
خطة احتلال غزة.. المخفي أعظم
خطة احتلال غزة تشكل جزءا من ترتيبات إقليمية أوسع في المنطقة، تخص الأمن والتطبيع معاً، أسوّة بالجاري في لبنان وسورية، في إطار مساعي إحياء مشروع «الشرق الأوسط الجديد»، الذي يعتقد «نتنياهو» بمقدرته على استحضاره مرّة أخرى، سبيلاً لإطالة أمدّ حرب الإبادة الصهيونية ضد القطاع، وبالتالي، منح عمرّه السياسي وقتاً إضافياً، أو هكذا هي تخيلاته.تتجاوز خطة «نتنياهو» ساحة غزة نحو محاولة إعادة تشكيل الخريطة السياسية الفلسطينية برمتها، من خلال تكرار مشهد التنكيل والتهجير في الضفة الغربية، عقب استكمال تنفيذهما بالقطاع نحو تحييده من المشروع الوطني الفلسطيني، وربما تفريغه من بعده السياسي والديمغرافي، توطئة لادماجه في مشاريع إقليمية، على شاكلة «الاقتصاد مقابل الأمن»، ضمن مساعي تصفية القضية الفلسطينية.ومنذ بدء العدوان على غزة؛ سعى «نتنياهو» لفرض الوقائع الجديدة في القطاع، رغم تصريحات «الانسحاب بعد إنجاز المهمة» التي يُطلقها في كل مرّة، إذ تؤشّر التحركات الميدانية إلى توجّه لتكريس وجود صهيوني دائم أو غير مباشر في القطاع، عبر إقامة مناطق عازلة داخل غزة تمتد لعدة كيلومترات، وتفكيك البنية التحتية الإدارية والتنظيمية فيها، مما يخلق فراغاً سياسياً يصعب ملؤه فلسطينياً، ومحاولات فرض نظام «حكم محلي بديل» عبر قوى عشائرية أو فصائيلية غير تابعة لحركة «حماس».وبعد فشله في تحقيق أهدافه المُعلنة؛ يجد «نتنياهو» نفسه أمام احتمالين؛ إما الاحتلال المباشر طويل الأمد لغزة، بما يُرضي ائتلافه اليميني المتطرف، مقابل معارضة أمنية بسبب كلفته الميدانية والدولية، ولأنه يعيد تجربة الاحتلال في لبنان، ويُعرض حياة أسراهم للخطر. وإما الاحتلال غير المباشر عبر ما يسميهم «وكلاء محليين»، لإيجاد بيئة فلسطينية معادية «لحماس» لكنها غير مرتبطة بالسلطة الفلسطينية في رام الله أيضاً.ورغم التنديدات الدولية الواسعة لخطة احتلال قطاع غزة، إلا أنها ما تزال غير كافية لممارسة الضغوط اللازمة لتراجع «نتنياهو» عنها. إذ بدلاً من المطالبة بالوقف الفوري للحرب؛ فإن الحديث يدور حول مرحلة «ما بعد حماس»، والاحتياجات الإنسانية، وإعادة الإعمار بعد انتهاء العمليات العسكرية العدوانية، مما يحمل ضمنياً قبولاً بإعادة تشكيل الوضع في غزة، حتى وإن تطلب الأمر تدخلاً عسكرياً طويل الأمد.إن الخطاب الأميركي – الغربي ينسجم مع الرؤية الصهيونية لإدارة مرحلة ما بعد الحرب في غزة، ويشي بأن خطة احتلال القطاع، أو تفكيكه تدريجياً على الأقل، ليست فكرة صهيونية بحتة، بل جزء من تفاهمات إقليمية أوسع مرتبطة بإعادة رسّم خريطة الشرق الأوسط وبضغوط التطبيع مع الكيان الصهيوني، مما يجعل المنطقة على حافة تصعيد إقليمي خطير يريده «نتنياهو» لإيجاد بيئة الفوضى وعدم الاستقرار الحاضنة «لحُلمّه» المنشود «بتغيير وجّه الشرق الأوسط» وفرض الهيمنة عليه وتبؤو الكيان المحتل لمكانة «الدولة» المركز فيه.ومع ذلك؛ ليس بالضرورة أن ينجح «نتنياهو» فيما فشل في تحقيقه منذ 7 أكتوبر 2023، فالتحديات كبيرة أمام خطته؛أولاً: صمود الشعب الفلسطيني وصلابة المقاومة، باعتبارهما الأساس الثابت الذي يقف دوماً بالمرصاد العتيّد ضدّ الخطط الصهيونية في فلسطين المحتلة. مثلما تصطدم الخطة بالموقف الأردني، وكذلك المصري، الصلب الرافض لاحتلال غزة وتهجير الفلسطينيين، والمطالب بوقف الحرب فوراً.