logo
سلام عادل خالد في موسكو ومطارد في النجف!

سلام عادل خالد في موسكو ومطارد في النجف!

موقع كتابات١١-٠٢-٢٠٢٥

حتى في أسوء الاوقات؛ عقب انفراط عقد الاتحاد السوفيتي، وحل الحزب الشيوعي وحظر نشاطاته وزج بعضا من قادته في الاعتقال بتهمة التآمر على النظام الروسي الجديد، لم يجرأ الليبراليون الموالون للغرب الذين استولوا على السلطة في روسيا وغيروا عناوين مؤسساتها الكبيرة مثل المترو الميمون باسم لينين؛ بل والمدينة البطلة باسمه، على تغيير اسم شارع القائد الشيوعي العراقي سلام عادل وسط العاصمة الروسية.
فقد كان مجلس بلدية موسكو أطلق اسم سلام عادل عقب انقلاب شباط الدموي في العراق عام 1963على جزء من شارع يحمل اسم بطل الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) الجنرال كاربيشيف، وذلك بناء على توصية من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي التي دانت انقلاب شباط وإعدام سلام عادل ورفاقه وملاحقة الشيوعيين.
أقيم النصب التذكاري لسلام عادل في بداية الشارع مقابل المستشفى رقم 67 الذي نال بفضله اسم الشارع شهرة بين سكان موسكو. وكُتب على اللوحة التذكارية: 'شارع سلام عادل. أطلقت التسمية عام 1963 لتخليد ذكرى الشيوعي الوطني السكرتير الأول للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي حسين الرضي/سلام عادل الذي قضى في 7 مارس/آذار 1963 على أيدي الرجعيين العراقيين.
لقد غير نظام يلتسين أسماء آلاف الشوارع والساحات والمؤسسات ودور التعليم والجامعات في عموم روسيا بما في ذلك ازالة اسم المناضل الوطني الأفريقي باتريس لومومبا من جامعة الصداقة الميمونة باسمه بذريعة انه شيوعي! الى ان اعيد الاسم قبل عامين تقريبا اثر حملة مطالبات من خريجي الجامعة وحكومات أفريقية تتحالف مع موسكو اليوم.
أحتفظ شارع سلام عادل بالاسم وكذلك ساحة القائد الفيتنامي هوشي مين؛ فيما ازيلت أسماء قادة أمميين كثيرين بذريعة ان موسكو الديمقراطية لم تعد معنية بتصدير الثورة.
يبقى اسم سلام عادل خالدا في موسكو بينما يزال من مسقط راسه في مدينة النجف على يد لصوص المآل العام وخدم الاحتلالات وكان اسلافهم عام 1963 تحالفوا مع الطغمة الفاشية على اسقاط المنجزات الوطنية لحكومة 1958 وحاربوا قانون الاحوال الشخصية وأصدر كبيرهم الذي علمهم السحر فتوى مكافحة الشيوعية وحلل قتل الوطنيين العراقيين وحرّم على الفلاحين الفقراء الاستفادة من قانون الاصلاح الزراعي بالفتوى الزائفة الشهيرة؛؛؛
لا تجوز الصلاة في أرض مغتصبة!
والسبب التحالف الوثيق بين شيوخ وسراكيل وسادة الاقطاع وبين المرجعية التي اغتصب أحد أحفادها بيت الذمّي طارق عزيز وهو ملكية خاصة بناه عزيز من أمواله على قطعة ارض وزعتها نقابة الصحفيين على منتسبيها ويصلي الحفيد في غرفه الى اليوم بعد ان حطم الممتلكات الشخصية لسكانه في تعبير عن الجوهر الحقيقي للحثالة الحاكمة.
تعيد سلطات النجف بازالة اسم سلام عادل من شارع منزو صغير في مسقط راس حسين الرضي الى أذهان العراقيين من الاجيال الجديدة ، انهم سيبقون تحت حكم الفاشية الدينية التي تجيز مفاخذة الرضيعة وتسطر المؤلفات والمجلدات عن عدد الخرطات وتتغاضى عن الفساد، بل تمنحه الشرعية بالفتاوى من قبيل ما تحت باطن الارض مال سائب يجوز الاستحواذ عليه او تخميس المنهوبات لتصبح حلالا، وغيرها من فتاوى التجهيل والاساءات لصورة الإسلام وأهل بيت نبيه.
إزالة اسم سلام عادل تنفيذ لتهديدات اطلقها معممون تنذر بان تغيير قانون الأحوال الشخصية مجرد بداية' لتحقيق حكم شريعتنا في كل مناحي الحياة '!
والمقصود طبعا شريعتهم الغارقة بالرذيلة والانحطاط.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الانحرافات الثلاثة من ديانات إبراهيمية
الانحرافات الثلاثة من ديانات إبراهيمية

