويل، كبير الباحثين في معهد الدراسات الدولية بجامعة جونز هوبكنز في واشنطن، أن تكون إسرائيل قد نسّقت مع واشنطن قصف إيران. ويقول "واشنطن اليوم في موقف لا تُحسد عليه، لقد تم إبلاغ أميركا مسبقا، لكن دون تنسيق فعلي، وأعتقد أن ترامب حاول إيقاف الضربة، لكنه لم ينجح". ويضيف -في حديثه للجزيرة نت- أن "إسرائيل ورّطت واشنطن في التصعيد العسكري ووضعتها أمام خيارين أحلاهما مر: إما الاعتراف أنها كانت على علم وموافقة، مما يعني أنها كانت تتفاوض بسوء نية، أو القول إنها لم تكن موافقة وتظهر بموقف الدولة العاجزة عن التأثير في أقرب حلفائها". "لم تعد ممكنة" وهددت إيران باستهداف قواعد أميركية ردّا على ما تعتبره "تورطا أميركيا في العدوان". وقال المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني إن "القواعد الأميركية لن تكون في مأمن". وفي السياق ذاته، رفعت وزارة الدفاع الأميركية مستوى التأهب في قواتها بالمنطقة تحسبا لأي رد إيراني موسّع، ودفعت بتعزيزات بحرية إلى مناطق إستراتيجية بالخليج وعززت أنظمة الدفاع الجوي في قواعدها العسكرية بالعراق وسوريا. وبشأن آفاق الحوار الأميركي الإيراني، ترى الخبيرة سليفان أن فرص استئناف أي مسار تفاوضي صارت "شبه معدومة" في ظل استمرار التصعيد العسكري بين الطرفين الإسرائيلي والإيراني من جانب، والتمسك الأميركي بمطالب وقف تخصيب اليورانيوم بالكامل، من جانب آخر. وتضيف "نتنياهو تصرّف وكأنها الفرصة الوحيدة لضرب إيران على نطاق واسع، والآن علينا جميعا أن نتحمّل العواقب". وعن تأثير الهجوم على علاقات أميركا بحلفائها الإقليميين خاصة دول الخليج، تقول "لا شك أن دول الخليج قلقة للغاية من هذا التصعيد، لأنه يقوّض كل خططها التنموية ويهدد جاذبيتها الاقتصادية"، وتضيف "من سيغامر اليوم بإطلاق استثمارات جديدة في المنطقة؟". من جهته، يحذّر الغويل من أن "إسرائيل بهذه الخطوة تجر الولايات المتحدة جرّا نحو الحرب، وسحبت البساط من تحت جهودها الدبلوماسية، وتضع واشنطن في مأزق إستراتيجي يتزامن مع اقتراب استحقاقات انتخابية داخلية. وقال إن واشنطن تواجه الآن تبعات مباشرة لتحرك لم تكن مستعدة لتحمّل كلفته. وفي ظل تصاعد التوتر بين طهران وتل أبيب، تجد الإدارة الأميركية نفسها مطالبة باتخاذ موقف واضح من التصعيد، وسط انقسام داخلي بين تيارات تدعو إلى التهدئة، وأخرى تضغط من أجل دعم غير مشروط لإسرائيل. ورغم أن ترامب لم يعلن موقفا حاسما بعد الضربة، فإن محللين يرون أنه يفضّل إبقاء واشنطن في موقع المناورة من دون الانخراط المباشر في مواجهة مفتوحة مع إيران. ويرى الغويل أن أي خطوة أميركية مقبلة ستكون محكومة باعتبارات انتخابية داخلية، حيث "يسعى ترامب إلى تجنب الغرق في نزاع جديد قد يورّطه أمام قاعدته الانتخابية التي دعمته على أساس وعود بإنهاء الحروب في المنطقة وليس الانخراط في نزاعات جديدة". وبحسب التقديرات الأمنية، فإن أي رد إيراني مباشر أو موسّع قد يدفع واشنطن إلى إعادة تقييم تموضعها العسكري في المنطقة، وربما نشر مزيد من التعزيزات لحماية المصالح الأميركية وقواعدها المنتشرة في الخليج والعراق وسوريا.