
مأساة تقديس KPIs: عندما تتحول الأداة إلى غاية
في عالم الإدارة الحديثة، تطرح مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) كأدوات لتوجيه الجهود، وقياس التقدم، ومراقبة تنفيذ الاستراتيجيات. ولكنها في كثير من البيئات التنظيمية، تحولت من وسيلة تقييم عقلانية إلى غاية بحد ذاتها! مما جر خلفه سلسلة من الانحرافات المهنية السلوكية والإدارية التي شوهت المقصود من الأداء والأهداف. وكما في أي سلوك إنساني أو مجال يمارس بتعصب، فإن التشدد في تتبع المؤشرات الصماء قد يحولها إلى نقيضها، فتغدو عائقاً بدلاً من أن تكون مرشداً.
تحول وظيفة KPIs من أداة انضباط وقياس إلى جمود وتقديس هو انقلاب كلي لوظيفتها الأساسية: فتقديس KPIs يعني التعامل معها كمقصد نهائي لا كوسيلة تقييم! وعندما يحدث ذلك، يتم تركيز الجهود التنظيمية لا على خلق القيمة أو تحقيق الأهداف العليا، بل على رفع الأرقام بأي وسيلة. وقد أظهرت دراسة عام 2022 أن 50 % من المؤسسات التي تفرط في التركيز على مؤشرات الأداء، تفقد التوافق الإستراتيجي بنسبة تصل إلى 20 %، ويصبح المشروع مجرد سباق رقمي، تنحسر فيه الجودة وتتآكل الرؤية بعيدة المدى.
وهناك معضلة كبرى أصبحت مشاهدة في الشركات والمؤسسات وهي مقايضة الابتكار والإبداع بالأمان الرقمي. فالتركيز الصارم على تحقيق المؤشرات يدفع الفرق إلى تجنب المخاطرة، وتقليص المساحة المتاحة للتجريب والابتكار والإبداع. وتشير بيانات من عام 2023 إلى أن المؤسسات التي تقدس مؤشرات الأداء تشهد انخفاضاً بنسبة 25 % في المشاريع الابتكارية، وبينما تتطلب بيئات الابتكار حرية في التفكير والإبداع وإمكانية الفشل البناء، فإن نظام KPIs المفرط يزرع الخوف من الخروج عن المألوف.
وظاهرة عكسية أخرى مشاهدة أيضاً، وهي أنه بدل رفع الجودة والمخرجات فإن الجودة قد تكون هي نفسها ضحية مباشرة! وللأسف ففي لهاث خلف الأرقام، تكون الجودة أول من يضحى به، وقد أظهرت دراسة حديثة (2024) أن 40 % من المشاريع التي تركز على مؤشرات كمية بحتة تعاني تراجعاً في جودة المخرجات بنسبة 15 %. فالأداء الحقيقي، كما تعبر عنه القيمة المضافة أو رضا المستخدم النهائي، لا يقاس فقط بسرعة الإنجاز أو حجمه.
أما من أخطر مساوئ تقديس والتعصب لـKPIs فهو انحراف السلوك التنظيمي بما يشبه (اللاعقلانية الإدارية)! فعندما تتحول الأرقام إلى الهدف، فإن سلوك الفريق يتشكل وفق متطلبات تلك الأرقام، لا وفق قيم المشروع أو مصالح العملاء. ووفقاً لدراسة نشرت عام 2016، فإن 55 % من الفرق العاملة تحت ضغط مؤشرات الأداء تظهر سلوكيات غير منتجة تؤدي إلى انخفاض في كفاءة المشاريع بنسبة 15 %. وبذلك، لا تكون المشكلة في الأرقام ذاتها، بل في علاقتها بالمحفزات التي تبنى حولها.
وأما أحد الأسباب- التي شخصياً لا أحبذها- في تقديس المؤشرات KPIs هو التضخم البيروقراطي المكلف! وما إدراك ما بيروقراطية المؤشرات!
فمن أكثر المفارقات المؤسفة في بعض البيئات التقليدية، أن بعض الموظفين المعتادين على البيروقراطية، حين تطوير وتحديث مؤسساتهم، سرعان ما ينتابهم حنين لا واع إلى تلك الأنظمة الجامدة القديمة، وعندما تقدم لهم مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) بصيغة صارمة ومقدسة، يتلقفونها كأنها طوق نجاة يربطهم بالماضي الذي ألفوه، فتغدو هذه المؤشرات، في وعيهم الجمعي كرمز يعيد إليهم دفء «الملف العلاقي الأخضر» بكل ما يحمله من انضباط شكلي وهيكلية مريحة.
وهنا تكمن المعضلة: إذ يضفون على هذه المؤشرات هالة من القداسة الوظيفية، ما يقيد حركة الابتكار ويكبل إمكانات الإبداع ويؤخر مسارات التغيير. وهذا يتناقض كلياً مع جوهر رؤية المملكة 2030، التي تستند في بنيتها العميقة إلى إطلاق العنان للأفكار الجديدة، وتمكين الحلول غير التقليدية والإبداع، وكسر الجمود الإداري لمصلحة مستقبل أكثر ديناميكية وابتكاراً. فبينما تسعى الرؤية إلى كسر الأطر التقليدية، يختار البعض طواعية العودة إليها تحت غطاء «المؤشرات».
أيضاً في بيئات تقديس المؤشرات، تصبح عمليات التتبع والقياس عبئاً يستهلك الطاقة والوقت. وقد أظهرت تقارير حديثة أن المؤسسات التي تبالغ في تتبع المؤشرات تستهلك 12 % من وقت فرقها في إعداد التقارير، مما يقلل الإنتاجية بنسبة 15 %، فبدلاً من دفع المشروع إلى الأمام، تتحول KPIsإلى سلسلة إدارية تقيد الأفعال الحرة.
تقديس KPIs مثال واضح على (عندما تغتال الأداة غايتها!) والخلل هنا لا يكمن في KPIs بوصفها أدوات -أنا شخصياً استخدمها في أعمالي- ولها فوائد عديدة، بل المشكلة تقع في تموضعها وتقديسها داخل النظام الإداري. فهي في الأصل، عدسة ترى من خلالها الإدارة تفاصيل الأداء، لا مرآة توهم بالكمال! غير أن ثقافات تنظيمية كثيرة، بخاصة ذات النزعة التقليدية، رفعتها إلى مرتبة «الضامن» للنجاح، فتجاهلت آثارها الجانبية، كتقويض الابتكار، وضياع الأهداف الإستراتيجية، وانفصال المقاييس عن القيمة الحقيقية.
وبناء عليه نوصي وبقوة بالانتقال من تقديس مؤشرات الأداء إلى مؤشرات المعنى من خلال:
1. إعادة تصميم المؤشرات بحيث تجمع بين الكمية والجودة، وبين النتائج قصيرة الأجل والأثر طويل الأجل.
2. مراجعة دورية كل 3-6 أشهر للتأكد من توافق المؤشرات مع التحولات الإستراتيجية.
3. تقليل عدد المؤشرات إلى 4-6 فحسب، فوفق بيانات من عام 2024، فإن 75 % من المشاريع الناجحة تستخدم مؤشرات مركزة ومحدودة.
4. زرع ثقافة الابتكار عبر تخصيص نسبة من الموارد لتجارب جديدة، واعتبار الفشل البناء أحد مؤشرات التعلم. وربما يكون تخصيص 10 % من الموارد لمشاريع تجريبية قد يعزز الابتكار بنسبة 25 %.
5. استخدام OKRs كأداة موازية، تركز على الأهداف الطموحة والنتائج القابلة للتعديل، مما يعيد توجيه البوصلة نحو المعنى لا الأرقام.
المنظمات التي تنجح في استخدام KPIs لا تقدسها، بل تخضعها لمساءلة مستمرة: هل تخدم رؤيتنا؟ هل تعكس أولوياتنا الحقيقية؟ إن تحويل الوسائل إلى غايات خطأ فلسفي قبل أن يكون إدارياً! ولا بد أن تبقى المؤشرات مجرد أداة على الطريق، فهي ليست كتاباً منزلاً، فالنجاح لا يقاس فقط بما يحسب، بل بما يحقق من أثر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن
منذ 2 أيام
- الوطن
عشاق المركز الثاني والقفز
إذا أردنا أن نطرح سؤالًا صريحًا: ما هو العائق حاليا أمام تحقيق كامل أهداف رؤية المملكة 2030؟ قد يجيب البعض بأنه التمويل، وقد يشير آخرون إلى عامل الزمن، وربما تذكر أيضا استجابة القطاع الخاص البطيئة. لكن الحقيقة الأعمق – والأكثر إرباكًا – أحد أهم المعوقات حاليًا يتمثل في نمط ذهني وسلوكي داخل بعض القيادات التنفيذية والمتوسطة: فئة «عشّاق المركز الثاني أو القافزون»! ففي خضمّ الجهود الوطنية الحثيثة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، تبرز تحديات جوهرية لا تتعلق بالتمويل أو الوقت أو حتى باستجابة القطاع الخاص، بل بتوجهات ذهنية وسلوكية باتت تمثل عائقًا حقيقيًا، لعلّ من أبرزها فئة يمكن أن نطلق عليها «عشّاق المركز الثاني»، أولئك الذين اتخذوا من القفز بين المناصب هدفًا، ومن البونص السنوي غاية، بعيدًا عن أي إنجاز نوعي أو مساهمة ملموسة. هؤلاء لا يسعون إلى الصدارة أو إلى ريادة الابتكار، بل يجدون في المركز الثاني راحة نفسية، ومساحة رمادية يتحركون فيها بأمان دون مسؤولية حقيقية، ويرفضون كل جديد غير معتاد، ويتحصّنون خلف تقارير الأداء (KPIs)، التي تُجمّل الواقع دون أن تغيّره، وتُراكم الأرقام دون أن تصنع