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 5 ساعات

  • اذاعة طهران العربية

الانحرافات الثلاثة من ديانات إبراهيمية

على مرّ التاريخ، لعبت الديانات اليهودية و المسيحية و الإسلام دورا مهما في تشكيل الحضارات. ولكن إلى جانب ذلك، ثمة حالات ابتعد فيها بعض أتباع هذه الديانات عن الدين الأصلي، وبتشكيلهم لفرق أو تيارات منحرفة، ألحقوا أضرارًا جسيمة بالمجتمعات البشرية. نتعرّف في هذه الرواية على ثلاث نماذج من أشهر الانحرافات التي لم تلتزم بجوهر الدين، بل حوّلته إلى أداة للقمع والعنف والهيمنة. لابد أنك سمعت من قبل باسم " كو-كلاكس-كلان" الغريب. في أواخر القرن التاسع عشر، ظهرت جماعة بهذا الاسم في جنوب الولايات المتحدة الأمريكية. كان أعضاء هذه الجماعة يعرّفون أنفسهم على أنهم حماة للثقافة البيضاء البروتستانتية. لقد تظاهروا باستخدام الرموز الدينية؛ كالصليب المشتعل، شعارات مسيحية، وطقوس دينية. لكن في الواقع، كانوا يؤمنون بشيء واحد: تفوّق العرق الأبيض على باقي الأجناس البشرية، وكان هدفهم الأساس هو قمع وإقصاء ذوي البشرة السوداء والسكّان الأصليين. " كو-كلاكس-كلان" كانت من أوائل الجماعات التي أسّست مفهوم " الإرهاب المحلي المنظّم" في تاريخ أمريكا. ومن بين جرائمهم العنيفة: القتل الجماعي دون محاكمة (اللِّينشينغ)، حرق المنازل، والتهديدات الليلية. ورغم أن هذه الجماعة حملت اسم المسيحية، إلا أن الكنائس الرسمية في الولايات المتحدة تبرأت منها مرارًا وتكرارا. النموذج التالي يعرفه الجميع هذه الأيام: " الصهيونية '!. في أواخر القرن التاسع عشر، ظهر تيار يُعرف بالصهيونية، هدفه إنشاء وطن مستقل لليهود. لكن ما ظهر لاحقًا باعتباره الفرع المتطرف للصهيونية فقد تجاوز مجرد مشروع قومي. اعتمد هذا التيار على تفسيرات خاصة بها للعهد القديم، وادّعى أن أرض فلسطين أو" أرض الميعاد" تعود لليهود؛ وهو تفسير أدى إلى شرعنة احتلال الأرض وطرد سكانها الأصليين. في عام 1948، ومع إعلان قيام دولة إسرائيل، تم تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم. وفي العقود التالية، اندلعت حروب عديدة، وظهرت سياسات الاستيطان الواسع والفصل العنصري. لقد حفظت الذاكرة التاريخية للمنطقة جرائم مثل مجزرة " دير ياسين" أو " صبرا" و" شاتيلا". ومع ذلك، فإن طيفًا واسعًا من اليهود المتدينين في العالم يعتبرون الصهيونية المتطرفة انحرافًا خطيرًا وغير ديني. ولا شك أنك تتذكر حالة جماعة داعش الشاذة. في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وفي ظل فراغ السلطة الناتج عن حروب العراق وسوريا، ظهر تنظيم يُدعى " داعش" أو " الدولة الإسلامية في العراق والشام". قدّم هذا التنظيم تفسيرًا سلفيًا تكفيريًا للإسلام، واستهدف به ليس المعارضة الدينية فحسب، بل كل من يختلف معه فكريًا، من إبادة الإيزيديين والشيعة، إلى الإعدامات الجماعية للسنة، ومن استعباد النساء جنسيًا إلى تدمير التراث الثقافي. لقد قدّم داعش صورة عنيفة وبدائية عن دينٍ رفضه وأدانه معظم العالم الإسلامي. وجود داعش لم يكن مجرد تهديد عسكري، بل شكّل أزمة دينية وفكرية واجتماعية للعالم الإسلامي؛ وقد اعتبرته شريحة واسعة من المسلمين انحرافًا تامًا. والتاريخ، بطبيعة الحال، مليء بأمثلة أخرى لطوائف وجماعات انحرفت واستغلت الدين لتحقيق الهيمنة والسيطرة. هل تعرف أمثلة تتذكرها في هذا الإطار؟. شاركنا في التعليقات.

أيهما أولى بالمال والاحتفال؟!صفوة الله الأهدل
أيهما أولى بالمال والاحتفال؟!صفوة الله الأهدل

ساحة التحرير

timeمنذ 7 ساعات

  • ساحة التحرير

أيهما أولى بالمال والاحتفال؟!صفوة الله الأهدل

أيهما أولى بالمال والاحتفال؟! صفوة الله الأهدل* قبل أن يحل شهر ربيع الأول ببضعة أيام يغتاظ أولئك من استعدادنا لتزيين الشوارع والبيوت والطرقات والمؤوسسات باللون الأخضر، وإبداء مظاهر الفرح والاحتفال لاستقبال مولد خير البشرية- رسول الأنام خاتم الأنبياء والمرسلين- ،تبدأ دموع التماسيح بالانهمار، وتستيقظ حينها الضمائر الميتة طوال العام، تظهر وقته مشاعر الحرص والاهتمام المكذوبة بالفقراء والمساكين، وتنشط معه تحرّكات الأحزاب السياسية وفتاوى الطوائف المذهبية بتبديع هذا الفعل الذي يؤدي بنا إلى النار بزعمهم! لكن التحضير لزيارة الكافر اليهودي ترامب وبدأ التجهيزات لاسقباله والاحتفالات الكبيرة بقدومه سنة متواترة في الإسلام بل ومن أساسيات الدين تُدخل صاحبها الجنة! تهافتوا لاستقباله بالأحضان، وتسابقوا لمصافحته بعد تقبيلها، فرشوا له قصورهم، دفعوا له الجزية وضعوا له الأموال بين يديه يأخذ منها كما يشاء ليس هذا فقط؛ بل للأسف الشديد هتكوا ستور نساء المسلمين أخرجوهن من بيوتهن وأبدوا وجيههن وكشفوا شعورهن وأمروهن بالتراقص أمامه كالجواري في الجاهلية ليعبروا له عن مدى ترحيبهم بمجيئه، تعهدوا له بأن يدفعوا له أكثر وينشأوا له قواعد عسكرية في بلادهم وأن يستثمروا في بلده ويهتموا بالمواطن الأمريكي على حساب مواطنيهم وشعوبهم وأمتهم، جعلوا الجولاني يركع له ويُقبّل يده النجسة كي يرضى عنه ويعتذر له عن تأخره للتطبيع مع إسرائيل، مالكم كيف تحكمون؟! هل فهمتم الآن لماذا نحن نحتفل بالمولد النبوي؟ لماذا نحاول بإحياء مولده – صلوات الله عليه وآله – إعادة سيرته العطرة للتزوّد منها، لماذا نُعظّم يوم مولده وندعو المسلمين للتمسّك به، لماذا نرفع ذكره يوم مولده ونحث المسلمين للسير على نهجه والتحلّي بأخلاقه وصفاته؟! من خلال هذه الأحداث الماثلة أمامنا اليوم والتي رأيناه جميعًا هناك سؤال يطرحه نفسه، هل هذا الذي جاء به رسول الله- صلوات الله عليه وآله- ودعا إليه طيلة ثلاثة وعشرون عام من الجهاد والتضحية، هل هذا الذي كان يريده رسول الله لأمة الإسلام والمسلمين بعد أن ضحّى بنفسه وبأهل بيته قرابين لله، هل هذه أفعال أمر بها رسول الله وحث عليها بعد أن قدّم خيرة أصحابه في سبيل الله، هل هذه هي الدول الإسلامية التي رغب بإقامتها وإنشاء الخلافة الإسلامية فيها بعد أن خاض حروب دامية ومعارك مستمرة كاد يُستشهد فيها، هل هذا الحال الذي سعى رسول الله لأن تكون عليه أمة الإسلام وكان ينشدها منهم بعد أن أنفق كل مامعه وما بيد أهله وأصحابه؟! حاشاه ذلك؛ رسول الله أراد لأهل الإسلام القوة والمنعة، أراد للمسلمين العزة والرفعة، أراد للعرب أن يكونوا أحرار كما خلقهم الله ويعيشوا بكرامة، أراد لهذه الأمة أن تقود الأمم وتهيمن على دول الكفر واليهود، لا أن نكون كحكام الخليج أذلاء مهانين، ضعفاء خانعين، جبناء منبطحين، يخشون كل كفار عنيد ويسعوا جاهدين في رضاه، ويركعون أمام كل يهودي صهيوني يتوددوا إليه بالمحبة والطاعة، يتبدّلوا الكفر بالإسلام والهدى بالضلال، ينبذون كتاب الله وراء ظهورهم ويكفروا بأنعم الله ويردّوا كل ماجاء به رسول الله، يقتلون أولياء الله، يفرّقون صف هذه الأمة ويمزقوا شملهم، ويستضعفون عباد الله ويعينوا أولياء الشيطان وأعدائهم عليهم بكل ما أمكن. #اتحاد_كاتبات_اليمن ‎2025-‎05-‎27

ذاكرة الألم والعدالة الانتقالية
ذاكرة الألم والعدالة الانتقالية

موقع كتابات

timeمنذ 21 ساعات

  • موقع كتابات

ذاكرة الألم والعدالة الانتقالية

وسوف يظل البحث عن الحقيقة يوقظ حماسة الانسان ونشاطه ما بقي فيه عرق ينبض وروح تشعر…' هذا ما قاله المفكّر الألماني هيغل، وهو يصلح مدخلاً لبحثنا الموسوم 'ذاكرة الألم والعدالة الانتقالية'. والمقصود بذاكره الألم 'ذاكرة الضحايا وذويهم'، إن كانوا قد فارقوا الحياة، و'ذاكرة المجتمع' التي توجّعت بسبب ما عاناه الضحايا وذويهم والمجتمع ككل من آلام تركت تأثيراتها اللاحقة، والتي تحتاج إلى معالجات تنسجم مع قيم العدالة من جهة، وتستشرف إعادة بناء المجتمع على نحو سليم من جهة أخرى كي لا يتكرر ما حصل من استلاب للضحايا وحقوقهم الإنسانية، لاسيّما تعريضهم لآلام مبرحة، تظلّ محفورة في الذاكرة الجمعية. وسؤال الضحايا هو سؤال قلق وليس سؤال طمأنينة، وهو سؤال ضيق وليس سؤال رهاوة، بقدر ما هو سؤال شك وليس سؤال يقين، والسؤال يولّد اسئلة، ما الذي حصل؟ وكيف حصل؟ ولماذا حصل؟ ومن المسؤول؟ وكيف السبيل إلى تعويض الضحايا وجبر الضرر؟ وقد ابتدع الفكر الحقوقي الدولي وعبر تجارب مختلفة فكرة العدالة الانتقالية، التي تُعتبر ذاكرة الألم إحدى أركانها كي تكون في دائرة الضوء، ولا يلفّها النسيان، لذلك كثيراً ما يتكرّر في الحديث عن العدالة الانتقالية: نغفر دون أن ننسى، وتلك المسألة مهمة وضرورية كدرس للأجيال المقبلة، ولكي نتابع المقصود بذاكرة الضحايا (ذاكرة الألم)، لا بدّ من التعمّق في مفهوم العدالة الانتقالية، فما المقصود منها؟ وإذا كانت فكرة العدالة قيمة مطلقة ولا يمكن طمسها أو التنكر لها أو حتى تأجيلها تحت أي سبب كان أو ذريعة أو حجة، فإن العدالة الانتقالية تشترك مع العدالة التقليدية في إحقاق الحق واعادته إلى أصحابه وفي كشف الحقيقة والمساءلة وجبر الضرر وتعويض الضحاياوإصلاح الأنظمة القانونية والقضائية وأجهزة إنفاذ القانون بهدف تحقيق المصالحة الوطنيةالمجتمعية. لكن العدالة الانتقالية تختلف عن العدالة التقليدية المتواترة في كونها تُعنى بالفترات الانتقالية مثل: الانتقال من حالة نزاع داخلي مسلح إلى حالة السلم، أو الانتقال من حالة صراع سياسي داخلي رافقه عنف مسلح إلى حالة السلم وولوج سبيل التحوّل الديمقراطي، أو الانتقال من حكم سياسي