
ترامب في السعودية: شراكات بتريليون دولار في الطاقة والذكاء الاصطناعي والفضاء
ضمن تغطيتها المباشرة لزيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المملكة العربية السعودية، أجرت "النهار" مقابلة مع الكاتب المتخصص في شؤون النفط والاقتصاد السعودي رواء المهدي، لاستكشاف أبعاد هذه الزيارة وأهميتها الاقتصادية، لا سيما في ظل الأزمات التي تعصف بالاقتصاد العالمي.
السعودية أول وجهة خارجية لترامب... لماذا؟
أوضح المهدي أن اختيار ترامب المملكة العربية السعودية وجهة أولى في زيارته الخارجية الرسمية لم يكن صدفة، بل جاء بعد تصريحات أكد فيها أن زياراته ستُوجه نحو الدول التي يمكن أن تُبرم معها بلاده صفقات واستثمارات حقيقية. وفعلاً، أعلنت المملكة استعدادها لعقد اتفاقيات استثمارية ضخمة، ما جعلها محط أنظار الإدارة الأميركية.
وأضاف أن المملكة تُعد من أكبر الاقتصادات في الشرق الأوسط، وهي تلعب دوراً محورياً في تشكيل البوابة الاستثمارية الإقليمية، خصوصاً في ظل علاقاتها الممتدة مع دول أخرى كالإمارات وقطر. إلا أن ترامب، بحسب المهدي، يحرص على بناء علاقات مباشرة وشخصية مع جميع الأطراف المؤثرين في المنطقة.
هل هي زيارة تاريخية أم إعادة تموضع أميركي في الشرق الأوسط؟
وصف البيت الأبيض زيارة ترامب بأنها "عودة تاريخية إلى الشرق الأوسط". وفي هذا السياق، نفى المهدي أن تكون الولايات المتحدة انسحبت تماماً من المنطقة خلال إدارة الرئيس جو بايدن، مشيراً إلى أن العلاقات بين السعودية وأميركا استمرت، لا سيما في مجالات الطاقة والاستثمار. فخلال عهد بايدن، شهدت المملكة دخول شركات مالية أميركية كبرى مثل "بلاك روك" إلى السوق السعودية.
لكن ما يُميز هذه الزيارة، بحسب المهدي، هو الحجم الهائل من الاستثمارات المتوقع أن يبلغ تريليون دولار، وهو رقم يفوق بكثير الاستثمارات التي تم الاتفاق عليها في الزيارة السابقة لترامب.
وأكد المهدي أن المبلغ المذكور يُمثل هدفاً استراتيجياً لا يتم تنفيذه دفعة واحدة، بل سيُوزع على مراحل وقطاعات محددة، بناءً على خطط بين الحكومات والشركات. وأضاف أن إعلان الالتزام بهذا المبلغ يعكس جدية الطرفين، وأن التفاصيل ستظهر تباعاً مع التنفيذ العملي للاتفاقيات.
القطاعات المستفيدة: من الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة
ولفت المهدي إلى أن السعودية تغيّرت جذرياً منذ زيارة ترامب الأولى، إذ كانت آنذاك في بدايات تنفيذ "رؤية 2030"، أما اليوم فقد تطورت الرؤية بشكل واسع، وبرزت قطاعات جديدة كصناعة الذكاء الاصطناعي الذي تُراهن عليه السعودية من خلال شركة "تينت هيومن" المتخصصة بهذا المجال.
كما تطرق إلى قطاع الفضاء الذي يشهد تطوراً لافتاً، خصوصاً بعد زيارة رئيس وكالة "ناسا" المملكة ودعمه لاستراتيجية الفضاء السعودية. وأضاف أن المملكة تسعى أيضاً لتوطين التصنيع العسكري بنسبة تصل إلى 75% خلال السنوات المقبلة، ما يتطلب شراكات قوية مع الشركات الأميركية.
إضافة إلى ذلك، برزت قطاعات مالية كبرى شهدت توسعاً واضحاً، إذ نقلت العديد من الشركات الأميركية مقارها الإقليمية إلى الرياض، ما يعزز من مكانة المملكة كبوابة للاستثمارات في الشرق الأوسط. ولم يغفل المهدي قطاع البنية التحتية الذي تعمل فيه شركات أميركية رائدة مثل "بيكتل"، والتي تلعب دوراً محورياً في مشاريع ضخمة كنيوم.
أما قطاع الطاقة، فأشار المهدي إلى أنه لا يقتصر على النفط فقط، بل يشمل أيضاً الهيدروجين الأخضر والطاقة النووية، وهي مجالات تسعى فيها الشركات الأميركية لتصدير تقنياتها إلى المملكة.
هل مهّد ترامب لزيارته عبر تهدئة التوترات الدولية؟
رأى المهدي أن التحركات الديبلوماسية الأخيرة، مثل تهدئة التوتر مع الصين وتوقيع اتفاقيات مع بريطانيا وأوكرانيا، لا تعكس بالضرورة تمهيداً مباشراً للزيارة، لكنها تندرج ضمن تغيير في المسار الاستراتيجي للإدارة الأميركية. واعتبر أن ترامب بدأ يتجه من الصراع إلى "العطاء"، أي بناء شراكات اقتصادية وجيوسياسية أكثر تعاوناً.
السعودية بين الصين وأميركا... توازن صعب لكنه ممكن
أقر المهدي بصعوبة الموازنة بين علاقتي السعودية مع الصين والولايات المتحدة، بخاصة أن المنطقة أصبحت ساحة تنافس حاد بين القوتين. ومع ذلك، رأى أن المملكة نجحت حتى الآن في الحفاظ على توازن استراتيجي، إذ تعتبر الصين شريكاً اقتصادياً رئيسياً، دون أن يمنع ذلك من توسيع الشراكات مع أميركا.
وأكد أن هناك مبالغة في بعض التقارير التي تتحدث عن رغبة الولايات المتحدة في إقصاء الصين اقتصادياً عن السعودية، مشدداً على أن المشاريع الصينية في المملكة مستمرة ولا يمكن إنهاؤها بسهولة. وأشار إلى أن السعودية تنتهج سياسة خلق قطاعات جديدة تسمح باستيعاب شراكات مع كل الأطراف، ما يجعلها دولة ذات قدرة على المناورة الذكية.
وأجاب المهدي عن سؤال حول مستقبل أسعار النفط في ظل عودة دول "أوبك" إلى زيادة إنتاجها، والمطالبات الأميركية للسعودية بخفض الأسعار. موضحاً أن أسعار النفط حالياً أقل مما كانت عليه العام الماضي، وأن المملكة لا تتحكم وحدها في هذه الأسعار، بل هي جزء من تحالف أوسع داخل "أوبك بلس"، يُقرر بشكل جماعي سياسة الإنتاج.
وفي الخلاصة تأتي زيارة ترامب السعودية في توقيت حساس، وتعكس تحوّلاً استراتيجياً في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط. وبين استثمارات ضخمة وتحالفات دولية معقدة، تبدو المملكة العربية السعودية في موقع يؤهلها لتلعب دور الوسيط الاقتصادي الذكي بين القوى الكبرى، ما يجعلها رقماً صعباً في المعادلة الاقتصادية العالمية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون 24
منذ ساعة واحدة
- ليبانون 24
كيف ولدت فكرة بناء "برج ترامب" في سوريا؟
ذكر موقع "عربي 21"، أنّ صحيفة "الغارديان" البريطانية كشفت عن اعتزام رئيس مجموعة"تايغر" العقارية وليد الزعبي التوجه إلى العاصمة السورية دمشق من أجل الحصول على تراخيص بناء "برج ترامب" الشاهق، وذلك على وقع تواصل جهود التقارب بين سوريا والولايات المتحدة. ونقلت "الغارديان" عن الزعبي الذي التقى الرئيس السوري أحمد الشرع في وقت سابق من العام الجاري، قوله "هذا المشروع هو رسالتنا أن هذا البلد الذي عانى وأُنهك شعبه لسنوات عديدة، وخاصة خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة من الحرب، يستحق أن يتخذ خطوة نحو السلام". وأشارت الصحيفة إلى أن تكلفة برج ترامب المزمع بناؤه في دمشق "ستتراوح بين 100 و200 مليون دولار"، موضحة أنه يتم دراسة عدة مواقع في العاصمة السورية وأن تلبناء قد يتكون من 45 طابقا قابلا للزيادة أو النقصان حسب الخطة. ويوضح التقرير أن الزعبي سيحتاج بعد حصوله على رخصة البناء في دمشق، إلى التواصل مع علامة ترامب التجارية من أجل الحصول على حقوق الامتياز. ويقدر أن تستغرق عملية بناء البرج التجاري ما يقرب من ثلاث سنوات بمجرد حصول الزعبي على الموافقات القانونية من الحكومة السورية الجديدة والامتياز من علامة ترامب التجارية. وقال الأكاديمي والباحث السوري رضوان زيادة في حديثه لـ"الغارديان"، إن "الفكرة الرئيسية كانت تكمن في جذب انتباه الرئيس ترامب". وبحسب الصحيفة، فإن زيادة طرح الفكرة على الزعبي وبدأ الاثنان العمل معا على المشروع. وفي مطلع نيسان الماضي أخذ الباحث نموذجا أوليا للبرج وقدمه إلى وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني. وأشارت الصحيفة إلى أن الوزير السوري كان "متحمسا جدا" للفكرة، وقد قام الشيباني بتسليم النموذج إلى السفير السعودي في دمشق، على أمل أن يصل إلى فريق ترامب عبر الرياض. وعلق زيادة بالقول "هكذا تكسب عقل ترامب وقلبه".


المركزية
منذ ساعة واحدة
- المركزية
الذهب عند أعلى مستوى في أسبوعين وسط قلق حيال الدين الأميركي
ارتفعت أسعار الذهب اليوم الخميس إلى أعلى مستوى في أسبوعين وسط إقبال المستثمرين على الملاذ الآمن نتيجة لتزايد المخاوف إزاء مستويات الدين الحكومي الأميركي وضعف الطلب على سندات الخزانة لأجل 20 عاما، مما يسلط الضوء على انخفاض الإقبال على الأصول الأميركية. وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.7 بالمئة إلى 3336.43 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 0446 بتوقيت جرينتش، بعدما سجل أعلى مستوى منذ التاسع من أيار. وزادت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 0.7 بالمئة أيضا إلى 3337.60 دولار. ويحوم الدولار قرب أدنى مستوى في أسبوعين الذي سجله في الجلسة السابقة، مما يجعل الذهب المقوم بالعملة الأميركية أرخص لحاملي العملات الأخرى. وقال كلفن وونج كبير محللي السوق في منطقة آسيا والمحيط الهادي لدى أواندا 'الانعكاس الصعودي للذهب مدعوم بضعف الدولار ومخاطر الركود التضخمي المستمرة في الاقتصاد الأميركي'. وصوتت لجنة في مجلس النواب الأميركي أمس الأربعاء لصالح المضي قدما في مشروع القانون الشامل الذي يتبناه الرئيس دونالد ترامب للإنفاق وخفض الضرائب، مما يمهد الطريق للتصويت عليه في المجلس خلال الساعات المقبلة. وشهدت وزارة الخزانة الأميركية طلبا ضعيفا على بيع سندات بقيمة 16 مليار دولار لأجل 20 عاما أمس الأربعاء.ولا يثقل ذلك كاهل الدولار فحسب بل وول ستريت أيضا، مع شعور المتعاملين بالقلق بالفعل بعد خفض وكالة موديز التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وقال إيليا سبيفاك رئيس قسم الاقتصاد الكلي في تيستي لايف 'يبدو أن الذهب يستأنف اتجاهه الصعودي طويل الأمد بعد فشله في الصمود دون مستوى 3200 دولار. أتوقع عاما من المستويات المرتفعة حول 3450-3500 دولار'. وعادة ما يُنظر إلى الذهب على أنه استثمار آمن في أوقات الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية. وعلى الصعيد الجيوسياسي، قال وزير الخارجية العماني أمس الأربعاء إن الجولة الخامسة من المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة ستعقد في 23 أيار في روما. وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية قرابة واحد بالمئة إلى 33.66 دولار للأوقية، وانخفض البلاتين 0.4 بالمئة إلى 1072.43 دولار، وهبط البلاديوم 1.4 بالمئة إلى 1023.50 دولار.


المركزية
منذ ساعة واحدة
- المركزية
مصادر إسرائيلية تتحدث عن تفاصيل "ضربة إيران"
تُجري إسرائيل استعدادات لتوجيه ضربة سريعة لمنشآت إيران النووية إذا انهارت المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، وفقًا لما أفاد به مصدران إسرائيليان مطّلعان لموقع أكسيوس. وقال المصدران إن الاستخبارات الإسرائيلية بدلت اعتقادها بأن التوصل لاتفاق نووي بات وشيكًا إلى الاعتقاد بأن المحادثات على وشك الانهيار. وأشار أحد المصدرين إلى أن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن "نافذة الفرصة" لتنفيذ ضربة ناجحة قد تُغلق قريبًا، لذا إذا فشلت المفاوضات، سيتعيّن على إسرائيل التحرك بسرعة، فيما رفض المصدر الإفصاح عن سبب اعتقاد الجيش بأن فعالية الضربة ستقل لاحقًا. وأكد المصدران تقريرًا سابقًا لشبكة "سي إن إن" الأميركية مفاده بأن الجيش الإسرائيلي يُجري تدريبات واستعدادات لشن ضربة محتملة في إيران. وقال أحدهما: "تم إجراء الكثير من التدريبات، والجيش الأميركي يراقب كل شيء ويدرك أن إسرائيل تستعد". وأضاف مصدر إسرائيلي آخر: "بنيامين نتنياهو ينتظر انهيار المحادثات النووية ولحظة خيبة أمل ترامب من المفاوضات، حتى يكون منفتحًا لإعطاء الضوء الأخضر". وأفاد مسؤول أميركي لأكسيوس بأن إدارة ترامب قلقة من احتمال أن يُقدِم نتنياهو على تنفيذ الضربة دون الحصول على موافقة مسبقة من الرئيس ترامب. خلف الكواليس وأفاد مسؤول إسرائيلي بأن نتنياهو عقد هذا الأسبوع اجتماعًا حساسًا مع مجموعة من كبار الوزراء ومسؤولي الأمن والاستخبارات، لمناقشة حالة المحادثات النووية. على الجانب الآخر، من المقرر أن تبدأ الجولة الخامسة من المحادثات النووية الأميركية الإيرانية يوم الجمعة في روما. وكان المبعوث الأميركي إلى البيت الأبيض، ستيف ويتكوف، قد سلّم نظيره الإيراني اقتراحًا مكتوبًا خلال الجولة السابقة قبل 10 أيام، وكان هناك تفاؤل متزايد بإمكانية التوصل لاتفاق. لكن المفاوضات واجهت عقبة كبيرة تتعلق بحق إيران في امتلاك قدرة محلية لتخصيب اليورانيوم. وقال ويتكوف في مقابلة على قناة "آيه بي سي": "لدينا خط أحمر واضح جداً، وهو التخصيب. لا يمكننا السماح حتى بـ1 بالمئة من قدرة على التخصيب". لكن القادة الإيرانيين كرروا مرارًا أنهم لن يوقعوا على أي اتفاق لا يسمح لهم بالتخصيب. حملة عسكرية أشار المصدران الإسرائيليان إلى أن أي ضربة إسرائيلية ضد إيران لن تكون ضربة واحدة، بل حملة عسكرية ستستمر على الأقل لمدة أسبوع. مثل هذه العملية ستكون شديدة التعقيد والخطورة على إسرائيل والمنطقة بأسرها. وتخشى دول المنطقة أن تؤدي الضربة إلى تسرب إشعاعي واسع النطاق، فضلًا عن اندلاع حرب شاملة. وفي وقت سابق، قال نتنياهو في أول مؤتمر صحفي له منذ 6 أشهر، الإثنين الماضي: "إسرائيل والولايات المتحدة منسّقتان تمامًا بشأن إيران". وأضاف: "نحترم مصالحهم وهم يحترمون مصالحنا، وهي تتطابق تقريبًا بشكل كامل". كما أكد احترامه لأي اتفاق يمنع إيران من تخصيب اليورانيوم ويحول دون حصولها على سلاح نووي، مضيفا: "في كل الأحوال، تحتفظ إسرائيل بحق الدفاع عن نفسها من نظام يهدد بإبادتها".