
«الأكاديمية المركزية.. والمنهجية الصحيحة»
عند الحديث عن تأسيس أكاديمية رياضية مركزية مدعومة من قبل الدولة ومؤسساتها الرسمية، لا بد من دراسة البيئة المحلية وخصائصها، خصوصًا في بلدان واسعة المساحة وكبيرة التعداد السكاني مثل المملكة العربية السعودية. إن وجود أكاديمية متخصصة لتطوير وصقل المواهب الرياضية يُعدّ خطوة إيجابية في مسيرة الارتقاء بالرياضة، ولكن نجاحها يعتمد بشكل كبير على المنهجية التي تتبعها في عملها، وطريقة تفاعلها مع مكونات المنظومة الرياضية الأخرى، بما في ذلك القطاعان الخاص والتعليمي وروّاد الأعمال.
وسأتطرق فيما يلي لأهم الأسس والمنهجيات التي ينبغي مراعاتها في استثمار الدولة في أكاديمية رياضية مركزية، مع الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة:
بدايةً، يجب أن يكون هناك وضوح وشفافية بالاستراتيجية والأهداف التي بُنيت عليه فكرة هذه الأكاديمية، أوضحها في النقاط التالية:
1. إعلان رؤية وأهداف واضحة:
يجب على الجهة الرسمية المشرفة على الأكاديمية وضع رؤية معلنة وأهداف محددة زمنيًا وقابلة للقياس. ويساعد ذلك في توجيه جهود العاملين في الأكاديمية، وبناء شراكات مثمرة مع الأندية والاتحادات الرياضية.
2. تحديد الأولويات الرياضية:
من الضروري تحديد الرياضات التي ستركز عليها الأكاديمية في مرحلتها الأولى، وفقًا لمعايير تشمل الاهتمام الشعبي، والبنية التحتية المتوفرة، والإمكانات البشرية، ومستهدفات الاتحادات الرياضية وأولوياتها.
3. وضع معايير للقياس والتقييم:
يساهم تحديد مؤشرات الأداء الرئيسة «KPIs» في تقييم مدى تحقيق الأهداف بصفة دورية، وإجراء التعديلات اللازمة في الخطط والبرامج. وستكون هذه المؤشرات مرتبطة أيضًا بمستهدفات الاتحاد الرياضية ذات العلاقة.
وبعد تحديد الاستراتيجية والأهداف، نصل لمرحلة تحديد دور الأكاديمية مقابل دور الاتحادات الرياضية ذات العلاقة، وذلك بناءً على النقطتين التاليتين:
1. الالتزام بالتخصص:
حيث تتحمل الاتحادات الرياضية المسؤولية الفنية في تطوير كل رياضة، بينما تعمل الأكاديمية على دعم هذا الدور بدلًا من منافسته أو تكراره.
2. التنسيق والتكامل:
التنسيق المستمر مع الاتحادات الرياضية يضمن وضوح الأدوار، ويمنع التداخل في المهام، ويساعد على توحيد المعايير الفنية والتدريبية.
وبما أن هذه الأكاديمية ستتعامل مع مساحة شاسعة وتعداد سكاني كبير تختص به المملكة، يجب على إدارة هذه الأكاديمية أخذ النقاط التالية بالاعتبار، حيث أنها غاية بالأهمية:
1. المقارنة مع نماذج دول أصغر مساحةً وأقل تعدادًا:
قد تنجح بعض الأكاديميات في دول ذات مساحة صغيرة وعدد سكان محدود بالاعتماد على مركزية كاملة في مدينة واحدة، ولكن تطبيق هذا النموذج في دولة شاسعة المساحة مثل السعودية قد لا يكون فعّالًا، ولم يخدم الأهداف الرئيسية من إنشائها، لا سيما مستهدفات الاتحادات الرياضية الشريكة.