تسلّطي إلى حالة الانفراج السياسي والانتقال الديمقراطي، أي الانتقال من حكم منغلق بانسداد آفاق، إلى حكم يشهد حالة انفتاح واقرار بالتعددية، وهناك حالة أخرى وهي فترة الانعتاق من الكولونيالية أو التحرر من احتلال أجنبي باستعادة أو تأسيس حكم محلي. وكل هذه المراحل تواكبها في العادة بعض الاجراءات الاصلاحية الضرورية وسعي لجبر الضرر لضحايا الانتهاكات الجسيمة وذويهم، فضلاً عن إبقاء الذاكرة حيّة مجتمعياً، فيما يتعلّق بالانتهاكات السابقة، والهدف هو الحيلولة دون تكرار آلام الماضي. ويختلف مفهوم العدالة الانتقالية عن مفهوم ما يسمّى ﺑ 'العدالة الانتقامية'، التي تقود إلى الثأر والكيدية، الأمر الذي يجعل دورة العنف والألم مستمرّة ​قد يتصوّر البعض أن اختيار طريق العدالة الانتقالية يتناقض مع طريق العدالة الجنائية، سواءً على المستوى الوطني أم على المستوى الدولي، في حين أن اختيار الطريق الأول لا يعني استبعاد الطريق الثاني، وخصوصاً بالنسبة للضحايا، ومسألة إفلات المرتكبين من العقاب. ​ولكن مفهوم العدالة الانتقالية ودوافعها السياسية والقانونية والحقوقية والانسانية، أخذ يتبلور وإنْ كان ببطيءفي العديد من التجارب الدولية وفي العديد من المناطق في العالم، ولاسيما في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية فيما يخص ضحايا النازية، وانْ كان قد شابه شيء من التسيس وبخاصة بعد تقسيم ألمانيا من جانب دول الحلفاء، كما اتخذ بُعداً جديداً في أمريكا اللاتينية،وبخاصة بعد ما حصل في تشيلي إثر الانقلاب العسكري في 11 أيلول (سبتمبر) 1973، الذي قاده الجنرال بنوشيهضدّ حكومة سلفادور ألندي المنتخبة. ​ومنذ السبعينيات وحتى الآن شهد العالم أكثر من 40 تجربة للعدالة الانتقالية من بين أهمها تجربة تشيلي والرجنتين والبيرو والسلفادور ورواندا وسيراليون وجنوب أفريقيا وتيمور الشرقية وصربيا واليونان. كما شهدت البرتغال وإسبانيا والدول الاشتراكية السابقة نوعاً من أنواع العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وثمة تجارب غير مكتملة أو مبتورة لمفهوم العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية لا تنطبق عليه الشروط العامة للعدالة الانتقالية، وخصوصاً كشف الحقيقة والمساءلة وجبر الضرر وتعويض الضحايا والاصلاح المؤسسي. ​ولا بد من ادراج تجربة المغرب كأحد أهم التجارب العربية والدولية في امكانية الانتقال الديمقراطي السلمي من داخل السلطة، خصوصاً بإشراك المعارضة التي كان في مقدمتها عبد الرحمن اليوسفي الذي تم تعيينه رئيساً للوزراء ( الوزير الأول)، وفتح ملفات الاختفاء القسري والتعذيب، وفيما بعد تشكيل هيئة الإنصاف والمصالحة وتعويض الضحايا، والعمل على إصلاح وتأهيل عدد غير قليل من المؤسسات. ​قد يعتقد البعض أن وصفة العدالة الانتقالية لوحدها ستكون شافية لصلاح الوضاع وإعادة الحقوق وانتهاج سبيل التطور الديمقراطي، خصوصاً بتسليط الضوء على ذاكرة الألم، لكن مثل هذا الاعتقاد غير واقعي ان لم يترافق مع اعتبار العدالة الانتقالية مساراً متواصلاً لتحقيق المصالحة الوطنية والسلم الهلي والمجتمعي والقضاء على بؤر التوتر والارهاب والعنف، وصولاً إلى انجاز مهمات الاصلاح المؤسسي والتحوّل الديمقراطي. ​وبالرغم من حداثة التجربة التاريخية للعدالة الانتقالية، الاّ أنها أكدت انه لا توجد تجربة انسانية واحدة ناجزة يمكن اقتباسها بحذافيرها، بل هناك طرقاً متنوعة ومختلفة للوصول اليها وتحقيق المصالحة الوطنية والانتقال الديمقراطي، ومثل هذا الاستنتاج يعنينا على المستوى العربي، فلا يوجد بلد عربي يمكنه الاستغناء عن مبادئ العدالة الانتقالية وصولاً للتحوّل الديمقراطي، خصوصاً وأنها بحاجة إليه بهذه الدرجة أو تلك لوضع المستلزمات الضرورية للصلاح والتحوّل الديمقراطي ووضع حد للانقسام والتمييز المجتمعي. ان مجرد قبول فكرة العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية يعني أن أوساطاً واسعة أخذت تقرّ بأهمية وضرورة التعاطي مع ذاكرة الألم من مواقع إنسانية، بحيث تعطي مؤشرات وعلامات على الاستعداد للقطيعة مع الماضي، انطلاقاً من رؤية جديدة لإعادة بناء الدولة والمجتمع في إطار قواعد جديدة قوامها احترام حقوق الانسان وحكم القانون، الامر الذي يحتاج تأهيل وتدريب وتطوير للأجهزة الحكومية وبخاصة القضائية والتنفيذية بما فيها أجهزة الشرطة والأمن. – نص محاضرة ألقاها الباحث في المؤتمر الدولي السنوي الموسوم 'ذاكرة الألم في العراق' بدعوة من كرسي اليونيسكو لدراسات منع الإبادة الجماعية التابع لكلية الآداب في جامعة بغداد 16 نيسان / أبريل 2025 (برعاية من العتبة العباسية في كربلاء).

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store