أثرًا. إن هؤلاء لا يحركهم الشغف بالتفوق، ولا يحفزهم الإنجاز النوعي أو الأثر الملموس. هم ببساطة يعشقون الانتقال بين المناصب، ويراودهم هاجس البونص السنوي أكثر من هاجس الوطن، ويختارون المسارات الأقل مخاطرة حتى لا تتأثر قابليتهم «للقفز» إلى موقع آخر أو وظيفة أخرى. تخيل فريق كرة قدم، يتحرّك لاعبوه بالملعب، يمرّرون الكرة بين بعضهم ولديهم خطة جيدة، ويتبعون التعليمات... لكن لا يسجلون أي هدف! ويخسرون المباريات، ولا يحرزون البطولات ومع ذلك، يطالبون بالبونصات نهاية العام، رغم عدم تحقيق أي إنجاز فعلي. ويبررون طلب البونصات بعبارات مثل: «لكن التمريرات كانت ممتازة»! والخطط كانت فنانة، وهذا هو واقع بعض المسؤولين. يملؤون الأوراق بالـKPIs! ابتلينا للأسف بأشخاص لا يرَون في وظائفهم سوى منصّات مؤقتة للقفز إلى مواقع أخرى. إنجازهم الوحيد هو تنقّلهم بين الجهات واللجان، دون أن يتركوا أثرًا يُذكر. يتفادون المشاريع الجريئة التي تتطلب جهدًا، وقتًا، وإبداعًا، خوفًا من أن تؤثر على سمعتهم أو على انتقالهم الوظيفي القادم. وهكذا تجدهم في حلقة مفرغة: تغيير مواقع، علاقات عامة، اجتماعات، وشعارات... بلا مضمون. بل إن بعضهم قد انخرط في شبكات مغلقة أو «إيكو سيستم» داخل المؤسسات، حيث يتم تبادل المناصب والترشيحات بين أفراد «الشلة»، تحت ذريعة التطوير بينما الواقع لا يحمل سوى تدوير! للأسف، المبادرات الجريئة تُقابل بالشكوك أو الرفض التلقائي!، لأن الفئة التي تعشق المركز الثاني وتفضّل النقل الحرفي من بيوت الخبرة، وإن تعثّر التنفيذ، يُلقى اللوم على الاستشاري، بينما يظلّ البونص محفوظًا! هذه الذهنية تخاف من التغيير لأنها لا تريد تحمّل مسؤولية التجريب أو الإبداع، مما قد يسبب نوع من الربط لها، وهم يسعون للمحافظة على المرونة بالقفز لمكان أو مرتبة أو وظيفة أخرى دون أن يكون لديها ارتباطات!! بينما نحن لدينا في الوطن حالة فريدة ولدينا مثال أعلى مميز، ويا ليتهم يستفيدون منه. ففي معظم دول العالم، القطاع الخاص وشبه الحكومي أكثر جرأة وابتكارًا من الحكومات، بينما في المملكة، الأمر مختلف؛ القيادة العليا – وعلى رأسها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – هي من يقود قاطرة الإبداع والابتكار والتغيير. فكر إستراتيجي، وعمل دؤوب، واستشراف للمستقبل. ومع ذلك، تجد من القيادات المتوسطة أو شبه الحكومية يشبه من يقف حجر عثرة، بسبب تردده وهو غير مدرك أن ما لا يتطور... يتآكل. الكثيرون يشتكون من عشاق المركز الثاني وفي عدة مجالات مختلفة لا يتسع المجال لذكرها لكن سأضرب مثالين ناقشناهما كثيرا، وهما مجرد مثالين من أمثلة عديدة مرت علينا خلال السنوات الماضية ويوجد كثير! مثلا: تحدثنا وكتبنا منذ سنوات، وبل شاركنا في لقاءات إعلامية ومرئية عديدة ومنها عبر صحيفة الوطن، عن أهمية الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، والصحي وعن مستقبل الطب وأضلاعه. أوصينا، ودعونا للمبادرة مبكرًا. ولكن، كأننا كنا نخاطب شبه جدارًا! إذن من طين، وأخرى من عجين. واليوم، الصين دشّنت أول مستشفى في العالم يُدار بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي، بـ14 طبيبًا افتراضيًا متخصصين. والآن، بعد أن تحرك العالم، بدأ عشّاق المركز الثاني يتحرّكون. فجأة امتلأت المكاتب بالمبادرات، والدراسات، والاستشاريين! المثال الآخر: كذلك، كنا من أوائل من نادوا بأهمية التخصص في طب إطالة العمر ومكافحة الشيخوخة. ومنذ سنوات طويلة كتبنا، ناقشنا، وظهرنا إعلاميًا مرات متعددة لشرح أهمية أن يكون الوطن روّادًا في هذا التخصص الثوري. لكن الردود المعتادة: عدم الحماسة، عدم الاهتمام والرفض، لأن هذا جديد، وغامض، وخارج الصندوق، وبالتالي يخيف عشّاق الراحة والمركز الثاني. وكالعادة، جاء الإنقاذ من الأعلى: سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، رغم أن تخصصه ليس صحيًا أو طبيًا، لكن بعقلية القائد واستشراف المستقبل ونظرته الإستراتيجية وروح المبادرة أطلق مؤسسة «هيفولوشن»، بدعم غير مسبوق، لتكون المملكة في مقدمة دول العالم في مجال إطالة العمر. المشكلة ليست فقط أن عشاق المركز الثاني والقافزون لا يحبذون أن يكونوا سباقين بل الأسوأ إنهم ممكن أن يحاولوا أن يغطوا الشمس بغربال! ويعاكسوا حتى الواقع! من باب تقديس (موشرات الأداء) والتغافل عن الحقائق! نذكر حين تحدّث الكثيرين عن أزمة احتكار الأراضي وارتفاع العقار وارتفاع الإيجارات وتأثيرها السلبي على الاقتصاد، جاء الرد من 'بعضهم' بالفم المليان ان لا توجد مشكلة سكن او ارتفاع أسعار بالرياض ولا احتكار بل كل شي طبيعي وهذا هو حال السوق العقاري يرتفع مع الوقت والأسعار مقبولة و ان اهم شي KPIs جيدة ! فعلا البعض عنده مشكلة تقديس KPIs !، فهو لا يرى أزمة طالما أن مؤشرات الأداء جيدة! وكأن KPIs صارت غاية بحد ذاتها، لا وسيلة لتقييم أثر ملموس. الحمد لله وجود «أبو سلمان» الذي أعاد الأمور لطبيعتها بقراراته الحاسمة! قديماً، كنا نواجه البيروقراطي الكلاسيكي، صاحب الملف العلاقي الأخضر. اليوم، ظهر نوع جديد: البيروقراطي المُحدّث، الذي لا يرفض المشروع الجديد، لكنه لا ينفذه فعليًا. ينتظر شركة استشارية تبادر، وتعطي خطة معلبة جاهزة، تنفيذ خارجي... حتى يتجنب المخاطرة. لأنه يخاف على انتقاله الوظيفي، أو على مؤشرات البونص، أكثر من خوفه على تأخر جهته أو وطنه! متى يفهمون ان نجاح الفرد يجب ألا يُقاس بعدد القفزات الوظيفية، بل بما يحققه من أثر ونجاح على المستوى العمل و على المستوى الوطني، نحن لا نبني شركة خاصة، بل نبني وطنًا. وكل تعثر في تنفيذ مستهدفات الرؤية يعني إضاعة فرصة، وتأخّرًا لا يمكن تعويضه بسهولة. نحن لا نطلب من أحد أن يعمل مجانًا، بل نقول: إذا كُلفت، فأنجز. إذا استلمت مهمة، فارفع سقف طموحك. إن عقلية الأمير محمد بن سلمان – عقلية المركز الأول، السبق، والريادة – يجب أن تكون هي النموذج، إنها عقلية لا تقبل بالمركز الثاني، ولا تعترف ولا تتسامح مع اللامسؤولية المغلفة بالبونص. صراحة، بعد الله، لا نرى أملًا حقيقيًا في تحقيق الرؤية سوى في عقلية القائد الملهم سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان – رجل لا يعرف التردد، طموحه عنان السماء، ولا يقبل بتمريرات بلا أهداف. بطموحه، وفكره، ورؤيته، واجه التحديات، وتجاوز كبار العقبات، ودفع بعجلة التغيير بقوة غير مسبوقة. ومن المؤكد، كما نجح في إزالة العوائق الكبرى، فإنه قادر – بعون الله – على تفكيك «إيكو» المراكز المتوسطة، وتغيير ذهنية عشاق المركز الثاني، و إزالة شبكة «تبادل المناصب»، خصوصًا في المراكز المتوسطة، حيث يتبادلون أو يقفزون بين المواقع والمصالح، دون أن يكون هناك تقييم على الأثر أو على ما تحقق فعليًا. بعد الله، فقط بهذه العقلية – عقلية أبو سلمان -نحقق الرؤية. فقط بهذه الروح نضمن المستقبل. فقط بهذه المسؤولية ننتصر للوطن. كفانا تمريرات... نريد أهدافًا. كفانا قفزات... نريد إنجازات.


الوطن
٠٧-٠٥-٢٠٢٥
- الوطن
مأساة تقديس KPIs: عندما تتحول الأداة إلى غاية
في عالم الإدارة الحديثة، تطرح مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) كأدوات لتوجيه الجهود، وقياس التقدم، ومراقبة تنفيذ الاستراتيجيات. ولكنها في كثير من البيئات التنظيمية، تحولت من وسيلة تقييم عقلانية إلى غاية بحد ذاتها! مما جر خلفه سلسلة من الانحرافات المهنية السلوكية والإدارية التي شوهت المقصود من الأداء والأهداف. وكما في أي سلوك إنساني أو مجال يمارس بتعصب، فإن التشدد في تتبع المؤشرات الصماء قد يحولها إلى نقيضها، فتغدو عائقاً بدلاً من أن تكون مرشداً. تحول وظيفة KPIs من أداة انضباط وقياس إلى جمود وتقديس هو انقلاب كلي لوظيفتها الأساسية: فتقديس KPIs يعني التعامل معها كمقصد نهائي لا كوسيلة تقييم! وعندما يحدث ذلك، يتم تركيز الجهود التنظيمية لا على خلق القيمة أو تحقيق الأهداف العليا، بل على رفع الأرقام بأي وسيلة. وقد أظهرت دراسة عام 2022 أن 50 % من المؤسسات التي تفرط في التركيز على مؤشرات الأداء، تفقد التوافق الإستراتيجي بنسبة تصل إلى 20 %، ويصبح المشروع مجرد سباق رقمي، تنحسر فيه الجودة وتتآكل الرؤية بعيدة المدى. وهناك معضلة كبرى أصبحت مشاهدة في الشركات والمؤسسات وهي مقايضة الابتكار والإبداع بالأمان الرقمي. فالتركيز الصارم على تحقيق المؤشرات يدفع الفرق إلى تجنب المخاطرة، وتقليص المساحة المتاحة للتجريب والابتكار والإبداع. وتشير بيانات من عام 2023 إلى أن المؤسسات التي تقدس مؤشرات الأداء تشهد انخفاضاً بنسبة 25 % في المشاريع الابتكارية، وبينما تتطلب بيئات الابتكار حرية في التفكير والإبداع وإمكانية الفشل البناء، فإن نظام KPIs المفرط يزرع الخوف من الخروج عن المألوف. وظاهرة عكسية أخرى مشاهدة أيضاً، وهي أنه بدل رفع الجودة والمخرجات فإن الجودة قد تكون هي نفسها ضحية مباشرة! وللأسف ففي لهاث خلف الأرقام، تكون الجودة أول من يضحى به، وقد أظهرت دراسة حديثة (2024) أن 40 % من المشاريع التي تركز على مؤشرات كمية بحتة تعاني تراجعاً في جودة المخرجات بنسبة 15 %. فالأداء الحقيقي، كما تعبر عنه القيمة المضافة أو رضا المستخدم النهائي، لا يقاس فقط بسرعة الإنجاز أو حجمه. أما من أخطر مساوئ تقديس والتعصب لـKPIs فهو انحراف السلوك التنظيمي بما يشبه (اللاعقلانية الإدارية)! فعندما تتحول الأرقام إلى الهدف، فإن سلوك الفريق يتشكل وفق متطلبات تلك الأرقام، لا وفق قيم المشروع أو مصالح العملاء. ووفقاً لدراسة نشرت عام 2016، فإن 55 % من الفرق العاملة تحت ضغط مؤشرات الأداء تظهر سلوكيات غير منتجة تؤدي إلى انخفاض في كفاءة المشاريع بنسبة 15 %. وبذلك، لا تكون المشكلة في الأرقام ذاتها، بل في علاقتها بالمحفزات التي تبنى حولها. وأما أحد الأسباب- التي شخصياً لا أحبذها- في تقديس المؤشرات KPIs هو التضخم البيروقراطي المكلف! وما إدراك ما بيروقراطية المؤشرات! فمن أكثر المفارقات المؤسفة في بعض البيئات التقليدية، أن بعض الموظفين المعتادين على البيروقراطية، حين تطوير وتحديث مؤسساتهم، سرعان ما ينتابهم حنين لا واع إلى تلك الأنظمة الجامدة القديمة، وعندما تقدم لهم مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) بصيغة صارمة ومقدسة، يتلقفونها كأنها طوق نجاة يربطهم بالماضي الذي ألفوه، فتغدو هذه المؤشرات، في وعيهم الجمعي كرمز يعيد إليهم دفء «الملف العلاقي الأخضر» بكل ما يحمله من انضباط شكلي وهيكلية مريحة. وهنا تكمن المعضلة: إذ يضفون على هذه المؤشرات هالة من القداسة الوظيفية، ما يقيد حركة الابتكار ويكبل إمكانات الإبداع ويؤخر مسارات التغيير. وهذا يتناقض كلياً مع جوهر رؤية المملكة 2030، التي تستند في بنيتها العميقة إلى إطلاق العنان للأفكار الجديدة، وتمكين الحلول غير التقليدية والإبداع، وكسر الجمود الإداري لمصلحة مستقبل أكثر ديناميكية وابتكاراً. فبينما تسعى الرؤية إلى كسر الأطر التقليدية، يختار البعض طواعية العودة إليها تحت غطاء «المؤشرات». أيضاً في بيئات تقديس المؤشرات، تصبح عمليات التتبع والقياس عبئاً يستهلك الطاقة والوقت. وقد أظهرت تقارير حديثة أن المؤسسات التي تبالغ في تتبع المؤشرات تستهلك 12 % من وقت فرقها في إعداد التقارير، مما يقلل الإنتاجية بنسبة 15 %، فبدلاً من دفع المشروع إلى الأمام، تتحول KPIsإلى سلسلة إدارية تقيد الأفعال الحرة. تقديس KPIs مثال واضح على (عندما تغتال الأداة غايتها!) والخلل هنا لا يكمن في KPIs بوصفها أدوات -أنا شخصياً استخدمها في أعمالي- ولها فوائد عديدة، بل المشكلة تقع في تموضعها وتقديسها داخل النظام الإداري. فهي في الأصل، عدسة ترى من خلالها الإدارة تفاصيل الأداء، لا مرآة توهم بالكمال! غير أن ثقافات تنظيمية كثيرة، بخاصة ذات النزعة التقليدية، رفعتها إلى مرتبة «الضامن» للنجاح، فتجاهلت آثارها الجانبية، كتقويض الابتكار، وضياع الأهداف الإستراتيجية، وانفصال المقاييس عن القيمة الحقيقية. وبناء عليه نوصي وبقوة بالانتقال من تقديس مؤشرات الأداء إلى مؤشرات المعنى من خلال: 1. إعادة تصميم المؤشرات بحيث تجمع بين الكمية والجودة، وبين النتائج قصيرة الأجل والأثر طويل الأجل. 2. مراجعة دورية كل 3-6 أشهر للتأكد من توافق المؤشرات مع التحولات الإستراتيجية. 3. تقليل عدد المؤشرات إلى 4-6 فحسب، فوفق بيانات من عام 2024، فإن 75 % من المشاريع الناجحة تستخدم مؤشرات مركزة ومحدودة. 4. زرع ثقافة الابتكار عبر تخصيص نسبة من الموارد لتجارب جديدة، واعتبار الفشل البناء أحد مؤشرات التعلم. وربما يكون تخصيص 10 % من الموارد لمشاريع تجريبية قد يعزز الابتكار بنسبة 25 %. 5. استخدام OKRs كأداة موازية، تركز على الأهداف الطموحة والنتائج القابلة للتعديل، مما يعيد توجيه البوصلة نحو المعنى لا الأرقام. المنظمات التي تنجح في استخدام KPIs لا تقدسها، بل تخضعها لمساءلة مستمرة: هل تخدم رؤيتنا؟ هل تعكس أولوياتنا الحقيقية؟ إن تحويل الوسائل إلى غايات خطأ فلسفي قبل أن يكون إدارياً! ولا بد أن تبقى المؤشرات مجرد أداة على الطريق، فهي ليست كتاباً منزلاً، فالنجاح لا يقاس فقط بما يحسب، بل بما يحقق من أثر.


الرياضية
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- الرياضية
«الأكاديمية المركزية.. والمنهجية الصحيحة»
عند الحديث عن تأسيس أكاديمية رياضية مركزية مدعومة من قبل الدولة ومؤسساتها الرسمية، لا بد من دراسة البيئة المحلية وخصائصها، خصوصًا في بلدان واسعة المساحة وكبيرة التعداد السكاني مثل المملكة العربية السعودية. إن وجود أكاديمية متخصصة لتطوير وصقل المواهب الرياضية يُعدّ خطوة إيجابية في مسيرة الارتقاء بالرياضة، ولكن نجاحها يعتمد بشكل كبير على المنهجية التي تتبعها في عملها، وطريقة تفاعلها مع مكونات المنظومة الرياضية الأخرى، بما في ذلك القطاعان الخاص والتعليمي وروّاد الأعمال. وسأتطرق فيما يلي لأهم الأسس والمنهجيات التي ينبغي مراعاتها في استثمار الدولة في أكاديمية رياضية مركزية، مع الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة: بدايةً، يجب أن يكون هناك وضوح وشفافية بالاستراتيجية والأهداف التي بُنيت عليه فكرة هذه الأكاديمية، أوضحها في النقاط التالية: 1. إعلان رؤية وأهداف واضحة: يجب على الجهة الرسمية المشرفة على الأكاديمية وضع رؤية معلنة وأهداف محددة زمنيًا وقابلة للقياس. ويساعد ذلك في توجيه جهود العاملين في الأكاديمية، وبناء شراكات مثمرة مع الأندية والاتحادات الرياضية. 2. تحديد الأولويات الرياضية: من الضروري تحديد الرياضات التي ستركز عليها الأكاديمية في مرحلتها الأولى، وفقًا لمعايير تشمل الاهتمام الشعبي، والبنية التحتية المتوفرة، والإمكانات البشرية، ومستهدفات الاتحادات الرياضية وأولوياتها. 3. وضع معايير للقياس والتقييم: يساهم تحديد مؤشرات الأداء الرئيسة «KPIs» في تقييم مدى تحقيق الأهداف بصفة دورية، وإجراء التعديلات اللازمة في الخطط والبرامج. وستكون هذه المؤشرات مرتبطة أيضًا بمستهدفات الاتحاد الرياضية ذات العلاقة. وبعد تحديد الاستراتيجية والأهداف، نصل لمرحلة تحديد دور الأكاديمية مقابل دور الاتحادات الرياضية ذات العلاقة، وذلك بناءً على النقطتين التاليتين: 1. الالتزام بالتخصص: حيث تتحمل الاتحادات الرياضية المسؤولية الفنية في تطوير كل رياضة، بينما تعمل الأكاديمية على دعم هذا الدور بدلًا من منافسته أو تكراره. 2. التنسيق والتكامل: التنسيق المستمر مع الاتحادات الرياضية يضمن وضوح الأدوار، ويمنع التداخل في المهام، ويساعد على توحيد المعايير الفنية والتدريبية. وبما أن هذه الأكاديمية ستتعامل مع مساحة شاسعة وتعداد سكاني كبير تختص به المملكة، يجب على إدارة هذه الأكاديمية أخذ النقاط التالية بالاعتبار، حيث أنها غاية بالأهمية: 1. المقارنة مع نماذج دول أصغر مساحةً وأقل تعدادًا: قد تنجح بعض الأكاديميات في دول ذات مساحة صغيرة وعدد سكان محدود بالاعتماد على مركزية كاملة في مدينة واحدة، ولكن تطبيق هذا النموذج في دولة شاسعة المساحة مثل السعودية قد لا يكون فعّالًا، ولم يخدم الأهداف الرئيسية من إنشائها، لا سيما مستهدفات الاتحادات الرياضية الشريكة. 2. الانتشار والتوسع الذكي: بدلًا من الاعتماد على مقرٍّ واحدٍ فقط، يمكن للأكاديمية المركزية أن تُنشئ فروعًا «وهو خيار صعب، له سلبياته التشغيلية والمالية» أو أن تتعاون مع أكاديميات أخرى «في القطاع الخاص» موزعة في مختلف المناطق، لضمان سهولة الوصول والانتشار الجغرافي المناسب، والاستفادة المتبادلة بين القطاعين الرياضيين، العام والخاص. بناءً على نموذج عمل يضمن مستهدفات جميع الأطراف. والسيناريو الأمثل لدور الأكاديمية المركزية ككيان داعم في بلد مثل المملكة، بالمواصفات والمقدرات التي تمتلكها، هو أن تقوم بالمهام الاستراتيجية التالية: 1. الدعم المالي والفني للأكاديميات الخاصة: الأكاديمية المركزية يجب أن تؤدي دورًا تنظيميًا ورقابيًا، بدلًا من التدخل المباشر في كل التفاصيل التشغيلية. فالكيان المركزي يقدم دعمًا ماليًا وفنيًا ولوجستيًا للأكاديميات والأندية الخاصة التي تُعنى بتطوير المواهب، يساعدها على تحقيق مستهدفات جميع الأطراف. 2. سن التشريعات ووضع القوانين: وجود أكاديمية مركزية مدعومة من الدولة، يتيح الفرصة لسن تشريعات وقوانين تضمن الحوكمة الرشيدة والممارسات الصحيحة في قطاع الأكاديميات الرياضية. 3. إدارة الاستراتيجيات ومتابعة التنفيذ: تنسّق الأكاديمية المركزية لوضع خطط وطنية شاملة للألعاب المستهدفة، وتتابع تحقيق هذه الخطط على أرض الواقع مع جميع الأطراف ذات العلاقة. ويُعد الاعتماد على الأكاديميات الخاصة والرياضة التعليمية في التنمية الرياضية لأي دولة، هو عمود فقري للنهضة الرياضية فيها، أشرحها فيما يلي: 1. لا توجد دولة متقدمة رياضيًا تعتمد على الجهة الرياضية الحكومية فقط: أثبتت التجارب العالمية عدم اعتماد الدول المتقدمة رياضيًا بشكل كامل على الموارد الحكومية في تمويل الأكاديميات؛ بل يرتكز نجاحها على أكاديميات القطاع الخاص، إضافة إلى الرياضة المدرسية والجامعية التي تُعد قاعدة أساسية لاكتشاف المواهب المبكرة. 2. مرفق حكومي نموذجي لا يلغي دور القطاع الخاص: ليس هناك ما يمنع أن تقوم الدولة بإنشاء مرفق رئيسي للأكاديمية، ليكون نموذجًا يُحتذى به، أو لاستضافة معسكرات النخب الرياضية. ومع ذلك، فإن هذا المرفق لا يمكن أن يحل محلّ المرافق والمنشآت التابعة للقطاع الخاص والقطاع التعليمي، التي من شأنها توسيع رقعة اكتشاف المواهب وصقلها. وهنا لا بد من الإشارة للدور الهام لرواد الأعمال في المشاريع الرياضية، فيما يلي: 1. المشاريع الرياضية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة: يمكن لرواد الأعمال وأصحاب المبادرات، الاستثمار في مشاريع رياضية متنوعة، مثل: • الأكاديميات والتدريب الرياضي: تأسيس مراكز تدريبية متخصصة في رياضات جماعية أو فردية. • منشآت وبنية تحتية رياضية: بناء ملاعب وصالات رياضية متعددة الاستخدام، وتأجيرها للأندية والفرق. • خدمات رياضية مساندة: مثل تطوير تطبيقات تكنولوجية لقياس الأداء الرياضي وتحليل البيانات، أو إنشاء شركات لتنظيم الفعاليات الرياضية. • الرياضة الإلكترونية «eSports»: إنشاء فرق ومنصات تنافسية، وإقامة بطولات ومبادرات تدريبية للشباب. 2. آلية دعم الدولة عبر صندوق التنمية الرياضية: • تأسيس صندوق للتنمية الرياضية: يمكن للحكومة إنشاء صندوق مختص بتقديم تسهيلات مالية «قروض ميسرة، منح جزئية» لرواد الأعمال الراغبين في إنشاء مشاريع رياضية، وخصوصًا تلك التي تساهم بتحقيق مستهدفات الرؤية. • التنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة: ينبغي أن يتم التنسيق مع جهات مثل وزارة الرياضة، وهيئات دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والاتحادات الرياضية؛ لتسهيل منح التراخيص وتقديم الاستشارات. • تنظيم الشراكات والدعم اللوجستي: يُمكن للصندوق أن يقدم دعمًا غير مالي أيضًا، كالمساعدة في الحصول على أراضٍ بأسعار مدعومة، أو تخصيص مساحات في المدن الرياضية الكبرى، وتسهيل الإجراءات البيروقراطية. ومن الأمثلة الدولية على منهجيات متعددة الرياضات 1. اليابان • التجربة: اعتمدت على أكاديميات خاصة متعددة الاختصاصات، تدعمها مراكز رياضية متقدمة تكنولوجيًا. • النتائج: حققت نجاحًا في كرة القدم والبيسبول والجمباز وتنس الطاولة، مع نتائج أولمبية مشرفة. 2. أستراليا • التجربة: استثمرت في معاهد رياضية حكومية تقدّم دعمًا فنيًا ولوجستيًا للأكاديميات الخاصة في السباحة وألعاب القوى والرجبي والتنس. • النتائج: تُعد من أبرز الدول في الألعاب الأولمبية، خصوصًا في السباحة وألعاب القوى. 3. الولايات المتحدة • التجربة: تعتمد على نموذج يجمع بين الأكاديميات الخاصة والمدارس والجامعات، حيث يلعب كل قطاع دورًا في اكتشاف المواهب وتطويرها. • النتائج: الولايات المتحدة تتصدّر قائمة الدول الأكثر حصولًا على الميداليات الأولمبية، مع نجاح بارز في كرة السلة وكرة القدم الأمريكية والسباحة وألعاب القوى. 4. روسيا • التجربة: مدارس ومراكز رياضية حكومية تركز على الألعاب الفردية مثل المصارعة والجمباز ورفع الأثقال، مع دعم أكاديميات الأندية. • النتائج: حضور قوي في الألعاب الأولمبية خاصة في الرياضات الفردية. 5. الصين • التجربة: توفير مراكز تدريب حكومية متطورة غير مركزية وإشراف مكثّف على الأكاديميات في رياضات مثل تنس الطاولة، الغطس، الجمباز، وفنون القتال. • النتائج: هيمنة عالمية في هذه الألعاب، وحضور أولمبي مميز. إن إنشاء أكاديمية رياضية مركزية في بلد شاسع المساحة وكبير التعداد السكاني مثل السعودية يحتاج إلى منهجية واضحة وتنسيق محكم مع الاتحادات الرياضية والقطاعين الخاص والتعليمي وروّاد الأعمال. وتجارب الدول الرائدة، تُظهر لنا أن نجاح الأكاديمية المركزية لا يكمن في سيطرتها على كل التفاصيل؛ بل في قدرتها على وضع الأطر التنظيمية وتقديم الدعم المالي والفني واللوجستي للأكاديميات الخاصة والمشاريع الرياضية، مع توجيه وتطوير الرياضة المدرسية والجامعية لتخدم نفس المستهدفات. ويمكن للدولة أن تنشئ مرفقًا رياضيًا رئيسيًا كنموذج للمعايير المتقدمة ومركزٍ لمعسكرات النخبة، لكن يبقى نجاح المنظومة الرياضيّة مرتهنًا بتكامل جهود القطاع الخاص والقطاع التعليمي، إضافة إلى دعم ريادة الأعمال في المشاريع الرياضية. ويشمل ذلك تشجيع الابتكار في مجالات التدريب والتقنية وتنظيم الفعاليات، وإنشاء صندوق للتنمية الرياضية يدعم الراغبين في الاستثمار في المجال. بهذا التكامل، تضمن الدولة نشرًا أوسع للرياضة واكتشافًا مبكرًا للمواهب، ما يهيئ بيئة ملائمة لتحقيق إنجازات رياضية على المستويين الإقليمي والعالمي.