2. الانتشار والتوسع الذكي:
بدلًا من الاعتماد على مقرٍّ واحدٍ فقط، يمكن للأكاديمية المركزية أن تُنشئ فروعًا «وهو خيار صعب، له سلبياته التشغيلية والمالية» أو أن تتعاون مع أكاديميات أخرى «في القطاع الخاص» موزعة في مختلف المناطق، لضمان سهولة الوصول والانتشار الجغرافي المناسب، والاستفادة المتبادلة بين القطاعين الرياضيين، العام والخاص. بناءً على نموذج عمل يضمن مستهدفات جميع الأطراف.
والسيناريو الأمثل لدور الأكاديمية المركزية ككيان داعم في بلد مثل المملكة، بالمواصفات والمقدرات التي تمتلكها، هو أن تقوم بالمهام الاستراتيجية التالية:
1. الدعم المالي والفني للأكاديميات الخاصة:
الأكاديمية المركزية يجب أن تؤدي دورًا تنظيميًا ورقابيًا، بدلًا من التدخل المباشر في كل التفاصيل التشغيلية. فالكيان المركزي يقدم دعمًا ماليًا وفنيًا ولوجستيًا للأكاديميات والأندية الخاصة التي تُعنى بتطوير المواهب، يساعدها على تحقيق مستهدفات جميع الأطراف.
2. سن التشريعات ووضع القوانين:
وجود أكاديمية مركزية مدعومة من الدولة، يتيح الفرصة لسن تشريعات وقوانين تضمن الحوكمة الرشيدة والممارسات الصحيحة في قطاع الأكاديميات الرياضية.
3. إدارة الاستراتيجيات ومتابعة التنفيذ:
تنسّق الأكاديمية المركزية لوضع خطط وطنية شاملة للألعاب المستهدفة، وتتابع تحقيق هذه الخطط على أرض الواقع مع جميع الأطراف ذات العلاقة.
ويُعد الاعتماد على الأكاديميات الخاصة والرياضة التعليمية في التنمية الرياضية لأي دولة، هو عمود فقري للنهضة الرياضية فيها، أشرحها فيما يلي:
1. لا توجد دولة متقدمة رياضيًا تعتمد على الجهة الرياضية الحكومية فقط:
أثبتت التجارب العالمية عدم اعتماد الدول المتقدمة رياضيًا بشكل كامل على الموارد الحكومية في تمويل الأكاديميات؛ بل يرتكز نجاحها على أكاديميات القطاع الخاص، إضافة إلى الرياضة المدرسية والجامعية التي تُعد قاعدة أساسية لاكتشاف المواهب المبكرة.
2. مرفق حكومي نموذجي لا يلغي دور القطاع الخاص:
ليس هناك ما يمنع أن تقوم الدولة بإنشاء مرفق رئيسي للأكاديمية، ليكون نموذجًا يُحتذى به، أو لاستضافة معسكرات النخب الرياضية. ومع ذلك، فإن هذا المرفق لا يمكن أن يحل محلّ المرافق والمنشآت التابعة للقطاع الخاص والقطاع التعليمي، التي من شأنها توسيع رقعة اكتشاف المواهب وصقلها.
وهنا لا بد من الإشارة للدور الهام لرواد الأعمال في المشاريع الرياضية، فيما يلي:
1. المشاريع الرياضية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة:
يمكن لرواد الأعمال وأصحاب المبادرات، الاستثمار في مشاريع رياضية متنوعة، مثل:
• الأكاديميات والتدريب الرياضي: تأسيس مراكز تدريبية متخصصة في رياضات جماعية أو فردية.
• منشآت وبنية تحتية رياضية: بناء ملاعب وصالات رياضية متعددة الاستخدام، وتأجيرها للأندية والفرق.
• خدمات رياضية مساندة: مثل تطوير تطبيقات تكنولوجية لقياس الأداء الرياضي وتحليل البيانات، أو إنشاء شركات لتنظيم الفعاليات الرياضية.
• الرياضة الإلكترونية «eSports»: إنشاء فرق ومنصات تنافسية، وإقامة بطولات ومبادرات تدريبية للشباب.
