logo
المملكة وأميركا في عصر الرؤية.. استثمارات عالمية

المملكة وأميركا في عصر الرؤية.. استثمارات عالمية

سعورسمنذ 6 أيام

نقطة تحول تاريخية
منذ الإعلان عن رؤية 2030، بدأت المملكة بتطبيق مجموعة من الإصلاحات الجذرية الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل، وتحقيق اقتصاد غير نفطي، يقوم على الابتكار والتقنية والمعرفة. وبحسب المحلل الاقتصادي فيصل الدوخي، فإن الرؤية لم تغيّر فقط بنية الاقتصاد السعودي، بل ساهمت في تعزيز مكانة المملكة على المستوى الدولي، خصوصًا في علاقتها مع الولايات المتحدة. يقول الدوخي: «لقد خلقت الرؤية بيئة أعمال جاذبة ومتطورة، ترتكز على تحديث الأنظمة التجارية، وتمكين المستثمرين الأجانب، وتطوير التشريعات لتشجيع النمو المستدام. وهذا ما جعل الشركات الأميركية تنظر إلى السعودية كأرض خصبة وآمنة للاستثمار طويل الأجل».
من جانبه أشار الخبير الاقتصادي الأستاذ عاصم الرحيلي إلى أن رؤية السعودية 2030 لم تكتفِ بإطلاق المبادرات فحسب، بل وضعت أُسسًا تنفيذية حقيقية تمثلت في «خصخصة قطاعات حكومية حيوية مثل الكهرباء والمياه والخطوط الجوية، وإطلاق برامج ضخمة كبرنامج التحول الوطني وبرنامج التوازن المالي، كذلك تمكين القطاع الخاص».
وأكد الأستاذ عاصم أن هذه الجهود أثمرت عن تحوّل المملكة إلى واحدة من أبرز الوجهات الاستثمارية في المنطقة، لا سيما للشركات الأميركية العاملة في مجالات عديدة مثل التكنولوجيا، الطاقة النظيفة. وغيرها من مجالات مدعومة بتسهيلات قانونية متقدمة في الملكية الأجنبية، وحماية الملكية الفكرية، ورفع مستوى الشفافية المالية.
هذا التوجه الجديد لم يأتِ من الفراغ، بل جاء ضمن حزمة إصلاحات مؤسسية وتنظيمية ساعدت في خلق بيئة أعمال أكثر تنافسية، وأعادت تشكيل العلاقة بين المملكة وشركائها الدوليين. وكما يشير الأستاذ الدوخي، فإن هذه الجاذبية المتزايدة لم تكن مجرد انطباع خارجي، بل تحوّلت إلى شراكات واستثمارات أميركية واقعة في عدد من القطاعات المستهدفة ضمن الرؤية.
استثمارات أميركية نوعية
ساهمت الحزمة التشريعية والتنظيمية التي نفذتها المملكة في توفير مناخ استثماري يتناسب مع متطلبات كبرى الشركات الأميركية. حيث تم تعديل قوانين التملك، وتسهيل إجراءات الدخول إلى السوق، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وقد شهدت السنوات الأخيرة تدفقًا متزايدًا للاستثمارات الأميركية في قطاعات متعددة، بما في ذلك الصناعات الدفاعية، والتقنيات الحيوية، والطاقة المتجددة، والتصنيع المتقدم، مما يعكس انسجامًا واضحًا بين أولويات الرؤية السعودية ومجالات التوسع الاستثماري الأميركي.
تقاطع استراتيجي واضح
يشير المحلل السياسي فيصل الشمري إلى أن العلاقة الاقتصادية بين الرياض وواشنطن لم تعد قائمة فقط على التجارة التقليدية أو مبيعات الطاقة، بل انتقلت إلى مرحلة التقاطع الاستراتيجي، حيث تلتقي مصالح الطرفين في مشاريع نوعية، منها:
الطاقة المتجددة: مثل مشاريع الهيدروجين الأخضر والطاقة الشمسية، التي تشكّل ساحة خصبة لتعاون الشركات الأميركية الرائدة.
الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية: حيث خصصت المملكة صندوقًا استثماريًا ضخمًا لتطوير الذكاء الاصطناعي، ما يفتح الباب لشركات مثل Google وIBM.
السياحة والترفيه: عبر تطوير البنية التحتية السياحية، تتيح المملكة فرصًا لشركات الضيافة العالمية.
توطين الصناعات الدفاعية: من خلال شراكات مع شركات مثل بوينغ ولوكهيد مارتن لتصنيع المكونات داخل السعودية.
