نهاية إسرائيل والمراحل الثلاث
مع كمية ونوعية الأحداث التي تتوالى في الشرق الأوسط منذ السابع اكتوبر وحتى اليوم فقد اصبحنا أمام نتيجة واضحة وهي ان خريطة الإقليم السياسية، والجيوسياسية ذاهبة الى التغير لا محالة بناء على التطورات العسكرية المتسارعة، والمبنية على الرؤيا الجيوستراتيجية للأطراف المتحاربة. وعليه فأننا أمام مشروعين لا ثالث لهما، فإما إنتصار إسرائيل وقيامة مشروع إسرائيل الكبرى، أو أفول نجمتها الزرقاء واضمحلالها. وهذا ما يحدث على ثلاثة مراحل وهي:
المرحلة الأولى: ثورة أصحاب الأرض.
منذ أكثر من عشرين شهر انتفض اهل قطاع غزة في مواجهة الحصار الظالم عليهم الذي يعد اطول حصار في التاريخ، وقد كان السابع من اكتوبر نتيجه طبيعية للسياسات الاسرائيلية تجاه أصحاب الأرض الأصليين، فقد كان رد فعل ولم يكن فعلاً . وقد شاءت إسرائيل كأي محتل كلاسيكي أن تلجأ إلى أقدم الحلول الاستعمارية، واسهلها في مواجهة أصحاب الأرض، وهي استخدام القوه كل القوة اللازمة لإخضاعهم دون مراعاة اي معايير إنسانية عالمية وحتى دون الاكتراث بصورتها الدولية، فأوغلت صدور العامة والخاصة عليها سواء أكانوا حلفاء أو أصدقاء أو حتى أعداء مجمدين.
لم تتوقف معضلة إسرائيل عند خسارتها حربها الاعلامية ومصداقيتها، بل انها امتدت لتصل الى نتيجتها الطبيعية وهي ان لا تستطيع ان تتغلب على مقاومة اهل الارض بغض النظر عن ما اعملت فيهم من قتل، وارهاب. وكانت كلما اكثرت من الدماء اشتدت مقاومة اهل الارض، فقد جردتهم من اي شئ يخسرونه فأصبح أشد القتال قتال اليائس، الذي يقاتل وخلفه البحر غير مترجي المدد أو النصره. علاوة على ذلك فانه يقاتل من منطلقين عقائدي، ووطني. ومع فشل إسرائيل في القضاء على مقاومة اصحاب الارض انتقلت أوتوماتيكيا الى المرحلة الثانية من مراحل التدمير الذاتي.
المرحلة الثانية: تصدير الأزمة وقنابل الدخان.
بعد الفشل المخزي على جميع المستويات لاسرائيل في القضاء على المقاومة، او الوصول الى شكل من اشكال الانتصار داخل فلسطين التاريخية. خرجت إسرائيل من مرحلة الخوف الوجودي الى مرحلة الارتباك التكتيكي، فأخذت بالتخبط فتارة تريد القضاء على حزب الله، وتارة وتارة تريد استفزاز سوريا، وتارة تتحدى مصر في محاولة لجس نبض حلم إسرائيل الكبرى الذي تأكد للمستوطنين سخف هذا المشروع واستحالة تنفيذه. وقد صار المزاد على "حرب لاسلكية " ان جاز التعبير بين إسرائيل وايران قوامها الصواريخ ولا يمكن ان تنتهي بمعارك برية والتي تعد نقطة ضعف إسرائيل وميزة اعدائها.
إن القاسم المشترك الاكبر بين كل من ايران واسرائيل هو ان كلاهما اصحاب نفس طويل، ألا أن ايران صاحبة نفس طويل في الحرب والسياسية، على عكس إسرائيل التي لديها نفس سياسي طويل، ونفس عسكري محدود جداً. ولنا في الحرب العراقية - الايرانية عظة وعبرة.
اما عن الدور الأمريكي فهي ليست افضل حالاً من إسرائيل نفسها، ففي داخل امريكي يعاني من اعلى درجات الاستقطاب السياسي ليس فقط بين الديموقراطيون، والجمهوريون. بل ان الحزبان يعانيان من حالة استقطاب داخلية تاتي في اسوأ توقيت ممكن في ظل حرب استنزافية في شرق اوروبا فشلت كل من ادارة بايدين وترامب الى اليوم في الوصل لتسوية لهذا الصراع الذي يقوده المحور الشرقي الناشئ. وان أمكن ما يخشى منه الساسة في واشنطن ان سقوط إسرائيل سيأخذ معه شكل النظام العالمي الحالي.ويعلن بداية النظام العالمي الجديد متعدد الاقطاب بعد هزيمة وكلاء الولايات المتحدة على أهم جبهتين حظيت بهما منذ الحرب العالمية الثانية.
مما يقودنا الى المرحلة الثالثة في نهاية إسرائيل، بعد ان تتخلى الولايات المتحدة عنها نتيجة تغير بوصلة المصالح اقليما ثم الضغط الشعبي والازمات داخل الولايات المتحدة ثم انتهاء الدور الوظيفي لاسرائيل بصورتها الحالية في الشرق الأوسط.
علينا ان لا ننسى ان الغرب يقيس كل شئ بمزان المكسب والخسارة وان تكلفة الابقاء على اسرائيل هي اعلى بكثير من الأرباح التي تحققها.
المرحلة الثالثة: السقوط الحر.
بغض النظر عن نتيجة المعركة بين اسرائيل وايران فمما لا شك فيه ان اسرائيل ستخرج من هذه المعركة جريحة ومنهكة عسكرياً، وداخلياً، وبصورة سياسية مشوهة تحولها الى دولة منبوذة لا تريد اي دولة ان ترتبط بها في الوعي الجمعي العالمي. وبالرغم من كل هذه المعطيات فإن العقلية الاسرائيلية المغيبة سترفض الاعتراف بالواقع وستستكمل حربها على احدى دول الاقليم ولكن في هذه اللحظة بالذات سوف تتفاجأ بأنها لم تعد صاحبة الكلمة العليا في الاقليم وستمنى بهزيمة تُنهي اسرائيل بشكلها الحالي، ولا اعني ان فلسطين التاريخية ستعود كدولة بل ان فكرة اسرائيل كدولة يهودية ستنتهي الى الابد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 28 دقائق
- السوسنة
فورين بوليسي تتساءل : هل تكسب إسرائيل حربًا بلا جنود ؟
ترجمة - السوسنة - في تحليل حديث نشرته مجلة فورين أفيرز، يرى روبرت أ. بابي، أستاذ العلوم السياسية ومدير مشروع الأمن والتهديدات في جامعة شيكاغو، أن إسرائيل تخوض تجربة فريدة وغير مسبوقة في التاريخ العسكري المعاصر: محاولة إضعاف نظام سياسي وعسكري متماسك من الجو وحده، دون اللجوء إلى تدخل بري مباشر.منذ الهجوم الذي نفذه مقاتلو حماس في 7 أكتوبر 2023، شرعت إسرائيل في حملة جوية موسعة استهدفت إيران ومجموعاتها الحليفة في المنطقة، محققة بعض النجاحات التكتيكية مثل اغتيال قيادات في حزب الله وتدمير منشآت اتصالات وأهداف اقتصادية ونووية. غير أن هذه الإنجازات، بحسب بابي، تخفي وراءها مأزقًا استراتيجيًا أعمق أطلق عليه "فخ القنبلة الذكية"؛ أي الاعتماد الزائد على الضربات الدقيقة والاستخبارات المتقدمة، كبدائل للحلول السياسية أو العمليات البرية.قيود الواقع العسكرييشير التحليل إلى أن البرنامج النووي الإيراني يتمتع بتحصينات طبيعية وهندسية تعيق فعالية الهجمات الجوية، حيث تقع منشآت رئيسية مثل "فوردو" و"نطنز" في أعماق الأرض، بعيدًا عن متناول معظم الذخائر الإسرائيلية. كما أن القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات، التي قد تتيح توجيه ضربة حاسمة، لا تبدو متاحة في ترسانة إسرائيل. ويُضاف إلى ذلك المخاطر الجسيمة لأي هجوم محتمل على مفاعل بوشهر النووي، الذي قد يؤدي إلى كارثة بيئية تجرّ ردًا صاروخيًا إيرانيًا مباشرًا على منشآت إسرائيلية.حتى في حال حصول تدخل عسكري أميركي، يشكك بابي في إمكانية القضاء الكامل على القدرات النووية الإيرانية. فإيران، اليوم، تملك بالفعل ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% لتصنيع عدة قنابل نووية، كما أن قدرتها على إخفاء أجهزة الطرد المركزي وبناء منشآت سرية تمنحها مرونة كبيرة في إعادة تشغيل برنامجها النووي سريعًا، حتى بعد الضربات.رهان على التغيير... بلا أدواتأمام تعقيد السيناريو العسكري، يبدو أن الرهان الإسرائيلي يتجه نحو هدف أكثر طموحًا: تغيير النظام في طهران. إلا أن هذا الطموح، كما يؤكد بابي، غير واقعي، إذ لم تنجح أي قوة جوية في التاريخ الحديث في إسقاط نظام معادٍ دون قوات برية أو دعم داخلي منظم. فالتجارب في فيتنام والعراق وليبيا تقدم أدلة صارخة على فشل هذا النمط من التدخل.