2. آلية دعم الدولة عبر صندوق التنمية الرياضية:
• تأسيس صندوق للتنمية الرياضية: يمكن للحكومة إنشاء صندوق مختص بتقديم تسهيلات مالية «قروض ميسرة، منح جزئية» لرواد الأعمال الراغبين في إنشاء مشاريع رياضية، وخصوصًا تلك التي تساهم بتحقيق مستهدفات الرؤية.
• التنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة: ينبغي أن يتم التنسيق مع جهات مثل وزارة الرياضة، وهيئات دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والاتحادات الرياضية؛ لتسهيل منح التراخيص وتقديم الاستشارات.
• تنظيم الشراكات والدعم اللوجستي: يُمكن للصندوق أن يقدم دعمًا غير مالي أيضًا، كالمساعدة في الحصول على أراضٍ بأسعار مدعومة، أو تخصيص مساحات في المدن الرياضية الكبرى، وتسهيل الإجراءات البيروقراطية.
ومن الأمثلة الدولية على منهجيات متعددة الرياضات
1. اليابان
• التجربة: اعتمدت على أكاديميات خاصة متعددة الاختصاصات، تدعمها مراكز رياضية متقدمة تكنولوجيًا.
• النتائج: حققت نجاحًا في كرة القدم والبيسبول والجمباز وتنس الطاولة، مع نتائج أولمبية مشرفة.
2. أستراليا
• التجربة: استثمرت في معاهد رياضية حكومية تقدّم دعمًا فنيًا ولوجستيًا للأكاديميات الخاصة في السباحة وألعاب القوى والرجبي والتنس.
• النتائج: تُعد من أبرز الدول في الألعاب الأولمبية، خصوصًا في السباحة وألعاب القوى.
3. الولايات المتحدة
• التجربة: تعتمد على نموذج يجمع بين الأكاديميات الخاصة والمدارس والجامعات، حيث يلعب كل قطاع دورًا في اكتشاف المواهب وتطويرها.
• النتائج: الولايات المتحدة تتصدّر قائمة الدول الأكثر حصولًا على الميداليات الأولمبية، مع نجاح بارز في كرة السلة وكرة القدم الأمريكية والسباحة وألعاب القوى.
4. روسيا
• التجربة: مدارس ومراكز رياضية حكومية تركز على الألعاب الفردية مثل المصارعة والجمباز ورفع الأثقال، مع دعم أكاديميات الأندية.
• النتائج: حضور قوي في الألعاب الأولمبية خاصة في الرياضات الفردية.
5. الصين
• التجربة: توفير مراكز تدريب حكومية متطورة غير مركزية وإشراف مكثّف على الأكاديميات في رياضات مثل تنس الطاولة، الغطس، الجمباز، وفنون القتال.
• النتائج: هيمنة عالمية في هذه الألعاب، وحضور أولمبي مميز.
إن إنشاء أكاديمية رياضية مركزية في بلد شاسع المساحة وكبير التعداد السكاني مثل السعودية يحتاج إلى منهجية واضحة وتنسيق محكم مع الاتحادات الرياضية والقطاعين الخاص والتعليمي وروّاد الأعمال. وتجارب الدول الرائدة، تُظهر لنا أن نجاح الأكاديمية المركزية لا يكمن في سيطرتها على كل التفاصيل؛ بل في قدرتها على وضع الأطر التنظيمية وتقديم الدعم المالي والفني واللوجستي للأكاديميات الخاصة والمشاريع الرياضية، مع توجيه وتطوير الرياضة المدرسية والجامعية لتخدم نفس المستهدفات.