دبلوماسية اقتصادية مؤثرة
لم تعد الرؤية مجرد مخطط تنموي داخلي، بل أصبحت أداة دبلوماسية فعّالة في تعزيز العلاقات الدولية. ووفقًا للشمري، فإن المملكة استطاعت من خلال رؤية 2030 أن تفتح قنوات جديدة للتحالفات الاقتصادية، وتُعيد تموضعها كقوة استثمارية ذات تأثير. ويضيف: «استقطاب الاستثمارات الأميركية، وعقد صفقات استراتيجية مع كبرى الشركات، يعكس قدرة المملكة على استخدام الاقتصاد كوسيلة للنفوذ الدولي، وتعزيز مكانتها السياسية والاقتصادية في المحافل العالمية».
مشروعات تغير المشهد
يرى الدكتور أحمد الشهري، رئيس منتدى الخبرة السعودي، أن الرؤية غيّرت مفهوم التخطيط الاستراتيجي في المنطقة، وأحدثت تحولًا فعليًا في العلاقة السعودية الأميركية، موضحًا أن ما تحقق خلال تسع سنوات يُعد إنجازًا غير مسبوق. ويقول الشهري: «الرؤية أنجزت في أقل من عقد ما يحتاج إلى عقود طويلة، سواء في توطين الصناعة، أو الحوكمة، أو تقليص الاعتماد على النفط. كما عززت من الاستثمار في التعليم، والطاقة النظيفة، والتقنية، وأتاحت شراكات استراتيجية مع أمريكا بلغت قيمتها مئات المليارات».
صفقات كبرى ناجحة
شهد عام 2018 توقيع صفقات استراتيجية ضخمة خلال زيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة ، بلغ إجماليها أكثر من 200 مليار دولار. تضمنت الاتفاقيات مجالات صناعية ودفاعية، منها:
تصنيع مكونات الطائرات بالشراكة مع بوينغ.
توطين الصناعات الدفاعية.
شراكات مع ExxonMobil وChevron لتطوير مشاريع طاقة مشتركة.
استحواذ السعودية على أكثر من 60% من شركة Lucid Motors وبناء مصنع في جدة.
تعاون تقني وتعليمي
إضافة إلى القطاع الصناعي، تضمنت الشراكات مع أمريكا مجالات تعليمية وتقنية استراتيجية، أبرزها:
شراكات مع Amazon Web Services وGoogle لإنشاء مراكز بيانات في السعودية.
مشاريع الذكاء الاصطناعي في الصحة والتعليم بالتعاون مع IBM.
برامج تدريب وتأهيل الكفاءات السعودية بالتعاون مع MIT وHarvard وMicrosoft.
تبادل تجاري متصاعد
بحسب البيانات الرسمية، بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية وأمريكا عام 2023 نحو 38 مليار دولار، وارتفع في 2024 إلى 45 مليارًا، تشمل الصادرات الأميركية إلى المملكة الطائرات والمعدات الطبية، في حين تورد السعودية النفط ومشتقاته والأسمدة والبتروكيماويات.
بيئة جاذبة وواعدة
يوضح المتخصص في الاستثمار محمد العجاج أن رؤية 2030 نجحت في خلق بيئة استثمارية حديثة، تقوم على تشريعات مرنة وتسهيلات واسعة. كما أن قرار إلزام الشركات الدولية بنقل مقراتها الإقليمية إلى المملكة بدءًا من 2024، كان له أثر كبير في توثيق العلاقة الاقتصادية مع الولايات المتحدة ، وجذب استثمارات نوعية، وتعزيز التوطين ونقل التقنية.
مستقبل اقتصادي مشترك
ويختتم الكاتب نايف الحربي بأن رؤية 2030 لم تعزز فقط من مكانة المملكة داخليًا، بل أعادت صياغة العلاقة مع أمريكا كحليف اقتصادي موثوق. مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة كانت من أوائل الدول التي أعلنت دعمها للرؤية، وأبدت استعدادها لتطوير شراكة طويلة الأجل تشمل 600 مليار دولار خلال السنوات الأربع المقبلة. ويقول الحربي: «لم نعد نقول: متى نبدأ؟ بل أصبحنا ننجز ونقود. رؤية السعودية غيّرت الداخل وغيّرت صورة المملكة في الخارج، ووضعتها شريكًا استراتيجيًا لا يمكن تجاوزه في أي معادلة اقتصادية قادمة».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

جوجل تعتلي قائمة براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في 2024
جوجل تعتلي قائمة براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في 2024

الشرق السعودية

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق السعودية

جوجل تعتلي قائمة براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في 2024

تصدرت جوجل قائمة الشركات الرائدة في براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، عالمياً، كما تصدرت قائمة الذكاء الاصطناعي الوكيل، وهو مجال ناشئ، وفقاً لبيانات من IFI Claims، وهي شركة لإدارة قواعد البيانات، وذلك في الفترة من فبراير 2024 إلى أبريل 2025. وبحسب موقع "أكسيوس"، تشير طلبات براءات الاختراع، على الرغم من أنها ليست مؤشراً مباشراً على الابتكار، إلى مجالات ذات اهتمام بحثي كبير، وقد ارتفعت طلبات براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي في الولايات المتحدة بأكثر من 50% في الأشهر الأخيرة. وقالت ليلي إياكورسي، المتحدثة باسم IFI Claims، إن "الارتفاع الكبير في طلبات براءات الاختراع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي هو علامة على سعي الشركات بنشاط لحماية تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، مما يؤدي إلى زيادة المنح أيضاً". وفي تصنيفات براءات الاختراع للوكلاء في الولايات المتحدة، تتصدر جوجل و"إنفيديا" القائمة، تليهما IBM وإنتل ومايكروسوفت، وفقاً لتحليل صدر الخميس. كما تصدرت جوجل وإنفيديا قائمة براءات الاختراع على الصعيد العالمي، لكن ثلاث جامعات صينية أيضاً ضمن المراكز العشرة الأولى، مما يُبرز مكانة الصين كمنافس رئيسي للولايات المتحدة في هذا المجال. بيانات التدريب وفي التصنيف العالمي للذكاء الاصطناعي التوليدي، تصدرت جوجل أيضاً القائمة، لكن 6 من المراكز العشرة الأولى عالمياً كانت من نصيب شركات أو جامعات صينية. واحتلت مايكروسوفت المركز الثالث، بينما احتلت "إنفيديا" وIBM أيضاً المراكز العشرة الأولى. وحددت مؤسسة IFI Claims، براءة اختراع واحدة فقط مرتبطة ببرنامج DeepSeek الصيني، وهي براءة اختراع لطريقة بناء بيانات التدريب. وفي التصنيف الأميركي للذكاء الاصطناعي التوليدي، تصدرت جوجل ومايكروسوفت قائمة طلبات براءات الاختراع الأميركية، متجاوزتين بذلك شركة IBM، التي كانت المتصدرة سابقاً. وكانت من بين العشرة الأوائل أيضاً شركات "إنفيديا" و"كابيتال ون" و"سامسونج" و"أدوبي" و"إنتل" و"كوالكوم". وظهرت العديد من تلك الأسماء في قائمة طلبات براءات الاختراع الأميركية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، إذ احتلت جوجل المركز الأول، تلتها مايكروسوفت وIBM وسامسونج وكابيتال ون. عالمياً، تصدّرت جوجل القائمة، تلتها هواوي وسامسونج. ولم تُصنّف ميتا ولا OpenAI ضمن العشرة الأوائل، على الرغم من أن OpenAI كثّفت جهودها في مجال براءات الاختراع خلال العام الماضي، وفقاً لتحليل معهد IFI. ركّزت ميتا جهودها على تطوير البرمجيات مفتوحة المصدر، بينما تُصرّح OpenAI بأنها تنوي استخدام براءات اختراعها "دفاعياً" فقط. إجمالاً، ارتفع عدد طلبات براءات الاختراع الأميركية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي بنسبة 56% العام الماضي، ليصل إلى 51 ألفاً و487 طلباً. كما ارتفعت براءات الاختراع الممنوحة في الولايات المتحدة بنسبة 32%. شكّل الذكاء الاصطناعي التوليدي، 17% من طلبات براءات الاختراع الأميركية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي، بينما شكّل الذكاء الاصطناعي الوكيل 7% عالمياً.

أرباح الخطوط الجوية القطرية تقفز 28% إلى 2.1 مليار دولار
أرباح الخطوط الجوية القطرية تقفز 28% إلى 2.1 مليار دولار

العربية

timeمنذ 20 ساعات

  • العربية

أرباح الخطوط الجوية القطرية تقفز 28% إلى 2.1 مليار دولار

أعلنت الخطوط الجوية القطرية اليوم الاثنين أن صافي أرباحها السنوية قفز 28% ليصل إلى مستوى قياسي بلغ 7.8 مليار ريال قطري (2.1 مليار دولار). وقال الرئيس التنفيذي للمجموعة، بدر محمد المير، في بيان للشركة: "نجحنا أيضًا في بناء شراكات استراتيجية على مستوى القطاع لضمان مرونة المجموعة في مواجهة التغيرات العالمية المستمرة، سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو بيئية". ولم تُنشر بعد بيانات الإيرادات أو عدد الركاب للعام الماضي، ومن المتوقع إصدار التقرير السنوي الكامل للشركة في وقت لاحق من اليوم، وفقا لـ"رويترز". وفي إطار سعيها لتوسيع شبكتها وزيادة أعداد الركاب، استحوذت الخطوط الجوية القطرية العام الماضي على حصة قدرها 25% في شركة فيرجن أستراليا، بالإضافة إلى حصة مماثلة في شركة إيرلينك للطيران، ومقرها جنوب أفريقيا. كما أكدت الشركة، قبل أيام، طلبية لشراء 160 طائرة من طرازَي بوينغ 777X و787، المزودين بمحركات من شركة جنرال إلكتريك للطيران، بقيمة إجمالية بلغت 96 مليار دولار، في أكبر صفقة على الإطلاق لطائرات عريضة البدن بين الشركتين. وتمتلك الخطوط الجوية القطرية كذلك خيار شراء 50 طائرة إضافية من بوينغ. وقال رئيس العمليات التجارية في الخطوط الجوية القطرية تيري أنتينوري، لـ"رويترز" في مارس/آذار، إن الشركة شهدت نموًا في أعداد الركاب يفوق المتوسط السوقي، وذلك خلال الفترة من أبريل/نيسان 2024 وحتى يناير/كانون الثاني الماضي، بزيادة قدرها 9% عبر شبكتها، و14% في أوروبا، و12% في ألمانيا.

ترامب في الخليج… قلق «إسرائيلي» وتنازلات أمريكية!
ترامب في الخليج… قلق «إسرائيلي» وتنازلات أمريكية!

قاسيون

timeمنذ يوم واحد

  • قاسيون

ترامب في الخليج… قلق «إسرائيلي» وتنازلات أمريكية!

