
ربما تبقى أحلام إيران النووية قائمة حتى بعد ضربة أمريكية مدمرة
أعلن الرئيس ترامب عن 'نجاح عسكري مذهل'، قائلاً إن القنابل الأمريكية دمّرت الركائز الأساسية لبرنامج إيران النووي. وحتى لو كان على حق، فقد لا تكون العملية قد وجهت ضربة قاضية لبرنامج متجذّر بعمق في تاريخ وثقافة وإحساس الإيرانيين بالأمن وهويتهم الوطنية.
اضافة اعلان
منذ أن شرعت إيران في برنامجها النووي المدني الطموح عام 1974 في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، كان قادتها يرونه رمزاً فخوراً لقيادة البلاد في العالم الإسلامي، ومرآةً لالتزامها بالبحث العلمي، وضمانةً في محيطها المليء بالمخاطر.
وما كان صحيحاً في عهد الشاه بقي صحيحاً تحت حكم القادة اللاهوتيين في إيران ما بعد الثورة. وسيظل كذلك، حسبما قال عدد من الخبراء، في أي حكومة إيرانية مستقبلية محتملة، حتى لو لم يصمد المرشد الحالي آية الله علي خامنئي في مواجهة متصاعدة مع إسرائيل والولايات المتحدة.
"على المدى القصير، سيتعيّن على خامنئي أو من يخلفه تحت ضغط هائل تقديم تنازلات. أما على المدى الطويل، فسيدرك أي زعيم إيراني أن إيران يجب أن تمتلك رادعاً نووياً"، يقول روهام ألفاندي، مدير مبادرة التاريخ الإيراني بكلية لندن للاقتصاد، بحسب
بانضمامه إلى الحملة العسكرية الإسرائيلية ضد إيران، رفع ترامب كلفة رفض الإيرانيين قبول قيود صارمة على برنامج تخصيب اليورانيوم. ومع ذلك، مهما انتهى هذا الصراع، قد يكون قد أعطاهم أسباباً أكثر إقناعاً للسعي وراء رادع نووي.
ويضيف أ ألفاندي:أي مفكر استراتيجي في إيران، حاضراً أو مستقبلاً، يدرك أن إيران تقع في الشرق الأوسط، وأن جيرانها هم إسرائيل بزعامة نتنياهو، وطالبان في أفغانستان، ودول عربية أخرى" .
والآن، يمكن لإيران إضافة الولايات المتحدة إلى قائمة هذه التهديدات.
ومن المحتمل أن تكون الضربات الأمريكية قد ألحقت أضراراً جسيمة بمراكز التخصيب في نطنز وفوردو، ومجمع الأبحاث في أصفهان. أما الضربات الإسرائيلية السابقة فقد قتلت عدداً من كبار العلماء النوويين الإيرانيين وألحقت أضراراً بمنشآت أخرى، مما قد يؤخر البرنامج لسنوات.
لكن القنابل وحدها لا تستطيع محو المعرفة التي تراكمت لدى الإيرانيين على مدى نحو سبعة عقود، منذ 1957، عندما وقَّعت إيران أول اتفاقية تعاون نووي مدني مع إدارة أيزنهاور، التي كانت تشجع آنذاك على الاستكشاف السلمي للطاقة الذرية في إطار مبادرة 'ذرّات من أجل السلام'.
في 1967، وبمساعدة أمريكية، بنَت إيران مفاعلاً بحثياً صغيراً في طهران لا يزال قائماً. وبعد عام، انضمت إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، في خطوة عكست رغبة الشاه في قبول إيران ضمن نادي الدول الغربية.
ومع وفرة الأموال إثر صدمة النفط عام 1973، قرر الشاه توسيع برنامج إيران النووي المدني بسرعة، بما في ذلك بناء قدرة تخصيب محلية، فأرسل عشرات الطلاب الإيرانيين إلى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لدراسة الهندسة النووية.
كان الشاه يرى في البرنامج مشروع هيبة سيضع إيران في الصفوف الأمامية لبلدان الشرق الأوسط، لكنه في الوقت نفسه أثار مخاوف الولايات المتحدة من إمكانية إعادة معالجة الوقود المستنزف لانتاج مادة انشطارية تُستخدم في الأسلحة.
"كان بمثابة رمز لوصول البلاد إلى مرتبة القوة الكبرى، مع الفكرة الجانبية أنه إذا هدد العراق إيران، يمكن تحويله لأغراض عسكرية"، بحسب ألفاند.
بل صرح الشاه بأن إيران ستمتلك أسلحة نووية 'بدون شك وفي وقت أقرب مما يتصور البعض'، وهو تصريح تراجع عنه لاحقاً.
وحاول وزير الخارجية آنذاك هنري كيسنجر فرض ضوابط على برنامج إيران، فرفضها الشاه، فتعاقدت فرنسا وألمانيا بدلاً من الولايات المتحدة على بناء جزء من الصناعة النووية الإيرانية. فبدأت شركات ألمانية في إنشاء محطة بوشهر النووية عام 1975، لكن المشروع توقف بعد الثورة عام 1979.
في البداية، اعتبر الحكام الجدد البرنامج النووي تبذيراً شاهياً، فأوقفوه حتى نهاية الحرب العراقية–الإيرانية عام 1988، عندما أقنع تكرار ضربات العراق لمحطة بوشهر وإطلاقه الأسلحة الكيميائية الإيرانيين بأن برنامجاً نووياً قوياً سيكون رادعاً مفيداً. (محطة بوشهر، التي أعاد الروس بنائها، لا تزال تعمل.)
بينما يرى راي تاكيه خبير الشؤون الإيرانية في مجلس العلاقات الخارجية :"في بعض النواحي، كانت حسابات الجمهورية الإسلامية مشابهة لحسابات الشاه — تعبير عن القوة والهيبة."'
وأصبح البرنامج النووي جزءاً لا يتجزأ من القومية المتطرفة التي تحرك نظم الاحتجاج اليومية المنظمة من الدولة وشعارات 'الموت لأمريكا' و'الموت لإسرائيل'. وفي 2006، في عهد أحمدي نجاد، تحولت الاحتفالات إلى ما يشبه الطقوس، حيث كان الراقصون يحملون أمبولات يُزعم أنها تحتوي على اليورانيوم احتفالاً بحق إيران في التخصيب.
وعمل البرنامج على مسارين مزدوجين: مسار مدني قليل الفائدة للطاقة، ومسار سري للتخصيب وضع إيران في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وسيصعب على أي قائد مستقبلي في إيران التخلي عن استثمار وموهبة استغرقت عقوداً في البناء والتبجيل، كما يقول المحللون. حتى بين الإيرانيين الغاضبين من الحكومة أو قليلين الانشغال بالرادع الاستراتيجي، أصبح البرنامج النووي مصدراً للفخر الوطني.
"أي نظام يخلفه، مهما كان ومن أي طريق وصل للحكم، سيحافظ على نفس النظرة لمتابعة الطموحات النووية" وفقا لراي تاكيه، مضيفا أن النظام :"سيركّز على العلوم النووية كأعلى أشكال البحث العلمي، وسيسعى لبرنامج نووي متطور ومدفوع محلياً."
ويبقى السؤال، بحسب تاكيه، "هل سيكون مقبولاً أكثر للولايات المتحدة، كما كانت طموحات الشاه إلى حد ما."
حتى الآن، يواجه خامنئي مأزقاً وجودياً، حسبما يقول عباس ميلاني، مدير الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد: " يمكنه اتباع خطابه ونصائح الراديكاليين في دائرته الضيقة' عبر محاولة إغلاق مضيق هرمز والرد على السفن والقواعد الأمريكية في المنطقة. أو أن يُقلل علناً من حجم الضرر الذي لحق بالمرافق النووية ويسعى للتسوية مع الولايات المتحدة، وبذلك 'ينقذ نظامه ليقاتل في وقت لاحق." مضيفا:" سيدفع الأبرياء في إيران ثمناً باهظاً في الحالتين."

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 14 دقائق
- سرايا الإخبارية
ترامب يفرض رسوما جمركية على عشرات الدول
سرايا - وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الخميس، أمرا تنفيذيا يفرض رسوما جمركية مضادة تتراوح بين 10% و41% على عشرات الدول. حيث أصبحت الرسوم على تركيا 15%، إسرائيل 15%، فيتنام 20% و15% على فنزويلا والكاميرون وتشاد. كما أصبحت الرسوم الجمركية 39% على سويسرا و30% على جنوب إفريقيا و20% على بنغلاديش و19% على باكستان. ووقع ترامب، أمرا تنفيذيا بزيادة الرسوم الجمركية على السلع الكندية من 25% إلى 35%. ومن المقرر أن يبدأ تطبيق الرسوم الجديدة اعتبارا من الأول من آب. وقال البيت الأبيض "ردا على استمرار تقاعس كندا وإجراءاتها المقابلة، رأى الرئيس ترامب أنه من الضروري زيادة الرسوم الجمركية على كندا من 25% إلى 35% للتعامل مع الوضع الطارئ القائم بفعالية".

سرايا الإخبارية
منذ 14 دقائق
- سرايا الإخبارية
ترامب: قدمنا 60 مليون دولار للمساعدات في غزة ولا أرى نتائج لها
سرايا - قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب "لم ترق لي نية كندا الاعتراف بدولة فلسطينية". وأضاف ترامب أن "ما يحصل في غزة أمر مفجع ومؤسف وعار وكارثي وتابع: "قدمنا 60 مليون دولار قبل أسبوعين للمساعدات في غزة". وأردف ترامب: "أردت فقط أن يحصل الناس على الطعام في غزة ونحن نساعد ماليا في هذا الوضع". واستكمل: "لا أرى نتائج في غزة للمساعدات التي قدمناه


جفرا نيوز
منذ 39 دقائق
- جفرا نيوز
ترامب: ما يحصل في غزة مفجع .. وقدمنا 60 مليون دولار للمساعدات
جفرا نيوز - قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن ما يحصل في غزة مفجع ومؤسف وعار وكارثي، في أحدث تصريحاته بشأن الوضع المأساوي في القطاع الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة من قبل إسرائيل منذ 22 شهرا. وأضاف ترامب أمام صحفيين في البيت الأبيض الخميس، أن واشنطن قدمت 60 مليون دولار أميركي قبل أسبوعين للمساعدات في غزة، لكنه لا يرى أي نتائج للمساعدات التي قدمتها الإدارة الأميركية. وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه يريد فقط أن يحصل الناس على الطعام في غزة وهو يساعد ماليا في هذا الوضع. وقال ترامب إن خطط كندا للاعتراف بدولة فلسطين في اجتماع للأمم المتحدة في أيلول المقبل لا تروق له، لكنه أضاف أنها لا تفسد محادثات التجارة مع أوتاوا. في سياق متصل، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت إن المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف والسفير الأميركي في إسرائيل مايك هاكابي عقدا اجتماعا وصفته بالمثمر مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين، لبحث سبل إيصال المساعدات إلى قطاع غزة. وأشارت ليفيت في مؤتمر صحفي بواشنطن إلى أن ويتكوف وهاكابي، سيزوران غزة الجمعة لتفقد مواقع توزيع المساعدات، وسيقدمان إحاطة للرئيس ترامب بعد الزيارة للموافقة على الخطة النهائية لتوزيع المساعدات. والتقى ويتكوف الخميس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية في القدس المحتلة، وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الاجتماع بين الطرفين خُصص للوضع الإنساني في قطاع غزة وصفقة تبادل المحتجزين ووقف إطلاق النار. وقد تصاعدت أخيرا الدعوات الدولية والأممية لإنهاء الحرب والحصار المفروض على قطاع غزة بعد الارتفاع الكبير في أعداد الشهداء الفلسطينيين المجوّعين الذين يقتلون في "مصائد الموت" عند نقاط توزيع مساعدات ما تسمى "بمؤسسة غزة الإنسانية" التي تقف وراءها الولايات المتحدة وإسرائيل. ويأتي ذلك في وقت تواصل فيه إسرائيل، بدعم أميركي، إبادة جماعية في غزة منذ 7 تشرين الأول 2023، خلّفت أكثر من 205 آلاف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين ومجاعة غير مسبوقة أزهقت أرواح العشرات.