
لبنان 3.0: من اتصال إيلون ماسك إلى إعادة تشغيل وطنية يقودها الذكاء والشفافية والتكنولوجيا
أثار الاتصال المفاجئ من رجل الأعمال العالمي إيلون ماسك برئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزيف عون موجة من التفاعل الإقليمي، وحمل رسالة واضحة إلى المستثمرين حول العالم: لبنان عاد إلى خارطة الفرص.
ووفقاً للمصادر الرسمية، أبدى ماسك خلال الاتصال اهتمامه بمزاولة الأعمال في لبنان، في خطوة وصفتها أوساط رسمية بأنها ' إشارة دولية متجددة للثقة في القيادة اللبنانية والاتجاه الرقمي الجديد للبلاد.' ويأتي هذا الاتصال في لحظة رمزية، قبيل انطلاق قمة لب تك 2025 ، المنصة التكنولوجية الأهم في لبنان، وفي خضم إطلاق أجندة إصلاحية ورقمية شاملة من قبل الحكومة الجديدة، والتي باتت تُعرف إعلامياً باسم ' لبنان 3.0.'
إعادة تشغيل وطنية
تحت قيادة الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، يدخل لبنان مرحلة جديدة يُنظر إليها على أنها أكثر شباباً، وأكثر كفاءة، وأقرب إلى روح العصر. وتُعرف هذه المرحلة باسم ' لبنان 3.0″ ، وهي بمثابة إعادة ضبط شاملة للدولة، تركّز على الحوكمة، والتحول الرقمي، والانفتاح مجدداً على المستثمرين والاغتراب.
وكما أوردت صحيفة The National ، فإن هذا التحول يتجسد في بنية حكومية مدمجة وأكثر تخصصاً، تشمل وزارات جديدة مثل وزارة التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ، ما يعكس نية واضحة لإعادة برمجة الدولة نفسها — ببرمجيات أكثر شفافية، وواجهة خدمات أكثر كفاءة، وأمن معلوماتي يعزز الثقة العامة.
لحظة تَشَكُّل في قمة 'لب تك 2025'
تجلّى هذا التحول بوضوح في كلمة وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، كمال شحادة ، خلال افتتاح قمة 'لب تك 2025'. وقدّم شحادة خطاباً اتسم بالوضوح والثقة، داعياً اللبنانيين في الداخل والخارج، وكذلك قادة التكنولوجيا العالميين، إلى اغتنام هذه اللحظة.
' أحياناً، تتحول الاجتماعات إلى لحظات حاسمة. وهذه إحدى تلك اللحظات،' قال شحادة. ' لحظة لربط الأفكار بالفعل. لتحويل الرؤية إلى بنية تحتية. ولإثبات أن المستقبل الرقمي للبنان قيد البناء فعلاً.'
شملت القمة جلسات حول الذكاء الاصطناعي في الحوكمة، والتكنولوجيا الصحية، والأمن السيبراني، والمدن الذكية، والتصميم الشامل. وتميّز الحضور بتنوعه، من طلاب ومبتكرين إلى مسؤولين وممثلي الاغتراب — في مشهد يعكس ما تسعى إليه رؤية 'لبنان 3.0'.
' العالم يراقب لبنان — لا بشك، بل باهتمام متجدد،' أضاف شحادة، في إشارة إلى اتصال ماسك. ' لكن مع هذا الضوء، تأتي المسؤولية. إذا أردنا تحويل هذا الاهتمام إلى أثر حقيقي، فعلينا أن نكون جاهزين — بالبنية، وبالعقلية، وبالأدوات.'
الثقة، والخدمات، والموهبة: دائرة مترابطة
ركّز شحادة في خطابه على ثلاث أولويات مترابطة: الثقة، والخدمات، والموهبة — ليس كمحاور منفصلة، بل كحلقة واحدة متكاملة. تبدأ بالحوكمة الرقمية والأطر القانونية والأخلاقية لبناء الثقة. وتؤدي تلك الثقة إلى تطوير خدمات عامة رقمية، سهلة، وسريعة، وشفافة. لكن العامل الأهم، بحسب الوزير، يبقى الإنسان.
' ليست هذه مسارات متوازية، إنها حلقة واحدة. الثقة تُمكّن الخدمات، والخدمات تُعيد بناء الثقة، والثقة تُبقي العقول النابغة هنا — أو تعيدها من المهجر.'
وجه جديد للقطاع العام
أحد أكثر اللحظات تأثيراً في الكلمة كانت عندما طلب شحادة من أعضاء فريق الوزارة الشبابي، الذين يعملون بشكل تطوعي، الوقوف لتحية الجمهور.
' هؤلاء لا يعملون من أجل التصفيق. بل لأنهم يؤمنون بما نبنيه معاً. وأقول للجميع هنا: تحدثوا معهم. شاركوهم فكرة. إبنوا شيئاً — الآن، لا لاحقاً.'
ثقافة العمل الجديدة هذه — القائمة على الكفاءة والتعاون وروح التطوع — باتت سمة بارزة في 'لبنان 3.0″، وتشكل قطيعة مع البيروقراطية المألوفة التي عرفتها الحكومات السابقة.
مع دخول لبنان هذه المرحلة الجديدة، يبدو أن ما كان يُنظر إليه سابقاً كخطاب طموح بات اليوم يتحوّل إلى بنى تحتية فعلية، وقيادة متجددة، وطموح قابل للقياس. قد يكون اتصال ماسك هو العنوان الكبير، لكن ما سيأتي بعده هو الأهم. نجاح لبنان 3.0 لن يتحقق عبر قمة واحدة أو مكالمة واحدة — بل عبر منظومة قررت أن تنهض، وتتعاون، وتبني ما يستحق أن يُبنى.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 37 دقائق
- صحيفة الخليج
إيران مستعدة لصفحة جديدة مع دول الخليج
أعلنت إيران، أمس الأحد أنّ لديها «شكوكاً جدية» بشأن احترام إسرائيل لوقف إطلاق النار الساري منذ 24 يونيو بعد حرب استمرّت 12 يوماً بين الطرفين. كما طلبت من الأمم المتحدة الاعتراف بمسؤولية إسرائيل وواشنطن عن الحرب، وفقاً لرسالة وجّهها وزير الخارجية عباس عراقجي إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ونُشرت أمس الأحد، ونفت توجيه «أي تهديد» لمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل غروسي، الذي رجّح أن تتمكن إيران من البدء بإنتاج يورانيوم مخصب «في غضون أشهر»، بينما قال الرئيس مسعود بزشكيان: إن طهران مستعدة لبدء صفحة جديدة في العلاقات مع دول الجوار في منطقة الخليج العربي. ونقل التلفزيون الرسمي عن رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلّحة الإيرانية عبد الرحيم موسوي قوله، أمس الأحد: «لم نبدأ نحن الحرب لكننا رددنا على المعتدي بكل قوتنا». وأضاف موسوي في محادثة عبر الهاتف مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان «لدينا شكوك جدية حيال امتثال إسرائيل لالتزاماتها بما في ذلك وقف إطلاق النار. ونحن على استعداد للرد بقوة» إذا تعرّضت إيران للهجوم مجدداً. وبحث الوزير السعودي، ورئيس الأركان الإيراني، تطورات الأوضاع في المنطقة، والتعاون الدفاعي. وقالت الوكالة: إن الجانبين بحثا «العلاقات الثنائية بين البلدين في المجال الدفاعي، وتطورات الأوضاع في المنطقة والجهود المبذولة للحفاظ على الأمن والاستقرار». ولفت وزير الدفاع السعودي، إلى «أن المملكة لم تكتف بإدانة الاعتداءات، وإنما بذلت جهوداً كبيرة لإنهاء هذه الحرب العدوانية». في ذات السياق، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: إن طهران مستعدة لبدء صفحة جديدة في العلاقات مع دول الجوار في منطقة الخليج العربي. وأكد بزشكيان، في تصريحات أمس الأحد، أن تعزيز العلاقات بين إيران ودول الخليج يحمل رسالة سلام وأخوة وتنمية للعالم الإسلامي بأسره. وأضاف أن بلاده مستعدة للتعاون مع مجلس التعاون الخليجي، مشدداً على أن هذه الخطوة تمثل انطلاقة لفصل جديد في علاقات إيران مع دول الخليج. وبينما أسفر هجوم إسرائيلي على سجن إيفين في طهران عن مقتل 71 شخصاً، وفقاً لحصيلة أعلنتها السلطة القضائية أمس الأحد، طلبت طهران من الأمم المتحدة الاعتراف بمسؤولية إسرائيل وواشنطن في الحرب، وفقاً لرسالة وجّهها وزير الخارجية عباس عراقجي إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ونُشرت، أمس الأحد. وقال عراقجي في الرسالة: «نطلب رسمياً من مجلس الأمن الدولي الاعتراف بإسرائيل والولايات المتحدة باعتبارهما البادئَين في العمل العدواني والاعتراف بمسؤوليتهما اللاحقة، بما في ذلك دفع تعويضات وإصلاحات». وقال المندوب الإيراني لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيراوني، أمس الأحد، إنه ليس هناك أي تهديد إيراني لمدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية رافاييل جروسي، مشيراً إلى أن مفتشي الوكالة لا يمكنهم الآن دخول منشآت إيران النووية. وأعرب إيراوني، عن استعداد طهران للمفاوضات لكن الظرف ليس مناسباً لمفاوضات مع الولايات المتحدة، موضحاً أنه إذا أراد الأمريكيون إملاء شروطهم على إيران فالتفاوض معهم مستحيل. على صعيد آخر، رجّح المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تتمكن إيران من البدء بإنتاج يورانيوم مخصب «في غضون أشهر»، رغم الأضرار التي لحقت بمنشآتها النووية جراء الهجمات الأمريكية والإسرائيلية، وفق ما صرّح به لشبكة «سي بي إس نيوز» أمس الأول السبت. (وكالات)