ثانياً: الخلل في إدارة المعركة؛ تبعاً لمؤشر تغير الأهداف المعلنة وتعديلها المستمر، بدءاً بالقضاء على «حماس» ونزع سلاحها مع الاختلاف حول وضع غزة بعد الحرب وضبابية الخطوة التالية، إزاء فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية ذات الطبيعة الاستراتيجية، نظير سقفها المرتفع ولكونها بعيدة المنال.ثالثاً: ما يزال مشهد اندحار الاحتلال من قطاع غزة، عام 2005، تحت وطأة ضربات المقاومة المُوجعّة، حاضراً في أذهان الكيان الصهيوني، بما يجعل عودته لاحتلاله بالكامل، أسوة بالفترة الممتدة منذ عام 1967 حتى «الانسحاب»، محفوفة بمخاطر تعزيزها مجدداً وتعميق الانقسامات الداخلية على خلفية التكلفة العالية المرجح أن يتحملها حال توليه إدارة القطاع، في ظل تراجع التأييد الشعبي الداخلي لاستمرار الحرب.رابعاً: خشية الكيان المًحتل من عزلة دولية أوسع نطاقاً في حال تنفيذ الخطة، بما يُراكم التحول الملفت في توجهات الرأي العام العالمي والموقف الدولي؛ عبر تصاعد حجم الاحتجاجات المساندة للفلسطينيين والمنددة بجرائم الاحتلال، وتزايد عدد النخب الفكرية الناقدة له، واستقرار صورته المشوهة في الوجدان العالمي، أمام استخدام التجويع في عدوانه المتواصل ضد قطاع غزة.يسعى «نتنياهو» للإجهاز على ما تبقى في غزة، بخطة لا تخدم إلا بقائه السياسي، كجزء من أطماع صهيونية توسعية في فلسطين المحتلة والمنطقة. ولكن ما فشل في تحقيقه سابقاً لن يستطيع إنجازه لاحقاً، أمام الصمود الفلسطيني الأسطوريّ الذي يقف دوماً عقبة كؤود في طريق تمرير أهدافه الصهيونية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 25 دقائق
- البوابة
غزة: غارات الاحتلال تقتل أكثر من 100 شهيد وأزمة التجويع تتفاقم
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي شنّ هجماتها البرية والجوية على قطاع غزة، مستهدفة المدنيين ومفاقِمةً الأزمة الإنسانية المتفاقمة، في وقت يُتهم فيه الاحتلال باستخدام سياسة التجويع كسلاح ضد السكان المحاصرين. ووفق مصادر طبية في غزة، فقد استشهد أكثر من 100 فلسطيني خلال الساعات الماضية، بينهم 38 كانوا بانتظار المساعدات في مناطق متفرقة من القطاع، في واحدة من أكثر الهجمات دموية خلال الأيام الأخيرة. وفي السياق الدولي، وصفت وزارة الخارجية الكندية الوضع الإنساني في غزة بأنه "كارثي ولا يُطاق"، مؤكدة أن "التقاعس لم يعد خياراً" أمام المجتمع الدولي. وفي موقف لافت، أعلن عضو في البرلمان البرتغالي أن بلاده لن تسمح بمرور سفن إسرائيلية عبر مياهها الإقليمية، تعبيراً عن رفضها للعدوان. أما السيناتور الأميركي بيرني ساندرز، فقد حمّل واشنطن مسؤولية استمرار الحرب، قائلاً إن الولايات المتحدة أنفقت 24 مليار دولار على ما وصفه بـ"حرب نتنياهو المروعة في غزة". وفي مؤشر جديد على حجم الكارثة، أكد المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني، أن ما لا يقل عن 100 طفل في القطاع قضوا نتيجة الجوع وسوء التغذية، وسط انهيار تام للمنظومة الصحية والغذائية بفعل الحصار والهجمات المستمرة. ميدانيًا، أعلنت كتائب القسام – الجناح العسكري لحركة حماس – استهدافها دبابتين للاحتلال قرب دوار أبو حميد في خان يونس جنوبي القطاع، باستخدام قذيفتي "الياسين 105" وعبوة متفجرة، ضمن عملياتها المتواصلة ضد التوغلات العسكرية الإسرائيلية.


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
الاحتلال الإسرائيلي يعتزم استدعاء 100 ألف عسكري لعملية احتلال غزة المحتملة
يعتزم الجيش الإسرائيلي استدعاء ما بين 80 ألف و100 ألف عسكري احتياط للمشاركة في عمليته المحتملة لاحتلال مدينة غزة، وفق إعلام عبري الخميس. اضافة اعلان والأربعاء، صدق رئيس أركان الجيش إيال زامير على "الفكرة المركزية" لخطة إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، بما في ذلك مهاجمة منطقة الزيتون جنوب مدينة غزة التي بدأت الثلاثاء. وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية الخميس: "وفقا لإطار عمل أولي وضعه رئيس الأركان، وبعد الموافقة على الفكرة المركزية لاحتلال غزة، سيُرسل ما بين 80 ألف و100 ألف أمر استدعاء للمشاركة في العملية". وأضافت أنه "ستُعقد مناقشات إضافية في الأيام المقبلة، تتناول جدول الأعمال، من حيث طبيعة العملية وأساليب المناورة في المدينة وعلى المباني الشاهقة غربها، وضد فرق المقاومة التي تُجهّزها حركة حماس"، وفق تعبيرها. وسبق أن احتلت إسرائيل قطاع غزة 38 سنة بين 1967 و2005، ويعيش فيه حاليا نحو 2.4 مليون فلسطيني، وتحاصره تل أبيب منذ 18 عاما. وأثار اعتزام إسرائيل إعادة احتلال قطاع غزة انتقادات رسمية وشعبية في أنحاء العالم، مع تحذيرات من مزيد من الضحايا الفلسطينيين جراء حرب الإبادة وسياسة التجويع الممنهجة. ووفق الصحيفة العبرية، من المتوقع أن تستمر العملية العسكرية حتى العام المقبل 2026 في مدينة غزة وشمال القطاع، حيث توجد مباني شاهقة وخلايا تابعة لـ"حماس"، على حد قولها. ورفضا لخطورة إعادة احتلال غزة على حياة الأسرى الإسرائيليين، تعتزم عائلات الأسرى وقتلى الجيش تنفيذ إضراب شامل وشل الحياة في 17 أغسطس/ أغسطس الجاري، بمشاركة شركات وجامعات. وتقدر تل أبيب وجود 50 أسيرا إسرائيليا بغزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع بسجونها أكثر من 10 آلاف و800 فلسطيني يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية. وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و722 شهيدا فلسطينيا و154 ألفا و525 جريحا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، ومئات آلاف النازحين، ومجاعة قتلت 235 شخصا، بينهم 106 أطفال. ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراض في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.-(الأناضول)


رؤيا
منذ ساعة واحدة
- رؤيا
بعد هرطقات نتنياهو.. الجذور العقائدية لسياسة "إسرائيل الكبرى" ورفض الدولة الفلسطينية
هذه العقيدة التي يعتبرها كثيرون المحرك الحقيقي لسياسات حكومته أعادت التصريحات والأفعال الأخيرة لرئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، وحكومته اليمينية، تسليط الضوء على عقيدة "إسرائيل الكبرى" المتطرفة. هذه العقيدة، التي يعتبرها كثيرون المحرك الحقيقي لسياسات حكومته، ليست مجرد شعارات سياسية ظرفية، بل هي فكرة ذات جذور تاريخية ودينية وسياسية عميقة، تمتد من نصوص توراتية إلى مخططات المؤتمر الصهيوني الأول، وتترجم اليوم عبر سياسات الضم والاستيطان الممنهج. 