
مرضى غزة على شفا الموت بسبب الجوع
غزة- بجسد هزيل ووجه شاحب، استلقى المريض الثلاثيني فادي أبو ارجيلة على واحد من أجهزة قليلة لغسيل الكلى في مجمع ناصر الطبي بمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة.
وفي ظل مجاعة تفتك بالغزيين، يكابد أبو ارجيلة (32 عاما) في الحصول على أي طعام يفترض أن يتناوله قبل أو أثناء خضوعه لجلسة الغسيل، حسب البروتوكول الطبي.
وتتفشى في القطاع مجاعة حادة، ناجمة عن الحصار المشدد وإغلاق سلطات الاحتلال الإسرائيلي المعابر كافة منذ 2 مارس/آذار الماضي، وتمنع بموجب ذلك إدخال المساعدات الإنسانية والبضائع التجارية، حتى بات الحصول على وجبة طعام بالنسبة للأغلبية من بين زهاء مليونين و200 ألف فلسطيني مهمة يومية شاقة ومعقدة.
مرض وجوع
منذ اكتشاف إصابته بمرض الفشل الكلوي قبل بضعة أعوام، لم تمر بالمريض أبو ارجيلة فترة أشد قسوة مما يواجهه هذه الأيام، وبلغ الخوف منه مبلغا يجعله قلقا من الموت جوعا أكثر من الموت مرضا.
"أشعر بأنني قد أسقط منهارا في أي لحظة". هذا ما يقوله أبو ارجيلة للجزيرة نت والحزن والقلق باديان في عينيه على زوجته وطفله اللذين يقيم معهما في خيمة ببلدة بني سهيلا، وقد دمرت قوات الاحتلال منزله في بلدة خزاعة، المحاذية للسياج الأمني الإسرائيلي شرقي مدينة خان يونس.
قبل اندلاع الحرب عقب عملية " طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، كان أبو ارجيلة يعيش حياة مستقرة، رغم مرضه وآلامه. وقال "الحرب ليست قتلا بالصواريخ فقط، نحن نموت في غزة ألف مرة باليوم، خوفا وجوعا، وهي أشد وقعا علينا كمرضى لعدم توفر احتياجاتنا البسيطة من الطعام والأدوية والمياه النظيفة".
وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إن أغلب سكان قطاع غزة يعانون من انعدام أمن غذائي حاد. ووفقا لهيئات رسمية ومحلية فلسطينية، فإن الأمر أشد قسوة على الفئات الهشّة من الأطفال والنساء والمرضى.
أما أبو ارجيلة فيقول "كان كل شيء متاحا قبل الحرب رغم الفقر والبطالة والأسعار في المتناول (…) وكانت لدينا مؤسسات خيرية تساعد الفقراء والمرضى والمحتاجين (…) أما اليوم فنعيش في سجن كبير، ونحرم من كل شيء، ونواجه الموت في كل لحظة بسبب الجوع والقتل".
ويشير الرجل المريض إلى الأسواق الخاوية و"الأسعار الجنونية". ويضيف "نفتقد كل شيء حتى الأكامول (مسكّن أوجاع) الذي نتناوله بديلا عن أدوية أخرى مفقودة بالنسبة لمرضى الكلى، وقد ارتفع سعر الشريط الواحد (10 حبات) من شيكل إلى 10 شواكل (2.5 دولار)".
إجهاض وولادات مبكرة
وتخيم المجاعة على جميع الأقسام في مستشفيات القطاع، وتبدو ظاهرة على وجوه المرضى وعلى الأسرّة وفي غرف العمليات، وليس بعيدا عن أبو ارجيلة في قسم غسيل الكلى كانت الثلاثينية منال خالد تنتظر دورها في مستشفى النساء والتوليد بمجمع ناصر الطبي للمراجعة الدورية، وبدت مثقلة بحملها في الشهر السابع.
مرت منال (31 عاما) بتجربة الحمل والولادة 6 مرات من قبل، غير أنها تعتبر حملها هذه المرة في وظل الحرب والمجاعة "الأصعب"، وتقول للجزيرة نت "لا أجد طعاما أتناوله، وحتى المياه النظيفة غير متوفرة، وأشعر بالقلق على الجنين والجوع يتسلل له داخل الرحم وقبل أن يرى النور".
هذه الأم الحامل نازحة من مدينة رفح وتقيم في خيمة بمنطقة المواصي غربي مدينة خان يونس، وقد أظهرت الفحوص الطبية أنها تعاني من انخفاض في وزنها، وانعكس ذلك على جنينها الذي بينت الصور التلفزيونية أن حجمه أصغر من الحجم الافتراضي له في مثل هذا الوقت من الحمل.
خسرت هذه السيدة نحو 3 كيلوغرامات في الفترة الأخيرة، التي تصفها بأنها الأصعب والأقسى منذ اندلاع الحرب، حيث لم يعد أي شيء متوفرا في الأسواق، وقطعت المساعدات تماما، وقد استهلكت كل ما كان لديها في خيمتها من طحين ومواد معلبة، وبات اعتمادها وأسرتها على كمية قليلة من شوربة العدس أو المعكرونة التي توفرها تكية خيرية مجاورة ومهددة بالتوقف في أية لحظة.
وتخشى من اضطرارها للولادة المبكرة أو القيصرية، وهي حالات باتت منتشرة في مستشفيات غزة، ويرجعها اختصاصي النساء والتوليد الدكتور محمد بربخ للمجاعة وسوء التغذية لدى الحوامل.
ويقول للجزيرة نت إن المجاعة المتفشية في القطاع جراء الحصار المشدد للشهر الثالث على التوالي تسببت أيضا في ارتفاع حالات الإجهاض، وولادة أجنة بأوزان قليلة تستدعي دخولهم الحضانات.
في غرف العمليات
تسللت المجاعة لغرف العمليات في المستشفيات، ويقول اختصاصي التخدير والعناية المكثفة في مستشفى شهداء الأقصى بمدينة دير البلح وسط القطاع الدكتور عز الدين شاهين للجزيرة نت إن المجاعة المستشرية أثرت على "القرار الجراحي"، وتسببت في إرباك العمليات الجراحية المجدولة، سواء لجرحى الحرب أو المرضى العاديين.
وحسب الطبيب المختص، فإن الفريق الطبي يضطر في أحيان كثيرة إلى استبدال عملية جراحية بأخرى، أو إلغاء عملية جراحية مجدولة وغير طارئة بسبب معاناة المريض من سوء التغذية، وفي أحيان أخرى يضطر إلى إخضاع الجريح أو المريض لعدة عمليات جراحية بسبب أثر المجاعة على صحته الجسدية.
ويلاحظ في الآونة الأخيرة معاناة أغلب الجرحى والمرضى الذين يصلون المسستشفيات من سوء التغذية وفقر دم حاد، ويقول شاهين إن الجروح والكسور باتت تحتاج إلى فترات أطول من المعتاد من أجل التعافي، لعدم توفر البروتين والعناصر الغذائية الأخرى.
وأكد أن مخاطر المجاعة لا تؤثر على القرارات الجراحية فقط، وحالة الإرباك على جداول العمليات والتكدس في الأقسام ونسبة الإشغال المرتفعة، بل قد تؤدي إلى الموت أيضا، مشيرا إلى أن تأجيل العمليات بسبب المجاعة سيكون له تأثير سلبي على المنظومة الصحية، وستزيد الضغط على المستشفيات والكادر الطبي، وفي ذلك مخاطر حقيقية على الصحة العامة وحياة الجرحى والمرضى.
ويوضح شاهين أن من شأن ذلك زيادة فترة مكوث الجريح أو المريض في المستشفيات التي تعاني من ضغط كبير في نسبة الإشغال تتراوح بين 130 و150% من طاقتها.
وللمجاعة أثرها الخطير على الحوامل، وزيادة معدلات الحمل الخطر والاجهاض والولادات المبكرة، علاوة على المرضى المزمنين كغسيل الكلى، وتشكل خطرا حقيقيا على حياتهم، جراء انخفاض نسبة الهيموغلوبين في الدم، لعدم تناولهم الأطعمة الضرورية والمناسبة.
وعلاوة على كل ذلك، يقول شاهين إن المجاعة مسّت أيضا الكوادر الطبية والصحية، الذين يعملون على مدار الساعة منذ اندلاع الحرب، ويعانون من الاستنزاف والإرهاق الشديدين، مشيرا إلى أن أغلب المستشفيات توقفت عن صرف وجبات طعام منتظمة للعاملين فيها، بسبب أزمة الحصار وإغلاق المعابر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 29 دقائق
- الجزيرة
7 نصائح للوقاية من الصداع بعد ممارسة الرياضة
قد تكون ممارسة الرياضة وسيلتك للتخلص من التوتر وتحسين مزاجك، لكن ماذا لو انتهت الحصة الرياضية بصداع مفاجئ بدلا من الشعور بالنشاط. في السطور التالية، نكشف لك أسباب هذا النوع من الألم، ولماذا قد يرتبط بممارسة التمارين البدنية؟ الصداع الرياضي يطلق على الألم الذي تشعر به في رأسك أثناء أو بعد ممارسة التمرينات الرياضية اسم "الصداع الرياضي"، وهو ألم نابض يحدث عادة في جانبي الرأس إما بعد الانتهاء من تمرين شاق وإما أثناء ممارسته. قد تشعر بهذا الألم، على نحو خاص، بعد ممارسة تمرينات رياضية معينة كالتمارين الهوائية مثل الجري وركوب الدراجات وتمارين رفع الأثقال، وهو الألم نفسه الذي قد تشعر به عند التعرض للإجهاد في المرحاض بسبب الإمساك. يوضح موقع "ويبمد" أنه لا توجد مدة محددة للصداع الرياضي، فقد تشعر به لمدة 5 دقائق فقط بعد ممارسة التمرينات، وقد يستمر الألم لمدة يومين كاملين، لكنه على أي حال غير مقلق ولا يشير لأي حالة صحية خطيرة. عليك أن تقلق وأن تحصل على استشارة طبية عاجلة فقط إذا كان هذا الألم هو ذاته، كما الموصوف أعلاه، لكن مصحوبا بأعراض أخرى مثل القيء والإغماء وازدواج الرؤية وتيبس الرقبة. قد يشير الصداع الرياضي، في هذه الحالة، إلى اضطراب صحي يحتاج إلى علاج. لماذا أشعر بالصداع بعد ممارسة الرياضة؟ إذا كنت من الأشخاص الذين يسألون أنفسهم السؤال السابق، فستجد أن هناك أسبابا عدّة تقف وراء المعاناة من الصداع الرياضي، ومنها: إعلان 1- بذل الجهد: قد يكون بذل الجهد في ذاته سببا وراء الإصابة بالصداع الرياضي، هنا يمكن القول إن هذا الصداع قد يحدث نتيجة لبذل أي جهد، بدءا من نوبة سعال، مرورا بالإجهاد في استخدام المرحاض، ووصولا إلى ممارسة تمرين شاق. يرجّح الخبراء أن سبب هذا النوع من الصداع يعود إلى تغيرات مؤقتة تحدث في الأوعية الدموية داخل الدماغ أثناء التمارين الرياضية. فعند زيادة حاجة الجسم -بما في ذلك الدماغ- إلى الأكسجين، تتمدد الأوعية الدموية لتسمح بمرور كمية أكبر من الدم، مما يؤدي إلى زيادة الضغط داخل الجمجمة وبالتالي الإحساس بالصداع. 2- الجفاف: يحدث هذا الأمر عندما يفقد الجسم سوائل أكثر مما يحصل عليه، وهو أمر شائع أثناء التمارين نتيجة التعرق. وإذا لم يتم تعويض هذا النقص بشرب كمية كافية من الماء قبل التمرين، يصبح من السهل التعرض للجفاف، الذي لا يسبب الصداع فقط، بل قد يصاحبه أيضا أعراض أخرى مثل العطش الشديد والدوخة والتعب وقلة التبول والدموع، والإمساك. 3- الإنهاك الحراري: قد يرتبط الصداع الرياضي بالإنهاك الحراري، وهي حالة تحدث عندما يتعرض الجسم لدرجات حرارة مرتفعة دون أن يتمكن من تبريد نفسه بشكل كافٍ. إذ يعمل نظام التبريد الداخلي في أجسامنا على إفراز العرق لخفض درجة الحرارة عند ارتفاعها عن المعدل الطبيعي. لكن عند ممارسة الرياضة في الهواء الطلق وتحت أشعة الشمس المباشرة، تزداد فرص الإصابة بالإنهاك الحراري، مما يجعل الصداع أحد أبرز نتائجه المحتملة. 4- انخفاض مستوى السكر في الدم: عدم تناول كمية كافية من الطعام قبل التمرين قد يدفع الجسم إلى استهلاك مخزونه من الغلوكوز، وهو المصدر الأساسي للطاقة في الجسم، بما في ذلك الدماغ. هذا الانخفاض في مستوى سكر الدم يُعرف بنقص سكر الدم، ويُعد الصداع أحد أبرز أعراضه، إلى جانب أعراض أخرى محتملة مثل الرعشة والتعرق والدوخة والجوع وتشوش الرؤية. 5- أداء التمارين الرياضية بطريقة غير صحيحة: قد يؤدي إلى شد عضلي، خاصة في منطقة الرقبة والكتفين مما قد يسبب صداعًا ناتجا عن التوتر العضلي. وبحسب موقع "هيلث لاين"، فإن تمارين مثل رفع الأثقال، والضغط، وتمارين البطن، وحتى الجري، قد تسهم في إجهاد عضلات الرقبة إذا لم تُنفذ بشكل سليم. كيف يمكن الوقاية من الصداع الرياضي؟ للوقاية من الصداع المرتبط بممارسة التمارين الرياضية، من المهم اتباع مجموعة من الإرشادات التي تضمن الحفاظ على سلامتك وأدائك البدني: إعلان الترطيب الجيد: احرص على شرب كميات كافية من الماء قبل التمرين وأثناءه وبعده لتجنب الجفاف. وإذا كانت مدة التمرين تتجاوز الساعة، يمكنك تناول المشروبات الرياضية التي تحتوي على البوتاسيوم والسعرات الحرارية والمعادن الأساسية التي يحتاجها جسمك أثناء النشاط الطويل. تجنب الظروف القاسية: يفضل الابتعاد عن التمارين في الأجواء الحارة أو الرطبة، وكذلك في المناطق المرتفعة، خاصة إذا لم تكن معتادًا على هذه الظروف، لتفادي الإنهاك الحراري والضغط الزائد على الجسم. وسائل التبريد: عند ممارسة الرياضة في الطقس الحار، احتفظ بزجاجة رذاذ صغيرة تحتوي على ماء بارد لترش بها وجهك من حين لآخر. يمكنك أيضًا استخدام قطعة قماش مبللة بالماء البارد على جبهتك وعينيك لبضع دقائق، وقد يكون الاستحمام بماء فاتر وسيلة فعالة لتبريد الجسم بعد التمرين. الإحماء والتدرج: لا تهمل تمارين الإحماء قبل البدء بالتمارين المكثفة، فذلك يساعد على تهيئة العضلات وتقليل احتمال الإصابة بصداع الجهد. وفي بعض الحالات، يمكن أن يكون تخفيف شدة التمرين وسيلة فعالة للوقاية من هذا النوع من الصداع. الراحة والنوم: الحصول على قسط كافٍ من الراحة أمر أساسي. تأكد من النوم لمدة لا تقل عن 8 ساعات يوميًا لتعزيز التعافي الجسدي والعقلي بعد التمرين. التغذية السليمة: اتبع نظامًا غذائيا غنيا بالفيتامينات والمعادن، وابتعد عن الأطعمة المصنعة والمواد الحافظة. بعد التمرين، حاول تناول وجبة خفيفة ومغذية خلال ساعتين، تحتوي على البروتين والكربوهيدرات المعقدة والألياف، مع تجنّب السكريات والكربوهيدرات المكررة للحفاظ على توازن سكر الدم.


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
والدة طفلة بغزة: الموت بالصاروخ أهون من الموت جوعا
غزة- تتعلق عينا ناجية النجار برضيعها يوسف النائم في غرفة سوء التغذية المخصصة للأطفال في مجمع ناصر الطبي، تصارعها الشكوك عن نجاته بعدما فتكت بهما المجاعة، وهي أسيرة معه منذ ولادته قبل نحو 5 أشهر في المستشفى، ولا تكاد تغادرها حتى تعود به مرة أخرى. خلال فترة حملها عانت النجار (30 عاما) من سوء تغذية حاد، تسلل إلى يوسف في رحمها، وقد ولدته بوزن ضعيف لا يتجاوز كيلوغراما و200 غرام، وتقول للجزيرة نت، إنها لم تمر بمثل تجربة الحمل والولادة به مع باقي أطفالها (3 أولاد وبنت). "كان حملي بيوسف صعبا للغاية، وحتى بعد ولادته لم يكن الوضع أفضل حالا، ودخلنا في مجاعة وعادت الحرب مرة أخرى"، وتشير بذلك إلى الحصار المحكم وإغلاق الاحتلال المعابر ومنع إدخال المساعدات الإنسانية في 2 مارس/آذار الماضي، واستئنافه الحرب في 18 من الشهر ذاته. مجاعة تفتك بالرضع قال الأطباء إن يوسف يعاني من تسمم الدم والتهابات حادة استدعت دخوله -غير مرة- قسم العناية المركزة في مستشفى الأطفال بالمجمع. ومنذ بضعة أسابيع تقيم النجار برضيعها في غرفة سوء التغذية، التي تضم إلى جانبه رضيعين و4 أطفال آخرين، لم تحتمل أجسادهم الغضة لسعات الجوع، وقد جف الحليب في صدور أمهاتهم، ولا يتوفر الحليب الصناعي في الأسواق. هذه المرأة نازحة من بلدة بني سهيلا، شرق مدينة خان يونس ، قضت أياما بلا مأوى في الشارع، وتقيم وأسرتها حاليا في خيمة غرب المدينة، وتقول إن زوجها عاطل عن العمل وكثيرا ما يمر اليوم بنهاره وليله من دون أن يجدوا طعاما يقتاتونه. بنبرة تمزج الحزن بالحسرة، تتساءل رحمة القاضي "أنا أم مرضعة لا أجد طعاما، كيف سأرضع طفلتي؟"، وتخشى أن تفقد ابنتها سما (7 شهور) وتعاني من سوء تغذية حاد. خلال الشهر الجاري دخلت القاضي (29 عاما) بطفلتها 5 مرات للمستشفى، وتقول للجزيرة نت، إنها ولدتها بوزن طبيعي، 3 كيلوغرامات، غير أنه لا يزيد، وقد أخبرها الأطباء أن من هم في عمرها أوزانهم تصل إلى 9 كيلوغرامات. لهذه الأم 3 بنات غير سما، التي حملت بها وأنجبتها في خيمة تقيم بها مع أسرتها في منطقة مواصي خان يونس منذ نزوحهم عن مدينة رفح في مايو/أيار الماضي، وطوال هذه الفترة عاشت مآسيَ شديدة نتيجة الخوف والجوع. وتوضح "خلال فترة الحمل بسما كنت أصوم باليومين لعدم توفر الطعام، وأعيش فقط على الماء، أعيش على وجبة واحدة، صحن من الأرز تقدمه لنا المستشفى كل 24 ساعة". ومنذ شهر لا يتوفر الطحين أو أي مواد غذائية في خيمة هذه المرأة، التي يتملكها القلق على مصير رضيعتها وكافة أسرتها وتقول "الموت بالصاروخ أهون من الموت البطيء جوعا". خطر موت جماعي وعلى وقع هذه المعاناة حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثية، توم فليتشر، من أن نحو 14 ألف رضيع قد يموتون في غزة في غضون 48 ساعة إذا لم يحصلوا على مساعدات إغاثية. والاثنين الماضي، قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس ، إن مليوني شخص يتضورون جوعا في غزة، بينما تمنع إسرائيل دخول أطنان من الطعام على الحدود. من جانبها، فقدت الطفلة غزل كساب (12 عاما) 11 كيلوغراما من وزنها، وتقول للجزيرة نت، إن وزنها قبل اندلاع الحرب كان 40 كيلوغراما، وانخفض الآن إلى 29 فقط. وتقيم هذه الطفلة مع أسرتها (6 أفراد) النازحة من مدينة رفح في مدرسة غرب خان يونس، ولا يتوافر لديها الطحين منذ شهرين، ولم تتذوق اللحوم والفواكه والخضار منذ شهور طويلة، وتعتمد في غذائها اليومي على القليل من حساء العدس أو المعكرونة، توزعه تكية خيرية. ومساء الأربعاء الماضي، سمحت قوات الاحتلال، لأول مرة منذ إغلاق المعابر، بدخول زهاء 90 شاحنة محملة بمساعدات إنسانية، من طحين ومكملات غذائية، تقول هيئات محلية ودولية، إنها غير كافية ولا تفي بالاحتياجات الهائلة للسكان. وقالت منسقة الطوارئ مع أطباء بلا حدود في خان يونس باسكال كويسار، حسب ما نشرت المنظمة الطبية على منصاتها "سمحت السلطات الإسرائيلية بإدخال كمية تافهة من المساعدات إلى غزة بعد أشهر من الحصار المطبق، وهذا قرار يدل على نيتها تجنب اتهامها بتجويع الناس في غزة، بينما هي بالكاد تبقيهم على قيد الحياة. تمثل هذه الخطة وسيلة لاستغلال المساعدات وجعلها أداة لتعزيز الأهداف العسكرية للقوات الإسرائيلية". ووصف مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة -للجزيرة نت- هذه المساعدات القليلة بأنها لا تعدو كونها استعراضا شكليا أمام كارثة إنسانية حقيقية تعصف بغزة منذ أكثر من 80 يوما من الحصار المحكم والمجاعة القاتلة. ويقول إن هذه الشاحنات رغم أهميتها الرمزية، لا تمثل سوى أقل من 1% فقط من إجمالي ما يحتاجه القطاع فعليا خلال هذه الفترة، "حيث إنه من المفترض إدخال 44 ألف شاحنة مساعدات ووقود كحد أدنى خلال 80 يوما، لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية لسكان غزة". ووفقا لتوثيق المكتب، فقد أودت سياسة التجويع الجماعي بحياة 326 فلسطينيا في أقل من 3 أشهر، نتيجة سوء التغذية ونقص الدواء والغذاء، منهم: 58 وفاة بسبب سوء التغذية المباشر. 242 وفاة نتيجة نقص الغذاء والدواء، غالبيتهم من كبار السن والمرضى المزمنين. 26 مريض كلى توفوا لعدم توفر التغذية والرعاية العلاجية. أكثر من 300 إجهاض لدى النساء الحوامل من فقدان العناصر الغذائية الضرورية. وقال الثوابتة، إن الأطفال يشكلون النسبة الأكبر من الضحايا المحتملين في المرحلة القادمة، نظرا لهشاشة أجسادهم وعدم قدرتهم على الصمود أمام الحصار الغذائي الخانق، وهو "ما يضع هذه الجرائم في مصاف جرائم الإبادة الجماعية". ودعّم التحذيرات الصادرة من الأمم المتحدة وهيئات دولية بشأن احتمال وفاة 14 ألف طفل بسبب المجاعة، وقال "هذه التحذيرات ليست مبالغات، بل ناقوس خطر حقيقي يستند إلى بيانات ميدانية مرعبة تظهر مدى تفشي الجوع وسوء التغذية الحاد في صفوف الأطفال، حيث يمنع الاحتلال الغذاء والدواء والمياه النظيفة وحتى حليب الرضع". واقع الحال في غزة ينذر بكارثة لم يشهدها العصر الحديث، ويقول الثوابتة إنها "تذكرنا بأسوأ حالات المجاعة التي وثقها التاريخ، لكنها اليوم تُرتكب بوعي وسبق إصرار من الاحتلال الذي يستخدم الجوع أداة حرب ضد الأطفال والمدنيين". وأكد أن الاحتلال يمارس سياسة التجويع الممنهج أداة حرب وإخضاع ضد المدنيين، وينفذها وفق خطة متكاملة، تتضمن: إغلاق المعابر بشكل تام وحرمان القطاع من المساعدات الإنسانية والإغاثية والوقود. استهداف التكايا الخيرية ومراكز توزيع الطعام، وهي آخر ملاذ للمدنيين، ويقصدها الأطفال والنساء والمحتاجون ويقفون في طوابير طويلة من أجل لقمة تسد الرمق. حرمان المستشفيات من الدم والأدوية والغذاء العلاجي للأطفال، ما أدى إلى فشل حملات التبرع بالدم، وتزايد أعداد وفيات الأطفال والحوامل. بدوره، يقول مدير "مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان" علاء السكافي للجزيرة نت، إن دولة الاحتلال تنتهك بهذه السياسة على نحو صارخ القانون الدولي الإنساني ، وكل الأعراف والمواثيق ذات الصلة، والتي تحظر التسبب في المجاعة كممارسة عسكرية ضد السكان المدنيين، وتُعتبر شكلا من أشكال الإبادة الجماعية. وأدت هذه السياسة، بحسب السكافي، إلى تقويض مقومات الحياة في غزة، وتفاقم الأوضاع الإنسانية التي تدهورت خلال 80 يوما الماضية منذ إغلاق المعابر، وصارت أكثر كارثية ومأساوية. ونتيجة هذه المجاعة، ومع استمرار استهداف المنظومة الصحية، يقول الناشط الحقوقي "رصدنا في المؤسسة تراجعا على صحة الأطفال والنساء، خاصة الحوامل والمرضعات، فضلا عن ارتفاع ملحوظ في معدلات الولادة المبكرة، وإنجاب مواليد يعانون من تشوهات خلقية أو بأوزان قليلة، وأعداد منهم فارقت الحياة".


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
مستشفى العودة بغزة يطلب تدخلا دوليا لإخماد حريق
ناشدت إدارة مستشفى العودة بشمال قطاع غزة ، الجمعة، المؤسسات الأممية التدخل لإخماد حريق مشتعل منذ الخميس بمستودع الأدوية جراء قصف إسرائيلي. وطالبت الإدارة، في بيان، اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة الصحة العالمية والمؤسسات الأممية ذات الصلة بالتدخل الفوري. ودعت إلى التنسيق العاجل مع الدفاع المدني الفلسطيني بغزة للتوجه مجددا إلى مستشفى العودة في منطقة تل الزعتر ب مخيم جباليا. وأكدت أن النيران لا تزال مشتعلة في مستودع الأدوية داخل المستشفى، محذرة من أن استمرارها يُنذر بتفاقم الكارثة الصحية ويُهدد حياة المرضى والطواقم الطبية. استهداف وجريمة وأمس الخميس، أعلنت إدارة مستشفى العودة أن الجيش الإسرائيلي استهدف مستودع الأدوية داخل المستشفى، ما أدى إلى اندلاع حريق في الموقع. واستكمالا لجريمة الاستهداف المتعمّد للمستشفى، فجر الجيش الإسرائيلي روبوتا مفخخا في محيطه، ما تسبب بأضرار جسيمة، حسب بيان مقتضب نشرته إدارة المستشفى على تليغرام. ومستشفى العودة من المؤسسات الطبية الخاصة التي تقدم خدماتها بقطاع غزة، وله فرعان، أحدهما وسط القطاع والآخر بمخيم جباليا، ورغم الإمكانات المحدودة بسبب الحصار الإسرائيلي والإبادة يواصل تقديم الرعاية للمرضى والمصابين بشكل محدود. ومنذ بدئه حرب الإبادة على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، عمد الجيش الإسرائيلي إلى استهداف مستشفيات غزة ومنظومتها الصحية، وأخرج معظمها عن الخدمة، ما عرّض حياة المرضى والجرحى للخطر، حسب بيانات فلسطينية وأممية. ويعاني قطاع غزة أزمة إنسانية وإغاثية كارثية منذ أن أغلقت إسرائيل المعابر في 2 مارس/آذار الماضي، مانعة دخول الغذاء والدواء والمساعدات والوقود، في حين يصعّد جيشها حدة الإبادة الجماعية التي يرتكبها ضد سكان القطاع الفلسطيني. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بقطاع غزة، أمس الخميس، أن حصيلة الشهداء والجرحى منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 ارتفعت إلى 53 ألفا و762 شهيدا، إلى جانب 122 ألفا و197 جريحا. وأوضحت الوزارة، في تقريرها اليومي، أن 3613 شهيدا سقطوا منذ استئناف العدوان الإسرائيلي يوم 18 مارس/آذار الماضي، فضلا عن 10 آلاف و156 جريحا خلال الشهرين المذكورين.