logo
أسعار النفط ترتفع بدعم من بيانات الوظائف الأميركية القوية

أسعار النفط ترتفع بدعم من بيانات الوظائف الأميركية القوية

الشرق للأعمالمنذ 14 ساعات

ارتفعت أسعار النفط بعدما خففت بيانات الوظائف الأميركية الأقوى من المتوقع، المخاوف من تباطؤ اقتصادي قد يُقوّض الطلب، ما دفع المتداولين الخوارزميين إلى تقليص مراكزهم البيعية.
وصعد خام "برنت" تسليم أغسطس بنسبة 1.7% ليغلق عند 66.47 دولاراً للبرميل، كما قفز خام "غرب تكساس" الوسيط بنحو 2% ليغلق فوق مستوى 64 دولاراً للبرميل، مسجلاً أكبر مكاسب أسبوعية منذ نوفمبر.
وتحرّك الخام صعوداً مع الأسهم بعد أن تجاوز نمو الوظائف الأميركية في مايو توقعات الاقتصاديين بفارق طفيف، مما بدّد المخاوف بشأن تراجع الطلب على المدى القريب. كما دفعت هذه الأرقام العقود الآجلة للديزل، والتي تعتبر حساسة للاقتصاد، إلى أعلى مستوى لها في أسبوعين.
بيانات التوظيف تخفف المخاوف بشأن الطلب
قالت ريبيكا بابين، كبيرة المتداولين في الطاقة لدى مجموعة "سي آي بي سي برايفت ويلث" (CIBC Private Wealth) إن "التداول هادئ نسبياً اليوم، مع استمرار العوامل الكلية في دفع السردية السائدة في السوق".
وأضافت أن "بيانات البطالة تخفف من مخاوف انخفاض الطلب بشكل حاد بسبب حالة عدم اليقين المرتبطة بالرسوم الجمركية".
دفعت البيانات الاقتصادية الإيجابية مستشاري التداول في السلع إلى تقليص توجههم البيعي. فالصناديق، التي يمكنها تسريع زخم الأسعار، قامت بتصفية مراكزها البيعية لتصل إلى سالب 9% في مراكز خام "غرب تكساس" الوسيط يوم الجمعة، مقارنة بسالب 64% في 5 يونيو، بحسب بيانات مجموعة "بريدجتون ريسيرش".
تفاؤل إزاء محادثات التجارة يدعم المكاسب
تلقى الارتفاع دعماً من استمرار معنويات "المخاطرة" الإيجابية بدعم من مؤشرات مشجعة على محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الصيني شي جين بينغ قد اتفقا على مواصلة المفاوضات بشأن الرسوم الجمركية وإمدادات المعادن النادرة.
وتأتي هذه الإشارات الإيجابية في ظل سوق نفط باتت محصورة في نطاق ضيق خلال الأسابيع الأخيرة. إذ تداولت الأسعار ضمن نطاق سعري قدره 5 دولارات منذ منتصف مايو، بينما بلغ مقياس التقلبات في العقود الآجلة للخام الأميركي أدنى مستوياته منذ أوائل أبريل.
ضبابية في آفاق السوق
تلقّت سوق النفط ضربات متتالية في الولاية الثانية لترمب، حيث تهدد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، الطلب العالمي.
في الوقت نفسه، تضيف مجموعة "أوبك+" براميل إضافية إلى السوق بوتيرة أسرع من المتوقع، مما يزيد من غموض الآفاق الضعيفة بالفعل للنصف الثاني من العام.
في غضون ذلك، هوى عدد منصات الحفر النفطية في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوى له منذ نحو أربع سنوات، في وقت يتوقع مستكشفو النفط الصخري ضعف الطلب العالمي على النفط.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

زوكربيرغ أصبح محباً لحركة "لنعد لأمريكا عظمتها".. فهل تبادله الحب؟
زوكربيرغ أصبح محباً لحركة "لنعد لأمريكا عظمتها".. فهل تبادله الحب؟