صحيفة الخليج
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الخليج
إسرائيل توجه إنذارات بالإخلاء في غزة وتخطط لتصعيد غير مسبوق
واصلت إسرائيل، أمس الأحد، تصعيد حربها على قطاع غزة مع ارتكاب قواتها المزيد من المجازر بحق الفلسطينيين، ومواصلة استهداف الجياع ونسف المنازل والمربعات السكنية، بالتزامن مع أوامر إخلاء مناطق في شمال القطاع، في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية، حيث بات نحو 14 ألف مريض وجريح يواجهون الموت جراء حصار المعابر الإسرائيلي، في وقت يستعد الجيش الإسرائيلي بمشاركة خمس فرق لعملية عسكرية غير مسبوقة منذ بدء الحرب، وسط خلافات بين قادة الجيش حول مواصلة الحرب، كما أعلن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخرين بمعارك في شمال القطاع. في اليوم ال632 للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تواصل العدوان بلا هوادة، وسط غياب أي تحرك دولي جاد لوقف الإبادة الجماعية التي تطول نحو مليوني إنسان في القطاع المحاصر. ومع دخول اليوم ال104 من استئناف العمليات العسكرية، شرع الجيش الإسرائيلي في تنفيذ عمليات نسف واسعة للمباني السكنية شرق مدينة خان يونس، ما يفاقم المأساة الإنسانية في ظل دمار شامل. ومن جانبه، أصدر الجيش الإسرائيلي، أمس الأحد، إنذاراً جديداً لإخلاء شمال قطاع غزة، محذراً سكان مدينة غزة وجباليا ومناطق مجاورة من «تحرّك عسكري وشيك»، بعد أكثر من 20 شهراً على بدء الحرب. ودعا السكان إلى التوجه «فوراً» نحو منطقة المواصي جنوب القطاع، مرفقاً خريطة للمناطق المستهدفة. وذكر موقع «واللا» الإسرائيلي، أمس الأحد، أنه في حال عدم تحقيق تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار، سيشرع الجيش الإسرائيلي في عملية عسكرية واسعة النطاق مختلفة عن أي عملية نفذت حتى الآن في غزة. وذكر الموقع أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيجري نقاشاً مع وزير الجيش يسرائيل كاتس، ورئيس الأركان الفريق إيال زامير، وكبار قادة الأجهزة الأمنية حول التحركات العسكرية في قطاع غزة. ومن المتوقع أن يبلغ زامير المجلس الوزاري الأمني بأن الجيش يقترب من تحقيق أهدافه المعلنة. وكشف الموقع أن هناك خلافاً في صفوف الجيش الإسرائيلي بشأن استمرار التحركات في غزة أو انتهاء الحرب بعد الإنجازات الكبيرة التي تشمل، بحسب رأيهم، «تدمير البنية التحتية، وإحباط جهود القيادة العليا باستثناء قائد لواء مدينة غزة، عز الدين الحداد، الذي استهدفه الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) عدة مرات. ومع ذلك، وبحسب الموقع، هناك من في قيادات الجيش الإسرائيلي من يرى خلاف ذلك، ويعتبر أنه لا خيار أمامنا سوى الشروع في مناورة واسعة النطاق مع نقل أكبر عدد من السكان منذ بدء الحرب في غزة. وذكرت مصادر عسكرية لموقع «واللا» أن هناك نية لنقل السكان من أماكن مختلفة. وأوضحت المصادر العسكرية أن مثل هذا السيناريو سيشمل خمس فرق مناورة بالكامل، وليس في حالة جزئية من حيث القوى البشرية. كما ستتطلب هذه الخطوة تعبئة احتياطيات إضافية. وفي تقرير منفصل، نقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن قادة عسكريين إسرائيليين أن «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، لا تزال فاعلة وتنتشر من خان يونس إلى مدينة غزة وضواحيها، وهو ما يعكس صعوبة المهمة العسكرية رغم مرور أشهر على بدء العدوان. يأتي ذلك، بينما قالت مصادر إسرائيلية: إن جندياً من الجيش الإسرائيلي قتل وأصيب آخرون، جراء استهداف آلية عسكرية بصاروخ مضاد للدروع في قطاع غزة أمس الأحد. ووفق وسائل إعلام إسرائيلية، أسفر استهداف الآلية العسكرية عن مقتل جندي على الأقل وإصابة عدد من الجنود الآخرين، من دون الكشف عن تفاصيل إضافية حول حالتهم. إلى ذلك، وصل الوضع الصحي في قطاع غزة إلى نقطة الانهيار، مع تفاقم المأساة الإنسانية يوماً بعد يوم، جراء الحصار الإسرائيلي للمعابر. وقال أحمد الفرا، مسؤول ملف إجلاء الجرحى والمرضى في وزارة الصحة ومدير أقسام الأطفال والتوليد في مجمع ناصر الطبي بغزة: إن 14 ألف جريح ومريض مسجلون على قوائم السفر للعلاج بالخارج، وحياتهم رهينة بفتح السلطات الإسرائيلية للمعابر. وأشار إلى أن «546 شخصاً فقدوا أرواحهم وهم ينتظرون فرصة السفر، في وقت يحكم فيه الجيش الإسرائيلي حصاره المشدد على القطاع ويغلق المعابر، ويعرقل السفر للعلاج». (وكالات)


الإمارات اليوم
منذ 2 ساعات
- الإمارات اليوم
خدمة الاستفزاز
في عالم يتقدم بخطى متسارعة نحو الذكاء الاصطناعي والراحة الرقمية، لاتزال خدمة العملاء في بعض الشركات العملاقة تعيش في عصور ما قبل التقنية، ولم تكتفِ بالبقاء في الخلف، بل اخترعت لنفسها مدرسة جديدة: خدمة الاستفزاز. تبدأ المأساة بمشكلة بسيطة: خصمٌ غير مبرر، جهاز لا يعمل كما وُصف، أو خدمة فُعّلت دون إذنك. تتصل، يرد النظام الآلي، يدور بك في حلقات مفرغة من الأرقام والخيارات، ثم بعد دقائق طويلة يظهر صوت بشري، أو هكذا يُفترض. يقول لك: «مرحباً، معك أحمد»، وإن كانت أنثى، فهي غالباً «أمل»، وكأن كل الموظفين وُحّدت أسماؤهم باتفاق سري لا نعلمه، في محاولة لطمس الشخصية واستنساخ الردود. تشرح مشكلتك، فيرد عليك بجملة ميتة: «خلك معاي ثواني». وتبدأ رحلة التصبّر، التي تمتد من 25 إلى 45 دقيقة، بلا نتيجة. لا حل، ولا وعد، فقط صوت مملّ، وتحويلات بين أقسام، وكأنك تمرر معاناتك على بوابات لا تهتم بما خلفها. السؤال البديهي: هل من المنطق أن يشغل موظفٌ عميلاً واحداً كل هذا الوقت؟ في معدل ثماني ساعات يومياً، لن يخدم أكثر من 12 إلى 15 عميلاً، فأين الكفاءة؟ وأين العائد؟ وهل تُراجع هذه المؤسسات العملاقة كلفة الوقت المهدر؟ أم أن فلسفتها ببساطة هي إنهاك العميل حتى ينسحب؟ وكأنها تقول له: لا وقت لنا لك، إلا إذا كنتَ عنيداً جداً! الأسوأ أن هذه الخدمة لا تراعي فئة كبار السن، ولا من يعانون أمراضاً مزمنة، كارتفاع الضغط أو السكري. من يتعاملون بصوت ميتٍ مع رجل سبعيني لا يجيد استخدام التطبيقات، أو مع سيدة مريضة تتألم من بطء الردود، هم شركاء في زيادة آلامهم، ولو من حيث لا يشعرون. أما إن تسببت المعاملة الباردة في مضاعفة حالاتهم، فلا أحد يلتفت، ولا أحد يُحاسب. ثم نسأل: ما الذي يضير هذه الشركات المليارية إن صدقت مع عملائها؟ ما الذي يُنقص من خزائنها إن أعادت مبلغاً خُصم بغير وجه حق؟ هل يخدش كبرياءها أن تعترف بخطأ وقع أثناء البيع أو الشحن أو التفعيل؟ الأمانة لا تُنقص الأرباح، لكنها ترفع الثقة. المشكلة الحقيقية ليست في الخطأ، بل في طريقة التعامل معه. الموظف يُدرّب على الاعتذار لا على الإصلاح، وعلى إضاعة الوقت لا على حُسن التصرف. يتم تقييمه بعدد المكالمات التي أغلقها، لا بعدد العملاء الذين أنصفهم. أما الحل فبسيط جداً: أن يُعاد تعريف هذه الخدمة كجسر للثقة لا كحائط لامتصاص الشكاوى. أن تُمنح صلاحيات فورية لمن يرد على الهاتف، ويُسمح له بالحسم والتصحيح. أن يُربط تقييم الأداء برضا العميل، لا بسرعة التخلّص منه. وأن يكون في النظام الداخلي لكل مؤسسة نص صريح: «احترام العميل قبل خدمته». لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه