
البرهان يلتقي ممثل الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم يدين الحكومة الموازية
وقال بلعيش إنه نقل للبرهان دعم مفوضية الاتحاد الأفريقي لوحدة السودان واستقراره، مبينا أن اللقاء تناول مجمل تطورات الأوضاع في البلاد وكان مثمراً واتسم بالشفافية.
وأشاد ممثل الاتحاد الأفريقي بـ"دحر القوات المسلحة التمرد وإعادة الاستقرار إلى ربوع السودان" داعياً في الوقت نفسه إلى انتهاج الحوار لوقف الحرب وتسوية الخلافات على أرضية اتفاق جدة في مايو/أيار 2023.
واعتبر بلعيش أن تشكيل حكومة مدنية مستقلة ذات كفاءات وطنية خطوة مهمة لتخفيف معاناة أهل السودان، والشروع في إعادة الإعمار لتمكين النازحين واللاجئين من العودة إلى ديارهم.
وأمس، أصدر رئيس مجلس الوزراء السوداني كامل إدريس قرارا بتعيين 5 وزراء ضمن تشكيلته الجديدة "حكومة الأمل" ليرتفع عدد المعينين فيها إلى 20 من أصل 22 وزيرا.
إدانة الحكومة الموازية
من جانب آخر، أدان مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي إعلان قوات الدعم السريع تشكيل حكومة موازية، وشدد على التزام الاتحاد بسيادة ووحدة وسلامة أراضي جمهورية السودان.
وطالب المجلس الأفريقي -في بيان- دول الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي بـ"رفض تقسيم السودان وعدم الاعتراف بما يسمى الحكومة الموازية" التي تشكل تهديداً بالغاً لجهود السلام ولمستقبل البلاد.
وشدد على أن الاتحاد الأفريقي لا يعترف إلا بالمجلس السيادي الانتقالي والحكومة المدنية الانتقالية المشكلة أخيرا، وذلك إلى حين التوصل لترتيبات توافقية تُلبي تطلعات الشعب السوداني.
ودعا المجلس إلى إعلان وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، والعودة إلى طاولة المفاوضات، يليها حوار وطني شامل وانتقال سياسي، مشددا على عدم قابلية الحل العسكري للصراع في السودان.
كما رفض جميع أشكال التدخل الخارجي بالسودان، مطالبا بوقف الدعم العسكري والمالي للجهات المتحاربة في البلاد.
والسبت، أعلن "التحالف السوداني التأسيسي" تشكيل "مجلس رئاسي لحكومة السلام الانتقالية" برئاسة قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو"حميدتي".
ومن جانبها أدانت الحكومة والجيش السودانيان هذا الإعلان، ووصفا ما صدر عنه بـ"الحكومة الوهمية".
ويمثل الإعلان أحدث خطوة يقوم بها "الدعم السريع" لإقامة حكم مواز، في تحد للإدارة التي يقودها الجيش ويدفع نحو مزيد من الانقسام في البلاد التي تشهد حربا دامية.
وتخوض قوات الدعم السريع بقيادة "حميدتي" -منذ 15 أبريل/نيسان 2023- حربا ضد الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان.
وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وأكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، وأغرقت البلاد البالغ عدد سكانها 50 مليون نسمة في أزمة إنسانية حادة، بحسب الأمم المتحدة التي تشير إلى انتشار المجاعة تدريجيًا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
زعيمة حزب المحافظين البريطاني تتنصل من أصلها النيجيري
قالت زعيمة حزب المحافظين البريطاني كيمي بادينوك إنها لم تعد تعتبر نفسها من دولة نيجيريا ولم تجدّد جواز سفرها لتلك الدولة الواقعة في غرب أفريقيا رغم أنها نشأت ومكثت فيها أعواما من طفولتها قبل أن تعود إلى المملكة المتحدة في سن الـ16 من عمرها. وقالت بادينوك، في مقابلة لها في إحدى حلقات برنامج بودكاست "روزباد" الذي يستضيف المشاهير في بريطانيا ، إنها نيجيرية من حيث النسب رغم أنها لم تولد بها، لكن هويتها ووطنها الحقيقي هو بريطانيا التي وجدت فيها الحياة مختلفة عن الواقع الصعب في أفريقيا. يُذكر أن بادينوك ولدت في لندن عام 1980 ورجعت إلى نيجيريا، وكانت من آخر من حصلوا تلقائيا على الجنسية البريطانية بموجب الولادة، وذلك قبل أن تلغي مارغريت تاتشر هذا الحق في العام التالي. وخلال حديثها في حلقة بودكاست، قالت زعيمة حزب المحافظين إن اكتشافها الحصول على الجنسية البريطانية كان مفاجأة للكثير من أبناء جيلها وأقرانها، مشيرة إلى أن عائلتها كانت تعتقد أنها لا مستقبل لها في نيجيريا. وقالت بادينوك إنها عادت للمملكة المتحدة وهي في الـ16 من عمرها هربا من التدهور السياسي والاقتصادي في نيجيريا وبحثا عن فرصة لإكمال دراستها، وسكنت مع صديقة لوالدتها. تأشيرة الدخول إلى نيجيريا وفي سنة 2022، توفي والدها الدكتور فيمي أدغوكي في نيجيريا فاضطرت لاستخراج تأشيرة لزيارة عائلتها، وقالت إن إجراءات الدخول كانت صعبة ومعقدة للغاية. وفي بعض المناسبات، دخلت في خلافات مع الحكومة في نيجيريا، وتحدثت عن الفساد وشعورها بالخوف وانعدام الأمن أثناء نشأتها في وطنها الأصلي. وفي وقت سابق، قال نائب رئيس الدولة في نيجيريا إنه يمكن إزالة اسم بادينوك من البلاد إذا لم تكن فخورة بانتمائها لموطنها الأصلي. وخلال حديثها في البودكاست، قالت زعيمة حزب المحافظين إنها لم تتعرض للعنصرية في بريطانيا، وحظيت بمعاملة جيدة، ولذلك السبب تسارع في الدفاع عن المملكة المتحدة عندما توجّه لها اتهامات بالعنصرية.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
جوبا وكمبالا.. توترات حدودية تعكس هشاشة التحالف السياسي والعسكري
جوبا- على تخوم جنوب السودان الملاصق لأوغندا ، عادت نيران التوتر لتشتعل مجددا بعد حادث دموي أسفر عن مقتل 7 أشخاص ونزوح آلاف السكان من بلدة نياينقا-مودا بمقاطعة كاجو كيجي، إثر توغل للقوات الأوغندية في عمق الأراضي المتنازع عليها. أعادت الحادثة شبح المواجهة العسكرية بين البلدين لتسلط الضوء على غياب ترسيم واضح ونهائي للحدود المشتركة، وتكشف عن صراع متجدد على الأرض والموارد يهدد الاستقرار الهش في المنطقة. وإذ بلغت حد المواجهات العسكرية فهي تفتح الباب أمام تصاعد توترات جديدة ونزاعات على الأراضي الزراعية والمناطق السكنية التي تعتبرها المجتمعات المحلية جزءا من أراضيها التاريخية. محافظ مقاطعة كاجو كيجي، واني جاكسون مولي، وصف الحادثة بأنها تصعيد خطير للانتهاكات التي تقوم بها القوات الأوغندية، متهما إياها بالسعي للسيطرة على أراض محلية وإبعاد السكان عنها. وقال مولي في حديث للجزيرة نت "نواجه محاولات متكررة لإجبار مجتمعاتنا على مغادرة أراضيها التاريخية تحت تهديد السلاح، وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها توغل مماثل". السبب الجوهري وأكد المحافظ أن غياب الترسيم الرسمي للحدود هو السبب الجوهري وراء تصاعد التوترات، مشددا على أن السلطات المحلية تواصل مطالبة الحكومة المركزية في جوبا بالتدخل العاجل سياسيا وإنسانيا قبل أن تتفاقم الأزمة. وترجع جذور هذه النزاعات الحدودية إلى ما قبل استقلال جنوب السودان في 2011، لكنها تصاعدت منذ 2015 مع بدء الجيش الأوغندي تنفيذ توغلات متكررة داخل المناطق المتنازع عليها، خصوصا في بوكي وإيكوتوس وكاجو كيجي. وعلى الرغم من توقيع اتفاق لترسيم الحدود في العام نفسه، فإن عدم تنفيذه ميدانيا أبقى الوضع هشا، وأتاح المجال لادعاءات سيادية متضاربة بين البلدين. وفي محاولة لخفض التصعيد، أعلنت قوات دفاع جنوب السودان سلسلة من الإجراءات المشتركة مع الجيش الأوغندي لوقف الاشتباكات ومنع تجددها. وفي بيان بتاريخ 29 يوليو/تموز الماضي، قال الناطق باسم الجيش، اللواء لول رواي كونغ، إن اشتباكا مسلحا وقع بين الجيشين في منطقة نياينقا-مودا وأسفر عن خسائر بشرية للطرفين من دون تحديد الأعداد. وأشار إلى أن رئيس هيئة الأركان العامة في جنوب السودان، الفريق أول داو أتورجونق نيول، تواصل مباشرة مع نظيره الأوغندي، الجنرال موهوزي كاينيروغابا، وتم الاتفاق على 3 خطوات أساسية: الوقف الفوري لجميع الأعمال العدائية. تشكيل لجنة تحقيق مشتركة لتقصّي أسباب الاشتباكات. مواصلة عمل اللجنة الفنية لترسيم الحدود وتقديم حلول سلمية للنزاعات المتكررة. وأكد رواي التزام الجيش بضبط النفس والتعاون مع الجانب الأوغندي لتفادي مزيد من التصعيد في المناطق الحدودية الحساسة. تحالف سياسي ورغم التوتر الميداني، يحرص الجيش في جنوب السودان على عدم الإضرار بالعلاقات السياسية الوثيقة مع كمبالا، إذ يرتبط الرئيس سلفاكير ميارديت بتحالف متين مع نظيره الأوغندي يوري موسيفيني. هذا التحالف الذي بدأ سياسيا تحول إلى تعاون عسكري مباشر منذ 2013، حين تدخل الجيش الأوغندي لدعم جوبا في مواجهة تمرد رياك مشار ، مستخدما الطيران والجنود في معارك بارزة مثل بور وملكال. كما شارك الطيران اليوغندي مؤخرًا في عمليات ضد المتمردين قرب الناصر بأعالي النيل في يوليو/تموز 2025. ويرى الباحث في العلاقات الدولية تيكواج بيتر أن العلاقة بين جنوب السودان وأوغندا تقوم على تحالف سياسي قوي ودعم عسكري حاسم قدمته كمبالا لجوبا منذ الحرب الأهلية في 2013، مشيرا إلى أن التوترات الأخيرة تعود غالبا إلى استفزازات ميدانية وليست توجيهات عليا. وقال بيتر للجزيرة نت إن "أوغندا حليف أساسي للحكومة الحالية، وما جرى في كاجو كيجي يمكن النظر إليه على أنه سوء تفاهم ميداني، وليس قرارا سياسيا لاستخدام القوة". أما المحلل السياسي والصحفي أبراهام مكواج، فيرى أن هذه التوترات تعكس "تحالفا شكليا يخفي علاقة تبعية غير متكافئة لمصلحة أوغندا"، معتبرا أن التصعيد الأخير ليس حادثا عابرا بل "تعبير عن صراع على الأرض والموارد والسيادة الوطنية، ويكشف عن هشاشة الدولة في الجنوب واحتدام التناقضات بين التابع والمتبوع".


الجزيرة
منذ 5 ساعات
- الجزيرة
إعلان نيويورك: استعادة مسار الدولة الفلسطينية أم تسويق للوهم؟
إعلان نيويورك حول التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، بقدر ما حاول استعادة الزخم العالمي لحل الدولتين ووقف الحرب على قطاع غزة، بقدر ما أثار شكوكا حول إمكانية التنفيذ العملي على الأرض، وتجاوُز العقبات التي عطلته على مدار 32 عاما من اتفاق أوسلو. وبقدر ما حاول تحشيد أكبر تأييد دولي للمشروع، بقدر ما قدم تنازلات، لا يراها معظم الفلسطينيين مبررة، بحق المقاومة ودورها في الشراكة الفاعلة في صناعة القرار الفلسطيني دون قوالب أو إملاءات خارجية. المؤتمر الدولي، على مستوى الأمم المتحدة، الذي انعقد في الفترة 28-30 يوليو/ تموز 2025، وتشكلت ثمانية فرق عمل لتنضيج الأفكار ومشاريع القرارات المتعلقة بحل الدولتين سياسيا واقتصاديا وأمنيا وماليا، أصدر إعلان نيويورك بمشاركة 17 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية. وعلى هامش المؤتمر صدر إعلان عن وزير الخارجية الفرنسي حول اعتزام 15 دولة أوروبية الاعتراف بدولة فلسطين، وتوجيه نداء لمن لم يفعل بالانضمام إلى الاعتراف. ومن بين هذه الدول 9 دول لم تعترف بعد، غير أنها عبرت عن استعدادها أو اهتمامها بالاعتراف. حمل الإعلان عددا من المؤشرات الإيجابية أبرزها: تحشيد مسار دولي قوي للدفع باتجاه حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على أساس خطوط الهدنة قبل حرب يونيو/ حزيران 1967. وبغض النظر عن موقف كاتب هذه السطور من حل الدولتين، فإن هذا التحشيد الدولي قد يسهم في تصعيد الضغوط على الاحتلال الإسرائيلي الذي تجاوز هذا الحل، وانشغل عمليا بشطب الملف الفلسطيني وبفرض خطة "الحسم" بضم ما تبقى من فلسطين المحتلة وتهويدها؛ وأخذ يتبنى فكرة "السلام مقابل السلام" أو "السلام بالقوة"! انضمام كتلة وازنة من الدول الأوروبية والحلفاء التقليديين الداعمين للاحتلال الإسرائيلي لأول مرة للاعتراف بدولة فلسطين وإنفاذ حل الدولتين، بما في ذلك فرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، وكندا، وأستراليا…؛ وهو ما يفرض مزيدا من العزلة الدولية والضغوط على الكيان الإسرائيلي. رفض العدوان الإسرائيلي على غزة، وإدانة اعتدائه على المدنيين، والمطالبة بوقف الحرب، وإدخال المساعدات، ورفض التهجير القسري، ورفع التجويع، والمطالبة بإعادة الإعمار واستئناف تقديم الخدمات كالكهرباء والماء والوقود، والتأكيد على دور الأونروا؛ وهو ما يعني إفشال جزء كبير من المخطط الإسرائيلي في القطاع. إبداء نوع من الجدية في إنفاذ حل الدولتين، من خلال تشكيل لجان عمل تعالج التفصيلات السياسية والاقتصادية والأمنية والمالية، ومن خلال السعي لوضع جدول زمني محدد وصولا لاتفاق نهائي إسرائيلي فلسطيني. عدم المساس بوضع القدس، وتأكيد الوصاية الهاشمية، والتأكيد على أن غزة جزء من الدولة الفلسطينية، وتعزيز الاقتصاد الفلسطيني، ومطالبة الاحتلال الإسرائيلي بالإفراج عن عائدات الضرائب. الملاحظة الأساسية على هذه المؤشرات الإيجابية أنها لم تحمل جديدا في الموقف الذي تُعبر عنه معظم دول العالم تجاه قضية فلسطين منذ عشرات السنوات؛ وهي لخصت بشكل عام مئات القرارات التي صدرت عن الأمم المتحدة بأغلبية ساحقة على مدار الـ 55 سنة الماضية؛ وإن كانت حاولت استرداد روح المبادرة في وجه الأمر الواقع الذي يفرضه الإسرائيليون. وقد سبق للمنظومة الدولية الداعمة لمسار التسوية أن شكلت مجموعات عمل سياسية واقتصادية وأمنية ومتعلقة باللاجئين بعد اتفاق أوسلو، ولكنها لم تؤدِ إلى نتيجة. كما سبق تبني "خريطة طريق" لإنشاء دولة فلسطينية سنة 2003 خلال سنتين، وانتهت بالفشل بالرغم من الرعاية الأميركية للخطة. ولعل عددا من الدول الصديقة لـ "إسرائيل" أرادت أن تُنقذ" إسرائيل" من نفسها، بعد أن رأت أن السلوك والممارسات المتعجرفة المتطرفة لحكومة الكيان ستتسبب بإشعال عناصر الغضب والتفجير في المنطقة، وبالتالي سترتد خطرا وجوديا على بقاء الكيان نفسه. هل هو مسار مصمم للفشل؟ يوفر لنا إعلان نيويورك مرة أخرى "سيارة من دون عجلات"؛ ويتجنب التعامل المباشر مع جوهر المشكلة الذي عطل اتفاقات أوسلو ومسار التسوية. فبعد 32 عاما ثمة إجماع بين دول العالم أن الاحتلال الإسرائيلي عطل الاتفاقات، وتعامل مع مسار التسوية كغطاء لمزيد من التهويد والاستيطان وفرض الحقائق على الأرض، وجعل حل الدولتين مستحيلا. كما جعل الكيان نفسه "دولة فوق القانون"، مستفيدا من الغطاء الأميركي. وإعلان نيويورك هذا لا يوفر أي آليات جادة ولا أي ضمانات لفرض إرادة المجتمع الدولي وقراراته (التي زادت عن 950 قرارا) على الكيان الإسرائيلي. وتندرج كل الطلبات المتعلقة بالجانب الإسرائيلي في إطار الرغائب والدعوات والتمنيات. وليس ثمة عقوبات ولا تلويح بعقوبات رادعة لإجباره على الانصياع. ولذلك سيكون إعلان نيويورك إعادة تسويق لمسار أوسلو العقيم، وإعادة إنتاج للفشل. وهذا سيوفر المزيد من الوقت للاحتلال لمتابعة برامج التهويد، بينما سيتم متابعة الجانب الفلسطيني وفق آليات عمل دقيقة ومحددة تصب في الجيب الإسرائيلي، وتتابع الدور الوظيفي لسلطة رام الله في خدمة الاحتلال. إدانة حماس ونزع سلاح المقاومة لأول مرة تدين دول عربية وإسلامية في وثيقة رسمية عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر/ تشرين الأول وتتهمها باستهداف المدنيين، مستجيبة للرواية الإسرائيلية التي نفتها حماس؛ بينما ترى الأغلبية الفلسطينية والعربية والإسلامية العملية في ذاتها عملا مشروعا، ومنجزا غير مسبوق. وهذا يعد تطورا خطيرا إذ رفضت هذه الدول قبل ذلك أي إدانة دولية لهذه العملية. أما الجانب الأخطر في الموضوع فهو مطالبة حماس بنزع أسلحتها وتسليمها للسلطة الفلسطينية، وهو في جوهره تحقيق لهدف إسرائيلي من الحرب على غزة. وهو إجراء يتم من طرف واحد، ويوفر عمليا الحرية الكاملة للاحتلال الإسرائيلي في الاستمرار والاستقرار، ومتابعة برامج التهويد والاستيطان دونما مقاومة، وبالتالي، متابعة شطب الملف الفلسطيني، كما يحدث في القدس والضفة الغربية، وفي بيئة عربية ودولية تعترف أنها عاجزة تماما عن إلزام الاحتلال الإسرائيلي بشيء. وهكذا، فبدلا من مساعدة الطرف الفلسطيني على حماية نفسه كضحية تحت الاحتلال، يتم مكافأة المعتدي المحتل الذي ارتكب آلاف المجازر وتسهيل مهمته!! بينما لا توجد أي بنود حول نزع أسلحة الاحتلال الإسرائيلي أو فرض حظر دولي عليه. إخراج حماس من المشهد السياسي وتعميق الانقسام يقدم إعلان نيويورك رؤية تسهم في تأزيم الوضع الداخلي الفلسطيني