مع انتهاء زيارة ترامب ظهرت تأكيدات على مناخ مختلف عن كل الزيارات الأمريكية السابقة حتى تلك التي حصلت في دورة ترامب الرئاسية الأولى في 2017، إذ قدّرت بعض التقارير أن قيمة الاتفاقيات المعقودة بلغت ما يقارب 4 تريليونات دولار، رقم ضخم استخدم كغطاء إعلامي، صرف الانتباه عن الأبعاد السياسية الأعمق التي حملتها الزيارة. لكن ذلك لا يلغي الحجم الهائل للاستثمارات التي يجري الحديث عنها. في السعودية ركّزت الاتفاقيات في السعودية على قطاع الدفاع وتسليح الجيش بشكل كبير، إذ حصلت السعودية على تعهدات بالوصول إلى أسلحة من بينها أسلحة متطورة من أكثر من 12 شركة تصنّع الأسلحة في الولايات المتحدة، بقيمة قدّرت بـ 142 مليار دولار ما جعلها «أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ» بحسب وصف البيت الأبيض، هذا إلى جانب إعلان سعودي عن نيّة المملكة ضخ استثمارات بقيمة 600 مليار عبر شراكات اقتصادية استراتيجية في قطاعات متنوعة، مثل: الطاقة، البنية التحتية، والتكنولوجيا، وفي هذا السياق ترأس ترامب منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي إلى جانب مسؤولين سعوديين وقادة أعمال أمريكيين. لكن أهم ما دار في الرياض، كان عقد نقاشات عن صفقة محتملة لتطوير برنامج نووي سلمي في السعودية مع ضمان عدم اعتراض الكيان، المفارقة أن هذه النقاشات تجاوزت الإشارة إلى شرط التطبيع مع «إسرائيل»، وهو ما كان يُعد شرطاً أساسياً في عهد الإدارة السابقة، ما يلمح إلى تغير في مقاربة واشنطن لهذه الملفات، وإن الوصول لاتفاقية من هذا النوع يعني أن تحصل السعودية على استثناء تتجاوز فيه المادة 123 من قانون الطاقة الذرية الأمريكي لعام 1954 ما قد يعني تطوير قدرات السعودية على تخصيب اليورانيوم على أراضيها. في قطر والإمارات لم يختلف المشهد في الدوحة كثيراً، إذ أكد الطرفان نواياهم في رفع التبادل الاقتصادي إلى حدود 1.2 تريليون دولار، يشمل قطاعات حيوية، مثل: الطاقة، والتكنولوجيا، والدفاع، مع تعهدات قطرية بشراء طائرات من شركة بوينغ، قدرتها بعض التقارير بـ 210 طائرات ما يجعلها أكبر صفقة في تاريخ الشركة. أما في الإمارات، فقد أكدت الزيارة ما جرى الاتفاق حوله في آذار الماضي عن نيّة الإمارات ضخ استثمارات بقيمة 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة، تشمل قطاعات، مثل: الطاقة، والتكنولوجيا، والذكاء الاصطناعي، وشملت أيضاً صفقات تسليح بحدود 1.4 مليار دولار. وكان أبرز ما جرى الاتفاق حوله، إنشاء شراكات ثنائية في أبحاث الذكاء الاصطناعي، وتأسيس مراكز ابتكار أمريكية في الإمارات، مع التركيز على الأمن السيبراني والمعايير الرقمية، وظهر بشكلٍ جلي، أن الإمارات نجحت هذه المرة في إنهاء القيود التي فرضت عليها في عهد الإدارة السابقة، بخصوص الوصول إلى الشرائح المتقدمة من شركة NVIDIA الأمريكية، نتيجة لمخاوف من انتقال هذه التكنولوجيا إلى الصين، فرضت إدارة بايدن قيوداً صارمة ورقابة شديدة على تصدير هذا النوع من الشرائح، لكن ترامب طوى هذه الصفحة وسمح للإمارات باستيراد أكثر من مليون شريحة متقدمة خلال السنوات الثلاث القادمة، ما يشير إلى قفزة كبيرة تعد لها الإمارات في هذا المجال، فهذا الرقم (500 ألف سنوياً) يفوق استهلاك الشركات الأمريكية