التاريخ يُظهر أن القصف الجوي، مهما كان دقيقًا وواسعًا، لا يؤدي إلى انتفاضات شعبية ضد الأنظمة القائمة، بل غالبًا ما يعزز الحس القومي ويُقوّي شرعية الأنظمة المستهدفة. وفي حالة إيران، التي تملك جهازًا أمنيًا وعسكريًا متماسكًا وقاعدة اجتماعية ممتدة، فإن غياب بدائل داخلية موثوقة يجعل من سيناريو "التغيير الجوي" محض خيال سياسي.عزلة استراتيجية تتفاقميختم بابي تحليله بالتأكيد على أن إسرائيل باتت عالقة في مأزق استراتيجي حاد: لا الضربات الجوية قادرة على تحقيق الأهداف الكبرى، ولا الحلفاء - وفي مقدمتهم الولايات المتحدة - مستعدون لخوض مواجهة مفتوحة مع إيران. وإذا ما قررت واشنطن عدم الانخراط في التصعيد، فقد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة منفردة مع إيران على أعتاب مرحلة نووية.وبالتالي، فإن المراهنة على القوة الجوية كأداة لحسم معضلات بحجم البرنامج النووي الإيراني أو تغيير النظام في طهران، تُعد أقرب إلى "وهم استراتيجي" لا يستند إلى حقائق ميدانية أو سوابق تاريخية ناجحة.


أخبارنا
منذ 44 دقائق
- أخبارنا
فيصل الشبول : الملك في ستراسبورغ
أخبارنا : لم تشهد قارة في العالم قتلاً ودماراً شاملاً مثلما شهدته أوروبا في القرن الماضي. على مدى نحو ثلاثين عاماً، وعبر حربين عالميتين، ومزيدٍ من مشاعر الحقد والكراهية والاستخدام الكارثي للقوة، قُتل الملايين، ودُمّرت المدن، وتوقفت عجلة الاقتصاد، وانتشرت المجاعات والأمراض. أمام أحفاد المتحاربين، الذين صفقوا وقوفاً وطويلاً احتراماً لضيفهم الكبير، وقف جلالة الملك عبد الله الثاني أمس مخاطباً برلمانيي أوروبا في ستراسبورغ، ليُذكّرهم بالإنجاز الحضاري الأوروبي الكبير، عندما استبدل آباؤهم الحرب بالسلام، والحقد بالتسامح، فنهضت أوروبا الحضارية وأشعلت النور بعد ليلها الطويل، الذي امتد حتى منتصف القرن الماضي تقريباً. الخليفة الراشدي العادل عمر بن الخطاب كان هناك أيضاً. جلالة الملك ذكّر الأوروبيين بالعهدة العمرية لمسيحيي القدس، ووصاياه لجنده بألا يقتلوا كاهناً، ولا طفلاً، ولا امرأة، ولا شيخاً. هي العهدة التي ورثها الهاشميون في رعايتهم للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف. هي المثال على العيش المشترك على مدى 14 قرناً في مهد السيد المسيح. صوت جلالة الملك مسموع في العالم، لأنه يمثل صوت الحكمة والحق والاعتدال. أوروبا تستمع لجلالته جيداً، وتحترم مواقفه المستندة إلى شرعية العدالة والحقوق المشروعة والمبادئ الإنسانية والأخلاقية. صوت قائدٍ عربيٍّ مسلمٍ إنسانيٍّ موثوقٍ عالمياً. القوة لا تُنشئ حقاً، ولا سلاماً لأحد، بدليل ما شهدته أوروبا في القرن الماضي، وبدليل ما تشهده منطقتنا اليوم. أما المبادئ الأخلاقية والإنسانية، فقد أصبحت على المحك اليوم، بعد أن تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء، فاستهدفت المنشآت الصحية في غزة 700 مرة، وأصبح قتل الفلسطينيين وتجويعهم أمراً اعتيادياً أمام المجتمع الدولي: أيُّ مجتمعٍ عالميٍّ لا يتحرك ضميره أمام كل هذه الجرائم الوحشية؟ القيم الإنسانية المشتركة على المحك حين ينظر العالم إلى الجرائم الإسرائيلية من دون أيّ حراكٍ مؤثرٍ في مسار الأحداث، وحين تنكر إسرائيل حقوق الفلسطيني، بدءاً من حقهم في الحياة، وانتهاءً بحقهم في تقرير مصيرهم، وإقامة دولتهم المستقلة على ترابهم الوطني، وعاصمتها القدس الشريف. يراهن جلالته على الدور الأوروبي، رغم تراجع هذا الدور مؤخراً، في العودة إلى تبنّي القيم الأخلاقية والقيم المشتركة للإنسانية. أوروبا هي الجار الأقرب للشرق الأوسط، والأعرف بشؤونه، رغم الانحياز الغربي، وبشكل عام، لإسرائيل. دقّ جلالته ناقوس الخطر في ستراسبورغ أمس، وكعادته في الاستشراف، فقد حذّر من تجاوز الانفلات حدود العالم كله انطلاقاً من منطقتنا... عندما يفقد العالم قيمه، فإنه يفقد التمييز بين الحق والباطل. بعد الحرب العالمية الثانية، والدمار الشامل الذي انتهت إليه باستخدام السلاح النووي، أنشأ المجتمع الدولي هيئة الأمم المتحدة لتكون مظلة للسلام والعدل الدوليين. في ستراسبورغ، طرح جلالة الملك السؤال بوضوح عمّا تبقى من العدل والسلام وحقوق الإنسان في عالمٍ يسوده منطق القوة فحسب. ــ الدستور

أخبارنا
منذ 44 دقائق
- أخبارنا
الصفدي: خطاب الملك دعوة لإنقاذ البشرية من سقوط المعايير الأخلاقية
أخبارنا : قال رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي، إن خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني أمام البرلمان الأوروبي جسد معاني القيم الإنسانية العليا والمتطلبات الواجبة على المجتمع الدولي إزاء التطاول على كرامة الشعوب والمساس بأمنها. وأضاف الصفدي، أن خطاب جلالة الملك يعكس مدى ثقة واحترام وتقدير القارة الأوروبية بمواقف وحكمة جلالته الداعية دوماً إلى الحوار سبيلاً لمختلف الأزمات، ويشكل دعوة لإنقاذ البشرية من سقوط المعايير الأخلاقية. وأكد، أننا نشعر بالفخر والاعتزاز في مجلس النواب ونحن نرى جلالة الملك أمام برلمان أوروبا يعبر عن صوت وضمير أبناء شعبنا وأمتنا وكل دعاة الأمن والسلام والاستقرار في العالم بمواجهة أصوات الخراب والدمار التي باتت تهدد قيم الإنسانية ومصير ومستقبل الأجيال في مختلف أنحاء العالم. وتابع الصفدي بالقول: لقد وضع خطاب جلالة الملك مؤسسات ومراكز القرار الدولي أمام اختبار حقيقي لتكريس الجهود نحو السلام في ظل ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تحولات خطيرة، ولذا وجه الخطاب الملكي نداءً أخلاقياً وإنسانياً للعودة إلى قيم الإنسانية المشتركة بوصفها الضامن لاستقرار البشرية. وقال رئيس مجلس النواب، إن عدالة الحق الفلسطيني، ومأساة قطاع غزة، شكّلتا جوهر الخطاب الملكي الساعي إلى إعادة البوصلة لحق الأشقاء الفلسطينيين لإقامة دولتهم المستقلة، ووقف الحرب الوحشية على غزة، محذراً من تداعيات الهجمات الإيرانية الإسرائيلية على مستقبل المنطقة والعالم. وأضاف "حمل الخطاب تحذيراً من خطورة السقوط الجماعي للمعايير الأخلاقية والدولية في حال استمرار الحرب على غزة، والنكران للحق الفلسطيني، إذ إن ما يجري في غزة يتنافى مع القانون الدولي والمعايير الأخلاقية، ويزيد الأوضاع مأساة استمرار الانتهاكات في الضفة الغربية. وختم الصفدي بالقول: جاءت أهمية ودلالات الخطاب الملكي في استحضار مشهد نهضة أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث اختارت البناء والتنمية بدلاً من الكراهية والثأر، وتعظيم قيم الإنسانية والقانون الدولي الأمر الذي مكنها من تحقيق الرفاه لشعوبها والمشاركة الفاعلة والرئيسة في قيادة العالم، وما خطاب الملك إلا دعوة لإحياء الدور الأوروبي وأهميته لتحقيق الأمن والاستقرار في مناطق الصراعات. --(بترا)