
طفلان معاقان وأم حامل جريحة.. مأساة أسرة الجعب التي تنتظر الرحمة
خانيونس/ فاطمة حمدان
ليلة السابع من يونيو الجاري كانت نقطة تحول مأساوية في حياة أسرة الجعب، التي انقلبت حياتها رأسًا على عقب. من خيمة تضج بضحكات طفليها رغم مرارة النزوح، إلى خيمة تملؤها صرخات الألم والاستغاثة لإنقاذ ما تبقى من أفرادها قبل فوات الأوان.
في نزوحها الرابع على التوالي، استقرت أسرة سليمان الجعب من مدينة رفح في مواصي خانيونس، وهي تستعد لاستقبال مولودها الثالث. إلا أن قصفًا إسرائيليًا غادرًا بجوار خيمتهم حول لحظات الانتظار إلى مأساة دامية، أسفر عن استشهاد ابنة عمهم ليان ياسر الجعب (13 عامًا)، وترك بقية الأسرة بين الألم والإصابات.
نجا سليمان وحده جسديًا، لكنه يحمل ندوبًا نفسية لا تندمل، بعدما أصيب طفلاه بإعاقات بالغة تهدد مستقبلهما. فابنه مهند (3 أعوام) أصبح قعيدًا بعد أن أصيب بشلل في نصفه الأيمن، وهو الذي لم يكن يتوقف عن الحركة إلا حين يغفو.
أما شقيقه الأصغر مالك (عامان)، فقد فقد بصره بالكامل، وفقد معه القدرة على النطق. اختفت من شفتيه كلمة "بابا"، وحلّ محلها موجات من العصبية والصراخ، تعكس صراعاته الداخلية التي لا يعرف كيف يعبر عنها.
تفاقم الألم أكثر مع إصابة الزوجة صفاء، الحامل في شهرها التاسع، بشظايا في الرأس والظهر واليد. ورغم خطورة وضعها، لم يقدم لها الأطباء أي علاج خشية التأثير على الجنين، لتبقى تعاني من نزيف متكرر مع أي حركة، ما يجعلها عاجزة عن رعاية طفليها المصابين أو تلبية احتياجاتهم.
العلاج.. مهمة مستحيلة في غزة المنكوبة
تتحطم آمال سليمان على صخرة الواقع الصحي المنهار في قطاع غزة تحت وطأة العدوان المستمر. يحتاج مالك إلى صورة رنين مغناطيسي لتحديد حجم الضرر الذي لحق بعينيه، لكن الجهاز الوحيد متوفر في المستشفى الأوروبي المحاصر حاليًا من قبل قوات الاحتلال.
فيما يحتاج مهند إلى جلسات علاج طبيعي كان من المفترض أن يتلقاها في مستشفى الأمل التابع للهلال الأحمر في خانيونس، لكن المنطقة مصنفة حاليًا كـ"منطقة حمراء" ومخلاة من السكان، مما يجعل الوصول إليها مستحيلًا.
يقول سليمان بأسى لـ "فلسطين أون لاين": "حتى الأدوية البسيطة التي يحتاجانها لحماية الأعصاب من التلف أو لتخفيف موجات العصبية، لم تعد متوفرة في مستشفى ناصر. بالكاد أعثر عليها في الصيدليات، لكن بأسعار تفوق القدرة. شريط الدواء الذي كان قبل الحرب بعشرين شيكلاً، أصبح اليوم بمئة شيكل أو أكثر. إنها أعباء لا تُحتمل."
ولا يقتصر الأمر على الدواء؛ إذ يضيف: "مالك لا يتقبل الحليب الصناعي دون سكر، لكن سعر كيلو السكر تجاوز 100 دولار، وهو مبلغ خارج إمكانياتي تمامًا. أما مهند، فقد ملّ من وجبة 'الدقة'، وصار يرفض تناولها، ويمضي ليله جائعًا."
أسئلة موجعة.. وأمل يتلاشى
وسط هذا الواقع القاسي، يقف سليمان عاجزًا أمام أسئلة طفله مهند التي تمزق القلب: "ليش بطلت ألعب؟ ليش صار فيا هيك؟ ليش ولاد عمي بلعبوا وأنا لا؟ بدي ألعب بالكورة..."
