حكمة الموقف وثبات المبادئ في إقليم مضطرب
في قلب منطقة تشتعل بالصراعات وتتصارع فيها القوى الكبرى على النفوذ والمصالح، يقف الأردن بخصوصيته الجغرافية والسياسية في موقع بالغ الحساسية والدقة. فالمملكة، التي تتقاطع حدودها مع فلسطين وسوريا والعراق والسعودية، تجد نفسها اليوم بين نارين: نار التصعيد الصهيوني وعدوانه المتكرر على غزة والضفة وإيران، ونار الضغوط الإقليمية والدولية التي تحاول دفع الدول الصغيرة إلى تبنّي مواقف تتجاوز قدراتها وتهدد استقرارها الداخلي.
من هنا، تتضح أهمية ما جاء على لسان جلالة الملك عبدالله الثاني والمصادر الرسمية الأردنية التي أكدت – وبكل وضوح – أن الأردن ليس ساحة لحرب ولا ساحة لتصفية حسابات أو تمرير أجندات دولية. وبيّنت هذه التصريحات أن سماء الأردن ليست مفتوحة لطرف على حساب طرف آخر، لما في ذلك من خطر جسيم على مبدأ الاستقرار، الذي لطالما شكل نعمة وطنية تمسّك بها الأردنيون بكل وعي ومسؤولية.
نعم، عاطفتنا الجياشة كأردنيين مع شعبنا الفلسطيني الشقيق، وأمنياتنا الكبرى تتلخص في كبح جماح التعنت الصهيوني ووقف عدوانه المتواصل على غزة والضفة، ووقف استباحته للسيادة الإيرانية ولدماء الأبرياء، لكن هذه العواطف لا يمكن أن تتحول إلى مغامرات غير محسوبة. فالموقف الأردني في جوهره نابع من التزام عميق بالحفاظ على الأمن الوطني، وعلى استقرار الدولة في وجه التحديات الإقليمية الهائلة، وفي ضوء الإمكانيات المتاحة، ومن حرص حقيقي على أمن وأمان المواطن الأردني وسط عالم يترنح تحت أعباء الفوضى والحروب.
العدوان الصهيوني الأخير على إيران، وما سبقه من تدمير ممنهج لغزة ومحاولات خنق الضفة الغربية، لم يكن مجرد تحرك عسكري بل تأكيد متجدد على الطبيعة العدوانية التوسعية للكيان الصهيوني. كيان لا يعترف بالقوانين الدولية، ولا يراعي إنسانية الشعوب، ويتصرف بمنطق العصابة المارقة، متسلحًا بدعم غربي وأمريكي غير محدود، تغذيه مصالح مشتركة وتحركه هيمنة لوبي صهيوني فاعل في مراكز صنع القرار العالمية.
ولولا هذا الدعم الغربي الأمريكي، والتفوق التكنولوجي والعسكري الذي أُعطي للعدو، لما تمكن من الصمود في وجه الجيوش العربية، كما أثبتت معركة الكرامة المجيدة عام 1968، وحرب أكتوبر المجيدة عام 1973، عندما التقت الإرادة الشعبية والعسكرية العربية في لحظة تاريخية من الصمود والنصر، لولا ما شاب الحرب من ثغرات مثل 'الدفرسوار' التي غيّرت المسار في النهاية.
العدوان الصهيوني على إيران اليوم، واستمراره في تدمير غزة وتجويع أهلها ومحاولة إجهاض المقاومة في الضفة، ليس سوى فصل من فصول الحلم التوسعي الصهيوني لإقامة 'دولة يهودية' تمتد من النيل إلى الفرات، ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقيات والتفاهمات السابقة، ومستهترة بالتطبيع والرهانات عليه.
إن الثقافة الصهيونية بطبيعتها تقوم على السيطرة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو إعلامية، وليس من باب المصادفة أن نجد تمثيلًا مبالغًا فيه لليهود في الإدارات الأمريكية، يفوق نسبتهم الحقيقية داخل المجتمع الأمريكي. كيف يمكن تفسير وجود أكثر من عشرة وزراء يهود في حكومة أمريكية واحدة، في حين أن عدد اليهود في العالم لا يتجاوز 30 مليون نسمة، وفي الولايات المتحدة فان عدد اليهود لا يزبد على 8 ملايين وبنسبة لا تزيد على 2.6% من سكان الولايات المتحدة الأميركية والبالغ 340 مليون أمريكي؟!
في ضوء كل ما سبق، فإن المطلوب منّا كأردنيين اليوم هو الالتفاف حول القيادة الهاشمية الحكيمة، وتفهم حقيقة الموقف الرسمي الذي يوازن بين عواطفنا القومية والواقع الجيوسياسي المعقد. ليس المطلوب من الحكومة أن تدخل في مغامرات عسكرية لا طائل منها، بل أن تبقي الأردن بعيدًا عن دوامة الحرب التي عصفت بجيراننا، وزعزعت استقرار شعوب بأكملها.
ولمن يخالف هذا الرأي، نقول: انظروا إلى ما آلت إليه دول كانت أكثر قوة من الأردن عندما رفعت شعارات التحدي غير المدروس. العراق مثال واضح، واليوم إيران، التي ربما تجد نفسها في قادم الأيام تحت طائلة لجان التفتيش الدولية، وربما حصار اقتصادي جديد، وقد تعود معها مشاهد برنامج 'النفط مقابل الغذاء'، وربما حتى 'البرادعي' نفسه يعود للواجهة!
إن حكمة الأردن اليوم هي رصيده الأكبر، وإن الاستقرار ليس ضعفًا بل قوة تحمي الدولة والمجتمع، وتمنحنا القدرة على دعم قضايانا القومية بطرق أكثر فاعلية واتزانًا. ولن يبقى شيء من الحق يضيع، ما دام هناك من يتمسك به، ولو بالصبر والوعي والتخطيط، فإن الغلبة في النهاية تكون لأصحاب الحق.
والله من وراء القصد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 7 ساعات
- عمون
حكمة الموقف وثبات المبادئ في إقليم مضطرب
في قلب منطقة تشتعل بالصراعات وتتصارع فيها القوى الكبرى على النفوذ والمصالح، يقف الأردن بخصوصيته الجغرافية والسياسية في موقع بالغ الحساسية والدقة. فالمملكة، التي تتقاطع حدودها مع فلسطين وسوريا والعراق والسعودية، تجد نفسها اليوم بين نارين: نار التصعيد الصهيوني وعدوانه المتكرر على غزة والضفة وإيران، ونار الضغوط الإقليمية والدولية التي تحاول دفع الدول الصغيرة إلى تبنّي مواقف تتجاوز قدراتها وتهدد استقرارها الداخلي. من هنا، تتضح أهمية ما جاء على لسان جلالة الملك عبدالله الثاني والمصادر الرسمية الأردنية التي أكدت – وبكل وضوح – أن الأردن ليس ساحة لحرب ولا ساحة لتصفية حسابات أو تمرير أجندات دولية. وبيّنت هذه التصريحات أن سماء الأردن ليست مفتوحة لطرف على حساب طرف آخر، لما في ذلك من خطر جسيم على مبدأ الاستقرار، الذي لطالما شكل نعمة وطنية تمسّك بها الأردنيون بكل وعي ومسؤولية. نعم، عاطفتنا الجياشة كأردنيين مع شعبنا الفلسطيني الشقيق، وأمنياتنا الكبرى تتلخص في كبح جماح التعنت الصهيوني ووقف عدوانه المتواصل على غزة والضفة، ووقف استباحته للسيادة الإيرانية ولدماء الأبرياء، لكن هذه العواطف لا يمكن أن تتحول إلى مغامرات غير محسوبة. فالموقف الأردني في جوهره نابع من التزام عميق بالحفاظ على الأمن الوطني، وعلى استقرار الدولة في وجه التحديات الإقليمية الهائلة، وفي ضوء الإمكانيات المتاحة، ومن حرص حقيقي على أمن وأمان المواطن الأردني وسط عالم يترنح تحت أعباء الفوضى والحروب. العدوان الصهيوني الأخير على إيران، وما سبقه من تدمير ممنهج لغزة ومحاولات خنق الضفة الغربية، لم يكن مجرد تحرك عسكري بل تأكيد متجدد على الطبيعة العدوانية التوسعية للكيان الصهيوني. كيان لا يعترف بالقوانين الدولية، ولا يراعي إنسانية الشعوب، ويتصرف بمنطق العصابة المارقة، متسلحًا بدعم غربي وأمريكي غير محدود، تغذيه مصالح مشتركة وتحركه هيمنة لوبي صهيوني فاعل في مراكز صنع القرار العالمية. ولولا هذا الدعم الغربي الأمريكي، والتفوق التكنولوجي والعسكري الذي أُعطي للعدو، لما تمكن من الصمود في وجه الجيوش العربية، كما أثبتت معركة الكرامة المجيدة عام 1968، وحرب أكتوبر المجيدة عام 1973، عندما التقت الإرادة الشعبية والعسكرية العربية في لحظة تاريخية من الصمود والنصر، لولا ما شاب الحرب من ثغرات مثل 'الدفرسوار' التي غيّرت المسار في النهاية. العدوان الصهيوني على إيران اليوم، واستمراره في تدمير غزة وتجويع أهلها ومحاولة إجهاض المقاومة في الضفة، ليس سوى فصل من فصول الحلم التوسعي الصهيوني لإقامة 'دولة يهودية' تمتد من النيل إلى الفرات، ضاربة بعرض الحائط كل الاتفاقيات والتفاهمات السابقة، ومستهترة بالتطبيع والرهانات عليه. إن الثقافة الصهيونية بطبيعتها تقوم على السيطرة، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو إعلامية، وليس من باب المصادفة أن نجد تمثيلًا مبالغًا فيه لليهود في الإدارات الأمريكية، يفوق نسبتهم الحقيقية داخل المجتمع الأمريكي. كيف يمكن تفسير وجود أكثر من عشرة وزراء يهود في حكومة أمريكية واحدة، في حين أن عدد اليهود في العالم لا يتجاوز 30 مليون نسمة، وفي الولايات المتحدة فان عدد اليهود لا يزبد على 8 ملايين وبنسبة لا تزيد على 2.6% من سكان الولايات المتحدة الأميركية والبالغ 340 مليون أمريكي؟! في ضوء كل ما سبق، فإن المطلوب منّا كأردنيين اليوم هو الالتفاف حول القيادة الهاشمية الحكيمة، وتفهم حقيقة الموقف الرسمي الذي يوازن بين عواطفنا القومية والواقع الجيوسياسي المعقد. ليس المطلوب من الحكومة أن تدخل في مغامرات عسكرية لا طائل منها، بل أن تبقي الأردن بعيدًا عن دوامة الحرب التي عصفت بجيراننا، وزعزعت استقرار شعوب بأكملها. ولمن يخالف هذا الرأي، نقول: انظروا إلى ما آلت إليه دول كانت أكثر قوة من الأردن عندما رفعت شعارات التحدي غير المدروس. العراق مثال واضح، واليوم إيران، التي ربما تجد نفسها في قادم الأيام تحت طائلة لجان التفتيش الدولية، وربما حصار اقتصادي جديد، وقد تعود معها مشاهد برنامج 'النفط مقابل الغذاء'، وربما حتى 'البرادعي' نفسه يعود للواجهة! إن حكمة الأردن اليوم هي رصيده الأكبر، وإن الاستقرار ليس ضعفًا بل قوة تحمي الدولة والمجتمع، وتمنحنا القدرة على دعم قضايانا القومية بطرق أكثر فاعلية واتزانًا. ولن يبقى شيء من الحق يضيع، ما دام هناك من يتمسك به، ولو بالصبر والوعي والتخطيط، فإن الغلبة في النهاية تكون لأصحاب الحق. والله من وراء القصد.


أخبارنا
منذ 8 ساعات
- أخبارنا
إسلام حامد الحطيبات تكتب : "الأُحادية والتعددية في الرؤية" وفق فكر جلالة الملك عبدالله الثاني.
أخبارنا : بقلم : إسلام حامد الحطيبات رئيس قسم العلاقات العامة والإعلام في مديرية شباب العقبة في ضل الأحداث المتلاحقة وبروز رؤية متفردة لجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله رؤية قائمة على المجتمعات الإنسانية الصحية و ما تقدم من إنجازات حقيقية ، وحلول وعلاجات للوصول إلى التعايش الإنساني و تحقيق أفضل النتائج بناءاً على الفكر التشاركي الطموح في المواقف المختلفة سواء السياسية أو الإجتماعية أو حتى العملية، وما بتقاطع معها من أيدلوجيات نفسية وإجتماعية لتحقيق الهدف العام والأسمى ، بعيدا النظرة الأحادية المدمرة. جلالته شكّل فكر مغاير أزال الكثير من الضبابيات من خلال ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة الفترة السابقة ، فالفكر الإنساني المتوج بالسمو الأخلاقي وما يرتبط به من قضايا عالمية وإنسانية مختلفة قائم على مهارة الأخذ والعطاء في كل مجال من مجالات الحياة وهذه السياسة التي تنتهجها القيادة الهاشمية منذ الأزل. ولأن الإنسان لايحيا بمفرده ،لابد له من المسايرة والتعايش مع الأخرين بطريقة حضارية إحترافية تحقق أفضل النتائج بعيداً عن إثبات النظريات الفردية القاصرة في تحقيق التنمية بكافة مناحيها. النظرة الملكية منبثقة من تحقيق التوازن الحقيقي بين النظرة الفردية وربطها بالفكر الجماعي والتشاركي والذي يتطلب الكثير من الخبرة ولا يتأتى بين ليلة وضحاها. رسالة ملكية واضحة للأجيال القادمة من المسؤولين أو ممن أراد الالتحاق بركب الإنجاز والعطاء فحواها : "الأكثر مرونة في التفكير والتحليل هم الأكثر نجاحا" ، فلا إستمرارية للمجتمعات أو الأفراد التي تتصف تعاملاتهم برفض الأخرين ، وإقصائهم وفق نظرات أحادية الجانب لا تشكل إلا عبئاً على الإنجازات العامة ، فإنغلاق هؤلاء على أفكارهم المرتبطة بالمصالح الشخصية والفردية بعيدة كل البعد عن التقدير والثناء كون الحقيقة لديهم مطلقة ثابتة بناءاً على تفكيرهم القاصر مما يجعلهم يتمسكون بآرائهم ، ولامجال فيها للتعديل أوالتصحيح .

سرايا الإخبارية
منذ 15 ساعات
- سرايا الإخبارية
ماجد الأمير يكتب: رسائل ودلالات سياسية في خطاب الملك
بقلم : حظي خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني امام البرلمان الاوروبي باهتمام بالغ في الاوساط السياسية والحزبية الاوروبية كونه خطابا يضع الحكومات في العالم امام مسؤولياتها الاخلاقية والانسانية. جلالة الملك في خطابه امام البرلمان قدم رسائل سياسية عديدة للمجتمعات الاوروبية التي انحازت لفكرة السلام بينها عقب الحرب العالمية الثانية. الرسالة والدلالة السياسية الرئيسية في خطاب جلالة الملك كانت غزة التي تتعرض لابادة جماعية من قبل الجيش الاسرائيلي الذي يرتكب المجازر اليومية بحق اهل غزة. الملك خاطب الاوروبيين بان العالم يسير نحو الانحدار الاخلاق وتفكك القيم الانسانية بسبب الصمت على ما ترتكبه اسرائيل من مجازر وابادة جماعية بحق اهل غزة التي خذلها العالم بل ان الملك اراد ان يحذر العالم عبر اوروبا ان الفرص في الحفاظ على القانون الدولي والقيم الانسانية بدات تتلاشى بسبب العجز الدولي في وقف العدوان على غزة. الرسالة والدلالة السياسية الثانية التي تضمنها خطاب جلالة الملك هي ان انقاذ غزة بات واجبا انسانيا من اجل انقاذ العالم من الانحدار الاخلاقي الذي قد يؤدي الى الفوضى والصراعات بين الشعوب. الرسالة والدلالة السياسية الهامة هي ان وقف العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة هي انقاذ للقانون والشرعية الدوليين التي تأسس عليهما النظام العالمي والعلاقات الدولية عقب الحرب العالمية الثانية وان المؤسسات والهيئات الدولية وعلى رأسها هيئة الامم المتحدة والتي عجزت بأجهزتها الكبرى وخاصة مجلس الامن في وقف الحرب في غزة هي ايضا مهددة بالانحدار وضياع ما تبقى من الاسس والقيم التي تاسست عليها، الملك اراد ان يقول للعالم وخاصة الدول الغربية خذلتم غزة فلا تخذلوا انسانيتكم وقيمكم النبيلة وعلى العالم ان يصرخ بقوة لوقف الابادة الجماعية في غزة. الرسالة والدلالة السياسية الهامة ايضا في الخطاب الملكي هي انه مطلوب من العالم ان يعمل بكل قوة من اجل انهاء الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967 وهو اخر احتلال في العالم وان الشعب الفلسطيني يستحق الحرية والاستقلال واقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. الرسالة الاخرى في الخطاب هي تحذير جلالته من فكرة فرض الامر الواقع بالقوة وان القوة لا تصنع امنا الى احد مهما كانت هذه القوة وان الامن الحقيقي الحقيقي لا يكمن في قوة الجيوش، بل في قوة القيم المشتركة، وأن السلام الذي تفرضه القوة أو الخوف لن يدوم أبدا. الملك وجه رسالة سياسية وهي انه لا يجوز لهذا العالم شعوبا وحكومات وبرلمانات وأحزاب ان يعتاد على مشهد قصف المستشفيات وقتل الاطفال والنساء في غزة. كما ذكر الاوروبيين بتاسيس الاتحاد الأوروبي، عندما ساهمت خيارات أوروبا في تشكيل عالم أكثر استقرارا، مبنيا على المبادئ السامية وكيف تخلصت اوروبا من اثار ونتائج الحرب العالمية الثانية وحل السلام والتنمية بدلا من الصراعات والحروب. وتضمن الخطاب الملكي شرحا لاهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس واهمية الحفاظ على هذه المقدسات علاوة على تعهد الاردن بحماية هوية القدس العربية من أي اعتداء. الملك في الخطاب وجه تحذيرا واضحا للنخب السياسية والحكومات بأن عالمنا قد ساده الانفلات، وكانه فقد بوصلته الأخلاقية، فالقواعد تتفكك والحقيقة تتبدل كل ساعة، والكراهية والانقسام يزدهران، والاعتدال والقيم العالمية تتراجع أمام التطرف الأيديولوجي لذلك فان من واجب الدول والحكومات في العالم ان تدافع وتتشبث بقيمنا ولا نتخلى عنها، لانه العالم اذا فقد قيمه الأخلاقية، يفقد التمييز بين الحق والباطل، وبين ما هو عادل وما هو قاسٍ، الأمر الذي يولّد الصراع. الدلالة الاخرى في الخطاب الملكي هي كيفية ادارة الخلافات والنزاعات وان تكون القيم الاخلاقية والقانون الدولي هي اساس التعامل مع الخلافات. وخطورة قيام اسرائيل بتوسيع هجومها على ايران والذي قد يؤدي الى عدم معرفة حدود هذه الحرب. الملك اشار الى ان هذا العام هو عام القرارات المحورية للعالم باسره وان اوروبا سيكون لها دور حيوي في اختيار الطريق الصحيح وانه يمكن الى اوروبا الاعتماد على الاردن كشريك قوي لها، كما ان الملك حدد المجالات الهامة للعمل في منطقتنا وهما دعم التنمية في الشرق الاوسط وانهاء أطول بؤرة اشتباك في العالم وأكثرها تدميرا، ألا وهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي المستمر منذ ثمانية عقود. الملك في خطابه اوضح بجلاء، إذا فشل مجتمعنا العالمي في التصرف بشكل حاسم، فإننا نصبح متواطئين في إعادة تعريف معنى أن تكون إنسانا؛ لأنه إذا ما استمرت الجرافات الإسرائيلية في هدم منازل الفلسطينيين وبساتين الزيتون والبنية التحتية بشكل غير قانوني، فإنها ستهدم أيضا الحدود الأخلاقية. الراي