ويمكن للدولة أن تنشئ مرفقًا رياضيًا رئيسيًا كنموذج للمعايير المتقدمة ومركزٍ لمعسكرات النخبة، لكن يبقى نجاح المنظومة الرياضيّة مرتهنًا بتكامل جهود القطاع الخاص والقطاع التعليمي، إضافة إلى دعم ريادة الأعمال في المشاريع الرياضية. ويشمل ذلك تشجيع الابتكار في مجالات التدريب والتقنية وتنظيم الفعاليات، وإنشاء صندوق للتنمية الرياضية يدعم الراغبين في الاستثمار في المجال. بهذا التكامل، تضمن الدولة نشرًا أوسع للرياضة واكتشافًا مبكرًا للمواهب، ما يهيئ بيئة ملائمة لتحقيق إنجازات رياضية على المستويين الإقليمي والعالمي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار الخليج
منذ 2 ساعات
- أخبار الخليج
استراتيجيات لإنشاء هيئة مستقلة لرقابة أداء الجهات الرسمية
في ظل متغيرات العصر وتسارع متطلبات التنمية، أصبحت الحاجة إلى وجود هيئة وطنية مستقلة لقياس الأداء المؤسسي ضرورة استراتيجية لتعزيز الشفافية، وتحسين الكفاءة الحكومية، وضمان توجيه الموارد نحو الأهداف التنموية بدقة. إن بناء منظومة فعّالة لقياس الأداء لا يُسهم فقط في رفع كفاءة العمل، بل يعزز من استقرار المالية العامة، ويحسّن من جودة الخدمات المقدمة. وتقوم هذه الهيئة المقترحة على إعداد تقارير أداء شهرية وربع سنوية تُرفع إلى مجلس الوزراء، على شكل مؤشرات أداء رئيسية ( KPIs )، تُحدد بوضوح مستوى الإنجاز لكل مؤسسة ووزارة مقارنةً بالمهام المنوطة بها والخطط المعتمدة. هذا النوع من التقييم يخلق ثقافة مؤسسية قائمة على النتائج، ويدفع نحو تسريع الإنجاز وتحقيق الأهداف الوطنية بكفاءة وشفافية. كما أن مراقبة المصروفات الفعلية لكل جهة حكومية مقابل ميزانيتها المعتمدة تعد أداة فعالة لضبط الإنفاق العام والحد من الهدر، عبر تقارير مالية دقيقة تُرسل بشكل دوري إلى الجهات المعنية، ما يسمح بتصحيح المسار قبل حدوث أي تجاوزات تؤثر على كفاءة الصرف. ويمكن أن تمتد مهام الهيئة إلى قياس الإنتاجية على مستوى الإدارات والقطاعات داخل كل مؤسسة، بما يعكس مستوى الاستفادة من الموارد البشرية والتقنية، ويتيح للمسؤولين تطوير بيئة العمل وضمان استدامة الأداء العالي. ولتعزيز الحوكمة ستكون الهيئة مسؤولة عن وضع أطر تشريعية وقوانين داخلية خاصة بكل مؤسسة لضمان حماية ممتلكات الدولة والاستخدام الأمثل لها، مع تفعيل الضوابط المؤسسية التي تحافظ على المال العام وتعزز من روح الانضباط الإداري. كما يمكن أن تعمل الهيئة بالتكامل مع السلطة التشريعية (مجلسي الشورى والنواب) لتقديم حلول مبتكرة تُسهم في تطوير الأنظمة القائمة، واقتراح قوانين فعالة لمعالجة التحديات المتكررة على أرض الواقع، بما يعزز من كفاءة التشريع ويربطه بمؤشرات الأداء الفعلي. واحدة من أهم المجالات التي ينبغي أن تُراقب من خلال هذه الهيئة هي المناقصات الحكومية، سواء من حيث الأسعار، أو آليات التنفيذ، أو جودة العمل. ويمكن سن تشريعات جديدة تفرض غرامات على المقاولين غير الملتزمين بالجودة، بل شطبهم من قوائم التأهيل عند الإخلال بالمواصفات، ما يعزز من مستوى المشاريع العامة ويحمي المصلحة الوطنية. ولا يمكن فصل هذا المشروع المؤسسي عن المبدأ الجوهري في أي منظومة ناجحة، وهو «وضع الرجل المناسب في المكان المناسب». فمن خلال هذه الهيئة يمكن ربط مؤشرات الأداء الوظيفي بالمناصب القيادية، واعتماد نظام تقييم حقيقي يُسهم في ضمان أن الكفاءة هي المعيار الأول في التعيين والاستمرار في المواقع التنفيذية. تأسيس هذه الهيئة المستقلة لا يعني فقط تعزيز الرقابة، بل يُمثل نقلة نوعية في الإدارة الحكومية، ويؤسس لمفهوم جديد من الحوكمة الذكية، التي تدمج بين الشفافية، والابتكار، والاستدامة في خدمة التنمية الوطنية. ماجستير تنفيذي بالإدارة من المملكة المتحدة (EMBA) عضو بمعهد المهندسين والتكنولوجيا البريطانية العالمية (MIET)


البلاد البحرينية
منذ 2 أيام
- البلاد البحرينية
المستشفيات الحكومية تُنجز 80% من خطة التسيير الذاتي وتستقبل 1.2 مليون زيارة في عام 2024
أكدت الدكتورة مريم عذبي الجلاهمة الرئيس التنفيذي للمستشفيات الحكومية، حرص المستشفيات الحكومية على مواصلة جهودها وتسخير الإمكانات المتاحة لدعم القطاع الصحي وخدمة أفراد المجتمع، وذلك من خلال تنفيذ خططها الاستراتيجية الهادفة إلى تقديم رعاية صحية متكاملة وذات جودة عالية. جاء ذلك خلال جولة قامت بها الرئيس التنفيذي مع رؤساء تحرير الصحف المحلية، لتسليط الضوء على أبرز إنجازات المستشفيات الحكومية للعام 2024، حيث ثمّنت الجلاهمة الدور المحوري الذي تؤديه الصحافة الوطنية كجزء فاعل من فريق البحرين، في دعم الجهود الوطنية ومساندتها، والمساهمة في إبراز المنجزات المتحققة في مختلف القطاعات. وأفادت الجلاهمة أن المستشفيات الحكومية حققت ما نسبته 80% من خطة التسيير الذاتي، في إطار سعيها نحو تعزيز الكفاءة التشغيلية، بالإضافة إلى تسجيل مجمع السلمانية الطبي متوسط نسبة إشغال للأسرة بلغت 80%، و90% في وحدات العناية القصوى، ما يعكس الكثافة التشغيلية العالية لهذه المؤسسات. وفي مجال التدريب والتطوير، بينت الرئيس التنفيذي للمستشفيات الحكومية أنه تم ابتعاث 46 طبيباً لبرامج الزمالة التخصصية، و304 أطباء في برامج البورد المختلفة، إضافة إلى تدريب 1509 ممرضين من مختلف المجالات التخصصية التمريضية، مما يعزز من كفاءة الكوادر الطبية الوطنية. وقالت إن المستشفيات الحكومية استقبلت أكثر من 1.2 مليون زيارة خلال عام 2024، منها أكثر من 400 ألف زيارة لقسم الطوارئ بمجمع السلمانية الطبي، وأكثر من 509 آلاف زيارة للعيادات الخارجية. كما بلغت نسبة البحرينيين المراجعين للمستشفيات الحكومية 82% من إجمالي الزيارات. وأشارت الجلاهمة إلى أن المستشفيات الحكومية تمكنت خلال العام 2024 من إجراء أكثر من 20.4 مليون فحص مختبري، وما يزيد عن 316 ألف فحص إشعاعي. كما تم تنفيذ 22,944 عملية جراحية، إضافة إلى تسجيل 7,670 حالة ولادة، مما يعكس حجم العمل اليومي الذي تقوم به هذه المؤسسات الحيوية. وفي إطار تطوير الخدمات ورفع الطاقة الاستيعابية، تم تشغيل 56 سريراً إضافياً، وتفعيل وحدات متخصصة مثل وحدة الإقامة القصيرة لعلاج فقر الدم المنجلي للنساء، ووحدة العلاج البيولوجي. كما تم تخصيص جناح خاص في قسم الطوارئ لعلاج مرضى