1. الجذور الدينية: "أرض الميعاد" كعقيدة جغرافية تستند فكرة "إسرائيل الكبرى" في جوهرها الديني إلى مفهوم "أرض الميعاد" (إيرتس يسرائيل) كما ورد في أسفار التوراة. فالنص التوراتي المحوري في سفر التكوين (15:18) يحدد وعد الرب لإبراهيم بحدود جغرافية تمتد "من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات". وقد شكل هذا النص، إلى جانب نصوص أخرى، أساساً لاهوتياً للتيارات الصهيونية الدينية المتطرفة التي ترى أن حدود "دولة إسرائيل" الحقيقية يجب أن تشمل هذه الأراضي، وأن أي تنازل عنها هو مخالفة للإرادة الإلهية. 2. التأسيس السياسي: من "بازل" إلى "الجدار الحديدي" سياسياً، بدأت ملامح المشروع تتضح مع المؤتمر الصهيوني الأول الذي عُقد في بازل بسويسرا عام 1897 بقيادة ثيودور هرتزل. ورغم أن "برنامج بازل" استخدم لغة دبلوماسية حذرة، متحدثاً عن إنشاء "وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام"، إلا أن التيارات الأكثر تطرفاً داخل الحركة الصهيونية كانت تتطلع إلى حدود أوسع وسيادة كاملة. وقد تبلورت هذه الرؤية بشكل واضح مع ظهور تيار "الصهيونية التصحيحية" بقيادة زئيف جابوتنسكي، الذي أسس لاحقاً حركة "حيروت"، والتي انبثق عنها حزب "الليكود". كانت عقيدة هذا التيار تقوم على أساس أن "حق" اليهود يشمل كامل أرض فلسطين الانتدابية على ضفتي نهر الأردن. وطرح جابوتنسكي في مقالته الشهيرة "الجدار الحديدي" (1923) فكرة أن التسوية السلمية مع العرب مستحيلة، وأنه يجب إقامة قوة يهودية عسكرية ساحقة ("جدار حديدي") لا يمكن للعرب اختراقها، مما يجبرهم في النهاية على قبول السيادة اليهودية على كامل الأرض. 3. حزب الليكود: ترجمة العقيدة إلى برنامج سياسي ورث حزب الليكود، الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو، هذه الأيديولوجية بشكل مباشر. وقد نص البرنامج الأصلي لحزب الليكود عام 1977 صراحة على أن: "حق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل هو حق أبدي وغير قابل للجدل". "بين البحر والنهر، لن تكون هناك سوى سيادة إسرائيلية واحدة". رفض الحزب بشكل قاطع إقامة دولة فلسطينية غرب نهر الأردن. وعلى الرغم من أن اتفاقيات السلام اللاحقة دفعت الحزب إلى تعديل خطابه العلني، إلا أن هذه العقيدة بقيت المحرك الأساسي لتياره اليميني. 4. نتنياهو: تجسيد العقيدة في السياسة المعاصرة تعتبر سياسات نتنياهو، خاصة في عهد حكومته الحالية، الترجمة العملية لهذه الأيديولوجية على الأرض، وتتجلى في عدة مظاهر موثقة: خريطة الأمم المتحدة (2023): في خطوة رمزية بالغة الدلالة، عرض نتنياهو خلال خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2023 خريطة لـ "الشرق الأوسط الجديد"، ظهرت فيها "إسرائيل" وهي تضم كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، مع محو كامل للوجود الفلسطيني. رفض الدولة الفلسطينية: كانت تصريحاته المتكررة، وآخرها خلال الحرب على غزة، برفضه القاطع لقيام دولة فلسطينية، وتأكيده على ضرورة احتفاظ "إسرائيل" بالسيطرة الأمنية الكاملة على المنطقة الواقعة "بين النهر والبحر"، بمثابة تبنٍ صريح لمبادئ الصهيونية التصحيحية. التوسع الاستيطاني: يعتبر الدعم غير المسبوق للتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، والذي يقوده وزراء متطرفون في حكومته مثل بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، هو التطبيق الفعلي لهذه الأيديولوجية، بهدف خلق واقع جديد على الأرض يجعل من قيام دولة فلسطينية أمراً مستحيلاً.