الاقتصادية

timeمنذ 44 دقائق

  • الاقتصادية

زوكربيرغ أصبح محباً لحركة "لنعد لأمريكا عظمتها".. فهل تبادله الحب؟

استقلّ مارك زوكربيرغ طائرته الخاصة من طراز "غلف ستريم G650" في مطلع فبراير متجهاً إلى واشنطن في رحلة بين أقاصي الولايات المتحدة بات يكررها كثيراً في الآونة الأخيرة. إذ استعاد رئيس شركة "ميتا بلاتفورمز" التنفيذي بعد سنوات جفاء، امتيازاً ثميناً: علاقة مباشرة بالرئيس. عقد زوكربيرغ سلسلة لقاءات مع ترمب بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر، تضمّنت زيارات متكرّرة إلى منتجع "مارالاغو" في فلوريدا، كما حضر أداء ترمب اليمين الدستورية في يناير تحت قبة الكابيتول برفقة كبار قادة قطاع التقنية. كما تبرّعت "ميتا" بمليون دولار لحفل التنصيب، ثمّ شارك زوكربيرغ في استضافة حفل رسمي فاخر تكريماً لترمب مساء ذاك اليوم. في مؤشر على نيته ترسيخ حضوره في العاصمة، اشترى في مارس قصراً بقيمة 23 مليون دولار، لا يبعد سوى خطوات عن مقر إقامة نائب الرئيس جيه دي فانس في مرصد البحرية. علاقة متوترة مع بايدن خلال تلك الزيارة بالذات، في فبراير، اكتفى زوكربيرغ بحديث مقتضب مع ترمب، وفقاً لأشخاص مطلعين، فيما انصبّ تركيزه على لقاء فانس، الذي كان يتهيأ حينها للتوجّه إلى باريس ليشارك في قمة للذكاء الاصطناعي، وأراد منه زوكربيرغ إيصال رسالة للأوروبيين مفادها أن "ميتا" تلقى معاملة غير عادلة من الهيئات الناظمة في القارة، تعرقل طرح منتجاتها الجديدة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. بعد خمسة أيام على اللقاء، اعتلى فانس المنصة في باريس وألقى خطاباً جاء مطابقاً لتطلعات زوكربيرغ، محذّراً من المبالغة في تقييد قطاع الذكاء الاصطناعي، في تخلٍّ عن النهج االمتحفظ الذي اتّبعته إدارة جو بايدن في التعامل مع هذه التقنية. كما أعرب نائب الرئيس عن قلقه من تقارير تشير إلى أن بعض الحكومات تدرس "تشديد الخناق" على شركات التقنية الأميركية، وقال: "يستحيل أن تقبل أميركا بذلك. نراه خطأ فادحاً". بدا خطاب فانس دليلاً ملموساً على تنامي نفوذ زوكربيرغ في واشنطن، في حين كان ازدراء جو بايدن لـ"ميتا" واضحاً حتى قبل وصوله إلى البيت الأبيض، إذ لم يتردّد في تحميل الشركة مسؤولية بعضاً من أكبر التحديات التي تواجه الولايات المتحدة، من انتشار نظريات المؤامرة إلى تفاقم الانقسام السياسي واستغلال الأطفال. وسبق أن دعا بايدن مراراً إلى إلغاء المادة 230 من "قانون آداب الاتصالات" لعام 1996، التي تعفي المنصات الرقمية من المسؤولية القانونية عن المحتوى الذي ينشره المستخدمون، رغم أن شركات وادي السيليكون تعتبرها خط دفاع أول. كما تبنّت إدارته، عبر تعييناته في لجنة التجارة الفيدرالية ووزارة العدل، نهجاً صارماً في مكافحة الاحتكار، استهدف "ميتا" مع شركات أخرى. كما واجهت الشركة ضغوطاً متزايدة من البيت الأبيض للحد من المعلومات المضلّلة بأساليب اعتبرتها "ميتا" غير ملائمة. وعلى عكس ترمب وباراك أوباما من قبله، لم يلتق جو بايدن بمارك زوكربيرغ شخصياً. وقد ورد لمسامع أشخاص من داخل "ميتا" أن بايدن كان يستخدم ألقاباً مهينة للإشارة إلى زوكربيرغ في أحاديث خاصة (من بينها "الوضيع الصغير" وكلمات نابية أخرى، بحسب ما نقله عدد من مساعديه). رفض متحدّث باسم مكتب بايدن التعليق لهذا المقال. المصلحة في المقام الأول بدأ مارك زوكربيرغ يلمّح إلى انحيازه المتزايد لترمب حتى قبل الانتخابات. فقد وصف ردّ فعل المرشّح الجمهوري آنذاك لدى تعرضه لمحاولة اغتيال في يوليو بأنها "صلبة"، واتصل به شخصياً عدة مرات خلال الصيف. كما وجّه رسالة إلى الكونغرس هاجم فيها إدارة بايدن. ومع صدور نتائج الانتخابات، اندفع زوكربيرغ علناً نحو معسكر ترمب. فعيّن دانا وايت، الرئيس التنفيذي لاتحاد "يو إف سي" لفنون القتال المختلطة وأحد أبرز حلفاء ترمب، في مجلس إدارة "ميتا"، ورفّع الاستراتيجي الجمهوري جويل كابلن إلى منصب كبير مسؤولي الشؤون العالمية، وقلّص مبادرات التنوع داخل الشركة وفي "مبادرة تشان زوكربيرغ" الخيرية. وخفّفت "ميتا" من سياساتها بشأن خطاب الكراهية، فأغلقت وحدة الحقوق المدنية وألغت برنامج التحقّق الخارجي من المعلومات الذي كان قد أثار غضب ترمب خلال ولايته الأولى. وبلغ الأمر أن دفعت الشركة 25 مليون دولار لتسوية دعوى رفعها ترمب بعد تعليق حساباته على "فيسبوك" و"إنستغرام"، رغم أن مسؤولين كثر في "ميتا" اعتبروا أن كسبها سهل. كان هذا التحوّل السريع والحاد في مواقف زوكربيرغ صادماً لكثيرين. وبينما امتنع عن الإدلاء بتصريح لهذا التقرير، تحدّثت "بلومبرغ بزينس ويك" مع أكثر من 50 شخصاً حول مقاربته السياسية، منهم أكثر من 30 موظفاً حالياً وسابقاً في "ميتا"، ونحو 12 مسؤولاً حكومياً تعاملوا مع الشركة خلال إدارات أوباما وبايدن وترمب. (طلب كثير منهم عدم كشف أسمائهم تفادياً لأي تبعات محتملة). رسمت هذه الشهادات ملامح رجل لا تحرّكه قناعة أيديولوجية، بقدر ما توجهه رغبته المدروسة في الحفاظ على مصالحه. قالت كايتي هاربارث، المستشارة الرقمية الجمهورية السابقة التي عملت ضمن فريق السياسات العامة في "فيسبوك" بين 2011 و2021، إن "مارك يفعل دائماً ما يراه في مصلحة الشركة. فهو قلق باستمرار من أن يسبقه الآخرون في الابتكار، ولا يكفّ عن التفكير في إرثه الشخصي". ترى هاربارث أن دعم زوكربيرغ العلني وتمويله لمبادرات ليبرالية في السنوات السابقة، سواء لناحية إصلاح قوانين الهجرة أو تعزيز التنوع، كان مدفوعاً بهذه الحسابات ذاتها، لا بقناعة أيديولوجية. وما أن فقدت تلك القيم جدواها السياسية حتى تخلّى عنها بكلّ سهولة. مع وصول ترمب إلى الحكم، بات واضحاً أن على قادة الأعمال إعادة التموضع من أجل دخول اللعبة السياسي. فبينما يواجه خصوم الرئيس خطر انتقامه، يفتح نهجه القائم على الصفقات أبواب المكاسب لمن يفلح في كسب رضاه. ويقدم رضوخ زوكربيرغ أحد أدلّ الأمثلة على هذا النهج. مارك زوكربيرغ في حفل تنصيب ترمب - بلومبرغ تأثير محدود مع ذلك، ثمة شكوك حول جدوى مساعي زوكربيرغ، بعيداً عن انتقادات فانس اللاذعة للأوروبيين. إذ إن ترمب ما يزال يبحث عن صيغة تبقي "تيك توك"، أحد أبرز منافسي "ميتا"، ناشطاً في الولايات المتحدة، رغم الشبهات الواسعة في الكونغرس بشأن صلات التطبيق بالصين والمخاطر الأمنية المترتبة عليها. كما لم يُبدِ الرئيس أي دعم يُذكر للمادة 230، التي ما زالت في مرمى نيران الكونغرس. في المقابل، أثارت سياساته الجمركية مخاوف من ركود اقتصادي وشيك. وقد حذّرت "ميتا" عند إعلان نتائج الربع الأول من العام، من ارتفاع مرتقب في تكاليف أجهزتها بسبب تلك السياسات. أما السوق الصينية، التي حققت للشركة العام الماضي أكثر من 18 مليار دولار بفضل إيرادات الإعلانات، فهي أيضاً مهددة، فيما تتواصل المفاوضات بين واشنطن وبكين. ظهرت حدود نفوذ زوكربيرغ بوضوح في الأسابيع التي سبقت مثول "ميتا" أمام المحكمة في قضية الاحتكار التي رفعتها "لجنة التجارة الفيدرالية" في أبريل، حين باءت محاولته الأخيرة لإقناع ترمب ورئيس اللجنة أندرو فيرغسون بالتوصّل إلى تسوية بالفشل. أمضى زوكربيرغ وعدد من كبار التنفيذيين أياماً على منصة الشهود، في استعراض مطوّل ومحرج أحياناً لتفاصيل داخلية دقيقة عن آلية عمل الشركة، قبل أن تنهي "ميتا" مرافعتها في 21 مايو. إذا ما فازت لجنة التجارة الفيدرالية في القضية، قد تجد "ميتا" نفسها مضطرة لفصل "إنستغرام" و"واتساب" عن الشركة الأم، ما قد يدمر الإمبراطورية التي بناها زوكربيرغ، والتي تُقدّر قيمتها بنحو 1.6 تريليون دولار. امتنعت لجنة التجارة الفيدرالية عن التعليق. أقله حتى الآن، لم تُثمر محاولات زوكربيرغ لجعل "ميتا" أكثر انسجاماً مع توجهات ترمب عن مكاسب ملموسة. قال ستيفان سلوينسكي، المحلل في "بي إن بي باريبا إكسان" (BNP Paribas Exane): "لم نشهد دليلاً واضحاً على أن هذه التغييرات عادت بالنفع على (ميتا)، بهذا الاتجاه أو ذاك". هذا ليس غريباً، إذ يواظب ترمب على مهاجمة زوكربيرغ وشركته على مدى نحو عقد، متهماً إياهما بالتحيّز ضد المحافظين. وكان قد أشار إليه بكلمة (ZUCKERBUCKS) المتعلقة بتبرعات حملة 2020 الانتخابية في منشور على منصة "تروث سوشيال"، زاعماً من دون أي دليل أنه متورّط في تزوير انتخابي ويمكن الزجّ به في السجن. كما أن كتاباً نشره ترمب في سبتمبر تضمّن تهديداً بسجن زوكربيرغ. شكوك حول أداء الشركة إذا ما كانت مواقف زوكربيرغ تبدو انتهازية في نظر الليبراليين، فعلى الضفة الأخرى، أنصار ترمب في معسكر "لنعد لأميركا عظمتها" ليسوا أكثر اقتناعاً بها. قال أليكس برويسويتز، مستشار الاستراتيجية الرقمية لترمب والمسؤول عن إدارة حساباته على منصات وسائل التواصل: "ما يزال هناك قدر هائل من انعدام الثقة". أضاف برويسويتز، الذي أطلعته "ميتا" مسبقاً على تعديلات سياسة الإشراف على المحتوى بما يتماشى مع توجهات ترمب قبل إعلانها رسمياً: "لا أعرف ما الذي يتوجب فعله حتى تسامحه قاعدتنا الانتخابية بالكامل... ولا أعلم إن كان ذلك سيحدث أصلاً". لسنوات طويلة، سادت قناعة في وادي السيليكون وواشنطن، بأن قطاع التقنية يميل بطبعه إلى الحزب الديمقراطي. فغالبيّة العاملين فيه، ومعظمهم من الشباب في كاليفورنيا، يشاركون الحزب مواقفه حيال القضايا الاجتماعية. كان باراك أوباما أول رئيس ينجح في توظيف الحملات الرقمية لصالحه من أجل الوصول إلى البيت الأبيض، فيما تبنّى الديمقراطيون نهجاً متساهلاً نسبياً في تنظيم الإنترنت. حينها، كان مارك زوكربيرغ ما يزال في الرابعة والعشرين من العمر، وظلّ على تواصل منتظم مع الرئيس طوال سنوات ولايته. خلال إدارة أوباما، توسّعت قاعدة مستخدمي الشركة من نحو 200 مليون إلى ما يقارب ملياري مستخدم، ما عزّز مكانة "فيسبوك" كشركة متنفذة. لكن مع هذا التوسّع، بدأت تزيد الشكوك بشأن تعامل الشركة مع خصوصية المستخدمين وتأثيرها المتزايد على الشأن السياسي. ثم جاءت انتخابات 2016. صُعق زوكربيرغ بفوز ترمب، لكنه وصف الربط بين النتيجة وانتشار المعلومات المضلّلة على "فيسبوك" بأنه "سخيف". مع ذلك، سارعت الشركة إلى تهدئة المخاوف بشأن هشاشة منصتها أمام محاولات التلاعب، فعزّزت أدوات التحقّق من المعلومات والإشراف على المحتوى. لكن تلك الخطوات لم ترضِ الديمقراطيين، في حين صعّد ترمب وجمهوريون آخرون هجماتهم على الشركة واتهموها بممارسة رقابة على أصوات المحافظين. وبين 2018 و2024، مثُل زوكربيرغ أمام لجان الكونغرس في ثماني جلسات منفصلة للإجابة عن تساؤلات تتعلق بسياسات "ميتا" ونشاطها التجاري. سهام من الديمقراطيين والجمهوريين عملت الشركة جاهدة للتقرّب من إدارة ترمب الأولى، وتولّى جويل كابلن، نائب رئيس "ميتا" للشؤون السياسية العالمية آنذاك ونائب كبير موظفي الرئيس جورج بوش الابن سابقاً، مهمة بناء العلاقات مع الدائرة المقرّبة من ترمب، حتى أنه كان قد درس لفترة وجيزة تولّي منصب داخل الإدارة الجديدة. في الوقت نفسه، حاول كابلن إقناع زوكربيرغ بأن الوقوف إلى جانب إدارة جمهورية صديقة لقطاع الأعمال ومحكمة عليا ذات توجه محافظ، سيصب في مصلحة "ميتا" (داخل "ميتا"، أُطلق على هذا النهج الهادف للتصدي لتفكيك الشركة وغيرها من التهديدات التنظيمية الوجودية اسم "استراتيجية كلارنس توماس"، تيمناً بالقاضي المحافظ في المحكمة العليا، بحسب أشخاص مطلعين). مع اقتراب انتخابات 2020، بدأ خطاب كابلن بشأن منافع الإدارة الجمهورية يلقى صدى لدى زوكربيرغ. ففي كواليس أحد المؤتمرات التقنية، التفت إلى أحد الموظفين وسأله: "جويل يكرّر دائماً أن الجمهوريين أفضل لنا من الديمقراطيين... هذا صحيح، أليس كذلك؟". مارك زوكربيرغ مع جويل كابلن - بلومبرغ يرى زوكربيرغ أنه حاول الحفاظ على الحياد، لكنه تلقّى السهام من جميع الاتجاهات. فقد تبرّعت "مبادرة تشان زوكربيرغ" بأكثر من 400 مليون دولار على شكل منح انتخابية، وُزّعت على 49 ولاية لتمويل إجراءات تنظيمية روتينية، مثل دفع رواتب موظفي الاقتراع، وتوفير أجهزة التصويت والكمامات للمتطوعين. لكن الجمهوريين اتهموه بمحاولة ترجيح كفة بايدن، في حين شعر زوكربيرغ بالاستياء لأن الديمقراطيين لم يمنحوه التقدير الذي كان يأمله، وفقاً لأشخاص مطلعين على طريقة تفكيره. خلال الحملة الانتخابية، بدا واضحاً أن زوكربيرغ لم ينجح في كسب ودّ بايدن. ففي جلسة حوارية نظّمتها "نيويورك تايمز"، قال المرشّح الديمقراطي آنذاك "لم أكن يوماً من المعجبين بزوكربيرغ"، وقال إنه "مشكلة حقيقية". كما أن الأمل في فتح صفحة جديدة بعد فوز بايدن تبدّد سريعاً. فقد استخدم ترمب منصة "فيسبوك" للطعن في نتائج الانتخابات ونشر نظريات المؤامرة. وكتب بيل روسو، نائب مدير الاتصالات في حملة بايدن، بعد أيام من الانتخابات: "كنا نعلم أن هذا سيحدث. ناشدنا فيسبوك لأكثر من عام كي تتعامل بجدية مع هذه المشكلات لكنها لم تفعل. ديمقراطيتنا على المحك. نريد إجابات". ثمّ جاءت أحداث 6 يناير لتُعزّز قناعة الإدارة الجديدة بأن تقاعس "فيسبوك" عن التصدي للمعلومات المضلّلة خلّف عواقب خطيرة. وفيما لم يسعَ بايدن إلى بناء علاقة شخصية مع زوكربيرغ بعد دخوله البيت الأبيض، بقي فريقه على تواصل شبه دائم مع الشركة —وأحياناً مع زوكربيرغ نفسه— لمتابعة المعلومات المضلّلة المتعلقة بجائحة كورونا وحملة اللقاحات. رغم إعلان "فيسبوك" اتخاذ خطوات للحد من المحتوى المضلل، لم يرقَ ذلك إلى مستوى توقعات البيت الأبيض. التعاطي مع المعلومات المضللة كشفت مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني والمحادثات النصيّة التي ظهرت إلى العلن في إطار تحقيق يقوده الجمهوريون في الكونغرس بشأن مزاعم الرقابة على الإنترنت، عن غضب عدد من المسؤولين في البيت الأبيض في عهد بايدن من طريقة تعاطي "فيسبوك" مع المعلومات المضلّلة. جاء في عنوان إحدى الرسائل: "أنتم تُخفون الحقيقة". واتّهم المسؤولون الشركة بالمماطلة والتسويف، وكتب أحد موظفي بايدن: "للتذكير فقط، آخر مرة خضنا هذه اللعبة انتهت بعصيان". في المقابل، أظهرت رسائل داخلية استياءً بين كبار التنفيذيين في "ميتا"، اشتكوا فيها من تعرّض الموظفين لمضايقات. انفجر هذا التوتر إلى العلن في ظهيرة يوم حار من يوليو 2021، حين صرخ أحد الصحفيين بسؤال عن "فيسبوك" وجائحة كورونا، بينما كان بايدن يصعد إلى مروحيته في طريقه إلى كامب ديفيد. فردّ الرئيس بحدّة: "إنهم يقتلون الناس. أنا جاد. انظروا، الوباء الحقيقي هو بين غير الملقّحين، وهم يقتلون الناس". أثارت تصريحات بايدن المفاجئة إرباكاً في الجناح الغربي من البيت الأبيض وفي أروقة "فيسبوك" على حدّ سواء. كتب نك كليغ الذي كان يشرف على السياسات العامة في الشركة، لزملائه أن مسؤولي البيت الأبيض تصرّفوا بـ"قدر كبير من التهكّم والمواربة" في تواصلهم حول ملف المعلومات المضلّلة المتعلقة بكورونا، مشيراً إلى أن "فيسبوك" تلقت في وقت سابق من ذاك اليوم إشادات من مكتب الجرّاح العام، تخالف ما ورد في تصريحات بايدن. أما مارك زوكربيرغ، ومعه شيريل ساندبرغ التي كانت تشغل حينها منصب المديرة التنفيذية للعمليات، ففكّرا في نشر تفاصيل النقاشات مع البيت الأبيض علناً للرد على الانتقادات. وعبّر زوكربيرغ عن شكوكه بأن تكون تصريحات بايدن جزءاً من حملة ضغط منسّقة، وكتب في رسائل ظهرت لاحقاً ضمن تحقيقات الكونغرس: "أتساءل إن كان علينا إعادة النظر في طريقة تعاملنا مع البيت الأبيض في هذا الملف. إذا كان الهدف هو انتقادنا أكثر من حل المشكلة، فلست متأكداً أن استمرار التعاون يخدم القضية". تراجع بايدن عن تصريحاته في الأسبوع التالي، لكنه واصل انتقاد شركات التواصل الاجتماعي، خصوصاً شركة زوكربيرغ، حتى الأيام الأخيرة من ولايته. أما زوكربيرغ، فتخلّى عن دور رجل الدولة، وأعلن في أواخر 2021 تغيير اسم "فيسبوك" إلى "ميتا" في خطوة عكست رؤية جديدة للشركة، وساعدت في الوقت نفسه على النأي بها عن سلسلة الفضائح والجدل المتواصل. كلّف بعدها نك كليغ بتولّي منصب رئيس الشؤون العالمية، فيما ركّز هو اهتمامه على مشروع "ميتافيرس" وتطبيقات الذكاء الاصطناعي. غيرة من إيلون ماسك على مرّ فترات التوتر مع واشنطن، لم يغب عن زوكربيرغ نموذج بديل بدا أكثر فاعلية، مثّله إيلون ماسك، رغم أن العلاقة بين الرجلين كثيراً ما اتّسمت بالتنافس، وأحياناً العداء. فعندما أطلق ماسك تحذيرات سوداوية بشأن الذكاء الاصطناعي، وصف زوكربيرغ تصريحاته بأنها "غير مسؤولة"، بينما قال ماسك في 2023 إن "إنستغرام يُسبّب الاكتئاب للناس"، ووصف زوكربيرغ بأنه "ضعيف". بلغ التوتر بين الرجلين ذروته حين لوّحا بخوض مباراة ملاكمة داخل قفص، لكن ماسك انسحب لاحقاً، مبرّراً ذلك بإصابة في الظهر. يجري فريق التسويق في "ميتا" استطلاعات للرأي العام عدة مرات في السنة، تتناول مواضيع شتّى، بينها صورة مارك زوكربيرغ في أذهان الناس. ووفقاً لوثائق اطّلعت عليها "بزينس ويك"، شملت استطلاعات سابقة أسئلة حول ما إذا كان يُنظر إليه كشخص "صادق" أو "ناضج" أو "شغوف"، وكيف تقارن صورته العامة مع قادة آخرين في قطاع التقنية. كثيراً ما كان يُسخر من زوكربيرغ بوصفه "روبوتياً" أو "متكلّفاً"، بينما يُنظر إلى إيلون ماسك باعتباره "رؤيوياً". وقد عبّر زوكربيرغ عن استيائه من أن استطلاعات الرأي التي أجرتها "ميتا" نفسها، أظهرت أن الجمهور يرى ماسك أكثر ابتكاراً منه. شاهد زوكربيرغ كيف يتجاوز ماسك اللوائح الاتحادية وينفذ عمليات تسريح جماعي ويتصرّف بفظاظة على الإنترنت، من دون أن يواجه عواقب تُذكر. وبعد سنوات قضاها في تقديم الاعتذارات وبناء رصيد سياسي شخصي، بدأ يشعر بالغيرة من قدرة ماسك على تجاهل الانتقادات، وفق أشخاص عملوا معه. وعلى حد وصف بعض منهم فقد كان يحسد ماسك. ثم ظهر في برامج بودكاست تلقى رواجاً في أوساط "مانوسفير" أو الفضاء الذكوري على الإنترنت، من بينها تلك التي يقدّمها جو روغان وثيو فون. وخلال تسجيل مباشر لبودكاست (Acquired) المتخصص بقطاع التقنية في سبتمبر، قال زوكربيرغ بنبرة ساخرة "لم أعد أعتذر"، ما أثار ضحك الجمهور. وردّ عليه أحد المضيفين "لاحظنا ذلك". إعادة تموضع نحو اليمين أليكس برويسويتز، مستشار ترمب الملمّ بالصورة الثقافية لحركة "لنعد لأميركا عظمتها"، لاحظ اتخاذ زوكربيرغ " قراراً واعياً بالتحول" نحو خطاب اليمين. وأضاف في تصريح لـ"بزينس ويك" قبيل الانتخابات "ربما غيّر قناعاته حقاً". ومع زوكربيرغ بحلته الجديدة وماسك على رأس منصة "إكس"، رأى برويسويتز أن مشهد مواقع التواصل الاجتماعي بدأ يبتعد عن طابع عام 2020، ليعود أقرب إلى أجواء 2016 التي كانت أكثر انسجاماً مع ترمب وتيّاره. منذ انتخاب ترمب، بدأت "ميتا" تتراجع تدريجياً عن النهج الذي اتبعته على مدى السنوات الثماني السابقة. إلى جانب قائمة طويلة من التغييرات التي أعلنت عنها في يناير، نقلت الشركة فرق "الثقة والسلامة" إلى ولاية تكساس، في خطوة استرضائية للمحافظين الذين يشتكون من انحياز كاليفورنيا إلى اليسار. (لكن موظفين في الشركة وصفوا الخطوة بأنها رمزية لا أثر فعلي لها، بما أن عدداً كبيراً من أفراد تلك الفرق كانوا يقيمون أصلاً في تكساس). كما استبدل زوكربيرغ برنامج التحقّق من المعلومات في "ميتا" بميزة جماعية قائمة على مساهمات المستخدمين، على غرار الأداة التي يستخدمها ماسك في منصة "إكس". وعلى عكس ما درجت عليه "ميتا" من تقليد منافسيها من دون إقرار علني، اعترف زوكربيرغ صراحة هذه المرة بأنه استلهم الفكرة من ماسك، مستخدماً خوارزمية "إكس" مفتوحة المصدر كأساس للنسخة الجديدة من أداة التحقق. ووقالت مصادر مطّلعة أن الرجلين تحادثا في أكثر من مناسبة منذ الانتخابات. يملك زوكربيرغ حصص تصويت كافية في "ميتا" ليقود الشركة في الاتجاه الذي يريده. لكن، بحسب مطلعين من داخل الشركة، كان في السابق أكثر استعداداً لأخذ مشورة كبار التنفيذيين وأعضاء مجلس الإدارة بعين الاعتبار. غير أن عدداً من المستشارين الذين كان لهم تأثير عليه، مثل شيريل ساندبرغ وإليوت شراغ، الرئيس السابق للاتصالات والسياسات العالمية، غادروا الشركة منذ زمن. كما انسحب من مجلس الإدارة شخصيات بارزة تحظى باحترام واسع، مثل جيف زينتس وكين شينولت وإرسكين باولز وريد هاستينغز، وهم معروفون بعلاقاتهم بالحزب الديمقراطي وخبرتهم في التعامل مع الحكومات حول العالم. خلف الكواليس، يقول بعض العاملين في الشركة إن التغييرات الأخيرة، من إلغاء برامج التحقّق من المعلومات إلى تخفيف قواعد المحتوى، تعكس المواقف الحقيقية لزوكربيرغ. ومع ذلك، كثيرون ممن عملوا معه على مرّ السنين بدأوا يتساءلون ما إذا كانت قيمه ما تزال تتوافق مع قناعاتهم، أو حتى إن كانت موافقة لقناعاتهم يوماً. قالت كيلي ستونليك، المديرة السابقة لتسويق المنتجات في وحدة الواقع الافتراضي لدى "ميتا"، والتي رفعت دعوى قضائية ضد الشركة بتهمة التحرش الجنسي والتمييز بعد 15 عاماً من العمل هناك: "كنت أظن أن قطاع التقنية يحمل قيماً تقدمية... لكن الحقيقة أننا كنا فقط بارعين في ادعاء الشمولية والتقدّمية، لأنها كانت وسيلة لتحقيق غاية". (طلبت "ميتا" من محكمة فيدرالية إسقاط الدعوى). استياء الموظفين تُظهر بعض المؤشرات تراجعاً في معنويات منسوبي "ميتا". إذ إن بعض العاملين الحاليين بدأوا بإجراء ما يُشبه "فحوصات للسلامة النفسية" مع زملائهم في بداية الاجتماعات، بينما أنشأ آخرون نوادي قراءة سرّية لمناقشة كتاب (Careless People)، وهو كتاب مذكرات سارة وين-ويليامز، المديرة السابقة للسياسات العامة في الشركة، الذي تصدّر قوائم الكتب الأكثر مبيعاً. أثار الكتاب حفيظة إدارة "ميتا" لرسمه صورة سلبية عن زوكربيرغ وكبار مساعديه، وتضمنه انتقادات لاذعة لعلاقات الشركة مع بعض الحكومات الأجنبية، وهو ما اعتبرته "ميتا" انتهاكاً لاتفاق عدم التشهير. وقد رفعت الشركة دعوى تحكيمية لمنع وين-ويليامز من الترويج للكتاب. قال محاميها رافي ناييك: "تفرض (ميتا) أمر تكتّم لإسكات موكلتي ومنعها من قول الحقيقة"، مضيفاً أن الشركة تطالب بغرامة قدرها 50000 دولار عن كل خرق محتمل للاتفاق. مع ذلك، ما تزال هناك بعض الإشارات إلى أن "ميتا" تطمح لأن تبقى بيئة عمل واعية أخلاقياً، مثل الملصقات الموزّعة في أرجاء المقر والتي تذكّر الموظفين بشعارات من قبيل "لا شيء في (فيسبوك) هو مشكلة شخص آخر". لكن القيادة أرسلت إشارات حاسمة بأن زمن الاعتراضات قد ولّى. فعندما أعرب أحد الموظفين هذا العام عن قلقه من التوجه الجديد للشركة، مستخدماً إحدى منصاتها الداخلية، ردّ كبير مسؤولي التقنية أندرو بوسورث قائلاً إن الموظفين الذين لا يوافقون على التغييرات يمكنهم إما المغادرة أو التأقلم. لكن حتى المنتقدين يجدون أسباباً للبقاء. إذ إن "ميتا" ما زالت من أعلى أماكن العمل دخلاً، وقد قفز سعر سهمها بأكثر من 600% منذ أدنى مستوياته في 2022، في وقت تثير المخاوف من تباطؤ اقتصادي وشيك قلقاً واسعاً بشأن الأمان الوظيفي. في يناير، أعلنت الشركة أنها ستستغني عن نحو 3600 موظف صنفتهم علناً بأنهم يقدمون أداءً متدنياً، في خطوة اعتبرها بعض الموظفين وسيلةً لإسكات الأصوات المعارضة داخل الشركة. وقد تلت ذلك موجات تسريح إضافية. (نفى متحدّث باسم "ميتا" أن تكون عمليات الفصل هدفت لقمع المعارضين داخل الشركة). وتجلّى التوتر الداخلي في أعلى هرم القيادة خلال اجتماعات التخطيط السنوية التي عُقدت في مقر الشركة في مينلو بارك، كاليفورنيا، حيث استقدمت الشركة كبار المديرين التنفيذيين للمشاركة. وشملت الجلسات لقاءً خاصاً مع زوكربيرغ اقتصر على الموظفين من منصب نائب رئيس وما فوق. كان زوكربيرغ قد أعلن لتوّه عن تغييرات في سياسات الشركة، وخلال جلسة نُظّمت في قاعة كبرى بالحرم الرئيسي للشركة تُعرف باسم "المتحف"، واجهه عدد من التنفيذيين غير الراضين عن المسار الجديد بأسئلة حول تراجعه عن مبادرات التنوع والإنصاف والشمول، إلى جانب قراراته المتعلقة بسياسات الإشراف على المحتوى، بحسب أشخاص مطلعين على الاجتماع. وبدت إيفا تشين، المسؤولة عن شراكات الموضة في "ميتا"، منزعجة من التصريحات التي أدلى بها زوكربيرغ في بودكاست جو روغان مطلع ذلك الشهر، حين تحدّث عن حاجة الشركات الأميركية إلى مزيد من "الطاقة الذكورية". وسألته أمام الحضور عن مقصده من تلك العبارة. حاول زوكربيرغ التوضيح، معترفاً بأن "الذكورية" ربما لم تكن الكلمة الأنسب، لكنه لم يتراجع عنها. وقال إن بيئة الأعمال في الولايات المتحدة تحتاج إلى مزيد من التنافسية والجرأة. أما في ما يتعلق بباقي الأسئلة، فبدا متمسكاً بمواقفه، فقد اتخذ قراراته ولا ينوي فتح نقاش بشأنها. فتور من جانب ترمب على مدى العقد الماضي، حاول كثير من أصحاب النفوذ التكيّف مع نزوات ترمب، لكنّهم غالباً ما خرجوا خاسرين، فالرئيس لم يتوانَ عن السخرية من زوكربيرغ في أكثر من مناسبة، قائلاً إنه جاء إلى البيت الأبيض خلال ولايته الأولى ليتملقه. منذ عودته إلى المنصب، لم يُظهر له الودّ الذي خصّ به إيلون ماسك. ومع ذلك، لا يبدو أن ترمب يمانع هذا النوع من التملّق. وعند طلب التعليق لهذا المقال، ردّت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي عبر البريد الإلكتروني بالقول إن ترمب "يعقد اجتماعات مع عدد من الرؤساء التنفيذيين المتحمّسين للمشاركة في اقتصاد ترمب". من جانب آخر، يرى المستثمرون في هذا التوجّه فرصة لتحقيق مكاسب، بحسب شويتا خاجوريا، المحللة في شركة "وولف ريسيرتش" (Wolfe Research). وتوضح أن تغيير "ميتا" سياساتها تماشياً مع ترمب لا يضرّ بأداء الشركة المالي، بل يقلّص احتمال تعرّضها لقيود ناظمة جديدة. وإذا عاد الديمقراطيون إلى البيت الأبيض أو سيطروا على الكونغرس مستقبلاً، فإن زوكربيرغ، برأيها، "سيُعيد التموضع بما ينسجم مع الإدارة الجديدة". يرى بعض المراقبين أن "ميتا" ستكون معرضة لمخاطر أكبر إذا تبدّلت الرياح السياسية. إن العبر المستخلصة من تجربة ماسك، الذي نال حظوة لدى ترمب لكن على حساب شعبيته ومبيعات "تسلا"، تلقي بظلالها على وضع زوكربيرغ الذي يعتقد كثير من الخبراء الاستراتجيين السياسيين أنه "بالغ في التماهي" مع الرئيس. ووفقاً لأشخاص مطلعين، فإن زوكربيرغ نفسه كان مدركاً لتبعات هذا الانحياز على علاقته بالديمقراطيين، وبدأ يوجّه فريقه التنفيذي لوضع تصورات تتيح له استعادة دعمهم في حال تغيّر المشهد السياسي. غير أن العودة إلى الوراء لن تكون سهلة، وسط تنديد متصاعد من الجهات التقدمية بما تعتبره تراجعاً خطيراً في سياسات "ميتا". وتقول منظمات حقوقية إن خطاب الكراهية والتحريض ضد الأقليات والنساء والمتحولين في تصاعد. وذكرت "مؤسسة مكافحة الكراهية الرقمية" في تقرير نُشر في فبراير أن المنصة امتنعت عن حذف مئات ملايين المنشورات التي كانت تزيلها في السابق. بينما ردّت "ميتا" على التقرير بالتشكيك في دقة منهجيته. تشكيك بصدقية تحوّل زوكربيرغ قالت أليخاندرا كارابايو، المحاضرة الإكلينيكية في كلية الحقوق بجامعة هارفارد التي أمضت سنوات في التعامل مع "ميتا" حول سياساتها الخاصة بالمحتوى، إن هذا النوع من الإساءة عبر الإنترنت يمكن أن يقود إلى أذى حقيقي في الواقع. أضافت: "ماذا تتوقّع أن يحدث حين تمنح الضوء الأخضر لسياسة تتيح وصف المثليين بأنهم مرضى نفسيون، وتُجيز شتم المتحوّلين؟"، فيما أشارت إلى أنها لا تتحدث باسم الجامعة، قالت: "واضح أن ثمة مقايضة ضمنية يقوم بها مارك زوكربيرغ، وإذا استدعى الأمر، فسيضحّي بالمتحوّلين والنساء والأقليات". حتى "مجلس الرقابة" لدى "ميتا، أي الهيئة المستقلة التي شكّلتها الشركة لتقديم المشورة بشأن قرارات ضبط المحتوى المعقّدة، انتقد في أواخر أبريل الإجراءات الأخيرة، قائلاً إنها "أُعلنت على نحو متسرّع، وبما يخالف الآليات المعتمدة، من دون الكشف عن أي معلومات علنية عمّا إذا كانت الشركة قد راجعت مسبقاً تأثيرها على حقوق الإنسان". وقد أوصى المجلس "ميتا" بإجراء تقييم للأضرار المحتملة المترتبة على السياسات الجديدة، ونشر نتائجه للرأي العام. وأعلنت الشركة أنها ستردّ على هذه التوصية خلال 60 يوماً. في ظلّ كل ما سبق، سيصعب على زوكربيرغ إقناع الديمقراطيين بأنه طرف موثوق في حال عادوا إلى الحكم. أما السيناريو الأسوأ هو أن يجد نفسه وقد بات عدواً للجانبين. إذ بدا هذا الاحتمال جلياً في جلسة استماع عُقدت في 9 أبريل، عندما أدلت وين-ويليامز بشهادتها أمام الكونغرس. في مداخلة لافتة، أشار السيناتور الجمهوري جوش هاولي، حليف ترمب وأحد أبرز منتقدي وادي السيليكون، إلى أن التموضع السياسي الجديد لزوكربيرغ يتماشى مع حركة "لنعد لأميركا عظمتها"، وسألها: "هل تُصدّقين هذا التحوّل؟". افتتحت وين-ويليامز ردّها بسؤال بلاغي: هل يسعى من يؤمن بحرية التعبير فعلاً إلى استصدار أمر قضائي يُسكت من يعارضه؟ أضافت: "هذا رجل يبدّل أقنعته باستمرار"، مشيرة إلى أن زوكربيرغ يرتدي الآن "قناع مقاتل الفنون القتالية المختلطة، أو مناصر حرية التعبير، أو أي شيء آخر... لا نعرف ما سيكون عليه قناعه المقبل، لكن الأكيد أنه سيكون مختلفاً". ثم اختتمت بالقول: "إنه يفعل ما يلزم ليقترب أكثر من دوائر النفوذ".

انهيار التحالف بين ماسك وترمب يضع أسهم "تسلا" في مهب الريح
انهيار التحالف بين ماسك وترمب يضع أسهم "تسلا" في مهب الريح

الاقتصادية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الاقتصادية

انهيار التحالف بين ماسك وترمب يضع أسهم "تسلا" في مهب الريح

عندما فاز الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الانتخابات في نوفمبر الماضي، اعتبر المستثمرون أن شركة "تسلا" من أكبر الرابحين. لكن هذا الرهان يبدو الآن في مهب الريح، بعدما تابع المستثمرون انهيار التحالف القوي السابق بين الطرفين في بث مباشر تقريباً. تصاعدت التوترات التي كانت تغلي منذ فترة بشأن مشروع ترمب الأساسي للضرائب والإنفاق إلى حرب علنية بالكلمات أمس الأول، إذ لوّح ترمب بإلغاء العقود الحكومية والدعم المقدم لشركتي "تسلا" و"سبيس إكس" (SpaceX) التابعة لـ"إيلون ماسك". ورد ماسك بالتهديد بإخراج طائرة تابعة لـ"سبيس إكس" تُستخدم من قِبل الحكومة الأميركية من الخدمة، قبل أن يتراجع عن تهديده في وقت لاحق من اليوم نفسه. أسهم "تسلا" هبطت أسهم "تسلا" بنسبة 14% أمس الأول لتمحو أكثر من 150 مليار دولار من قيمتها السوقية. كما تضررت شركة "ديستني تك 100" (Destiny Tech100)، عبارة عن صندوق استثمار مغلق، وتملك حصة كبيرة في "سبيس إكس"، إذ تراجعت أسهمها 13%. تُعد أسهم "تسلا" الآن في طريقها لتسجيل أسوأ أسبوع لها منذ أكثر من عام، كما أنها أصبحت الأسوأ أداء منذ بداية العام بين مجموعة "العظماء السبعة" من شركات التكنولوجيا، وفق بيانات جمعتها "بلومبرغ". قال دان آيفز، المحلل لدى شركة "ويدبوش" (Wedbush) وأحد أبرز المتفائلين بشأن "تسلا": "إنه شجار من مستوى المدارس المتوسطة، حيث تحول أعز الأصدقاء إلى صديق وعدو في نفس الوقت". أضاف: "إنها حالة من عالم الخيال بالنسبة للمستثمرين، لأن آخر ما يريدونه هو أن يتحول ترمب من داعم كبير لماسك وتسلا إلى خصم لهما". توقفت حالياً المشاحنات الكلامية بين ماسك وترمب، لكن الأضرار التي لحقت بالطرفين خلال ساعات قليلة قد يصعب إصلاحها. ارتفعت أسهم "تسلا" 5.5% أمس، لتعوض جزءاً بسيطاً من خسائرها الكبيرة أمس الأول. رحيل ماسك انسحب ماسك من دوره ضمن إدارة ترمب الأسبوع الماضي، استجابةً لدعوات من مساهمي "تسلا" بضرورة التراجع خطوة إلى الوراء. وقد بدا الانفصال ودياً في البداية، حيث ألمح ماسك إلى رغبته بالبقاء ضمن الدائرة المحيطة بالبيت الأبيض. لكن منذ خروجه، بات ينتقد بصوت عال مشروع القانون الذي يمثل محور سياسة ترمب الداخلية. بدأ الشرخ بين الطرفين يتسع الثلاثاء الماضي، عندما وصف ماسك مشروع ترمب الضريبي بأنه "عمل بغيض مثير للاشمئزاز". قال آيفز: "أعتقد أن هناك قضايا أخرى أيضاً يختلفان حولها". تابع "لقد كانت تجربة سياسية صادمة بالنسبة لماسك، فالعمل في واشنطن يختلف كثيراً عن إدارة شركة". يزيد الطين بلة أن السياسات التي يتبناها ترمب والجمهوريون قد تُعرض مليارات الدولارات للخطر بالنسبة لـ"تسلا". يعني إقرار مشروع القانون إلغاء ائتمان ضريبي بقيمة تصل إلى 7500 دولار لمشتري بعض طُرز "تسلا" وغيرها من السيارات الكهربائية بحلول نهاية العام الجاري، أي قبل 7 سنوات من الموعد المحدد. ووفق تقديرات بنك "جيه بي مورغان"، فإن ذلك قد يُكبد الشركة خسارة تصل إلى 1.2 مليار دولار في أرباحها السنوية. البقاء أو المغادرة؟ ارتفعت أسهم "تسلا" بنسبة 29% خلال الأسبوع الذي أعقب فوز ترمب في الانتخابات، ما عكس تفاؤل المستثمرين بأن ولاية ثانية لترمب ستعود بالنفع على الشركة. لكن منذ السادس من نوفمبر الماضي، لم تحقق الأسهم سوى عائدات 4.3%، وسط موجة تخارج من قبل المستثمرين. ويقارن هذا الأداء بعائدات 20% حتى نهاية جلسة تداول 30 مايو المنصرم. قال بول ستانلي، الرئيس التنفيذي للاستثمار في شركة "غرانيت باي ويلث مانجمنت" (Granite Bay Wealth Management)، إن الصدام العلني بين ترمب وماسك "يزيد من المخاطر السياسية والسمعة المحيطة بتسلا". أضاف أن الجدل المستمر قد يقوض ثقة المستثمرين ويزيد من تقلبات السهم. وقال: "نظراً للصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها منصب الرئاسة، فلا أرى كيف يمكن أن يكون هذا الأمر إلا سلبياً بالنسبة لتسلا وماسك". في المقابل، ترى إيرين تونكل، المحللة لدى "بي سي إيه ريسيرتش" (BCA Research)، أن أسهم "تسلا" "مبالغ في تقييمها"، مشيرة إلى أن سعرها مرتفع بشكل كبير بالنسبة لشركة تواجه تباطؤاً في النمو ومنافسة شديدة في قطاع يتميز بهوامش ربح منخفضة. قالت تونكل: "كانت السوق تسعر الأسهم بناء على أحلام كثيرة، بداية من الروبوتات الشبيهة بالبشر، وصولاً إلى الإنتاج الضخم للسيارات الذاتية القيادة بالكامل". تابعت: "كان من الحتمي أن نشهد تراجعاً". لكن بعض المستثمرين حققوا مكاسب من تداعيات أمس الأول. جنى البائعون على المكشوف أرباحاً دفترية تُقدر بنحو 4 مليارات دولار، بحسب ماثيو أونترمان من شركة "إس3 بارتنرز" (S3 Partners LLC). قال أونترمان إن "تسلا" تُعد ثالث أكثر الأسهم التي يتم بيعها على المكشوف ضمن مؤشر "ستاندرد آند بورز 500"، بعد شركتي "إنفيديا" و"مايكروسوفت". التحلي بالصبر تأتي هذه التجاذبات في وقت حساس بالنسبة لـ"تسلا"، إذ تستهدف الشركة إطلاق خدمتها المرتقبة للروبوتاكسي في 12 يونيو الجاري بمدينة أوستن في ولاية تكساس، وهو إنجاز يُعد محورياً ضمن خطة ماسك لإعادة تشكيل الشركة بالتركيز على تقنيات القيادة الذاتية والذكاء الاصطناعي. وسيعتمد نجاح الإطلاق على تحسينات في البرمجيات تُقلل من حالات "الانفصال" -الحالات التي يُضطر فيها الإنسان إلى استعادة التحكم بالمركبة- ما يقرب "تسلا" من منافستها "وايمو" (Waymo) التابعة لشركة "ألفابت"، وفق مذكرة صادرة عن محللي "بلومبرغ إنتليجنس" مانديب سينغ وروبرت بيغار. قال دان آيفز من "ويدبوش" إن إطلاق خدمة الروبوتاكسي الأسبوع المقبل يُمثّل "بداية الرؤية الذاتية القيادة والفصل الجديد من النمو الذهبي"، معتبراً أن أسهم "تسلا" "مباعة بصورة مفرطة حالياً". لكنه أضاف أن على المستثمرين التحلي بالصبر. اختتم آيفز: "ما زلت أعتقد أنهما سيظلان صديقين وداعمين لبعضهما البعض، لكن هذه المرحلة بالتأكيد تُعد فترة توتر عصبي للمستثمرين في تسلا".

المركزي الصيني يعزز احتياطياته من الذهب للشهر السابع
المركزي الصيني يعزز احتياطياته من الذهب للشهر السابع

الاقتصادية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الاقتصادية

المركزي الصيني يعزز احتياطياته من الذهب للشهر السابع

واصل البنك المركزي الصيني رفع احتياطياته من الذهب للشهر السابع على التوالي خلال مايو، في إطار مساعيه لتنويع حيازاته رغم التقلبات المستمرة في الأسعار. كشفت بيانات رسمية صادرة يوم السبت، أن بنك الشعب الصيني أضاف نحو 60 ألف أونصة تروي من المعدن النفيس إلى احتياطياته خلال الشهر الماضي، ليرتفع إجمالي ما بحوزته إلى 73.83 مليون أونصة تروي نقية. حققت أسعار السبائك ارتفاعاً قياسياً خلال أبريل، مدفوعة بموجة شراء منسقة من البنوك المركزية وسط سعي السلطات لتنويع حيازاتها بعيداً عن الدولار الأميركي. وتُعد هذه المشتريات، ومن بينها تلك التي يجريها بنك الشعب الصيني، عاملاً جوهرياً في استمرار ارتفاع الأسعار. على الصعيد العالمي، تُضيف الجهات السيادية نحو 80 طناً مترياً من الذهب شهرياً، قيمتها تعادل نحو 8.5 مليار دولار وفقاً للأسعار الحالية، بحسب تقديرات محللي "غولدمان ساكس". استفاد صعود الذهب أيضاً من توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة، مع تزايد اضطرابات الأسواق المالية نتيجة الحرب التجارية، وارتفاع المخاوف بشأن الأصول الأميركية. ورغم أن وتيرة الصعود هدأت قليلاً بفعل بعض الانفراج في التوترات التجارية العالمية، إلا أن سبائك الذهب لا تزال تحوم قرب أعلى مستوياتها التاريخية. في سياق موازٍ، ارتفع احتياطي النقد الأجنبي لدى الصين إلى 3.285 تريليون دولار في مايو، مقارنة بـ3.282 تريليون دولار في نهاية أبريل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store