الطب النفسي، في خطوة تعكس التوجه نحو تقديم خدمات صحية أكثر تخصصًا وتكاملاً. وتعزيزاً للتميز المؤسسي، حصدت المستشفيات الحكومية سلسلة من الاعتمادات الوطنية والدولية، أبرزها اختيار مجمع السلمانية الطبي مركزًا لامتحان الزمالة من الكلية الملكية للأطباء بالمملكة المتحدة، والحصول على الاعتماد الأسترالي، واعتماد ISO لمختبر المجمع، إضافة إلى الاعتماد الوطني من الهيئة الوطنية لتنظيم المهن والخدمات الصحية مع الفئة البلاتينية، والاعتماد المؤسسي من الهيئة السعودية للتخصصات الصحية كمركز معتمد، إلى جانب الفوز بثلاث جوائز في سلامة المرضى من اتحاد المستشفيات العربية. كما تم تدشين 23 خدمة إلكترونية جديدة ضمن خطة تطوير 500 خدمة حكومية، تضمنت خدمات الإجازات المرضية، وطلبات التقارير الطبية، وتغيير المواعيد، فضلاً عن تفعيل عيادات الاستشارة عن بعد في مراكز الإصلاح والتأهيل. وفيما يتعلق بمجال الجودة وتحسين الأداء، تم تنفيذ 145 مشروعاً تطويرياً، ورصد 47 مؤشراً رئيسياً للأداء (KPIs)، وتطبيق آليات متقدمة لإدارة المخاطر والتدقيق السريري، مما ساهم في تعزيز سلامة المرضى وجودة الرعاية. كما تم تدشين قسم للتخطيط الاستراتيجي وإدارة المشاريع، وتطوير لوحة رقمية لتتبع مؤشرات الأداء، بما يعزز من كفاءة المتابعة والتقييم المؤسسي.


جهينة نيوز
منذ 3 أيام
- جهينة نيوز
تقييم رؤساء الجامعات الأردنية.. ضرورة وطنية تستند إلى التجارب الدولية
تاريخ النشر : 2025-05-22 - 12:02 pm أ. د. اخليف الطراونة : في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها التعليم العالي في الأردن، تبرز الحاجة الملحة إلى تقييم أداء رؤساء الجامعات بأسلوب منهجي وعلمي يضمن الارتقاء بالمؤسسة الأكاديمية، وتعزيز جودة التعليم والبحث وخدمة المجتمع، إضافة إلى دعم الريادة والابتكار. لقد غدا تقييم القيادات الجامعية، وفي مقدمتها رئاسة الجامعة، ضرورة لا تقل أهمية عن تقييم البرامج الأكاديمية أو مخرجات الطلبة. وتشير تجارب الدول الرائدة في التعليم العالي إلى أن فعالية القيادة تؤثر مباشرة على الأداء الجامعي، ولذلك حرصت تلك الدول على تطوير أنظمة لتقييم رؤساء الجامعات، تجمع بين المهنية والموضوعية. وفي هذا السياق، تستعرض هذه المقالة أبرز التجارب العربية والدولية، وصولًا إلى مقترح عملي يمكن تطبيقه في الجامعات الأردنية. أولًا: لماذا نقيم رؤساء الجامعات؟ يشكّل تقييم رؤساء الجامعات أداة فاعلة لضمان: * جودة الحوكمة الأكاديمية. * وضوح الرؤية والتخطيط الاستراتيجي. * تعزيز الشفافية والمساءلة. * رفع كفاءة الأداء المالي والإداري. * تحسين العلاقة مع الطلبة والمجتمع. * تطوير البرامج الأكاديمية لتواكب الذكاء الاصطناعي ومتطلبات العصر. ثانيًا: ما الذي نستفيده من التجارب العربية؟ في السعودية، طبقت وزارة التعليم نموذجًا سنويًا لتقييم رؤساء الجامعات يستند إلى مؤشرات أداء تتعلق بالإنجازات الأكاديمية، والاستدامة المالية، والابتكار، ومواءمة مخرجات التعليم مع سوق العمل. في الإمارات، طُبّق تقييم متعدد المصادر يشمل الجهات الرقابية ومجالس الأمناء، ويرتبط بتقارير الأداء المؤسسي. الدروس المستفادة: * ضرورة ربط التقييم بالخطط الوطنية. * إشراك مجلس الأمناء والهيئة التدريسية. * اعتماد مؤشرات قياس واضحة وقابلة للتطبيق. ثالثًا: تجارب دولية رائدة في بريطانيا، يُقيَّم رئيس الجامعة من قبل مجلس الجامعة على أسس تعاقدية، ويشمل التقييم الأداء المالي، البحث العلمي، الجودة التعليمية، والتواصل المجتمعي. في فنلندا، يُركّز التقييم على القيادة التشاركية وتحفيز فرق العمل، ويُعتمد فيه تقييم نوعي يشمل آراء الطلبة والأكاديميين. في الولايات المتحدة، يتضمن التقييم أدوات كمية ونوعية مثل الاستبانات السرية، وتقارير الأداء، والمقابلات مع أصحاب العلاقة. السمات المشتركة لهذه النماذج: * استقلالية التقييم عن السلطة التنفيذية. * دور فاعل لمجالس الأمناء. * اعتماد مؤشرات أداء رئيسية (KPIs) ومراجعات دورية. رابعًا: نحو نموذج أردني فعّال يمكن بناء نموذج وطني يستند إلى أفضل الممارسات، ويراعي خصوصية البيئة الأردنية، وذلك من خلال العناصر التالية: 1. مصادر التقييم: * مجلس الأمناء. * أعضاء الهيئة التدريسية (من خلال استبانات سرية). * الطلبة (عبر أدوات إلكترونية). * جهة رقابية مستقلة (تقارير ومقابلات). 2. مؤشرات الأداء المقترحة: في مجال القيادة: * امتلاك رؤية واضحة ومعلنة. * القدرة على اتخاذ القرار وحل الأزمات. * تطوير الخطط الاستراتيجية وتنفيذها. في مجال البحث العلمي: * عدد الأبحاث المنشورة والمشاريع المدعومة. * الشراكات البحثية مع مؤسسات عالمية مرموقة. * دعم البنية التحتية للبحث. * إنشاء حاضنات أعمال وبنوك أفكار. في مجال الحوكمة والشفافية: * الالتزام بقواعد النزاهة والحوكمة. * مشاركة المجالس الأكاديمية في صنع القرار. * وضوح الإجراءات الإدارية وسهولتها. في خدمة المجتمع والطلبة: * تنفيذ مبادرات مجتمعية فاعلة. * مؤشرات رضا الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية. * تعزيز فرص التوظيف والتدريب العملي. في مجال الاستدامة المالية: * تنمية الموارد الذاتية. * كفاءة الإنفاق المالي. * ضبط العجز وتوفير التمويل للبرامج النوعية. * تحفيز صناديق الاستثمار في التعليم العالي. 3. دورية التقييم: * تقييم سنوي شامل. * مراجعة مرحلية نصف سنوية لتغذية راجعة مستمرة. خامسًا: تحديات متوقعة * مقاومة بعض القيادات لفكرة التقييم الخارجي. * ضعف البنية التقنية لتحليل البيانات. * غياب ثقافة التقييم الهادف إلى التحسين لا المحاسبة. ويتطلب نجاح النموذج الأردني توفير بيئة تشريعية وتنظيمية داعمة، تعزز الاستقلالية الأكاديمية والإجرائية، وترسخ الحريات الجامعية، مع تمكين المجالس من أداء دورها الرقابي بكفاءة. في الختام إن بناء نظام لتقييم رؤساء الجامعات الأردنية ليس مجرد إجراء إداري، بل خطوة استراتيجية لتحفيز التميز، ومأسسة الشفافية، وتعزيز القيادة الأكاديمية الوطنية. وإذا ما أردنا لجامعاتنا أن ترتقي إلى مصاف الجامعات الإقليمية والعالمية، فإن نقطة الانطلاق تبدأ من قياس أداء من يقودها، استنادًا إلى معايير علمية عادلة، مستنيرة بأفضل التجارب الدولية . تابعو جهينة نيوز على