logo
السعودية تُحوّل اقتصادها من خلال الاستثمارات الإستراتيجية

السعودية تُحوّل اقتصادها من خلال الاستثمارات الإستراتيجية

الوطن١٩-٠٤-٢٠٢٥

تشهد السعودية تحولًا جذريًا في مشهدها الاقتصادي، متجاوزةً دورها التقليدي كمصدر للنفط فحسب، لتصبح مركزًا لفرص استثمارية متنوعة. هذا التحول، الذي تزايد على مدى السنوات الأخيرة، ليس مجرد توجه عابر، بل هو تغيير جذري في كيفية فهم الاقتصاد وتشغيله.
في الربع الأول من عام 2025، بدأت الأرقام تحكي قصة هذا التحول بوضوح أكبر. فقد ارتفع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى حوالي 17.3 مليار ريال، عقب أداء قوي في الربع الأخير من عام 2024، حين بلغ التدفق ذروته عند 21.9 مليار ريال، مسجلًا أعلى رقم ربع سنوي في ذلك العام.
ورغم أنه من المتوقع أن يغلق إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2024 عند 59 مليار ريال، بانخفاض عن 106.3 مليارات ريال في عام 2023، إلا أن هذا لا يشير إلى اتجاه تنازلي، بل إلى إعادة تموضع في المشهد الاستثماري.
ووفقًا لتقرير صادر عن «ستاندرد آند بورز»، رُفع التصنيف الائتماني للمملكة إلى +A مع نظرة مستقبلية مستقرة، بينما أعادت موديز تأكيد تصنيفها عند A1، مشيرةً إلى قوة الأصول المالية للمملكة. ويعكس هذا تنامي الثقة في أسواق المملكة، مدعومةً بسياسة نقدية مرنة وانفتاح مؤسساتي. وتتوقع المملكة استثمارات بقيمة إجمالية تبلغ 2.79 تريليون ريال، مما يعزز ثقة المستثمرين.
ويتميز التطور الاقتصادي للمملكة بتركيز إستراتيجي على ثلاثة ركائز أساسية: التنويع، والاستدامة، والحوكمة. لم يعد الاستثمار خيارًا إضافيًا، بل أصبح ركنًا أساسيًا في رؤية وطنية تهدف إلى بناء نموذج إنتاج مرن، يُوظّف موارد المملكة ويُولّد فرصًا جديدة.
في فبراير 2025، أطلقت المملكة أول صندوق تداول لها لفرص الاستثمار في مجالات البيئة والمجتمع والحوكمة (ESG) في السوق المالية. تُؤكد هذه المبادرة التزامها بإعادة تعريف الاستثمار بما يتجاوز مجرد الربح، بما يتماشى مع التوجهات العالمية نحو الاستدامة.
علاوة على ذلك، فإن التجربة السعودية ليست مجرد ظاهرة عابرة، بل مسار مستدام يتطلب مراجعة مستمرة وقرارات جادة لا تركز فقط على المكاسب قصيرة الأجل. ويشمل نهج المملكة تعزيز أدوات قياس الاستثمار الأجنبي، وتطوير نظام إحصائي حديث يعكس شفافية ودقة أكبر، مما يوفر للمستثمرين العالميين مؤشرات حقيقية على استقرار السوق.
مع استمرار البلاد في إعادة هيكلة إطارها الاقتصادي، قطعت شوطًا كبيرًا في الإصلاحات القانونية. فقد أُنشئت محاكم تجارية متخصصة لخدمة المستثمرين بشكل أفضل، إلى جانب آليات بديلة لتسوية النزاعات، مثل التحكيم والوساطة. ويهدف هذا الإصلاح القانوني الشامل إلى تهيئة بيئة أكثر ملاءمة للمستثمرين.
على عكس بعض الدول المجاورة التي تشهد تراجعًا في الاستثمار نتيجةً للاضطرابات السياسية أو بطء تحديث التشريعات، اختارت المملكة العربية السعودية أن تبرز كلاعب إقليمي ذي معايير عالمية. وحّدت المملكة مختلف الهيئات التنظيمية، وعجّلت فتح قطاعات جديدة أمام الملكية الأجنبية، مما عزز مكانتها كوجهة جاذبة للاستثمار.
الاستثمار الأجنبي المباشر
17.3 مليار ريال الربع الأول 2025.
21.9 مليار ريال الربع الرابع 2024.
59 مليار ريال المتوقع في 2024.
106.3 مليارات ريال في عام 2023.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محفظة القروض والسلف بالبنوك السعودية المدرجة ترتفع 16.5% بنهاية الربع الأول
محفظة القروض والسلف بالبنوك السعودية المدرجة ترتفع 16.5% بنهاية الربع الأول

شبكة عيون

timeمنذ 43 دقائق

  • شبكة عيون

محفظة القروض والسلف بالبنوك السعودية المدرجة ترتفع 16.5% بنهاية الربع الأول

محفظة القروض والسلف بالبنوك السعودية المدرجة ترتفع 16.5% بنهاية الربع الأول ★ ★ ★ ★ ★ مباشر - السيد جمال: ارتفعت محفظة القروض والسلف لدى البنوك السعودية المدرجة بنسبة 16.53% بنهاية الربع الأول من عام 2025م على أساس سنوي، وبزيادة تقدر بـ 420.03 مليار ريال عن قيمتها بنهاية الربع المماثل من العام الماضي. وبلغت قيمة محفظة القروض والسلف (التمويل والاستثمار) المقدمة من البنوك المدرجة في السوق المالية السعودية 2.96 تريليون ريال بنهاية الربع الأول من العام 2025م، مقابل 2.54 تريليون ريال بنهاية الربع الأول من عام 2024م. وتصدر مصرف الراجحي قائمة البنوك السعودية في حجم محفظة القروض والسلف بنهاية الربع الأول من 2025م؛ بإجمالي 722.79 مليار ريال؛ وذلك بعد أن ارتفعت بنحو 18.7% على أساس سنوي. وحل البنك "الأهلي" في المرتبة الثانية بإجمالي 706.43 مليار ريال، مسجلاً زيادة نسبتها 13% على أساس سنوي، يليه بنك الرياض بقروض وسلف بلغت 338.99 مليار ريال، محققاً نمواً نسبته 19.85% عن الربع الأول من عام 2024م. وارتفعت محفظة القروض والسلف بالبنك السعودي الأول بنحو 22% إلى 278.84 مليار ريال، فيما وصلت لدى مصرف الإنماء إلى 209.43 مليار ريال بزيادة نسبتها 15.9%. وسجل البنك السعودي الفرنسي زيادة بحجم محفظة القروض والسلف بنهاية الربع الأول من 2025م بنسبة 12.7% على أساس سنوي؛ لتبلغ 208.98 مليار ريال، يليه البنك "العربي الوطني" بزيادة نسبتها 13.4% لتصل إلى 179.06 مليار ريال. وزاد حجم القروض والسلف لدى بنك البلاد بنسبة 8.8% لتبلغ 112.43 مليار ريال، يليه البنك السعودي للاستثمار بإجمالي 104.14 مليار ريال بعد أن ارتفعت بنسبة 23%، وأخيراً بنك الجزيرة بـ 100.57 مليار ريال محققاً نمواً بنحو 19.6% عن الربع الأول من العام 2024م. وعلى أساس ربعي، ارتفعت قيمة القروض والسلف المقدمة من البنوك السعودية في أول 3 أشهر من عام 2025م بما يعادل 152.89 مليار ريال، مقارنةً مع قيمتها بنهاية الربع الرابع من 2024م والبالغة 2.8 تريليون ريال؛ لترتفع بالربع الأول من العام الجاري بنحو 5.4%. مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه السعودية اقتصاد

"جبل عمر" تقود شركات القطاع العقاري لأرباح بـ1.9 مليار ريال بالربع الأول 2025
"جبل عمر" تقود شركات القطاع العقاري لأرباح بـ1.9 مليار ريال بالربع الأول 2025

شبكة عيون

timeمنذ 44 دقائق

  • شبكة عيون

"جبل عمر" تقود شركات القطاع العقاري لأرباح بـ1.9 مليار ريال بالربع الأول 2025

مباشر- بدور الراعي: سجلت الشركات المدرجة ضمن قطاع إدارة وتطوير العقارات بالسوق السعودي، قفزة بنسبة 430.62% خلال الربع الأول للعام 2025، مقارنة بأرباحها خلال الربع المقارن من العام 2024، وبما يعادل 1.58 مليار ريال، والتي جاءت بدعم من أرباح "جبل عمر". ووفقاً لإحصائية أعدها "مباشر" استناداً إلى إفصاحات الشركات على موقع "تداول"، بلغت الأرباح المجمعة لـ15 شركة عقارية مدرجة نحو 1.9 مليار ريال خلال الربع الأول للعام 2025، مقابل 367.7 مليون ريال في الربع المقارن للعام 2024. وأعلنت 9 شركات ضمن القطاع عن ارتفاع صافي أرباح للربع الأول للعام الجاري، فيما سجلت شركتين وحيدة تراجعا بصافي أرباحها خلال الربع الأول للعام الجاري، بينما تحولت شركة للخسارة مقارنة بأرباح كانت سجلتها الشركة في الربع المقارن من العام الماضي، وقلصت شركتين من خسارتها بالربع الأول ، بينما عمقت أخرى من خسارتها خلال الربع الأول للعام الجاري. "جبل عمر" بالصدارة وجاءت شركة "جبل عمر" في صدارة شركات القطاع من حيث صافي الأرباح السنوية، بعد أن سجلت أرباحاً بلغت 945.94 مليون ريال بالربع الاول للعام 2025، لتسجل قفزة بصافي أرباحها بنحو 4873.4%، مقابل 19.02 مليون ريال في الربع المقارن للعام الماضي. وقالت الشركة إن سبب ارتفاع صافي الربح خلال الربع الحالي مقارنةً بالربع المماثل من العام السابق بشكل رئيسي إلى ارتفاع إجمالي الربح بمبلغ 78 مليون ريال ، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى زيادة إيرادات الفنادق خلال الفترة، بالإضافة إلى تحقيق إيرادات أخرى بمبلغ 918 مليون ريال ، ناتجة عن بيع أرض، وتحقيق أرباح استثمارات بالقيمة العادلة من خلال الربح والخسارة بمبلغ 62 مليون ريال. وفي مارس/ آذار الماضي وقعت شركة جبل عمر للتطويرعقد بيع قطعة أرض تبلغ مساحتها 6001 متر مربع، ضمن مشروعها بمدينة مكة المكرمة، حيث تم توقيع العقد مع شركة أزهر، بقيمة تبلغ 1.14 مليار ريال سعودي، بالإضافة إلى تحمل المشتري ضريبة التصرفات العقارية وأتعاب السعي، منوهة بأن القيمة الدفترية للأصل تبلغ 255.93 مليون ريال سعودي شاملة قيمة التطوير. أرباح "سينومي سنترز" ترتفع إلى 222.7 مليون ريال وحلت ثانيا أرباح سجلتها شركة "سينومي سنترز" بقيمة 222.7 مليون ريال خلال الربع الأول للعام الجاري، مقابل 185.6 مليون ريال في الربع المقارن من العام الماضي ، بزيادة بلغت 20%. وأوضحت الشركة أن الارتفاع في صافي الربح جاء نتيجةً إلى عدة عوامل منها ارتفاع الإيرادات بنسبة 0.8% لتصل إلى 590.6 مليون ريال، و انخفاض تكلفة الإيرادات بنسبة 20.1% نتيجة لترشيد المصاريف التشغيلية، و ارتفاع الإيرادات التشغيلية الأخرى إلى 27.8 مليون ريال، نتيجة لتسجيل أرباح بيع "صحارى بلازا"، و تراجع مصاريف الإعلان والترويج بنسبة 64.1% لتصل إلى 4.3 مليون ريال، بالإضافة إلى انخفاض خسائر الذمم المدينة بنسبة 18.0% لتصل إلى 79.6 مليون ريال. وفى المرتبة الثالثة حلت دار الأركان بأرباح بلغت 209.34 مليون ريال في الربع الأول من العام الجاري، مقارنة بـ 153.6مليون ريال في الربع المقارن من العام الماضي، مسجلة نمواً بنسبة 36.3%. وأرجعت الشركة الارتفاع في صافي الربح بصفة رئيسية إلى الارتفاع في مبيعات العقارات، مبينة أن ارتفاع تكاليف التشغيل بالاضافة إلى انخفاض إيرادات الاستثمار في الشركات الزميلة قد تم تعويضها بالارتفاع في ايرادات التأجير و انخفاض اعباء التمويل بالاضافة إلي ارتفاع الإيرادات الأخرى الغير تشغيلية والمحققة من المرابحات الاسلامية، وكان لذلك الاثر الايجابي على صافي الربح. وجاءت بالمركز الرابع أرباح شركة أم القرى للتنمية والإعمار (مسار) ،والتي سجلت قفزة بصافي أرباحها خلال الربع الأول من العام 2025 بنسبة 3219.33%، لتصل إلى 159.66 مليون ريال، مقارنة بـ4.81 مليون ريال في الربع المقارن من العام الماضي. وأرجعت الشركة سبب الارتفاع في صافي الربح بنسبة 3219% خلال هذا الربع مقارنة بالربع المماثل من العام السابق إلى الارتفاع في الإيرادات بشكل رئيسي. أرباح "مكة" تقفز بالربع الأول لارتفاع الإيرادات بشهر رمضان وارتفع صافي أرباح "مكة" إلى 150 مليون ريال، مقابل 113 مليون ريال في الربع المقارن من العام الماضي، بزيادة بلغت 32.74%. وعزت سبب ارتفاع صافي الربح خلال الربع الحالي مقارنة مع الربع المماثل من العام السابق بشكل رئيسي إلى ارتفاع إيرادات الفندق والأبراج في الربع الحالي نتيجة لدخول التسعة أيام الأخيرة من شهر رمضان في الربع الحالي وكذلك لارتفاع إيرادات المركز التجاري، وأيضًا لاشتمال الربع الحالي على عوائد أصول مالية مصنفة بالقيمة العادلة من خلال قائمة الربح أو الخسارة وتحسن الأرباح بشكل عام. أرباح "العقارية" تقفز 4562% بالربع الأول وقفزت أرباح شركة "العقارية" بنحو 4562.07%، لتصل إلى 135.2 مليون ريال، مقابل 2.9 مليون ريال في الربع المقارن من العام الماضي. وعزت الشركة السبب في ارتفاع صافي الربح خلال الربع الحالي مقارنة بالربع المماثل من العام السابق بمبلغ 132 مليون بشكل رئيسي إلى ارتفاع مجمل ربح بيع العقارات بنسبة 794% ومبلغ 146 مليون ريال، وارتفاع مجمل ربح مشاريع البنية التحتية بنسبة 86% ومبلغ 52 مليون ريال. وارتفعت أرباح كل من "طيبة" و" رتال" و "سمو" بنحو 36.63% ، و9.4%، و17% على الترتيب. وبلغ صافي أرباح "طيبة" نحو 131.3 مليون ريال، مقابل 96.1 مليون ريال في الربع المقارن للعام الماضي، كما زادت أرباح "رتال" إلى 68.13 مليون ريال، مقابل 62.3 مليون ريال في الربع المقارن للعام الماضي، وارتفعت أرباح "سمو" إلى 22.36 مليون ريال بنهاية الربع الأول للعام 2025 ، مقابل 19.11 مليون ريال في الربع المقارن للعام الماضي. تراجع أرباح "التعمير" و"بنان" وفي المقابل انخفض صافي أرباح "التعمير" إلى 42.07 مليون ريال، مقابل 70.5 مليون ريال في الربع المقارن من العام الماضي، بانخفاض قدره 40.32%. وتراجعت أرباح "بنان" إلى 10 ملايين ريال، مقابل 13.63 مليون ريال في الربع المقارن للعام الماضي. وتحولت شركة "الأندلس" للخسارة بقيمة 0.83 مليون ريال، مقارنة بصافي الربح المقارن للعام الماضي البالغ 4.71 مليون ريال. "إعمار" الأكثر خسارة وفي المقابل تصدرت شركة "إعمار" الخسائر بقيمة 123 مليون ريال، مقابل خسارة بقيمة 352 مليون ريال في الربع المقارن من العام الماضي ، لتقلص خسارتها بنحو 65%. وقالت الشركة إن الانخفاض في صافي الخسارة بنسبة 65٪ مقارنةً بنفس الربع من العام الماضي، ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى الزيادة الكبيرة في الإيرادات بنسبة 172٪، وانخفاض المصاريف التشغيلية بمقدار 20 مليون ريال نتيجة انخفاض الأتعاب المهنية المرتبطة بخطة إعادة هيكلة المركز المالي للشركة، وانخفاض مصاريف التسويق وتكاليف الموظفين، وعكس مخصص خسائر الائتمان المتوقعة بعد إعادة التقييم مقارنة بالمخصص المسجل في الربع المقابل، بالإضافة إلى زيادة الإيرادات الأخرى بمقدار 15 مليون ريال نتيجة الربح المحقق من بيع عقار استثماري وعكس بعض المخصصات الزائدة، و انخفاض في مصروف الزكاة بمقدار 72 مليون ريال سعودي، ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى أن الربع المماثل من العام السابق تضمن مصروفاً تم تسجيله لمرة واحدة بقيمة 66 مليون ريال متعلق بتسويات الزكاة القديمة. كما انخفضت خسائر "البحر الأحمر" بالربع الاول للعام 2025 بنسبة 62.23%، لتبلغ نحو 4.53 مليون ريال، مقابل 12 مليون ريال خسارة في الربع المقارن للعام الماضي. خلوارتفعت خسائر "مدينة المعرفة" بنحو27.08%، لتصل إلى 17.3 مليون ريال خسارة في الربع الأول للعام 2025، مقابل 13.6 مليون ريال خسارة في الربع المقارن للعام الماضي. Page 2 الخميس 01 مايو 2025 07:27 مساءً Page 3

هل يمكن لأمريكا المثقلة بالأعباء المالية أن تتخلف عن سداد ديونها؟
هل يمكن لأمريكا المثقلة بالأعباء المالية أن تتخلف عن سداد ديونها؟

الاقتصادية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الاقتصادية

هل يمكن لأمريكا المثقلة بالأعباء المالية أن تتخلف عن سداد ديونها؟

لم يسبق للولايات المتحدة أبدا أن تخلفت عن سداد ديونها والتزاماتها المالية، رغم كونها صاحبة أكبر حجم ديون في العالم بنحو 32.1 تريليون دولار، إذ إنها لاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي، وتملك عملتها دورا مهما ومؤثرا في هذا الاقتصاد. مع خفض تصنيفها الائتماني من قبل وكالة "موديز" عند "Aa" من "AAA" وفقدها آخر موطئ قدم في منطقة التصنيف الأعلى، قد يتساءل سائل: هل من الممكن أن تنطوي أدوات الدين الأمريكية على أي قدر من المخاطرة حتى يُخفّض تصنيفها ولو بدرجة واحدة؟ وهل من الممكن أن يتخلف بلد يملك هذا الاقتصاد الضخم عن الوفاء بالتزاماته؟ عادة ما يتخلف أي بلد عن السداد عندما يصبح غير قادر على الوفاء بالتزاماته المالية من ديون أو فوائد؛ وقد يصل البلد إلى هذا الوضع عندما لا يملك الموارد المالية اللازمة للسداد، أو بسبب عدم الاستقرار السياسي، أو خوضه حروبا تستنزف موارده، وبالتالي يدخل تصنيف ديونه في المنطقة الرديئة. في الولايات المتحدة، أثير في الآونة الأخيرة كثير من الحديث حول احتمال تخلفها عن سداد ديونها بحلول أغسطس أو سبتمبر المقبل إذا لم يتم رفع سقف الديون المسموح به من الكونجرس أو تعليق العمل به لفترة مؤقتة، في ظل وضع يشير إلى حاجتها لاستدانة مزيد من الأموال. أمريكا بحاجة إلى مزيد من الاقتراض منذ عام 2001، تنفق الحكومة الأمريكية أموالا أكثر مما تجمعه كل عام؛ لذلك، فإنها تلجأ دائما إلى الاقتراض لسد الفجوة بين فاتورة الإنفاق وحجم الدخل، وتصدر في هذا الإطار أدوات دين مثل السندات، التي تشكل تقريبا نحو ربع حجم ديونها عند نحو 9 تريليونات دولار. تعد اليابان أكبر مستثمر في السندات الأمريكية بما يصل إلى 1.13 تريليون دولار، تليها المملكة المتحدة، التي انتزعت الترتيب الثاني من الصين بحيازتها سندات أمريكية بقيمة 779.3 مليار دولار، بعد أن قلصت الأخيرة حجم استثماراتها في هذه السندات إلى 765.4 مليار دولار. تضم قائمة كبار المستثمرين في أدوات الدين الأمريكية كذلك كلا من جزر كايمان بـ 455.3 مليار دولار وكندا بـ 426.2 مليار ولكسمبورج بـ 4.12 مليار دولار. ومع موافقة مجلس النواب الأمريكي على مشروع قانون يسمح بتمديد العمل بتخفيضات ضريبية تعود إلى عام 2017 وتنامي احتمال إقراره، من المتوقع أن تضيف هذه التخفيضات 5 مليارات دولار إلى حجم ديون الولايات المتحدة، التي تزيد أصلا بنحو تريليون دولار كل 3 أشهر تقريبا وفقا لتقديرات. وبينما يمثل حجم الديون الأمريكية حاليا نحو 122% من ناتجih المحلي الإجمالي، وفقا لبيانات وزارة الخزانة، فإن هذه النسبة مرشحة للارتفاع، مع الحاجة إلى مزيد من التمويل. سقف الدين الأمريكي بحاجة إلى الارتفاع يمنح الدستور الأمريكي سلطة الاقتراض الوحيدة للكونجرس؛ وبينما فوّض المشرّعون تلك السلطة إلى الحكومة، فقد جعلوا مستوى الاقتراض خاضعا لموافقتهم. ويرى محللون أن البيت الأبيض ليس بعيدا أبدا عن مواجهة مع الكونجرس قريبا بشأن رفع سقف الدين، حتى لا تصبح قدرة البلاد على الاستمرار في الوفاء بالتزاماتها على المحك. لذلك، يتعين على صناع القرار في الولايات المتحدة العمل بجدية لتفادي التخلف عن سداد ديون البلاد، وهو سيناريو يهدد الاستقرار المالي العالمي ويؤثر سلبا في الأسواق. يتفق الخبراء على أن تجاوز سقف الدين بدون حل سيؤدي إلى نتائج كارثية تؤثر في مصداقية الولايات المتحدة في الأسواق المالية، بينما سيؤدي التخلف عن السداد إلى رفع تكلفة الاقتراض وزيادة معدل البطالة. في حين تملك الولايات المتحدة عديدا من الأدوات الاقتصادية والسياسية لتفادي التخلف، فقد أبلغ وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت في وقت سابق من هذا الشهر الكونجرس بأن قدرة الحكومة على الاقتراض باستخدام التدابير الاستثنائية التي تلجأ إليها منذ يناير الماضي قد تُستنفد في أغسطس، مع دخول الكونجرس في عطلة. أمريكا تجد دوما الحل لتدبير احتياجاتها في يناير 2023، وصلت الحكومة إلى سقف ديونها البالغ 31.4 تريليون دولار وقتها؛ وكان على الكونجرس إما رفع السقف بمقدار مبلغ ثابت بالدولار، أو تعليقه لفترة معينة من الوقت لكي تتمكن وزارة الخزانة من الاقتراض أكثر؛ وقد اختار المشرعون التعليق حتى 2 يناير الماضي. وبينما أعيد تحديد سقف الدين عند 36.1 تريليون دولار دولار في بداية هذا العام، تفاوض الجمهوريون في الكونجرس على مشروع قانون للميزانية يتضمن زيادة الحد الأقصى للدين، كجزء من خطة لتمويل تمديد التخفيضات الضريبية التي تمت الموافقة عليها في عام 2017 خلال فترة رئاسة ترمب الأولى. يقدر الجمهوريون أن الميزانية التي وافقوا عليها ستسمح لهم بدفع نقطة الأزمة التالية لسقف الدين إلى ما بعد انتخابات التجديد النصفي لعام 2026. وحتى الآن، يوافق المشرعون دائما على تعديل حد الدين قبل نفاد السيولة من وزارة الخزانة؛ وعلى مدار أكثر من قرن من الزمان منذ أن كان سقف الدين تم تعديله أكثر من 100 مرة. هل تنطوي أدوات الدين الأمريكية على مخاطرة؟ لم يكن خفض "موديز" التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأول، حيث سبقتها في اتخاذ هذا الخطوة وكالتا "ستاندرد آند بورز" و"فيتش" قبل سنوات. استندت "موديز" في قرار خفض التصنيف إلى "العجز المالي الكبير والمستمر" الذي لا يظهر إشارات على التباطؤ؛ وقالت في بيان "إنها لا تعتقد أن المباحثات الجارية في الولايات المتحدة ستسفر عن أي خفض ملموس في الإنفاق والعجز لسنوات"، متوقعة نمو العجز إلى 134% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035. رغم خفض التصنيف من قبل أكبر 3 وكالات متخصصة في هذا الشأن، فإن الولايات المتحدة ما زالت بعيدة كل البعد عن منطقة الديون الرديئة، بل إنها تبعد خطوة واحدة عن التصنيف الأعلى، وهو ما يعني أن إصداراتها من الديون ما زالت في الفئة الممتازة. تنقسم تصنيفات الوكالات إلى 9 مستويات، كل منها مقسم إلى درجات. بينما تمثل المستويات الـ 4 الأولى درجة استثمارية، تنطوي المستويات الـ 5 الأخرى على مضاربة. وتصنيف الولايات المتحدة الحالي يضعها في المستوى الثاني ضمن أعلى درجة، ما يعني درجة ائتمانية عالية ومخاطر منخفضة. علاوة على ذلك، فإن احتمالات التخلف عن السداد نتيجة لأي إغلاق حكومي ينتج عن عدم إقرار الميزانية قبل أغسطس المقبل، تبدو شبه منعدمة، حيث مرت الولايات المتحدة بهذه التجربة كثيرا في الماضي، وكانت دائما تجد مخرجا من الأزمة. أكثر من 20 إغلاقا مرت على أمريكا بسلام على مدار نحو 5 عقود، تعطلت الحكومة الأمريكية أكثر من 20 مرة، منها 3 مرات خلال الولاية الأولى للرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في عامي 2018-2019. أحدث تلك الإغلاقات الحكومية، استمر 35 يوما في عام 2019، وكلف الولايات المتحدة أكثر من 3 مليارات دولار، وفقا لمكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي. شهد عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر 5 إغلاقات حكومية، استمر أطولها 17 يوما في عام 1978. وكان رونالد ريجن صاحب أكبر عدد من الإغلاقات الحكومية، حيث شهد عهده 8 إغلاقات؛ لكن أطولها لم يتجاوز 3 أيام في عام 1983. ولتمرير مشروع قانونهم هذه المرة، يخطط الجمهوريون للاعتماد على عملية تُعرف باسم تسوية الميزانية، وهو إجراء متعدد المراحل لتسريع النظر في التشريعات لمواءمة الإنفاق والضرائب وحد الدين مع أهداف الميزانية المتفق عليها. تتفادى التسوية هذه الشرط المعتاد في مجلس الشيوخ، وهو الحصول على أغلبية ساحقة للمضي قدما في معظم مشاريع القوانين، وبدلاً من ذلك تحتاج فقط إلى أغلبية بسيطة، ما يعني أن الجمهوريين يمكنهم تجاوز الديمقراطيين في المجلس، شريطة اتحاد عدد كاف منهم معا. من شأن المسودة التي كان ينظر فيها مجلس النواب منذ منتصف مايو الجاري رفع حد الدين بمقدار 4 تريليونات دولار، وهو أقل من زيادة تبلغ 5 تريليونات، يفضلها مجلس الشيوخ. هل يمكن لأمريكا طباعة مزيد من النقد لسداد ديونها؟ لا تتضمن تصنيفات الوكالات الائتمانية المخاطر الأكبر المتمثلة في أن الدول المدينة يمكنها ببساطة أن تطبع الأموال لسداد ديونها، ما يتسبب في تكبد حاملي السندات خسائر من انخفاض قيمة الأموال التي يحصلون عليها، وفقا لرأي مؤسس شركة "بريدج ووتر" راي داليو. من الناحية الفنية، يمكن للحكومة الأمريكية طباعة مزيد من النقود لتغطية ديونها، حيث يعتمد النظام الحالي على مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) لإدارة المعروض النقدي. وعلى الرغم من أن الاحتياطي الفيدرالي لا يطبع النقود بنفسه، وتقوم وزارة الخزانة بذلك، فإن بوسعه التأثير في المعروض النقدي من خلال أدوات مختلفة. لكن هذا ليس حلا مستداما أو مرغوبا فيه، حيث سيؤدي إلى تضخم شديد ينتج عن انخفاض قيمة العملة، وعدم استقرار اقتصادي، فضلا عن أن خطوة كهذه من الممكن أن تؤدي إلى عزوف المستثمرين عن شراء أدوات دين البلد المصدر والتخلص من حيازاتهم، وهو سيناريو كارثي. تداعيات خفض التصنيف الائتماني لأمريكا رغم بقاء الولايات المتحدة في نطاق الدرجة المشجعة على الاستثمار في ديونها، فإن التصنيف الجديد ينعكس على عوائد سنداتها برفعها، في ظل طلب المستثمرين في أدوات الدين الأمريكية عائدا أعلى مع زيادة مخاطر التخلف، ولو في الوقت الراهن، وبالتالي ترتفع تكلفة الاقتراض. يؤثر هذا بدوره في الإنفاق الحكومي، وبالتالي النمو الاقتصادي المتأثر في الأساس بتشديد السياسة النقدية لمواجهة التضخم. وارتفع العائد على السندات الأمريكية لأجل 30 عاما متجاوزا مستوى 5% أمس، كأعلى مستوى منذ أكتوبر 2023؛ كذلك ارتفعت عوائد السندات لآجل 10 أعوام إلى نحو 4.6% بعد خفض التصنيف. وتنامي القلق من أن مشروع قانون الموازنة الجديد قد يزيد الضغط على عجز الموازنة المتفاقم أصلا. أحد الانعكاسات هو تراجع العملة الأمريكية، بالتالي ارتفاع التضخم الذي ما زال الفيدرالي الأمريكي يكافحه منذ بدء الحرب الروسية - الأوكرانية في 2022، حتى وصل في أبريل الماضي إلى 2.3%، وهو مستوى يظل دون مستهدف الفيدرالي البالغ 2%. وتراجع مؤشر الدولار الأمريكي بنحو 1.5% منذ خفض التصنيف الائتماني إلى 99.5 نقطة. تأتي هذه الأخبار في الوقت الذي لا توجد فيه ضمانة لعودة الحرب التجارية عالميا بعد الهدنة المعلنة بين أكبر اقتصادين في العالم وتجميد الرسوم عن معظم الدول. يضاف إلى هذه التداعيات خفض التصنيف الائتماني للمؤسسات المالية الأمريكية المرتبطة بالتصنيف السيادي للدولة. وعقب خفض التصنيف السيادي للولايات المتحدة، خفضت "موديز" التصنيفات الائتمانية طويلة الأجل لأكبر البنوك الأمريكية. وشمل خفض التصنيف للبنوك إلى درجة "Aa2" من "Aa1" بنوكا مثل "جيه بي مورجان" و"بنك أوف أمريكا" و"ويلز فارجو" و"بنك أوف نيويورك ميلون". وأشارت الوكالة إلى ضعف قدرة الحكومة الأمريكية على دعم هذه البنوك بعد خفض تصنيف الولايات المتحدة. سوق الأسهم الأمريكية تأثرت أيضا، في ظل ارتفاع تكلفة تمويل الشركات بعد خفض التصنيف، إلى جانب تزايد المخاطر في الاقتصاد الأمريكي وأصوله، وارتفاع عوائد السندات الأمريكية. يمكن القول إن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يؤكد عديدا من المخاطر فيما يخص الاقتصاد الأمريكي؛ لكنه لا يمثل خطرا داهما إلا إذا فشل الجمهوريون والديمقراطيون في رفع سقف الدين في القريب العاجل. مشروع القانون "الكبير والجميل"، الذي أقره مجلس النواب الأمريكي اليوم بأغلبية 215 صوتا، يمدد إعفاءات ضريبية بنحو 4.5 تريليون دولار صيغت خلال ولاية الرئيس دونالد ترمب الأولى عام 2017، مع إضافة إعفاءات جديدة مؤقتة كان قد دعا إليها خلال حملته الانتخابية لعام 2024. وتضيف الحزمة 350 مليار دولار من الإنفاق الجديد، مع تخصيص نحو 150 مليار دولار للبنتاجون، بما في ذلك درع الرئيس الدفاعية الجديدة "القبة الذهبية"، وهو ما سيزيد الحاجة إلى مزيد من الاقتراض لتمويل الإنفاق الأمريكي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store