الكبرى، فتستهلك ميتا مثلاً 100 ألف شريحة سنوياً، وهو رقم يكفي لتبيان حجم المشاريع التي تسعى الإمارات لتنفيذها، ما يمكن أن يحوّلها إلى مركز أساسي في الشرق الأوسط قادر على المنافسة على المستوى العالمي. من 2017 إلى 2025 ترامب كان زار الخليج في 2017 وترافقت زيارته مع صفقات قدرت في حينه بـ 400 مليار دولار، لكن أرقام هذه الزيارة أكبر بكثير، حتى وإن أخذنا بعين الاعتبار أن الأرقام ليست سوى إعلان نوايا حتى الآن، وقد لا تنفّذ خلال آجال زمنية قصيرة، لكن ما يثير الانتباه حقاً في هذه هو أن المناخ الإقليمي العام بدا مختلفاً كلياً عن 2017، ففي ذلك الوقت كانت النبرة شديدة العدائية تجاه إيران وترافقت مع مستوى مرتفع من التوتر لا نرى ما يشبهه اليوم على الإطلاق، بل على العكس تماماً، إذ ظهر وضوحاً أن قادة الخليج ينظرون بعين الارتياح إلى المفاوضات النووية الأمريكية- الإيرانية، بل عقد قادة هذه الدول لقاءات ومشاورات مع إيران سبقت زيارة ترامب، ما يعكس مستوى من التنسيق والتفاهم مدفوعاً إلى حد كبير بالمصالح المتبادلة لتحقيق التوازن في منطقة تحتوي طاقات استثمارية كبرى، لا يمكن تحقيقها في ظل التوترات السابقة، أو حتى في ظل احتمالات الحرب الدائمة، فنوايا الإمارات مثلاً لبناء مركز عالمي للذكاء الصناعي والتخزين السحابي يحتاج بكل تأكيد إلى ضمانات بعدم انجرار المنطقة إلى مواجهات ساخنة، وهنا يبدو سلوك ترامب، وبعيداً عن التصريحات التي تستخدم للاستهلاك الإعلامي، واعٍ تماماً لهذه الحقيقة، بل يرى فيها مصلحة أمريكية، فالرئيس كان مستعداً للتنازل بحسب ما يبدو عن شروط سابقة كانت تربط الاتفاقات الاستراتيجية الكبرى مع السعودية بضرورة تطبيع علاقاتها مع «إسرائيل»، أما اليوم فلم يأت ترامب على ذكر ذلك، واكتفى بالقول: إنّه «سيكون مسروراً لو حصل ذلك»، وحاول خلال زيارته إرسال رسائل تفيد بعدم رضاه عن سياسة الكيان الحالية، فحتى وإن لم يكن صادقاً في ذلك، فهو بلا شك مضطر لإعطاء رسائل تطمين في هذا الخصوص، وهو مضطرٌ أيضاً إلى لجم الكيان الصهيوني، ومنعه من أيّ حماقات يمكن أن تعيق التوجه الأمريكي الجديد. في «إسرائيل» يبكون بصمت! إن ما جرى في الخليج أثناء زيارة ترامب من شأنه أن يضع ملامح جديدة للنوايا الأمريكية، وإن كانت الصورة لم تكتمل بعد، يظهر أن «إسرائيل» غير مرتاحة لما يجري حولها، ففي صحيفة «يسرائيل هيوم» قال المحلل يوآف ليمور: إن «الشرق الأوسط يُعاد تشكيله أمام أعيننا من خلال سلسلة من الاتفاقيات والاجتماعات، بينما تظل [إسرائيل]، في أفضل الأحوال، مراقباً على الهامش»، تكثر مثل هذه الآراء في الصحف «الإسرائيلية» وإن كان بعضها يأخذ أبعاداً درامية إلا أن الكيان يقف بالفعل أمام واقعٍ جديد. بالتأكيد لا يمكن الاطمئنان إلى النوايا الأمريكية، ويسعى ترامب بلا شك لحجز مساحة يستطيع من خلالها التأثير على التطورات في الشرق الأوسط، إلاّ أنّه لا يرى خيراً في استراتيجية «إسرائيل» لإعادة تشكيل «الشرق الأوسط الجديد»، بل ربما لم يستطع الكيان تحقيق ذلك ضمن الآجال المقبولة أمريكياً، وبات الاستمرار بهذا النهج يهدد الولايات المتحدة بخسارة كلّ شيء، ولذلك كان لابد من استدارة حتى لو غضبت «إسرائيل».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store