بدلا من تعزيزه، فهي تشترط لإجراء الانتخابات الفلسطينية في الضفة والقطاع أن يشترك فيها فقط الفلسطينيون الملتزمون بمسار أوسلو وبالالتزامات التي التزمت بها قيادة منظمة التحرير. وهذا يعني عمليا إخراج حماس والجهاد الإسلامي وقوى المقاومة الرافضة لاتفاقات أوسلو من العملية الانتخابية، وصياغة "شرعية فلسطينية مصطنعة"؛ في الوقت الذي تشير فيه كل استطلاعات الرأي أن قوى المقاومة تتفوق شعبيا على القوى المؤيدة لمسار التسوية. ثم إن كل الاتفاقات الفلسطينية طوال العشرين سنة الماضية تؤكد على الشراكة الكاملة لكل القوى الفلسطينية في انتخابات السلطة والمجلس الوطني الفلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير. ويأتي هذا الطرح متوافقا مع الاشتراطات الإسرائيلية الأميركية والرباعية الدولية التي أثبتت فشلها، كما يأتي متوافقا مع أطروحات محمود عباس وقيادة فتح التي تعرف عجزها عن أي منافسة انتخابية ديمقراطية شفافة مع حماس وقوى المقاومة. ويضع أحد البنود مزيدا من الملح على الجرح فيتحدث عن اعتماد تدابير محددة ضد الكيانات والأفراد الذين يعملون ضد مبدأ التسوية السلمية لقضية فلسطين. وبالطبع فلن تُتخذ هذه الإجراءات ضد الأحزاب الإسرائيلية الحاكمة التي عملت طوال العقود الماضية على إفشال هذا المسار وإسقاطه، وإنما سيتم ملاحقة قوى المقاومة الفلسطينية التي تمارس حقها الطبيعي والشرعي في مقاومة الاحتلال وتحرير أرضها من الاحتلال الإسرائيلي! دولة فلسطينية منزوعة السلاح يقدم إعلان نيويورك تنازلا خطيرا في بنية الدولة الفلسطينية المستقلة، ويتحدث عن دولة بلا جيش أو منزوعة السلاح. وبدل أن يوفر الضمانات لهذه الدولة لحماية نفسها من الاحتلال والعدوان والاستعمار الإسرائيلي؛ فإنه يُقدم الضمانات والطمأنات للقوة المحتلة المستعمرة التي تمارس المجازر ومصادرة الأرض والمقدسات بشكل منهجي؛ ويوفر لها أدوات الإغراء لمتابعة تغولها وفرض هيمنتها وإعادة الاحتلال متى أرادت، ووفق أي تفسيرات مصلحة ترتئِيها. إدماج الكيان الإسرائيلي في المنطقة يسعى إعلان نيويورك لمكافأة الاحتلال الإسرائيلي من خلال برنامج تطبيعي يؤدي لـ"إدماجه" في المنطقة. ويتجاوز الحديث عن محاسبة الاحتلال على جرائمه، وعن عدوانه المستمر على لبنان وسوريا، وعدوانه على إيران، ومحاولة فرض هيمنته الأمنية على المنطقة. وأخيرا، فعلى المجتمع الدولي أن يكف عن سياسة طمأنة المجرم المحتل وتقديم الحوافز له، ومعاقبة الضحية ومطالبتها بالمزيد من التنازلات والضمانات. كما أن عليه أن يكف عن فرض رؤيته الفوقية وإرادته لمواصفات الشرعية والقيادة الفلسطينية، فالشعب الفلسطيني لديه النضج الكافي لاختيار قيادته بنفسه وصناعة قراره. وإذا كان المجتمع الدولي جادا في دعم إنشاء الدولة الفلسطينية على الأرض المحتلة سنة 1967، فجوهر جهده يجب أن يتوجه لإجبار الاحتلال على الانسحاب، وليس لإخضاع الشعب الفلسطيني المظلوم لمعايير الاحتلال؛ ولا بمكافأة الاحتلال بمزيد من التطبيع وتوفير عناصر الاستقرار والازدهار له، حتى قبل أن يقوم بانسحابه. ويظلَ إعلان نيويورك ضمن مشاريع كثيرة تتهربُ من التعامل مع جوهر المشكلة، وهو إيجاد آليات قادرة على إلزام الاحتلال بالانسحاب وإنفاذ القرارات الدولية… وبالتالي سيعيد إنتاج الوهم والفشل.