لا يطلب سليمان الكثير. كل ما يريده هو أن تتدخل المنظمات الإنسانية والصحية بشكل عاجل لإجلاء زوجته وأطفاله للعلاج خارج قطاع غزة، قبل أن يتدهور وضعهم أكثر، وتصبح أي محاولة للعلاج بلا جدوى.
المصدر / فلسطين أون لاين

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فلسطين أون لاين
منذ 6 ساعات
- فلسطين أون لاين
للمرة الـ 12.. الاحتلال يقصف خيمةً داخل أسوار مستشفى شهداء الأقصى
قصف الاحتلال "الإسرائيلي" خيمةً داخل أسوار مستشفى شهداء الأقصى للمرة الـ12، في ظل استمرار الجريمة الممنهجة ضد النظام الصحي، وفي سياق العدوان المستمر وجريمة الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش "الاحتلال الإسرائيلي" بحق أبناء شعبنا في قطاع غزة. وفي هذا السياق، قال المكتب الإعلامي الحكومي إن "قوات الاحتلال ارتكبت جريمة جديدة، حين قصفت طائراته الحربية خيمة للنازحين داخل أسوار مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، ما أدى إلى وقوع إصابات مكان القصف وإلحاق أضرار مادية وتهديد حياة عشرات المرضى لخطر الموت بشكل مباشر، حيث لم يبعد القصف عن قسم "باطنة رجال" سوى بضعة أمتار". وأوضح المكتب الحكومي في بيان صحفي، اليوم الاثنين، أنَّ هذا الاستهداف الإجرامي يأتي للمرة الثانية عشرة منذ بدء حرب الإبادة الجماعية، في تكرار ممنهج لجرائم القصف التي طالت المستشفى ذاته، وهو ما يعكس إصراراً واضحاً على استهداف البنية الصحية، وانتهاك القوانين الدولية التي تحظر المساس بالمرافق الطبية والمدنيين. ورصد المكتب الحكومي التواريخ التي قصف الاحتلال فيها داخل أسوار مستشفى شهداء الأقصى، وهي كما يلي: 1. الأربعاء 10 يناير 2024 2. الأحد 31 مارس 2024 3. الاثنين 22 يوليو 2024 4. الأحد 4 أغسطس 2024 5. الخميس 5 سبتمبر 2024 6. الاثنين 27 سبتمبر 2024 7. الاثنين 7 أكتوبر 2024 8. الاثنين 14 أكتوبر 2024 9. السبت 9 نوفمبر 2024 10. الأحد 13 أبريل 2025 11. الأربعاء 4 يونيو 2025 (قصف سطح المستشفى 3 مرات بـ3 مُسيّرات). 12. الاثنين 30 يونيو 2025 وأدان بأشد العبارات هذا العدوان الهمجي والمستمر ضد المستشفيات، والذي يمثل خرقاً فاضحاً لكافة المواثيق الدولية والإنسانية. وحمّل "الاحتلال الإسرائيلي"، ومعه الإدارة الأمريكية والدول المتواطئة، المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم المُمنهجة، التي تندرج ضمن سياسة واضحة لتدمير البنية الصحية. وجدَّد المكتب الحكومي مطالبته العاجلة للمجتمع الدولي، والأمم المتحدة، ومنظماتها الإنسانية والحقوقية، بالتحرك الفوري للجم العدوان ووقف هذه الجرائم التي ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وبتوفير حماية دولية عاجلة للمستشفيات والعاملين فيها في قطاع غزة. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ 10 ساعات
- فلسطين أون لاين
طفلان معاقان وأم حامل جريحة.. مأساة أسرة الجعب التي تنتظر الرحمة
خانيونس/ فاطمة حمدان ليلة السابع من يونيو الجاري كانت نقطة تحول مأساوية في حياة أسرة الجعب، التي انقلبت حياتها رأسًا على عقب. من خيمة تضج بضحكات طفليها رغم مرارة النزوح، إلى خيمة تملؤها صرخات الألم والاستغاثة لإنقاذ ما تبقى من أفرادها قبل فوات الأوان. في نزوحها الرابع على التوالي، استقرت أسرة سليمان الجعب من مدينة رفح في مواصي خانيونس، وهي تستعد لاستقبال مولودها الثالث. إلا أن قصفًا إسرائيليًا غادرًا بجوار خيمتهم حول لحظات الانتظار إلى مأساة دامية، أسفر عن استشهاد ابنة عمهم ليان ياسر الجعب (13 عامًا)، وترك بقية الأسرة بين الألم والإصابات. نجا سليمان وحده جسديًا، لكنه يحمل ندوبًا نفسية لا تندمل، بعدما أصيب طفلاه بإعاقات بالغة تهدد مستقبلهما. فابنه مهند (3 أعوام) أصبح قعيدًا بعد أن أصيب بشلل في نصفه الأيمن، وهو الذي لم يكن يتوقف عن الحركة إلا حين يغفو. أما شقيقه الأصغر مالك (عامان)، فقد فقد بصره بالكامل، وفقد معه القدرة على النطق. اختفت من شفتيه كلمة "بابا"، وحلّ محلها موجات من العصبية والصراخ، تعكس صراعاته الداخلية التي لا يعرف كيف يعبر عنها. تفاقم الألم أكثر مع إصابة الزوجة صفاء، الحامل في شهرها التاسع، بشظايا في الرأس والظهر واليد. ورغم خطورة وضعها، لم يقدم لها الأطباء أي علاج خشية التأثير على الجنين، لتبقى تعاني من نزيف متكرر مع أي حركة، ما يجعلها عاجزة عن رعاية طفليها المصابين أو تلبية احتياجاتهم. العلاج.. مهمة مستحيلة في غزة المنكوبة تتحطم آمال سليمان على صخرة الواقع الصحي المنهار في قطاع غزة تحت وطأة العدوان المستمر. يحتاج مالك إلى صورة رنين مغناطيسي لتحديد حجم الضرر الذي لحق بعينيه، لكن الجهاز الوحيد متوفر في المستشفى الأوروبي المحاصر حاليًا من قبل قوات الاحتلال. فيما يحتاج مهند إلى جلسات علاج طبيعي كان من المفترض أن يتلقاها في مستشفى الأمل التابع للهلال الأحمر في خانيونس، لكن المنطقة مصنفة حاليًا كـ"منطقة حمراء" ومخلاة من السكان، مما يجعل الوصول إليها مستحيلًا. يقول سليمان بأسى لـ "فلسطين أون لاين": "حتى الأدوية البسيطة التي يحتاجانها لحماية الأعصاب من التلف أو لتخفيف موجات العصبية، لم تعد متوفرة في مستشفى ناصر. بالكاد أعثر عليها في الصيدليات، لكن بأسعار تفوق القدرة. شريط الدواء الذي كان قبل الحرب بعشرين شيكلاً، أصبح اليوم بمئة شيكل أو أكثر. إنها أعباء لا تُحتمل." ولا يقتصر الأمر على الدواء؛ إذ يضيف: "مالك لا يتقبل الحليب الصناعي دون سكر، لكن سعر كيلو السكر تجاوز 100 دولار، وهو مبلغ خارج إمكانياتي تمامًا. أما مهند، فقد ملّ من وجبة 'الدقة'، وصار يرفض تناولها، ويمضي ليله جائعًا." أسئلة موجعة.. وأمل يتلاشى وسط هذا الواقع القاسي، يقف سليمان عاجزًا أمام أسئلة طفله مهند التي تمزق القلب: "ليش بطلت ألعب؟ ليش صار فيا هيك؟ ليش ولاد عمي بلعبوا وأنا لا؟ بدي ألعب بالكورة..." لا يطلب سليمان الكثير. كل ما يريده هو أن تتدخل المنظمات الإنسانية والصحية بشكل عاجل لإجلاء زوجته وأطفاله للعلاج خارج قطاع غزة، قبل أن يتدهور وضعهم أكثر، وتصبح أي محاولة للعلاج بلا جدوى. المصدر / فلسطين أون لاين


فلسطين أون لاين
منذ يوم واحد
- فلسطين أون لاين
ضحايا الحرب.. أطفال يُولدون دون جمجمة وبأطراف مشوهة في غزة
غزة/ فلسطين أون لاين كشف استشاري أمراض النساء والولادة في جمعية أصدقاء المريض بمدينة غزة، الدكتور إبراهيم البساينة، عن ارتفاع ملحوظ في تشوهات الأجنة بين النساء الحوامل في القطاع، مرجعًا ذلك إلى استنشاق الغازات السامة المنبعثة من القنابل الصاروخية الإسرائيلية، إلى جانب سوء التغذية الحاد وظروف النزوح الصعبة. وقال الدكتور البساينة في تصريحات صحفية، إن "حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة خلّفت آثارًا مدمّرة على النساء الحوامل والأجنة"، موضحًا أن الفترة الحرجة هي الثلاثة أشهر الأولى من الحمل، حين يبدأ تكوّن الأعضاء الحيوية للجنين. وأضاف: "سجلنا حالات مروعة لتشوهات خلقية، أبرزها: غياب الجمجمة، تشوهات الأطراف، انسداد الأمعاء، وتشوهات في جدار البطن، إلى جانب ولادات كثيرة لأطفال ناقصي الوزن، بعضهم لا يتجاوز الكيلو أو الكيلو و400 غرام". وأكد الطبيب البساينة أن الأسلحة الكيماوية ليست السبب الوحيد، بل تشاركها عوامل أخرى خطيرة، في مقدمتها سوء التغذية ونقص الفيتامينات والحديد، إضافة إلى ظروف النزوح القاسية التي تعيشها النساء في خيام الإيواء القريبة من المناطق المدمرة. وتابع، البيئة المحيطة، والرعب، والنقص الحاد في الطعام، كلّها عوامل تنعكس بشكل مباشر على صحة الأم ونمو الجنين داخل الرحم". وأضاف، نلاحظ على النساء أعراضًا كالهزال الشديد، التغيرات الفيزيائية، نقص الوزن، وعدم القدرة على تحمل الحمل". وأشار البساينة إلى أن غياب المتابعة الطبية المنتظمة، بسبب ازدحام المستشفيات بالجرحى، وعدم توفّر الغذاء والمكملات، أدى إلى تدهور صحة الأمهات وتكرار حالات التشوه. ونصح السيدات بـ"اتخاذ تدابير وقائية قبل الحمل، مثل تناول المكملات، والابتعاد عن أماكن القصف، وارتداء الكمامات للحد من استنشاق الغازات السامة". وفي 28 يناير/ كانون الثاني 2025، قالت "هيومان رايتس ووتش"، في تقرير نشرته آنذاك، إن النساء الحوامل بغزة في خطر جراء استمرار الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل. وأضافت أن "إسرائيل تفرض ظروفا تهدد الحمل والولادة وحياة المواليد الجدد في غزة". وسلطت المنظمة الحقوقية في تقريرها الضوء على الاستهداف الإسرائيلي المتعمد للقطاع الصحي بشكل قوض من حصول الحوامل والمواليد الجدد على الرعاية الصحية اللازمة، دون التطرق لقضية تشوه الأجنة. وفي هذا السياق، قالت المنظمة إن خبراء في صحة الأمومة أفادوا في يوليو/ تموز الماضي، أن نسبة الإجهاض التلقائي وصلت إلى 300 بالمئة، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. وفي وقت سابق الجمعة، حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، من أن أطفال قطاع غزة يواجهون خطرا متزايدا من الجوع والمرض والموت. جاء ذلك في بيان للمديرة التنفيذية لليونيسف كاثرين راسل، يسلط الضوء على وضع الأطفال في قطاع غزة بعد شهرين من الحصار الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات الإنسانية. وجددت راسل، المطالبة بحماية الأطفال ورفع الحصار عن غزة، والسماح بدخول السلع التجارية، وإطلاق سراح الأسرى. وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 170 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل.